نموذج العمل الجديد في قطاع الموارد البشرية

| مقالة

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر نرحب بتعليقاتكم على البريد الالكتروني التالي: reader_input@mckinsey.com

اعتادت الشركات على إدارة موظفيها بطريقة مباشرة نسبيًا. وعلى مدار أكثر من عشرين عامًا، اعتمدت الشركات متعددة الجنسيات مزيجًا يتكون من شركاء الموارد البشرية ومراكز التميز ومراكز الخدمة المشتركة، وعدّلت هذه العناصر الثلاثة لتتلاءم مع طبيعة كل شركة ومتطلباتها الفريدة.

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

للمزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

وتشهد هذه النظرية، التي طرحها "ديف أولريتش" في عام 1996، تطورًا متسارعًا في وقتنا الحالي. وقد أجرينا مقابلات مع أكثر من 100 من مسؤولي الموارد البشرية وقادة الموظفين في شركات متعددة الجنسيات، حددنا من خلالها خمسة نماذج عمل لأقسام الموارد البشرية تنشأ استجابةً للتغييرات الجذرية في الشركات والعالم ككل، بما في ذلك تزايد المخاطر الجيوسياسية وانتشار نماذج العمل الهجين وتزايد هيمنة جيل الألفية على القوى العاملة.

واستفادت نماذج العمل هذه من ثمانية تحولات ابتكارية، حيث يستند كل نموذج منها على تحول ابتكاري رئيسي ويستفيد من دعم عوامل أخرى أقل أهمية. ومن الضروري بالنسبة للقادة التحلي بالوعي أثناء اختيار التحولات الابتكارية الأكثر قدرة على مساعدتهم في الانتقال تدريجيًا نحو نموذج العمل المستهدف.

ثمانية تحولات ابتكارية تحفز نماذج عمل الموارد البشرية الجديدة

نشهد اليوم بيئة عمل تتسم بالتقلب والتعقيد وعدم اليقين، وأحيانًا الغموض، ما يجبر الشركات على إنجاز التحول بوتيرة غير مسبوقة. وأسهمت جائحة كوفيد-19، والتطور المتسارع لتكنولوجيا مكان العمل، في تسريع وتيرة اعتماد بدائل متنوعة ونماذج عمل هجين، فضلًا عن التحديات الجديدة ذات الصلة بمراقبة سلوكيات الموظفين وأدائهم. وساهمت هيمنة جيل الألفية على القوى العاملة بإحداث تحولات محورية في تفضيلات الموظفين. كما أدى التسرب الوظيفي الكبير، الذي تفاقم نتيجة التطورات الديموغرافية في مختلف مناطق العالم، إلى زيادة حدة النقص في المواهب.

وتلعب أقسام الموارد البشرية دورًا هامًا في تجاوز هذه الاضطرابات، ما يعزز الحاجة إلى الارتقاء لمستوى جديد من المرونة والمسؤولية. وبينما تختار كل شركة مسارها الخاص ونموذج عمل محدد لقسم الموارد البشرية، كشفت مقابلاتنا مع كبار القادة أن الشركات تبتكر طرقًا جديدة تساهم بمجموعها في تغيير طريقة عمل أقسام الموارد البشرية بعيدًا عن "نموذج أولريتش التقليدي"، بما يشمل:

  1. اعتماد مبادئ مرنة تكفل التركيز على إمكانات الموارد البشرية الحالية، والتخصيص السريع للموارد عند الحاجة، ما يتيح التغيير بوتيرة أسرع على مستوى الشركة والموظفين وأسلوب عملهم.
  2. التميز في جميع جوانب تجربة الموظفين لاستقطاب أكبر عدد من المواهب خلال فترة التسرب الكبير، ما يضمن سلامة الموظفين ومرونتهم في الوقت نفسه.
  3. إعادة تمكين قادة موظفي الخطوط الأمامية في الشركة لدعم التفاعل فيما بينهم والحد من التعقيد وإعادة سلطات اتخاذ القرار إلى مكانها الصحيح.
  4. توفير خدمات موارد بشرية مخصصة تواكب توقعات التخصيص المتغيرة باستمرار.
  5. توفير خدمات الموارد البشرية وفق مفهوم المنتجات لإنشاء عروض مناسبة تراعي احتياجات الشركة، وتمكين المسؤولية الشاملة تجاه هذه الخدمات من خلال فرق إدارة المنتجات متعددة التخصصات في قسم الموارد البشرية.
  6. دمج التصميم والتسليم مع قابلية المحاسبة الشاملة بهدف معالجة الأولويات الاستراتيجية لأقسام الموارد البشرية والحد من المناقشات وتوضيح المسؤوليات الإدارية.
  7. الانتقال من التميز في العمليات إلى التميز في البيانات للوصول إلى مصادر جديدة لاتخاذ القرار باستخدام الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة
  8. أتمتة قرارات قسم الموارد البشرية لتعزيز الكفاءة والاستفادة من إمكانات الرقمنة في هذا القطاع.

وتدعم هذه التحولات الابتكارية ظهور نماذج عمل جديدة لأقسام الموارد البشرية، والتي تختلف بحسب درجة تأثيرها بناءً على طبيعة كل شركة (الشكل 1). وبناءً على دراسة هذه الطرق، نقدم فيما يلي خمسة نماذج عمل لأقسام الموارد البشرية.

HR’s new operating model

خمسة نماذج عمل جديدة في قطاع الموارد البشرية

سمحت هذه التحولات الابتكارية الثمانية للشركات بإعادة النظر في كيفية إدارة موظفيها وأفضل السبل لذلك. ويوضح (الشكل 2) نماذج العمل الخمسة الجديدة لأقسام الموارد البشرية التي حددناها، والتي اعتمدت جميعها على عنصرين أساسيين، هما وجود ركيزة بيانات قوية ومتسقة، وركيزة خدمات عالية الموثوقية وسهلة الاستخدام. ولدى السؤال حول أي النموذجين ينسجم أكثر مع قسم الموارد البشرية في الشركات، اختار 48% من قادة الموظفين، ممن حضروا ندوة افتراضية انعقدت مؤخرًا، نموذج "أولريتش+"، و47% اختاروا النموذج القائم على تجربة الموظفين، و36% النموذج المعتمد على القادة، و31% النموذج المرن، و6% النموذج القائم على الآلة.

HR’s new operating model

أولريتش+

يمثل هذا النموذج نسخة معدلة عن نموذج "أولريتش" التقليدي، حيث يطور شركاء الموارد البشرية إضافات وظيفية ويتولون مسؤولية التنفيذ بدلًا من مراكز التميز. كما يتم تقليص عدد مراكز التميز لتصبح فرقًا تضم عددًا من الخبراء وشركاء الموارد البشرية المختارين، والذين يستفيدون من دعم خدمات أعمال عالمية وركيزة عمليات رقمية. ويعتقد كثير من قادة الموارد البشرية أن نموذج "أولريتش" التقليدي عاجز عن حل التحديات الراهنة، حيث يفتقر شركاء الموارد البشرية إلى المهارات والوقت لمواكبة أحدث تطورات القطاع. كما تحد مراكز التميز غير المرنة من إمكانية الاستجابات السريعة، توازيًا مع تراجع حضور القيود التنظيمية الأخرى. وغالبًا ما تكون الشركات متعددة الجنسيات التي تعتمد نماذج عمل مستقرة ومدروسة الأكثر تعرضًا لهذه المشاكل.

نموذج العمل المرن

يتطلب هذا النموذج عددًا أقل من شركاء الموارد البشرية، ويركز على تقديم المشورة للإدارة العليا، في حين يركز خبراء مركز التميز على مواضيع مهمة مثل البيانات والتحليل والتخطيط الاستراتيجي للقوى العاملة والشمولية والتنوع. ويتم توظيف الموارد المتوفرة لتطبيق مشاريع متعددة الأقسام. ويعتقد مسؤولو الموارد البشرية الذين يفضلون هذا النموذج بأنه من واجب أقسام الموارد البشرية الإسراع لمواكبة التركيز المتزايد على الإنجاز والتنفيذ في الشركات، وتفادي أن يسبب قسم الموارد البشرية إعاقة التحول المتسارع للشركات. وتطبق الشركات هذه المنهجية وغيرها من المنهجيات المرنة لدى تحقيقها نموًا متسارعًا أو عند توقف الأعمال. (يتوفر مثال عن هذا النموذج في العمود الجانبي "تحول مرن").

النموذج القائم على تجربة الموظفين

ويستهدف هذا النموذج مساعدة مسؤولي الموارد البشرية على تعزيز قدراتهم التنافسية من خلال إنشاء تجربة موظفين عالمية المستوى. ويتطلب التركيز على تجربة الموظفين تخصيص موارد غير متكافئة لأهم الجوانب. مثلًا، يمكن منح المتخصصين في الموارد البشرية وتكنولوجيا المعلومات والعمليات المسؤولية الكاملة لتخطيط وتطوير وإطلاق عمليات تأهيل الموظفين بالغة الأهمية. ومن خلال إنشاء تجربة موظفين عالمية المستوى، يصبح قسم الموارد البشرية العنصر الأبرز في الربط بين الأقسام المختلفة وتجاوز تحديات البيانات والعمليات المجزأة التي تعاني منها العديد من الشركات اليوم. وتعتمد الشركات الأكثر استخدامًا لهذا النموذج على أبرز المواهب لديها، مع مجموعة صغيرة من أصحاب الكفاءات المختارين بدقة. (لمزيد من المعلومات حول هذا النموذج، يرجى الاطلاع على العمود الجانبي: "الارتقاء بتجربة الموظفين").

النموذج المعتمد على القادة

يعتمد هذا النموذج على نقل مهام الموارد البشرية إلى الشركة، بما في ذلك التعيين والتأهيل وتطوير الميزانية، ما يدعم المدراء المباشرين بأدوات الموارد البشرية والمساعدة من مكاتب الدعم. ويتطلب هذا النموذج اتخاذ خيارات صعبة حول إيقاف العمل بسياسات الموارد البشرية غير اللازمة من الناحية القانونية. وتوجهت مجموعة من الشركات نحو منح المدراء المباشرين مزيدًا من الاستقلالية في قرارات الموظفين بهدف تجاوز تحديات الإشراف المبالغ به وزمن الاستجابة الطويل وقلة الخبرة في مجال الموارد البشرية. وعادةً ما تضم الشركات التي تفضل هذا الخيار مجموعة كبيرة من الموظفين الإداريين وتركز على البحث والتطوير.

النموذج القائم على الآلة

يتضمن هذا النموذج استخدام الخوارزميات لانتقاء المواهب وتقييم احتياجات التنمية الفردية وتحليل الأسباب الأساسية لتغيّب الموظفين وتسربهم، ما يمنح أخصائيي الموارد البشرية الفرصة لتزويد الموظفين بالمشورة والنصائح المطلوبة. وتوازيًا مع دور التحول الرقمي في إعادة تعريف جميع جوانب الأعمال، بما يشمل الموارد البشرية، تعمل مراكز التميز على إيجاد سبل للاستفادة من إمكانات التحليل المعمق والذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة لتحسين نتائج القرارات. وتضم قائمة الشركات التي تختبر هذا النموذج بشكل رئيسي تلك التي توظف عددًا كبيرًا من أبناء الجيل الرقمي. ومع ذلك، تواجه أقسام الموارد البشرية في جميع الشركات مهمة بناء خبرتها في مجال التحليل وصقل مواهب قواها العاملة.

التحولات الابتكارية ترسم ملامح نماذج الموارد البشرية

ساهمت التحولات الابتكارية في رسم ملامح نماذج الموارد البشرية التقليدية وقادت إلى ظهور نماذج جديدة، ولكن بدرجة متفاوتة. واستندت هذه النماذج إلى تحولات ابتكارية رئيسية وحظيت بدعم أخرى أقل أهمية (الشكل 3).

HR’s new operating model

فعلى سبيل المثال، تم تطوير النموذج المعتمد على القادة بشكل رئيسي نتيجة التحول نحو تمكين القادة وموظفي الخطوط الأمامية. ويمنح هذا النموذج في الوقت نفسه مزيدًا من المرونة لاحتياجات الموظفين، بالاستفادة من الصلاحيات الأوسع لدى القادة. كما يستند النموذج إلى الدعم الرقمي ويمنح القادة بالتالي الأدوات اللازمة لأداء دورهم في قسم الموارد البشرية. ومن جانبه، يركز النموذج المرن على اعتماد المبادئ المرنة في مجال الموارد البشرية، ويستهدف في نفس الوقت التحول إلى تقديم عروض الموارد البشرية كمنتجات ويسعى لتحقيق المساءلة الشاملة.

وتتمثل الناحية الأهم لدى القادة في التحلي بالوعي أثناء اختيار التحولات الابتكارية الأكثر قدرة على مساعدتهم في الانتقال تدريجيًا نحو نموذج العمل المستهدف. فعلى سبيل المثال، ينقل النموذج المعتمد على القادة مسؤولية القيادة من قسم الموارد البشرية إلى قادة الشركات، وهو ما يتيح للمدراء المباشرين اختيار عروض الموارد البشرية المناسبة لكل فريق. بينما تتمثل الناحية الأهم لدى الشركات التي تقرر استخدام النموذج القائم على الآلة في بناء مهارات التحليل العميق والاستناد عليها. ويستخدم هذا النموذج بيانات الموظفين لاتخاذ قرارات هادفة ومؤتمتة.

في الشركات الكبيرة التي تمتلك خطوط إنتاج متنوعة، يمكن تلبية احتياجات الأعمال المختلفة من خلال نماذج موارد بشرية متنوعة، وبالتالي يعتمد قادة الموارد البشرية عددًا من هذه النماذج في نفس الوقت.

الانتقال إلى النموذج الأمثل

يتطلب اعتماد نموذج عمل يركز على احتياجات المستقبل عادةً ثلاث خطوات. أولًا، يختار مسؤولو الموارد البشرية وفرق القيادة النموذج الأنسب لشركتهم بناءً على أبرز احتياجات أعمالهم، وتوقعات القوى العاملة، والسياق التنظيمي العام، ونموذج التشغيل الأساسي الأبرز لدى الشركة. وفي الشركات الكبيرة التي تمتلك خطوط إنتاج متنوعة، يمكن تلبية احتياجات الأعمال المختلفة من خلال نماذج موارد بشرية متنوعة، وبالتالي يعتمد قادة الموارد البشرية عددًا من هذه النماذج في نفس الوقت.

ثانيًا، تركز فرق قيادة الموارد البشرية على ثلاثة أو أربعة من التحولات الابتكارية الأنسب، والتي يمكنها الانتقال بالقسم إلى نموذج العمل المنشود. ويتعين على قادة الموظفين في سبيل ذلك دراسة الأولويات الاستراتيجية للموارد البشرية، والأهم من ذلك دراسة التحولات اللازمة لإنشاء نموذج التشغيل استنادًا إلى الجدوى منه وحدود سرعة التنفيذ المحتملة وحجم التغيير. (ونجد اليوم أن القدرة على تغيير نظام معلومات الموارد البشرية غالبًا ما يكون أبرز عوامل التقييد). وعلى سبيل المثال، عندما تعتمد شركة ما منهجية القيادة والتحكم التقليدي القائم على التسلسل الوظيفي، يتطلب تحول الموارد البشرية إلى النموذج المرن لتغييرات جذرية وضرورية لأساليب العمل، والتي يرجح أن تتخطى الموارد البشرية. وستواجه الشركات المعتادة على النهج المخصص في إدارة الموارد البشرية صعوبات في التحول إلى النموذج المعتمد على القادة، مع ضرورة بذل جهود كبيرة لإنجازه.

وأخيرًا، يتوجب على الفرق التفكير بصورة شمولية حول رحلة التحول، والسعي لتحقيق إنجازات ملموسة تنسجم مع التحولات الابتكارية المختلفة، فضلًا عن ضمان إنجاز تحول منهجي شامل. ويتطلب ذلك حشد الجهود لتحقيق تحولات محددة، وبناء إمكانات جديدة والعمل على أجندة تغيير متكاملة بالاتفاق بين الشركة وقسم الموارد البشرية.

Explore a career with us