الناس غالبًا ما يتحدثون عن نجاح أو تقدم صناعة معينة وكأن هذا النجاح حدث بطريقة مفاجئة كقوة خارقة كانت خلف هذا الازدهار. تماماً مثلما كان العلماء يعتقدون سابقًا أن هناك مادة غامضة خفية في الكون تسمى (الأثير) تسمح للضوء بالانتقال عبر الفراغ. ولكن في الواقع، إن النمو الحقيقي للصناعة يعتمد بشكل كبير على الابتكارات التي تقوم بها الشركات ضمن القطاع. فعندما تستخدم الشركات التكنولوجيا وتقدم منتجات أو خدمات جديدة، يمكنها أن تفتح أسواقًا جديدة وتعزز الاستهلاك من خلال توظيف التكنولوجيا الحديثة وتطوير منتجات جديدة أو استراتيجيات تجارية مبتكرة.
المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية
شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية
أوضحت دراساتنا السابقة أن 80% من نمو الشركات يأتي من أنشطتها الأساسية. 1 قد يبدو هذا وكأن الشركات، إذا كانت في صناعات تتسم بطبيعتها المتطورة بشكل ملحوظ، يمكنها تحقيق نمو كبير بمجرد اتباع التيار العام للصناعة. لكن، حتى ضمن هذه الصناعات، لا تزال هناك فروق بين الشركات الرابحة والخاسرة، حيث تحسن الشركات التي تقوم بإعادة ترتيب أولوياتها وتركز على القطاعات ذات الزخم العالي من أداءها وتزيد من فرصها في النجاح. وبتبني هذه الطريقة، تستطيع الشركات أن تستفيد من النمو المتسارع للصناعة وأيضًا أن تضمن مكانتها كرائدة في المجال.
ولكن هذا ليس هو الأمر بأكمله
في بعض الأحيان، لا يتم التركيز بما يكفي على العوامل التي تقف وراء زخم النمو في الصناعة أو الدور الذي يلعبه أعضاء الصناعة في تسريعه. هذا الزخم يأتي جزئيًا من مدى الفرص المتبقية للنمو داخل الصناعة. تمامًا مثلما تتبع الشركات أو المنتجات منحنى الـ"S"، حيث يلي فترة الاستثمار مرحلة من النمو السريع التي تتباطأ في النهاية، وينطبق هذا أيضًا على القيمة الاقتصادية في الصناعة، فعندما يظهر سوق جديد، يشهد فترة من النمو السريع حتى يصل إلى مرحلة التشبع، مما يؤدي إلى تباطؤ النمو، وفي صناعة تتكون من أسواق ناضجة، يتباطأ زخم النمو ليصل إلى المعدل الذي تحدده العوامل الاقتصادية الكبرى، وبعد هذه المرحلة، يصبح نمو أي شركة داخل تلك الصناعة على حساب حصة شركات أخرى في السوق أو على حساب المستهلكين.
ففي الأوقات التي يبدأ فيها النمو الصناعي بالتباطؤ، هنا يأتي دور الابتكار. فإن الشركات التي تتخذ خطوات جريئة غالبًا ما تجني أكبر الفوائد، فقد أظهرت تحليلاتنا لأكثر الشركات نجاحًا عالميًا أن القدرة على توجيه زخم نمو الصناعة بشكل استباقي يمكن أن تعزز بشكل كبير أداء الشركة واستمراريتها، وبالتالي، فإن الابتكار لا يعزز فقط نجاح الشركة في الوقت الحالي، بل يساهم أيضًا في تعزيز استمراريتها على المدى الطويل.
كيف تعزز الابتكارات المتقدمة زخم النمو؟
ترتبط سرعة نمو الصناعات ارتباطًا وثيقًا بعوامل اقتصادية رئيسية تشمل معدل نمو السكان، وقوتهم الشرائية، ومستويات التضخم، ومعدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي. وتؤثر هذه العوامل بشكل كبير على معظم الصناعات، ما عدا بعض القطاعات مثل الخدمات العامة والرعاية الصحية، التي تظهر استقلالية نسبية عن هذه العوامل بفضل الطبيعة الأساسية والضرورية للخدمات التي توفرها. وتعد هذه الصناعات استثناءات، وليست القاعدة، ما يُظهر أن التأثيرات الاقتصادية الكلية تحدد بشكل عام مسار وسرعة النمو أو التباطؤ للصناعات الأخرى.
إضافة إلى العوامل الاقتصادية العامة، تتأثر وتيرة نمو الصناعات بشكل كبير بالإجراءات التي تتخذها الشركات داخل هذه الصناعات لتحفيز النمو. وفي الواقع، تبرز القطاعات التي تتضمن نسبة عالية من الشركات الرائدة في تطوير فئات جديدة من المنتجات أو الخدمات، أو في ابتكار تجارب جديدة للعملاء، أو تلك التي تطور نماذج أعمال مبتكرة، في تحقيق أداء اقتصادي أفضل2، كما هو موضح في (الشكل 1) " العائد على الاستثمار" و (الشكل 2) نمو الإيرادات. هذا النوع من الابتكارات، الذي يتسم بالجرأة والابتكار المتقدم بدلاً من التحسين التدريجي، يخلق أسواقًا جديدة كاملة ولا يقتصر على تقديم نسخ معدلة من المنتجات أو الخدمات القائمة، مما يوسع القاعدة الاقتصادية للصناعة بأكملها ويزيد من حصة السوق للشركات المبتكرة.
تتميز بعض الصناعات، مثل التكنولوجيا الحيوية والبرمجيات، بمعدلات نمو مرتفعة جدًا بفضل التطور السريع في التقنيات الجديدة وتطبيقاتها. ومع ذلك، حتى القطاعات التي تعاني من بطء في النمو يمكن أن تشهد قفزات مماثلة بفضل الابتكار. خذ مثلاً على ذلك قطاع العناية بالرجال، الذي كان يعتمد تقليديًا على المنتجات الأساسية مثل صابون الحلاقة وكريم الحلاقة وماء بعد الحلاقة. هذا القطاع تحول إلى فئة ذات نمو عالي بفضل تقديم مجموعة متنوعة من منتجات العناية بالبشرة والتجميل الجديدة3. بالمثل، أدت الابتكارات في محركات الطائرات إلى خفض تكاليف الطائرات وبالتالي تكاليف التذاكر، مما جعل السفر جوًا أكثر قدرة على المنافسة وفي متناول شريحة أوسع من المستهلكين.
عادةً ما تتفوق الصناعات التي تتميز بوجود العديد من مراكز الابتكار المتميزة على غيرها، وذلك بفضل الابتكارات الجريئة التي لا تقتصر على تحسين المنتجات القائمة فقط، بل تمتد لخلق أسواق جديدة كاملة. هذا النوع من الابتكار يسهم في توسيع القاعدة الاقتصادية للصناعة بأكملها، مما يزيد من حجمها بدلاً من مجرد زيادة إيرادات الشركات القائمة. مثال على ذلك، تطوير لقاح الفيروس الحليمي البشري (HPV)، الذي يمنع عدوى فيروس يرتبط بأنواع عدة من السرطانات. هذا اللقاح لم يحل محل لقاحات أخرى مثل لقاح التيتانوس أو ما يسمى أيضاً بلقاح "الكزاز" (هو لقاح يُستخدم للوقاية من مرض خطير تسببه بكتيريا توجد عادة في التربة، والغبار، والبراز، وتدخل الجسم من خلال الجروح أو الخدوش. بمجرد دخولها الجسم، يمكن أن تطلق سمومًا تؤدي إلى تشنجات عضلية شديدة، وتيبس في العضلات، وصعوبة في التنفس، وهي حالة تعرف باسم الكزاز أو التيتانوس)، ولم يؤثر على المنتجات الواسعة في مجال الأورام. ولكنه أوجد فئة جديدة من الإيرادات التي ساهمت في توسيع الصناعة الطبية ككل.
ليس فقط الصناعات التي تعتمد بشكل كبير على البراءات هي التي تشهد ابتكارات مؤثرة. فعلى سبيل المثال، في أوائل الألفية الجديدة، كانت صناعة الاتصالات تعتبر من القطاعات الناضجة، ولكنها تحولت إلى مجال يشهد نمواً متسارعاً بفضل ظهور التكنولوجيا اللاسلكية الجديدة. هذه الابتكارات لم تقتصر على تحسين الخدمات الموجودة، بل خلقت فرصاً جديدة تماماً للربح ووسعت السوق بأكمله. نتيجة لذلك، بدأت الصناعة والشركات ضمنها في تسلق منحنى نمو جديد، حيث أن العملاء، في البداية، لم يستبدلوا خطوطهم الأرضية بالخدمات اللاسلكية بل أضافوها إليها، مما زاد من الإيرادات بشكل كبير.
لا تقتصر الابتكارات المؤثرة فقط على تقديم منتجات جديدة؛ بل تشمل أيضًا تحسينات جوهرية في نماذج الأعمال والإجراءات التشغيلية. مثال على ذلك، إدخال وحدات العرض الموجودة عند مداخل أروقة السوبرماركت، والتي أحدثت ثورة في كيفية إعداد العروض الترويجية داخل المتاجر. لم تسهل هذه الابتكارات فقط عملية ترتيب العروض بتقليص الزمن اللازم من أسابيع إلى أيام، بل فتحت الباب أمام تحسين الاستراتيجيات الترويجية وتعزيز فعالية الحملات التسويقية.
كما تسهم الابتكارات المتميزة في توسيع قاعدة الصناعة برمتها بدلاً من مجرد تحويل حصص السوق من شركة إلى أخرى، فإنها أيضاً تعزز زخم النمو للشركات من خلال دفع عجلة نمو الأعمال التي تشكل هذه الشركات. السبب في ذلك يعود إلى أن كل وحدة تجارية تحقق تقدماً كبيراً في مجال الابتكار تمنح الشركة الأم فرصة أكبر للنمو، ما يوسع الإمكانيات الاقتصادية للصناعة بأكملها، مما يفتح الباب أمام فرص نمو هائلة للشركات.
رواد الصناعة: كيف يكتسب صناع الزخم ميزة تنافسية
الابتكارات الكبرى لها تأثير قوي على زخم الصناعة، لكن السؤال هنا: هل يجب أن تكون شركتك هي التي تتولى تنفيذ هذه الابتكارات، أم يمكنك فقط الاستفادة من نجاح شركة أخرى في نفس المجال؟ تشير النتائج إلى أن الشركات التي تتحمل المخاطر وتقوم بتنفيذ هذه الابتكارات بنفسها تحصد فوائد كبيرة في الأسواق التي تبتكرها. من خلال مراجعتنا لأفضل 20 شركة عالمية، وجدنا أن 14 منها قد أسست أسواقاً جديدة تماماً (الشكل 3)4، وفي بعض الحالات، نجحت حتى في إنشاء صناعات فرعية كاملة.
تُعد هذه الخطوة الاستراتيجية قوية للغاية لأنها تُمكّن المبتكر من خلق سوق جديدة خالية من المنافسين المباشرين، أو في أسوأ الأحوال، تحتوي على بدائل غير مباشرة فقط. هذا الوضع يسمح للشركة بتحقيق نمو أسرع بكثير مقارنة بما يمكن أن تحققه في سوق مزدحمة، خاصة إذا كان العرض الجديد يلبي احتياجًا كبيرًا غير مُشبع. فعندما تنجح الشركات في ذلك، فإنها تخلق لنفسها أسواقًا ذات زخم عالي، مما يتيح لها التفوق والريادة في المجال.
ومع أن هذه الابتكارات الجذرية تحقق عوائد كبيرة، إلا أنها تنطوي أيضًا على مخاطر عالية، لأن خلق شيء جديد بالكامل أصعب بكثير من إجراء تحسينات تدريجية على ما هو موجود. فالشركات التي تنجح في هذه المهمة تختار بعناية الفرص التي تمنحها مزايا استراتيجية واضحة، وتسعى لتوسيع أعمالها بطريقة تمكنها من استثمار نقاط قوتها الفعلية. كما تحرص على امتلاك القدرات اللازمة للاستفادة من الفرص الجديدة، بدلاً من ترك المجال لمنافسين آخرين للاستحواذ عليها. على سبيل المثال، بدأت شركة تينسنت (Tencent) كمنصة للرسائل، لكنها استطاعت استغلال قاعدة عملائها الواسعة وخبرتها في تطوير تطبيقات مميزة للتوسع إلى مجالات جديدة، مثل التجارة الإلكترونية وألعاب الفيديو. ومع وجود أكثر من مليار مستخدم نشط شهريًا، تمكنت "تينسنت" من تقديم عروض جديدة عبر منصة شاملة ومتعددة الاستخدامات. وقد استثمرت الشركة أكثر من 20 مليار دولار في البحث والتطوير خلال السنوات الثلاث الماضية، ونجحت في تقديم أكثر من 62,000 براءة اختراع.5
لا تتطلب الابتكارات الجذرية دائمًا ابتكار فئات جديدة بالكامل؛ أحيانًا تكون مجرد توسعات تكتيكية ضمن الأسواق القائمة. على سبيل المثال، لم تكن الرعاية الصحية عن بُعد (Telehealth) نتيجة لإنشاء سوق جديدة، بل كانت توسعًا مدفوعًا بالتطور السريع في تطبيقات الرعاية الصحية، وتقنيات التصوير الطبي المدعومة بالذكاء الاصطناعي للتشخيص عن بُعد، وأجهزة الاستشعار الحيوية القابلة للارتداء. وبالمثل، فإن الابتكارات التدريجية، مثل التطور المستمر في صناعة أشباه الموصلات التي أسهمت في تحسين العديد من الأجهزة، تخلق أيضًا أسواقًا جديدة ولكن بوتيرة منتظمة وقابلة للتكرار بدلاً من حدوث تغيير كبير ومفاجئ. وأحيانًا، لا تتطلب الابتكارات إلا القليل من البحث والتطوير لتحقيق تأثير كبير. خذ على سبيل المثال المياه المعبأة؛ فقد أصبحت بديلاً مريحًا لمياه الصنبور، وساهمت في توسيع سوق المشروبات دون أن تعتمد كليًا على استبدال المنتجات الأخرى.
كيفية بناء سوق جديد
يعتمد تحقيق نمو مُستدام ومتسارع على الابتكار لفترة طويلة. فمعظم الشركات العشرين الكُبرى التي قمنا بدراستها استغرقت سنوات أو حتى عقودًا لتطوير مسارات نموها. بعضها كانت شركات راسخة تمكنت من استغلال مواردها المالية وقدراتها القائمة للتوسع في مجالات جديدة. بينما بدأت شركات أخرى كشركات ناشئة بأفكار مبتكرة، واستطاعت بسرعة توسيع نطاق أعمالها ثم استغلت خبرتها للتوسع في قطاعات أخرى.
وعلى الرغم من اختلاف مسارات الشركات الرائدة في بناء الأسواق الجديدة، إلا أنها تتشارك بعض السمات الأساسية. أبرز هذه السمات هو إيمان الرؤساء التنفيذيين ومجالس الإدارة القوي بفرص النجاح، مما يمنح فرق الإدارة القدرة على اتخاذ قرارات جريئة وإشراك جميع أفراد الشركة في هذه التحركات. مثال على ذلك هو ساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذي لمايكروسوفت، الذي التزم في بداية فترته بإطلاق مرحلة جديدة من النمو من خلال استثمارات كبيرة في الحوسبة السحابية، وهو ما تسعى الشركة لتكراره الآن عبر استثماراتها في الذكاء الاصطناعي6. ومن السمات المشتركة أيضًا، اعتماد هذه الشركات على مزاياها الاستراتيجية عند اختيار مجالات الابتكار. على سبيل المثال، تستخدم شركة "TSMC"، الرائدة في تصنيع أشباه الموصلات، قدراتها التصنيعية لتتفوق في الابتكار وتتغلب على المنافسين المحتملين في الأسواق الجديدة التي تخلقها.
وللتقليل من المخاطر التي تنشأ عن تبني ابتكارات جذرية وجريئة، يمكن للشركات اعتماد الاستراتيجيات الأربع التالية:
- استراتيجية البحث عن 'فرص مزدوجة'. تركز هذه الاستراتيجية على إيجاد فرص تحقق فائدة مباشرة للشركة، بينما تتيح في الوقت نفسه تقديم منتج أو خدمة جديدة للعملاء على سبيل المثال، نشأت خدمة أمازون ويب سيرفيسز (AWS) في البداية كحل لتلبية الطلب الكبير على موقع أمازون خلال أيام الذروة. لاحقًا، أدركت الشركة أنها يمكن أن تؤجر السعة الفائضة في الأوقات الأخرى، مما أدى إلى تحويل هذا الحل إلى سوق جديدة تمامًا وأصبحت الآن محركًا رئيسيًا لنمو أرباح الشركة. وبالمثل، تم تطوير دواء "Ozempic" في البداية لعلاج مرض السكري من النوع 2، لكن اكتشاف تأثيره على تقليل الشهية دفع الشركة لإجراء دراسات لاستخدامه في إنقاص الوزن. هذا الابتكار أدى إلى إطلاق علامة تجارية جديدة تستند إلى نفس المكون، مما خلق سوقًا جديدة وساهم في زيادة المبيعات بشكل كبير.
- استراتيجية البحث عن فرص هيكلية. يمكن أن تشمل هذه الفرص الاستفادة من القدرة الإنتاجية الفائضة، أو الإعانات الحكومية، أو الحوافز الأخرى التي تقلل من المخاطر المالية. على سبيل المثال، استفادت شركة "eBay" من القدرة الفائضة لدى الأفراد والشركات لبيع منتجاتهم الزائدة أو غير المستخدمة. وفي الوقت الحاضر، تعتمد العديد من الشركات على الحوافز المرتبطة بالتكنولوجيا الخضراء لتمويل ابتكارات جديدة7. على سبيل المثال، قامت شركة "NextEra" للطاقة ببناء واحدة من أكبر شركات الطاقة المتجددة في العالم من خلال الاستفادة من الإعانات الحكومية وتطبيق استراتيجية تجارية صارمة8. وبالمثل، تستفيد شركة "TSMC"، المتخصصة في صناعة أشباه الموصلات، من الإعانات المقدمة من دول مثل الولايات المتحدة لتوسيع إنتاجها بالقرب من الأسواق الرئيسية وتعزيز قدراتها على الابتكار.9
- استراتيجية الشراكة مع الشركات الناشئة. تقوم الشركات الكبيرة بمراقبة نشاط الشركات الناشئة للكشف عن الاتجاهات الجديدة في السوق، وتعمل على التعاون معها أو الاستحواذ عليها. وذلك لأن الشركات الناشئة غالبًا ما تمتلك أفكارًا مبتكرة لكنها تفتقر إلى الموارد الكبيرة مثل العلاقات مع العملاء والقدرات التسويقية. عند الشراكة مع الشركات الناشئة، تتمكن الشركات الكبرى من دمج أفكارها المبتكرة مع مواردها الواسعة، مما يعزز قدرتها على تحقيق الابتكارات بنجاح. على سبيل المثال، تعاونت شركة فايزر مع شركة "BioNTech" لتطوير لقاح كوفيد-19، وهو ما حقق نجاحًا كبيرًا. واستفادت فايزر من هذا النجاح من خلال إجراء أربع عمليات استحواذ في عام 2022، مما ساعدها على تعزيز قدراتها الابتكارية10. نتيجة لذلك، جاءت 60% من إيرادات فايزر في عام 2022 من المنتجات التي طورتها خلال السنوات الثلاث السابقة.
- توفير الأدوات لتمكين نمو الآخرين. بدلاً من محاولة تحقيق النجاح من خلال الابتكار المباشر في المنتجات أو الخدمات، تركز بعض الشركات على تقديم الأدوات والموارد التي تسهم في نمو الشركات الأخرى. مثال على ذلك، شاشات العرض في المتاجر الكبرى، ساعدت شاشات العرض على تعزيز فعالية الترويج للمنتجات عن طريق تقليل الوقت اللازم لإعداد العروض، مما مكن الشركات من استعراض منتجاتها بشكل أسرع وأكثر فعالية. على سبيل المثال، قامت شركة "جون ديري" بتطوير منصة متكاملة تشمل تطبيقات وأجهزة استشعار ومنتجات أخرى تهدف إلى زيادة إنتاجية الأعمال الزراعية.11
زخم الصناعة وزخم محفظة الأعمال هما نتيجة لعوامل خارجية واسعة ولإجراءات فردية تتخذها الشركات. فعندما يستثمر القادة المبتكرون في ابتكارات جريئة، يتمكنون من إنشاء عملاء وأسواق جديدة، مما يؤدي إلى تحفيز موجات جديدة من النمو داخل الصناعة. هذا الاستثمار لا يساهم فقط في توسيع فرص النمو لشركاتهم، بل يمكن أن يغير أيضًا مسار الصناعات التي يعملون فيها.