الربع سنوية لماكنزي

آفاق جديدة لقادة قطاع تجارة التجزئة تعزز النمو المستدام

| مقالة

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر. نرحب بتعليقاتكم على البريد الإلكتروني التالي reader_input@mckinsey.com

أصبح التغيير هو الثابت الوحيد في قاموس قطاع التجزئة، الذي شهد تحولات جذرية في الخمس سنوات الماضية، تفوق التغيرات التي حدثت خلال الخمس وعشرين سنة الماضية. وقد يرجع هذا التحول غير المسبوق إلى تغير نمط سلوك كافة الأطراف المعنية بقطاع التجزئة في نفس التوقيت، بما في ذلك العملاء والموردين والموظفين والمستثمرين، حيث تغيرت توقعاتهم واتجاهاتهم بشكل ملحوظ.

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

في ظل التطور التكنولوجي، تغيرت أنماط تسوق المستهلكين حيث أصبحوا أقل ولاءًا للعلامات التجارية المفضلة لديهم، وأكثر تطلعاً إلى مزيج من العوامل الأخرى الهامة مثل السرعة والاستدامة. ومن جهة أخرى، أصبحت منظومة قطاع التجزئة أكثر تشابكاً، حيث تحول الموردون في كثير من الأحيان إلى عملاء للشركات التجارية. ولا يقتصر التغيير على المستهلكين والموردين فحسب، بل طال الموظفين أيضاً، حيث يسعون للحصول على بيئة عمل مرنة، والتي يصعب توفرها عادة في الوظائف المتعلقة بتجارة التجزئة. وعلى الرغم من هذه الاضطرابات، فمازال المساهمين والمستثمرين يتطلعون إلى تحقيق النمو المستدام وزيادة الهوامش الربحية. فإن وتيرة وحجم التغييرات المتلاحقة أصبحت محيرة بالنسبة للجميع، حتى القادة الأكثر خبرة في قطاع تجارة التجزئة.

ولمواجهة التحديات المتشابكة والتغيرات المتلاحقة في قطاع التجزئة، ينبغي إعادة النظر في المعتقدات والممارسات الراسخة أو ما يمكن أن نطلق عليه إعادة ضبط الاستراتيجيات الخاصة بقطاع التجزئة. وفي هذا السياق، نستعرض في هذه المقالة الاتجاهات الرئيسية التي قد تعصف بالصناعة. كما نسلط الضوء على عدة محاور يتعين على قادة قطاع البيع بالتجزئة التركيز عليها لمواكبة التطورات، نظراً للأهمية القصوى لهذه المرحلة الفارقة، حيث أن الإجراءات التي يتخذها بائع التجزئة في السنوات القليلة المقبلة، ستلعب دوراً محورياً في ترسيخ مكانته خلال العشرين سنة القادمة.

لماذا نحتاج إلى استراتيجية جديدة؟

دفعت جائحة كوفيد-19 تجار التجزئة إلى التحول بوتيرة سريعة لمواكبة تغييرات المشهد في أعقاب الجائحة، مما يؤكد قدرتهم على التحرك السريع وتغيير استراتيجيتهم إذا ما تطلب الأمر. ولكن مع غياب الحاجة الملحة للتغير، التي تفرضها تداعيات الجائحات وعمليات الإغلاق العالمية، تظل الشركات الأكثر تميزاً وطموحاً فقط هي التي تسعى دائمًا نحو التطور ومواكبة مختلف المستجدات مما يؤكد التزامها نحو اتخاذ خطوات جريئة بصفة مستدامة وبسرعة، على العكس الشركات الأخرى التي لم تلحق بركب التطور ولم تتكيف مع التحولات السريعة، فلن تستطع تحقيق القيمة المنشودة.

ويعتبر التاريخ خير شاهد على صحة هذه النظرية، حيث تشير الإحصائيات إلى أن واحدًا من كل خمسة تجار تجزئة تراجعت أرباحهم بشكل ملحوظ، حيث سجلوا هوامش أرباح سلبية منذ عام 2015.1 وعلى الرغم من زيادة إجمالي المبيعات والأرباح على مستوى قطاع التجزئة بشكل عام، إلا أن الفجوة بين أرباح بعض التجار وخسائر البعض الآخر، تتسع بشكل ملحوظ. فيستحوذ الآن أفضل 10% من شركات التجزئة المتداولة في البورصة على حوالي 70% من أرباح القطاع، مما يعكس سيطرة الشركات الأكثر نموًا على قطاع التجزئة.

Retail reset: A new playbook for retail leaders

إن الوصول إلى مكانة متميزة وتحقيق النجاح في قطاع التجزئة ليس بالأمر السهل، ولكن التحدي الأصعب يكمُن في الحفاظ على النمو المستدام وترسيخ هذه المكانة المتقدمة. فتحقيق النجاح في هذا القطاع يتطلب جهدًا كبيرًا، وخاصة في ظل تغير قواعد اللعبة بشكل جذري، كما يحدث حاليًا. لذا، دعونا نلقي نظرة فاحصة على كيفية تغلب بعض التجار والأطراف المعنية بقطاع التجزئة على التحديات التي فرضتها التغيرات الاستثنائية التي شهدها هذا القطاع مؤخرًا، وذلك من خلال التحرر من الأنماط التقليدية وتبني استراتيجيات جديدة لتلحق بركب التقدم.

ظهور أنماط جديدة من المستهلكين

طالت التغيرات المتسارعة كافة الجوانب المتعلقة بسلوك وتوقعات المستهلكين، حيث أصبحوا يتسوقون بسلاسة أكبر عبر قنوات التسوق المتنوعة، ولم يعد لديهم ولاء لأي من العلامات التجارية. كما ارتفع سقف توقعاتهم بشأن سرعة الشحن وتوفر معايير الاستدامة في المنتجات. كل تلك التغيرات ساهمت في تشكيل ما يمكن أن نطلق عليه "المستهلك المرن" وهو نمط جديد من المستهلكين الذين لا يتقيدون بالمعايير التقليدية المتعلقة بالتسوق، بل يتطلعون إلى الاستفادة القصوى من التغيرات المتسارعة في عالمنا اليوم.

لا حدود: كانت أنماط التسوق التقليدية عبر تفقد المتاجر هي الوسيلة الأساسية التي يتبناها المتسوقون للاطلاع على المنتجات الجديدة. لكن الآن، أصبحت رحلة الشراء أكثر تعقيدًا وتنوعًا. فتشير الإحصائيات أن نصف المستهلكين وقرابة 70% من جيل الألفية وجيل زيد يعتمدون على وسائل التواصل الاجتماعي وصفحات المشاهير والمقالات أو المدونات لاتخاذ القرارات المتعلقة بالشراء، حيث يتأثرون بهذه المنصات ويعتبرونها مصدرًا رئيسيًا للإلهام.2 كما بات المستهلكون يتسوقون بسلاسة عبر قنوات التسوق المتنوعة. وطالت التغيرات التي طرأت على سلوك المستهلكين كافة أنواع التسوق حتى المتعلقة بمنتجات البقالة، التي لم تعد تعتمد على الذهاب للمتجر، بل أصبحت تتم عبر قنوات التسوق الإلكترونية المتنوعة، مما يوفر تجربة تسوق غير محدودة للمستهلكين. وتشير الدراسات أن ما يقرب من 40% من المستهلكين الأمريكيين يقومون بشراء بعض من منتجات البقالة عبر قنوات التسوق لإلكترونية.3

اختفاء الشريحة المتوسطة: أصبح المستهلكون مؤخرًا يبتعدون عن شراء المنتجات ذات الأسعار المتوسطة، ويتجهون إلى التصرف بطرق متباينة، فإما يتبعون نمط الإسراف الزائد والتفاخر أو الحرص المبالغ في الشراء والتقشف. فقد تراجع حجم إنفاق المستهلك على السلع والخدمات متوسطة السعر بنسبة 10 في المئة تقريبًا في السنوات الخمس الماضية.4 ووفقاً للاستطلاعات التي أجريت مؤخرًا في أبريل 2023، فإن ما يقرب من 80 في المئة من المستهلكين في الولايات المتحدة الأمريكية يتجهون إلى شراء الخيارات الأقل سعرًا.5 وعلى الصعيد الآخر، يتجه ما يقرب من 40 في المئة من المستهلكين في أوروبا والولايات المتحدة لنمط الإسراف المبالغ، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالإنفاق من أجل الحصول على تجارب متميزة، مثل تناول الطعام في المطاعم والسفر وشراء الملابس.

غياب الولاء: تشير الدراسات إلى أن حوالي نصف المستهلكين قد أعربوا عن توجهاتهم لتغيير العلامات التجارية التي كانوا يفضلونها في عام 2022، وهو ما يمثل زيادة ملحوظة مقارنة بالثلث فقط الذين أفادوا أنهم باتوا أكثر ميلاً لتجربة علامات تجارية مختلفة في عام 2020. وعلاوة على ذلك، فقد أكد حوالي 90 في المئة من المستهلكين على عزمهم للقيام بذلك بشكل دائم. وتدق تلك المؤشرات ناقوس الخطر لقادة قطاع التجزئة، حيث أن عدم قدرتهم على توفير منتجات متميزة للمستهلكين وبشكل مستدام، قد يؤدي إلى تحول العلامات التجارية إلى مجرد حلقة وصل وأدوات للتوزيع، مما يدفعهم للتحول لعلامات تجارية أخرى، خاصة في ظل تلاشي ولاء العملاء.

انعدام الصبر: في عصر السرعة، بات المستهلكون أقل استعدادًا للانتظار. فقد أصبح الشحن المجاني، الذي كان يقدمه عدد قليل من تجار التجزئة، مجرد وسيلة تقليدية تفي بالحد الأدنى للتوقعات. وقد ساهمت استراتيجية أمازون الرامية إلى تعزير كفاءة وسرعة الشحن والتسليم، من خلال خدمة "الشراء عبر الإنترنت والاستلام من المتجر" إلى زيادة توقعات المستهلكين. وفي الوقت الراهن، أعرب عدد كبير من العملاء بأن الشحن في خلال ثلاثة أيام هي أقصى مدة ممكنة يمكن تحملها قبل البحث عن منصات أخري لتجارة التجزئة، مما يعكس الأهمية القصوى لسرعة الشحن والتسليم لدى العملاء مؤخرًا.

الاستدامة كعامل محفز للشراء: لم يعد يكتفي المستهلكون في الآونة الأخيرة بالتعبير عن اهتمامهم بالمعايير المتعلقة بالاستدامة والمسؤولية الاجتماعية فحسب؛ بل عكس نمط إنفاقهم أيضًا هذا الاهتمام الشديد. فكشفت دراسة بحثية مشتركة بين ماكنزي و"نيلسن آي كيو" أن المنتجات التي تدعم معايير الاستدامة وتعلن عن ذلك سجلت متوسط نمو تراكمي بلغ 28% على مدى السنوات الخمس الأخيرة، مقابل 20% فقط للمنتجات التي لا تعلن عن ذلك التوجه.6

تطور منظومة تجارة التجزئة: علاقة استراتيجية جديدة بين الموردين والتجار

في الماضي، كانت تجارة التجزئة تتمحور حول شراء المنتجات من شبكات الموردين وإعادة بيعها لتحقيق الربح. ولكن في ظل التطور التكنولوجي، تحولت طبيعة العلاقات بين تجار التجزئة والموردين بشكل ملحوظ، حيث لم تعد تقتصر على شراء المنتجات فحسب، بل أصبح الموردون أنفسهم يحرصون على شراء أدوات ومنتجات مختلفة من تجار التجزئة، مثل البيانات القيمة والرؤى الفاحصة اللازمة لفهم سلوك العملاء وتفضيلاتهم، هذا بالإضافة إلى عنصر إمكانية الوصول، مما يعكس التحول في طبيعة العلاقة بين الطرفين لتصبح أقرب للشراكة الاستراتيجية.

تشهد ديناميكيات العلاقة بين تجار التجزئة والموردين تغيرًا ملحوظًا، وذلك نتيجة لاستراتيجيات التوسع التي يتبناها تجار التجزئة للاستفادة من فرص جديدة خارج نطاق البيع بالتجزئة متعدد القنوات. وتشمل تلك الأدوات والفرص الجديدة المنصات الإلكترونية المملوكة لأطراف ثالثة وشبكات الوسائط الإعلانية التجارية.7 بالإضافة إلى هذه الفرص، بدأ التجار يتوجهون نحو الاستفادة من بيانات العملاء والأصول التكنولوجية الجديدة وبعض الخدمات المساعدة الأخرى. ووفقًا لأحدث التقديرات، تشكل هذه الفرص التي تعتبر "خارج نطاق التجارة الإلكترونية التقليدية" أقل من 10٪ من أرباح التجار في الوقت الحالي، ولكن من المتوقع أن تشهد نموًا كبيرًا لتصل إلى 40٪ بحلول عام 2027.

تزايد عدد تجار التجزئة الذين يطلقون منصات "الأطراف الثالثة" في السنوات الخمس الماضية، حيث تخطى عددهم 20 من كبار تجار التجزئة. ويعد هذا النهج وسيلة منخفضة المخاطر لتجربة سلع أو فئات أو منتجات جديدة قبل دمجها في أسلوب البيع المباشر، أو استخدامها كمنهج بديل للبيع المباشر برمته. وتحظى أيضاً شبكات الوسائط الإعلانية التجارية بشعبية متزايدة، حيث إنها تعزز القدرة على تحقيق إيرادات إضافية بسرعة كبيرة(بنسبة تشغيلية تزيد عن 50 في المائة)، كما توفر رؤى قيمة متعلقة بالمستهلكين الجُدد. وتفتح هذه الشركات الناشئة آفاقاً واعدة لتجار التجزئة، ولكنها أيضًا تحمل تغيرات جديدة بشأن كيفية إدارة شراكات الموردين بنجاح.

تغير طبيعة العمل والموظفين

تكشف الإحصائيات أن فرص العمل المتاحة تفوق معدلات الطلب عليها من قبل القوى العاملة المتوفرة في جميع أنحاء العالم. ففي الولايات المتحدة، تسجل فرص العمل المتاحة ما يقرب من ضعف عدد العاطلين عن العمل. ونتيجة لنقص أصحاب المهارات المطلوبة، تتزايد الأجور ويرتفع سقف توقعات الموظفين من أرباب العمل، مما يشكل ضغطًا على أرباح التشغيل. وتزامناً مع هذه التحولات، تتغير أيضاً طبيعة العمل في قطاع تجارة التجزئة، سواء في المتاجر أو في مكاتب الشركات، مما يتطلب مزيد من الجهد من الأطراف العاملة في هذا القطاع لمواكبة تلك التغيرات المتداخلة.

المرونة تأتي على رأس أولويات موظفي التجزئة في الخطوط الأمامية: أشارت نتائج استطلاع رأي تمت عام 2022 إلى أن غياب المرونة هي السبب المحوري وراء ترك موظفي التجزئة في الخطوط الأمامية لوظائفهم.8 وبالإضافة إلى ذلك، كشف الاستطلاع أن تعزيز فرص التطوير الوظيفي تعتبر عاملًا جوهريًا في الحفاظ على موظفي التجزئة في الخطوط الأمامية (وفقًا للشكل 2). ومع ذلك، يجب على أصحاب متاجر التجزئة أن يضعوا في اعتبارهم تأثير البيئة العامة المحيطة على أولويات الموظفين. ويتعين على قادة قطاع التجزئة أن يضعوا مصلحة الموظفين نصب أعينهم عند تحديد الاستراتيجيات الخاصة بالموارد، حيث ينبغي أن يدركوا العلاقة الإيجابية والوطيدة بين رضا موظفي الخطوط الأمامية ومستوى التجربة التي يوفرونها للمستهلكين.

Retail reset: A new playbook for retail leaders

مهارات علوم البيانات ضرورة ملحة لكافة فرق العمل: عادة ما كان التجار والمسؤولون في قطاع التجزئة يعتمدون على الخبرة والحدس كركائز أساسية لاتخاذ القرارات. ولكن في ظل التطور التكنولوجي، أصبح التجار الرائدون يرتكزون على علوم البيانات لتعزيز الخبرة والحدس بهدف الوصول إلى القرارات الصائبة المستندة إلى الحقائق والتحليلات الدقيقة. وتعتبر شركة "أمازون" خير مثال لتطبيق هذا النهج، حيث يتم اتخاذ معظم قرارات التسعير قصيرة الأجل عن طريق التقنيات الذكية. وعلاوة على ذلك، يتم اتخاذ العديد من القرارات طويلة المدى مثل القرارات المتعلقة بالتجارة وسلاسل التوريد والعقارات من خلال الاستعانة بالذكاء الاصطناعي. ومن المتوقع أن يمتلك قادة المستقبل في قطاع تجارة التجزئة خبرة واسعة في علوم البيانات، نظراً لكونها ضرورة ملحة لتحقيق النجاح. وعلى الصعيد الآخر، إذا انحصرت المهارات الخاصة بعلوم البيانات في قسم تكنولوجيا المعلومات فقط، فمن الممكن أن يسفر ذلك عن تراجع ملحوظ للشركة في ظل المنافسة الشرسة.

تحقيق النمو قصير الأمد ليس كافيًا للمستثمرين

لقد اعتاد المستثمرون على تحقيق معدلات نمو مرتفعة وهوامش ربحية كبيرة في قطاع تجارة التجزئة. وفي عام 2021، وصلت الهوامش الربحية الإجمالية للقطاع إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2009، حيث قام تجار التجزئة بالحد من العروض الترويجية وعروض "تخفيض الأسعار"، وسط حالة من عدم الاستقرار في سلاسل التوريد. ومع ذلك، فإن ارتفاع مستويات المخزون أجبر بعض تجار التجزئة على اتخاذ قرارات بشأن البيع بتخفيضات كبيرة. وعلاوة على ذلك، كانت لزيادة تكاليف الخدمات اللوجستية تأثير سلبي على معدلات الربح والخسارة الخاصة بالشركات العاملة في هذا القطاع. وتدق كافة هذه التحديدات ناقوس الخطر لقادة قطاع التجزئة، حيث أصبحت تهدد مكاسب العقد الماضي.

وعلى صعيد آخر، يوجد دليل واضح على اتباع المستثمرين لنهج شامل وطويل الأمد لتقييم الدورة الكاملة للقطاع. فبينما ظلت مؤشرات التقييم شبه ثابتة على مدى السنوات العشر الماضية، كان لجائحة كوفيد-19 تأثير واضح على الهوامش الربحية الأولية -قبل خصم الفائدة والضرائب، ولكن لم يؤثر ذلك على تقييمات المستثمرين، مما كشف عن توجه المستثمرين للتطلع لما هو أبعد من التقلبات والصدمات قصيرة المدى.

Retail reset: A new playbook for retail leaders

إن اتباع استراتيجية متسقة وطويلة الأمد يؤتي بثمار جيدة، مما يشعر قادة القطاع بالاطمئنان. ومع ذلك، فإن المرونة والقدرة على التكيف باتت تمثل دعائم رئيسية في ظل عالم الأعمال المتغير، حيث يحتاج قادة القطاع أن يتحولوا إلى استراتيجيات مالية أكثر مرونة تأخذ في الحسبان أثر التغيرات المتشابكة على مؤشرات الخسائر والأرباح وتحديد الموازنات. ولمواكبة كافة هذه التغيرات، تحتاج الشركات إلى الاعتماد على مهارات المدير المالي التي أصبحت ضرورة ملحة بهدف تحقيق النمو المستدام في هذا القطاع أكثر من أي وقت مضى.

التحول الشامل: أولويات قادة قطاع التجزئة

أصبحت التوجهات الحديثة في قطاع التجزئة تمثل أهمية قصوى وتشهد رواجًا متزايدًا، مما يتطلب اتخاذ إجراءات حاسمة وفورية من قبل التجار لمواكبة تلك التوجهات. إن اتباع استراتيجيات جديدة في إطار المراحل التجريبية قد يكون مكلفاً، خاصةً مع احتمالية استمرار ارتفاع أسعار الفائدة في المستقبل، مما يجعل تجنب المخاطر المرتفعة في مقدمة اختيارات المديرين التنفيذيين في قطاع التجزئة. ولكن التقاعس عن التغير والثبات على الوضع الراهن قد يكون أكثر خطورة. والتاريخ يعتبر خير شاهد على تجربة تجار التجزئة الذين اتخذوا قرارات حاسمة وركزوا على المدى الطويل أثناء وبعد فترات الركود الاقتصادي، حيث تضاعف إجمالي عائد المساهمين لديهم ليصل إلى خمسة أضعاف المنافسين.

إن تحقيق النمو في هذا قطاع يعتمد على إعادة صياغة تاجر التجزئة لعلاقاته مع العملاء والموردين والموظفين والمستثمرين بوتيرة سريعة، لتطوير أعماله بشكلٍ أكبر. وفيما يلي سوف نستعرض أربع اتجاهات يجب أن يضعها قادة قطاع التجزئة على رأس أولوياتهم.

تعزيز العلاقات مع العملاء

تُعدُّ العلاقات المتينة مع المستهلكين بمثابة الركيزة الأساسية لتميز تجار التجزئة في العصر الحديث. فسيبقى تحقيق النجاحٍ في قطاع التجزئة في المستقبل مرهونًا بقدرة الشركات على بناء وترسيخ قاعدة واسعة من العملاء الأوفياء وإدارتها بشكلٍ فعّال. ومن المتوقع أن تكون الشركات المتنافسة مستعدة لدفع أيَّ ثمنٍ من أجل الوصول إلى هذه القاعدة من العملاء، مما يعكس الدور المحوري للعملاء الأوفياء في دفع عجلة النمو وتحقيق الأرباح.

أصبح "المستهلك المرن" يشكل التيار الرئيسي في سوق التجزئة، مما يؤكد أهمية تقييم تجار التجزئة لقوة وعمق علاقاتهم مع هؤلاء المستهلكين. ولهذا، يوصى بمراقبة وقياس مساهمة شركات التجزئة في تحسين حياة المستهلكين بشكل عام، أو ما يمكن أن نطلق عليه "حصة الحياة"، فهو مفهوم يشير إلى الدور الذي تلعبه شركات التجزئة في تحسين حياة المستهلكين بشكل شامل وتقديم الخدمات والمنتجات التي تصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتهم اليومية بحيث يصعب الاستغناء عنها ، بدلاً من مجرد الوقوف عند تقييم الإنفاق. وعلاوة على ذلك، يتعين على الشركات أن تولي اهتماماً بالغاً لتقديم عروض تخفيض الأسعار والاستثمار لتلبية احتياجات العملاء بصفة مستمرة، بهدف تعزيز ولائهم. وبالطبع ينبغي على قادة قطاع التجزئة أن يحرصوا على تحقيق التميز في تجارة المنتجات، ولكن عليهم أيضًا أن يتبنوا نظرة شاملة تجاه الاحتياجات المختلفة للمستهلكين ويقدموا خدمات متنوعة لترسيخ ولائهم ، حيث أن مبيعات المنتجات التقليدية أو ما يطلق عليها "منتجات الطرف الأول" سوف تصبح مجرد عنصرًا واحدًا فقط في المنظومة المتكاملة واسعة النطاق، التي تضم العديد من الخدمات والتجارب والاستشارات والمحتوى. (سنسلط الضوء على المنظومة المتكاملة بشكل مفصل لاحقًا في هذه المقالة).

تلعب المتاجر المادية دروًا مساعدًا في دعم تجار التجزئة لزيادة حصتهم في كافة مناحي حياة ما يطلق عليه " المستهلك المرن"، كما تساهم أيضًا في توطيد العلاقة بين الطرفين. ولا تعتبر المتاجر مجرد صالات عرض ومراكز خدمة فقط، بل تعمل أيضاً كمراكز للتسليم وتلبية احتياجات العملاء بأقصى سرعة. ويستعين بعض تجار التجزئة بالمتاجر لتسليم الطلبات التي تمت عن طريق المنصات الإلكترونية، حيث وصلت نسبة الطلبات التي تم استلامها عن طريق المتجر إلى حوالي ثلثي إجمالي طلبات التجارة الإلكترونية. ومن المتوقع أن تصل نسبة شحن طلبات المنصات الإلكترونية عن طريق المتجر إلى ما بين 30 إلى 50 في المائة من إجمالي حجم المنتجات المباعة من المتجر. وستتضمن شبكات متاجر البيع بالتجزئة مراكز مختلفةـ بما في ذلك المتاجر التقليدية، ومراكز التوزيع، والمتاجر المخصصة للتجارة الإلكترونية، والتي تضم منافذ محدودة للبيع وغرف خلفية كبيرة للتخزين، وذلك بالإضافة إلى مراكز التسليم المشتركة في إطار التحالفات بين تجار التجزئة. ومن ثمَّ، فإن إدارة هذه الشبكات المعقدة ستتطلب من تجار التجزئة تعزيز البنية التحتية التحليلية وتطوير المهارات والقدرات.

ويُضاف إلى ذلك ضرورة تقييم تجار التجزئة لقراراتهم باستخدام المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، بهدف الحفاظ على قبولها الاجتماعي وتعزيز حصتها. وينبغي ألا تقتصر مجهودات الشركات على الاستثمار في الخطط المتعلقة بهذه المعايير كونها أولوية فحسب، بل يتوجب عليهم أيضًا توعية المستهلكين بهذه الإجراءات، لضمان تحقيق النتائج المنشودة. على سبيل المثال، ستقوم الشركات المتميزة باستخدام نهج مصمم خصيصًا لتعزيز معايير الاستدامة عند تطوير منتجات جديدة، وسوف تحمل هذه المنتجات علامة خاصة مميزة. ومن المتوقع أن تتعاون الشركات بشكل وثيق مع الموردين لتوفير هذه المنتجات المستدامة "الأفضل للمستهلكين" بأسعار مناسبة. (يلاحظ أن الشركات الرائدة هي التي ستشرك موظفيها في المبادرات المتعلقة بالاستدامة والمسؤولية المجتمعية، حيث يدركوا أهمية العمل الهادف في تعزيز مستوى رضا الموظفين والحفاظ عليهم.)

تحديد رؤية شاملة لمنظومة العمل

تكشف أحدث الدراسات البحثية المقدمة من ماكنزي عن استعداد المستهلكين لشراء خدمات إضافية غير متعلقة بشكل مباشر بالمنتجات الرئيسية لتجار التجزئة. فعلى سبيل المثال،9 تقدم شركة "وول مارت" خدمات مصرفية، كما تقوم شركة أمازون بفتح آفاق جديدة في مجال خدمات الرعاية الصحية، هذا بالإضافة إلى خدمات الرعاية البيطرية التي يقدمها بعض تجار التجزئة الرائدين في مجال المنتجات المتعلقة بالحيوانات الأليفة. كما أن المجالات المرتبطة بالتعليم والسفر والترفيه تمثل فرصاً واعدة لتوسع تجار التجزئة، كما فعل بعضهم بالفعل. فنحن على أعتاب حقبة جديدة تشهد مولد منظومة متكاملة لتجارة التجزئة. ولا تقتصر فرص النمو فقط على تقديم المنتجات والخدمات للمستهلكين، بل تشمل أيضاً فرص للتعاون مع الشركات من خلال تقديم خدمات مختلفة تشمل المنصات الإلكترونية المملوكة لأطراف ثالثة، وشبكات الوسائط الإعلانية التجارية، بالإضافة إلى الخدمات المتعلقة بالأبحاث في مجال الأعمال والخدمات اللوجستية.

وستساهم نماذج المنظومة المتكاملة بقطاع التجزئة في تغيير مفهوم النجاح بالنسبة للعاملين في القطاع. ولتحقيق الريادة في مجال تجارة التجزئة فلابد من الشروع في تحديد استراتيجية واضحة للمنظومة التابعة لك. وينبغي أن تضم هذه الاستراتيجية مخططات متعلقة بالخدمات والمنصات الجديدة التي ستقوم بتطويرها، ومستهدفات إجمالي الإيرادات والأرباح. هذا بالإضافة إلى تعزيز الشراكات مع الموردين بهدف توسيع قاعدة عملائك، حيث يعتبر الموردون بمثابة شركاء استراتيجيين للنجاح في منظومة العمل.

وفي ظل التحول الذي يشهده قطاع التجزئة مؤخراً واعتماده بشكل كبير على كثافة رأس المال، بات الاستثمار بعمق في منظومة العمل يتطلب وجود ميزانية قوية وهوامش ربحية مستدامة. لذلك، فإن تعزيز نموذج المنظومة يستدعي تنفيذ إجراءات متنوعة تشمل إبرام شراكات جديدة وتطوير مشاريع مشتركة، وعقد اتفاقيات تتبع منهج تقاسم الأرباح، وتحديد وسائل جديدة أو ما يمكن أن نطلق عليه "عملات" مستحدثة للتجارة (مثل إمكانية الوصول للمستهلك) ، وكذلك اغتنام فرص الاندماج والاستحواذ الاستراتيجية.

وعلاوة على ما سبق، ينبغي أيضًا استقطاب المواهب الجديدة، حيث أن تحقيق النجاح في عالمنا اليوم يشترط تبني نهجًا مختلفًا والاعتماد على القادة المتميزين، مما يعني التفكير خارج إطار المواهب والأنماط التقليدية المتعلقة بتجارة التجزئة كونها لا تصلح وحدها لمواكبة التغيرات الراهنة. فعلى سبيل المثال، يمتلك عدد محدود جدًا من العاملين بالقطاع الخبرة المتعمقة في مجال التسويق والإعلانات، المطلوبة لإدارة شبكات الوسائط الإعلانية التجارية والتباحث بهذا الشأن مع الشركاء والوكالات المتخصصة.

إعادة النظر في الاستراتيجيات الخاصة بتعزيز أصحاب المواهب

إن الشركات التي ستتمكن من تحقيق المعادلة الصعبة المرتكزة حول الاستعانة بأصحاب المواهب المتميزة، سواء في الخطوط الأمامية أو داخل مقر الشركة، هي التي ستحافظ على صدارتها في السوق. ولاستقطاب المواهب في الخطوط الأمامية والحفاظ عليها، يتعين على قادة القطاع اتباع طرق مبتكرة بهدف توفير المرونة وتعزيز جاذبية العمل في الخطوط الأمامية. ويقوم بعض تجار التجزئة بالفعل بتجربة أنماط مرنة من العمل تشمل العمل بصفة مؤقتة، كما توفر منصات إدارة القوى العاملة عروضًا متعلقة بنظام العمل المرن مثل عروض المناوبة وخيارات "الدفع الفوري". وتؤكد الأبحاث على الأثر الإيجابي لإتباع هذا النهج، حيث تبين أن المتاجر التي تتمكن من الحفاظ على أصحاب المواهب المتميزة تحقق معدلات نمو ومبيعات أعلى من المتوسط بنسبة تتراوح بين نقطتين وخمس نقاط مئوية. وبإعادة استثمار المدخرات المتحققة من انخفاض معدل الاستنزاف في الخطوط الأمامية، يمكن توفير رواتب أعلى ومزايا أفضل وبرامج تعليمية وتطويرية للموظفين.

أصبح مجال علوم البيانات ضرورة ملحة في مراكز الشركات، ومن هذا المنطلق بات اسلوب الزيادة التدريجية لعدد محللي البيانات غير كَافٍ لتحقيق النجاح. فإن استقطاب أفضل المواهب يتطلب بناء وترسيخ قاعدة من الخبراء في مجال البيانات وتنمية المواهب التحليلية لتحقيق الريادة على مستوى المؤسسة. ولقد اكتشفنا أن هناك عناصر مهمة من شأنها تعزيز القدرات المتعلقة بعلوم البيانات، تشمل وضع آلية لتنمية مهارات الموظفين الذين يمتلكون بالفعل خلفية تحليلية، هذا بالإضافة إلى توظيف أصحاب المهارات المتعلقة بعلوم البيانات بشكل استباقي لضمان تواجد الخبرات اللازمة. وأخيرًا، يتعين على الشركات تطوير منهجيات مصممة خصيصًا لتقييم أصحاب المواهب التحليلية، والاستبقاء على الموظفين الأكفاء منهم، لتحقيق النجاح المستدام.

اكتشاف قوى جديدة لدفع عجلة النمو

ستقوم الشركات الناجحة بتحليل استراتيجيتها الرامية إلى تعزيز القيمة المنشودة، لتحقيق التوازن بين التركيز على التوسع والنمو من جهة، وبين الحرص على تعظيم الهوامش الربحية والعائد على الاستثمار من جهة أخرى. ويمكن الاستناد على التمويل الداخلي ليكون مصدرًا لدفع عجلة النمو في إطار توجهات التنمية الجديدة، وذلك سواء من خلال إعادة استثمار العائدات الناتجة عن المبادرات المتعلقة بالإنتاجية، أو من خلال إيرادات الشراكات المتعلقة بشبكات الوسائط الإعلانية التجارية. وبهدف استغلال مرحلة التحولات الراهنة، لتحقيق التميز في ظل المنافسة الشرسة، يجب أن تأخذ الشركات في عين الاعتبار جميع أشكال رأس المال المتاحة سواء كانت عن طريق الطروحات العامة، أو الأسهم الخاصة، أو الائتمان، أو رأس المال الاستثماري، أو الشراكات الاستراتيجية، وذلك لتعزيز مرونة النموذج المالي والتمكن من الاستثمار في المبادرات الهادفة إلى تسريع وتيرة النمو، حتى في ظل الاضطرابات الاقتصادية.

ويلعب مستثمرو القطاع البديل دورًا فعالاً في تمويل الشركات، حيث أنهم لا يوفرون رأس المال فحسب، ولكنهم يقدمون الاستشارات اللازمة أيضًا، وذلك بفضل خبراتهم التنفيذية الاستثنائية في إدارة النمو والتحول في بيئات عمل عالية الضغط ومنخفضة الهوامش الربحية. وعلى سبيل المثال، استثمرت شركة "إنسايت بارتنرز "، المتخصصة في رأس المال الاستثماري حوالي 500 مليون دولار في شركة "ساكس" في عام 2021. ويستطيع المستثمرون المحنكون أن يقدموا رؤية شاملة لخطة النمو الخاصة بالشركات، كما يتبعوا منهجية رأس المال المغامرة التي تسعى لتعزيز الابتكار بدلاً من التركيز المحدود على نتائج الربع السنوية. ومع ذلك، عادة ما يصاحب استخدام مصادر رأس المال البديلة تكاليف وهياكل تمويلية مختلفة، مما يعكس أهمية وجود مدير مالي ومؤسسة مالية قوية، للتعامل مع هذه التغيرات بشكل فعال.

الذكاء الاصطناعي والتحليلات: ضرورة ملحة لتحقيق النجاح

ولضمان تحقيق أقصى استفادة من التوصيات المذكورة سابقًا، يتعين على تجار التجزئة أن يحرصوا على استخدام أدوات التكنولوجيا الرقمية والتحليلات المتقدمة في كافة جوانب أعمالهم. ويتمكن القادة المعتمدين على التكنولوجيا الرقمية من تحقيق نمو في معدلات العوائد الشهرية للمساهمين تفوق منافسيها بنسبة حوالي 2.5 ضعف. وقد استثمر القادة الرقميون في مجموعة متنوعة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي والتحليلات، سواء بهدف تحسين تجربة العملاء أو لتطوير العمليات التشغيلية المتعلقة بتجارة التجزئة.

يعتمد تجار التجزئة الرائدون على التحليلات بشكل متزايد لاتخاذ قرارات مدروسة تستند إلى البيانات المتاحة، بشأن المنتجات المعروضة، والتسعير، والعروض الترويجية. كما يستفيد العاملون بقطاع التسويق أيضًا من هذه التقنيات، حيث تتيح لهم الفرصة للحصول على مستويات جديدة من المعلومات ورؤى شاملة حول العملاء، مما يمكنهم من ابتكار عروض مصممة خصيصاً لمختلف أنماط العملاء. ويساعد الذكاء الاصطناعي التوليدي الآن تجار التجزئة على تطوير محتوى ترويجي مقنع وانشاء أصول مرئية تسويقية متميزة، هذا بالإضافة إلى تعزيز خدمة العملاء عبر شبكات الإنترنت وعن طريق التواصل عبر الهاتف. كما يمكن أيضاً الاستعانة بالذكاء الصناعي في مجال التصميم عن طريق الاستفادة من خدمات المصمم الشخصي الافتراضية.

إن استخدام الذكاء الاصطناعي المتعلق بالإجراءات الداخلية وسلاسل التوريد لا يقل أهمية عن استخدامه لتعزيز تجارب العملاء، حيث يمكن الاستفادة منه لتعزيز سلاسل التوريد المعقدة متعددة القنوات، وإدارة القوى العاملة المتعاقدة بنظام العمل المؤقت، وأتمتة المهام المتكررة. وبالفعل، تتوفر حاليًا حلول ذكاء اصطناعي تجارية يمكنها تقليل الوقت المستغرق في المهام المتعلقة بالمتجر إلى النصف في بعض قطاعات البيع بالتجزئة.

ويتبنى تجار التجزئة الذين يحرصون على الاستفادة القصوى من البيانات نهجاً متميزا ومبتكراً، حيث يعتبرون الإحصاءات والبيانات منتج قابل للتسويق. فيسعون لتحقيق الأرباح من خلال التحليلات والرؤى المتمركزة حول العملاء، وذلك عن طريق الاشتراكات المدفوعة مباشرة، أو التعاون غير المباشر في إطار علاقات مشتركة مع الموردين، مما يساهم في تحقيق نتائج إيجابية بصفة مستدامة لكل من الطرفين.


وفي النهاية، يتعين علينا أن نوضح أن ما قدمناه من توصيات لا يعتمد على خطوات بسيطة، بل يتمحور حول تنفيذ تغييرات جذرية واتخاذ إجراءات فارقة. فإن أفضل تجار التجزئة المؤهلين لتحقيق النجاح هم أولئك الذين أحرزوا تقدمًا ملموسًا بالفعل في نطاق الأولويات التي استعرضناها في هذه المقالة. كما أنهم يرسخون مكانتهم المتميزة من خلال التزامهم نحو إعادة تشكيل قطاع التجزئة بصفة عامة وليس فقط شركاتهم الخاصة فحسب. فهم لا يعترفون بالحدود عندما يتعلق الأمر بطموحاتهم الرامية إلى تعزيز القيمة المنشودة وتحقيق النمو المستدام، في ظل تطور مشهد قطاع تجارة التجزئة.

Explore a career with us