الربع سنوية لماكنزي

كيف تصبح مرشحًا قويًا لتولي منصب الرئيس التنفيذي

| مقالة

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر نرحب بتعليقاتكم على البريد الالكتروني التالي: reader_input@mckinsey.com

"ليست الجبال مبتغى رحلتنا، إنما الغوص في أعماق أنفسنا".

إدموند هيلاري

قمة إيفرست هي أعلى قمة جبلية في العالم بارتفاع حوالي 30 ألف قدم فوق مستوى سطح البحر. وأمضى العديد من متسلقي الجبال سنوات طويلة لاكتساب الخبرات والمهارات واللياقة البدنية والجاهزية النفسية التي تخولهم تسلق إيفرست، إلا أن قلةً منهم فقط نجحوا في الوصول إلى قمة الجبل. ومن المعروف أن "إدموند هيلاري" و"تنزينج نورجاي" كانا أول من وصل إلى قمة إيفرست في عام 1953، ولكنّ الغالبية لا تعلم أن 5,000 شخص فقط تمكنوا من الوصول إليها بعد ذلك التاريخ.

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

تتزايد التحديات كلما اقتربنا من القمة. ويُطلق على المسار الواصل من المعسكر الأخير إلى القمة اسم "منطقة الموت"، حيث تَظهر ظروف الطقس القاسية بشكلٍ مفاجئ وتسفر عن حالة من الارتباك والهلوسة وغير ذلك من التحديات الصحية لدى المتسلقين. وتبلغ مشاعر المتسلقين أوجها عند الوصول إلى القمة وإدراك عدم وجود أي خطوات إضافية نحو الأعلى، فهم بلغوا قمة العالم حرفيًا.

ومنذ خمسينيات القرن الماضي، كان عدد الأشخاص الذين وصلوا إلى منصب الرئيس التنفيذي للشركات المدرجة ضمن قائمة فورتشن 500 أقل من عدد الذين تسلقوا قمة إيفرست. وعندما انضمت "ماري بارا" إلى شركة جنرال موتورز كمهندسة متدربة وهي بعمر 18 عامًا، كانت احتمالية وصولها إلى منصب الرئيس التنفيذي للشركة أقل من 1 من 750 ألف، وهو عدد موظفي الشركة آنذاك. وكان هذا الاحتمال أقرب إلى المستحيل. ولكنها بعد أكثر من تسع سنوات في منصبها، أصبحت "ماري بارا" أول امرأة على الإطلاق تقود شركة أمريكية لصناعة السيارات.

ولا شك أن رحلة "بارا" إلى القمة، مثل رحلة معظم الرؤساء التنفيذيين في الشركات المدرجة ضمن قائمة فورتشن 500، انطوت على التعلم المستمر وتحقيق سجل من النجاحات في مجموعة مختلفة من المناصب العليا. واكتسبت "بارا" خلال مسيرتها العديد من السمات القيادية الهامة، مثل التفكير الاستراتيجي وبناء العلاقات والإقدام على المخاطر والموثوقية والتواضع والموضوعية والمرونة والقدرة على التحمل والحسم. وقبل بضع سنوات من توليها منصب الرئيس التنفيذي، انتقلت بشكل غير متوقع إلى قسم الموارد البشرية، الذي يُعد من الوظائف الخفيفة ويمثّل سقف التقدم الوظيفي للسيدات الطموحات.

وكما تعلمت "بارا" من تجربتها، فإن القادة الذين يقضون عدة سنوات بعيدًا عن الأدوار الأعلى يواجهون صعوبات كبيرة في الوصول إلى منصب الرئيس التنفيذي. إذ يشعر بعض المسؤولين التنفيذيين بالتهميش، بينما يصبح غيرهم جزءًا من فريق الإدارة العليا دون وجود أي دافع للترقي أكثر، كما يشعر آخرون بتعكر الأفكار وفقدان التوازن والإخفاق في نهاية المطاف. ويواجه البعض عوامل خارجية تحول دون وصولهم إلى منصب الرئيس التنفيذي ضمن شركتهم على أقل تقدير. وقال "براد سميث"، الرئيس التنفيذي لشركة إنتويت إن "الظروف كانت مواتية أكثر لساسان جودارزي عند استقالتي. وكان المرشحون الثلاثة الآخرون مناسبين لتولي منصب الرئيس التنفيذي في بيئات مختلفة، وهو ما حدث فعلًا حيث توجهوا لقيادة شركات أخرى".1

وعلى الرغم من استحالة ضمان النجاح، نقدم فيما يلي نصائح تساعد الطامحين للوصول إلى القيادة العليا على زيادة إمكانية نجاحهم:

  • دراسة حوافزك وطموحاتك بصورة دقيقة.
  • رفع سقف الطموحات وتحقيق نتائج ملموسة.
  • التحلي بالتواضع.
  • فهم آلية اختيار الرئيس التنفيذي والمضي قدمًا بثقة وحزم.

دراسة حوافزك وطموحاتك بصورة دقيقة

أشار متسلقو الجبال المحترفون في دليل لتسلق قمة إيفرست إلى أنه "لا يمكن اختزال معنى قمة إيفرست بالتسلق وتحقيق الشهرة واجتياح الطبيعة أو التفوق على غيرنا من البشر".2 ويتوجهون إلى المتسلقين ممن تثيرهم هذه الحوافز بقولهم "إنكم ستصبحون أسرى آراء الآخرين حول رغبتكم الكبيرة في إثبات أنفسكم. وسيكون تسلقكم دون بصرٍ أو بصيرة، وستنحدرون إلى القاع إن لم تتسلقوا نحو القمة. وفي حال أنجزتم المهمة، ستحتفلون بنجاحكم واستحواذكم على أضواء الشهرة، ولكن شعور البؤس والفراغ سيلازمكم حينما تتجه تلك الأضواء نحو شخصٍ آخر".

ويطرح "مايكل فيشر"، الرئيس التنفيذي السابق في المركز الطبي لمستشفى سينسيناتي للأطفال، رأيًا مماثلًا حول المؤسسات الرائدة، حيث قال: "في حال كان الهدف من الوصول إلى منصب الرئيس لا يتجاوز كونه إرضاءً للرغبة الشخصية، فمن المحتمل ألا يستمر هذا الحافز مع مرور الزمن". وانطلاقًا من وجهة نظر "فيشر"، يوضح الجدول التالي بعضًا من الحوافز والطموحات التي تُعد اختبارًا حقيقيًا لمدى توافقك مع المنصب الأعلى.

 

الموضوع الحافز غير القابل للاستمرارالحافز القابل للاستمرار
لماذا أريد أن أصبح رئيسًا تنفيذيًامنصب الرئيس التنفيذي هو خطوة الترقي التالية وتترافق مع مزيد من المال والمكانةوضعتُ رؤية مميزة للتأثير، وسأتعاون مع الآخرين على تحقيقه
ماذا يعني اختياري كرئيس تنفيذينجحت في إثبات نفسي ووصلت إلى هدفي المنشودإنها لفرصة مميزة أن أكون رئيسًا تنفيذيًا لقيادة المرحلة المقبلة من مسيرة الشركة
ماذا يعني عدم اختياري كرئيس تنفيذيخرجتُ من المنافسة، وأنا غير مؤهل لتولي منصب الرئيس التنفيذي، وقد خذلت الآخرينأحاول القيام بدوري على أكمل وجه حتى لو لم أكن الشخص الأنسب لهذا المنصب
كيف سأساهم في توفير القيمة كرئيس تنفيذيسأعالج المشكلات الصعبة التي يعجز الآخرون عنهاسأطرح الأسئلة الصعبة التي تحفز الآخرين على إطلاق العنان لإمكاناتهم
ما هو شعوري كرئيس تنفيذيسأكون محور الشركة، وسيجتمع الكل حولي لتقديم المساعدةسأشعر بالوحدة بسبب منصبي وسأحتاج لأكون موضوعيًا
ما هي إجراءاتي كرئيس تنفيذيسألعب دور رئيس الشركة وأديرها حسبما أرى بنفسيسأتحلى بسرعة الاستجابة لجميع الجهات المعنية وسأكون مسؤولًا أمامهم عن كل شيء

 

في حال كانت أفكارك مشابهة لتلك الموجودة في عمود الحوافز غير القابلة للاستمرار، فستجد أن منصب الرئيس التنفيذي لا يستحق كل هذا العناء والمحاولة. فالرضا الذاتي الذي سيمنحك إياه هذا المنصب سرعان ما ستقابله ضغوط كبيرة لمواجهة المتطلبات المتزايدة. كما ستتولى العديد من المهام غير الموجودة في المناصب الأخرى، مثل تحديد توجه الشركة ومواءمته وحشد طاقات القادة وتعزيز مشاركة مجلس الإدارة والتواصل مع الجهات المعنية وإدارة كفاءتك الشخصية.

ويتحدث البروفيسور "نيكولاس بلوم"، أستاذ الاقتصاد في جامعة ستانفورد الذي قضى مسيرته المهنية كاملةً في إعداد الأبحاث حول الرؤساء التنفيذيين، عن الحقائق التي توصل إليها بقوله: "إنها وظيفةٌ مروعة وآخر ما أتمناه بكل صراحة، لا سيما وأنها تتطلب العمل لمدة 100 ساعة في الأسبوع، وبالتالي تستهلك حياتك كلها وعطلتك الأسبوعية وتتسبب بالإجهاد والتوتر. ولا شك أن هذه الوظيفة توفر العديد من الامتيازات، ولكنها في الوقت ذاته تستحوذ عليك كإنسان قبل كل شيء".3

وتأكيدًا لهذه الفكرة، يصف "ساتيا ناديلا"، الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، عمله بأنه "وظيفة على مدار الساعة"؛ ولطالما كان مرشده الراحل "بيل كامبيل"، الذي انتُخب رئيسًا تنفيذيًا لثلاث مرات وعمل مدربًا ملهمًا للعديد من قادة قطاع التكنولوجيا، يذكّره بحقيقة أن "لا أحد على الإطلاق وصل إلى درجة الكمال في هذه الوظيفة، حيث إنها دومًا ما تتطلب المزيد من الجهد والعمل". ويُجمِع العديد من الرؤساء التنفيذيين سرًا على أن أفضل وظيفة في العالم هي المنصب الذي يسبق الرئيس التنفيذي، حيث تكون المسؤولية أقل وطأة والفرص كبيرة لإحداث التغيير وكذلك المكافآت والحوافز.

وبغياب الحوافز والتوقعات الصحيحة، ستطغى الجهود المطلوبة للوصول إلى المنصب على أي مكاسب شخصية يمكن أن يقدمها، وبالتالي تراجع احتمالية النجاح. ويقول "فيشر" بهذا الصدد: "إن لم تتمثل أولويتك في ضمان تقدّم الشركة التي تقودها وتوفير القيمة للجهات المعنية، فلن ترتقي إلى مستوى التحدي عندما تزداد الأمور صعوبةً".

ولذلك، نشجع أي مسؤول تنفيذي يسعى إلى بلوغ القمة للبحث في خبايا نفسه قبل اتخاذ القرار بالسير نحو الخطوة النهائية. وفي حال كان دافعك هو تحقيق الإنجاز الشخصي أو الوفاء بواجب معيّن، فعليك أن تدرك حجم التحديات والصعوبات في المنصب الأعلى، حيث لن تجد معينًا لك في أوقات المشاكل.

إما إن كنت مدفوعًا بالشغف والرؤية الصحيحة لطريقة مساعدة الآخرين على الترقي بصورة أسرع للوصول إلى آفاق جديدة، فمن المرجح أن تحقق مبتغاك على أكمل وجه. ويتحدث "كينيث شينولت"، الرئيس التنفيذي السابق في شركة أمريكان إكسبريس، حول العقلية الناجحة بقوله: "إن القيادة تعني الالتزام بخدمة الغير".

وأخيرًا، ننصحك بأن تضع في الحسبان تأثير وظيفتك الجديدة على أفراد عائلتك عند دراسة حوافزك وتطلعاتك. ويقول "جريجوري كيس"، الرئيس التنفيذي لشركة إيه أو إن: "يؤثر منصبك على أفراد عائلتك أكثر مما تتوقع"، وهو ما فسره "كين باول"، الرئيس التنفيذي السابق لشركة جنرال ميلز، بقوله: "دومًا ما تكون محط أنظار الصحف والإعلام وحديثهم المستمر عن راتبك وأخطائك، وهو ما يمثل مشكلةً لأطفالك ويعكر صفو حياتك". وقدم نصيحةً للرؤساء التنفيذيين الواعدين بالقول: "يجب مناقشة هذا الأمر مع شريكك إن وجد. فمثلًا على الصعيد الشخصي، نجحت بالتوافق مع زوجتي حول إيجابيات وسلبيات المنصب الجديد". ولا شك أن جميع الرؤساء التنفيذيين الناجحين الذي عملنا معهم أكدوا أن وجود الشريك المتفهم والداعم لطبيعة العمل ضروري للغاية.

رفع سقف الطموحات وتحقيق نتائج ملموسة

في عام 2002، طرح "رونالد هايفتنز" و"مارتي لينسكي"، الأستاذان في كلية كينيدي بجامعة هارفرد، تشبيهًا جديدًا في مجال الإدارة، وهو "الخروج من أرض الملعب والصعود إلى المدرجات"، بما معناه أنه يتعين على القادة إنجاز الأعمال والمهام اليومية (أرض الملعب) ورؤية الصورة الكلية لشركاتهم (الصعود إلى المدرجات). ويرى الأستاذان أن أكثر القادة كفاءةً وتأثيرًا هم القادرون على التوفيق بين الجانبين في آنٍ معًا. وتبرز فائدة هذا التشبيه مع تطور مستوى ترشيحك للوصول إلى المنصب المنشود، حيث يتعين خلال هذه الفترة أخذ الإجراءات التالية في الحسبان:

  • مواصلة تنفيذ المهام والأعمال اليومية.
  • الحصول على رؤية شاملة حول المستقبل والشركة والجهات المعنية.
  • التحلي بالجرأة في كلتا الحالتين.

وعندما وصلت "بارا" إلى منصب الرئيس التنفيذي للموارد البشرية في شركة جنرال موتورز، قررت عدم التركيز على منصبها القادم. وبدلًا من ذلك، حرصت على ارتداء ثوب منصبها الجديد، وشرعت بتطوير إدارة المواهب والقيادة والرواتب والمزايا والرعاية الصحية والتحول التنظيمي وغيرها من أنظمة الموارد البشرية. وتقول "بارا": "يجب أن ينصبّ تركيزنا على وظيفتنا القائمة، واعتبارها عملنا الدائم طيلة حياتنا، ما يعني الاستثمار فيها وتطويرها والارتقاء بالكفاءات ذات الصلة".4

ونجد ثلاث وجهات نظر يتعين صقلها خلال مرحلة النظر إلى الصورة الكلية لأعمال الشركة. تتمثل الأولى في استشراف مستقبل القطاع الذي تعمل فيه. ويقول "ساتيا ناديلا" بهذا الصدد إن تحقيق النجاح في منصب الرئيس التنفيذي "يحتّم علينا اعتماد رؤية شاملة ودقيقة حول المستقبل". ولا شك أن رؤيته كانت عاملًا رئيسيًا في وصوله إلى منصب الرئيس التنفيذي، خصوصًا أنه في ذلك الوقت سادت مقولة إن مايكروسوفت تحرص على اختيار قائد جديد من خارج الشركة. وفي إطار عملية الاختيار، طلبت الشركة من المرشحين كتابة ملاحظات تتعلق بمساعيهم وأهدافهم حول قيادة مستقبل الشركة وأسبابها. وكتب "ناديلا" في هذه الملاحظات الاستراتيجية الاجتماعية والسحابية والخاصة بالهواتف المحمولة، والتي أقنعت مجلس الإدارة باختياره دونًا عن باقي المرشحين، ما أثمر عن تحول مايكروسوفت إلى أكثر الشركات توفيرًا للقيمة على مستوى العالم.

وتشمل وجهة النظر الثانية وضع رؤية أوسع للشركة ككل بعيدًا عن مجال مسؤوليتك. وهي النظرية الأسهل تطبيقًا في حال نجحت بتولي مناصب متنوعة في مختلف أجزاء الشركة خلال مسيرتك المهنية. ولا يُنصح عادةً بتغيير المنصب في المرحلة النهائية. وتقول "جيل كيلي"، الرئيسة التنفيذية السابقة لشركة ويستباك للخدمات المصرفية: "قابلتُ العديد من المرشحين العامين الماضيين ممن يرتكبون الخطأ ذاته في الانتقال إلى أدوار وظيفية ليس لديهم الوقت الكافي لتحقيق النجاح فيها، فينقلب الأمر عليهم ليصبح كارثة أكثر من كونه فائدة". وتنطوي أكثر الوسائل موثوقيةً لتوسيع الرؤية خلال المرحلة النهائية على تعزيز المشاركة في المشاريع على مستوى الشركات وفي اللجان وبرامج التطوير، إلى جانب استثمار الوقت في دراسة مجالات أخرى واتخاذ قرارات تمنح الأولوية للشركة (حتى وإن لم تكن الخيار الأنسب في مجالك).

وتتمحور وجهة النظر الثالثة حول مشهد الجهات المعنية. إذ يتعين على الرؤساء التنفيذيين في الشركات الكبرى اليوم وضع تصوّر واضح حول مجموعة واسعة من القضايا الاجتماعية والبيئية، وبالتالي يحتاجون إلى دراسة آراء الموظفين والعملاء ومجلس الإدارة واستثمارها لرسم مبادئ الشركة حالما تظهر المشكلات. ويتطلب الأمر جهدًا ووقتًا كبيرين لوضع وجهات نظر دقيقة ومدروسة على مستوى الشركات (وليس شخصية) حول مختلف القضايا، مثل الذكاء الاصطناعي المسؤول وتزايد انعدام المساواة والاستقطاب السياسي وعدم الاستقرار الجيوسياسي وتدهور الوضع المناخي وغيرها.

كما يتعين على القادة الوقوف على مسألة تفادي المخاطر سواء في الجانب التفصيلي للعمليات اليومية أو فيما يخص رؤية الصورة الشاملة. وتدرك مجالس الإدارة الذكية أن الشركات التي يقودها رؤساء تنفيذيون يفتقرون للشجاعة لاتخاذ خطوات جريئة من غير المحتمل أن تتفوق في سباق المنافسة. وتستخدم "كيلي" مقارنةً مع لعبة الكريكيت لتوضيح هذه النقطة، حيث تقول: "لا يمكنك كمرشح لمنصب الرئيس التنفيذي الاقتصار على الدفاع عن البوابة والخوف من الخروج، إنما عليك أخذ زمام المبادرة وضرب الكرة وعدم الاكتفاء بأي نتيجة تصل إليها".

وبالعودة إلى "بارا" من جنرال موتورز، فقد تمثلت إحدى الإجراءات الأولى التي اتخذتها عند تولي منصب رئاسة الموارد البشرية في إلغاء قواعد اللباس التي كانت مشروحة في عشرة صفحات واستبدالها بكلمتي "اللباس المناسب".5 وتشير هذه الخطوة إلى سعيها لتحويل الثقافة السلطوية البالية في الشركة إلى ثقافة لتقدير الموظفين وتمكينهم. وساعدتها هذه الجرأة على التفوق على نظرائها من وجهة نظر الرئيس التنفيذي ومجلس الإدارة بوصفها القائد الأنسب لقيادة مستقبل الشركة.

التحلي بالتواضع

تؤكد نسبة 88% من الأمريكيين أن مستواهم فوق المتوسط في قيادة السيارة،6 بينما يصنف 25% من الطلاب أنفسهم في المرتبة الأعلى من حيث القدرة على التفاهم مع الآخرين.7 كما يقول معظم الأزواج عند سؤالهم عن مساهماتهم الفردية في الأعمال المنزلية أنهم يقدمون أكثر من نسبة 100%،8 وجميعها إحصائيات مستحيلة بالتأكيد. وتشكل هذه الأرقام أمثلة واضحة عن استعدادنا شبه الدائم لتفضيل أفعالنا أو تفسير الأحداث بما يخدم مصلحتنا. ومن الضروري أن يتحلى الرئيس التنفيذي الواعد بالتواضع لتمييز التحيز الذاتي الكامن ومواجهته، من خلال:

  • • تقييم إمكاناتنا بشكل موضوعي ومقارنتها مع الاحتياجات اللازمة.
  • • ردم فجوات المهارات لدينا وتقييم التقدم الذاتي.
  • • عدم الدخول في المساومات التي لا تركز على مصلحة الشركة

يبدأ تقييم الإمكانات من خلال فهم ما تحتاجه الشركة من قائدها الجديد. ويستخدم "براد سميث" مقارنةً مع رياضة ركوب الخيل بقوله: "يوجد عدد قليل جدًا من الفرسان الذين يجمعون بين ألقاب ثلاث بطولات كبرى في نفس الوقت، وذلك بسبب اختلاف سباق كنتاكي ديربي بشكلٍ كبير عن سباق بريكنس، واللذين يختلفان بدورهما عن سباق بيلمونت. فلكل مضمار حصان يناسبه. وبصفتك مرشحًا، يتعين عليك أن تسأل نفسك بمنتهى الصدق حول الاحتياجات الحقيقية للشركة، وإن كنت تمتلك المهارات اللازمة لتلبيتها".

ولفهم مدى إدراكك لما تحتاجه الشركة، قم بتقسيم قدراتك إلى أربعة أبعاد على الأقل، بحيث يكون الأول هو اتساع خبرتك وسجل نجاحاتك (مثل قيادة التغيير التحويلي وتقديم بيان الربح والخسارة وتمثيل الشركة خارجيًا). ويتعلق البعد الثاني بمعارفك وخبراتك (مثل الحنكة المالية وإدارة المبيعات والتكنولوجيا والأسواق المستهدفة والتوجهات في القطاع). ويتمحور البعد الثالث حول مهارتك القيادية (مثل التفكير الاستراتيجي والحضور القيادي وبناء الفريق والوعي الذاتي). بينما يتمثل البعد الرابع في دراسة قوة علاقاتك وسمعتك، وكيف تنظر إليك الجهات المعنية الداخلية مثل الرئيس والنظراء والتقارير المباشرة والشخصيات المؤثرة، إلى جانب معرفة آراء الجهات المعنية الخارجية، مثل المستثمرين والعملاء والموردين والجهات التنظيمية وقادة المجتمع وأعضاء مجلس الإدارة.

ومن الضروري التماس آراء الآخرين للمساعدة على تجاوز التحيز الذاتي، وقد يشمل ذلك الحصول على ملاحظات من المرشدين والأشخاص المقربين والنظراء وغيرهم، إلا أنه يتعين عليك سؤال أشخاص آخرين لجمع معلومات شاملة، والذي قد يكون زميلًا موثوقًا أو مدربًا خارجيًا يتولى جمع البيانات.

ويكشف "هوبير جولي"، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي السابق لشركة بيست باي، عن تطور تفكيره بمساعدة المدربين، حيث يقول: "كنت أستهجن قبل سنوات فكرة استشارة مدرب مختص بشكلٍ كبير، ولكنني أدرك الآن أن المدرب التنفيذي له دور فعال في مساعدة القادة الناجحين على تحقيق نتائج أفضل. ومثال ذلك أن جميع لاعبي التنس المصنفين ضمن قائمة 100 أفضل لاعب يتعاونون مع مدرب خاص، كما تحظى جميع فرق الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية بمدرب مختص وطاقم من المدربين. فما المانع من تعاون المسؤولين التنفيذيين مع المدربين؟".

ويجب البدء بتحسين الذات بمجرد الانتهاء من تقييم مدى تطورك في الأبعاد الأربعة، مع ضرورة النظر إلى العملية على أنها رحلة للتعلم، تشمل اتخاذ الإجراءات ثم التشاور مع مجموعة مقربة من المستشارين حول التقدم المحرز. وغالبًا ما تجمع مثل هذه المسارات التدريب القيادي المستمر مع المشاركة في مختلف المنتديات والحوارات والزيارات إلى الشركات الأخرى، ووضع قوائم القراءة المستهدفة، والإحاطات من الخبراء، إضافة إلى إيجاد الفرص لاكتساب الخبرات وبناء العلاقات (مثل التعامل مع وسائل الإعلام والتحدث أمام مجلس الإدارة وتمثيل الشركة خارجيًا).

وتستلزم هذه الرحلة تحقيق توازن حقيقي في العمل، مثل تعزيز اطلاعك على المستجدات لضمان إبلاغ المعنيين بأنك تعتزم التقدم لشغل منصب الرئيس التنفيذي دون الظهور بمظهر المروّج لنفسه أو المتملق. ويقول "سميث": "شهدت مثل هذه الأخطاء مراتٍ عديدة أثناء سعي الأشخاص للحصول على وظيفة معينة، إذ يقومون بالترويج لأنفسهم لتسلم المنصب، ولكنها أسرع طريقة للفشل وفقدان الفرصة".

وتقدم "جيل كيلي" مفاتيح النجاح بقولها: "يجب الامتناع عن الدخول في المساومات التي لا تركز على مصلحة الشركة وإلحاق الضرر بالآخرين، كونها من الأمور التي تطالها عواقب وخيمة. ويتعين التحلي بالموثوقية والمصداقية والشفافية وروح الفريق ودعم الزملاء بما يخدم مصلحة الشركة والجميع، حتى لو كانوا منافسيك على المنصب". وتؤكد هذه النصيحة على حديثنا في بداية هذه المقالة حول دراسة حوافزك وطموحاتك بصورة دقيقة، فإن لم تكن الحوافز قابلة للاستمرار لن يكون بمقدورك التحلي بالموثوقية والمصداقية. ويلخص "فيشر" دور هذه العوامل مجتمعة بالقول: "ينبغي السير نحو هذا الهدف بمنتهى الهدوء والتواضع، حيث تكتسب ثقة أكبر كلما تعلمت ونضجت أكثر يومًا تلو الآخر".

ويساهم التوازن بالنسبة لك كمرشح لمنصب الرئيس التنفيذي في تعزيز موقفك وتحقيق المكاسب للشركة. ونرى أن جميع الشركات أفضل حالًا بوجود المزيد من القادة الهادفين إلى توفير الخدمات، والذين يتواصلون عبر مختلف أقسام الشركة، ويتحلون بالجرأة لمواجهة المشكلات بما يخدم مصلحة الشركة ككل، لا سيما إذا اقترن ذلك مع الالتزام بمسؤولياتهم الأساسية وبناء وعيهم الذاتي وتطوير إمكانات جديدة وعلاقات مثمرة.

فهم آلية اختيار الرئيس التنفيذي والمضي قدمًا في الاتجاه الصحيح

في الطريق نحو قمة إيفرست قدومًا من المعسكر النهائي، يصل المتسلق إلى مكان يُدعى "قمة الجنوب"، ويدرك حينها أن ساعات قليلة تفصله عن تحقيق الحلم الكبير. ويشير المتسلقون إلى وجود عقبة واحدة في الطريق إلى القمة وهي "قمة حافة السكين"، حيث قالوا إن الوصول إليها "يحبس الأنفاس بمجرد رؤيتها بسبب شدة انحدارها وقساوتها".9

وعند اختيارك رسميًا للدخول إلى عملية اختيار الرئيس التنفيذي، ستنتابك مشاعر الرهبة والحماس في الوقت ذاته. ورغم اختلاف الإجراءات بين مجالس الإدارة، إلا أن معظمها يشمل الخطوات التالية:

  1. اختيار شركة توظيف رائدة لتحديد أفضل المرشحين
  2. تحديد ما تحتاجه الشركة من الرئيس التنفيذي الجديد
  3. تحديد الجهات المعنية التي ستلعب دورًا في العملية وفي أي مراحل
  4. إجراء بحث أولي لدراسة المرشحين المحتملين من داخل وخارج الشركة، بما في ذلك المسؤولين التنفيذيين المؤهلين غير الباحثين عن الترقي بشكلٍ فعال
  5. تقليص القائمة من خلال إجراء التحقق الواجب بصورة معمقة (ما يشمل غالبًا المراجع الشاملة)
  6. إجراء مقابلات أولية للاختبار وتقليص القائمة إلى المرشحين الأقوى (غالبًا ما تقوم شركات التوظيف بإجراء هذه المقابلات)
  7. إنشاء ملف مفصّل عن التحليل النفسي والشخصية والكفاءة يسمح للشركة بتقييم المرشح ومقارنته مع غيره بمنتهى السهولة
  8. إجراء المرحلة الأخيرة من المقابلات لاستكشاف رؤية كل مرشح للشركة وصفاته القيادية، ومطابقتها مع الملف المنشود للرئيس التنفيذي الجديد
  9. التوسع في إجراءات التحقق الواجب (التحقق من الهوية والموثوقية وضمان عدم وجود أسباب لانعدام الأهلية) حول المرشح المختار بعد موافقته
  10. الحرص على كسب ثقة جميع الجهات المعنية بالمرشح المختار وتقديم عرض العمل له رسميًا.

ويضمن اتباع النصائح التي شاركناها سابقًا أن تكون على أتم الاستعداد للإجابة على العديد من استفسارات مجلس الإدارة، وخصوصًا سبب السعي للوصول إلى منصب الرئيس التنفيذي. كما تساعدك النصائح على وضع رؤية جريئة حول مستقبل الشركة وطرق توفير القيمة في مختلف عمليات المحفظة، إلى جانب القدرة على تجسيد تلك الرؤية وتكوين وجهة نظر حول حاجة الشركة من الرئيس التنفيذي الجديد، فضلًا عن إثبات الخبرات والمعارف والمهارات القيادية وقوة العلاقات بطريقة علمية تجعل منك الشخص المناسب للمنصب. وتساهم هذه النصائح أيضًا في إعدادك للحديث حول مستوى النضج الذي وصلت إليه على مدار 3-5 أعوام الماضية، والتحلي بالموضوعية والشفافية حول مجالات الضعف لديك، وضرورة بناء العلاقات من أشخاص داعمين في تلك المجالات. ويتيح لك اتباع تلك المبادئ إمكانية بناء شبكة من الزملاء الداعمين، من خلال التحلي بالمصداقية والموثوقية في القيادة وتقديم العون للآخرين.

وبالتالي، لا يمكنك الخروج من المنافسة بمجرد الوصول إلى "قمة حافة السكين"، حيث يقول "فيشر": "أعتقد أن اختيار الرئيس التنفيذي هي المسؤولية الأهم التي تقع على عاتق مجلس الإدارة، لذا يأخذون المسألة على محمل الجد. لذا من الضروري ضمان الجاهزية التامة لها". وأوضح "فيشر"، الذي شغل منصب الرئيس التنفيذي لثلاث شركات مختلفة، أنه تدرب على تقديم رؤيته الخاصة وإجراء مقابلات تدريبية مع أقرب مستشاريه، مع تشجيعهم على إبداء آراء سلبية والتشكيك بطروحاته. كما توقع "فيشر" الأسئلة التي كانت ستطرح عليه وقدم إجابات مقنعة وواضحة، مستعينًا بشخص آخر لكتابة جميع المواد في ذلك الإجراء. وتبرهن نجاحات "فيشر" على مقولة مدرب كرة القدم الأمريكي الشهير "فينس لومباردي" بأن "بذل الجهد لتحقيق الفوز أهم بكثير من الرغبة بالفوز".

ونحرص على تقديم الدعم للعديد من المسؤولين التنفيذيين للوصول إلى القمة. وتوضيحًا لهذه التجربة، نقدم فيما يلي نصائحنا الهادفة للمضي قدمًا بثقة وحزم في عملية الاختيار الرسمي، والتي تنطوي على أهمية متساوية بهذا السياق:

  • شركة التوظيف هي سفيرك لدى لجنة البحث، لذا يجب إظهار الاحترام لها وللإجراءات التي أعدتها (لا تحاول الالتفاف عليها).
  • يجب اعتبار كل عملية تفاعل وتواصل جزءًا من المقابلة، ما يبرز ضرورة إظهار أفضل صورة ممكنة في الأماكن الرسمية (مثل العروض التقديمية والمقابلات) والأماكن غير الرسمية (مثل لقاءات العشاء والحوارات المخصصة).
  • ستتنافس مع مرشحين من خارج الشركة يمتلكون وجهات نظر مبتكرة وجريئة، فمن الضروري التعامل معهم بالأسلوب ذاته، مع توضيح الأفضلية التي تملكها لكونك مرشح من داخل الشركة.
  • قدم نفسك بالطريقة الصحيحة، فأنت تعرف حقيقتك، ولكن الآخرين يغفلون عنها؛ لذا يتوجب عليك تزويدهم بالمعلومات بأسلوب منطقي وسهل الفهم.
  • تقع عملية اختيار الرئيس التنفيذي الجديد على عاتق مجلس الإدارة وليس الرئيس التنفيذي الحالي، ويجب عدم اعتبار الإشارات الإيجابية أو السلبية الصادرة عن الشركة الأم ميزانًا لقبولك أو رفضك في عملية الاختيار.
  • احرص على التحضير لمواضيع المقابلة العملية والأسئلة الشخصية (مثل الحديث عن تجارب هامة ساعدتك على بناء المرونة).
  • استمع جيدًا للأسئلة وما بين السطور، وتوخى الإيجاز في الإجابة والوضوح واعتمد على التذكر.
  • لا تجعل تحضيرك مقتصرًا على المحتوى، بل أيضًا على المشاعر التي تريد إيصالها للمتلقي عند مغادرتك المكان (مع تعديل منهجيتك وفقًا لذلك).
  • المقابلات هي عملية أخذ ورد، لذا اطرح الأسئلة لفهم مسؤولياتك وضمان مناسبة الوظيفة لتطلعاتك.
  • تكتسب المصداقية دورًا كبيرًا في جميع مراحل رحلة التوظيف. فقد تكون قادرًا على إظهار المصداقية خلال المقابلة بصورة مزيفة، ولكنّ ذلك مستحيل بعد تسلم منصب الرئيس التنفيذي.

على الرغم أننا وجهنا نصيحتنا في هذه المقالة للمرشحين الداخليين لمنصب الرئيس التنفيذي، إلا أن جزءًا كبيرًا منها ينطبق على الذين يحاولون الوصول إلى هذا المنصب خارج شركاتهم الحالية أيضًا. وقد سعينا إلى تقديم أفكار تواكب الموضوع المطروح، بغض النظر عن المنصب الذي يشغله الشخص أثناء القيام بالخطوة النهائية (سواء كنت الرئيس التنفيذي للعمليات أو الرئيس التنفيذي للشؤون المالية أو رئيس وحدة الأعمال وما إلى ذلك).

كما نشجع القادة على التماس المشورة الخاصة بالمناصب التي يشغلونها. وعلى سبيل المثال، إذا كنت الرئيس التنفيذي للعمليات وتعتزم الوصول إلى منصب الرئيس التنفيذي، فقد يتعين عليك برهنة قدرتك على رؤية الصورة الأشمل من الأرقام، وتأكيد جاهزيتك لأخذ المخاطر على عاتقك حول المفاهيم الجديدة، إلى جانب قدرتك على تحفيز الزملاء وتعزيز مشاركتهم من خلال القصص والحقائق.


يقول أحد المتسلقين الخبراء لقمة إيفرست: "قد يحالفنا النجاح أو يكون الإخفاق نصيبنا، ولكنّ ذلك ليس من الأهمية بمكان.10 فالحقيقة أن القمة ما هي سوى جزء صغير من الجبل، فالمتعة والروعة تكمنان في عملية التسلق". ويمكن تعميم هذه المقولة على طريق الوصول إلى منصب الرئيس التنفيذي، حيث يكتسب التعلم خلال الرحلة قيمة لا تضاهى تعزز موقفك لبلوغ قمم جبال أخرى في حال واصلت هذا الطموح. وإذا وصلت إلى أعلى قمة، ستلقى التهاني والتبريكات كونك أصبحت بين نخبة متسلقي الجبال في مجال الأعمال على مستوى العالم.

لذا ننصحك بالتروي والاستعداد لتسلق مرتفعات جديدة وخوض تحديات أكثر صعوبة.

Explore a career with us