الرابط بين التعلم وتحقيق الأرباح: الخطوات الجريئة نحو التغيير المهني

| تدوينة صوتية

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر. نرحب بتعليقاتكم على البريد الإلكتروني التالي reader_input@mckinsey.com

مع استمرار حالة التسرب الوظيفي, يتمثل السبيل الوحيد لاستبقاء الموظفين في تطوير معارفهم ومزاياهم وتجاربهم، أي رأس مالهم البشري. ولكن، كيف يمكن للشركات تحديد أفضل ما يناسب موظفيها؟ وما هي القيمة التي تحملها إتاحة مزيد من فرص التنقل بين أقسام الشركات بالنسبة للموظفين؟ وللإجابة على هذه الأسئلة وغيرها، تستضيف "لوسيا راهيلي" من مركز ماكنزي العالمي للنشر كلًا من "آنو مادغافكار" و"بيل شانينجر" الشريكين في ماكنزي والمؤلفين المشاركين لتقرير رأس المال البشري في سوق العمل: أهمية الخبرة العملية.

للمزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

ويقدم "جوش كاتز" الشريك في ماكنزي في بداية هذا البث لمحة موجزة حول تضخم الغذاء العالمي وتأثيراته على الأعمال مع "روبيرتا فوسارو"، المحررة التنفيذية في ماكنزي.

تم تعديل هذه النسخة الكتابية لغرض التوضيح.

يستضيف حلقة البث الصوتي كل من "روبيرتا فوسارو" و"لوسيا راهيلي".

"روبيرتا فوسارو": تحدثنا منذ بضعة أشهر حول دور الحرب الروسية الأوكرانية في تعزيز مخاطر حدوث أزمة غذائية عالمية، فما هي آخر المستجدات في هذا السياق؟ وهل حدثت هذه الأزمة بالفعل؟

"جوش كاتز": ينبغي أن نفهم بأننا نعيش اليوم وسط أزمة غذائية تمتد تبعاتها لسنوات عديدة، على الرغم من ظهور بعض المؤشرات الإيجابية اليوم مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل بضعة أشهر، ولا سيما في أسعار الحبوب، ما يبرز مدى خطورة الوضع وقصور مخزوناتنا.

وسجلت أسعار الحبوب في فبراير الماضي ارتفاعًا بنسبة 60% غير أن الزيادة تراجعت اليوم إلى 20%. وسجل سعر الذرة ارتفاعًا بنسبة 30% في مرحلة معينة، ليعود إلى نسبة 20%. ورغم ذلك يبقى الخطر قائمًا إلا أنه يمنحنا لمحة أكثر تفاؤلًا حول الوضع الراهن لأسعار الغذاء وتقدير عدد الأشخاص القادرين على الحصول عليه.

وأشعر بالقلق مما ستؤول إليه الأمور خلال الأشهر القادمة، وبخاصة في الدول التي تعتمد على المساعدات الغذائية أو التي يُتوقع أن يواجه الملايين من سكانها أزمة مالية بسبب ارتفاع أسعار الغذاء. وتُعد هذه الأزمة أمرًا محتّمًا، في ظل التحديات التي تنتظر قطاع الزراعة في مناطق عديدة من العالم خلال السنوات القادمة، ولا سيما مع الترجيحات باستمرار ارتفاع أسعار الموارد.

ويجب الانتباه بأن قضية ارتفاع معدلات التضخم كانت قد بدأت حتى قبل الحرب الروسية الأوكرانية، حيث لاحظتُ بعد إلقاء نظرة على معدلات التضخم في أسعار المواد الغذائية ارتفاعها بشكل ملموس خلال الربعين الثالث والرابع من العام الماضي في مختلف أصناف المأكولات والمشروبات. إذ كنا نشهد مستويات قياسية منذ عقود خلال تلك الفترة، قبل مساهمة الحرب الروسية الأوكرانية في تسريع وتيرة التضخم.

"روبيرتا فوسارو": ما الذي نعرفه عن تطور هذا التوجه عالميًا؟

"جوش كاتز": ساهمت الأزمة الروسية الأوكرانية للأسف بمفاقمة الأزمة الغذائية التي كانت تعاني منها بعض الدول بسبب عدم قدرتها على تحمل التكاليف. كما تخصّص الدول الفقيرة قسمًا كبيرًا من دخلها وتمويلاتها لشراء الأغذية، لذا ينعكس ارتفاع الأسعار عليها بشكل أقسى من باقي الدول.

ويلقي هذا الارتفاع بظلاله أيضًا على دول أخرى عديدة في أنحاء العالم، ولكن الأرقام المجردة تؤكد بأن التأثير الأقسى سيقع بشكل متفاوت على الدول التي تعاني نسبة كبيرة من سكانها من الصعوبات بالفعل.

وتفيد بعض التقديرات بخسارة ما يقارب ثمانية ملايين فدان من الأراضي الصالحة للزراعة، مع احتمال ارتفاع هذا الرقم بسبب القذائف التي بقيت في الحقول، مما يؤدي إلى نقص الواردات من أوكرانيا خلال السنوات القليلة القادمة.

"روبيرتا فوسارو": كيف يستجيب القادة لهذه المعطيات، أو كيف يتعين عليهم ذلك؟

"جوش كاتز": يتعين علينا على المدى القصير جدًا ضمان وصول محاصيل الحبوب إلى السوق، ما يستلزم إيجاد طرق مبتكرة لاستيراد الحبوب الموجودة في أوكرانيا. ونلمس تقدمًا ملحوظًا في هذا الصدد على الرغم من القيود المفروضة على الموانئ. وأعتقد بأن انخفاض أسعار المحاصيل جاء بفضل الأساليب المبتكرة المتبعة لتصديره من الدولة.

ويوجد استراتيجية مجدية على المدى القصير، حيث قامت 20 دولة بوضع بعض القيود على التجارة أو التصدير، مما قلل من مرونة أنظمة التصدير. وتشكل هذه القيود على المدى القصير بعض التحديات أمام نقل الحبوب بالشكل اللازم في أنحاء العالم، لذا نترقب إزالة بعضها لتعزيز النظام أكثر.

وينبغي علينا في ضوء ما حمله الموسم الماضي معرفة كيفية تعزيز معدل الإنتاج في أوكرانيا، حيث يمتاز نظام الزراعة بأنه يفاجئنا كل عام تقريبًا بحصول صدمة فيه. إذ يؤدي حدوث الجفاف في منطقة ما، إلى تأثيرات تنعكس على الإنتاج في منطقة أخرى. وشهد النظام مزيدًا من التحسن في إدارة التحديات التي تتعرض لها بعض مناطق العالم، والتي ساهمت التجارة في تحفيزها.

وتبرز بعض التدابير الفعالة التي يمكننا اتخاذها على المدى المتوسط وتساؤلات يجب أن نجد لها إجابات شافية؛ ومنها هل نقوم بدعم زراعة المحاصيل والمواد الغذائية المناسبة؟ كيف نستفيد من برامج ترشيد الاستهلاك؟ ما هي رؤيتنا حول الوقود الحيوي في إطار المنظومة الزراعية؟

"روبيرتا فوسارو": ما هي أوجه المرونة التي نطمح لتحقيقها على المدى الطويل؟

"جوش كاتز": يمكننا تعزيز الإنتاجية لعدد أكبر من أصناف المحاصيل وتحقيق نتيجة رائعة عن طريق تعزيز مرونة النظام أو الاكتفاء بإضافة الموارد وتنويع الأصناف وتحسين التقنيات المستخدمة في مجموعة واسعة من المحاصيل، بما في ذلك القمح.

"روبيرتا فوسارو": ما مدى صعوبة إقناع المزارعين بالتخلي عن هذه المجموعة الصغيرة من المحاصيل أو المعايير التي يعملون وفقها اليوم؟

"جوش كاتز": لطالما سعى المزارعون إلى الحصول على تقنيات يمكن استخدامها بسهولة وعلى نطاق واسع في زراعة مختلف المحاصيل أو إجراء تحسينات أخرى على التربة، والتي تدعم زراعة محاصيل أخرى.

وهو ما يحدث بشكل طبيعي، إذ يكفي تسويق التقنيات المرتقبة أو القادمة، ما يجعلني أكثر تفاؤلًا حيال المستقبل.

ويتعين أيضًا تعليم المزارعين وتزويدهم بالحوافز بوصفهم الأفضل والأعلم في كيفية إدارة أراضيهم وميزانياتهم، لذا من الصعب أن نطلب منهم تغيير أساليب عملهم. وطالما أن المزارعين يربطون دخلهم السنوي بكيفية الزراعة ونوعية المحاصيل، فلا بد من إقناعهم بجدوى هذه التغييرات. ويتمثل أحد التحديات في بطء إحداث هذه التغييرات لأسباب منطقية جدًا.

"روبيرتا فوسارو": هل يحتاج قطاع الزراعة في ضوء ما ذكرته إلى استقطاب المواهب غير التقليدية؟

"جوش كاتز": نجهل كيف تنظر الدول النامية إلى الفرص الكامنة في قطاع الزراعة مقابل تلك التي تتيحها المناطق الحضرية؛ فمن جهة تزداد أهمية الزراعة مع توسع نطاق الفرص والتقنيات المستخدمة بفضل تقنيات الاتصال.

وفي المقابل، ما تزال غالبية الدول النامية تسعى إلى تعزيز نموها العمراني بوصفه عاملًا رئيسيًا في اختيار مكان السكن والعمل. لذا يتعين علينا تحليل هذه النقطة.

"روبيرتا فوسارو": كيف يمكن للجهات المعنية الاستعداد لمواجهة الأزمة المحتملة المقبلة؟

"جوش كاتز": يعاني قطاع الزراعة من العديد من التحديات المزمنة التي تحد من مرونة النظام، والتي عالجنا عددًا منها ما أفسح المجال لتطوره المتواصل.

وأظهرت الأزمة بأن بعض المعطيات الرئيسية تتركز في مناطق محددة من العالم، ويتعلق الأمر في هذه الحالة بتوافر مادة البوتاس (أحد أسماء كربونات البوتاسيوم "الملح") أكثر من أي شيء آخر، وهو ما يتعين علينا مراعاته ومعرفة كيفية إدارته.

كما تحولنا نسبيًا نحو الإنتاج المركّز لأنواع معينة من الحبوب، حيث أثّرت الحرب في أوكرانيا على زراعة دوّار الشمس والقمح.

كما تبرز بعض المكونات التي تتركز في مناطق محددة مع وصولنا إلى آخر سلسلة القيمة والخوض في التفاصيل. ويمكنني استخدام أزمة أغذية الأطفال كمثال جيد في هذا السياق، رغم أنها بعيدة عن العوامل الزراعية، حيث كان في الولايات المتحدة معمل واحد فقط تسبب تعطله في دخولنا بأزمة شملت الدولة بأكملها. ما يؤكد ارتباط سياسة التركيز مع نقاط ضعف ضمن مراحل محددة في سلسلة القيمة.

ويضاف إلى ذلك مسألتي المناخ المتماثل والأزمات الطبيعية. وأتوقع أن نشهد تكرار حالات الجفاف في مناطق عديدة من العالم، ما يعزز مخاطر التنوع الحيوي وشح المياه، والتي لم ندرك بعد مدى خطورتها. ويستلزم ذلك مزيدًا من المرونة في النظام العام لأننا سنواجه مختلف أنواع الأزمات وبوتيرة أكبر.

"روبيرتا فوسارو": ما هي الإجراءات الواجبة على الجهات المعنية، وما هي الخطوة التالية بالنسبة للقادة في ضوء التحديات التي ذكرتها؟

"جوش كاتز": أنا متفائل بتنامي دور الابتكار في هذا القطاع منذ سنوات عديدة، ويسرني أن نلمس زيادة في عدد المبتكرين الرائعين الذين يقدمون أفكارًا مستمدة من مجموعة شاملة من القطاعات لدعم قطاع الزراعة. الأمر الذي أعتقد بمساهمته في تراجع الاعتماد على منطقة محددة أو نوع محدد من الواردات أو محاصيل محددة أو حتى مصدر معين للبروتين.

ونحظى بدعم كبير من الابتكارات العديدة التي تساهم في رفع سوية الإنتاجية وتعزيز التنوع وتتيح لنا زراعة محاصيل غذائية بأساليب مختلفة. ويمكن أن يمنحنا اعتماد نظام أكثر مرونة رؤيةً بعيدة الأمد حول التربة والمياه وأراضينا الزراعية المخصصة للحبوب.

ويمكن المساهمة في تعزيز المرونة عن طريق الاستثمار في ضمان سلامة التربة وتوفير مصادر مياه كافية والحفاظ على التنوع الحيوي، لإرساء ميزانية زراعية لكوكبنا تلبي احتياجاتنا لأجيال عديدة.

تعريف رأس المال البشري وتطويره

"لوسيا راهيلي": "بيل شانينجر"، يتمحور بحثك حول رأس المال البشري والذي يبدو مصطلحًا جامدًا يخلو من الطابع البشري، فما هو رأس المال البشري؟

"بيل شانينجر": يشمل رأس المال البشري معارف الموظف ومهاراته ومزاياه وخبراته وسلامته الجسدية. وعمدنا إلى إضافة السلامة الجسدية إلى تعريفنا الخاص، لأننا نراه من منظور واسع يشمل العديد من الدول ومجموعة كبيرة من الأشخاص. ووجدنا أنه من المهم أن نضمن السلامة الجسدية التي تتيح للموظف تطبيق هذه المعارف والمهارات والمزايا والتجارب والاستفادة منها.

"لوسيا راهيلي": "آنو مادغافكار"، ينبغي أن يكون رأس المال البشري مصدرًا هائلًا للقيمة بالنسبة للاقتصادات والأفراد على حد سواء، فما الذي كشفته الدراسة حول كيفية تطوير رأس المال البشري طوال مسيرة الموظف؟

"آنو مادغافكار": يمثل رأس المال البشري بشكل رئيسي قدرتنا على تحقيق الإنتاجية، واكتشفنا أن هذه العملية تحدث طوال حياة الموظف وتبدأ منذ الطفولة المبكرة، حيث يجمع الموظفون مجموعةً هائلةً من قدرات رأس المال البشري من خلال التعليم ثم يكتسبون مهارات جديدة مع تجاربهم المهنية، ويواصلون تعزيز خبراتهم إلى جانب تعلم مهارات وأساليب جديدة لاستثمارها.

وترتبط حوالي نصف الأرباح التي يحققها الموظف طوال حياته بالمهارات التي يكتسبها من خلال تجربته المهنية. لذا يرتبط رأس المال البشري بقوة مع التجربة الشاملة في الحصول على وظيفة والتعاون مع الآخرين.

ويتمثل أحد أبرز النتائج غير المتوقعة في الارتباط الوثيق بين رأس المال البشري والتنقل الوظيفي والحيوية والترقية وتولي مناصب جديدة وتأدية مهام مختلفة وتعلم مهارات متنوعة.

ترتبط حوالي نصف الأرباح التي يحققها الموظف طوال حياته بالمهارات التي يكتسبها من خلال تجربته المهنية.

"آنو مادغافكار"

تغيير المناصب منهجية معروفة

"لوسيا راهيلي": نشهد اليوم أصعب مراحل أسواق العمل مع الاضطرابات القوية التي أظهرتها دراسة ماكنزي العالمية للتسرب الوظيفي الكبير والاستقطاب الوظيفي الكبير إلى جانب بيانات مكتب إحصاءات العمل في الولايات المتحدة وغيرها. فهل أظهرت هذه الدراسة معلومات جديدة أو غير متوقعة حول أسباب تغيير الوظائف؟

"آنو مادغافكار": كشفت الدراسة بأن التغيير الوظيفي إحدى خصائص سوق العمل التي تسبق الاستقالة الكبرى، والتي بدورها تعزز هذه العملية. وكشفت دراسة المسيرات المهنية لنحو أربعة ملايين موظف في دول عدة، بأن الموظفين يغيرون أدوارهم الوظيفية خلال ما يتراوح بين عامين إلى أربعة أعوام.

وتجري نسبة 80% من عمليات الارتقاء الوظيفي بالانتقال من شركة إلى أخرى، ما يعني أن الموظفين يغادرون شركاتهم الحالية إلى شركات جديدة. ويرجع ذلك إلى أن عملية التغيير الوظيفي تتيح للموظفين تولي مناصب جديدة واكتساب مهارات مختلفة.

وتفيد دراستنا حول التسرب الوظيفي الكبير والاستقطاب الوظيفي الكبير بأن التطور المهني ما يزال حافزًا مهمًا لتسرب الموظفين، وذلك رغبةً في التغيير حتى اليوم، لكننا لا نفهمها جيدًا.

"بيل شانينجر": يمكن للشركات توفير فرص ومناصب جديدة من خلال معرفة المهارات الإضافية التي يتمتع بها موظفوها.

ويتمثل جوهر هذا الجانب في استفادة الشركات من المهارات الحالية للموظفين وصقلها من خلال التجربة. وهنا نتساءل ما الذي يمنع الشركات من السعي لتطوير مهارات موظفيها؟

يتعلق ذلك بالتسرب الوظيفي الكبير والاستقطاب الوظيفي الكبير، إذ تبرز فرصة حقيقية أمام الشركات كي توفر فرص الترقية الوظيفية وتسعى إلى استقطاب المواهب الجديدة وتنميتها.

خطوات جريئة لإحراز التقدم المهني

"لوسيا راهيلي": بعد أن تناولنا الدور المحوري لاكتساب الخبرة العملية في تطوير رأس المال البشري وأهمية فرص الترقية في اكتساب الخبرة العملية؛ ماذا يمكنكِ إخبارنا عن الموظفين الذين يغيرون وظائفهم بطريقة تنعكس إيجابًا على رأس مالهم البشري؟

"آنو مادغافكار": كشفت الدراسة بأن ثلث الموظفين في معظم الدول المشمولة سجلوا مسيرات مهنية ناجحة وحصلوا على ترقيات مع التقدم مرتبة أو اثنتين أو ثلاثة من شرائح الدخل.

واستفاد الموظفون الحاصلون على الترقيات من الفرص المتاحة لهم، ولكن في وظائف ومهارات مترابطة، حيث انتقلوا إلى وظائف متشابهة في المتطلبات، رغم احتياجهم إلى نسبة 40% من المهارات الجديدة وغير المتكررة في وظائفهم السابقة.

ويسمى ذلك بالخطوات الجريئة، حيث يتناسب مستوى الجرأة في تغييرات المناصب مع امكانات وقدرات الموظف، ما يستلزم مساعدة مزيد من الموظفين على كسر قيود سقف قدراتهم المفترض نتيجة مستوياتهم التعليمية، التي لا تمتلك في الواقع ذلك التأثير. ويمكن للموظفين كسر هذه القاعدة مع وجود الحوافز الذاتية ومحفزات أصحاب العمل لاتخاذ هذه الخطوات الجريئة.

وتأخذ المجموعات التي تؤجل هذه الخطوات الجريئة أو لا تقوم بها مطلقًا مسارات مهنية مختلفة كليًا. ويمكننا التفكير في مدى اختلاف تجارب الموظفين لدى إقدامهم على خطوات جريئة في مرحلة مبكرة خلال مسيراتهم المهنية مقارنةً مع تأجيلها ثم مع عدم القيام بها مطلقًا.

"بيل شانينجر": تمثل رغبة الموظفين بخوض هذه التجربة سمةً شخصية وهي الانفتاح على التجربة، إذ يتهرّب بعض الموظفين من الخطوات الجريئة لأنها تسلط الضوء على قلة إنجازاتهم السابقة وتضعهم أمام مسؤوليات جديدة مُستقبلًا. وربما يرفضون المخاطرة بخوض تحديات ومهام جديدة.

"آنو مادغافكار": تتأثر مسألة اتخاذ خطوات جريئة بالتفضيلات والمزايا الشخصية والقدرة على المخاطرة. كما يلعب سياق عمل الشركة دورًا مهمًا في ذلك، إذ تمتاز بعض الشركات بقدرتها على توفير هذه الفرص لموظفيها.

وهو ما قمنا بدراسته من خلال تقييم كيفية استثمار الشركات في التدريب والمبالغ المخصصة لذلك ومدى تركيزها على الترقية الوظيفية لتزويد الموظفين بالفرص المناسبة. بحثنا بعدها في مدى نجاحها في ضمان الصحة المؤسسية وتأسيس بيئة عمل إيجابية.

وكشفت لنا هذه المسيرات المهنية بأن الموظفين الذين عملوا في شركات عالية الأداء في مرحلة مبكرة من مسيرتهم المهنية يتمتعون بفرص أوسع للترقية المهنية والاستفادة من هذه الفرص مستقبلًا. ما يُعد مسؤوليةً مشتركة بين الموظفين وأصحاب الشركات الذين يتعين عليهم توفير الظروف الملائمة التي تدعم عملية التعلم الشاملة من خلال الخبرة العملية.

"لوسيا راهيلي": هل يمكنكِ أن تقدمي مثالًا عن الفارق بين نتائج التجربة والخطوات الجريئة لدى الموظفين الذين يبدؤون مسيرتهم المهنية في الفترة نفسها؟

"آنو مادغافكار": نأخذ مثالًا عن شخصين انضمّا إلى شركتي هندسة معمارية، حيث يبدأ كلاهما العمل مزودَين بمجموعة من التدريبات والمؤهلات التعليمية، ولكن أحدهما يعمل في شركة تتبع أسلوب عمل تقليدي؛ أي أنها تتمتع بمستوى جيد دون توفير فرص فعلية للتعلم، مثل كيفية استخدام الأدوات الرقمية الجديدة في الأعمال الهندسية. وينتقل الموظف الثاني إلى شركة أكثر تطورًا من الناحية التكنولوجيّة تستخدم بعض هذه الأدوات والتقنيات، ما يتيح له فرصة تعلم استخدامها.

كما يحظى هذا الموظف بفرص تطوير العملاء وتعلم أساسيات تحقيق النجاح، التي يمكن اكتسابها، وأفضل السُبل لبيع الخدمات للعملاء عن طريق التعلم من موظف أكثر خبرة والمشاركة معه في مفاوضات مع العميل.

وينتقل الموظف الثاني بالتالي إلى مناصب تتضمن مسؤوليات أكبر مع الاستفادة من الأدوات والتقنيات الجديدة والمهارات الشخصية التي اكتسبها من خلال عمله.

تقييم رأس المال البشري

"لوسيا راهيلي": كيف يمكننا تقييم رأس المال البشري لدى الموظفين؟

"آنو مادغافكار": قمنا بتقدير الدخل مدى الحياة للموظفين بناءً على مسيراتهم المهنية السابقة ووظائفهم الحالية مع دراسة بيانات نمو رواتبهم عن طريق الاحصاءات الوطنية ووضع مخططات لهذه البيانات. ونجحنا للمرة الأولى في التوصّل إلى منهجية لربط سوية الدخل مع المهارات المستخدمة في العمل في كل وظيفة ومهنة طوال مسيرة الموظف.

وأتاحت لنا هذه المنهجية تصنيف المهارات ضمن فئتين؛ وهما مهارات فترة التدريب ومساهمتها في دخل الموظف في بداية مسيرته المهنية، مقابل المهارات الجديدة المكتسبة خلال العمل ومساهمتها في الدخل.

"بيل شانينجر": كان من المذهل أن نرى التفاصيل التي كشفتها البيانات، من حيث مساهمة المهارات القديمة والجديدة. ويتساءل البعض ما إذا كان رأس المال البشري يعتبر نوعًا من التعويضات، بالطبع لا، لأن التعويضات هي ما يحدد احتياجات السوق وكيف يمكن تلبيتها مع مرور الوقت.

"لوسيا راهيلي": استنادًا إلى أن الكثير من الموظفين لن يحصلوا على المؤهلات أو الخبرة العملية اللازمة لاستقطاب عروض العمل من الشركات، فهل يجدي اقتراح هذا المسار من الناحية العملية، أم يتعين علينا إجراء تغيير معين يتيح لمزيد من الموظفين الوصول إلى الجهات الراعية للمواهب بما يضمن تحقيق أثر إيجابي واسع النطاق؟

"بيل شانينجر": أرى بأن سؤالكِ يقع في صميم مسألة تكافؤ الفرص. وتتفوق الشركات التي تحظى بإدارة جيدة في هذا السياق، ويفرض تفاقم نقص المواهب في السوق على الشركات التفكير بطرق أكثر ابتكارًا لاستقطاب هذه المواهب، ويستلزم الابتكار في تحديد مصادر المواهب تفكيرًا شموليًا بعيدًا عن الاكتفاء بالدرجة التعليمية أو الجامعات التي تخرج منها الموظفون.

وتبحث هذه الشركات عن موظفين يتمتعون بالقدرة على تطوير المهارات المطلوبة والنجاح في مهامهم ثم تترقب النتائج. وأرى بأنها فكرة جيدة من ناحية تكافؤ الفرص، لأن الشركات حتى وإن كانت غير قادرة على ذلك، تفرض عليها توجهاتها الخاصة توفير فرصة أشمل في مجال ما وتوسيع نطاق الوصول إليها. علمًا أن البيئة الحالية ساهمت في مفاقمة هذا الوضع.

"آنو مادغافكار":أعتقد بوجود بيئة داعمة لتحول الشركات نحو تقييم الموظفين من حيث قدراتهم بدلًا من تقييدهم بأدوار وظيفية محددة تستند إلى مهامهم الحالية. وتتمثل هذه البيئة في اضطرابات سوق العمل الحالية مع ارتفاع معدلات الاستقالة والشواغر وقلق الشركات.

وكشفت بياناتنا نجاح الكثير من الشركات الصغيرة والمتوسطة في إدراك القدرات الحقيقية لموظفيها. ما يعني أن حجم الشركة لا يرتبط بمدى تطور المسيرة المهنية للموظفين.

ولكن الموظفين الذين يبحثون عن الفرص ويفكرون في تطورهم المهني يجهلون الدور الذي يمكن أن تلعبه جهة التوظيف المحتملة. وننصح الشركات بتعزيز شفافيتها حول كيفية بحثها عن الموظفين وما يمكن أن تقدمه لهم. إذ يسهم توفير مزيد من المعلومات في زيادة فعالية إيجاد الموظفين المناسبين لشغل الوظائف المتاحة.

"بيل شانينجر": يتعين على الشركات والمدراء التأقلم مع مسألة دعم الموظفين في تولي مختلف المناصب سواء داخل الشركة أو خارجها، انطلاقًا من أن الموظفين المتميزين يحصلون على فرص متميزة دومًا.

وعندما تنجح الشركة في تيسير هذه الفرص ستستقطب المزيد من الموظفين. مما يؤدي إلى تحقيق سلسلة مستمرة من النتائج الإيجابية على غرار الشركات التي توفر فرص الترقية الوظيفية

وأعتقد أن دور الشركة والقادة هنا لا يتعلق باحتكار المواهب والسيطرة عليها، بل استقطابها وتطويرها ودعم نجاحها قدر المستطاع، وإدراك أن عددًا كبيرًا من الموظفين سيغادرون.

وتنطوي العقلية المناسبة على أهمية كبيرة ولا سيما خلال فترات النقص في المواهب على عكس الاعتقاد السائد، والذي يدفع الشركات إلى التمسك بالموظفين، وهنا يكمن الخطأ.

ويسعدني وجود تلك الشركات الصغيرة التي تمتلك عقلية تتمحور حول تألق الموظف ومساعدته على التطور والنمو وإبراز أقصى إمكاناته باستمرار.

الشركات الصغيرة قادرة على تحفيز المواهب

"لوسيا راهيلي": تقصد بأن الشركات تصبح مراكز جذب للمواهب وتقدم لهم الرعاية في الوقت نفسه. دعونا نعود إلى ما ذكرته "آنو" حول الشركات الصغيرة، لأنني أعتقد بأن الشركات التي توفر فرص الترقية الوظيفية تحتاج إلى كم هائل من الموارد، فكيف يمكن للشركات الناشئة والعلامات التجارية الصغيرة تحقيق ذلك؟

"آنو مادغافكار": يمكن استخدام مختلف برامج تطوير المواهب، ومن أهمها التعلم والتدريب المهني في العمل. وتستطيع الشركات الصغيرة غير القادرة على توفير القدر الكافي من فرص التعلم المنظّم تعويض ذلك بالتدريب العملي والميداني.

وتتيح إمكانية التواصل المباشر بين الموظفين والإدارة العليا في العديد من هذه الشركات العمل عن كثب مع أشخاص يتمتعون بمستويات رفيعة من الموهبة والخبرة بشكل عملي وشخصي، ما يوفر تجربة تعلم لا تُضاهى.

وأرى أنه يتعين على الشركات الكبيرة الحرص على مزج التعليم المنظّم مع توفير أجواء العمل ضمن فريق يتخطى فروقات المناصب ويتيح التعلم بطريقة حيوية من خلال التعاون عن كثب مع موظفين يتمتعون بمستويات عالية من الموهبة والخبرة.

تحرير الموظفين من القيود

"لوسيا راهيلي": ما الخطوات العملية التي يتعين على قادة الشركات في ظل الظروف العصيبة التي يمر بها سوق العمل اتخاذها لاجتذاب المواهب وتعزيز قيمة رأس المال البشري في شركاتهم؟

"بيل شانينجر": تتمثل إحدى أهم الإجراءات في إجادة التعامل مع المهارات التي يتمتع بها الموظفون الحاليون، ومعرفة قدراتهم الحقيقية والاستثمار فيها، لأننا نقيد قدرات الموظفين أحيانًا في قوالب محدودة.

وتتلخص الطريقة الأولى في اعتماد رؤية أشمل حول القدرات والإمكانات الفعلية للموظف، وتمثل الخطوة الثانية تحديد مواصفات المواهب التي يمكن استقطابها مع مراعاة توسيع الأفق عند اختيار الموظفين.

ونعود إلى نقطة تكافؤ الفرص، حيث كانت الوظيفة في قسم الخدمات والاستشارات التخصصية تتطلب درجة ماجستير في إدارة الأعمال، أما اليوم نِصف موظفينا لا يحملون هذه الدرجة. وعمدنا بدلًا عن ذلك إلى توظيف أشخاص أذكياء وتدريبهم من خلال برنامجنا المصغر لدرجة الماجستير في إدارة الأعمال ومنحهم البداية اللازمة.

ونضع ثقتنا بقدرة التدريب المهني والإرشاد والتدريب على صقل مهاراتهم. ويمكن لقسم كبير من هؤلاء النجاح وبعضهم سيتألق بقوة، ويجب تعويد الجميع على تغيير المناصب في الشركة بشكل دوري وسريع.

ويجب ألّا يبقى الموظف في المنصب نفسه لعشر أو 12 أو 15 عامًا، بما يتناقض مع كل ما ذكرناه، نظرًا لأهمية عامل الحيوية لدى أصحاب المواهب وإظهار الشركات التزامها به أمام الموظفين ولا سيما عند افتقار السوق إلى المواهب.

تحدثنا كثيرًا حول توفير الإرشاد والتدريب المهني والدورات التدريبية، والتي تقوم على قادة الموظفين وفريق الإدارة التنفيذية والأشخاص القادرين على رسم ملامح المستقبل المهني لهذا الموظف

لذا تحمل خبرة هؤلاء الموظفين المكلفين بتوفير التدريب المهني والإرشاد أهمية بالغة، وتحرص الشركات على اختيارهم لإدارة أنشطة الشركة، فضلًا عن تطوير الجيل القادم من الموظفين والقادة. ونقصد هنا بالتحديد اعتماد رؤية أشمل حول قدرات الموظفين.

"يحمل عامل الحيوية لدى أصحاب المواهب وإظهار الشركات التزامها به أمام الموظفين أهمية بالغة، ولا سيما عند افتقار السوق إلى المواهب".

بيل شانينجر

الخبرة تتفوق على مستوى التعليم في الهند

"لوسيا راهيلي": ماذا كشفت الدراسة حول الاختلافات الثقافية؟ وهل تختلف قيمة الخبرة باختلاف الدولة؟

"آنو مادغافكار": تختلف قيمة الخبرة تبعًا للمنطقة، إذ شملت دراستنا المعمّقة أربع دول، ثلاثة منها تمتلك اقتصادات متقدمة، وهي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا، ساهمت الخبرة فيها بقيمة تتراوح بين 40% إلى 45% من الدخل مدى الحياة أي نحو النصف.

أما الهند التي تمتلك اقتصادًا ناميًا، فقد ساهمت الخبرة بنسبة 60%، لتتخطى بذلك باقي الدول. ونعتقد بأن الخبرة تحمل أهمية أكبر بالنسبة للموظفين أصحاب المستويات التعليمية الأدنى، لأنهم يكتسبون غالبية معارفهم من خلال ممارسة عملهم. كما تستند إمكاناتهم الوظيفية على الخبرات المكتسبة أثناء العمل. وتوضّح الفروقات التنظيمية بين هذين النوعين من الدول سبب الاختلاف في قيمة الخبرة العملية.

قادة الشركات مسؤولون عن استكشاف المواهب الكامنة للموظفين

"لوسيا راهيلي": يمكن أن يكون مجرد إنشاء قائمة بمهارات الموظفين الحالية مهمةً صعبة، فكيف يستطيع قادة الشركات إبراز القدرات الكامنة لدى موظفيهم؟

"بيل شانينجر": يمكننا الاعتماد على المقاييس التي كانت مستخدمة سابقًا لتقييم الموظفين، مثل معارفهم، ومهاراتهم، ومزاياهم، وخبراتهم. وقد يتوجب علينا أن نغير الطريقة التي نرتب بها أولوية هذه المعايير.

ومن غير المعقول أن تسعى أيّ من الشركات لتعيين موظفين ينتمون فقط إلى جامعات مرموقة، أو من حملة شهادات في مجال الهندسة، لأن ذلك قد يؤدي إلى عدم تكافؤ الفرص من حيث الجنس والعرق.

وينبغي على الشركات أن تحدد الجوانب الأكثر أهمية بالنسبة لها، واختيار موظفين من مختلف التخصصات كالفنون الجميلة على سبيل المثال. ويمكن لإدارة الشركة اعتبار الموظف مؤهلًا لشغل منصب محدد إذا كان يتمتع بالذكاء والشغف والقدرة على العمل بروح الفريق. وينبغي أن يتمتع الفريق المسؤول عن التعيين بتفكير أكثر شمولية حول متطلبات الوظيفة، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بمعارف المتقدم، عوضًا عن تحديد قدراته بناءً على درجته العلمية فقط.

تمثل الدرجة العلمية عائقًا أمام تولي الوظائف، فكما نعرف تتطلب مهن الهندسة المعمارية والمحاسبة والطب البشري الحصول على درجة علمية ورخصة، ما يصعّب دخولها. خلاصة القول أنه يمكن للشركات تخطي المعايير المعتادة والعثور على أصحاب القدرات الحقيقية.

"آنو مادغافكار": يفتقر معظم قادة الشركات إلى نظرة معمقة حول مهارات موظفيهم، ويجهلون أنشطتهم خارج نطاق العمل ونوع المبادرات أو فرق العمل أو المساهمات التي يقدمونها خارج مهامهم الرسمية.

ويبرز عدد من الأمثلة المشجّعة، حيث تقوم الشركات فضلًا عن استكشاف مهارات الموظفين بتزويدهم بفرص الإرشاد المهني أو الدعم، لتتيح لهم التطور لأداء مهام أكثر تعقيدًا في المستقبل. ومن هنا نرى أهمية بدء الشركات باتخاذ خطوات استباقية لتطوير مهارات موظفيها.

"لوسيا راهيلي": يصعب على المدراء الحفاظ على التزامهم مع قلة المواهب في السوق، لأن عملية التوظيف مهمة صعبة وغير محددة الخطوات، ما يجعلهم مترددين في توفير مزيد من فرص الترقية، فما الذي يجب على الشركات فعله من حيث تغيير المحفزات؟ وكيف تستطيع الشركات مساعدة مدرائها في هذا الصدد؟

"بيل شانينجر": يتعين على الشركات الالتزام بالمسار الصحيح، وبمجرد أن يبدأ الشخص بالتفكير في أدائه وكيفية إنجاز مهامه وتحقيق النجاح في قسمه، يصبح العمل شغفًا شخصيًا، ينعكس بشكل إيجابي على الشركة.

وقد كنت أعمل في أحد مراكز العلاج النفسي وسرني أن يتم تعيين مساعدي مديرًا لأحد الأقسام بعد تسعة أشهر فقط. أحاول مساعدة الجميع للحصول على ترقية لأن ذلك يمنحني شعورًا رائعًا ويستقطب الجميع للعمل في قسمي. يمكن اعتبار ذلك نوعًا من الإيثار أو أنني أرغب في أن أكون الشخص الذي يدعم تطور المشرفين.

وأعتقد بأن أهمية هذه العقلية توازي باقي مزايا الشخصيات القيادية، إذ يتوجب عليهم السعي لتطوير الفرص وتوفيرها. وينبغي أن ندرك أن أصحاب المواهب ينتقلون دومًا بين الشركات سعيًا للحصول على فرص وظروف أفضل.

"لوسيا راهيلي": إذا تكررت مغادرة نخبة الموظفين في الشركة يصبح التطوير والتعلم أكثر أهمية ويستلزم جهدًا أكبر من المدراء، فكيف ينعكس التركيز على التطوير بصورة أو بأخرى على مهام المدراء؟ وما هي متطلبات هذا التغيير؟

"بيل شانينجر": ينبغي عليهم أداء مهامهم بطبيعة الحال، ويمكنهم الاختيار بين تركيز جهودهم على الإجراءات البيروقراطية أو ممارسة الأعمال الإدارية أو القيادية، أو على استكشاف مواهب موظفيهم وتزويدهم بالتدريب المهني والإرشاد وأرى أن التغيير فرض على القادة اختيار التركيز على الأمور المهمة.

"لوسيا راهيلي": تناولنا في إحدى حلقات البث الصوتي مناقشات ماكنزي حول المواهب موضوع منصات سوق المواهب، ما مدى جدوى توفير سوق مواهب داخلية في هذا السياق؟

"بيل شانينجر": توفر سوق المواهب الداخلية فوائد عديدة بكل تأكيد، أهمها مدى التطابق مع المهارات الجديدة والتوقعات المرجوّة من ذلك، إذ يُعد سد فجوات المهارات نتيجة حتمية نصل إليها بفضل الخبرات المكتسبة من تولي الدور الوظيفي أو التعامل مع الزملاء أو القادة في الشركة.

"آنو مادغافكار": أعتقد أن مواءمة المهارات تساهم بصورةٍ كبيرة في معالجة مشكلة عدم الاتساق في المعلومات، وتساعد الموظفين في التعرف على مجالات جديدة يرغبون في خوضها. كما يدعم توجه الشركة نحو الاعتماد على موظفيها ومصادرها الداخلية دون اللجوء إلى مصادر خارجية.

التطور حصيلة الخبرات العملية الجديدة

"لوسيا راهيلي": قبل الختام، أودّ أن ننتقل بالحديث من صاحب العمل إلى الموظف، فهل ترغبان في توجيه رسالة أخيرة للموظفين الذين يسعون إلى بلوغ أقصى إمكاناتهم من حيث التعليم والأرباح ورأس المال البشري؟

"آنو مادغافكار": أودّ أن أتوجه خصيصًا للموظفين في بدايات مسيرتهم المهنية، بأن يعتبروا العمل تجربةً لتعلم خبرات ومهارات جديدة، وأن يغتنموا فرصة التنقلات بين الوظائف حتى ولو كانت لا توفر تطورًا على الصعيد المهني أو تقدم راتبًا أقل على المدى القصير.

ولكن الخطوات الجريئة تساعدهم على اكتساب خبرات أكبر، وتشكّل نقطة انطلاق قوية للحصول على فرصٍ أفضل. وهي ليست سوى البداية، حيث يساهم استثمار رأس المال البشري الذي يمتلكه الموظف في توفير نصف الأرباح التي يجنيها، أي ما يعادل ثلثي ثروته طيلة فترة حياته، إذ تساعد هذه العقلية التقدمية في استكشاف الخطوات العملية الجريئة.

"بيل شانينجر": لم نتوقع أبدًا أن يكون حجم البيانات المتعلقة بالخبرة العملية بهذا الشكل، وفي بعض حواراتنا السابقة، ناقشنا أفكارًا عديدة كان من بينها بأن القرارات التي نأخذها في مقتبل العمر لن تحدد مسيرتنا بأكملها، وليس علينا أن نكتفي بذلك القرار ونلتزم بتلك المسيرة، وأن نعتقد بأننا لن نحصل على أي فرصة جديدة.

إذ أننا أدركنا الدور الحقيقي للإبداع البشري والتحفيز والرغبة ببلوغ الأهداف.

وعمومًا، يتجسد الفوز الحقيقي والتأثير الفعال في الإرادة والتصميم والاعتماد على الإمكانات الفردية، وكذلك دراسة فرص النجاح وظروفه في مجالٍ ما بشكلٍ متعمق، غير أن الأرباح ليست مُبتغى الموظف طيلة حياته، بل هي الخبرات والعلاقات التي يبنيها يومًا تلو الآخر. وسيكون لذلك تأثير كبير، حيث يسعدني أن يحظى الأطفال من العائلات الفقيرة الذين لم يكن بإمكانهم الذهاب إلى المدارس مباشرةً، أو الأشخاص الذين تستغرق مسيرتهم نحو النضوج فترةً أطول، بفرصة مناسبة لتحقيق النجاح. إذ أن هذه الفترات تختلف بين شخص وآخر. ولا يجب أن يقتصر تركيزنا على فئة صغيرة من الأفراد الذين يحملون هذه المهارات، ونكتفي بهم.

"لوسيا راهيلي": وصلنا إلى ختام هذه الحلقة، وأشكركما على حضوركما معنا اليوم.

"بيل شانينجر": شكرًا لكم جميعًا على هذا الحوار الشيّق.

"آنو مادغافكار": سُررت بتواجدي معكم اليوم، وشكرًا جزيلًا لك.

Explore a career with us