التطورات المتوقعة في نظام الرعاية الصحية بالولايات المتحدة خلال عام 2024 وما بعده

| مقالة

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر نرحب بتعليقاتكم على البريد الالكتروني التالي: reader_input@mckinsey.com

لقد ساهمت الجهود التي بُذلت في العامين الأخيرين من قبل مقدمي خدمات الرعاية الصحية في تحسين الوضع الماليّ لهذه الصناعة خلال عام 2022، حيث تم تخفيف الضغوط الحادة الناجمة عن نقص العمالة والتضخم وتفشي جائحة كوفيد-19، ويرجع السبب في هذا التحسن بنسبةٍ كبيرة إلى جهود التحول التي قادها اللاعبون الرئيسيون في مجال تقديم الرعاية الصحية خلال العامين الماضيين، بالمشاركة مع مقدمي خدمات الرعاية الصحية الذين بدأوا بالعمل في هذا المجال مؤخرًا. ومع ذلك، تظل هوامش الأرباح الخاصة بأنظمة الرعاية الصحية والناتجة عن أدائها المالي متأخرة ، وذلك مقارنةً بالمستويات التي حققتها قبل الجائحة. فلاتزال أرباح قطاع خدمات التمريض المتميزة والعناية طويلة الأمد متراجعة. وفي الواقع، لقد أضرّت عمليات إعادة التقييم التي تقوم بها الاقتصاديات القوية بالأداء المالي لجهات الدفع الصحية في برنامج (ميدكيد – Medicaid) ، وهو التأمين الصحي المدعوم من الحكومة الفيدرالية على مستوى الولايات ليوفر التغطية الصحية للأسر ذات الدخل المتدني، بينما واصلت اقتصاديات مثل خدمات الرعاية الصحية المقدمة للأفراد إلى جانب خدمات (ميديكير أدفانتيج - Medicare Advantage ) - وهو نظام ضمان الرعاية الصحية الميداني المقدم من خلال شركات التأمين الخاصة والمعتمدة من قبل المركز الفيدرالي لخدمات الرعاية الصحية - الصمود بشكلٍ جيد بالنسبة لجهات الدفع الصحية.

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

مع نظرتنا المستقبلية نحو عام 2027، يعد النمو المتزايد في أعداد الأفراد الذين تنطبق عليهم شروط الحصول على مزايا كلٍ من التأمين الصحي للفقراء "ميدكيد" وبرنامج التأمين الصحي لكبار السن (ميدكير - Medicare)، فرصةٍ هامة لجهات الدفع الصحية والشركات التي تعمل في مجال تقديم خدمات الرعاية الصحية. وعلى صعيد تقديم الرعاية الصحية ،فإن الأداء المالي سيستمر في الارتفاع معتمدًا في ذلك على استمرار جهود التحول وعمليات الاندماج والاستحواذ بالإضافة إلى تنويع مصادر الإيرادات والتي من المؤكد أن تؤتي ثمارها، كما أن الشركات المتخصصة في تقديم خدمات وتكنولوجيا الرعاية الصحية من المتوقع أن تواصل النمو ،ويرجع الفضل في ذلك لاعتمادها على التقنيات التكنولوجية الحديثة ، خاصة تلك الشركات التي تقدم تحسيناتٍ قابلة للقياس لعملائها، كما هي الحال بالنسبة لمقدمي خدمات الصيدلة ، وبالأخص خدمات الصيدلة المتخصصة.

في هذا المقال، نقدم لكم وجهة نظرٍ ورؤية عامة حول كيفية تأثر الجهات الدافعة، وأنظمة الرعاية الصحية، وخدمات وتكنولوجيا الرعاية الصحية، وخدمات الصيدلة بكل هذه التحولات والتغيرات ، وما يمكن توقعه في عام 2024 وما بعده.

النمو الأسرع فى مجال الرعاية الصحية يمكن أن يحدث فى عدة قطاعات

من المتوقع أن يشهد قطاع الرعاية الصحية زيادةً في معدل النمو السنوي المركب لمجموعات الأرباح بنسبة 7 بالمائة، ليقفز من 583 مليار دولار في عام 2022 إلى 819 مليار دولار بحلول عام 2027. وبالرغم من التحديات التي واجهت القطاع خلال عام 2023، والتي تمثلت في نقص العمالة والتضخم، إلا أننا نتوقع أن يبدأ قطاع خدمات الرعاية الصحية مرحلة التعافي في عام 2024، وذلك بفعل تحسُّن هوامش الربح، والإدارة الجيدة للتكاليف، وزيادة معدلات التعويض المالي.

القطاعات المرجح أن تحقق معدلات نمو في مجموعات الأرباح:

  • قطاع الجهات الدافعة؛ حيث يأتي نظام "ميدكير أدفانتج" في المقدمة، وذلك نتيجةً للزيادة المتسارعة في أعداد المستفيدين من فئة مزدوجي الرعاية الصحية، وكذلك مجموعات الأعمال التي من المتوقع لها أن تشهد هي الأخرى نموًا ،نظرًا لاستعادة الهوامش الربحية بعد جائحة كوفيد-19، وذلك بالإضافة إلى الشريحة الفردية.
  • نُظُم الرعاية الصحية؛ إذ شهدت تطورات وتغيرات كبيرة في أماكن تقديم خدمات الرعاية الخارجية للمرضى مثل عيادات الأطباء، ومراكز الجراحة المتنقلة.
  • قطاع خدمات وتكنولوجيا الرعاية الصحية، والذى يُعنى بأعمال البرمجيات والمنصات (مثل التفاعل مع المرضى والدعم السريري لاتخاذ القرارات ) .
  • قطاع خدمات الصيدلة، خاصةً في ظل الطلب المتزايد على الصيدلة المتخصصة.

بينما ستستمر بعض قطاعات الرعاية الصحية الأخرى في تحقيق معدلات نموٍ بطيئة، بما في ذلك قطاعي الرعاية العامة الطارئة، والرعاية ما بعد الطارئة، وبرنامج "ميدكيد" ضمن قطاع جهات الدفع الصحية، كما هو موضح في (الشكل 1).

1

من المرجح أن تؤثر عدة عوامل في مجموعات الأرباح. إثنان من هذه العوامل هما:

التغيير في تركيبة جهات الدفع الصحية. حيث ستستمر معدلات التسجيل في برامج الرعاية الصحية في الزيادة، وبشكلٍ خاص في فئة مزدوجي الرعاية الصحية، ولكن بالرغم مما حققته معدلات التسجيل في برامج الرعاية الصحية خلال الفترة ما بين عامي 2019 و 2022 من نسبة نموٍ بلغت 9 في المائة سنويًا، إلا إننا نتوقع أن تنخفض تلك المعدلات إلى 5 في المائة سنويًا خلال الفترة من عام 2022 وحتى 2027، وذلك وفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن مراكز خدمات نظاميّ الرعاية الصحية "ميدكيد" و"ميدكير". 1 أخيرًا، من المتوقع أن تزيد معدلات تسجيل مزدوجي الرعاية الصحية بمعدل نمو سنوي مركب يفوق 9 في المائة خلال الفترة ما بين عامي 2022 إلى 2027.

من المتوقع أيضًا أن تشهد مجموعات أرباح القطاع التجاري ارتفاعًا، حيث من المرجح أن تعود نسب هوامش الأرباح الناتجة عن عمليات التشغيل قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك إلى المتوسطات التاريخية بحلول عام 2027. ومن المُقدر أن يتم تعويض النمو جزئيًا بتغييرات في عمليات التسجيل في هذا القطاع، وذلك نتيجةً لتحول الشركات من نظام التأمين الكامل إلى نظام التأمين الذاتي، والذي قد تتسارع وتيرته في حال اتخاذ أصحاب العمل إجراءاتٍ لتقليل التكاليف كرد فعلٍ لتباطؤ الاقتصاد. ومن المتوقع أيضًا أن تنمو مجموعات الأرباح في الشريحة الفردية بنسبة مركبة تبلغ 27 في المائة سنويًا، وذلك خلال الفترة بين عامي 2022 إلى 2027 ، مع ارتفاع معدلات التسجيل في برامج الرعاية الصحية، وذلك بفعل تحسين البرامج التحفيزية وإعادة تقييم نظام "ميدكيد"، بالإضافة إلى عوامل إيجابية أخرى محتملة، (على سبيل المثال، تحويلات الشركات من خلال برنامج "تنظيم تعويض التكاليف الصحية للفرد"، الذي يقدمه قانون الرعاية الميسرة. ومن المفترض أن تتحسن هوامش الأرباح الناتجة عن عمليات التشغيل قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك من 2 في المائة في عام 2022 ليتراوح ما بين 5 إلى 7 في المائة في عام 2027. ومن ناحيةٍ أخرى، و بناءً على تقديراتنا يمكن أن يتراجع معدل تسجيل الأفراد في نظام "ميدكيد" بحوالي عشرة ملايين شخص على مدى السنوات الخمس المقبلة، ونظرًا للتشريعات الأخيرة التي تسمح للولايات ببدء إعادة تقييم شروط الانضمام لهذه البرامج (التي تم إيقافها خلال تطبيق حالة الطوارئ الصحية الفيدرالية العامة مع بداية جائحة كوفيد- 19 2).

نمو معدلات "الرعاية المستندة إلى القيمة". بناءً على تقديراتنا، فإنه من المتوقع أن يصل عدد الأفراد الذين تشملهم نماذج الرعاية المستندة إلى القيمة، إلى 90 مليون شخص بحلول عام 2027، وذلك مقارنةً بـ 43 مليون فقط في عام 2022. ومن المتوقع أن تؤدي هذه الزيادة إلى توسعاتٍ في اعتماد نماذج تجارية النُظم الرعاية المستندة إلى القيمة، وتزايد انتشار برنامج "ميدكير أدفانتج"، نظام ضمان الرعاية الصحية الميداني المقدم من خلال شركات التأمين الخاصة والمعتمدة من قبل المركز الفيدرالي لخدمات الرعاية الصحية، وكذلك البرنامج المشترك لتوفير الخدمات الصحية لمستفيدي نظام "ميدكير" نظام الرعاية الصحية لكبار السن في خدمات الرعاية الصحية التي يتم تقديمها مقابل الرسوم. كما يُتوقع أيضًا تحقيق نموًا كبيرًا في نموذج الرعاية المستندة إلى القيمة، حيث يمكن أن تزيد معدلات النمو في مجالات متخصصة مثل جراحة العظام، وعلم أمراض الكلى بنسبةٍ تفوق الضعف خلال السنوات الخمس القادمة.

تخضع نماذج "الرعاية المستندة إلى القيمة" لبعض التغيرات كنتيجة لتحديث منهجية مراكز خدمات الرعاية الصحية المركزية في تقييم المخاطر. ومع استمرار توسيع هذه النماذج لتشمل تخصصات أخرى بعيدة عن الرعاية الأولية (مثل علم أمراض الكلى، وعلم الأورام، وجراحة العظام). وفي ظل التحول في نماذج أعمال "الرعاية المستندة إلى القيمة" الناجمة عن ضغوط المتغيرات الحالية، نتوقع مزيدًا من النمو والازدهار في نتائج التكلفة والجودة. ومن المرجح كذلك أن تؤدي معدلات نمو نماذج أعمال الــ "الرعاية المستندة إلى القيمة" إلى تحسنٍ في مجموعات الأرباح الناتجة عن تقديم الخدمات الصحية، وذلك من خلال التحول من خدمات الرعاية الحرجة إلى مواقع أخرى للرعاية مثل مراكز الجراحة المتنقلة، وعيادات الأطباء، والخدمات الطبية المنزلية.

الجهات المختصة بدفع التكاليف الصحية: من المتوقع أن تزيد مدفوعات القطاع الحكومي عن القطاع التجاري بنسبة 65 في المائة بحلول عام 2027.

في عام 2022، بلغ إجمالي مجموع أرباح الجهات المختصة بدفع التكاليف الصحية 60 مليار دولار. ونحن نتوقع في المستقبل أن يصل صافي الربح التشغيلي قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك إلى 78 مليار دولار بحلول عام 2027، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 5 في المائة، وذلك مع تعافي السوق واقترابه من معدلات نموه التاريخية. وفي الواقع، هناك عدة محفزات أخرى من المرجح أن تؤثر بشكلٍ إيجابي على النمو منها تعافي هوامش أرباح القطاع التجاري، وزيادة معدلات الأقساط التأمينية الإضافية الناتجة عن التضخم، بالإضافة إلى زيادة مشاركة فئة مزدوجي الرعاية الصحية. ومن المتوقع أن تتم موازنة هذا الأمر جزئيًا عبر تقليص هوامش الربح في نظام "ميدكير أدفانتج" الناتج عن بعض الضغوط التنظيمية، ( مثل تعديل المخاطر، وانخفاض مكافأت الأداء، والتحديثات التقنية ). بالإضافة إلى احتمالية انخفاض عدد المشتركين في برامج " ميدكيد" نتيجة انتهاء حالة الطوارئ الصحية العامة .

نحن نتوقع أن تؤدي زيادة تكاليف العمالة والنفقات الإدارية إلى تقليل صافي الربح التشغيلي للجهات المختصة بدفع التكاليف الصحية بنحو 60 نقطة أساس في عام 2023. بالإضافة إلى ذلك، فإنه من المرجح أن تسعى أنظمة الرعاية الصحية إلى زيادة أسعار التعويض (بزيادة تقديرية تتراوح بين 350 إلى 400 نقطة أساس من عام 2023 إلى عام 2027 للقطاع التجاري وبين 200 إلى 250 نقطة أساس للقطاع الحكومي)، وذلك وفقًا لتحليلات ماكنزي بالإضافة إلى بعض اللقاءات التي تم إجراؤها مع خبراء خارجيين.3

تشير تقديراتنا أيضًا إلى أنه من المرجح أن يحدث تحولٌ إضافي فيما يخص مكونات مجموعات أرباح الجهات الدافعة نحو القطاع الحكومي، كما هو موضح في (الشكل 2). وبشكل عام، من المتوقع أن تكون نسبة مجموعات الأرباح لهذا القطاع حوالي 65 في المائة أكثر من القطاع التجاري بحلول عام 2027 ، أي ما يُعادل (36 مليار دولار مقارنة بـ 21 مليار دولار). وهذا التحول سيكون ناتج عن زيادة نمو برنامج "ميدكير أدفانتج"، حيث يُقدر أن يصل إلى 52 في المائة في عام 2027، مع استمرار النمو المتوقع في قطاع مزدوجي الرعاية الصحية، مما يوسع من نطاق الربح التشغيلي قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك من 7 مليار دولار في عام 2022 إلى 12 مليار دولار في عام 2027.

2

انخفضت مجموعات الأرباح للقطاع التجاري من 18 مليار دولار في عام 2019 إلى 15 مليار دولار في عام 2022. مع توقعاتٍ بأن تستعيد هوامش الربح التشغيلي قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك للقطاع التجاري مستوياتها التاريخية بحلول عام 2027، كما نتوقع أيضًا أن تصل مجموعات الأرباح إلى 21 مليار دولار، وذلك بمعدل نمو سنوي مركب تبلغ نسبته 7 في المائة خلال الفترة من عام 2022 إلى عام 2027. وداخل هذا القطاع، يمكن أن يتسارع التحول من الشركات ذات التأمين الكامل إلى الشركات ذات التأمين الذاتي نتيجة حدوث تباطؤ اقتصادي، الأمر الذي قد يدفع أصحاب العمل إلى التفكير بجديةٍ في خفض التكاليف. مما قد ينتج عنه انخفاض في معدلات التسجيل ببرامج التأمين الكامل من 50 مليون في عام 2022 إلى 46 مليون في عام 2027، بينما قد تزيد معدلات التسجيل داخل قطاع التأمين الذاتي من 108 مليون إلى 113 مليون خلال نفس الفترة.

أنظمة الصحة: جهود التحول تساعد في تسريع استعادة الربح التشغيلي قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك

في عام 2023، استمرت مجموعات أرباح أنظمة الرعاية الصحية في التعرض لضغوطٍ كبيرة كآثارٍ للتضخم ونقص العمالة. كانت معدلات النمو المتوقعة أقل من 5 في المائة خلال الفترة من عام 2022 إلى عام 2023، حيث استمرت المعدلات دون مستوياتها التي كانت عليها قبل الجائحة. وفي هذا الإطار قد قامت أنظمة الرعاية الصحية بجهودٍ كبيرة في التحول وضبط التكاليف، خاصةً فيما يتعلق بالقوى العاملة، مما ساعد على استعادة هوامش الربح التشغيلي قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك على التعافي بمقدارٍ يصل إلى 100 نقطة أساس؛ وترجع بعض أسباب التعافي إلى زيادة حجم الخدمات.

وبنظرةٍ مستقبلية، نتوقع تحقيق معدلات نمو بمعدل 11 في المائة خلال الفترة ما بين عامي 2023 إلى 2027، أو إجمالي الربح التشغيلي قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك بما يقدر بــ 366 مليار دولار بحلول عام 2027 ، كما هو موضح في (الشكل 3). إذ يعكس ذلك انتعاشًا ولكن بمستوياتٍ أدنى من المتوسط التاريخي على المدى الطويل في عام 2023، وذلك بفضل جهود التحول والارتفاع المحتمل في أسعار التعويضات. ومن المتوقع أيضًا أن تسعى أنظمة الرعاية الصحية إلى زيادة التعويض بنسبةٍ عالية من الأرقام الفردية أو أعلى عند تجديد العقود (أو أكثر من 300 نقطة أساس فوق المستويات السابقة) كرد فعلٍ للتضخم في التكاليف في السنوات الأخيرة.

3

هناك تدابيرٌ وإجراءات يجب العمل عليها لمواجهة ارتفاع التكاليف، وتشمل تحسين إنتاجية العمل بشكلٍ عام، والاعتماد على التطبيقات التكنولوجية المبتكرة في الأعمال الإدارية وتقديم خدمات الرعاية (من أمثلة ذلك، وضع نظامٍ موحد للعمليات والتعاقدات الخارجية، وزيادة الاعتماد على التكنولوجيا الرقمية في تقديم خدمات الرعاية، الاعتماد المبكر على تقنيات الذكاء الاصطناعي في دورة العمل الإداري مثل إدارة دورة الإيرادات). وبعيدًا عن هذه الإجراءات، يُقدر أن تتراوح الهوامش الربحية قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك لهذه الصناعة خلال عام 2027 لتصبح أقل من عام 2019 بما يتراوح بين 50 إلى 100 نقطة أساس، ما لم يحدث تسارعٌ كبير في جهود تحول الأداء.

هذا التوجه العام لأنظمة الرعاية الصحية يحتوى على بعض الاستثناءات الهامة. فعلى الرغم من أن مجموعات الأرباح الناتجة عن خدمات الرعاية ما بعد وضع الحالات الطارئة يمكن أن تتأثر بشكلٍ كبير نتيجة نقص العمالة (خاصةً في مجال التمريض)، إلا أن بعض أنواع الرعايات الأخرى قد تشهد نموًا (من أمثلة ذلك، الرعاية غير الطارئة والرعايات الخارجية مثل عيادات الأطباء ومراكز الجراحة المتنقلة). حيث نتوقع أن يشجع الاعتماد المتنامي على نموذج الرعاية المستندة إلى القيمة على تحقيق معدلات نموٍ سريعة.

توقعات بنمو مجموعات أرباح خدمات وتكنولوجيا الرعاية الصحية في القطاعات المعتمدة على التكنولوجيا

من المتوقع أن يحقق قطاع "خدمات وتكنولوجيا الرعاية الصحية" معدلات نموٍ أسرع من القطاعات الأخرى بمجال الرعاية الصحية. لقد توقعنا في عام 2021، أن يصل مجموع أرباح قطاع "خدمات وتكنولوجيا الرعاية الصحية" إلى 51 مليار دولار. وفي عام 2022، وفقًا لتقديراتنا، فقد انخفضت هذه الأرباح إلى 49 مليار دولار، وذلك انعكاسًا لعدة عوامل منها إنكماش السوق، وتضخم الأجور، وسحب الاستثمارات التكنولوجية الثابتة التي لم تحقق أهدافها بالكامل. بينما تشير توقعاتنا إلى أنه خلال الفترة ما بين 2022 إلى 2027 سيُسجل معدل النمو السنوي المركب لمجموعات الأرباح نسبة 12 في المائة، وذلك نتيجة التعافي من التداعيات السلبية الناتجة عن الجائحة والاتجاه نحو معدلات النمو طويلة المدى (الشكل 4). ومع استمرار الاعتماد على التكنولوجيا في مجال الرعاية الصحية، فإنه من المرجح أن يحدث تسارعٌ هو الأكبر في مجال البرمجيات والمنصات وتحليل البيانات، بنسب نمو سنوي مركب تبلغ 15 في المائة و22 في المائة على التوالي.

4

في عام 2023 ، قد لاحظنا انتعاشًا أولياً في سوق "خدمات وتكنولوجيا الرعاية الصحية"، مدعومًا بانخفاض ضغوط أجور العاملين، واستمرار اعتماد الجهات الدافعة والأنظمة الصحية على الوسائل التكنولوجية لتصبح أكثر كفاءة (على سبيل المثال ، عمليات التشغيل الآلي "الأتمتة" والاستعانة بمصادر خارجية).

هناك ثلاثة عوامل رئيسية من المتوقع أن تقود قاطرة النمو والتعافي في قطاع "خدمات وتكنولوجيا الرعاية الصحية". أولًا، استمرار الطلب على هذه الخدمات من قِبل الجهات الدافعة والأنظمة الصحية الهادفة إلى رفع مستوى كفاءة أعمالها ، وعلاج تحديات العمل على مستوى العمالة ، والاعتماد على تقنياتٍ تكنولوجيّة جديدة (مثل، الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي). ثانيًا، من المُرجح أن تقبل الجهات الدافعة وأنظمة الرعاية الصحية زيادات الأسعار التي يفرضها البائعين للحلول التي تقدم تحسيناتٍ قابلة للقياس. ثالثًا، نتوقع أن تقوم الشركات العاملة في هذا السوق بإجراء تغييرات على العمليات التشغيلية التي من شأنها رفع كفاءة الخدمات المُقدمة من خلال الاعتماد على عمليات التشغيل الآلي بشكلٍ أكبر، ونشر التكنولوجيا على نطاقٍ أوسع

قطاع الخدمات الصيدلانية سيستمر في النمو

شهد قطاع الخدمات الصيدلانية تغييرات كبيرة في السنوات الأخيرة ، منها ما تعلق بتأثيرات جائحة كوفيد - 19، أو اللجوء إلى إقامة شراكات عبر سلسلة القيمة ، أو الاعتماد على بيئة العمل التنظيمية المتطورة. الأمر الذي انعكس على الاستمرار في زيادة معدلات الأرباح ، حيث حقق هذا السوق معدلات نمو بلغت نسبتها 9 في المائة ليصل إلى 550 مليار دولار في عام 2022، 4 مع توقعاتٍ بزيادة معدلات النمو السنوي المركب بنسبة 5 في المائة ، ليصل إلى 700 مليار دولار في عام 2027. 5 وتعد الصيدلة المتخصصة واحدة من أسرع القطاعات الفرعية نموًا داخل قطاع الخدمات الصيدلانية، حيث تمثل 40 بالمائة من إيرادات الوصفات الطبية6. ومن المتوقع أن ينمو هذا القطاع بشكلٍ أكبر خلال عام 2027 ليحقق ما يقترب من 50 بالمائة من إيرادات الوصفات الطبية، كما هو موضح في (الشكل 5). ويرجع السبب في تحقيق زيادة في معدل النمو السنوي المركب لإيرادات قطاع الصيدلة المتخصصة والبالغ 8 في المائة، إلى زيادات في معدلات الطلب والتسعير بالإضافة إلى التوسع المستمر في علاجات خط الأنابيب - "وهو مصطلح يستخدم لوصف مجموعة العلاجات التي تستخدم تقنيات الحقن في علاج الأورام السرطانية. وتشمل العلاج الكيميائي والإشعاعي والعلاج الهرموني والمناعي" - (على سبيل المثال، العلاجات الخلوية والجينية وعلاجات الأورام والأمراض النادرة)، ونتوقع أن تعتمد عملية نمو الأرباح بشكلٍ جزئي على مجموعة عوامل منها: ضغوط السداد، والأدوية المتخصصة ، وزيادة تبني البدائل الحيوية. وبالرغم من ذلك فإن قطاع الصيدلة المتخصصة يواجه هو الآخر عددًا من الضغوطات، منها الضغوط التي تفرضها الشركات المُصنعة للأدوية فيما يتعلق ببرنامج "340B" (وهو برنامج تسعير الأدوية)، بالإضافة إلى بعض التحديات التي تواجه الصيدليات التعاقدية، والمقصود بها المتعاقدة مع جهات معينة، مثل حجم الصيدلية وموقعها. وقد شهد القطاع الفرعي للصيدلة المتخصصة نموًا استثماريًا متزايدًا في الصيدليات المملوكة للمستشفيات.

5

لا تزال صيدليات البيع بالتجزئة وعبر البريد تواجه المزيد من الضغوط من حيث الهوامش الربحية والانكماش في مجموعات الأرباح، ويرجع السبب في ذلك إلى التعويضات ونقص العمالة والتضخم، بالإضافة إلى ثبات معدلات التوزيع العامة.7 وعدم نموها، وفي هذا الإطار قد أعلن8 عددٌ من السلاسل مؤخرًا عن الجهود المبذولة لترشيد مساحات عرض الأدوية داخل المتاجر مع الاستمرار في تعزيز تقديم خدماتٍ إضافية، والتي من بينها توفير خدمات الرعاية الصحية.

شهد العام الماضي اهتمامًا متزايدًا بالأدوية الأكثر شيوعًا مثل أدوية "GLP-1s" ( وهي أدوية البيبتيد شبيه الجلوكاجون) التي تستخدم لمرضى السُّكري والسمنة. حيث تعتبر هذه الفئة من المرضى الذين تنطبق عليهم المعايير السريرية لاستخدام هذه الأدوية، أكبر من حيث العدد من أي فئة دوائية جديدة ظهرت خلال فترة العشرين إلى الثلاثين عامًا الماضية. وقد ساهم الاهتمام المتزايد بهذه الفئة من الأدوية في زيادة حجم النقاشات الخاصة بقرارات الرعاية والتغطية، بما في ذلك اعتبارات الالتزام بالعلاج، وكذلك الإدارة المُثلى لكيفية استخدامه، ووصوله إلى المريض (على سبيل المثال، استخدام الخدمات الرقمية وخدمات الرعاية الصحية عن بُعد). وبينما نتطلع إلى المستقبل، فإنه من المرجح أن تظل قدرة المرضى على تحمل التكاليف، واحتوائها، والتنبؤ بحجم الإنفاق، من الموضوعات الرئيسية في هذا القطاع. كما يُتوقع أن يساهم قانون الحد من التضخم في إجراء تعديلٍ على الفوائد من برنامج "ميدكير" من فئة D ، الخاص بالوصفات الطبية، مع التركيز على تقليل النفقات التي يتحملها المستفيدون ، والتفاوض فيما يخص بعض الأدوية المحددة، وزيادة الحوافز مقابل إدارة أفضل للأدوية ذات التكلفة المرتفعة. ومن المؤكد أن كل هذه التغييرات إلى جانب الاهتمام المتزايد بالأدوية واسعة النطاق وإمكانات العلاجات عالية التكلفة (مثل العلاجات الخلوية والجينية)،ستُمهد الطريق نحو التحول في نماذج الرعاية والتمويل.

وبالرغم مما واجهته صناعة الرعاية الصحية في الولايات المتحدة من ظروفٍ عصيبة خلال عام 2023 ، والتى تمثلت في استمرار ارتفاع معدلات التضخم ونقص العمالة بالإضافة إلى تداعيات جائحة كوفيد - 19، إلا أنها نجحت فى التكيّف مع كل هذه التحديات، مما يجعلنا نتوقع بذل مزيدٍ من الجهود الرامية إلى تحسين معدلات النمو في هذه الصناعة حتى تستطيع مجابهة التحديات المتوقعة في عام 2024 وما بعده ، والعودة مرة أخرى إلى المتوسطات التاريخية لهوامش الأرباح.

Explore a career with us