المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية
شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية
هل يلتزم المستهلكون بنفس الممارسات المتبعة أثناء فترة كوفيد-19 أم يعودون إلى سلوكياتهم السابقة؟ يبدو بأن الإجابة بالنسبة لغالبية المستهلكين في الولايات المتحدة تتضمن الخيارين معًا، حيث اكتشف المستهلكون في الولايات المتحدة بعد مرور عامين على بدء الجائحة الصحية بأنهم يحبون التسوق عبر الإنترنت وكذلك زيارة المتاجر التقليدية. ورغم إقدام الجميع على الخروج من منازلهم مجددًا غير أنهم واصلوا الإنفاق على تحسينها. ويظهر المستهلكون اليوم رغبتهم للتخلي عن علاماتهم التجارية المفضلة واختيار علامات أخرى مبتكرة أو تضمن لهم قيمةً أعلى، مما قد يشكل تأثيرًا إيجابيًا أو سلبيًا على المصنعين وتجار التجزئة.
وتسلّط الرسوم البيانية السبعة التالية الضوء على نتائج آخر دراسة استطلاعية حول المستهلك والذي تم نشره بين 25 فبراير و1 مارس 2022 وشمل أكثر من 2,100 مشاركًا من البالغين في الولايات المتحدة (تم اختيار المشاركين وتقييمهم لتغطية جميع الشرائح السكانية في الولايات المتحدة). وتوفر نتائج المسح، مقرونةً مع بيانات من أطراف مستقلة حول إنفاق المستهلكين، تحليلات حول تطور إقبال المستهلكين في الولايات المتحدة وسلوكياتهم منذ بداية أزمة كوفيد-19. ويجدر الذكر، في ضوء استمرار هذه التطورات، بأن هذا المسح لا يشمل مسألة الغزو الروسي لأوكرانيا مطلقًا، لذا نعتقد بأن النتائج لا تتضمن تأثير هذا الغزو على إقبال المستهلكين في الولايات المتحدة.
ويبقى أن نعرف مدى تأثير التطورات الجيوسياسية والاقتصادية الأخيرة على تطلعات المستهلكين في الولايات المتحدة، في سياق حاجة الشركات غير المسبوقة إلى مواكبة مواقف وسلوكيات المستهلكين سريعة التغير.
المستهلكون يواصلون الإنفاق رغم التضخم. إذ واصل المستهلكون في الولايات المتحدة إنفاق أموالهم وسط التضخم القياسي الذي شهدته الأشهر الأولى من عام 2022. وسجلت معدلات التضخم نموًا بنسبة قاربت %8.5 في مارس الماضي، حيث شهدت الفترة من مايو 2021 إلى مارس 2022 أعلى معدلات التضخم منذ عشر سنوات. ورغم ذلك ارتفعت معدلات إنفاق المستهلكين في الولايات المتحدة أكثر من %18 خلال مارس الماضي قياسًا بالعامين الماضيين، و%12 أعلى من التوقعات التي استندت إلى مسار ما قبل الجائحة الصحية.
ولا يعد تنامي معدلات الإنفاق بهذا الشكل أمرًا مفاجئًا؛ حيث ارتفعت مدخرات المستهلكين في الولايات المتحدة بقيمة تقارب 2.8 تريليون دولار أمريكي مقارنةً بعام 2019، وأقدم كثير منهم على استخدام مدخراتهم بمجرد تخفيف القيود المفروضة بسبب الجائحة الصحية في الدولة. ولم تقتصر توجهات الإنفاق هذه على أصحاب المدخرات إنما أخذت ديون بطاقات الائتمان تتراكم، وتجاوزت حدود الإنفاق لدى جميع الشرائح العمرية ومختلف فئات الدخل قدراتهم المادية، وبلغت معدلات الإنفاق على أساس سنوي أعلى مستوياتها بين جيل الألفية (%17) والمستهلكين من أصحاب الدخل المرتفع (%16). وبدأ إقبال المستهلكين بالتراجع في أواخر فبراير الماضي، وهو ما نتوسع في مناقشته أدناه.
إنفاق المستهلكين يركّز على أصناف منتجات محددة مع مساهمة التضخم في تقييد حجمه. وجاء معظم النمو في معدلات الإنفاق على بعض الأصناف خلال شهري فبراير ومارس 2022 بسبب تنامي مستويات الشراء، إذ كان تأثير التضخم على النمو محدودًا، ولا سيما في الأصناف التي ازدهرت خلال الجائحة الصحية؛ مثل الألبسة الرياضية، ومستلزمات الحيوانات الأليفة، ومستحضرات التجميل، والبرامج، اضافة إلى الأدوات الإلكترونية. وشهدت فئات أخرى، مثل البنزين والمطاعم والسفر، انخفاضًا في حجم الاستهلاك فاق تأثيرات التضخم، حيث فضل المستهلكون شراء السلع أكثر من الخدمات أو التجارب. وتخطّى الإنفاق على السلع مستويات ما قبل الجائحة الصحية، في حين بقي الإنفاق على الخدمات أقل بنسبة %2 قياسًا مع فترة ما قبل كوفيد-19، ومن المُرجح استمرار هذا المسار إلى أن يطمئن مزيد من الأشخاص إلى الاختلاط بالحشود وحضور الفعاليات العامة في مواقع مغلقة.
وتراجعت ثقة المستهلكين في فبراير 2022 على خلفية تفاقم التضخّم والحرب في أوكرانيا، بعد أن سجلت ارتفاعًا مطردًا طوال عام 2021. وأعربت نسبة لا تتعدى %38 من المشاركين في الاستطلاع عن تفاؤلهم قياسًا مع %44 في أكتوبر 2021. وكان الانخفاض الأبرز في إقبال المستهلكين لدى أصحاب الدخل المرتفع، الذين اعتادوا على شراء المنتجات والعلامات الأغلى تكلفةً طوال عامي 2020 و2021، وربما يتجهون قريبًا لشراء منتجات أقل ثمنًا. ويتعين على الشركات معرفة كيفية تقديم قيمة متوازنة لاجتذاب أصحاب الدخل المرتفع؛ وهل يواصل المستهلكون الإنفاق مع ازدياد معدل تداولات التجارية قياسًا بعامي 2020 و2021؟ أم يزداد إنفاقهم في القنوات التي تمنحهم قيمةً أعلى؟
مزيد من المستهلكين يتجهون لتغيير تفضيلاتهم بشأن المتاجر والعلامات التجارية. أفاد مزيد من المستهلكين في الولايات المتحدة أنهم غيّروا علاماتهم التجارية ومتاجرهم المفضلة بوتيرة غير مسبوقة في عام 2022 منذ بداية الجائحة الصحية، وأكد غالبيتهم عزمهم القيام بذلك بشكل دائم. ويعزى ذلك إلى سعي المستهلكين للحصول على قيمة أفضل في ظل معدلات التضخم القياسية؛ حيث يأتي السعر في صدارة الأسباب التي تدفعهم نحو هذا التوجه. ولمس جميع المستهلكين تقريبًا (%90) ارتفاع الأسعار وبالأخص أسعار الوقود والمستلزمات المنزلية التي يحتاج كثيرون لشرائها عدة مرات أسبوعيًا. وقال أكثر من ثلث المستهلكين الذين غيروا علاماتهم التجارية المفضلة إنهم اختاروا شراء منتجات تحمل علامة تجارية خاصة.
ويلعب التوافر الذي كان سببًا مهمًا لتغيير العلامة التجارية المفضلة في عامي 2020 و2021، دورًا أقل أهمية مما كان عليه في ذورة تفشي مرض كوفيد-19، حيث عجزت بعض العلامات التجارية عن تلبية الطلبات وعانت من نفاذ مخزونها. وتراجعت أهمية أهداف العلامة التجارية لدى المستهلكين عما كانت عليه في عام 2020، بينما تصاعدت أهمية الابتكارات تدريجيًا، إذ يتوق المستهلكون للتجارب الجديدة مما يجعل الابتكار عاملًا رئيسيًا بالنسبة للشركات الساعية إلى استقطاب المستهلكين أو استعادة ثقتهم. ويمكن أن يشكّل المزج بين الابتكار والقيمة المجزية عرضًا جذابًا.
معدلات إنفاق المستهلكين ترتفع على الإنترنت وفي المتاجر على حد سواء. توجهت أعداد كبيرة من المستهلكين للتسوق على الإنترنت مع بداية الأزمة الصحية في ظل عدم وجود بدائل، وبدا كثير منهم سعداء بالتجربة المريحة التي توفرها التجارة الإلكترونية. لذا استمر ارتفاع معدلات الإنفاق في القنوات الإلكترونية حتى بعد إعادة افتتاح المتاجر التقليدية. وبلغ معدل النمو السنوي في قطاع التجارة الإلكترونية %27 في مارس 2022؛ في حين بلغ الارتفاع الإجمالي في انتشار التجارة الإلكترونية نسبة %33 منذ بداية الجائحة الصحية ولغاية مارس الماضي.
وخلافًا لبعض التوقعات في القطاع لم يتسبب تنامي التجارة الإلكترونية في إلغاء الحاجة إلى المتاجر التقليدية؛ إذ نجحت معدلات الإنفاق في المتاجر بالتعافي وفق وتيرة جيدة مع نموها بنسبة %8 على أساس سنوي في مارس 2022، مقارنةً مع نحو %5 في مطلع عام 2022. وأصبح اليوم توفير تجربة تتسم في كونها سلسة عبر الإنترنت وفي المتاجر في الوقت نفسه الشرط الأساسي لنجاح العلامات التجارية وتجار التجزئة، مع بذل جهدهم لإضفاء مزيد من التميز على خدمات وتجارب التسوق المباشر وتحفيز المستلهكين لزيارة مواقعهم الإلكترونية وتطبيقاتهم.
نمط التسوق متعدد القنوات يصبح الأكثر انتشارًا. أكد %5 من المستهلكين في الولايات المتحدة أنهم يقومون بعمليات البحث والشراء في المتاجر وعلى الإنترنت على حد سواء، ويمكن تطبيق هذا النمط متعدد القنوات على مجموعة واسعة من المنتجات، إذ يعتمده المستهلكون لشراء المنتجات الغذائية وغير الغذائية على اختلافها. كما أشار %45 من المستهلكين إلى أن منصات التواصل الاجتماعي تؤثر على مشترياتهم.
وليس مفاجئًا أن تؤثر هذه المنصات بشكل أكبر على فئة الشباب وترتبط غالبيتها بالأصناف التزينية مثل مستحضرات التجميل والملابس الرياضية. وما يزال مجال التجارة الاجتماعية حديث العهد في سوق الولايات المتحدة، خلافًا لانتشاره الواسع في الصين، حيث أعرب 1 من أصل 10 متسوقين على قنوات متعددة عن قيامهم بعملية شراء مباشرة من خلال منصات التواصل الاجتماعي. وتكتسب هذه القناة التجارية أهمية متزايدة إلا أن كثيرًا من المستهلكين ومديري متاجر التجزئة لم يخصصوا الوقت اللازم لاستكشاف إمكانياتها، فأضاعوا على أنفسهم فرصًا رائعة للوصول إلى المستهلكين والتفاعل معهم.
وقال ثلاثة من كل أربعة مستهلكين في الولايات المتحدة إنهم يتسوقون في المتاجر وعلى الإنترنت في الوقت نفسه ويشارك الكثير منهم في أنشطة تجارية متعددة القنوات.
توجه تحسين المنازل وصيانتها يتواصل رغم عودة الأشخاص لأنشطتهم الخارجية. عاد أكثر من نصف المستهلكين في الولايات المتحدة إلى ممارسة أنشطتهم الاعتيادية خارج المنزل، في حين يتجه %20 منهم للعودة إلى نمط نشاطاتهم الخارجية ما قبل بدء الجائحة الصحية. وأكد نحو %40 من المشاركين في المسح أنهم يعملون اليوم إما من المكتب أو من مكان عمل خارج المنزل. ويعمل المستهلكون من منازلهم بمعدل وسطي يبلغ يومين أسبوعيًا. وأفاد نحو ثلث المستهلكين أنهم غير مستعدين بعد لحضور الفعاليات العامة في مواقع مغلقة.
ويواصل المستهلكون في الولايات المتحدة على نحو مفاجئ تحسين منازلهم لتصبح أجمل وأكثر راحة، رغم استئناف غالبية نشاطاتهم الخارجية، حيث يواصل قطاع صيانة المنازل وتحسينها نموه، مع تخطيه توقعات فترة ما قبل الجائحة الصحية بنسبة %11 حتى بعد تأثيرات التضخم. ويمكن للشركات توقع استمرار هذا التوجه، في ضوء التحول العام في طريقة استخدام الأشخاص لمنازلهم أثناء فترة الجائحة الصحية عدا عن توقع الكثيرين العمل من منازلهم يومًا واحدًا في الأسبوع على الأقل.
المستهلكون يؤكدون اهتمامهم بجوانب المسؤولية البيئية والمجتمعية والحوكمة والتي تختلف وفقًا لكل شخص. قال المستهلكون، ولا سيما شريحة الشباب، إن خياراتهم عند انتقاء العلامات التجارية التي يرغبون في شرائها تتأثر نسبيًا بجوانب المسؤولية البيئية والمجتمعية والحوكمة. وأكّد أكثر من ثلثي المشاركين في المسح بأن أحد جوانب المسؤولية البيئية والمجتمعية والحوكمة يمثل عاملًا مهمًا للغاية بالنسبة لهم. وتتصدر شفافية الشركات وإظهارها الحرص على مصالح الجميع (موظفيها، وعملائها، وباقي أفراد المجتمع) قائمة اهتماماتهم.
ويولي المستهلكون الشباب الأولوية للمسائل الاجتماعية مثل التنوع والمساواة والشمولية، بينما يركز المستهلكون الأكبر سنًا على مسائل الصحة والبيئة. ويدفع التضخم اليوم الكثير من المستهلكين لتغيير تفضيلاتهم بشأن العلامات التجارية، حيث أصبحت القيمة حافزًا أقوى من أهداف الشركة، لذا يمكننا القول إن الشركات القادرة على مواكبة متطلبات المستهلكين من حيث القيمة والمبادئ ستكون الأوفر حظًا للنجاح.
وسيتم تنظيم الدراسة الاستطلاعية حول المستهلك المقبل في الولايات المتحدة في خريف عام 2022. ترقبوا تحليلاتنا حول هذا المسح وأحدث آرائنا عن حالة المستهلكين الأمريكيين على الموقع الإلكتروني: McKinsey.com. يمكنكم أيضًا الاستماع إلى نقاش كتّاب هذه المقالة حول آخر نتائج مسح نبض المستهلك في هذه الحلقة من البودكاست حول المستهلكين وقطاع التجزئة.