كيف يمكن الاستعداد للتقلبات المستمرة في السياسات الجمركية والعلاقات التجارية

| تدوينة صوتية

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر. نرحب بتعليقاتكم على البريد الإلكتروني التالي reader_input@mckinsey.com

وفي ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية، تزداد تعقيدات النظام التجاري العالمي يومًا بعد يوم، ما يضع العديد من القادة في حالة من القلق والترقب المستمر. في هذه الحلقة من بودكاست ماكنزي، تستضيف "لوسيا راهيلي"، مديرة التحرير العالمي، كلًا من "سيندي ليفي" و شوبهام سينغال، وهما من القادة المشاركين عالميًا في أعمال ماكنزي المتعلقة بالجغرافيا السياسية، للحديث عن سُبل التعامل مع التغيرات المتسارعة في العلاقات التجارية بين الدول، وكيف يمكن للمؤسسات أن تمضي قدمًا بثبات، بغض النظر عن المسار الذي قد تسلكه مفاوضات الرسوم الجمركية الجارية حاليًا.

ما الجديد على موقع McKinsey.com؟

روبرتا فوسارو: ندعوكم للاطلاع على تقريرنا الأخير حول كيفية تحقيق النجاح والتميز في المنافسة على جذب انتباه المستهلكين. فالأمر لم يعد يقتصر على مجرد الوصول إليهم، بل أصبح من الصعب فعليًا كسب تركيزهم في ظل هذا الزخم الهائل من الرسائل والعروض. وما يزيد من صعوبة المشهد هو أن سلوك المستهلك لم يعد سهل الفهم كما في السابق. فهناك حالة من الغموض تحيط بما يدفع الناس إلى الإنفاق أو التردد. ولهذا السبب، ركزنا في تقرير "حالة المستهلك" الذي نُشر مؤخرًا على تحليل العوامل الحقيقية التي تؤثر في قرارات الشراء، لفهم ما يشغل المستهلك اليوم وما يحفزه.

فهم حالة عدم الاستقرار في التجارة العالمية والسيطرة عليها

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

لوسيا راهيلي: يبدو أن ملف الرسوم الجمركية لا يزال مفتوحًا على احتمالات متعددة، في ظل مشهد عالمي يشوبه الغموض والتقلب المستمر. فالتغيرات في السياسات التجارية تتسارع بوتيرة يصعب اللحاق بها، ما يضع الكثير من علامات الاستفهام حول ما ينتظرنا. "سيندي"، كيف يمكننا أن نقرأ ما يجري حاليًا؟ وما الذي يجب أن نتوقعه خلال الفترة المقبلة وسط هذا الواقع المتقلب؟

سيندي ليفي: لقد كانت الشهور الماضية حافلة بالأحداث والتطورات المتسارعة، ونحن نبذل قصارى جهدنا لمواكبة هذا الزخم والتفاعل معه بفعالية. ففي منتصف أبريل، صدرت قرارات أدت إلى قفزة كبيرة في متوسط الرسوم الجمركية على السلع المستوردة إلى الولايات المتحدة، حيث ارتفعت من نحو 2 بالمئة إلى ما بين 20 إلى 25 بالمئة، وذلك قبل احتساب أي ردود محتملة من الدول الأخرى. ولإدراك حجم التأثير، يكفي أن نعلم أن نحو 37 بالمئة من السلع المصنّعة التي يشتريها المستهلك الأمريكي هي سلع مستوردة. وهذا يعني أن هذه الزيادات الجمركية قد تترك أثرًا واسع النطاق على قرارات الشراء والإنتاج داخل السوق الأمريكية نفسها.

هناك تطورات مهمة حدثت منذ شهر أبريل تستحق التوقف عندها. بعض هذه التغيرات يندرج ضمن المجال الصناعي، في حين يظل بعضها الآخر مرتبطًا بمستوى السياسات والتوجّهات الحكومية. لكن أول ما يمكن ملاحظته هو أن عددًا كبيرًا من الشركات العالمية بدأ فعليًا بإعادة النظر في خطط التصنيع، ويفكر جديًا في توسيع نطاق إنتاجه داخل الولايات المتحدة. وفي المقابل، هناك من اتخذ موقفًا أكثر حذرًا، إذ نسمع من بعض الشركات عبارات من قبيل: "علينا أن نعلّق قراراتنا مؤقتًا، لا يمكننا اتخاذ خطوات استثمارية كبيرة الآن، فبيئة الأعمال غير مستقرة بدرجة لا تسمح بذلك".

ومن التطورات اللافتة كذلك، التوصل إلى اتفاق بين الصين والولايات المتحدة في شهر أبريل على هدنة تجارية مدتها 90 يومًا. هذا التوقف المؤقت أسفر عن خفض كبير في الرسوم الجمركية المفروضة على السلع الصينية المتجهة إلى السوق الأمريكية، حيث تراجعت من 145 في المئة إلى نحو 40 في المئة. وقد أدى هذا التغيير المفاجئ إلى تحولات كبيرة وفورية في حركة الشحن، إذ سارع المصدّرون إلى الاستفادة من فترة التخفيف، فارتفعت معدلات الشحن البحري بشكل ملحوظ، حتى إن أسعار الحاويات تضاعفت ثلاث مرات تقريبًا فور الإعلان عن الهدنة. والآن، يبقى السؤال المطروح: كيف ستتطور الأمور بعد انقضاء هذه المهلة، وهل ستكون مقدّمة لتفاهمات أوسع أم لمواجهة جديدة؟

بالإضافة إلى ذلك، فإن المهلة النهائية لتعليق الرسوم الجمركية المتبادلة تقترب شيئًا فشيء، إذ من المقرر أن تنتهي في أوائل شهر يوليو. ومع اقتراب هذا الموعد، بدأت الدول تسابق الزمن لعقد اتفاقيات تجارية ثنائية، من بينها اتفاقية التجارة مع المملكة المتحدة. ومن المهم جدًا متابعة ما يجري داخل هذه الاتفاقيات، خصوصًا فيما يتعلق بأنواع السلع المختلفة، لأن المعاملة لن تكون موحّدة. فبعض الفئات، كالصلب والنحاس والأدوية، تُعتبر من السلع ذات الأهمية الاستراتيجية للأمن القومي، وبالتالي قد تخضع لشروط ومعايير مختلفة تمامًا عن غيرها من السلع.

التخطيط ووضع السيناريوهات

لوسيا راهيلي: في ظل هذا الغموض المتزايد، كيف ترين ملامح المرحلة المقبلة فيما يتعلق بالرسوم الجمركية؟ إذا نظرنا إلى الأشهر الاثني عشر القادمة، ما هي السيناريوهات الأقرب للحدوث؟

شوبهام سينغال: إن تأثير الرسوم الجمركية لا ينعكس فقط على تكاليف الإنتاج، بل يمتد ليؤثر في ديناميكيات الطلب واتجاهات السوق. والمهم هنا أن الأمر لا يتعلّق بشركتك وحدها وما إذا كانت ستنقل عملياتها إلى موقع جديد، بل يتعلق أيضًا بما يفعله منافسوك في الوقت نفسه. فالمعادلة لا تُحسم بقرار فردي، بل بتوازنات جماعية: أين تتمركز أنت؟ وأين يتمركزون هم؟ وكيف ستؤثر هذه التحركات في موقعك التنافسي داخل السوق؟

ومن المهم في هذه المرحلة أن ننظر إلى مجموعة من السيناريوهات المحتملة المتعلقة بالرسوم الجمركية. في أحد السيناريوهات، قد تستقر الرسوم عند مستويات منخفضة نسبيًا، تقترب من 8 بالمئة. وهذا يفترض استمرار مسار التهدئة في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، مع الإبقاء على بعض الرسوم المفروضة على السلع المرتبطة بالأمن القومي، دون أن تنخفض النسبة إلى الصفر بالكامل. وعلى صعيد آخر، هناك سيناريو تصعيدي قد يعيد مستوى الرسوم إلى ما يقارب 29 بالمئة، وذلك في حال انتهت فترات التهدئة المؤقتة وعادت التوترات التجارية مرة أخرى. أما السيناريو الوسيط، فيدور حول رسوم بمعدل 15 بالمئة، وهو يفترض أن بعض الاتفاقيات الثنائية ستتم بالفعل، في حين ستتعثّر أخرى. وهو سيناريو يُعد معقولًا بالنظر إلى الوضع الحالي. لكن ما يجب الانتباه إليه أيضًا هو أن هذه التوجهات لا تحدث بمعزل عن سياق اقتصادي أوسع، حيث تلعب عوامل مثل تسارع الإنتاجية، وتطورات الذكاء الاصطناعي، وما إلى ذلك دورًا محوريًا في تشكيل تأثير هذه السيناريوهات على أرض الواقع.

كما يدور حاليًا نقاش واسع داخل الولايات المتحدة بشأن الحاجة إلى إعادة ضبط السياسات المالية، في ضوء ارتفاع عجز الموازنة العامة، إلى جانب التوقعات بإجراءات محتملة من جانب البنك المركزي قد تؤثر في حركة السوق. ولهذا، ينبغي على الشركات ألا تكتفي بمراقبة المشهد، بل أن تبدأ بوضع نماذج متعددة للتعامل مع ما قد يحدث. كما عليها أن تقيّم كيف يمكن أن تؤثر هذه التحولات في الطلب على منتجاتها، وفي هيكل تكاليفها، وفي موقعها التنافسي مقارنةً بالآخرين. ومن خلال هذا الفهم، يمكنها أن ترسم مسارًا واضحًا للمضي قدمًا. وخلال الأشهر الاثني عشر المقبلة، من المتوقع أن تبدأ الشركات فعليًا بوضع هذه التصورات، لتكون مستعدة للتحرك بمرونة مع استمرار المفاوضات الحكومية.

لوسيا راهيلي: "سيندي"، في ظل هذا الكم من المتغيرات المتسارعة بدءً من الرسوم الجمركية، مروراً بالسياسات النقدية، وصولًا إلى الحديث عن إعادة ضبط السياسات المالية، برأيك كيف ترين تعامل قادة الأعمال مع هذا المشهد الاقتصادي المعقد؟ وما النقاط الجوهرية التي ينبغي أن يضعوها في اعتبارهم وهم يخططون للمرحلة المقبلة، وسط هذا القدر من الغموض والتقلب؟

سيندي ليفي: من المهم أن تتعامل الشركات مع سيناريوهات الرسوم الجمركية باعتبارها جزءًا من صورة اقتصادية أشمل، لا عنصرًا معزولًا. فالبيئة الاقتصادية الكلية لا تتحدد بالسياسات التجارية وحدها، بل تتأثر أيضًا بمسارات الإنفاق العام والتحولات المالية الأوسع. وهناك سؤال كبير يفرض نفسه حاليًا: هل ستسارع الولايات المتحدة إلى خفض ما يقارب تريليون دولار سنويًا من موازنتها؟ وحتى هذه اللحظة، حسب تقديري، ما أُعلن عنه رسميًا لا يتجاوز 150 مليار دولار من هذا المبلغ، ما يعني أن الطريق لا يزال مفتوحًا أمام مزيد من إجراءات إعادة الهيكلة المالية، التي قد يكون لها أثر بالغ على النشاط الاقتصادي واتجاهات السوق في الفترة المقبلة.

وإذا تم المضي قدمًا في تطبيق هذا الخفض الحاد في الإنفاق العام، فمن المرجّح أن ينعكس ذلك فورًا على الاقتصاد، مسببًا حالة من الركود على المدى القريب. لكن هذا الركود قد يتبعه تعافٍ تدريجي خلال ثلاثة إلى خمسة أرباع سنوية. أما في حال تأخر اتخاذ القرار، فقد لا تتفادى الولايات المتحدة الركود، بل تؤجّله إلى وقت لاحق. لهذا السبب، لا يكفي أن تنظر الشركات إلى الرسوم الجمركية بوصفها العامل الوحيد المؤثر، بل من الضروري أن تُدرج السياسات المالية ضمن حساباتها، لأنها تلعب دورًا محوريًا في تشكيل ملامح الاقتصاد في المرحلة المقبلة.

برأيي، يجب على الشركات أن تبدأ بمتابعة اتجاهات الطلب، سواء من العملاء أو من قطاع الأعمال، لأن هذه الاتجاهات لا ترتبط فقط بالرسوم الجمركية، بل تتأثر أيضًا بتوقعات الناس وثقتهم في الاقتصاد. ففي كثير من النقاشات التي نجريها مع الشركات، لا يقتصر الحديث على زيادة التكاليف، بل يمتد إلى أمر آخر لا يقل أهمية، ألا وهو: هل سيظل الناس يشترون ما تنتجه هذه الشركات في الفترة القريبة؟ الإجابة عن هذا السؤال هي ما يساعد الشركات على تحديد ما إذا كانت بحاجة إلى اتخاذ خطوات جادة لحماية نفسها. مثلًا: هل عليها أن تخفّض مصروفاتها؟ هل تؤجل بعض الاستثمارات؟ وهل عليها أن تعيد التفكير في أولوياتها التشغيلية؟

برأيي، يجب على الشركات أن تبدأ بمتابعة اتجاهات الطلب، سواء من العملاء أو من قطاع الأعمال، لأن هذه الاتجاهات لا ترتبط فقط بالرسوم الجمركية، بل تتأثر أيضًا بتوقعات الناس وثقتهم في الاقتصاد.

سيندي ليفي، شريكة أولى في ماكنزي

رصد تطورات حركة التجارة واتجاهاتها

لوسيا راهيلي: دعينا نغوص الآن بشكل أعمق في بعض التوجهات التي بدأت تظهر في الأسواق، نتيجة تأثير الرسوم الجمركية والعوامل الجيوسياسية الأخرى. ما أبرز هذه التحولات؟ وكيف بدأت تنعكس على سلوك الشركات والمستهلكين على أرض الواقع؟

سيندي ليفي: فلنبدأ بأنماط التجارة، وهو موضوع يتكرر كثيرًا في تساؤلات العملاء. فاليوم، لم يعد كافيًا أن يكون لدى الشركات فهم عام لحركة التجارة العالمية، بل أصبحت بحاجة إلى رؤية أعمق وأكثر دقة.

إذا فكرنا في تأثير الرسوم الجمركية على أي منتج، فسنجد أنها تغيّر تكلفة استيراده إلى الولايات المتحدة، وبالتالي تؤثّر في مَن يملك الميزة السعرية. ولنأخذ معدات النقل كمثال، إذ كانت الصين تملك حصة كبيرة من صادرات هذا القطاع إلى السوق الأمريكية، تقارب 20% في السابق. لكن مع ارتفاع الرسوم الجمركية، تصبح المنتجات الصينية أغلى، وقد تخسر قدرتها على المنافسة. وهنا، تبدأ دول أخرى مثل بعض الدول الأوروبية أو أمريكا اللاتينية في الظهور كبدائل محتملة، لأن تكلفتها قد تصبح أقل. لكن السؤال المهم: هل هذه الدول مستعدة؟ هل تملك طاقة إنتاجية كافية لتغطية هذا الطلب؟ وهل بدأت فعليًا في التوسع؟ إذا كانت شركتك تعمل في مجال معدات النقل، فقد يكون من الذكاء التفكير في توجيه استثماراتك نحو هذه الدول الجديدة التي قد تملك فرصة أكبر للتصدير إلى أمريكا. هذا النوع من التغيرات في حركة التجارة هو ما نتحدث عنه كثيرًا مع عملائنا في الفترة الحالية.

ومن النقاشات المتكررة التي نجريها أيضًا مع الشركات، تلك المتعلقة بكيفية إعادة تشكيل سلسلة التوريد بسرعة وذكاء عند الحاجة. فالسؤال المطروح هو: كيف يمكن نقل جزء مهم من سلسلة التوريد إلى مكان آخر، دون أن يعرّض النشاط التجاري للخطر؟ هل لدى الشركة فهم كافٍ لمستوى الجاهزية في الدول البديلة، سواء في جنوب شرق آسيا أو مناطق أخرى؟ وعند التفكير في شراء مكوّنات أو مواد دقيقة من هذه الدول، كيف يمكن تقييم قدرتها على تلبية المتطلبات؟ وما حجم البنية التشغيلية التي تحتاج إليها على أرض الواقع في تلك الدول؟ وما الموارد التي يجب أن تتوفر في تلك الأسواق الجديدة؟ وما مدى الجهد المطلوب لتأسيس سلسلة توريد مستقرة وفعالة في بيئة مختلفة تمامًا؟

لوسيا راهيلي: قبل أن ننتقل إلى موضوع آخر، هل لديكِ أي نصائح أو رؤى يمكن أن تساعد القادة الذين يحاولون تحويل هذه التحديات المعقدة إلى فرص حقيقية لنمو مؤسساتهم؟

شوبهام سينغال: يمكننا القول إننا نعيش اليوم لحظة عودة حقيقية للتفكير الاستراتيجي. فالعالم من حولنا يتغيّر بسرعة، وهناك الكثير من الغموض، سواء فيما يتعلق بمصادر القوة التنافسية أو بتغير سلوك السوق. وفي ظل هذا المشهد، نلاحظ أن القادة في مختلف القطاعات يتبعون ثلاث خطوات أساسية تمكّنهم من مواجهة هذا الواقع. وغالبًا ما أختصرها بثلاث كلمات: "التحصين وتقليل المخاطر، والاستعداد، والانطلاق."

إن أول ما يقوم به القادة اليوم هو تقليل المخاطر والخسائر المحتملة. على سبيل المثال، لا تُفرض الرسوم الجمركية إذا كانت الشركة متوافقة مع شروط اتفاقية (USMCA) "اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا للتجارة الحرة" داخل منطقة أمريكا الشمالية. ففي السابق، لم تكن الشركات تولي هذا الجانب اهتمامًا يُذكر، لأن الامتثال للاتفاقية لم يكن له تأثير مباشر. أما الآن، فقد تغيّر الأمر، وأصبحت الشركات تسعى فعليًا إلى توثيق منتجاتها على أنها منتجات مطابقة للاتفاقية، للاستفادة من الإعفاء الجمركي. إلى جانب ذلك، هناك إجراءات عملية أخرى يتخذها القادة بمرونة وسرعة، مثل إعادة مراجعة سلاسل التوريد، واللجوء إلى الإعفاءات المتاحة، وتحسين كفاءة الخدمات اللوجستية وما إلى ذلك.

النقطة الثانية تتعلّق بالاستعداد الجاد. إن الكثير من القادة اليوم يركّزون على خطوات يمكن تنفيذها دون تردد، حتى وسط حالة الغموض. هذه الخطوات تُعرف بأنها "تحرّكات آمنة"، أي أنها لن تكون خسارة مهما كانت اتجاهات السوق. وفي الواقع، تبدأ هذه الخُطط بأسئلة جوهرية مثل: كيف يمكننا تحسين التكاليف العامة والإدارية؟ وأين يمكننا تعزيز الكفاءة التشغيلية؟ وما الذي نستطيع فعله لتقوية المركز المالي للمؤسسة؟ كل هذه الخطوات تُتخذ في ظل حالة عدم اليقين، ليس فقط لحماية المؤسسة من الصدمات والمخاطر، بل لضمان جاهزيتها للتحرّك بسرعة وفعالية في اللحظة المناسبة، عندما تتضح معالم الفرص الجديدة.

أما الخطوة الثالثة، فهي تتعلق بالانطلاق أو التحرّك فعليًا. فبعض الشركات بدأت بالفعل بإعادة النظر في سلاسل التوريد، وتحديث عمليات التصنيع، واستكشاف أسواق جديدة، وتوسيع أنشطتها التجارية. ولقد رأينا هذا النوع من التحركات في فترات سابقة من عدم الاستقرار، والنتيجة كانت واضحة: الشركات التي لا تكتفي بترشيد التكاليف وتحسين وضعها المالي، بل تبادر مبكرًا في الاستثمار الذكي والنمو المدروس، غالبًا ما تكون هي الرابحة على المدى البعيد. ومع مرور الوقت وتراجع حالة الغموض، تكون هذه الشركات قد سبقت غيرها بخطوة، لأنها لم تنتظر تحسّن الظروف، بل بدأت بالتحرك عندما كان الآخرون يترددون.

الشركات التي لا تكتفي بترشيد التكاليف وتحسين وضعها المالي، بل تبادر مبكرًا في الاستثمار الذكي والنمو المدروس، غالبًا ما تكون هي الرابحة على المدى البعيد

شوبهام سينغال، شريك أول بماكنزي

التعامل بذكاء مع الفرص المحتملة

لوسيا راهيلي: بما أن الشركات بحاجة إلى أن تكون جاهزة للتحرّك، كيف يمكن للقادة أن يأخذوا تأثير الرسوم الجمركية في الحسبان؟ وبشكل عملي، كيف يمكن لهذه التأثيرات أن تدخل في صلب قرارات الرئيس التنفيذي، أو أن تساعد في تحديد أولويات الشركة خلال هذه الفترة؟

شوبهام سينغال: كما ذكرت في بداية الحديث، من المهم أن تنظر الشركات إلى أمرين: أولًا، ما الذي يتغير في حجم الطلب على منتجاتها، وثانيًا، كيف يؤثر ذلك على موقعها في السوق مقارنةً بالمنافسين. من أبسط الأمور التي يمكن ملاحظتها هنا هو تأثير الرسوم الجمركية على التكلفة. فالشركة بحاجة أن تسأل: كم ستكلّفني هذه الرسوم؟ وكم ستكلّف المنافسين؟ والإجابة تختلف من شركة لأخرى، لأن كل شركة لديها منتجات مختلفة، وتبيع في أسواق مختلفة، وتصنّع أو تشتري من أماكن مختلفة. كل هذه الاختلافات تؤدي إلى نتائج مختلفة، وفهم هذه الفروقات مهم جدًا، لأنه يساعد الشركات على معرفة أين تقف، وما إذا كانت بحاجة إلى تعديل استراتيجيتها في السوق.

وهناك اختلافات أخرى لا تقل أهمية، تتعلّق بإمكانية الوصول إلى أسواق معينة، خاصة في ظل بعض القيود المرتبطة بالأمن القومي. ففي بعض الحالات، تتمكّن شركات معيّنة من الحصول على مواد أو مكوّنات محددة، بينما لا تتوفر هذه الإمكانية لغيرها. وهنا تزداد الفروقات بين الشركات بشكل ملحوظ، فالعوامل التي كانت في الماضي مجرد تفاصيل بسيطة، أصبحت اليوم عناصر حاسمة تمنح بعض الشركات قوة أكبر في السوق.

ما نلاحظه هو أن معظم الشركات تفهم جيدًا تأثير هذه التغيرات على أعمالها، لكنها كثيرًا ما تُغفل النظر إلى التأثير بالمقارنة مع المنافسين. وفيما يتعلق بالطلب، وخاصة في الأسواق الاستهلاكية، من الضروري أن تفهم الشركات كيف سيتصرف المستهلك عندما تضطر إلى رفع الأسعار لتعويض زيادة التكاليف. فهل سيتقبل السعر الجديد؟ أم سيتجه إلى بدائل أرخص؟ في هذه الحالة، قد ينخفض الطلب على منتج معيّن، لكنه يرتفع على منتج آخر يقدم "قيمة أكبر مقابل السعر". واستنادًا إلى دراساتنا، نلاحظ أن شريحة كبيرة من المستهلكين، خصوصًا في الولايات المتحدة، بدأت تميل بشكل واضح نحو الخيارات التي توفّر لهم قيمة أكبر. وإذا استمر هذا التوجه، فمن الطبيعي أن تشهد العلامات التجارية ذات الأسعار المعقولة نموًا أكبر. وهنا تكمن الفرصة: حتى لو تراجع حجم الطلب الكلي، يمكن للشركات أن تستفيد من هذا التحوّل في سلوك المستهلك، إذا تحركت في الاتجاه الصحيح وفي الوقت المناسب.

وفي هذه المرحلة، تصبح التفاصيل الدقيقة حول فرص النمو أكثر أهمية من أي وقت مضى. ومن الأسئلة الأساسية التي ينبغي على القادة طرحها: أين توجد الفرص الحقيقية للتوسّع؟ وأي الأسواق أو المجالات بدأت تتراجع؟ فبعض الأسواق حول العالم ستشهد زيادة في النشاط التجاري، بينما ستشهد أسواق أخرى تباطؤًا أو تراجعًا واضحًا. وهنا من المهم أن تسأل شركتك نفسها: هل نحن متواجدون في الأماكن التي تشهد نمواً؟ هل نوجه طاقاتنا نحو الاتجاه الصحيح؟ وعندما تتضح الصورة، يمكن للإدارة أن تبدأ بوضع قرارات استراتيجية أكثر دقة، مثل: ما هي الأنشطة داخل الشركة التي تستحق الاستثمار فيها؟ أين يمكن أن تنجح صفقات الاستحواذ أو التوسع؟ وما المجالات التي تحمل فرصًا حقيقية للنمو في الفترة المقبلة؟

عندما تنظر الشركات إلى مختلف السيناريوهات المستقبلية، فإن بعض الحالات تكون مناسبة جدًا لاتخاذ قرارات استثمار قوية مثل، ضخ أموال إضافية في تطوير أنشطة المبيعات أو زيادة القدرة الإنتاجية، وذلك عندما يكون السوق في حالة نمو واضحة، والشركة تتمتع بموقع تنافسي قوي. لكن في حالات أخرى، يكون السوق غير مستقر والطلب غير واضح، وهنا تميل الشركات إلى تعديل أسعارها للحفاظ على هوامش الربح، مع التريّث في تنفيذ أي استثمارات كبيرة، لأنها لا تملك اليقين الكافي. وهناك أيضًا أوضاع تكون فيها الشركة في سوق يعاني من التباطؤ، أو في مناطق لم تعد تحقق نتائج مرضية. في هذه الحالة، يصبح من الضروري إعادة التفكير: فهل من المجدي الاستمرار في هذا النشاط أو في هذا السوق؟ أما في الحالات التي تحمل بعض الفرص لكنها في الوقت نفسه تواجه تحديات حقيقية، فعلى القادة أن يتخذوا قرارات صعبة مثل: هل يستحق الأمر أن نستثمر رغم المخاطر؟ هل يمكن معالجة نقاط الضعف؟ أم علينا أن نغيّر الاتجاه كليًا؟

وفي الوقت نفسه، من المهم أن تفهم الشركات ما الذي ينوي منافسوها فعله. فمعرفة تحركات المنافسين تُعد جزءًا أساسيًا من التخطيط الاستراتيجي. فعلى سبيل المثال، في أحد القطاعات التي قمنا بدراستها، كان هناك لاعبون كبار إلى جانب شركات صغيرة ومتخصصة. وتبيّن أن بعض هذه الشركات الصغيرة لن تكون قادرة على مواكبة التغيرات أو تنفيذ التحولات المطلوبة. وهنا تبرز فرص الاستحواذ، إذ قد تصبح هذه الكيانات أهدافًا مناسبة للضم. والسؤال الذي تطرحه الشركات الذكية هو: "إذا كان بعض المنافسين سيغادرون أسواقًا معينة أو سيتخلّون عن أنشطة محددة، فكيف يمكن لنا أن نتحرّك بسرعة ونملأ هذا الفراغ؟" هذا النوع من التفكير لا يقتصر على رد الفعل، بل هو تفكير استباقي، يعتمد على الرؤية بعيدة المدى. وهو بالضبط النوع من التحركات التي بدأت العديد من الشركات الكُبرى بالتخطيط لها - والأهم، الاستعداد الفعلي لتنفيذها في الوقت المناسب.

الرؤية القريبة والبعيدة المدى

لوسيا راهيلي: برأيك "سيندي"، من الناحية العملية، وفي ظل هذا التقلّب المستمر، كيف يمكن للقادة أن ينظّموا أنفسهم لاتخاذ قرارات واضحة وفعّالة؟ ما الأساليب التي تساعدهم على التحرك بثبات وسط هذا الكم من التغيّرات؟

سيندي ليفي: على المدى القريب، من الضروري أن تتمكن المؤسسات من اتخاذ قرارات سريعة، لكن دون أن تكون عشوائية. يجب أن تُبنى هذه القرارات على رؤى واضحة، يتم الوصول إليها من خلال تحليل منظم وعملي. ولهذا، نرى الكثير من الشركات بدأت بتأسيس ما يُشبه غرف التحكم أو "مراكز الأعصاب"، وهي فرق عمل مركزية مخصصة لمتابعة المستجدات وتحليلها لحظة بلحظة.

هذه المراكز أو غرف التحكم لا تقتصر وظيفتها على متابعة العمليات اليومية، بل تلعب أيضًا دورًا محوريًا في تقديم التحليلات والسيناريوهات لبقية أجزاء المؤسسة. على سبيل المثال، بعض شركات الاستثمار المباشر (الأسهم الخاصة) أنشأت مراكز متخصصة لدراسة تأثير الرسوم الجمركية والنماذج الاقتصادية المرتبطة بها، ثم تقوم هذه المراكز بتوفير الرؤية والتحليل لجميع الشركات ضمن محفظتها الاستثمارية. وهذا النهج أكثر فاعلية من أن تضع كل شركة رؤيتها الخاصة بشكل فردي، وهو ما قد يؤدي إلى قرارات متباينة أو غير منسجمة. ومن المهم داخل هذه المراكز التفكير بشكل شامل في جميع الجوانب التي قد تكون ذات قيمة: بدءً من الاستجابة التشغيلية المباشرة، كما أشار "شوبهام"، وصولاً إلى اتخاذ خطوات فورية تعزّز مرونة الشركة في المدى القريب.

وأكرر مرة أخرى، أنه من المهم أن تدرك الشركات أن هناك مبالغ مالية كبيرة يمكن أن تُوفَّر أو تُهدَر بسبب القرارات التي تُتخذ في الوقت القريب. فبعض الشركات تخسر ملايين الدولارات يوميًا، فقط لأنها لم تُدرج المنتجات التي تستوردها تحت التصنيفات الجمركية الصحيحة. وكما أشار "شوبهام" سابقًا، هناك شركات لم تُنجز المستندات المطلوبة لتأكيد التزامها باتفاقية "اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا للتجارة الحرة"، ونتيجة لذلك، لا تحصل على الإعفاء من الرسوم الذي يُفترض أنها تستحقه.

وقد تكون هناك أيضًا مشكلات في كيفية تسعير العمليات بين الفروع أو الشركات التابعة، مما يؤدي إلى تحميل التكاليف بشكل غير دقيق. كذلك، قد تكون هناك بدائل للمنتجات المستخدمة حاليًا، يمكن أن تساعد في خفض النفقات إذا تم التفكير فيها بجدية. لذلك فإن وجود مركز مخصص لمتابعة هذه الجوانب، مثل "مركز الأعصاب" الذي أشرنا إليه سابقًا، يسمح بتصنيف هذه القرارات حسب الأولوية، والبدء في تنفيذها بسرعة. ومن بين هذه القرارات العاجلة أيضًا، ما يتعلق بتسعير المنتجات في الوقت الحالي حيث تحتاج الشركة إلى ضبط الأسعار للحفاظ على توازنها المالي.

وفي سياق الحديث عن الميزة التنافسية، تواصلتُ مؤخرًا مع شركة صناعية أوروبية تمتلك منشآت تصنيع داخل الولايات المتحدة، بينما لا يملك منافسوها نفس الحضور المحلي. وهذا يمنحها أفضلية واضحة، لأن منافسيها سيتأثرون أكثر بتكاليف الرسوم الجمركية، وهو ما سيضعهم في موقف أصعب أمام العملاء من ناحية الأسعار. وبفضل هذه الأفضلية، بدأت الشركة تُفكر جديًا في الاستفادة من هذه اللحظة، عبر التوسّع في حصتها السوقية، وتثبيت عقود طويلة الأجل مع العملاء، قبل أن تتغير الظروف أو تذهب الفرصة. والسؤال المهم هنا هو: كيف يمكن تحليل هذه الفرصة بشكل سريع ومنهجي؟ وكيف يمكن تجهيز الفريق لاتخاذ قرارات حاسمة في الوقت المناسب قبل أن يفوت الأوان؟

توثر التوجهات الجيوسياسية بشكل مباشر على طريقة تعامل الشركات مع الرسوم الجمركية. فالشركة التي لا تلتزم بالقواعد بدقة قد تتعرض لخسائر كبيرة، ولهذا من المهم أن تكون المتابعة دقيقة ومستمرّة. كما أن هذه التغيرات قد تؤثر على تشغيل الشركة: هل سلسلة التوريد ما زالت مناسبة؟ هل موقع التصنيع الحالي يخدم الأهداف أم يحتاج إلى تعديل؟ وقد تكون هناك قرارات استثمارية كانت على وشك التنفيذ، مثل ضخ أموال في بلد معين، لكن إذا كانت القوانين الجمركية في هذا البلد غير واضحة، فقد يكون من الضروري إعادة التفكير قبل المضي قدمًا. لهذا السبب، تحتاج كل شركة إلى جهة داخلية واضحة تجمع كل هذه المواضيع، وتتابعها، وتقدّم توصيات دقيقة وسريعة لمساعدة الإدارة في اتخاذ القرار الصحيح في الوقت المناسب.

ما وراء التجارة والرسوم الجمركية: اتجاهات أخرى

لوسيا راهيلي: لو نظرنا إلى المشهد من زاوية المستثمر، هل هناك اتجاهات تستحق التوقف عندها؟ هل تلاحظون فرصًا استثمارية جديدة ظهرت نتيجة تغيّرات في السياسات أو تحوّلات في سلاسل القيمة؟

شوبهام سينغال: من الاتجاهات الجديدة التي نلاحظها حاليًا، وجود فرصة واضحة في القطاع الصناعي، وتحديدًا في المجالات المرتبطة بالإنفاق الدفاعي. فقد بدأت دول كثيرة مثل أوروبا واليابان والولايات المتحدة في رفع إنفاقها في هذا الاتجاه. ونرى أن هذا التوجه يُمثّل فرصة استثمارية مهمة، خاصة لمن يراقب السوق من منظور طويل الأجل.

نشهد أيضًا اتجاهًا واضحًا نحو زيادة الاستثمارات في الأصول الرأسمالية. فعلى سبيل المثال، بدأت سلاسل التوريد تنتقل بشكل متزايد إلى الهند، بينما نشهد تراجعًا تدريجيًا في الاعتماد على الصين. وقبل نحو ثماني سنوات، رأينا موجة مشابهة من التحوّل نحو فيتنام والمكسيك، تلاها تدفّق كبير في رؤوس الأموال إلى تلك الدول. واليوم، نتوقع موجة جديدة من الاستثمارات تعود إلى دول مثل الولايات المتحدة، ولكن هذه المرة في مجالات تصنيع أكثر تقدمًا، تعتمد بشكل كبير على الأتمتة والتقنيات الحديثة. وهنا نعود مرة أخرى إلى موضوع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، إذ إن تطبيق هذه الحلول المتقدمة يتطلب جولة جديدة من الاستثمارات لتحديث أنظمة الإنتاج، مع التركيز على تحقيق الكفاءة في التكاليف.

ما الذي يجعل مراكز الأعصاب تعمل بكفاءة؟

لوسيا راهيلي: لنتحدث بشكل عملي أكثر. من وجهة نظرك، ما هي المواصفات المطلوبة في الكفاءات التي تقود هذه المراكز الحيوية داخل المؤسسات؟ وبعبارة أوضح، كيف يمكن للشركات أن تحوّل فكرة "مراكز الأعصاب" إلى واقع فعلي وفعّال على أرض الواقع؟

سيندي ليفي: لقد تعلّمنا الكثير عن مفهوم "مركز الأعصاب" خلال فترة جائحة كوفيد-19، حين كانت القرارات الحساسة تُتخذ في ظل ضغط كبير. نحن نراه اليوم كفريق متعدد التخصصات، يجمع بين خبرات مختلفة من داخل المؤسسة، بدءً من التشغيل والتمويل، وصولاً إلى سلاسل التوريد الاستراتيجية، ليتمكن من معالجة القرارات المعقدة بشكل متكامل وسريع. وفي الواقع، الفكرة ليست في وجود فريق منفصل، بل في تكوين مركز مرن، يُنسّق بين الإدارات المختلفة، ويكون قادرًا على تقديم رؤى عملية تساعد القيادة على التحرك بثقة، حتى في الأوقات المضطربة.

ومن الضروري أن يضم مركز الأعصاب خبرات متنوعة من داخل المؤسسة. كما يُستحسن أن يكون ضمن الفريق شخص لديه دراية مباشرة بسلسلة التوريد. ففي بعض الشركات، تضم هذه المراكز أيضًا خبراء من وحدة التحليل الاقتصادي، ليقوموا بربط السيناريوهات المختلفة برؤية موحّدة وواضحة حول ما قد يحدث فعليًا. وغالبًا ما يتم إشراك أشخاص من فرق المبيعات أو تطوير الأعمال أيضًا، لضمان أن تكون القرارات متكاملة وتشمل الجانب التجاري إلى جانب الجوانب التشغيلية.

ونعتقد أنه من الأفضل أن يُدار "مركز الأعصاب" بواسطة مسؤول تنفيذي متفرّغ، يتمتع بالصلاحية والخبرة اللازمة لتنسيق عملية اتخاذ القرار بشكل منتظم، وضمان تصعيد القضايا الحساسة إلى مستويات الإدارة العُليا أو الجهات المعنية عند الحاجة. وقد رأينا أيضًا نماذج ناجحة فيما يُعرف بالتخطيط القائم على المؤشرات، حيث لا ينتظر الفريق وقوع المشكلة، بل يطرح مسبقًا سيناريوهات ممكنة مثل: "ماذا لو ارتفعت الرسوم الجمركية على الواردات من المكسيك؟" أو "ماذا لو عاد التصعيد التجاري مع الصين؟" وفي هذه الحالة، يكون لدى المركز خطط جاهزة للتعامل مع كل سيناريو، مما يمنح الشركة مرونة أكبر في التحرك، ويقلّل من التردد أو التأخير في لحظات تحتاج إلى استجابة سريعة ومدروسة.

Explore a career with us