تقوم منهجية المقترح الذي نقدمه في مجال المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة على تحديد المشكلات الرئيسية في الشركة، والتي تتضمن الحفاظ على العلاقة الجيدة مع المجتمع وتوطيدها بهدف التعامل مع العوامل الخارجية التي قد تطرأ في أي وقت. ولا بُد للشركات من اعتماد منهجية فعالة في هذا المجال، بسبب تزايد التركيز على المعايير البيئية والاجتماعية ومعايير الحوكمة. ويجب أن تعمل هذه المنهجية على معالجة العوامل الخارجية، أيًا كانت ظروف المؤسسة أو هيكليتها أو بنيتها في مجال الحوكمة. إن مصطلح المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة يحمل أهمية كبرى للشركات في وقتنا الراهن، على الرغم من أنه غير مألوف بالنسبة للكثيرين منا.
للمزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية
شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية
لا تشكل جميع جوانب المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة أولويةً قصوى للشركات كافة، إذ من البديهي أن تضطر الشركات للمفاضلة بين المعايير البيئية والاجتماعية ومعايير الحوكمة المختلفة، ومن غير الواقعي الاعتقاد بأنها تستطيع تحقيق الريادة على جميع الأصعدة. وانطلاقًا من هذه النقطة، يجدر بنا التركيز على الشركات التي تخطط للمستقبل، وهي عادة ما تعتمد نهجًا قويًا يستند إلى استراتيجية منظمة في مجال المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، كونها تدمج تلك المعايير في صلب استراتيجيتها من خلال تحديد وتنفيذ وتطوير مجموعة من المبادرات ذات الصلة التي ترتبط بجوهر أهدافها المؤسسية. وتساهم الشركات التي تخطط للمستقبل في الارتقاء بمستويات التنافسية، حيث تبني إطارًا قويًا للمواطنة المؤسسية يساعدها على مواجهة التحديات الكبيرة التي يُعد التغير المناخي واحدًا منها.
ويتوجب على الشركات اتخاذ قرارات حاسمة ودراسة التداعيات المحتملة، سواء المباشرة أو غير المباشرة، عند تحديد الجوانب المستهدفة من المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، مع التركيز على تكوين إحاطة شاملة وموثوقة بنمط أعمالها والتأثيرات المحتملة الأوسع نطاقًا. ويندرج التقدم في مجال المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة اليوم ضمن إطار منحنى تطور الشركات، بالتزامن مع إطلاق جميع الشركات الكبرى التزاماتها بتحقيق المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، مع وجود العديد من الشركات الأخرى التي تمتلك برامج حالية ضخمة في هذا الإطار. وتتوزع ممارسات المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة التي تقودها الشركات الكبرى في الوقت الراهن على ثلاثة مستويات من الأهداف (الشكل 1).

ومن الضروري أن تحرص الشركات التي تخطط للمستقبل على إجراء دراسة موسّعة لاحتياجات المجتمع والجهات المعنية، والتي تشهد تغيرًا بوتيرة متصاعدة قد تؤثر بصورة كبيرة على ديناميكيات المنافسة مع مرور الزمن. وأظهرت التحديات الخارجية الكبرى، مثل جائحة كوفيد-19 والحرب الأوكرانية، صعوبة تقدّم الشركات بصورة سريعة دون وضع إطار عمل للمسؤولية البيئية والاجتماعية والحوكمة يستند إلى استراتيجيتها المؤسسية ويساهم في تطويرها. ولا يمكن اعتبار المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة نتيجة بحد ذاتها، بل هي عملية متكاملة تتطلب إجراء تحليلات مدروسة ومستمرة للتحديات والفرص المرتبطة بها والمخاطر التي تواجه القيمة المقدمة للجهات المعنية (الشكل 2).
ويتميز نهج الشركات التي تخطط للمستقبل بأربعة أجزاء داعمة، تشمل التخطيط والتحديد والدمج والتفاعل.

التخطيط في مجال المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة
يكثر استخدام مصطلح التخطيط في مجالات تنافسية أخرى. ويتطلب التخطيط المتعلق بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة إجراء عمليات دقيقة وشاملة، حيث يتمحور التحليل النقدي حول استكشاف الجوانب التي يتطابق فيها نموذج عمل الشركة مع كلٍ من جوانب المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة.
1. دراسة القيمة المعرضة للخطر لدى الجهات المعنية
يشتمل التخطيط الشامل للمسؤولية البيئية والاجتماعية والحوكمة على تحديد الجهات المعنية الهامة والقيم التي تركز عليها كل من هذه الجهات، إذ يُعد وضع هدف مؤسسي واضح ومرتبط بنموذج العمل أحد العوامل الرئيسية التي تسهّل على الشركة تفعيل إطار المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة. ومن البديهي أن تتفاعل الشركات التي تخطط للمستقبل بصورةٍ فعّالة مع الجهات المعنية وأصحاب المصلحة، وذلك لتوفير الفرص لجميع تلك الجهات والتعرف على مشكلات شريحة واسعة منها.
ويمثّل العملاء والموظفون ممن يتمتعون بالولاء للمؤسسة والرغبة بتعزيز حضورها اثنين من أهم فئات الجهات المعنية بالنسبة للمؤسسات. ويميل المستهلكون إلى تحميل الشركات والعلامات التجارية مسؤولية تأثير سلوكها على الموظفين والمجتمع والبيئة. ورغم التغير في تفضيلات العملاء، توجد الكثير من الدلالات على الجوانب التي ستكون موضع اهتمام المستهلكين في المستقبل. وقد كشف بحثنا الذي ركّز على المستهلكين من جيل ما بعد الألفية (الأشخاص الذين وُلدوا بين عامي 1995 و2010) أن المستهلكين الشباب هم الأكثر مراعاةً لمبادئ الاستهلاك المسؤول والشفافية والموثوقية والمساواة. وأظهرت إحدى الدراسات أن العلامات التجارية القائمة على الأهداف تحقق نموًا أكبر بواقع ضعفين بالمقارنة بالعلامات التي تركز بشكل حصري على توفير القيمة والأرباح.
2. تحديد نقاط القوة والضعف
يتمثّل العنصر الثاني في عملية التخطيط في نقاط القوة والضعف الخاصة بالشركة. وتجسّد نقاط القوة الإمكانات والتأثير المميز لكل شركة، في حين تمثل نقاط الضعف الأهداف المؤسسية التي تطلب الجهات المعنية من الشركة تحقيقها في إطار نموذج أعمالها. وتستلزم عملية تحديد نقاط القوة والضعف إيجاد إجابات عن القضايا المتعلقة بالفوائد التي يمكن للشركة إثراء المجتمع بها دونًا عن غيرها، إضافةً إلى المجالات التي تتطلب مواءمة استراتيجية الشركة مع تأثيرها الاجتماعي، وعروض ومزايا الشركة التي لا يمكن الاستغناء عنها، فضلًا عن أفضلية الشركة على الصعيد المحلي. لنأخذ على سبيل المثال مجموعة "ناتورا أند كو"، وهي شركة برازيلية لتصنيع وتوزيع المستحضرات التجميلية ومنتجات العناية الشخصية، وتمارس أعمالها في أمريكيا اللاتينية وأوروبا والشرق الأوسط. وقد وظفت هذه الشركة مميزات البيئة الحاضنة لها، وهي غابة الأمازون، بهدف الوصول إلى قاعدتها الواسعة من الجهات المعنية الحريصة على حماية التنوع الحيوي وتطوير حلول عالمية لمعالجة تغير المناخ.
تحرص الشركات التي تخطط للمستقبل أيضًا على اتخاذ خطوات متعددة لاختبار وتدعيم مقترح المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، بما يشمل عمليات التحليل التفصيلي، التي تهدف إلى دراسة الخدمات والمنتجات وتكوين إحاطة أوسع عنها ومقارنتها مع عروض الجهات المنافسة، وهو مبدأ شائع الاستخدام في قطاع الصناعة. وتساهم هذه العملية في تحليل أنشطة الشركة القائمة والأهداف المرجوة منها. وتكشف هذه العملية عادةً أن الأسباب الكامنة وراء إطلاق بعض المبادرات تتمثل في كونها تواكب فرصًا متوافرة أو تشابه مبادرات تعتمدها الشركات الأخرى. وفي حين تبدو هذه الأسباب منطقيةً إلى حدٍ ما، إلا أن تقليد الشركات الأخرى لا يندرج في قائمة المساهمات المميزة، خاصةً أن جميع الشركات تمتلك نقاط قوة وضعف تنفرد بها عن نظيراتها.
تحرص الشركات التي تخطط للمستقبل أيضًا على دراسة الجوانب التي تبرع فيها دونًا عن غيرها، إذ يمكن أن تركز شركات الصناعات الدوائية متعددة الجنسيات، على سبيل المثال، على المعايير الاجتماعية (مثل توفّر الأدوية والأسعار المعقولة)، في حين تركز شركات الطاقة المتجددة على المعايير البيئية (مثل الحد من انبعاثات غازات الدفيئة بما يشمل النطاقات الأول والثاني والثالث)، أما شركات الأغذية فقد تجمع بين المعايير البيئية (الحد من الانبعاثات واستهلاك المياه والنفايات) والمعايير الاجتماعية (التغذية وجودة المنتجات والأمان).
ويساعد إجراء تحليل دقيق لمقترح المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة في تحديد المخاطر والفرص المتاحة في آنٍ معًا، لذلك تدرس الشركات التي تخطط للمستقبل الفجوة بين الأهداف والإنجازات المحققة، وتركز بشكلٍ رئيسي على وضع خطط تساهم في ترجمة مقترح المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة إلى ممارسات ملموسة. ويمكن لجميع الشركات، بعد وضع استراتيجية جديدة للمسؤولية البيئية والاجتماعية والحوكمة، تحديد الالتزامات الداخلية غير المحققة وتحليلها لمعرفة أسباب القصور. ويمكن أن تدرس الشركات مجموعةً من العوامل الإضافية، ومنها الاختلافات التي قد تطرأ على اجتماعات مجالس الإدارة والعمليات بعد اعتماد استراتيجية المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة ضمن مرحلة اتخاذ القرارات؛ ومدى حضور هذه المعايير في عمليات وضع الميزانية وتخصيص رأس المال واختيار المنتجات؛ فضلًا عن المخاوف المحتملة لبعض مجموعات الجهات المعنية.
3. وضع المعايير بصورة سليمة ومنتظمة
تتبع الشركات التي تخطط للمستقبل منهجية صارمة حول خياراتها المرتبطة بالمعايير والشركات النظيرة، وتعتمد وسائل مبتكرة في التحليلات والأبحاث (مثل استخدام أبحاث المؤسسات الأكاديمية وقادة الفكر). وأشارت إحدى الدراسات حول الإفصاح عن البيانات المرتبطة بالجهات المعنية وأصحاب المصلحة إلى أن تعزيز مشاركة الجهات المعنية ارتبط بتحقيق الأداء القوي للعمليات ضمن عدد من المعايير على مدار ثلاث سنوات، بافتراض ثبات التأثيرات ذات الصلة بالقطاع.
ولا تقتصر جهود الشركات التي تخطط للمستقبل في اختيار الشركات النظيرة على التصنيفات التقليدية. فرغم أن الشركات تصنف نفسها وفقًا للقطاع الذي تعمل فيه، تعتمد الجهات المعنية نهجًا أوسع بهذا الصدد. إذ يبحث الموظفون المحتملون، على سبيل المثال، عن فرص عمل محتملة في قطاعات مختلفة. توجد أيضًا فروقات دقيقة للغاية في عملية اختيار الشركات النظيرة، إذ يمكن البحث ضمن مختلف المناطق الجغرافية والقطاعات، إلا أن هذه العملية تتطلب إجراء تحليلات مختلفة أيضًا.
عملية اتخاذ القرارات ذات الصلة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة
تدرك الشركات التي تخطط للمستقبل عدم قدرتها على تحقيق التميز في جميع المبادرات المتعلقة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، لذا فهي تركز على تحديد المبادرات الأكثر أهمية لنماذج عملها بالاعتماد على إلمامها الواضح باستراتيجيتها ونقاط القوة والثغرات لديها. وتشكل المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة واحدًا من الجوانب الاستراتيجية الهامة لأنها تؤثر على أساليب المنافسة وتوجهاتها.
1. دراسة الخطوات الفعالة وطويلة الأمد
تقف الشركات أمام قرارين حاسمين عند السعي إلى تحسين جاهزيتها لمواجهة العوامل الخارجية المرتبطة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة. يتمثل القرار الأول في تحديد المستويات التي يجب على الشركات الوصول إليها لتحقيق المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة الخاصة بها، والتي تتجاوز الشروط التنظيمية التي يجب الالتزام بها على الدوام، مثل شروط الإفصاح والامتثال والضرائب وسلالم الأجور. وتفرض المعايير البيئية والاجتماعية والحكومة الوصول بأداء الشركات إلى مستويات جديدة، فهي تعالج، على سبيل المثال، مطالب أفراد المجتمع بتوفير أجور تكفي معيشتهم، بالإضافة إلى المتطلبات البيئية المتعلقة بالحياد المناخي، والمبادئ الاجتماعية التي تعتمد على التنوع، وهي توقعات من المرجح أن تستمر بالنمو مع مرور الوقت (رغم احتمال وجود حالة من التقلّب بهذا السياق أيضًا).
ويتمحور القرار الثاني حول تحديد الخطوات طويلة الأمد التي ستتخذها الشركة ضمن واحد أو اثنين من المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، والتي يمكن للشركة تحقيق الريادة ضمنها وقيادة الجهات الفاعلة الأخرى داخل منظومتها وخارجها. وتشكل نقاط قوة الشركة الأساس الذي يقوم عليه تحقيق هذه الخطوات، كما تلعب منظومة الشركة دورًا في تحديد قدرتها على إحداث تأثير اجتماعي قوي لدى العديد من الشركات على مستوى العالم. وأسست شركة "ميرسك"، على سبيل المثال، مركز "ميرسك ماكيني مولر" للشحن الخالي من الانبعاثات، والذي يضمّ 18 شريكًا استراتيجيًا على امتداد سلسلة القيمة في قطاع الشحن يساهمون في تسريع الحلول المحايدة للكربون ضمن القطاع.
ويختلف مفهوم الخطوات الفعالة وطويلة الأمد عن مفهوم نقاط القوة والضعف. ورغم أن كلا المفهومين يندرجان ضمن نموذج عمل الشركة وخططها الاستثمارية، تمثل الخطوات الفعالة وطويلة الأمد مسارات العمل التي تنتهجها الشركات بالاستفادة من نقاط قوتها وضعفها. وتتجلى نقطة القوة الأكبر لشركة "وول مارت"، على سبيل المثال، في شبكتها القوية من الموردين، وتستغل الشركة هذه الإيجابية لتحقيق خطوات طويلة الأمد في مجال الاستدامة. وأطلقت الشركة مشروع جيجا طن بالتعاون مع جهات أخرى، والهادف إلى تمكين الموردين من خفض بصمتهم الكربونية بواقع مليار طن متري (جيجا طن) من غازات الدفيئة بحلول عام 2030. ويشهد المشروع مشاركة آلاف الموردين من خلال وضع الأهداف وإعداد التقارير حول التقدم المحرز ومشاركة الخبرات، وحقق المشروع في عام 2020 أكثر من 40% من أهدافه.
2. التفكير المنهجي بالمساومات المرتبطة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة
لا تتجاهل الشركات التي تخطط للمستقبل المساومات الواجب تقديمها في سياق المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، بل تعمل على دراسة نماذج عملها لتحديد الفوائد والتكاليف، وخصوصًا التكاليف التي ستتكبّدها في حال عدم اتخاذ أي إجراءات.
وتجسد استراتيجية الشركات ذات الصلة بتعويضات الموظفين مثالًا على هذه الناحية. فقد يبدو منح تعويضات تتفوق على ما هو سائد في السوق من الخطوات الضارة بالقيمة بالنسبة للجهات المعنية، لأنه يسبب انخفاض عائدات المستثمرين ولا سيما قصيرة الأمد، إلا أن رضا الموظفين يسهم بشكل واضح في تعزيز الأداء المالي للشركة. وتحرص العديد من الشركات على تحسين شروط التوظيف، بما يشمل منح رواتب جيدة، بهدف تعزيز مستويات الإنتاجية والثقة. ويشير أحد الأبحاث إلى أن هذه المنهجية يمكن أن تمنح الشركات أفضلية تنافسية.
ونظرًا لمحدودية رأس المال والوقت المتوفر، فإن الاستثمار في فئة معينة (مثل رفع رواتب الموظفين) يعني زيادة الأسعار في فئة أخرى (المستهلكين). ويمكن أيضًا أن يؤدي تخصيص وقت إضافي لإدارة إحدى مبادرات المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة (مثل الحد من النفايات) إلى تقليل الزمن المخصص لإدارة المبادرات الأخرى (مثل التوعية المجتمعية). ورغم عدم وجود مسار واحد مشترك بين جميع الشركات، يوجد عامل فريد يميز منهجية الشركة التقدمية في تنفيذ المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، والذي يتمثل في الدراسة الدقيقة والاختيار المدروس والجرأة في التنفيذ. وتحرص الشركات التي تخطط للمستقبل، كجزءٍ من هذه المنهجية، على تقييم سيناريوهات عدم الاستثمار في مجال معين، بالإضافة إلى تحليل القيم المعرضة للخطر لتحديد التكاليف المترتبة على عدم اتخاذ أي إجراء، وذلك توازيًا مع إدراكهم لتطور التوقعات الاجتماعية بصورة مستمرة.
3. القياس والتقييم
يُعد التحليل المنهجي من الخطوات الرئيسية لتحويل المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة إلى واقع ملموس، إذ تتشابه الإدارة الفعالة للأداء في هذا المجال مع باقي المجالات الأخرى من ناحية اعتماد معايير قصيرة الأمد والسعي إلى تحقيق الأهداف الاستراتيجية طويلة الأمد. وتعتمد هذه الإدارة على إنجازات واضحة مع مراعاة مؤشرات الأداء الرئيسية، كما تعمل على الارتقاء بالأهداف التي تقترن بشكلٍ مباشر مع نموذج عمل الشركة (مثل خفض استهلاك المياه أو إزالة المضادات الحيوية من المنتجات الطبيعية أو استبدال الآلات العاملة بالديزل بآلات كهربائية ضمن المستودعات).
وتبرز فعالية تقييم التقدم عند إجراء هذه العملية بصورة منتظمة وتحديث تحليلات البيانات والمعلومات بشكلٍ سريع. وتحظى الشركات، التي تعتمد إجراءات مدروسة لتقييم أدائها في مجال المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، بقدرة أكبر من غيرها على الاستجابة للتغيرات السريعة. وتساهم المنهجية المدروسة في تمكين الشركات التي تخطط للمستقبل من تحقيق خطوات سريعة لمجاراة جميع المتغيرات.
منهجية تنفيذ المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة
تحرص الشركات التي تخطط للمستقبل على اتخاذ قرارات مدروسة فيما يتعلق بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة بناءً على نموذج عملها، كما تنفذ هذه المعايير على امتداد الأقسام المتواجدة فيها.
1. انسجام العمليات مع المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة
قد يكون من الجيد للشركات وضع هدف واضح في البداية، ومن ثم إطلاق مبادرات المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة التي تتوافق مع هدفها، غير أن هذه المنهجية لا تُستخدم بشكل واسع لدى الشركات الكبرى التي تعمل وفق مجموعة من الأولويات والمهمات المستعجلة والقيود. فعلى سبيل المثال، قال "هوبير جولي"، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي السابق لشركة (بيست باي) الرائدة في مجال تجارة التجزئة، بعد إجراء تحول كبير في الشركة:
"يتمثّل السؤال الرئيسي عادة في كيفية بدء تنفيذ هذه الخطوات والمضي بها قُدمًا. ويبدو من المنطقي البدء بوضع الهدف، ثم إعداد الاستراتيجية وربطها بالهدف، ومن ثم إجراء التحول في الشركة على هذا الأساس.
إلا أن تجربتي الشخصية مختلفة تمامًا، حيث وضعتُ هدفًا واضحًا منذ بداية عملية التحول وهو عدم التركيز على الأرباح، بل إحداث مساهمة إيجابية في الصالح العام تنعكس على الجميع. ومع ذلك، لم نعمل طيلة السنوات الثلاث الأولى على الارتقاء بهدفنا المؤسسي، بل حرصنا على إنقاذ الشركة من خلال معالجة العوامل الرئيسية المحركة للأداء التشغيلي".
لا تعني هذه المنهجية أن تقوم الشركات بتقليل اهتمامها بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، حيث توجد العديد من الفرص التي تتيح للشركات اعتماد منهجية شاملة لإطلاق المبادرات الكبرى في هذا المجال كجزء من خطتها الاستراتيجية الرئيسية. وقمنا بتحديد المصادر الرئيسية للفرص، والتي تشمل النقاط الخمس التالية:
- استراتيجية المحفظة ومنتجاتها: تشمل المنتجات والخدمات التي تقدمها الشركة وخيارات السوق المستهدفة وأساليب التسويق التي توفر أفضل مستوى من الخدمة للعملاء.
- الموظفون والثقافة: وهي منهجية الشركة لاستقطاب المواهب وإدارتها.
- العمليات والأنظمة: وهي العمليات التشغيلية التي تعمل الشركة على مواءمتها لتحقيق أهداف المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة.
- مقاييس الأداء: تضمّ مقاييس الأهداف والمحفزات التي يتم استخدامها لتقييم طموحات الشركة ومدى تقدمها، وأساليبها في تقديم الحوافز وتوزيعها لإطلاق مبادرات المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة.
- الفروع والمشاركة: وتتمحور حول السبل التي تتبعها الشركة لمواءمة عملياتها الخارجية والفروع التابعة لها بهدف تحقيق أولويات المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة.
واستنادًا إلى طبيعة الشركة ونموذج عملها، يمكن طرح مبادرات واسعة النطاق قد تشمل قائمة الجهات المعنية الرئيسية والجهات المنظمة والحكومية والشركات الأخرى. وتتمتع الشركات التي حققت نجاحات ملموسة في مجال المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة بالقدرة على اتخاذ قرارات مدروسة في هذا الخصوص.
2. متابعة المبادرات لضمان تحقيق أثر ملموس
تحرص الشركات التي تخطط للمستقبل على متابعة مبادراتها. فعند وضع إطار المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة في صميم استراتيجية الشركة، تلقى هذه المعايير دعمًا قويًا من الجهات المعنية الداخلية والخارجية. ومثال ذلك هو شركة "باتاغونيا" الأمريكية للملابس والمعدات الخارجية التي أولت حماية البيئة الطبيعية أهميةً كبرى ضمن رسالتها الرئيسية. وأطلقت الشركة مجموعة من المبادرات والخطوات في هيئة متناسقة وموحدة، مثل تسهيل التواصل مع المجموعات البيئية، والتعهد بتخصيص نسبة 1% من المبيعات لحماية البيئة الطبيعة واستعادتها، بالإضافة إلى الاعتماد بشكل حصري على الطاقة المتجددة ضمن المتاجر ومراكز التوزيع والمكاتب الإقليمية والدولية التابعة للشركة.
كما يمكن للشركات متابعة التزامها تجاه المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة من خلال الحوافز المختلفة، بما فيها الحوافز المالية. حيث يعمل عدد متزايد من الشركات على توفير تعويضات، وخصوصًا للمسؤولين رفيعي المستوى، تشترط تحقيق أهداف محددة في إطار المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة (مثل خفض الانبعاثات الكربونية). ومع ذلك، لا تُعد الحوافز المالية الوسيلة الوحيدة أو الأكثر فعالية لتحفيز السلوكيات الإيجابية.
ويمكن لعمليات التحفيز أيضًا، التي أثبتتها العلوم السلوكية، التشجيع على توفير الطاقة والحد من النفايات، من خلال تعزيز السلوكيات الشاملة وتذكير الموظفين بضرورة مراعاة البصمة الكربونية أو حثّهم على إعادة التدوير. وترى الشركات التي تخطط للمستقبل إمكانية دمج مبادرات المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة ضمن عملياتها اليومية، من خلال مشاركة التقدم المحرز في تحقيق الأهداف ذات الأولوية، مثل التنوع والاستدامة، مع الموظفين والجهات المعنية الأخرى وتقديم المعلومات بشكلٍ واضح وفق تقارير موحّدة. كما يمكن للشركات تكريم الفرق التي تحقق أهداف المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، فضلًا عن تسليط الضوء على الموظفين الذين يقدمون المساهمة الأكبر في إطلاق تلك المبادرات.
3. الاستفادة من الإحصائيات والبيانات ذات الصلة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة
ترى الشركات التي تخطط للمستقبل أن قوة مقاييس المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة وتطورها يتناسب طردًا مع طول مدة استخدامها ومدى اتساقها. وتهتم الشركات أيضًا بدراسة وكالات التصنيف ذات الصلة أو شركات خدمات التحليلات التي يتعين مراقبة أدائها عن كثب، إذ غالبًا ما يقع الاختيار على اثنتين أو ثلاث من الشركات الأكثر توافقًا مع نموذج العمل للمساعدة في تحقيق الأهداف. وتحرص الشركات التي تخطط للمستقبل على التمييز بين تسجيل تصنيفات عالية وتحقيق بعض الأهداف الاستراتيجية.
تشهد عمليات تطوير مقاييس المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة تغيرات ملموسة في الوقت الحقيقي. وتتسم البيئة التنظيمية الحالية في الولايات المتحدة بالمرونة، في حين أعلنت مبادرة المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية عن إتمام اندماجها مع مؤسسة الإبلاغ عن القيمة في أغسطس الجاري، لإضفاء الطابع الرسمي على مجلس معايير الاستدامة الدولية، الذي يضمّ مجلس معايير محاسبة الاستدامة وإطار الإبلاغ المتكامل. وعادةً ما تشرف المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية على عمليات التنفيذ، حيث يتولى أعضاؤها وضع المعايير التي تشتمل على متطلبات الإدراج في أسواق الأوراق المالية.
وتلتزم جميع هذه الشركات بحماية المستثمرين والأسواق، حيث طلب الاتحاد الأوروبي من المجموعة الاستشارية الأوروبية لإعداد التقارير المالية وضع مقترح لمعايير إعداد التقارير فيما يتعلق بإرشادات الاتحاد الأوروبي حول الإبلاغ غير المالي، بالإضافة إلى دراسة جدوى القيمة على مستوى المستثمرين والمجتمع المدني. وبفضل دعم الاتحاد الأوروبي لمبادرة المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية/مجلس معايير الاستدامة الدولية، يمكن توقع محدودية أي تداخل بين المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية والاتحاد الأوروبي، حيث يوجد تقارب في التصنيفات رغم عدم وجود تأكيد لاستمرار هذا المسار. ومن المرجح أن يكون التحدي القادم هو المحاسبة الرامية إلى كشف التأثير المؤسسي والأداء المالي والاجتماعي والبيئي للشركة.
التفاعل والحوار المتعلق بالقبول الاجتماعي
قد تبدو عملية التخطيط لمبادرات المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة وتقييم مدى انسجامها مع نموذج العمل مهمة سهلةً نسبيًا، ولكنّ الصعوبة تكمن في رصد القبول الاجتماعي والمحافظة عليه وتحليل جوانبه، حيث أدركت الشركات الساعية إلى تحقيق هذه المعايير ضرورة تشجيع الحوارات المفتوحة مع الجهات المعنية، بالإضافة إلى معالجة مخاوف الجهات المعنية بشكلٍ مباشر من خلال تسليط الضوء على دور جهودهم في هذا المجال في دعم استراتيجية الشركة، وأخيرًا الحفاظ على وتيرة منتظمة لعملية إعداد التقارير ذات الصلة.
1. تعزيز الاستراتيجية بالاستفادة من أنشطة التفاعل ذات الصلة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة
تحرص الشركات التي تخطط للمستقبل على اعتماد وسائل تواصل جاذبة للمستثمرين والجهات المعنية على حدٍ سواء، وتساهم أيضًا في تعزيز مقومات المعلومات والذكاء والتطور في الشركة. ويشكل الموظفون إحدى الركائز الرئيسية في الشركة ومصدرًا هامًا للرؤى والأفكار. ويمكن للشركات تحقيق تطور مستمر من خلال التفاعل مع المجموعات والتحالفات التجارية (التي تُعتبر بحد ذاتها عملية صارمة ومتكررة) بهدف دعم وجهات النظر وتسريع وتيرة التأثير على نطاق واسع.
وتساهم الآراء المدروسة في تمكين الشركات المرنة من زيادة وسائلها الدفاعية. في حين تدرك الشركات الناجحة أن التفاعل ليس بالعملية السهلة. وعلى سبيل المثال واجهت شركة "ديك للسلع الرياضية"، أضخم شركة تجزئة للسلع الرياضية في الولايات المتحدة، اعتراضات كبيرة حينما أعلنت في عام 2018 عن إيقاف مبيعات الأسلحة النارية الهجومية نصف الآلية ومخازن الذخيرة عالية السعة. وتكبدت الشركة خسائر فادحة وانخفاضًا في سعر أسهمها، ولكنها حافظت على تواصلها المفتوح مع المستهلكين والموظفين والمستثمرين الداعمين لها، وسرعان ما تخطت أرباحها وقيمتها في السوق المستويات التي سجلتها في السابق.
2. عرض مقترح الأعمال للمستثمرين
يتزايد بحث المستثمرين عن معلومات إضافية حول المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة ويؤكدون على ضرورة تفعيل مستوى أعلى من المحاسبة بهذا السياق. كما يتطلب المستثمرون معرفة دور مبادرات المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة في التكامل مع الخطة الاستراتيجية للشركة ودعمها، حيث تحرص الشركات التي تخطط للمستقبل على توضيح اندماج تلك المبادرات مع نموذج عملها واتباع معايير صارمة لبيان تقدم هذه العملية. ويمكن للشركات أيضًا اتخاذ إجراءات فعالة، مثل تشكيل مجموعة عمل تهدف إلى تحديد وجمع نقاط البيانات الخاصة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة من أجل إعداد التقارير، وتخصيص موظفي تواصل بدوام كامل للتعامل مع فريق علاقات المستثمرين، فضلًا عن دمج الاستدامة في تقارير الشركة (بما يشمل التقارير السنوية) ومقارنة مبادرات المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة وأدائها مع المبادرات الموجودة في عروض المستثمرين.
وتعمل الشركات على دمج المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة بصورة مباشرة في عملية جمع رأس المال، لا سيما من خلال إصدار السندات الخضراء أو المستدامة، حيث تضم هذه السندات أحكامًا هيكلية ومالية ترتبط بمؤشرات الأداء الرئيسية الموجودة مسبقًا، ويتم قياسها بالمقارنة مع أهداف الاستدامة. وعلى سبيل المثال، أعلنت دار الأزياء البريطانية الشهيرة "بربري" عن إصدار سند استدامة متوسط الأمد في عام 2020 لتمويل مشاريع الاستدامة، بينما أصدرت شركة "نوفارتيس" في العام نفسه سندات استدامة بقيمة 1.85 مليار يورو مرتبطة بأهداف المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة. ويكمن سبب اعتماد مثل هذه الحلول في دراسة سبل دعمها وتكاملها مع أولويات الشركة في مجال المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة.
وتقدم مستويات الشفافية المرتفعة أفضلية واضحة للشركات، بصرف النظر عن مزيج رأس المال المتوافر لديها، لا سيما مع تزايد توقعات ومطالب الجهات المعنية (على سبيل المثال لا الحصر) والمستثمرين والجهات التنظيمية التي تطلب من الشركات تقديم إفصاحات تفصيلية. ورغم اختلاف القوانين والأنظمة بين الدول والمناطق، يتجه العالم حاليًا نحو إرساء إطار عمل صارم يقدم معلومات تفصيلية قوية. وتتميز الشركات، التي تنجح في تنفيذ مبادرات الأعمال التي تراعي المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة وتحقق أهدافها الصعبة، بقدرة كبيرة على إقناع الجهات المعنية بإمكاناتها في بناء القيمة ودعمها في ظل التغييرات التنظيمية، انطلاقًا من الدور الرئيسي الذي تلعبه هذه المعايير في نموذج العمل.
3. إقامة حوارات منتظمة
تدرك الشركات التي تخطط للمستقبل أن استمرارية أنشطة التواصل مع الجهات المعنية بشكل منتظم لا تقل أهمية عن جودة هذه الأنشطة والمعلومات التي تشاركها معهم، إذ يمكن تفسير تأخر تقارير المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة على أنه قلة التزام.
وتُعد المحافظة على وتيرة منتظمة لإطار المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة مهارةً قابلةً للتطوير مع الممارسة، وأشار "المهاتما غاندي" بهذا السياق إلى تحول الأفعال إلى عادات، والعادات إلى قيم، والقيم إلى مصير. وهذا هو تمامًا حال تقارير المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، فعندما تصبح في صميم نموذج العمل، تتحول المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة إلى جزء من المسار الطبيعي للعمل. ولا يمكن اعتبار الصدمات الخارجية عبئًا غير مبرر على عملية إعداد التقارير، حيث تعمل الشركات التي تحظى بإدارة فعالة على توفير معلومات المحاسبة بمنتهى السرعة انطلاقًا من دورها في دعم أداء الشركة، في حين تحرص الشركات التي تخطط للمستقبل على تجهيز بيانات المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة قبل حدوث الاضطرابات وخلال فترتها.
نشهد اليوم مشاركة معظم الشركات في رحلة التحول المتعلقة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، ولكنّ ثقافة التطور المستمر في هذا المجال قد لا تلقى أرضًا خصبةً في شركة لا تأخذ هذه المعايير على محمل الجد من خلال تنظيمها وربطها مع أهداف الشركة. وتركز الشركات التي تخطط للمستقبل على الالتزام بإطار المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة بشكل صارم ومثبت ومدروس، فهي تعمل على تطوير تصورات هذه المعايير ودمجها في نموذج عملها لتعزيز مستويات الاستدامة في الشركة وتحويل المعايير إلى واقع ملموس.