الربع سنوية لماكنزي

التسرب الوظيفي الكبير يزيد صعوبات التوظيف. هل تبحثون عن المواهب في المكان الصحيح؟

| مقالة

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر. نرحب بتعليقاتكم على البريد الإلكتروني التالي reader_input@mckinsey.com

يبدو بأنّ توجه الموظفين إلى ترك وظائفهم لن ينتهي في المدى المنظور؛ إذ يُواصل الموظفون التبديل أو التغيير بين وظائفهم والقطاعات التي يعملون فيها، أو الانتقال من أدوار تقليدية إلى أخرى غير تقليدية، أو حتى التقاعد مبكرًا، أو إطلاق شركاتهم الخاصة. ويلجأ البعض منهم إلى أخذ فترات استراحة يركزون فيها على حياتهم الشخصية أو يأخذون إجازة للاسترخاء. مما جعل من التسرب الوظيفي الكبير عملية تفاوضية معقدة.

المنافسة الشديدة مستمرة لاستقطاب المواهب، إذ أن الحواجز التي تحول دون التبديل بين جهات العمل تلاشت بشكل كبير في أوساط فئات معيّنة من القوى العاملة. ففي الولايات المتحدة لوحدها، شهدت السوق وجود 11.3 مليون وظيفة متاحة في نهاية شهر مايو، في ارتفاع ملحوظ عن 9.3 مليون وظيفة كانت متاحة في أبريل من عام 2021. وتبقى معدلات ترك الوظائف بشكل طوعي أعلى بواقع 25% من مستوياتها قبل بدء جائحة كوفيد-19، حتى في ظلّ تدافع أصحاب العمل لتعيين من يشغلون هذه الوظائف. ويُرجح ألّا تعود مستويات الوظائف المتاحة إلى طبيعتها لبعض الوقت، لا سيما في ضوء الوتيرة الحالية والمتوقعة للتعيينات والتسرب الوظيفي وطرح الوظائف الجديدة.

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

ويُمكن القول إنّنا نشهد تفاوتًا جوهريًا بين مستويات طلب الشركات على المواهب وأعداد الموظفين المستعدين لتلبية هذا الطلب. ويُواصل أصحاب العمل اعتماد الأساليب التقليدية لاستقطاب الموظفين والحفاظ عليهم، بما في ذلك التعويضات والألقاب الوظيفية وحتى فرص التطور الوظيفي. لا شك لدينا بأهمية هذه العوامل، لا سيما لدى شريحة كبيرة من الموظفين "أصحاب الفكر التقليدي". إلا أن أزمة كوفيد-19 دفعت عددًا متزايدًا من الأفراد لإعادة التفكير بما يرغبونه من وظائفهم، وحياتهم بشكل عام، مما يؤدي إلى تشكّل مجموعة كبيرة من الموظفين النشطين والمحتملين ممن يرفضون اعتماد المسار التقليدي.

ونتيجة لذلك، ظهرت فجوة هيكلية في جانب عرض القوى العاملة، خصوصًا في ضوء عدم كفاية الموظفين التقليديين المتاحين لشغل جميع الوظائف المتوفرة. ومن ناحية أخرى، يُسفر نجاح أصحاب العمل في استقطاب هؤلاء الموظفين من منافسيهم في السوق عن إعادة توزيع المواهب ورفع سقف الأجور فحسب، دون التوصل إلى أيّ حلٍّ فيما يتعلق بالخلل الهيكلي الأساسي.

ولا بد أن يُحاول أصحاب العمل جذب الموظفين غير التقليديين مُجددًا ليكونوا قادرين على سدّ هذه الفجوة. ولكن كيف؟

حدّدت أبحاثنا مجموعات معيّنة من الموظفين الذي يسعون لتحقيق أولويات مختلفة من وظائفهم. وتُظهر الاختلافات بينهم ضرورة اعتماد أصحاب العمل لمنهجية متعددة الجوانب لاستقطاب المواهب والحفاظ عليها.

أجرينا دراسة إحصائية للاقتصاد وسوق العمل بهدف تكوين فهم أفضل لطبيعة الموظفين القادرين على شغل هذه الوظائف المتاحة؛ كما نظّمنا استبيانًا عالميًا واسعًا لمعرفة المزيد حول ما يدفع الموظفين للبقاء في وظائفهم أو تركها أو العودة إليها؛ ولجأنا أيضًا إلى تطبيق التحليلات المتقدمة لتحديد شرائح القوى العاملة النشطة والكامنة على حد سواء (يُرجى الاطلاع على العمود الجانبي: ”لمحة حول الدراسة“).

ويُركز تحليلنا للموظفين في جميع أنحاء العالم على المزايا الوظيفية التي تحفزهم من الناحيتين الإيجابية والسلبية. وسألنا المشاركين في الاستبيان عبر مختلف مراحل المسيرة الوظيفية حول أسباب ترك وظائفهم أو حتى التفكير بتركها، وما المزايا التي قد تحفّزهم على البقاء فيها أو العودة إليها. وتبيّن لنا بأنّ العديد من الموظفين يودون الحصول على أكثر من مجرد تعويضات تقليدية ووعود مزيفة بالتطور الوظيفي.

ولفهم هذه الأولويات، فرزنا المشاركين في الاستبيان إلى مجموعات أصغر تتشارك المجموعة ذاتها من الاحتياجات الأساسية التي يودون من أصحاب العمل تلبيتها. وبحثنا لاحقًا في وجود تشابهات ديمغرافية تجمع بين هؤلاء الموظفين. وجسّدت هذه المجموعات من المشاركين أصحاب الفكر المتقارب "شخصيات الدراسة"، والتي تُمثل شرائح محددة من الموظفين الذين يُمكن لأصحاب العمل استهدافهم أثناء البحث عن المواهب. وبرغم تشارك هذه المجموعات في تقديرها الكبير للمرونة في مكان العمل، فقد اختلفت نظرتها فيما يتعلق بدعم الصحة النفسية والمغزى والهدف من العمل والتطور الوظيفي.

وتُؤكد هذه الاختلافات عدم وجود حلّ واحد لاستقطاب ما يكفي من الموظفين لشغل الوظائف المتاحة والحفاظ على القوى العاملة المنتجة. بل يُمكن لأصحاب العمل في المقابل اعتماد منهجية متعددة الجوانب للوصول إلى المواهب بمختلف أنواعها. ولا يفرض هذا بالضرورة على الشركات أن تُغيّر من رسالتها أو أهدافها أو حتى منظومة القيم التي تقوم عليها. وبدلًا من ذلك، تستطيع الشركات استعراض جوانب مختلفة من عروض القيمة المتاحة أمام أعداد أكبر من الموظفين، فضلًا عن تقديم عروضٍ أكثر ابتكارًا لكلّ من الموظفين الحاليين والمحتملين.

ونُسلط الضوء في هذا المقال على خمس شخصيات أساسية لا بد للشركات أن تفهم طبيعتها بهدف حل مشكلة التسرب الوظيفي واستقطاب الموظفين على المدى الطويل.

التوجهات الجديدة تزيد من تعقيد مشهد التوظيف العام

تبقى أعداد الموظفين ممن يعتزمون ترك وظائفهم على حالها منذ عام 2021 عند 40%، برغم التغييرات الكبيرة التي شهدها الاقتصاد منذ بداية التسرب الوظيفي الكبير (أو ما يُطلق عليها بـ "الاستقالة الكُبرى"). وبناءً عليه، فقد أشار اثنان من بين كُلّ خمسة موظفين ضمن العينة العالمية لدراستنا عن رغبتهم بترك وظائفهم خلال الأشهر الثلاثة أو الستة المقبلة.

ومع ذلك، اكتشفنا خلال العام الماضي وجود تفاصيل أكثر دقة ضمن هذا التوجه واسع النطاق:

  • إعادة التوزيع. يترك الموظفون وظائفهم وينتقلون للعمل لدى شركات جديدة في قطاعات مختلفة (48% ممن تركوا وظائفهم ضمن عيّنة الدراسة). تخسر بعض القطاعات رصيدها من المواهب بشكل مفرط، وتُكافح قطاعات أخرى لاستقطاب المواهب، بينما تُعاني بعض القطاعات من الناحيتين.
  • ابتكار مفاهيم جديدة. يتجه العديد من الموظفين الذين يتركون وظائفهم التقليدية إلى فرص العمل غير التقليدية (المؤقتة أو الحرة أو بنظام الدوام الجزئي) أو حتى يؤسسوا شركاتهم الخاصة. واختار 47% من الموظفين الذين تركوا وظائفهم قبل تأمين وظيفة بديلة العودة إلى سوق العمل من جديد. غير أنّ 29% منهم فقط عادوا إلى شغل الوظائف التقليدية بنظام الدوام الكامل.
  • إعادة التقييم. تتمحور أسباب ترك العديد من الموظفين لوظائفهم حول متطلبات الحياة، مثل الحاجة لرعاية الأطفال أو كبار السن أو حتى أنفسهم، ولا يقتصر الأمر على مجرد البحث عن وظيفة أخرى. وقد يندرج ضمن هذه المجموعة أشخاص اختاروا الخروج من قوام القوى العاملة بالكامل، ما يُؤثر بشكل كبير على أعداد المواهب المتاحة في سوق العمل.

الموظفون في جميع أنحاء العالم يدرسون خياراتهم بتمعن.

تتوفر العديد من الأدلة بشأن تحوّل عدم رضا القوى العاملة إلى ظاهرة عالمية، غير أنّ الوضع يشهد تدهورًا أوسع نطاقًا في أسواق محددة. إذ أعرب ما يزيد عن 60% من المشاركين في الدراسة من الهند عن رغبتهم بترك وظائفهم الحالية، في زيادة ملحوظة عن نظرائهم في أستراليا وكندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة. وأظهر الموظفون في سنغافورة ثاني أعلى معدلات عدم الرضا الوظيفي عند 49% (الشكل 1).

وأظهر المشاركون في الدراسة من الدول الست رغبة كبيرة في الحصول على وظائف تقدم لهم أجرًا أعلى أو رضا أكبر، أو كلاهما، فضلًا عن اعتقادهم بإمكانية إيجاد فرص عمل أفضل في مكان آخر. وبيّنت دراستنا أيضًا بأنّ بعض الموظفين يتركون وظائفهم ويخرجون من قوام القوى العاملة لمجرد أخذ استراحة مع ثقتهم الكبيرة بقدرتهم على إيجاد وظيفة أخرى حالما يرغبون بذلك. وبالفعل، يعتبر حوالي ثلاثة أرباع الموظفين المشاركين في الدراسة بأنّه لن يصعب عليهم إيجاد وظيفة بأجور ومزايا مماثلة أو أفضل مما كانوا يحصلون عليه في وظيفتهم السابقة.

ارتفاع نسبة التنقل بين القطاعات

لا يُمكن للشركات أن تفترض قُدرتها على ملء الوظائف الشاغرة لديها بموظفين مُشابهين لأولئك الذين تركوها. فقد عاد 35% فقط ممن تركوا وظائفهم على مستوى العالم خلال العامين الماضيين للعمل في وظيفة جديدة في القطاع ذاته. واتجه 65% من الموظفين في قطاعات الخدمات المالية والتأمين، على سبيل المثال، لتغيير القطاع بالكامل أو اختاروا عدم العودة إلى قوام القوى العاملة مُجددًا. وكان الرحيل عن القطاعين العام والاجتماعي أوسع نطاقًا بنسبة وصلت إلى 72% (الشكل 2).

وستنعكس آثار هذه الخسائر لبعض الوقت في عدد من المناطق. واختار ما لا يقل عن 18% من المشاركين في الدراسة ممن تركوا وظائفهم في قطاعات السفر والرعاية الصحية والتجزئة الاستهلاكية، الأكثر تأثرًا بتداعيات أزمة كوفيد-19، الامتناع عن الالتحاق بالقوى العاملة كُليًا بدلًا من العمل في القطاع نفسه أو حتى غيره مُجددًا.

ومع ذلك، ما تزال هُناك بعض النقاط الإيجابية أمام الموظفين؛ إذ يُواجه أصحاب المهارات المطلوبة، مثل علماء البيانات والمبرمجين، صعوبات أقل لدى الانتقال بين القطاعات. وتُركز الشركات بدورها على تعيين الموظفين بناءً على رصيدهم المهاري على حساب خبرتهم التخصصية في القطاع، وسيتسنى للأفراد الأكثر موهبة وأصحاب المهارات الأكثر طلبًا في السوق استكشاف الخيارات المتاحة إلى أن يجدوا الوظيفة الأمثل. تراجعت مستويات الآراء السلبية المقترنة بمفهوم التنقل بين الوظائف والفجوات في السيرة الذاتية، بينما أصبح الانضمام إلى شركات جديدة في مناطق أخرى دون الحاجة إلى نقل مكان السكن أسهل من أيّ وقت مضى، ما فسح المجال أمام الجميع للانتقال من شركة إلى أخرى.

تطرح هذه العوامل آفاقًا جديدة في مجال التوظيف، لا سيما وأنّ التنافس بين أصحاب العمل لم يعد مقتصرًا على المواهب داخل قطاعاتهم فحسب، بل امتد ليشمل مختلف القطاعات أيضًا.

الشخصيات الخمس قيد الدراسة: طريقة جديدة للتعامل مع عرض القيمة الموجه للموظفين

يتوجب على مديري أقسام التوظيف، لينجحوا في التعامل مع هذا الوضع الجديد، أن يبحثوا في مسببات الخلل الحالي في مستويات العرض والطلب في سوق العمل، وإدراك طموحات شرائح الموظفين المختلفة وأفضل السُبل للتفاعل معها.

ولا بد لأصحاب العمل أن يفهموا المواضيع المشتركة التي قد تكشف أكثر ما يُقدّره الأشخاص في الوظيفة أو يكرهونه من أجل تحقيق هذه الغاية. ولا بد من تسليط الضوء على الدور الكبير الذي يلعبه المدير السيء على سبيل المثال في دفع الموظفين لمغادرة الشركة، علمًا أنّ المفهوم السائد سابقًا بشأن دور الراتب الجيد في الحفاظ على الموظفين برغم سوء مديرهم، لم يعد صحيحًا بالنسبة ذاتها كمان كان قبل أزمة كوفيد-19. وتوضح دراستنا بأنّ المدراء غير المهتمين أو غير القادرين على إلهام موظفيهم وتحفيزهم يُشكلون جزءًا كبيرًا من أسباب مغادرة الموظفين لوظائفهم، إلى جانب الافتقار لإمكانية التطور الوظيفي. ومن جانبها، تُعد المرونة من أهم العوامل التي تدعم بقاء الموظفين في وظائفهم (الشكل 3).

1. الموظفون "أصحاب الفكر التقليدي": لن يكون الرصيد المتوفر من العمالة الكلاسيكية كافيًا لشغل جميع الوظائف المتاحة بلا شك.

يُعد الموظفون "أصحاب الفكر التقليدي" أشخاصًا يهتمون بتحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية، مع إمكانية المساومة في هذا الجانب لصالح مسيرتهم المهنية. وتتجه هذه الشريحة من الموظفين للعمل بدوام كامل لدى الشركات الضخمة مقابل باقات من التعويضات، ومزايا مجزية، ولقب وظيفي جيد ومكانة في الشركة وإمكانية للتطور المهني.

وأشار مكتب إحصاءات العمل في الولايات المتحدة إلى أنّ حوالي 60% من أفراد القوى العاملة التقليدية الموظفة وفق نظام الدوام الكامل لم يتركوا وظائفهم خلال فترة التسرب الوظيفي الكبير. وتُشير تقديراتنا إلى أنّ غالبية هؤلاء الموظفين يندرجون تحت مسمى "أصحاب الفكر التقليدي". ويتسم هؤلاء بميلهم لتجنب المخاطرة والحرص على البقاء مع صاحب العمل الحالي، ويُرجح أن لا يتركوا وظيفتهم الحالية دون تأمين بديل لها. وعادت غالبية الذين تركوا وظائفهم مدفوعين بعروض القيمة التقليدية، مثل الأجر المرتفع.

تُفضّل الشركات الموظفين من أصحاب الفكر التقليدي الذين يركزون على مسيرتهم المهنية، بسبب سهولة توظيفهم من خلال استراتيجيات التوظيف السائدة. غير أنّهم لا يتوفرون بأعداد كافية لسوء الحظ.

وتُفضّل الشركات الموظفين من أصحاب الفكر التقليدي الذين يركزون على مسيرتهم المهنية، بسبب سهولة توظيفهم من خلال استراتيجيات التوظيف السائدة، فضلًا عن التطابق بين ما تطمح إليه هذه الشريحة من الموظفين وما اعتادت الشركات على تقديمه لتعيين الموظفين والحفاظ عليهم. ولسوء الحظ، تفرض هذه الطريقة لتأمين اليد العاملة المجموعة ذاتها من المشاكل: فعندما توظف أي شركة عددًا من الموظفين من أصحاب الفكر التقليدي، يلجأ منافسوها في السوق إلى الرد من خلال الترقيات ورفع الأجور في محاولة منهم لاستقطاب ذات المواهب، النادرة أصلًا، والحفاظ عليها. وتُسهم تلك الشركات التي تعتمد على هذه المزايا لاستقطاب الموظفين من أصحاب الفكر التقليدي في نهاية المطاف في تعزيز تضخم الأجور وتفشل في حلّ مشكلة "جاذبية" صاحب العمل والوظيفة (الشكل 4).

وفي حين تتسم مجموعة الموظفين أصحاب الفكر التقليدي بتجانسها، تتميّز بقية شرائح القوى العاملة بتنوع أكبر؛ إذ يعمل بعضهم لحسابه الخاص بينما يشغل آخرون وظائف مؤقتة أو مستقلة. وتشمل هذه المجموعة الطلاب والموظفين المؤقتين والموظفين عند الطلب. ويُضاف إليهم أولئك الذين تركوا وظائفهم ويُمكن إقناعهم بالعودة بعد تحقيق الشروط المناسبة لذلك، وغيرهم ممن اتخذوا قرارًا بعدم العودة إلى سوق العمل على الإطلاق. وتُشكّل هذه الفئات مجتمعة الرصيد المتاح من المواهب، والذي يتوجب على أصحاب العمل التمعن في تفاصيله.

وتشارَك الذين تركوا وظائف الدوام الكامل على مدى العامين الماضيين، والذين يُشكّلون 21% من إجمالي القوى العاملة المشاركة في الاستبيان، الأسباب التي دفعتهم لاتخاذ هذا القرار.

وكشف الموظفون ممن تركوا عملهم في المراحل الأولى من التسرب الوظيفي الكبير بأنّ العلاقات في مكان العمل كانت مصدرًا للتوتر وبأنّهم لم يشعروا بأنّ شركاتهم أو المدراء مهتمون بهم. وأشار المشاركون مؤخرًا أيضًا إلى القادة المستهترين (35% من المشاركين قالوا بأنّهم أحد أبرز ثلاثة أسباب دفعتهم لترك العمل)، مع إضافة مجموعة جديدة من العوامل، بما فيها عدم كفاية التعويضات والافتقار لفرص التطور الوظيفي والافتقار إلى العمل الهادف.

وبمعنى آخر، يرى الكثير من الموظفين بأنّ عدم وجود أيّ حيّز ومساحة للتطور المهني أو الشخصي، وإمكانية الحصول على أجر أعلى في شركات أخرى، وعدم الاهتمام الكافي من جانب القادة هي أسباب حقيقية وأساسية للاستياء، والتي تعمل الشركات حاليًا على اتخاذ الإجراءات المناسبة بشأنها على نطاق واسع.

ولحُسن الحظ، أشار العديد ممّن تركوا وظائفهم التقليدية إلى إمكانية إقناعهم بالعودة إليها في ظلّ الظروف المناسبة. ويُشكّل الموظفون غير التقليديين ما تبقى من الشخصيات الخمس الأساسية لدراستنا. ونُلقي فيما يلي نظرة معمقة على هذه المجموعات والقيمة التي تُمثلها (الشكل 5).

2. مجموعة "افعلها بنفسك": الاستقلالية هي العامل الأهم

تولي هذه الشخصية، التي تُشكّل الجزء الأكبر من المشاركين في الدراسة، أهمية كبيرة للمرونة في بيئة العمل وكذلك العمل الهادف والتعويضات، بوصفها المحفزات الثلاثة الأهم لدفعهم للعودة لقوام القوى العاملة التقليدية. وتتراوح أعمارهم عادة بين 25-45 عامًا، ويشغلون العديد من الوظائف التي تتنوع بين العمل لحسابهم الخاص وصولًا إلى الوظائف بدوام كامل والأدوار غير التقليدية والوظائف المؤقتة والعمل بدوام جزئي.

مع العلم تضع هذه المجموعة المرونة على رأس أولوياتها. وقد دفعت عوامل عديدة، مثل التوتر الناجم عن ضغط العمل، والمدراء المستهترين، والرغبة بالاستقلالية، والشعور بعدم التقدير، الكثير من الموظفين خلال أزمة كوفيد-19 للبحث عن تجربة جديدة ومختلفة. وازداد عدد المتقدمين بطلبات لتأسيس شركاتهم الناشئة في الولايات المتحدة خلال عام 2020 و2021 بأكثر من 2.8 مليون شخص، مقارنة مع الرقم المُسجل في عام 2019. بينما وجد آخرون بأنّ فرص العمل بدوام جزئي أو الوظائف المؤقتة منحتهم قدرًا أكبر من الاستقلالية من حيث تحديد ساعات العمل الخاصة بهم والحرية لاختيار الأعمال التي يودون القيام بها.

قد يصعب استقطاب هذه المجموعة، لا سيما وأنّه سيتعين على الشركات إثبات بأنّ ما لديها من عروض أفضل من نظام العمل الذي طوّره هؤلاء لأنفسهم. تستطيع الشركات أن تُوفر الحرية التي يسعى إليها هؤلاء الموظفون، إضافةً إلى منحهم وظائف هادفة وباقات تعويضات مجزية، تتفوق على ما يُمكن أن يُقدموه لأنفسهم.

دفعت العديد من العوامل، مثل التوتر الناجم عن ضغط العمل والمدراء المستهترين، العديد من الأشخاص لترك الوظائف طوعًا خلال أزمة كوفيد-19. ويُمكن للشركات الراغبة باستقطاب هذه المجموعة أن تُقدم لهم الحرية وفرص العمل الهادفة التي يُريدونها.

ويمكن للشركات تحقيق هذا الغرض من خلال تصميم نظام عمل نموذجي، يُحدد مجموعة من المهام المنفصلة الهادفة التي يُمكن إنجازها بشكل مستقل. ويركز هذا التوجه على تحديد الأهداف واستكمال المهام بدلًا من التركيز على أسبوع العمل التقليدي وضرورة قضاء ساعات محددة في المكتب. وتتمثل الطريقة الأخرى لتحقيق هذه الغاية في اعتماد أسلوب إدارة قائم على النتائج بدلًا من الأنشطة، وزيادة المساءلة على الأثر المحقق مع إتاحة الفرصة للموظفين وفرقهم لتحديد مواعيد وسُبل استكمال مهامهم بأنفسهم. ولا بد لأصحاب العمل أن يتّسموا بالمرونة منذ البداية لإنجاح هذه المساعي، حتى من خلال سؤال المرشحين للتوظيف حول عدد المقابلات التي يُفضّلون إجراءها وفيما إذا كانوا يودون إجراءها شخصيًا أم عن بُعد.

تتجه العديد من الشركات لاستكشاف أشكال مختلفة لتعزيز مستويات المرونة. وأعلن بريان تشيسكي، الرئيس التنفيذي لشركة "إير بي إن بي"، على سبيل المثال، بأنّ موظفي الشركة سيكونون قادرين على العمل من أيّ مكان يُريدونه بعد تخلي شركته عن فكرة دفع الأجر لقاء العمل في موقع محدد. وسجّلت صفحة التوظيف الخاصة بشركة "إير بي إن بي" بعد أيام من هذا الإعلان دخول أكثر من مليون زائر.

3. مقدمو الرعاية وآخرون: اختاروا البقاء في المنزل ولكن يطمحون لما هو أفضل

تحتاج هذه الشريحة من شخصيات الدراسة لبعض التعريف الآن بعد عامين من بدء أزمة كوفيد-19. تُشكّل التعويضات أبرز العوامل المحفزة للأشخاص ضمن هذه الشريحة، غير أنّ لديهم أولويات أخرى يجب تحقيقها قبل العودة إلى وظائفهم: المرونة في مكان العمل، ودعم صحة وجودة حياة الموظفين, وفرص التطور الوظيفي.

وينتمي إلى هذه المجموعة جميع الأشخاص الذين قرروا البقاء في منازلهم، مع سعي البعض منهم لإيجاد وظيفة جديدة، بينما يبقى الآخرون ضمن فئة الباحثين السلبيين الذين يأملون العثور على فرصة تُبرر عودتهم إلى قوام القوى العاملة. وتتراوح أعمار الفئة الأوسع منهم ما بين 18-44 عامًا، وتُشكل النساء غالبيتهم، علمًا أنّ العديد منهم من الأهل أو غيرهم من مُقدمي الرعاية. ويسعى الكثيرون ضمن هذه الشريحة للحصول على قدر أكبر من المرونة والدعم مما توفره فرص التوظيف التقليديةلا سيما وأنّهم تركوا وظائفهم للعناية بأطفالهم أو ذويهم أو أنفسهم.

يرى العديد من المنتمين إلى هذه الفئة بأنّ أماكن العمل التي تفتقر للمرونة وفرص التطور الوظيفي لا تستحق التضحية المتمثلة في العودة إلى العمل بالتوازي مع استمرارهم في أداء واجباتهم في تقديم الرعاية.

وتُشير هذه الفئة عن استعدادها لمنح وقتها ومواهبها للشركات الراغبة بالتعاون معهم وفق جداولهم الزمنية الخاصة. كما يعتبرون أنّ أماكن العمل التي تفتقر للمرونة وفرص التطور الوظيفي لا تستحق التضحية المتمثلة في العودة إلى العمل بالتوازي مع استمرارهم في أداء واجباتهم في تقديم الرعاية. ويُطالب هؤلاء الموظفون بالحصول على دعم مخصص يُتيح لهم الوفاء بمسؤولياتهم خارج العمل إلى جانب الحصول على التقدير لقاء إنجازاتهم في مكان العمل. ويُمكن إقناعهم بالعودة من خلال خيارات العمل بدوام جزئي أو نظام أسبوع العمل لأربعة أيام أو ساعات العمل المرنة أو باقات الحوافز المعززة.

تُدرك العديد من الشركات تنامي أعداد هذه الشريحة من الموظفين المحتملين، ولذا تتعامل مع الموقف من هذا المنطلق، من خلال تطبيق إجازات الوالدين وتوسيع نطاقها، وتزويد الأهل بقدر أكبر من المرونة في أيام الدوام المدرسي. وفي هذا السياق تُقدم بعض شركات مثل "جوجل" و"سيسكو سيستمز" و"باتاغونيا" للموظفين مزايا متعددة، مثل إمكانية رعاية الأطفال في مكان العمل والعلاج الطبيعي وخدمات التنظيف المنزلي المدعومة.

4. الموظفون "دُعاة المثالية": الطلاب والشباب من الموظفين بنظام الدوام الجزئي

ينتمي إلى هذه الشريحة من شخصيات الدراسة الموظفون الأصغر سنًا، ممن تتراوح أعمارهم بين 18-24 عامًا، ومن بينهم العديد من الطلاب والموظفين بنظام الدوام الجزئي. لا تحمل هذه الشريحة بغالبيتها أعباء إعالة أفراد العائلة والقروض العقارية وغيرها من المسؤوليات، بل تؤكد على أهمية المرونة والتطور الوظيفي المستقبلي والعمل الهادف والمجتمع المحيط من الأفراد الموثوقين والداعمين، بينما تأتي باقة التعويضات في آخر سلم أولوياتها.

لا تستطيع الشركات استقطاب هذه الفئة من الموظفين من خلال العروض المالية فقط، لا سيما وأنّ العمل بالنسبة لهم يحمل معانٍ أكبر بكثير من مجرد الدخل المادي؛ إذ يهتمون بشكل أكبر بكونهم جزءًا من مجتمع موثوق من الأفراد الداعمين.

لا بد للشركات أن تُقدم لهم ميزة المرونة إن أرادت جذبهم للعمل لديها، كما يتوجب عليها إظهار رغبتها بالاستثمار في تطوير هذه المجموعة وبناء بنية تنظيمية قوية تؤكد على العمل الهادف. وأكّدت هذه الشريحة من الموظفين على أهمية الانتماء إلى مجتمع شمولي ومنفتح على الآخرين أكثر من بقية الشرائح، بما ينسجم مع نتائج بحثنا التي تُظهر تقدير الموظفين الأصغر سنًا لمسألة التنوع في مكان العمل.

ويشمل عرض القيمة الجذاب بالنسبة لهؤلاء الموظفين الجمع بين الإعانات الدراسية التقليدية وساعات العمل المرنة بما يتناسب مع مواعيد صفوفهم الدراسية، إلى جانب برامج التطوير التي ترسم مسارات واضحة للتطور المهني. ويسهم توفير هذه التدابير والاستثمار بكثافة في العلاقات اليومية الكفيلة ببناء ثقافة عالية الجودة في تطوير باقات توظيف أكثر جاذبية.

5. الموظفون "دُعاة الراحة": الحياة المهنية لم تعد على رأس الأولويات

بخلاف الشخصيات السابقة قيد الدراسة، يُشكل الأشخاص ضمن هذه المجموعة مزيجًا من المتقاعدين والباحثين عن العمل وأولئك ممن يُحتمل عودتهم إلى قوام القوى العاملة التقليدية في ظلّ الظروف المناسبة. ونُطلق على هذه المجموعة وصف "العائدون من الاعتزال"، تيمُّنًا بلاعب كرة القدم الأمريكية "روب جرونكوفسكي"، الذي اعتزل اللعب ومن ثم قرّر العودة عن قراره تحت ضغوط زميله السابق في الفريق "توم بريدي" والوعود بالحصول على أجر مادي مُجزٍ وتزويده بعقد أكثر مرونة مع فريق قوي. تجدر الإشارة إلى أنّ "جرونكوفسكي" اعتزل من جديد مؤخرًا، ولكن المفاجآت لا تنتهي.

وكما هو الحال بالنسبة للكثيرين ممن تقاعدوا في بداية أزمة كوفيد-19، استكمل أفراد هذه الفئة مسيرتهم المهنية التقليدية ولم يعودوا بحاجة لمزيد من المال لتأمين العيش الكريم. ولذا، سيتطلب تشجيعهم للعودة إلى قوام القوى العاملة أكثر من مُجرد تقديم عرض قيمة تقليدي، بما في ذلك الوعود بتوفير العمل الهادف. وتضم هذه الشريحة المتقاعدين مبكرًا والمتقاعدين لانطباق شرط العمر وما زالوا قادرين على تقديم المزيد خلال الأعوام المقبلة، الفئة الأكبر من القوى العاملة الكامنة.

لم تُحاول الشركات استقطاب هؤلاء الموظفين الخبراء بأقصى جهدها. ولكن لم يفت الأوان بعد، ولا بد أن تعمل الشركات لتعزيز قدرتها على إيجاد التوازن الصحيح لكسب هذه الشريحة من جديد.

وتجدر الإشارة إلى أنّ العديد من الديناميكيات تتداخل في هذه المسألة؛ إذ بدأت أعداد الموظفين المتقاعدين العائدين إلى سوق العمل بالزيادة بوتيرة بطيئة بعد الارتفاع الكبير في معدلات التقاعد التي شهدتها الأشهر الأولى لأزمة كوفيد-19. واستند بعضهم في هذا القرار على ارتفاع الأجور أو تحسن الآفاق لفترة ما بعد الجائحة الصحية، بينما تأثر آخرون بتداعيات التضخم وباتوا بحاجة للعودة إلى عملهم بعد أن لمسوا تضاؤل مدخراتهم المالية بأسرع من توقعاتهم. وتشير التقديرات إلى توجه واحد من بين كُل خمسة من "المتقاعدين أثناء الجائحة الصحية" للعودة إلى سوق العمل، مما يوفر للشركات رصيدًا متزايدًا من الموظفين التي يُمكنها استقطابهم.

ولم تُحاول الشركات استقطاب هؤلاء الموظفين الخبراء بأقصى جهدها، إذ يتوجب على أصحاب العمل ممن تجمعهم علاقات إيجابية بالموظفين الذين خسروهم أن يُفكروا بالتواصل معهم لمحاولة التوصل إلى التوازن الصحيح لكسبهم مُجددًا.

ضرورة تركيز الشركات على المجموعات الصحيحة من الموظفين

تنشأ الضغوط التي تُواجهها الشركات لاستقطاب الموظفين والحفاظ عليهم إلى حدّ كبير من التحوّل الجوهري الذي شهده العالم على مدى العامين الماضيين في نظرة الموظفين لوظائفهم وأصحاب العمل. كما كانت نتيجة لمستويات الطلب غير المسبوقة في سوق العمل القوية، والتي أسفرت بدورها عن تسجيل أرقام قياسية من الوظائف المُتاحة.

ويُعدّ مشهد التوظيف في الولايات المتحدة خير مثالٍ على هذا. وشهدت الولايات المتحدة، كما أشرنا سابقًا، توفر 11 مليون فرصة عمل في نهاية شهر مايو. ولا تكفي هذه الأرقام لشغل الوظائف المتاحة بشكل مستدام، برغم دور التضخم في إجبار الكثيرين على العودة إلى قوام القوى العاملة التقليدية من جديد. ويُرجح أن تجد الشركات، في حال استمرار تدهور الحالة الاقتصادية، بأنّ الوظائف المتاحة لشغل الأدوار الحسّاسة لديها ستبقى على حالها، وهي مشكلة لا يُمكن التعامل معها ببساطة من خلال إعادة توزيع القوى العاملة الحالية لديهم.

وفي الواقع يُمكن للأتمتة وزيادة معدلات الهجرة أن تلعب دورًا مساعدًا فيما يتعلق بنقص الوظائف. ولكن سيتوجب على الشركات أن تُعيّن الموظفين من المجموعات المتاحة، وليس تلك التي يتمنون الحصول عليها. وقد يفرض هذا ضرورة خفض المتطلبات الوظيفية لبعض المناصب أو تعديلها، سواءً من خلال التخلي عن شرط الشهادة الجامعية، على سبيل المثال، أو من خلال التواصل مع الموظفين من أصحاب السجلات الجنائية، لا سيما في ضوء الارتفاع الأخير في نسب اعتماد سياسة تكافؤ الفرص في التوظيف. وبإمكان الشركات اتخاذ هذه التدابير، والحفاظ في الوقت ذاته على عرض القيمة المناسب لتعزيز مجموعات الموظفين على نحو هادف.

ولا بد أن يستمر أصحاب العمل في تقدير الموظفين "أصحاب الفكر التقليدي" لديهم، بينما تُظهر الشخصيات قيد الدراسة هُنا بأنّه يتوجب على أصحاب العمل أن يوسعوا دائرة البحث لتشمل الموظفين ممن يسعون للحصول على المرونة وبيئة العمل الداعمة. وتزخر سوق العمل بأعداد متزايدة منهم، ويُمكن للشركات استقطابهم من خلال اعتماد الاستراتيجيات الصحيحة.

وباستطاعة الشركات اتخاذ أربعة تدابير تسمح لها بمواجهة مشكلة التسرب الوظيفي واستقطاب الموظفين على المدى الطويل.

يُمكن للشركات بداية أن تُطور من عرض القيمة المُقدم للموظفين، والذي يشمل، كما أشرنا سابقًا، اللقب أو المُسمى الوظيفي والمسارات المهنية، والتعويضات، والمزايا، والمدير الجيد، والسُمعة الإجمالية للشركة.

وتستطيع في مرحلة لاحقة أن تُحسّن عرض القيمة غير التقليدي، والذي يتمحور حول المرونة والمزايا المتعلقة بالصحة النفسية والسلوكية والثقافة المؤسسية القوية والتطور المعني بمُختلف أشكاله. فمن الضروري أن يتسم عرض القيمة بحد ذاته، والطريقة التي تسعى بها الشركة لإقناع الموظفين المحتملين، بقدر أكبر من الابتكار والتخصيص. يُعد الجزء الأكبر من القوى العاملة جديدًا، وسيبقى كذلك، لا سيما في ضوء التغييرات الهائلة التي تشهدها سوق العمل والشركات على حد سواء. ويعني هذا، بالنسبة للشركات، تراجع أهمية الثقافة التي أسستها من خلال التقاليد والقواعد السلوكية، ما لم تسعَ هذه الشركات إلى توضيح هذه الأهمية للمُلتحقين بها حديثًا منذ البداية.

وثالثًا، تستطيع الشركات توسيع منهجية استقطاب المواهب التي تعتمدها، لا سيما وأنّ بعض أصحاب الفكر غير التقليدي لا يبحثون عن فرص العمل بشكل نشط، وإنّما ينتظرون العودة عندما يصلهم العرض المناسب. يُمكن للشركات عند فهم هذه الشخصيات الخمس بشكل واضح أن تُصمم استراتيجيات مخصصة لاستقطاب الموظفين بمختلف أنواعهم.

وتستطيع الشركات تعزيز ” جاذبية“ الوظائف لديها من خلال الاستثمار في تعزيز الهدف والقيمة من العمل والارتقاء بمستويات الانتماء وتقوية الفرق وتحسين العلاقات لديها بمُختلف أشكالها. وسيُصعب تطوير هذه المزايا التنظيمية من مهمة أصحاب الفكر التقليدي لتغيير وظيفتهم لمجرد الحصول على أجر أعلى بقليل.


ألقت أزمة كوفيد-19 بظلالها الكارثية على جميع الجوانب. كما أسهمت في تعزيز مشاعر التحرر لدى ملايين الموظفين، الذين أصبحوا قادرين الآن على تصوُّر الحالة المثالية لوظائفهم، بدل ما كانت عليه. ولن يكون على الشركات إعادة تصميم عرض القيمة المُقدم للموظفين لمواجهة ما يحدث، إذ يُمكنها أن تُصر على عرض القيمة الخاص بها، بما فيه من تمثيل لثقافة الشركة ورسالتها وقيمها، مع تعزيز مساعيها في الوقت ذاته للتواصل مع مُختلف المجموعات المتاحة من المواهب، إلا أن هذا التواصل يجب أن يكون مُبتكرًا وحقيقيًا. الموظفون يُدركون الفرق، وهذا بالضبط ما يدفعهم لترك وظائفهم.

Explore a career with us