المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية
للمزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية
كانت وول مارت المكسيك، إحدى شركات التداول العام التابعة لشركة وول مارت وواحدة من أكبر شركات التجزئة وجهات التوظيف في المكسيك، شركة مختلفة جدًا قبل ستة أعوام بالمقارنة مع ما أصبحت عليه اليوم؛ حيث افتتحت وول مارت المكسيك أكثر من 400 متجرًا جديدًا متعدد القنوات منذ عام 2017، مع توفير خدمات التوصيل إلى المنزل، ومواقع لتحميل السلع بالشاحنات، والأكشاك التجارية داخل المتاجر، التي تتيح للعملاء الذين يتعاملون نقدًا الوصول إلى المتاجر الإلكترونية.
وتتمتع وول مارت المكسيك اليوم بحضورٍ قوي وفق جميع معايير القياس، حيث وصلت عائداتها في عام 2022 إلى أكثر من 40 مليار دولار أمريكي، مع تسجيل نمو سنوي قدره 8%، وتحقيق زيادة في الأرباح بشكل سنوي. وتضم الشركة أكثر من ألف متجر قادر على تقديم خدمات مخصصة، بالإضافة إلى أكثر من 1,400 خدمة مختلفة لاستلام البضائع داخل المتاجر. كما توفر شركة وول مارت كونيكت للأعمال الإعلامية، التي تم إطلاقها عام 2019، مساحاتٍ إعلانية في العالم الواقعي وعبر الإنترنت، وأصبحت رابع أكبر شركة إعلامية في المكسيك بعائداتٍ تزيد عن 100 مليون دولار أمريكي. ويصل إجمالي عدد مستخدمي خدمات الاتصالات والخدمات المالية التي توفرها الشركة إلى 7.8 مليون و5.4 مليون مستخدمًا على التوالي.1
وأشار كل من جيليرمي لوريرو، الرئيس التنفيذي لشركة وول مارت المكسيك؛ وبياتريس نونيز، الرئيس التنفيذي لشؤون النمو؛ وكريستيان باريينتوس، الرئيس التنفيذي السابق لشؤون العمليات (الذي يشغل حاليًا منصب الرئيس التنفيذي لشركة وول مارت تشيلي)، إلى أن نجاح الشركة ارتكز على إجراء تحول شامل، والذي بدوره تطلّب عملية إعادة تصور تشمل الاستراتيجية متعددة القنوات للشركة والمنهجيات الأساسية للتسلسل الهرمي الوظيفي والعمل الجماعي والقيادة. واستهلت وول مارت المكسيك مسيرة تحولها عام 2017، حينما كانت تضم ما يزيد عن 200 ألف موظف يعملون في أكثر من 2,300 متجر تقليدي أو في مجال المبيعات عبر الإنترنت، مع تخصيص عدد قليل من الموظفين لدمج هاتين القناتين التجاريتين. ونظرًا إلى أن التعاملات التجارية لملايين العملاء في أمريكا اللاتينية كانت تتم بشكل نقدي حصرًا، لم يستطع هؤلاء العملاء الوصول إلى عمليات التسوق عبر الإنترنت لأنها تتطلب امتلاكهم بطاقات الائتمان أو الخصم.
ولاحظ لوريرو أن الشركات المنافسة المتطورة رقميًا بدأت تستحوذ تدريجيًا على أعمال وول مارت المكسيك، فأدرك أنه يتعين على الشركة إعادة ابتكار حضورها لتصبح شركةً ذات قنوات تجارية متعددة استعدادًا لمواكبة احتياجات المستقبل. وبدأ لوريرو وزملائه من المدراء التنفيذيين بتحليل نطاق هذا التحدي ومستويات الإبداع والمرونة اللازمة لمعالجته، لكنهم أدركوا ضرورة إجراء تحول في ثقافة العمل على مستوى الشركة أولًا.
واعتادت الشركة قبل عام 2017 أن تعمل بنظام وحدات العمل المستقلة وفق تسلسل هرمي تقليدي. ويصف لوريرو أسلوب القيادة في هذه الوحدات المستقلة بأنه أسلوب قائم على "التوجيه والتحكم"، كما تميل المواهب والمعارف الرقمية التي نشأت ضمن هذه الوحدات للبقاء داخلها بدلًا من الانتشار إلى أقسام أخرى في الشركة. وسعيًا لتحقيق الاستفادة القصوى من الموظفين والأفكار، عمل الفريق التنفيذي على إعادة تنظيم الوحدات المستقلة لتصبح "فرقًا" متخصصة بريادة الأعمال تتعاون مع بعضها البعض. وظهرت في بعض الحالات حاجةٌ للاستعانة بالمواهب الناشئة المتخصصة بالحلول الرقمية لتولي زمام الأمور، بدلًا من القادة الذين أمضوا وقتًا طويلًا في مناصبهم وتقتصر خبراتهم على الأساليب القديمة في تجارة التجزئة. وشهدت الشركة تنفيذ برامج التوجيه والتدريب في مختلف الأقسام، لمساعدة الموظفين على دمج التغييرات الجديدة في أساليب عملهم.
ويؤكد لوريرو ونونيز وباريينتوس بأن قيادة التحولات الثقافية والتشغيلية، مع متابعة تحقيق النتائج ضمن هيكليات العمل الحالية في الوقت نفسه، تتطلب قدرًا كبيرًا من الشجاعة والإبداع والمرونة لدى المسؤولين التنفيذيين. وأشار هذا الفريق القيادي إلى أن النتائج المُحققة استحقت ما تطلبّته من تأملٍ عميقٍ ودراساتٍ مفصّلة، حيث أثمرت عن بناء مؤسسة تخلو من التسلسل الهرمي التقليدي، وتتمحور حول العملاء بالدرجة الأولى، وتوفر تجارب تسوق متعددة القنوات. وأجرت مجلة ماكنزي الربعية مقابلة مع المسؤولين التنفيذيين الثلاث للحديث حول التغييرات التي تعيّن عليهم إجراؤها لتحقيق هذا الهدف، ما يوفر رؤية واضحة حول الآليات التي تتيح للشركات إعادة ابتكار هويتها وترسيخ حضورها.
مجلة ماكنزي الربعية: كيف كان شكل الشركة قبل إنجاز عملية التحول؟
بياتريس نونيز: انضممتُ للعمل في منصب الرئيس التنفيذي للشؤون الرقمية لدى وول مارت المكسيك في شهر أغسطس عام 2018. وكانت الشركة قد استهلت مسيرة التحول الجذريّ عام 2017، تماشيًا مع الاستراتيجية العالمية لشركة وول مارت الرامية إلى تمكينها رقميًا. ونظرًا لافتقارنا إلى المعلومات الكافية بهذا الشأن، بدأ جيليرمي - الذي نناديه تحببًا باسم جي - عملية بحث واستكشاف لجمع المزيد من المعلومات، فقرأ الكثير من الكتب، وكرّس وقته وجهده لفهم التقنيات الرقمية. كما تواصلت اللجنة التنفيذية مع الشركات والمؤسسات الأخرى لبلورة فهمٍ وافٍ حول الإجراءات التي يتعين علينا اتخاذها.
كريستيان باريينتوس: لطالما كانت وول مارت المكسيك شركةً ناجحة تتمتع بسجل حافل بالإنجازات والنتائج الإيجابية المتميزة عامًا بعد آخر. وواجهتنا بعض الظروف العصيبة عام 2012، مما دفع الشركة إلى إجراء تغييرات لمعالجتها اعتبارًا من عام 2013، والتي شملت تغييرات جذرية على مستوى الإدارة. وأدركنا أن نجاحنا في التواصل مع عملائنا يتطلب إجراء تحولٍ فعلي وإضافة مجالات متعددة للنمو، تماشيًا مع التغييرات المتسارعة التي تطرأ على عملائنا.
جيليرمي لوريرو: كانت الشركة تتمتع بأداءٍ جيد في السوق عندما بدأنا مسيرة التحول، مما منعنا للوهلة الأولى من إدراك مدى حاجتنا للتغيير. ولكني تعلمت من أحد أساتذتي الأعزاء ضرورة النظر إلى المستقبل دائمًا واستشراف مجرياته بعد 10 إلى 15 عامًا، وأحرص على اتباع هذه المنهجية في مسيرتي المهنية وحياتي الخاصة. ومع ذلك، لم يكن إدراك هذه الحقيقة كافيًا، بل استلزم الأمر أن أستعد بالشكل الكافي لاتخاذ التغييرات اللازمة، حيث تطلبت عملية التحول الابتعاد عن أنماط القيادة التقليدية القائمة على التوجيه والتحكم، مع الإصغاء للموظفين وتمكينهم من المشاركة في عملية التغيير. وأدركت بأنني لن أتمكن من تحقيق ذلك بمفردي، لذا تواصلت مع أحد المدربين وطلبت مساعدته لإقناع فريقي بالعمل على تحقيق الأهداف التي حددتها سابقًا بوضوح. وأخبرني هذا المدرب بأن "تحديد أهدافي بوضوح لا يعني بأنني جاهز كليًا لتحقيقها". وهكذا بدأتُ مسيرة التحول - التي كانت بالغة الصعوبة - من نفسي.
مجلة ماكنزي الربعية: ما هي انعكاسات هذا التوجه الجديد نحو اعتماد أنماط العمل المرنة؟
بياتريس نونيز: بدأنا بإعداد تقرير مفصل حول المشاكل التي نعاني منها، سعيًا لإيجاد السبل المتاحة للانتقال بالشركة نحو التركيز بشكل أكبر على العملاء. وقمنا بعد عدة أشهر من ذلك بإضافة موضوع التركيز على الشركاء إلى الاستراتيجية، انطلاقًا من أهمية التركيز على شركائنا جنبًا إلى جنب مع العملاء. كما تعيّن علينا تقديم حلول متكاملة واعتماد منهجيات عمل قائمة على البيانات لتحسين نتائج الأداء بصورةٍ مستمرة. وأردنا من خلال هذه العملية أن نحافظ على معدلات النمو مؤلفةً من خانتين، مع زيادة مستويات الكفاءة لتحقيق أرباح سنوية تتجاوز معدلاتها الاعتيادية. وبناءً على ذلك، رسمنا طموحاتنا للشركة في شهر فبراير من عام 2019، واجتمعت اللجنة التنفيذية لدراسة الفرضيات حول المجالات المناسبة لبدء عملية التحول منها. وقررنا البدء بالجوانب التجارية التي تمثل القلب النابض لشركتنا، كما يمكنها تقديم دروس مهمة وقابلة للتطبيق على نطاق واسع في الشركة.
جيليرمي لوريرو: تختلف سلوكيات العملاء حاليًا عمّا كانت عليه في الماضي، حيث يميلون اليوم لاستخدام القنوات الإلكترونية وقنوات التخفيضات والمنتديات، ويمكنهم أيضًا مقارنة الأسعار بسهولة عبر الإنترنت لضمان حصولهم على قيمة عالية مقابل مدفوعاتهم. ولولا قيامنا بإجراء التغيير اللازم، لكنّا نستخدم أساليبًا وأدوات تجارية عفا عليها الزمن لخدمة عملائنا. وفرضت الحاجة إلى إحداث التغيير وتعزيز المرونة الاستعانة بفرق عمل متعددة التخصصات تتمتع بالاستقلالية، غير أن هيكليتنا التنظيمية السابقة كانت ترتكز على وحدات العمل المستقلة، التي تمثلت مكاسبها في تعزيز كفاءة تنظيم الموظفين والمهام الوظيفية لتقديم الخدمات في مختلف أقسام الشركة، لكنها في الوقت نفسه انعكست سلبًا على سرعة تقديم منتجاتنا وخدماتنا وجودتها. ولذا تعيّن علينا إلغاء منهجية وحدات العمل المستقلة. وفي المقابل، استلزم إنشاء فرق عمل متعددة التخصصات تتمتع برؤية شاملة أن نمنحها درجةً مناسبة من الاستقلالية، مما تطلّب منّي أن أتخلى عن أسلوب التوجيه والتحكم بصفتي رئيسًا تنفيذيًا. ويسعدني أنني فعلت ذلك، إذ أصبح أسلوب عملنا اليوم أكثر متعة وكفاءة بالمقارنة مع السابق. وأعتقد بأن القيادي الكفؤ لا يحتاج لاتباع أساليب التوجيه والتحكم لقيادة موظفيه.
مجلة ماكنزي الربعية: كيف تعلمت اللجنة التنفيذية أساليب العمل الجديدة، وما هي التغييرات التي مثّلت تحديًا شخصيًا بالنسبة إلى أعضائها؟
كريستيان باريينتوس: تتمثل إحدى أهم الدروس التي تعلمناها في أن عدد سنوات الخبرة الوظيفية لم يعد مهمًا مثلما كان في السابق. وشخصيًا، أدركت ضرورة المواءمة بين الخبرات والقدرة على التطوّر والتحول والتكيّف مع الاحتياجات الحقيقية للعملاء. وتعلمتُ بأنه على القائد أيضًا التحلي بالتواضع للتواصل مع موظفين جدد ذوي رؤىً مختلفة ضمن حياته المهنية اليومية.
جيليرمي لوريرو: يتطلب إنجاز عملية التحول كفاءة عالية في الأداء، حيث يشكل تحقيق الأهداف الرد الأمثل على المشككين برؤية القيادي، ويؤدي إخفاقه في تحقيق الأهداف خلال أي مرحلة من مراحل عملية التحول إلى تعرّضه لانتقادات من الأشخاص الذين يخالفونه الرأي. كما يوجد خط رفيع يفصل الرئيس التنفيذي الناجح في إنجاز عملية التحول عن الرئيس التنفيذي الفاشل الذي أبعد الشركة عن نطاق تركيزها الأساسي.
ولذلك، طرحنا على أنفسنا ثلاثة أسئلة حول مدى فهمنا لعملية التحول، ورغبتنا بالمشاركة فيها، ومدى قدرتنا على فعل ذلك. وإذا لم تكن الإجابة على الأسئلة الثلاثة هي نعم، فلا يمكنك المشاركة في عملية التحول. وفيما يتعلق بالسؤال الأول، ينبغي التواصل بشكل مستمر مع الآخرين لتوضيح مفهوم التحول، ومنح الجميع فرصًا عادلة لفهم أهدافه. أما بالنسبة للسؤال الثاني، فلم أستطع أن أفهم الأسباب التي تنفي رغبة المشاركة في التغيير لدى البعض. ومع ذلك، لم يرغب بعض المدراء في العمل ضمن مؤسسة أكثر كفاءةً، وتركز على العملاء بشكل أكبر، ويتمتع موظفوها بالاستقلالية، أي أنهم لم يرغبوا بالتخلي عن أسلوب التوجيه والتحكم. وفيما يتعلق بالسؤال الثالث، نرى أحيانًا بعض الأشخاص الذين يرغبون بالمشاركة في عملية التحول، ونجحوا بفهمها فهمًا كافيًا، ولكن لم يستطيعوا المشاركة فيها لسبب ما. وربما كنت شخصيًا أحد هؤلاء الأشخاص في البداية.
وتعلمت الكثير حول أساليب القيادة الحقيقية خلال رحلة التحول. وأتذكر أننا قمنا بزيارة أحد الرؤساء التنفيذيين لشركة اجتازت عملية تحول مشابهة في أوروبا، والذي قدّم اقتراحًا حول عملية التحول إلى مجلس إدارة شركته، وحصل على الموافقة عليها، ثم قدّم استقالته لأنه شعر بأنه ليس الشخص المناسب لتنفيذها. ويؤكد ذلك بأن تصميم عملية التحول وإقناع الآخرين بها لا يمنحنا الحق بقيادتها، بل يتعين علينا أحيانًا التوقف عن اتباع الأساليب التي ساعدتنا سابقًا على تحقيق النجاح، والتركيز على إنجاز المهام بطريقة مختلفة.
مجلة ماكنزي الربعية: كيف نجحت اللجنة التنفيذية بإجراء التغييرات اللازمة في المواهب والكفاءات؟
بياتريس نونيز: أتذكر إحدى اللحظات المميزة مع اللجنة حينما كشفنا لفريق التسويق التجاري أننا بصدد البدء بعملية التحول، والتي سنقوم بإنجازها بالتعاون مع أشخاص من مجالات مختلفة، وسنبدأ بها من نقطة الصفر بهدف تعيين الشخص المناسب في المنصب المناسب. واحتجنا إلى استقطاب أشخاص من مجالات مختلفة لقيادة تجارب مبتكرة. وعلى سبيل المثال، أردنا معرفة ما الذي سيحدث عند تعيين أحد الأشخاص من قسم التسويق لقيادة أحد الفرق في فئات العمل الجديدة؛ أو تخلي أحدهم عن منصب نائب الرئيس ليتولى قيادة أحد فرق العمل؛ أو المساواة بين مرتبتي نائب الرئيس والمدير من ناحية التسلسل الهرمي الوظيفي، فهل سيشعر هؤلاء القادة بأنه قد تم تخفيض درجتهم الوظيفية أو استغلالهم لأنه أصبح يتعين عليهم الاضطلاع بدور نائب الرئيس أو المدير؟
وبدأنا العمل في شهر أبريل 2019 مع مجموعة صغيرة مكونة من 129 موظف في حوالي 15 فريق عمل. وأطلعنا باقي موظفي الشركة على هذه المبادرة، ليحرصوا على مراقبة نتائج عمل تلك المجموعة بشكل وثيق. وسادت حالة من الترقب وانعدام اليقين، لأن المرونة في العمل تفضي إلى تعزيز الكفاءة، والتي تؤدي بدورها إلى خفض عدد الموظفين؛ ولم تتسع المواقع الوظيفية المتاحة للجميع، بل اقتصرت على أفضل المواهب فقط. ومع ذلك، اتخذنا خطوتين مهمتين لإدارة المواهب والحفاظ على الموظفين، وتمثلت الخطوة الأولى في تمكين الفرق من اكتساب المهارات اللازمة لهذه المؤسسة الجديدة. وحاولنا الاستعانة بمدربين خارجيين متخصصين في تحسين مستويات المرونة، ولكن لم تتضمن السوق ما يكفي من المدربين لمؤسسة بحجم شركتنا. ولذا، وجهنا الدعوة إلى الموظفين داخل مؤسستنا لاستلام زمام التدريب، ما يعني بأنه يتعين عليهم التخلي عن أدوارهم الوظيفية وتولي أدوار جديدة كليًا. وكانت المفاجأة كبيرة عندما تقدّم 500 شخص لشغل الأدوار الجديدة، في حين اقتصرت حاجتنا على 50 شخصًا فقط.
أما الخطوة الثانية التي قمنا باتخاذها، فتمثلت في استقطاب الأشخاص المهمين لعملية التحول ممن يتمتعون بمواهب مميزة، والذين استقطبوا بعد ذلك أشخاصًا أساسيين آخرين، مع التركيز بصورةٍ متزايدة على المهارات التقنية والرقمية. وتغيرت الأدوار والمناصب الوظيفية انسجامًا مع هذا التركيز، كما اعتمدنا بشكل أكبر على التقنيات الرقمية في عمليات التعيين. وبدأنا مسيرة العمل - التي ما تزال مستمرة حتى يومنا هذا - نحو فهم الفروقات الدقيقة في عمليات إدارة المواهب.
كريستيان باريينتوس: أجرينا تغييرات جذرية في قيادة العمليات التشغيلية، وتعين علينا في بعض الحالات اختيار قادة جدد يتمتعون بمهارات وأفكار جديدة. وتشكل هذه الإجراءات تحديًا قاسيًا، لكنها ضرورية في بعض الأحيان لابتكار أساليب جديدة في العمل.
جيليرمي لوريرو: يشكل التوجيه العكسي إحدى المنهجيات المهمة في التحول، إذ لستُ متمرسًا بالمجال الرقمي، ولكن لا حاجة لأن أكون كذلك كي أقود تحولًا رقميًا شاملًا في مجال الأعمال. وبناءً على ذلك، أدركنا ضرورة الاستعانة بالفئات الشابة الشغوفة بالمجال الرقمي لتوجيه القيادات الأكبر سنًا؛ واستفادت هذه الفئات الشابة بالمقابل من الخبرات المكتسبة أثناء التعلم من الأشخاص الأكبر منهم سنًا.
واستنتجنا بأن التحول الذي ننشده يتطلب تسريح نصف الموظفين، وهو أمر غير ممكن. وخلافًا للاعتقاد السائد بين الكثيرين حول التحولات التقنية، أرى بأن الشخص الذي يتمتع بخبرات مهنية وقدرة على اكتساب المهارات الرقمية يشكّل عنصرًا أفضل بكثير من الذي تقتصر خبرته على المجال الرقمي. وأعتقد واثقًا بأن الأفراد قادرون على التطور واكتساب المهارات، ولا جدوى من اعتماد الأساليب الجاهزة في العمل. كما أرى بأن أفضل الموظفين يتمثلون في أشخاصٍ يتمتعون بخبرات واسعة في مجال الأعمال، وإلمامٍ بسيطٍ بالتقنيات الرقمية، وقدرة على قيادة فرق العمل الرقمية؛ وتكتسب هذه التوليفة قيمة أعلى بكثير بالمقارنة مع المهارات الرقمية لوحدها. وأعتقد بأن مواصلة العمل مع الموظفين والسعي لتطوير قدراتهم يمنحنا أفضلية حقيقية، إذ أصبح لدينا اليوم موظفين يمتازون بخبرات عالية في مجال الأعمال، ويتمتعون بالقدرة على قيادة فرق العمل الرقمية.
مجلة ماكنزي الربعية: ما هي المفاجآت التي واجهتكم منذ أن بدأتم مسيرة التحول، وما هي أهم الدروس المستفادة؟
بياتريس نونيز: تعيّن علينا البدء من جديد في عدد من المجالات، بما فيها إنشاء مكتب البيانات، وإطلاق الأعمال الجديدة، وبناء هيكلية تنظيم المنتجات، التي توفر اليوم حلول التقنيات والبيانات للمؤسسة بوتيرة متسارعة. وتتميز جميع هذه الحلول بوظائفها المتعددة والمتقاطعة مع بعضها البعض. وأصبحت شركة وول مارت كونيكت، التي تبيع مساحات إعلانية فعلية وعبر الإنترنت، رابع أكبر شركة إعلامية في المكسيك. ولا تزال شركة وول مارت المكسيك، التي كانت معرّضة للاندثار، تثير دهشتي وإعجابي بفضل قدرتها المتميزة على ابتكار حلول التحول والتطور من نقطة الصفر. وتتمثل أهم الدروس المستفادة في أن المرونة تشكل عامل تمكين فقط. ولم يتمثل هدفنا النهائي في التحول أو بناء شركة مرنة؛ وإنما أردنا أن نجعل عملاءنا وشركاءنا محور التركيز الأساسي في أعمال شركتنا القائمة على تجارة التجزئة متعددة القنوات.
كريستيان باريينتوس: لطالما تعاملت وول مارت، التي أعمل فيها منذ 13 عامًا، بطريقة صارمة مع المشاكل وليس الأشخاص، والذي يمثل أسلوبًا جديدًا في الإدارة بالنسبة للكثيرين. وأعتقد بأن هذه العبارة توضح جليًا للقادة مدى أهمية تجنب التعامل مع الأمور على محمل شخصي، والتحلي بعقلية منفتحة تتيح التعاون مع الآخرين، وتقبّل الملاحظات بصدرٍ رحب، والعمل على حل المشاكل القائمة فعليًا بدلًا من إحساسهم بأنهم يتعرضون للانتقاد.
جيليرمي لوريرو: علّمتني مسيرة تحوّل وول مارت بأن العالم يتغير باستمرار، ويتعين علينا مواكبة هذا التغير بصرف النظر عن الإنجازات التي حققناها في حياتنا سابقًا. كما يجب علينا التحلي بالتواضع لمواصلة التعلم وتنمية مهاراتنا مهما بلغنا من نجاح.
مجلة ماكنزي الربعية: السؤال الأخير، كيف تصفون المسار الذي اتخذتموه حتى الآن، وإلى أين يتجه برأيكم؟
جيليرمي لوريرو: نجحنا بإنجاز عملية التطور والانتقال من المتاجر التقليدية نحو إضافة أعمال التجارة الإلكترونية لنصبح شركة تجزئة متعددة القنوات. كما تعلمنا الكثير من عملائنا، واستفدنا من أصولنا القائمة، وأضفنا المزيد من الخدمات الرقمية مثل خدمة الاتصال [BAIT] والخدمات المالية [Cashi].
ونتطلع اليوم لبناء منظومة عمل متكاملة متعددة القنوات. ويتعين علينا مواصلة التعلم، وتطوير مهارات موظفينا، والإصغاء جيدًا لعملائنا بالدرجة الأولى حتى نتمكن من بناء القدرات والإمكانيات اللازمة لتزويدهم بخدمات أفضل يومًا بعد آخر.