إدارة التضخم: دليل جديد للرؤساء التنفيذيين

| مقالة

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر. نرحب بتعليقاتكم على البريد الإلكتروني التالي reader_input@mckinsey.com

خاض صنّاع السياسات وخبراء الاقتصاد والجهات الفاعلة في الأسواق المالية نقاشات محتدمة العام الماضي بشأن معدلات التضخم المرتفعة التي شهدتها تلك الفترة. واعتبر قسم منهم التضخم المرتفع مشكلة مؤقتة ناتجة عن تداعيات أزمة كوفيد-19، فيما اعتبره القسم الآخر تحولًا دائمًا. وأشارت مجموعة من الرؤساء التنفيذيين لماكنزي أن هذا النقاش كان منفصلًا عن الواقع السائد في بيئة الأعمال في حينها، إذ استمرت معدلات التضخم بالارتفاع لفترة طويلة، لتؤكد توقعاتهم بضرورة إحداث تغيير جوهري في طريقة قيادة مؤسساتهم وكيفية إدارتها، وهي منهجية تتوافق مع وجهة نظرنا تجاه هذا الموضوع.

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

وبيّنت الأشهر الأولى من عام 2022 بشكل أوضح أن معدلات التضخم ستتخطى توقعات المخططات الاقتصادية التقريبية عند نسبة 2.0%، التي تسعى البنوك المركزية إلى الوصول إليها، حيث سجل مؤشر أسعار المستهلك بين مارس 2021 ومارس 2022 ارتفاعًا بنسبة 8.5% في الولايات المتحدة، ليصل إلى أعلى مستوياته منذ 40 عامًا، وبنسبة 7.5% في منطقة اليورو و7% في المملكة المتحدة. كما شهدت 60% من الاقتصادات المتقدمة ارتفاع التضخم على أساس سنوي بنسبة تجاوزت الخمسة بالمئة.1 وأدى الغزو الروسي لأوكرانيا، وما نتج عنه من اضطرابات في أسواق الطاقة والزراعة والمعادن، إلى احتمالية ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات أعلى وزيادة فترته بالمقارنة حتى مع المعدلات المقترحة في التوقعات المعدَّلة (الشكل 1).

1

وتعتمد البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم اتباع منهجية راسخة لإدارة التضخم، تقوم على رفع أسعار الفائدة بهدف السيطرة على مستويات الطلب، إضافة إلى إصدار تصريحات دورية لتحدد توقعات المستهلكين والشركات حول معدلات التضخم المستقبلية. وقد أصبحت هذه الجهود والخطوات أكثر أهمية حاليًا، إذ تشير التوقعات إلى ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا خلال السنوات الخمس المقبلة بنسبة تتراوح بين 1.5 إلى 2.0% أعلى من معدلاتها الوسطية للفترة بين عامي 2010-2019.

وحتى إن نجحت البنوك المركزية في مساعيها، سيتطلب تحقيق نتائج ملموسة بعض الوقت. ويمثّل استمرار التضخم المرتفع لعامين إضافيين فترة طويلة بالنسبة لقادة الشركات، كما لم تعد منهجية الاستجابة حسب الحاجة التي اعتمدتها جهات عديدة حتى الآن قادرة على تحقيق نتائج ملموسة وفعالة.

بالتالي، كيف يمكن للرؤساء التنفيذيين توجيه فرقهم الإدارية وموظفيهم ومجالس الإدارة في شركاتهم والجهات المعنية الأوسع خلال هذه الفترة؟ بدايةً، يجب الانتباه إلى أن تركيز الرؤساء التنفيذيين لا يجب أن يكون محصورًا بتداعيات التضخم على ربحية الشركات، إذ تفرض البيئة الحالية، التي تتسم بعدم اليقين ووجود طيف أكبر بكثير من الجهات المعنية، على قادة الشركات التفكير بالأداء وفق نطاق أوسع. وتُعتبر القرارات السريعة التي تحتَّم على الرؤساء التنفيذيين اتخاذها في الأسابيع الماضية حول عملياتهم في روسيا أحدث الأمثلة عن هذه الاعتبارات الموسّعة. وهنا يتوجب على الرؤساء التنفيذيين قيادة مؤسساتهم آخذين بعين الاعتبار دورة أعمالها الكاملة وجميع الجهات المعنية. ورغم أنه يمكن لخبراء العلاقات الخارجية المساعدة على إدارة شؤون الجهات المعنية، إلى أن هنالك العديد من الحوارات والقرارات التي يتوجب اتخاذها وقيادتها حصرًا من قبل الرؤساء التنفيذيين.

وكما هو الحال بالنسبة للبنوك المركزية، يحتاج الرؤساء التنفيذيون إلى اعتماد منهجية واضحة لإدارة التضخم، والتي يمكنهم البدء بإعدادها من خلال طرح الأسئلة التالية على أنفسهم وعلى قادة المجالات التشغيلية الرئيسية في مؤسساتهم:

  • أين سيجد العملاء القيمة في ظل هذه البيئة الجديدة؟ كيف يمكننا تصميم منتجات وخدمات وتجارب توفر هذه القيمة؟
  • ما هي أسرع طريقة لضمان استقرار سلاسل التوريد المرهقة أو المعطلة، وإعادة تصميمها؟ ما هي القدرات المطلوبة لتعزيز مرونة الشركة والقدرة على التحكم بالتكاليف؟
  • ما هي التوجيهات الواجب إعطاؤها لمساعدة قادة المشتريات على تحقيق القيمة؟
  • كيف تؤثر منظومة التوظيف الجديدة على الأجور والاستحقاقات والمعايير الخاصة بأماكن العمل؟ كيف يمكن استقطاب الموظفين والمحافظة عليهم في ضوء التغيرات التي تشهدها سوق العمل؟
  • كيف ينبغي إعادة تسعير المنتجات والخدمات في ظل التضخم السائد؟ كيف يمكن تأسيس فلسفة واستراتيجية شاملة لعلاقات العملاء لدى الشركة؟
  • كيف يمكن تحديد الأولويات وتنظيمها بهدف توجيه جميع هذه الأنشطة؟

يلعب الرئيس التنفيذي الدور الأهم في ضمان تكامل مختلف عمليات الشركة. وبيّن بحثنا حول السلوكيات والعقلية التي يتحلى بها أفضل المدراء التنفيذيين الدور المحوري الذي يؤديه المدراء التنفيذيون في وضع توجه واضح للشركة، وضمان انسجام أنشطتها، وإدارة الجهات المعنية، فضلًا عن توفير التحفيز المطلوب. ويتميز أفضل المدراء التنفيذيين بالجرأة، ويستندون في الوقت ذاته إلى عقلية راسخة تكون مغايرة للصورة النمطية السائدة عن المسؤولين التنفيذيين الصارمين، حيث يحرصون على اتخاذ القرارات الهامة من خلال الإصغاء أولًا، والتعامل مع المسائل الثقافية أو الجانبية بوصفها أمور ايجابية تقدم محتوى مفيد، بالإضافة إلى تمكين الموظفين وطرح الأسئلة بشكل مستمر.

ونعتمد في هذه المقالة على تعاوننا مع مئات الشركات ونستفيد من الأبحاث المتعمقة بغرض بناء دليل لمساعدة المدراء التنفيذيين على إدارة التضخم بمختلف توجهاته. ولا بد من الإشارة إلى أن الشركات تمكنت خلال ذروة أزمة كوفيد-19 من تأكيد قدرتها على إعادة ابتكار عملياتها وتطويرها بشكل أسرع وأكثر شمولًا من التوقعات. وتملك الشركات القدرة على تكرار هذه النجاحات،

لذا من واجب الرؤساء التنفيذيين تحفيز مؤسساتهم والوصول بمهمة إعادة تصميم عملياتها إلى مستوى الإدارة التنفيذية.

إعادة تصميم عروض المنتجات والخدمات لضمان القيمة والتوافر

يُدرك الرؤساء التنفيذيون أن تصاميم المنتجات والخدمات تشكل عنصرًا أساسيًا في تحقيق الاستجابة المُثلى لتقلبات السلع ونقص المكونات وارتفاع تكاليف الإنتاج وتقديم الخدمات، بالإضافة إلى المحافظة على الوظائف الأساسية التي يتطلبها العملاء. وفيما يلي أمثلة عن المنهجيات المرنة التي تتبعها أفضل الجهات في مختلف القطاعات:

  • الإعادة السريعة لتصميم المنتجات والخدمات استجابة للواقع الجديد. قامت إحدى الشركات التكنولوجية الصناعية بإعادة توظيف أكثر من 50% من القدرات الهندسية في أحد أقسامها لإعادة تصميم المنتجات بسرعة لتتمكن من استخدام أشباه الموصلات المتوافرة في السوق. وعالجت شركات تصنيع السيارات مشكلة نقص توافر أشباه الموصلات من خلال تخفيض ميزات المنتجات بهدف المحافظة على مستويات الإنتاج والمبيعات.
  • تغيير أنماط المواصفات السائدة. توجهت إحدى شركات التصنيع نحو إعادة تصميم الكثير من المنتجات وفق مواصفات يمكن للمصنعين الدوليين الالتزام بها، بهدف مواجهة الارتفاع غير المسبوق لأسعار الأخشاب وغيرها من المواد الأولية. وتمكنت الشركة بهذه الطريقة من تقليل اعتمادها على الموردين الإقليميين ذوي التكلفة العالية، بالإضافة إلى تبسيط محفظة منتجاتها بصورة جذرية.
  • إعادة تصميم آليات تقديم الخدمات. أدت الزيادة السريعة في تكاليف النقل إلى ارتفاع قيمة الكفاءة في عمليات تحميل الشاحنات والحاويات. واعتمدت إحدى شركات التصنيع على خبراتها الهندسية لتصميم أدوات رقمية مخصصة بهدف إعادة ابتكار عمليات التغليف وشحن الطرود. وأتاحت هذه الجهود تخفيض التكاليف بشكل كبير نتيجة تراجع الطلب على عمليات الشحن.
  • الترويج للبدائل القريبة. تركز شركات السلع الاستهلاكية المغلّفة على المنتجات البديلة، والتي تكون عادةً عبارة عن منتجات مشابهة من علامات خاصة يمكن بيعها بتكلفة أقل من منتجات العلامات التجارية المعروفة. وتسهم هذه البدائل في تعزيز هوامش الربح وتزويد العملاء بقيمة أفضل.

ويمكن للشركات الهادفة إلى الحد من نقص المنتجات وتأثيرات التضخم الاستفادة من خبراتها التي تمتاز بتعدد التخصصات والوظائف بهدف تحديد الحلول البديلة وتطبيقها بسرعة لمعالجة التحديات ذات الصلة بالمنتجات والمواصفات. وفي كثير من الحالات يكون المسؤولون التنفيذيون الوحيدين القادرين على تجاوز العوائق الماثلة أمام الابتكار، وتمكين الشركة من الوصول إلى الفوائد الكامنة ضمن المخاطر عوضًا عن الاكتفاء بالحوافز التقليدية. وتتيح عملية إعادة ابتكار تصميم الشركات للرؤساء التنفيذيين فرصة تطبيق آليات سريعة على المدى القصير تهدف إلى التأقلم مع التضخم، بالإضافة إلى الاستفادة من الفرص طويلة الأمد لإرساء علاقات أقوى مع العملاء.

وتتمثّل المهمة الأصعب أمام الرؤساء التنفيذيين في إقناع المستثمرين بقبول هذه المنهجية المرنة كجزء لا يتجزأ من الواقع الجديد.

إعادة ابتكار وبناء سلاسل توريد رقمية ومتكاملة وشفافة ومرنة

قادت أنظمة التعريفات الجديدة وارتفاع أسعار الشحن والنقل خلال أزمة كوفيد-19، أي قبل بدء الغزو الروسي لأوكرانيا بوقت طويل، إلى ضرورة إعادة التفكير بالعقلية التقليدية التي تركز على تحسين النفقات كأولوية أساسية عند تخطيط سلاسل التوريد.

وبيّنت أبحاثنا والنقاشات التي أجريناها مع مئات من مدراء سلاسل التوريد خلال عام 2021 أن الغالبية العُظمى منهم واجهوا مشكلات في عمليات التصنيع والتوريد العالمية. إذ ارتفعت تكاليف الشحن بصورة ملحوظة على المستوى العالمي (الشكل 2)، واتجهت العديد من الشركات إلى زيادة مخزوناتها والبحث عن مصادر جديدة للمواد الأولية. إلا أن نسبة قليلة من هذه الشركات نجحت بمعالجة التحديات الأصعب، مثل تخفيض عدد وحدات المخزون وتنويع القاعدة التصنيعية. وأدت الاستجابة الدولية للغزو الروسي لأوكرانيا إلى فرض المزيد من القيود على سلاسل التوريد، حيث تستخدم شركات الطيران خطوطًا بديلة ذات مسافات أطول في الغالب، ويعود ذلك بسبب قرارات إغلاق المجال الجوي، فيما تعمل شركات الشحن على تعليق عملياتها بالقرب من مناطق النزاع، بالإضافة إلى توجه كثير من الشركات متعددة الجنسيات إلى تقليص نطاق عملياتها في روسيا أو إيقافها بالكامل.

2

كانت العمليات اللوجستية الخاصة بالناقلات وقضايا سلاسل التوريد المعقدة في السابق حكرًا على مدراء جداول البيانات، بينما تمثّل اليوم موضوعًا أساسيًا للرؤساء التنفيذيين واجتماعات أعضاء مجالس الإدارة. ونستعرض فيما يلي عددًا من القضايا المحورية التي يتعين على الرؤساء التنفيذيين توجيه فرق العمل لديهم لمعالجتها بأسرع وقت ممكن.

ضمان شفافية عمليات سلسلة التوريد بشكل كامل

أشارت حوالي نصف الشركات المشاركة في استبياننا فقط إلى معرفتها بموقع مورديها الرئيسيين والمخاطر الأساسية التي يواجهونها. وأفاد 2% منها فقط إلى معرفتها بالموردين من الدرجة الثالثة وما بعدها. وينطوي هذا الجانب على أهمية كبيرة نظرًا لأن غالبية حالات نقص الإمداد الأكثر إلحاحًا، مثل نقص أشباه الموصلات، تحدث في المستويات الأعمق من سلسلة التوريد، والتي يمكن معالجتها فقط من خلال فهم ديناميكيات القطاع على امتداد مختلف المستويات.

ويتوجب على الرؤساء التنفيذيين توجيه مؤسساتهم نحو جمع البيانات اللازمة بهدف إنشاء مخطط متعدد المستويات وتصنيف الموردين من حيث الأولوية بناءً على أهميتهم بالنسبة للشركة. ويساعد هذا المخطط على توضيح الجهات التي يتعين على الرئيس التنفيذي التواصل معها بشكل شخصي لترسيخ العلاقات الضرورية معها.

تحديد المخاطر المحتملة لسلسلة التوريد وكيفية إدارتها

يتوجب على الرؤساء التنفيذيين تحديد مجموعة واسعة من المخاطر التي تواجه الشركات، بالاعتماد على احتياجاتها والقطاعات التي تنشط فيها، بما يشمل مجالات التمويل والأنظمة والسمعة وأمن البيانات. وتنطوي إدارة المخاطر التشغيلية على أهمية كبيرة، وتشمل دراسة مكامن الضعف الناتجة عن تركّز الموردين في منطقة واحدة، ومدى شفافية العمليات والأنشطة، بالإضافة إلى العمليات، والإجراءات، والقوى العاملة، والتصنيع والتسليم. وهنا يجب الإجابة عن الأسئلة التالية: هل يملك الرؤساء التنفيذيون رؤية شفافة حول جوانب سلسلة القيمة المعرضة للاضطرابات الداخلية والخارجية؟ وهل يملكون الثقة بوجود الضوابط اللازمة وبتوافر الخيارات للحد من تأثيرات هذه المخاطر؟

التركيز على التخطيط السلس والمتكامل

يشتمل التخطيط المتكامل على العديد من العناصر. فمن ناحية العرض والطلب، يتوجب على الشركات التخطيط لمعالجة أزمنة العمليات الأطول ومواعيد التسليم المبكرة، بالإضافة إلى استيعاب التأثيرات المالية لارتفاع تكاليف النقل والطاقة والمواد الخام على رأس المال العامل. ومن الضروري أيضًا مراجعة نقاط إعادة الطلب وكميات المواد الرئيسية المتوافرة في المخزون، فضلًا عن إعادة تحديد أولويات برامج التصنيع في حالات نقص المواد المتوقعة.

ويُدرك الرؤساء التنفيذيون أن هذه المهام تتطلب استثمارات تقود إلى تحقيق عائدات، بالتالي هل سيتعين على العملاء دفع مبالغ أكبر لضمان توافر المنتجات؟ وهل سيقبل الموردون بتحمل قسم من هذه التكاليف بهدف تقليل مخاطر اضطرابات الطلب على منتجاتهم، والعمل على زيادة إنتاجيتهم بهدف موازنة هذه التكاليف؟ تتمثّل المهمة الأصعب أمام الرؤساء التنفيذيين في إقناع المستثمرين بقبول هذه المنهجية المرنة كجزء لا يتجزأ من الواقع الجديد، وتغيير نظرتهم وتوقعاتهم حول الإيرادات المعدَّلة حسب المخاطر. ومن المتوقع هنا أن تلعب جهود الرقمنة دورًا هامًا في الإجابة على هذه التساؤلات، وعادة ما تكون هذه الجهود قادرة على توفير أرباح تغطي تكاليفها خلال 12 شهرًا.

ويمكن للرؤساء التنفيذيين الذين يدعمون مؤسسات المشتريات التابعة لهم الوصول إلى معايير جديدة من حيث إسهام هذه الشركات في توفير القيمة.

إعادة ابتكار عمليات الشراء لتركز على توفير القيمة عوضًا عن الاكتفاء بتخفيض التكاليف

شهد العامان الماضيان نقصًا في توافر الإمدادات الضرورية أو عدم القدرة على الحصول عليها بأي ثمن خلال الأطر الزمنية اللازمة. وتسجّل أسعار الغالبية العظمى من الإمدادات ارتفاعًا متسقًا حول العالم، إلى جانب اضطرابات سوق العمل التي أثرت على مختلف الشركات والقطاعات. وأوضح مدراء المشتريات لماكنزي أن ظروف السوق الحالية هي الأصعب خلال 20 أو 30 عامًا الماضية على الأقل. وأدت الظروف الجديدة والمتغيرة إلى حدوث تحول جذري في ممارسات المشتريات وقدرات الإدارة التي تم اعتمادها منذ عقود طويلة لتواكب واقع العولمة وعمليات التسليم في الوقت المحدد.

ويدرك الرؤساء التنفيذيون الآن إمكانية الاعتماد على مدراء المشتريات كشركاء استراتيجيين، وذلك من خلال توسيع مسؤولياتهم للتركيز على تكلفة السلع المباعة، ليشمل توفير القيمة والمساهمة في نجاح الشركات. واستجابةً لهذه الاحتياجات، طبّق مدراء المشتريات خلال أسابيع العديد من الخطوات التي كان يستغرق إنجازها شهورًا وسنوات في السابق. وإليكم بعض الأمثلة عن مثل هذه الخطوات:

  • تعزيز التركيز على تكامل الجهود بين مختلف الأقسام استجابةً لقلة توافر القوى العاملة المتعاقدة وارتفاع أسعار الموردين، تعاون فريق سلسلة التوريد لدى إحدى شركات الكهرباء مع فريق المشتريات بهدف إعادة تصميم سير العمل لعمليات الهندسة والبناء بشكل كامل. وأسهم هذا التغيير في زيادة مستويات الحوكمة، وتعزيز مستويات الطلب، وتبسيط المتطلبات، وتغيير كيفية التكليف بالعمل، واعتماد عمليات جديدة لإدارة المتعاقدين، والتي أدت بالمجمل إلى تخفيف الضغط التضخمي.
  • تصميم العقود لتتناسب مع الواقع القائم. عملت إحدى شركات التصنيع استجابةً للارتفاع الشامل في تكاليف الموردين على توثيق جميع حالات ارتفاع الأسعار بالتفصيل لفهم العوامل المؤدية إلى زيادة التكاليف بالنسبة لجميع المنتجات أو الخدمات، وذلك بغرض تحسين نماذج التكاليف الداخلية وتوفير عقود أفضل ترتبط مباشرة بالسلع وتكاليف المدخلات المطلوبة.
  • إعادة تصميم الخدمات اللوجستية والتوزع الجغرافي للموارد. عملت إحدى شركات تصنيع المنتجات الإلكترونية على زيادة الإنتاج في الولايات المتحدة والمكسيك بعد أن واجهت تحديات في عمليات توصيل المنتجات من قارة آسيا. وتوجهت شركة أخرى إلى شراء أسطولها الخاص من الطائرات بهدف توصيل المنتجات من قارة آسيا إلى أسواق المستخدمين النهائيين.
  • تحقيق التكامل الرأسي بين القطاعات. تسعى عدد من شركات التجزئة إلى إنجاز عمليات الاستحواذ بهدف التحكم بسلاسل القيمة الخاصة بالمنتجات الرئيسية، فيما تعمل شركات تصنيع السيارات على التعاقد مباشرة مع شركات التصنيع والاختبار بهدف المحافظة على سعتها الإنتاجية. وتستكشف شركات المرافق وإنتاج الطاقة إمكانيات الاستثمار الهادفة إلى توطين إنتاج مكونات التصنيع الرئيسية الخاصة بمجال الطاقة المتجددة.
  • الاستثمار في التكنولوجيا وأتمتة العمليات. كما هو الحال بالنسبة لشركات المحاماة، قامت إحدى شركات التعدين بتحويل عملية الدفع لمتعاقدي الخدمات الفنية إلى نظام الدفع عن كل 15 دقيقة، وزودتهم بالتكنولوجيا اللازمة لتتبع وقت العمل الخاص بهم. ونجحت الشركة من خلال تقليل عدد الساعات في تحقيق وفورات بنسبة تراوحت بين 5 و8% في تكاليف المتعاقدين.

ويجب على الرؤساء التنفيذيين تمكين مدراء المشتريات، الذين يتمتعون بمكانة مثالية تتيح لهم تقديم صورة أفضل حول الشركة بالاستفادة من التحليلات المتعمقة التي يملكونها عن سوق العرض. ويمكن أن يؤدي هؤلاء المدراء دورًا أكبر في تنسيق مجالات العمليات والتمويل والمجال التجاري وغيرها من الوظائف، والمساعدة على تحسين كفاءة الشركة ومرونتها.

وهنا يمكن للرؤساء التنفيذيين تأدية دور قيادي في إيصال ومشاركة التقييمات التي ترد إلى الشركة في هذا السياق.

التأقلم مع واقع الوظائف الجديد

تجسد أجور الموظفين واستحقاقاتهم واحدة من أكبر التكاليف التي تواجهها الشركات. وتفرض زيادة الأجور ضغطًا على الشركات يدفعها للمحافظة على هوامش الأرباح من خلال زيادة الأسعار، كما تُعتبر الأجور والاستحقاقات إحدى أهم العوامل التي تساعد الشركات على جذب الموظفين والمحافظة عليهم ومساعدتهم على إعالة أنفسهم وعائلاتهم في ظل ارتفاع معدلات التضخم. وبالتالي يجب أن تمثّل زيادة الأجور والاستحقاقات إحدى أهم أولويات الرؤساء التنفيذيين.

وارتفعت أجور القطاع الخاص في الولايات المتحدة بمعدل سنوي بلغ 6.6% منذ ديسمبر 2019، وهو معدل يساوي أكثر من ضعفي زيادة الأجور المُسجلة خلال العامين السابقين لأزمة كوفيد-19. ووصلت زيادة الأجور إلى نسبة 6.4% خلال الفترة ذاتها في المملكة المتحدة، وقادت سياسة الإجازات وغيرها من سياسات سوق العمل المتبعة خلال الجائحة الصحية إلى اضطرابات أقل وأتاحت السيطرة على مستويات تضخم الأجور في منطقة اليورو حتى الآن. وأدى اختلاف سياسات وظروف سوق العمل إلى تفاوت واسع في نمو الأجور بين مختلف أنحاء العالم (الشكل 3).

3

وتقود حالات مغادرة العمال وتنقلهم في أسواق العمل الضيقة إلى ضغوطات من حيث الأجور والتضخم نتيجة تنافس الشركات على الموظفين.2 ويعتبر فهم العوامل التي تدفع الموظفين لترك وظائفهم الخطوة الأولى بالنسبة للرؤساء التنفيذيين الهادفين للتأقلم مع واقع التوظيف الجديد. وأشار الموظفون المشاركون في استبيان ماكنزي في سبعة دول مختلفة إلى حدوث انخفاض كبير في التكلفة المترتبة على قرار تبديل الوظيفة، ووجود تقبل أكبر لحالات الانقطاع عن العمل. وسلط الموظفون الذين بادروا لترك وظائفهم دون أن يكون لديهم وظيفة بديلة الضوء على مجموعة من العوامل التي دفعتهم لهذا القرار، تشمل استهتار القادة وتوقعات غير قابلة للتحقيق في مستوى الأداء والافتقار لآفاق التطور الوظيفي. ويعتقد الموظفون في ضوء ظروف السوق الحالية أنهم قادرون على إيجاد عمل في أي وقت يريدون.

ويتوجب على الرؤساء التنفيذيين توجيه شركاتهم لاتخاذ منهجية جديدة لاستقطاب الموظفين تقوم على إعادة بناء العلاقات والمحافظة على الموظفين الحاليين، وتركّز على المبادئ الرئيسية التالية:

إعادة التفكير بالأجور والاستحقاقات لا تكفي

لم تعد الأجور والاستحقاقات المتوافرة في السوق عامل التركيز الرئيسي بالنسبة للموظفين. وبالتالي لا يمكن للشركات الراغبة باستقطاب الموظفين والمحافظة عليهم الاكتفاء بصرف رواتب كبيرة لحل هذه المشكلة. لذا من واجب قادة الشركات إيلاء اهتمام مستمر بالرواتب وجوانب ثقافة العمل على حد سواء.

ولا توجد طريقة واحدة صحيحة لإعادة التفكير بالرواتب، وقد تنطوي الخطوة على بعض التجارب والتعلّم من الأخطاء. وتوازيًا مع وصول شفافية الأجور إلى مستويات غير مسبوقة، يمكن أن تواجه الشركات خطر ازدياد حالات مغادرة الموظفين في حال اتخاذ قرارات خاطئة بشأن الرواتب. وهنا يتعين على الرؤساء التنفيذيين التفكير بقدرة الشركة على تزويد الموظفين بالهدف وتعزيز انتمائهم للشركة بصورة تجعلها خيارًا جذابًا للموظفين الجُدد والحاليين. ويمكن أن يلعب تقديم إعانات مالية لخدمات معينة، مثل الدعم الخاص بحضانات الأطفال سواء في نظام العمل من المكتب أو نظام العمل الهجين، دورًا في مساعدة الموظفين على معالجة التحديات التي تواجههم للموازنة بين حياتهم الشخصية والمهنية.

اعتماد نموذج عمل يدعم المحافظة على الموظفين

كيف يمكن للرؤساء التنفيذيين مساعدة فرقهم الإدارية على التركيز على توقع التحديات التي تواجه الموظفين ومعالجتها من خلال تعزيز ثقافة الشمولية، والسلامة النفسية، والانتماء لمجتمع الشركة؟ لا شك أن مقابلات نهاية الخدمة تعد عاملًا مهمًا، ولكن من الممكن أيضًا إجراء مقابلات تقييم ظروف العمل، والتي تسهم في الاطلاع على أحوال الموظفين واحتياجاتهم وطموحاتهم الخاصة بوظائفهم.

كما يمكن تشجيع المدراء في الخطوط الأمامية على تجربة الابتكارات المتوفرة في مجالات إعداد جداول العمل وتوزيع الموظفين والتوظيف. وحاولت بعض الشركات توفير مزايا بهذا الإطار شملت علاوات "جودة الحياة" الممنوحة للموظفين أو تقديم أيام عطلات إضافية لأغراض التطور المهني أو حتى استراحات الصحة النفسية. في حين وفرت إحدى شركات مُدن الملاهي والترفيه عرض سداد 100% من رسوم التعليم للموظفين الساعيين للحصول على التعليم العالي.

استكشاف شرائح الموظفين غير التقليدية وغير النشطة

تضم سوق العمل في الولايات المتحدة حاليًا أكثر من 80 مليون شخص (من الموظفين أو الباحثين عن العمل) لا يملكون شهادة جامعية، ولكنهم قادرون على تعلم المهارات التي تحتاجها جهات التوظيف لإنجاز المهام الموكلة إليهم، بما يشمل الطلاب والمتعاقدين أو أصحاب الأعمال المؤقتة أو العاملين بدوام جزئي، والعاملين الذين يديرون شركات ناشئة بأنفسهم، والأشخاص الذين لا يبحثون عن عمل تقليدي لدى شركات تقليدية بل يرغبون بوظائف تلبي شروطهم الخاصة. لذا فإننا حاليًا أمام فرصة مثالية لاستعادة الأعداد غير المسبوقة من السيدات اللواتي غادرن القوى العاملة خلال فترة الجائحة الصحية. ويتوجب على الشركات تخفيف الحواجز التي تعيق دخولهن إلى سوق العمل، وإعادة التفكير بمتطلبات الوظائف، وتغيير عملية البحث عن الموظفين.

ويمكن للرؤساء التنفيذيين تسليط الضوء على أهمية هذه الإمكانات الجديدة من خلال لعب دور رائد في مشاركة التقييمات التي تصل إلى الشركة، وتوضيح أهداف التغيير وطموحاته بصورة شفافة، فضلًا عن المشاركة الفعالة مع الموظفين في أنشطة التوظيف والمحافظة على الموظفين.

من ناحية أخرى، تفرض سياسات التسعير الجديدة تحديًا على قدرة الرئيس التنفيذي على ضمان تكامل مختلف عمليات الشركة.

تحديد الأسعار لتعزيز العلاقات مع العملاء

يمثّل التسعير جانبًا أساسيًا لا بد من معالجته في ضوء الظروف المتنامية للتضخم. ويفرض ارتفاع التكاليف ضرورة إعادة التسعير للمحافظة على هوامش الربح، وهو واقع غير مرغوب بالنسبة للشركات وأسوأ بالنسبة للمستهلكين. ولكن يملك الرؤساء التنفيذيون بهذه الحالة فرصة إعادة صياغة علاقات العملاء بصورة استراتيجية من خلال النظر إلى إعادة التسعير كفرصة لإنشاء علاقات أعمق مع العملاء. ويمكن للرئيس التنفيذي توجيه هذه النقاشات نحو العمل على تجاوز التحديات المشتركة، فضلًا عن مساعدة المدراء على تحقيق أهداف السيطرة على التضخم الخاصة بهم وبأقرانهم.

وعلى الرؤساء التنفيذيين طرح مجموعة من الأسئلة لاستكشاف فرص إعادة التسعير الاستراتيجية:

كيف يمكن تعديل الحسومات والعروض الترويجية وتعزيز عوامل الجذب غير المرتبطة بالأسعار؟ تحظى الشركات التي تحرص باستمرار على معالجة ربحية العملاء والمنتجات بالقدرة على التعامل مع دورات التضخم بشكل أفضل من نظيراتها التي تركّز بشكل حصري على تغيرات التكاليف. فعلى سبيل المثال، عملت إحدى شركات التصنيع، التي واجهت زيادة حادة في الطلب على المنتجات عالية التكلفة وقليلة الحجم، على إطالة فترة إنجاز العمليات الخاصة بها، وبخاصة بالنسبة للمنتجات المخصصة ذات هوامش الربح الأقل. ودرّبت الشركة فرق المبيعات لديها لإيضاح مستويات الخدمة الجديدة وتشجيع العملاء على اختيار البدائل القياسية. وقادت هذه الجهود إلى تعزيز إجمالي إنتاجية الشركة والمحافظة على هوامش أرباحها دون الاضطرار لزيادة الأسعار.

هل تساعد التحليلات على تقديم عروض مخصصة بشكل أكثر فعالية؟ تعتمد الشركات الرائدة عادةً على التحليلات كأساس لتوصيات زيادة أسعار منتجاتها. وتعمل هذه الشركات على دراسة ربحية العميل الشاملة، واستعداد العملاء للدفع بالمقارنة مع أقرانهم، بالإضافة إلى هامش الأداء (على مستوى المنتجات والخدمات) المتوقع من تغيرات الأسعار. وتعتمد شركات التجزئة أدوات التخصيص منذ زمن بعيد عند تصميم العروض الترويجية، وتستخدم الشركات في قطاع الأعمال المتبادلة بين الشركات أدوات تصنيف عملية تتيح لها تحقيق نفس الهدف.

هل يمكن تسليط الضوء على القيمة التي توفرها الشركة بفعالية أكبر؟ نادرًا ما يكون رفع الأسعار خطوة كافية بمفردها استجابةً للتضخم، بل تنطوي على تداعيات عديدة غير متوقعة أو غير مقصودة. وعادة ما تعتمد الشركات التي تنجح بإدارة رفع الأسعار مجلسًا متعدد التخصصات من صناع القرار الذين يستجيبون بسرعة للتقييمات الواردة من العملاء والأسواق.

من ناحية أخرى، تفرض ظروف ارتفاع التضخم تحديًا على قدرة الرئيس التنفيذي على اغتنام مثل هذه الفرصة لتحديد علاقات أسعار جديدة من العملاء، وعلى دوره في ضمان تكامل مختلف عمليات الشركة. ويُنصح بهذا السياق بإعطاء أولوية متقدمة لمعالجة التضخم، وتقديم أنشطة تواصل وأمثلة دورية، وبخاصة مع قيادة أقسام المبيعات وفرق المبيعات الميدانية. ومن الضروري أيضًا متابعة الهوامش وتقلبات الأسعار على المدى القصير، فضلًا عن تعزيز العلاقات مع العملاء وإيضاح القيمة التي توفرها الشركة بصورة أكثر فعالية.

ويتطلب اعتماد منهجية تركّز بشكل أفضل على الخطوات الاستراتيجية عوضًا عن الاستجابة الطارئة خطواتٍ تندرج حصرًا ضمن مسؤوليات الرؤساء التنفيذيين.

تأسيس مكتب مختص ببرامج إدارة التضخم

تتطلب إدارة التضخم على امتداد منظومة العمليات الواسعة اعتماد استجابة مرنة ومنضبطة ومتعددة الوظائف. وأسس العديد من المدراء التنفيذيين خلال أزمة كوفيد-19 مراكز لإدارة الاستجابة، وهي عبارة عن هيكليات مرنة تشمل صلاحياتها مختلف أقسام الشركة، وتتولى تنسيق الاستجابة للجائحة الصحية وتجاوز تبعاتها، بالإضافة إلى اختبار منهجيات التعافي. وعلى نفس هذا النهج أطلقت العديد من الشركات مراكز لإدارة التضخم تهدف إلى إدارة الجانب السلبي المحتمل الناتج عن الضغوطات التضخمية، وذلك من خلال إزالة الحواجز وتعزيز الشفافية بين وظائف الشركات المختلفة، إلى جانب التركيز على المهارات القيادية والقدرات المؤسسية الرئيسية اللازمة لاستباق الأحداث عوضًا عن الاستجابة لها بعد وقوعها.

ويمكن أن يقود انعدام التنسيق بين الأقسام إلى عواقب مكلفة على الشركات. وكانت الشركات التي اعتمدت على إجراء اجتماعات شهرية مع فرق سلسلة التوريد والعمليات والمشتريات بحاجة إلى أكثر من 30 يومًا لتحديد خطة العمل اللازمة لمواجهة التضخم، وبحاجة أيضًا إلى 30 يومًا إضافيًا لتنفيذها، وهي فترة شهدت ارتفاع أسعار المواد الخام بنسبة قاربت 50%. ولا توفر المراجعات الشهرية أو ورش العمل التي تقام للموردين على أساس فصلي حلولًا كافية للتعامل مع التغيرات السريعة في الأسعار والمفاوضات مع الموردين والعملاء، ولإجراء التعديلات الداخلية التي تفرضها هذه الضغوط.

ونعتقد أنه على الرؤساء التنفيذيين إدارة برامج التضخم من خلال مكتب يعتمد منهجية استباقية أفضل وتتسم في كونها أكثر رسوخًا، والذي يمكن أن يعود بفوائد إيجابية على مختلف أقسام الشركة عن طريق تعزيز سرعة وجودة عمليات اتخاذ القرارات، إلى جانب زيادة تركيزها على الإجراءات الاستراتيجية عوضًا عن الاستجابة الطارئة. ويقتضي تحقيق هذا الهدف مجموعة من الخطوات التي يتوجب على الرؤساء التنفيذيين حصرًا اتخاذها:

  • تحديد مهام وأهداف واضحة لمكتب إدارة التضخم ومشاركتها مع جميع أقسام الشركة.
  • تمكين الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية أو غيرهم من المدراء المباشرين بهدف تنسيق هذه الأنشطة وتنفيذ المهام التي يحددها الرئيس التنفيذي.
  • اختيار فريق من رواد مختلف الأقسام (مثل الموارد البشرية، والشؤون التجارية، وسلسلة التوريد والعمليات، والهندسة، والقسم المالي) من ذوي العقلية العملية الجريئة، وليس بالضرورة أن يكونوا رؤساء تلك الأقسام.
  • ترسيخ ضرورة اتخاذ القرارات لمواجهة حالات عدم اليقين، والتأكيد على أن الأخطاء جزء لا يتجزأ من هذه العملية.
  • التركيز على اعتماد منهجية منتظمة وقائمة على الأدلة لضمان الشفافية في تتبع إجراءات التنفيذ، وتحديد الخسائر والمكاسب، فضلًا عن تصحيح المسار والتعلم من الأخطاء.

ويتيح اعتماد منهجية مرنة ومدروسة بعناية لاتخاذ القرارات إمكانية مواكبة التغيرات السريعة عن طريق تطوير الاستجابة للمشكلات وتحديد الأهداف الواجب الوصول إليها. وتملك الكثير من الشركات القسم الأكبر من الموارد اللازمة لتأسيس مثل هذا المركز، والتي يمكن تنظيمها لإطلاق قسم مرن خلال أسابيع قليلة فقط عوضًا عن أشهر وسنوات. وتمنح مكاتب إدارة برامج التضخم الرؤساء التنفيذيين إمكانية عدم الخوض في التفاصيل اليومية لجهود إدارة التضخم، والتركيز عوضًا عن ذلك على القضايا التي تقع في نطاق مسؤولياتهم الحصرية، انطلاقًا من إجراء النقاشات مع أعضاء الإدارة العليا وأصحاب المصلحة، ووصولًا إلى تغيير استراتيجياتهم لتحقيق الاستفادة القصوى من البيئة القائمة.


أخيرًا، يؤثر ارتفاع التضخم على جميع الأطراف. حيث ينعكس على المستهلكين في سلسلة التوريد على هيئة ارتفاع في الأسعار، ويتأثر به الموردون حين يقرر عملاؤهم تخفيف مخاطر الإنتاج عن طريق البحث عن منتجات بديلة، ويفرض على الجهات المعنية دفع تكاليف أعلى بهدف المنافسة والمحافظة على سير الأعمال. لذا يتيح اعتماد الدليل الصحيح للرؤساء التنفيذيين إدارة تداعيات ظروف التضخم المرتفع الحالية بنجاح، والوصول إلى مستويات جديدة من المرونة المؤسسية القادرة عن التأقلم مع مختلف توجهات الأسعار.

Explore a career with us