المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية
شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية
هل تعتقد بأن أي من العبارات التالية صحيحة، أم أنك ترى أن جميعها صحيح؟ هل هو رئيسك في العمل أم مديرك المباشر؟
- يمكن للأفراد داخل الشركة تحقيق التقدم الفعلي فقط عبر التحول أو الارتقاء إلى مراكز أكثر أهمية من الدور الذي يعملون فيه حالياً.
- يمكن قياس أهمية وظيفة الشخص من خلال عدد الأفراد الذين يقعون تحت مسؤوليته في الهيكل التنظيمي للمؤسسة.
- يجب أن يتزايد حجم المقابل المادي والمكافآت المستحقة للمدراء في المستوى المتوسط من الإدارة بشكل متناسب مع صعوده السلم الوظيفي.
- يجب أن تُتوج الإسهامات الفردية المتميزة بمنح أدوار إدارية للأفراد الذين يظهرون التميز.
- قد لا يصل الشخص الذي يظل في مركز الإدارة الوسطى لفترة طويلة إلى مستوى الكفاءة المتوقع.
حتى إذا حاولت استبعاد هذه الأفكار من مخيلتك، فقد تجد صعوبة في تجاهلها تمامًا. إن هذه الأفكار متجذرة في تصورات عالم الأعمال القديم، حيث كان يُتوقع من الأفراد البقاء في نفس الدور الوظيفي لسنوات عديدة، وكان حينها الهيكل الهرمي للإدارة بمثابة أداة لضمان الإنتاجية.
ومع ذلك، فإن الأسلوب الذي نتبعه اليوم له نتائج مؤثرة، رغم أن الأضرار ما زالت تتراكم بسبب الافتراضات القديمة. تمارس هذه الظروف ضغطاً على الأفراد ليشغلوا مناصب لا تتوافق مع مهاراتهم أو اهتماماتهم. وعلى المدى الطويل، يكون لهذا تأثير تراكمي ينتج عنه تدهور ملحوظ في أداء المؤسسة بأكملها.
وبشكل خاص، تتأثر الإدارة الوسطى بشدة بسبب هذه الأفكار السائدة الخاطئة، ويمكن توضيح ذلك لثلاث أسباب رئيسية:
- تُطبق الإدارة العليا استراتيجيات جذابة لحث المدراء الذين يشغلون أدوار وسطية على قبول وظائف تبعدهم عن الأنشطة التي يستمتعون بها مثل توجيه الأفراد والتفاعل معهم.
- تميل القيادات العليا إلى ترقية الأفراد الأكثر إسهامًا، دون النظر في مدى توافقهم مع المناصب التي تتطلب إدارة الآخرين.
- عادةً ما يُصاب المدراء في المستوى المتوسط من الإدارة ممن يحافظون على وظائفهم لفترة بالإحباط بسبب المسؤوليات الإدارية، ويشعرون أن القيادة العليا تحد من قدرتهم على التغيير والتطور.
ولسوء الحظ، قد يفهم البعض من تعبير "الإدارة الوسطى" بأنها مرحلة انتقالية نحو المراكز العليا، وهذا فهم خاطئ. يجب أن ننظر للمدراء في المستوى المتوسط من الإدارة على أنهم نواة العمل، فهم القوة الدافعة للتواصل والتنسيق بين الفرق والمهام، وبدونهم، قد تتأثر فعالية المؤسسة. لذلك، نعتقد أن الدور الأمثل لهؤلاء المدراء هو الاستمرار في مناصبهم. كمثال على ذلك، لننظر إلى "ماركوس" الذي قاوم الأفكار التقليدية حول الإدارة.
قل لا للترقيــــــــــــــــــه
شعر "ماركوس"، الذي كان يحلم بإحداث تغيير في المجتمع، بالحماس بعد تخرجه من الجامعة عندما وجد وظيفة لتنسيق الشؤون الفيدرالية في واشنطن العاصمة. حيث كانت الشركة تبحث عن شخص ذو روح اجتماعية، يستطيع القيادة والتعامل مع مشاريع متعددة، ويتابع السياسات والمشكلات المختلفة. وقد كان الحظ حليف "ماركوس" حيث حصل على الوظيفة.
وحين تولى "ماركوس" الوظيفة، كان هو الأقل وسط فريق عمله، وهو ما جعله يتحفظ ويبتعد عن المشاركة بنشاط في الاجتماعات. لكنه لم يفوت أي فرصة للتعلم، حيث كان يلاحظ عن كثب كل من كبار المدراء الذين يعملون على إقناع الساسة بتبني سياسات معينة، حتى مديري السياسات في الشركة. وخلال هذه الفترة، انتبه إلى فريق من شركة تجارية، حيث بدا أفراده نشطين وملتزمين بعملهم، يعبرون عن تقديرهم لبعضهم البعض. فكان الأكثر إلهامًا بالنسبة له هو كيف يبدون له وكأنهم يستمتعون بالعمل الذي يقومون به.
ومع مرور الوقت، قرر "ماركوس" ترك وظيفته الحالية لأنه أراد العمل بوظيفة أحلامه كموظف في لجنة بمجلس النواب الأمريكي. وبعد عدة سنوات، وأثناء قيامه ببحث حول قانون حقوق المستهلك، اكتشف أن الشركة التجارية التي أعجبته سابقاً كانت تبحث عن موظف للشؤون الحكومية. لم يكن "ماركوس"، الذي كان ينحاز دائماً لـ "الشركات الصغيرة"، يتصور نفسه يعمل لدى شركة كبيرة. ولكنه، قرر فجأة التقدم لوظيفة في إحدى الشركات الكبيرة، ومن دون توقعات، نجح وحصل على الوظيفة.
كان "ماركوس" يخشى أن تتطلب الوظيفة الجديدة منه التنازل عن بعض مبادئه، لكنه اكتشف أن الأمر ليس كذلك. بل على العكس، لاحظ أنه بإمكانه تحقيق التغييرات بشكل أكبر من خلال موقعه الجديد في الشركة بالمقارنة مع وظيفته السابقة.
استمر "ماركوس" في وظيفته الجديدة في التواصل بنشاط مع الحكومة بينما كان يتعامل مع العاملين الرئيسيين في الشركة. وبعد فترة، أدرك رؤساؤه خلال هذه العملية أنه يتمتع بمهارة فائقة في دمج الأشخاص من مجموعات متنوعة لتحقيق أهداف مشتركة. وقد أثرت قدرته على الاستماع وتوجيه الجهود نحو وضع حلول فعالة في تحسين سمعة الشركة بالداخل والخارج.
عندما خططت الشركة لإنشاء مكتب إقليمي جديد في كارولينا الشمالية، واجهت اعتراضات من قادة المجتمع الذين كانوا قلقين من أن تغير هذه الخطوة البيئة الهادئة لمدينتهم الصغيرة وخلال ذلك، استعانت الشركة بمساعدة "ماركوس" الذي بدوره استمع بإهتمام لمخاوفهم وأعاد النظر في الخطط مع فريقه. واتخذت الشركة قراراً لتأسيس المكتب خارج وسط المدينة، حيث كان ذلك مختلفاً عن الموقع الذي كان مقرراً في البداية. بالإضافة إلى ذلك، قام "ماركوس" بتطوير برنامج جديد يستهدف الأشخاص الذين يجدون صعوبة في العثور على عمل وليس لديهم شهادات جامعية، استفاد فيه من تجارب مكاتب إقليمية أخرى. وبفضل جهود "ماركوس"، وافق مجلس المدينة بالإجماع على خطة الشركة.
كان "ماركوس" عندما ينهي عمله في كل يوم، يشعر دائمًا وكأنه يضيف قيمة حقيقية وملموسة. وقد تمت ترقيته بسرعة ليصبح مديرًا لفريقه الخاص، حيث برز كقائد ملهم، يهتم بتطوير أعضاء فريقه بشكل حقيقي، ويفكر جيدًا في كيفية دعمهم لتحقيق النجاح. كانت "أليس" رئيسته مسرورة جدًا بأدائه المتميز وتعبِّر عن امتنانها له بكل صراحة. وأدرك الجميع أن "ماركوس" أصبح نجمًا في وسط الفريق ورؤسائه، ويحظى بإعجاب الجميع.
وفيما بعد، قبلت "أليس" منصب للعمل بوظيفة كبير المسئولين بمركز أبحاث، وعندما كانت تُعد نفسها لترك العمل، أخبر رؤساء "أليس" بأن "ماركوس" أنه سيكون نائب الرئيس مستقبلًا. شعر "ماركوس" في بداية الأمر بالسعادة الغامرة بتلك الفرصة حيث سيحصل أيضاً على راتب أعلى وعروضٍ جيدة للأسهم. ومع ذلك، بالرغم من حماسه الأول، إلا أنه شعر بالقلق من تأثير الترقية عليه.
لقد كانت وظيفة نائب رئيس "أليس" مهمة للغاية، إلا أنها لم تكن لتؤثر على نقاط قوة "ماركوس". كانت "أليس" جيدة في التخطيط ووضع الاستراتيجيات، وكانت تعرف كيف تتفاعل ببراعة مع كبار القادة وتناورهم لتحقيق هدفها. عندما قدم "ماركوس" فكرة جديدة مستلهمة من تفاعلاته مع مختلف الأشخاص، استطاعت "أليس" التعاون مع كبار القادة لتحقيقها. وعلى الرغم من ذلك، كانت تعمل مع فريق أصغر وأقل تنوعًا من الفريق الذي كان يعمل معه "ماركوس".
عندما فكر "ماركوس" فيما كانت "أليس" تقوم به طوال اليوم، شعر بالقلق الشديد. كان "ماركوس" يدرك أن الأشخاص الذين يجب عليه التواصل معهم هم أعضاء فريقه والباحثون وقادة المجتمع، وليس فقط كبار المدراء التنفيذيين. كان "ماركوس" يراقب كيف تعرضت "أليس" للضغوط الإعلامية المستمرة التي تسببت لها في ضيق الوقت والإجهاد.
بعد أن جلس "ماركوس" كثيرًا يتأمل في أهدافه الشخصية والمهنية، اكتشف شيئًا مهمًا وهو أن رضاه وسعادته في العمل يأتيان في المقام الأول، وأهم بالنسبة له من الحصول على راتب أعلى. لذلك، قرر عدم التقدم لوظيفة "أليس" والبقاء في منصبه الحالي. وبدلاً من ذلك، اختارت الشركة أن تقوم بتعيين مرشح خارجي ليكون نائب الرئيس في المنصب الذي كانت "أليس" تتطلع إليه.
تلقى رؤساء "ماركوس" قراره بالأسف. لكن عندما تأملوا في توسُّع نطاق عمله ونجاح تأثيره وتوليه مشاريع معقدة، أدركوا أنه اتخذ القرار الصائب. وأن تعيينه كنائب للرئيس كان هو الخيار غير الصائب له وللشركة كذلك.
أدت نشاطات "ماركوس" إلى قيام شركته بمراجعة شاملة لممارسات الترقية والأجور. وحصل "ماركوس" نتيجة لذلك على ترقية دون الحاجة إلى صعود السلم الوظيفي. وتم التفاوض بشأن العناصر الرئيسية للدور الجديد الذي سيتولاه، حيث سيتولى "ماركوس" قيادة فريقه عمله وسيكون له وقت كافٍ لذلك. كما سيتولى نائب رئيسه مهمة مساعدته في إدارة الكثير من التفاعلات المرهقة مع القيادات الأعلى منه.
على مدار مسيرتنا المهنية، رأينا العديد من المدراء المتميزين مثل "ماركوس"، يلفتون بطبيعتهم انتباه كبار القادة الذين يرغبون في مكافأة الأداء الممتاز والمحافظة على المواهب. ومع ذلك، تأتي غالبًا المكافأة في شكل وظيفة جديدة بحيث لا يمكن بعد لنفس هؤلاء القادة استغلال مهارات تلك المواهب التي لفتت انتباههم في البداية. إنه إهدارًا كبيرًا للمواهب أن نرى مديرًا كان يتطلع إلى تقديم أداء ممتاز في مجاله، فيجد نفسه الآن في مكتب كبير جديد مغمور بالأعمال الإدارية التي تجعله يشعر بالإحباط والتكاسل.
وفي الوقت ذاته، يميل كبار القادة إلى الاحتفاظ بالمدراء الوسطيين الذين يتمتعون بمهارات بيروقراطية وإدارية ولديهم قدرة على اللعب في الأوساط السياسية. إنهم ليسوا سيئين بما يكفي ليتم التخلي عنهم، ولكنهم أيضًا ليسوا ممتازين بما يكفي ليتم ترقيتهم. لقد أصبحوا جزءًا من ما يمكن تسميته بالرتابة التنظيمية، هم يعارضون التغيير ويتشبثون بعناد في مناصبهم.
ومن المثير للدهشة أن العديد من الشركات يفضلون الإبقاء على المدراء ذوي الأداء الضعيف في مناصبهم، بينما يقومون بترقية الموظفين الناجحين والبارزين إلى وظائف قد تكون بالنسبة لهم مملة وغير مرضية. وهنا بدت الحقيقة واضحة وبسيطة، وهي إن كان الشخص متحمسًا ويؤدي عمله بشكل جيد ، فمن الأفضل أن يظل في مكانه ويحصل على الدعم والتشجيع لمواصلة ذلك بجدارة.
الندم بعد قبول الترقية الوظيفية
وعلى عكس "ماركوس"، كانت هناك مديرة بارزة لم تتمكن من رفض فرصة الترقية، بالرغم من أن شيء بداخلها أخبرها أن تظل في مكانها. قصتها معروفة للغاية.
كانت "كيلسي" مديرة مميزة لروضة أطفال في مدينة كبيرة. وكان عملها يمتد حتى الصف الثامن، حيث كانت تُعين المعلمين في تعليم الأطفال الرياضيات والقراءة ومهارات الكمبيوتر. كانت تعمل على توظيف وتدريب العاملين، بالإضافة إلى التفاعل مع الآباء والأطفال، حتى أنها كانت تروج للروضة بعروض خاصة لتجذب الناس للانضمام إليها. وبسبب نشاطها المستمر، كانت تقطع حوالي 20000 خطوة يوميًا.
كانت الروضة التي كانت تديرها كيلسي في مكان مميز، يستقطب طلابًا من أفضل وأسوأ المدارس في المدينة. ورغم التحدي، نجح جميع الطلاب تحت إشرافها. كان المركز يعمل طوال الأسبوع وكانت "كيلسي" تعمل بلا توقف، حيث وصلت إلى العمل لـ23 يومًا متتاليًا في مرة وهي محبة للنشاط والحركة، حتى في أيام العمل المزدحمة. تذكرت يومًا عندما كانت تجوب المركز بحماس وهي تصب عرقًا، مع أقلام رصاص مثبتة في شعرها المبعثر بينما كان المركز يُعج بأصوات الأطفال مع معلميهم، عبَر والد أحد الطلاب، الذي كان في البداية مترددًا في إرسال ابنه إلى البرنامج، عن إعجابه وقال لها، "أنتم تقومون بعمل سحري هنا، أليس كذلك؟ ولازالت هذه الكلمات تلمس مشاعرها وتأثر بها حتى اليوم.
ولكن، حدث تحول كبير عندما تم شراء الشركة التي كانت "كيلسي" تعمل فيها بواسطة شركة أكبر عندما أقنع رئيس تنفيذي كان قد تم تعيينه حديثًا في الشركة الأم "كيلسي" بالتقدم لمنصب مدير إقليمي. قدمت لها الشركة الجديدة العديد من التحفيزات، بما في ذلك عشاء راقٍ وتغطية صحفية مميزة، مما جعل الأمر صعب الرفض. فإذا قبلت الوظيفة الجديدة، فإنها ستتحول من إدارة مركز واحد إلى الإشراف على ثمانية مراكز. بالطبع، هذه الخطوة تبدو مثيرة وجذابة، أليس كذلك؟
وعلى الرغم أن شيئاً ما داخل "كيلسي" كان يحذرها من قبول الوظيفة، إلا أن أصدقائها أقنعوها بأن رفض وظيفة كهذه سيكون خطأ كبيراً، ولاسيما أنها ستحصل فيها على راتب أفضل كما سيكون لها مردودًا إيجابيًا على سيرتها الذاتية. وبالتالي، قبلت الوظيفة رغم شعورها بالتردد، لكنها شعرت بالتعاسة بعد ذلك.
كانت مهمتها الرئيسية في الوظيفة الجديدة تتمثل في التأكد من أن مديري المراكز الأخرى يعملون بشكل صحيح. كما كان عليها ضمان تحقيق هؤلاء المدراء لأهدافهم المالية الشهرية. إلا أن هذا كان صعباً للغاية، لأن المراكز كانت قد أنهت فترة من النجاح الاستثنائي الذي لم يتكرر.
حاول المدير التنفيذي، الذي رشحها للترقية ، جعل العرض أكثر جاذبية ومنحها فرصة العمل من المنزل أغلب الأوقات. إلا أن المشكلة هي أن "كيلسي" لم تكن تحب فكرة العمل من المنزل. فقد كانت تشعر بالحنين دائمًا للجلسات التعليمية والاجتماعات والحركة الدائمة التي كانت جزءًا من روتينها اليومي السابق.
وفي يوم من الأيام، بينما كانت "كيلسي" وحدها في شقتها تراجع تفاصيل الأرباح والخسائر، اتصل بها مديرها للحديث عن خطة صيانة لأحد المراكز بالضواحي. هذا الاتصال جعلها تدرك أنها لا تستطيع الاستمرار في العمل بهذا النمط. وبعد فترة قصيرة، قررت ترك الوظيفة والتقدم إلى برنامج للتدريس في المدارس العامة. واليوم، هي تُعلم الطلاب الإنجليزية في المرحلة الإعدادية.
تقول "كيلسي" أنه من المحزن أن أظل طوال حياتي أعمل لدى شركة تعليمية تهدف فقط للربح، ياليت لو عرف القادة في الشركة كيف يعتنون بي ويقدرون عملي كمديرة، فإن ذلك سيكون أفضل بكثير.
فلسفة مطاعم "وافل هاوس"
على الرغم من أن العديد من الشركات لا يزال لديها معرفة غير كافية حول كيفية ترقية الأفراد المتميزين في نفس الدور، نلقي الضوء على ممارسات الترقية لدى مطعم بارز يفعل هذا بالطريقة الصحيحة.
إن كنت تقود سيارتك على الطرق السريعة في جنوب الولايات المتحدة، فقد تجد نفسك في مطعم "وافل هاوس"، سلسلة المطاعم المحببة الشهيرة التي تضم أكثر من 2000 فرع، أغلبها في ولايات مثل "فلوريدا"، "نورث كارولينا"، "ألاباما"، و"جورجيا"، حيث تم افتتاح أول مطعم "وافل هاوس" في عام 1955. اشتُهر المطعم بعمله على مدار الساعة، مما يجعله مكانًا مفضلًا لسائقي الشاحنات ولأي شخص يشتهي الفطائر أو شرائح اللحم المغطاة بالجبن أو المقطعة مع قطع لحم الخنزير حتى في الثانية صباحًا.
يتعلم الأشخاص الجُدد الذين يعملون في المطبخ في مطعم "وافل هاوس" أولاً كيفية تحضير كل طبق حسب القواعد الصارمة للمطعم. لكن هذا ليس كل شيء، فعليهم أيضًا أن يتعلموا طريقة التواصل الخاصة التي يستخدمها النوادل لإبلاغ الطهاة بتفاصيل الطلبات. فعلى سبيل المثال، إذا وصل طبق إلى المطبخ وعلى الطبق علبة خردل مقلوبة، يعني ذلك أن الطبق المطلوب يسمى "بابا جوزيف المصنوع من لحم الخنزير والبيض". ولكن إذا كانت العلبة غير مقلوبة، يعني ذلك طلب طبق آخر يسمى "لحم الخنزير والبيض". أما إذا كانت هناك قطعة من الزبدة على الطبق، فهذا يشير إلى طلب طبق يُسمى "تي- بون والبيض". كما أن موقع الزبدة على الطبق مهم أيضًا، فإذا كانت الزبدة في الجزء العلوي من الطبق فهذا يعني أن اللحم يجب أن يكون مطبوخ تماماً، وإذا كانت الزبدة في الجزء السفلي من الطبق يعني أن اللحم يجب أن يكون نيئًا قليلًا.
وبمرور الوقت والحصول على مزيد من التدريب في "وافل هاوس"، يمكن للطهاة المبتدئين أن يصبحوا طهاة رئيسيين. ولكي يحصلوا على هذا اللقب، يجب عليهم أن يجتازوا اختبارات تقيم قدرتهم على تقديم خدمة عملاء جيدة، والتعامل الآمن مع الأغذية، والطهي ببراعة؛ ناهيك عن فهم واحترام القواعد والعادات الخاصة بمطاعم "وافل هاوس". بعد النجاح في هذه الاختبارات، يزيد راتبهم وتكون لهم مسؤوليات أكبر في المطعم.
وبمجرد أن يثبت الطهاة براعتهم في استخدام الأساليب الجيدة والسلامة، وأن بإمكانهم تحقيق مبيعات تصل إلى 6000 دولار في كل وردية عمل (مع العلم أن متوسط سعر الطلب أقل من 10 دولارات)، يتقاضون أجراً أعلى ويحصلون على لقب "ملك الشواية". وقد يتولى بعضهم مهاماً إضافية، مثل تدريب الطهاة الجُدد، بيد أن الهدف الأساسي هو أن يستمر الطهاة الماهرين في القيام بعملهم ببراعة متزايدة. فدونهم، لا يمكن للمطعم أن يقدم طبقه التجاري الخاص أو يحافظ على تقديم الخدمة على مدار الساعة.
فإذا استطاع مطعم "وافل هاوس" أن يتعلم هذا الدرس بنجاح، لماذا لا يمكن للشركات الأخرى فعل الشيء ذاته؟
لقد أدركت المهن الحرفية منذ زمن بعيد قيمة تطوير الأفراد داخل نفس الدور الذي يقومون به. في الحرف اليدوية، مثل عمل الكهربائي، يبدأ الشخص مسيرته كمتدرب، ثم يصبح عاملاً ماهرًا، وأخيراً ينتهي ككهربائي رئيسي، مع زيادة الرواتب والمسؤوليات بشكل متوافق. استعارت الشركات الحديثة والذكية هذا المفهوم وطبقته على الأدوار الفنية. وبدلاً من ترقية الأشخاص الأكثر أداءً إلى أدوار إدارية قد تبعدهم عن مجال خبرتهم، أنشأت مسارات تطور مهني تتيح لهم الاستمرار في تحسين مهاراتهم في مجالهم الأصلي والرئيسي.
كنا نعرف أحد القادة التنفيذيين في قطاع التكنولوجيا ممن ظنوا لفترة طويلة أن الطريقة الوحيدة لمكافأة أفضل مبرمجيه هي ترقيتهم إلى وظائف إدارية. لكنه عندما أدرك أخيرًا أن هذا الافتراض كان خاطئًا، ظن أن الحل سيكون في توفير فرص للمبرمجين للتقدم والنجاح. ولكنه، اندهش عندما لم ينجح السيناريو الذي كان يتوقعه، والسبب هو أن القادة لم يقوموا بإجراء التغييرات اللازمة لجعل هذه الفرص مغرية وجاهزة للعمل على الموظفين. كما كان يجب على العاملين المميزين التخلي عن الفكرة الخاطئة بأن البقاء في الأدوار الفردية أمر غير مقبول. لقد كانت الشركة بحاجة لتطوير منظور جديد للقيمة التي يمكن أن توفرها للموظفين البارزين في مجال التكنولوجيا، الذين يستمتعون أكثر بالعمل الفني بدلاً من إدارة عمل الآخرين.
شعر المسؤول التنفيذي في القطاع الفني بأسف شديد لأنه لم يدرك هذا من قبل، وأدرك أنه فقد بعضًا من أفضل المواهب عن طريق تعيينهم في مناصب إدارية لم تكن مناسبة لهم.
نحن نؤمن أنه إذا تبنت المؤسسات هذا المفهوم في الإدارة الوسطى، فإنها ستحقق فوائد كبيرة. وقد لاحظنا ذلك مرارًا وتكرارًا في عملنا، فالأشخاص الذين يتفوقون في وظائف الإدارة الوسطى هم النجوم الحقيقيون. عندما يبرز قسم أو فريق بوضوح عن البقية، في الغالب، يكون ذلك بسبب وجود مدير بارع. وبمجرد تحديد هؤلاء النجوم المتميزين، ينبغي على كبار القادة بذل قصارى جهدهم للحفاظ عليهم في وظائفهم. وقد تشمل الطرق المتاحة التي تحفّزهم على المواصلة في تقديم أداء مميز ما يلي:-
- الرواتب والحوافز: يبدو الأمر واضحًا ولكنه ليس كذلك في الواقع . من المتعارف عليه في ثقافة الشركات أن يتقاضى كبار القادة ونواب الرئيس والقادة الكبار الأخرين رواتب أعلى من المدراء في المستوى المتوسط من الإدارة. ولكن هل هذا عادل؟ عندما يكون ذلك مناسبًا، يجب أن يتقاضى أفضل المدراء المتوسطين رواتب أعلى من كبار القادة لإظهار تقديرنا لهم. فإذا كان لدى المديرين التنفيذيين شكاوى، فيجب تعويض الفرق بشكل منصف. كما يجب أن يتناسب التعويض مع القيمة التي يضيفها الموظف للعمل.
- الأسهم وخيارات أسهم الموظفين: عندما نتحدث عن الأسهم، نندهش من حصول معظم المدراء في المستوى المتوسط من الإدارة على القليل منها. وغالبًا لا يحصلون عليها على الإطلاق أو قد يحصلون على نسبة زهيدة للغاية. امنح مديرك المجتهد فرصة ليشارك في الأسهم، وإن لم تفعل، فسوف يغادرك ليعمل لدى شركات ناشئة تقدم له فرص أكبر. نعم، إن خيارات بدء التشغيل يجب أن تكون مستحقة، وعلى الرغم من أنها قد تكون بلا قيمة في البداية، إلا أنها تبعث برسالة هامة مفادها هي إنك إن ساهمت في نجاح الشركة، سوف تحظى بمكافأة كبيرة على جهودك.
- توسيع نطاق العمل: قم بتوسيع نطاق أو حجم المسئوليات التي يتولاها شخص ما دون تغيير أساسيات الوظيفة، حيث تقوم المناطق التعليمية أحيانًا بهذا الأمر مع مدرائها في المستوى المتوسط من الإدارة، فتقوم بترقيتهم لتولي أدوار إشرافية مما ينحيهم كثيرًا عن المهام الأساسية المنوطة بالمعلم والطالب، أما المناطق التعليمية التي لديها قدرٌ من الحكمة، فستقوم بترقيتهم في مدارس أكبر بكثير. وفيما يتعلق بمجال البيع بالتجزئة، قد تنقل الشركة مديرًا ممتازًا من متجر أصغر إلى متجر كبير أو تمنحه مهام التوظيف والتدريب في العديد من المتاجر الإضافية بما يسمح لهم بتطوير مهاراتهم وخبراتهم وإحداث تأثير كبير على أداء الشركة.
- إجراء تغييرات على المسميات الوظيفية: عند الحديث في سياق إدارة المتاجر، قد يتغير لقب الشخص تدريجياً من "مدير مبتدئ" إلى "مدير أول" ثم إلى "مدير تنفيذي" بمرور الوقت مع تقدمه المهني، وذلك بناءً على توسع نطاق تأثيره. لكن تجدر الملاحظة أن إجراء مثل هذه التغييرات على المسميات الوظيفية ليست مجرد كلمات بلا قيمة، بل أنها تغييرات مكلفة. قد يرافق المسمى الوظيفي الجديد مكافآت إضافية وزيادة في تحمل المسؤوليات، فيتم ذلك دون أن يفقد الموظف هدف ومسؤوليات الوظيفة الأساسية التي كان يتعامل معها في المستوى الأدنى.
- مهام التحدي: لدى كل مدير عظيم أفكار حول تحسين الأمور، اسأل البارزين منهم كيف سيعملون على تحويل هذه الأفكار إلى واقع عندما يتولون مسؤولية أكبر. وحينها، إن أعطيت لهم الفرصة، سيكونوا على استعداد لتحمل مسؤولية فكرتهم الرائعة وتنفيذها بنجاح.
- تدابير العمل بشكل مرن: يمكن للمدراء في المستوى المتوسط من الإدارة أن يبذلوا كل جهد لتلبية احتياجات ومتطلبات التقارير حتى يتسنى للمدراء تلقي نفس الدعم والجهد من رؤساءهم.
كيف يمكنني أن أضمن تقديم المكافآت المناسبة للمدراء الأكثر قيمة وتأثيرًا؟ فقط اسألهم مباشرة! قد يفضل بعض المدراء زيادة في الراتب، بينما يفضل آخرون إجازات إضافية. وقد يكون هناك من يتطلع لفرصة للعمل في مهمة محددة أو الحصول على فرصة سفر. إذ يمكنك تخصيص المكافآت بطريقة تلبي تطلعاتهم وتحفزهم لتحقيق أداء مميز ونتائج إيجابية.
إن النجوم البارزين من المدراء يشبهون فكرة المدير الفني لفريق كرة القدم الذي يفوز بالبطولة، عندما يحقق الفريق الفوز، يكافئ أصحاب الفريق هذا المدير الفني ويحتفلون به من خلال تقديم الأوسمة والمكافآت ويجددون تعاقده، هم لا يكتفون بكلمة تهانينا الباهتة أو يقولون له سنقوم بنقلك إلى المكتب الأمامي، هذا لم يحدث ولكن هذا هو ما يحدث في العديد من الشركات.