الربع سنوية لماكنزي

البرمجيات لم تعد حكرًا على الشركات المتخصصة بها: ست خطوات ضرورية لتحقيق النجاح في التحول نحو البرمجيات

| مقالة

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر. نرحب بتعليقاتكم على البريد الإلكتروني التالي reader_input@mckinsey.com

أشار مارك أندريسن منذ أكثر من عشرة أعوام إلى أن "البرمجيات تجتاح العالم"، وهي مقولة ينبغي تعديلها اليوم لتصبح: "العالم يقوم على البرمجيات". إذ تواصل البرمجيات نموها بمعدلات هائلة، وتدرك المزيد من الشركات التقليدية أن اكتساب القدرات التنافسية وتحقيق النمو في العالم الرقمي يتطلب منها العمل والتفكير والتصرف كما لو أنها شركات برمجيات.

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

ووفقًا لبحث ماكنزي الصادر في شهر يونيو 2022، فإن حوالي 70% من الشركات ذات الأداء الاقتصادي المتفوق تستخدم برمجياتها الخاصة لتحقيق التميز عن منافسيها، بالمقارنة مع 50% من نظرائها فقط. ويحقق ثلث تلك الشركات ذات الأداء المتفوق أرباحًا مباشرة من البرمجيات.

وتتنامى الضغوط التي تدفع الشركات للتطور بنتيجة ثلاثة تحولات أساسية، يتمثّل أولها في الاعتماد المتسارع للمنتجات الرقمية، والذي يدعم الجهود الرامية لدمج البرمجيات ضمن المنتجات وتجارب الشراء خلال جميع مراحل العمل، بدءًا من عمليات تخصيص المنتجات ووصولًا إلى تسليمها بشكل سلس من خلال قنوات متعددة. ويقوم الثاني على أن البرمجيات توفر مزيدًا من القيمة في عدد أكبر من المنتجات والخدمات المتاحة في المزيد من القطاعات. فعلى سبيل المثال، تتوقع الشركات الصناعية متوسطة الحجم تحقيق زيادة بمقدار الضعف في إيراداتها من البرمجيات خلال الأعوام الثلاثة القادمة. وثالثًا وأخيرًا، يسهم نمو تقنيات الحوسبة السحابية، والمنصات كخدمة، والأدوات غير المعتمدة على لغات البرمجة، وأنظمة المساعدة البرمجية القائمة على الذكاء الاصطناعي بمجموعها في تزويد أعداد هائلة من الموظفين بقدرات غير مسبوقة.

وبينما تتجه الشركات لإدراك أهمية البرمجيات (تبين الأبحاث بأن حوالي ثلثي الشركات قد استثمرت فعليًا في البرمجيات كخدمة أو البرمجيات التجارية الحديثة)، فإنها لا تزال تنظر إلى البرمجيات باعتبارها قدرات يمكن تثبيتها في أعمالها القائمة. إلا أن هذا النهج غير فعال من الناحية العملية، لأن التحول إلى شركة قائمة على البرمجيات يتطلب إجراء تغييرات جذرية، وتوفير مجموعة متنوعة من المهارات والممارسات والقيادات والهيكليات التنظيمية.

وقد يكون من الصعب تحويل شركة عادية إلى شركة قائمة على بالبرمجيات، إذ يعود أقل من 7% من جميع إيرادات البرمجيات حول العالم إلى شركات غير متخصصة بالتكنولوجيا. ولكن تتوفر ثلاثة نماذج لإنجاز عملية التحول بنجاح (يرجى الاطلاع على العمود الجانبي "ثلاثة نماذج للانتقال نحو البرمجيات"). وسعيًا منا لتحديد عوامل النجاح، قمنا بتحليل أكثر من 20 حالة تحول ناجحة نحو البرمجيات، وتواصلنا مع عدد كبير من المسؤولين التنفيذيين الذين نجحوا في قيادة هذه العمليات. وقدم التحليل ستة مبادئ تشكل الأساس لأي عمليات تحول ناجحة إلى شركات برمجيات.

تدرك المزيد من الشركات التقليدية أن اكتساب القدرات التنافسية وتحقيق النمو في العالم الرقمي يتطلب منها العمل والتفكير والتصرف كما لو أنها شركات برمجيات.

الالتزام بثقافة عمل قائمة على البرمجيات

أكّد جميع قادة الأعمال الذين تحدثنا معهم أن تطوير أعمال قائمة على البرمجيات يتطلب بناء ثقافة عمل مناسبة تركّز على البرمجيات. ويتجاوز ذلك مجرد تعيين عدد محدود من خبراء البرمجيات وتطبيق عمليات التطوير البرمجية وتكنولوجيا المعلومات، بل يتطلب أيضًا بناء ثقافة عمل تركز على أهمية الإبداع والتمرس في التصميم الهندسي، وتهدف إلى تعزيز ريادة المنتجات والتركيز على العملاء بالدرجة الأولى، وتمكين فريق قيادي يتمتع بفهم عميق لنماذج أعمال البرمجيات والتكنولوجيا. ويمثّل بناء هذه الثقافة تحديًا بحد ذاته، ولكن الرؤساء التنفيذيين وقادة الأعمال الذين تواصلنا معهم سلطوا الضوء على ثلاثة عوامل رئيسية لتحقيق النجاح، تتمثل في القيادة والتواصل والاستثمار.

القيادة

تشير تجربتنا إلى أن الخبراء المتمرسين في مجال البرمجيات يجب أن يشكلوا نسبة تتراوح بين ثلث إلى نصف الفرق القيادية في الشركات. وقد يتطلب ذلك إجراء تغييرات جذرية استنادًا إلى فريق القيادة القائم حاليًا.

ويجب أن يضم مجلس الإدارة ما لا يقل عن اثنين من المدراء الذين يتمتعون بخبرة برمجية واسعة، وينبغي أيضًا مواصلة الضغط على الإدارة من خلال مراقبة التقدم الحاصل مقارنةً بمؤشرات الأداء الرئيسية المرتبطة بالبرمجيات. وعلى سبيل المثال، قرر الرئيس التنفيذي في إحدى الشركات تحفيز التقدم الحاصل في مجال البرمجيات نتيجة قيام أحد أعضاء مجلس الإدارة المؤثرين بإضافة بند لمراجعة أعمال البرمجيات إلى أجندة جميع اجتماعات مجلس الإدارة.

وفي الكثير من الشركات الرائدة بمجال البرمجيات، يشرف الرؤساء التنفيذيون بشكل مباشر على خبراء في التكنولوجيا وعلماء في مجال الذكاء الاصطناعي بهدف تحفيز الأفكار ودفع مسيرة تطور مؤسساتهم قدمًا. ويشجع مارك أندريسن الشركات على التحلي بجرأة أكبر، وقال خلال لقائه مع مجلة ماكنزي الربعية في عام 2022: "ينبغي العثور على أفضل خبير متخصص بالتكنولوجيا في الشركة، وتعيينه في منصب الرئيس التنفيذي".

وبالإضافة إلى تعيين خبراء البرمجيات في مناصب قيادية، يجب على معظم الشركات الارتقاء بسوية وعي كوادر فرقها القيادية العليا، بما يشمل اتخاذ إجراءات تتجاوز تنظيم الدورات التدريبية الأساسية وزيارة الشركات الناشئة، إذ ينتج التعلم الحقيقي عن بناء العلاقات والتفاعل عن كثب مع شركات البرمجيات. وأشار بعض الرؤساء التنفيذيين إلى أنهم يكتسبون الخبرات من خلال دعوة القيادات المتخصصة بالبرمجيات للانضمام إلى مجلس الإدارة، فضلًا عن الانضمام إلى مجالس إدارة شركات البرمجيات.

وعلى سبيل المثال، أنشأ بنك إيتيو يونيبنك من أمريكا الجنوبية مساحة مخصصة لحاضنة أعمال غير رسمية تتكون من 120 شركة ناشئة. ويعزو ريكاردو جويرا، الرئيس التنفيذي لشؤون المعلومات في البنك، الفضل في ذلك إلى شبكات التواصل غير الرسمية التي نشأت بين البنك وهذه الشركات الناشئة كوسائل ساهمت بفاعلية في الارتقاء بسوية الذكاء البرمجي للبنك. وقال غويرا: "الطريقة المثلى لفهم التطورات البرمجية هي قضاء وقت والعمل مع شركات البرمجيات".

التواصل

ينبغي التواصل بشكل مستمر بشأن الاستراتيجية وعروض القيمة والتقدم الحاصل في أعمال البرمجيات. ويتمثل أحد التحديات في اعتماد منهجية تواصل تمنح الأولوية لأعمال البرمجيات مع الحفاظ على الأعمال الأساسية وأداء الموظفين فيها ومنحهم شعورًا بالتقدير.

وتعالج بعض الشركات التي تحدثنا معها هذه القضية من خلال التأكيد على فكرة مفادها أن جميع الموظفين، سواء كانوا يعملون في أعمال البرمجيات أم لا، يمثلون جزءًا أساسيًا من ثقافة عمل واحدة. وعلى سبيل المثال، يرتبط جزء معين من رواتب جميع الموظفين في شركة كيسايت تكنولوجيز، إحدى الشركات الرائدة في مجال الاختبارات الإلكترونية والقياسات، مع مستوى الأداء العام للشركة. كما أشار عدد من الرؤساء التنفيذيين الذين تواصلنا معهم إلى أنهم يلتزمون بقضاء الوقت مع القادة العاملين في مجالات الأعمال القائمة، وضمان أن أولويات هؤلاء القادة لا تزال تتمتع بحضور قوي على رأس أجندة أعمال الشركة.

وتكتسب أنشطة التواصل الخارجية حول جهود التطوير البرمجي أهمية مساوية، ولا سيما بالنظر إلى تأثير مبادرات البرمجيات على التقييمات. وأشار لنا الرئيس التنفيذي لإحدى الشركات الصناعية الكبرى بأن نصف الأسئلة التي طرحها المستثمرون خلال إحدى الاجتماعات الأخيرة تركزت حول أعمال الشركة الجديدة في مجال البرمجيات.

الاستثمار

يمكن للأعمال القائمة على البرمجيات أن تتحول إلى امتيازات عالية القيمة، ولكنها تتطلب بالمقابل استثمارات مستدامة. وتحتاج معظم هذه الأعمال الجديدة إلى استثمارات تتراوح نسبتها وسطيًا بين 25-35% من الإيرادات على مدى ثلاثة إلى خمسة أعوام قبل أن تبدأ هذه الأعمال بتوليد الأرباح.

ويتطلب الحفاظ على هذا المستوى من الاستثمارات نفقات تشغيلية كبيرة، لذلك تتجه الكثير من الشركات نحو إجراء عمليات الاستحواذ لتسريع هذه العملية. وعلى سبيل المثال، استحوذت شركة هيكساجون، المتخصصة بتكنولوجيا المعلومات، على أكثر من 25 شركة برمجيات على مدى عشرة أعوام. ويمكن لعملية استحواذ كبرى بمفردها أن تسرّع وتيرة تطوير الأعمال القائمة على البرمجيات. وتشير خبرات ماكنزي في هذا الإطار إلى أن الاستحواذ على شركات البرمجيات الضخمة يشكل مؤشرًا رئيسيًا على النجاح في معظم الأحيان.

لا يمكن بناء قدرات برمجية رفيعة المستوى دون وجود مدراء منتجات برمجية رفيعي المستوى، والذين بإمكانهم تحويل القدرات الإبداعية للمهندسين والمصممين إلى منتجات وخدمات برمجية ناجحة.

الاستثمار في مدراء المنتجات وتمكينهم

لا يمكن بناء قدرات برمجية رفيعة المستوى دون توافر مدراء منتجات برمجية رفيعي المستوى، والذين بإمكانهم تحويل القدرات الإبداعية للمهندسين والمصممين إلى منتجات وخدمات برمجية ناجحة. ويتحمل هؤلاء المدراء مسؤولية شاملة تصل في بعض الحالات إلى تحمل المسؤولية الكاملة عن أرباح وخسائر منتج معين. ويكتسب حضور مدراء المنتجات أهمية كبيرة في عالم التكنولوجيا، ولكن لا يتم تكليفهم بالمسؤوليات أو منحهم النفوذ المطلوب للعمل إلا في عدد قليل من الشركات، وهذا خطأ كبير.

وحدد قادة الأعمال الذين تكلمنا معهم سمتين رئيسيتين لمدير المنتجات الناجح، تتمثل الأولى في جمع بيانات الاستخدام والاستفادة منها في اتخاذ جميع الخطوات، بدءًا من معرفة العملاء وإعداد خارطة طريق للمنتجات، ووصولًا إلى اتخاذ القرارات المتعلقة بإيقاف طرح المنتجات ومساعدة المستخدمين على الحصول على القيمة بسرعة أكبر. كما يعتمد المدير على الاختبارات الميدانية النشطة والتجريب للحصول على البيانات بما يتيح له تحسين المنتجات بشكل مستمر.

وتركّز السمة الثانية على التميز بفهم متعمق للمنتجات ينبع من التجربة والخبرة. ويتمتع مديرو المنتجات الناجحون بالقدرة على فهم دور التكنولوجيا في معالجة المشكلات بطريقة جديدة استنادًا إلى خبراتهم الطويلة، بالإضافة إلى أنماط تفكير غير مقيدة بالمعايير والقوالب الجاهزة. ويحرص هؤلاء المدراء على تفعيل مشاركة المصممين والمهندسين وعلماء البيانات خلال المراحل الأولى لبناء الأفكار بهدف الاستفادة من مجموعة واسعة من أنماط التفكير غير التقليدية.

وعلى سبيل المثال، عندما أرادت شركة والجرينز تطوير أعمالها الخاصة بالصحة، قامت بتعيين مدراء المنتجات في مناصب قيادة تتيح لهم إمكانية إعادة النظر في آليات تفاعل العملاء مع الصيدليات. وأفضى هذا التحول إلى توسيع نطاق الإجراءات التي يمكن للصيدليات اتخاذها، بما في ذلك عمليات التتبع والاختبار الطبية، ومراقبة الأدوية، ودور علوم الجينوم في العلاجات الدوائية الاختصاصية. وبهذا الصدد، قال فيش سانكاران، الرئيس التنفيذي لشؤون الابتكار في شركة والجرينز: "يمكن للشركات رؤية المستقبل بالنيابة عن المستهلك، ثم اتخاذ الإجراءات الملائمة في وقت مبكر".

دعم التميّز الهندسي من خلال فرق مستقلة وهيكليات مرنة

لا يمكن لعمليات تطوير البرمجيات أن تزدهر في المؤسسات القائمة على التسلسل الهرمي. وأوضح لنا الرؤساء التنفيذيون الذين تحدثنا معهم مدى أهمية منح فرق تطوير المنتجات الاستقلالية اللازمة لإجراء التجارب، واختبار التقنيات الجديدة، وتطوير حلولهم الخاصة. وكما أشرنا سابقًا، يبدأ ذلك بمنح مدراء المنتجات الحرية وتحميلهم مسؤولية قيادة فرقهم متعددة التخصصات كما يرونه مناسبًا لتحقيق هدف محدد. ويمكن دعم هذه الاستقلالية باستخدام آليات رئيسية (مثل تحديد الأهداف والنتائج الرئيسية) وتشجيع عامل المساءلة بشأن النتائج، بالإضافة إلى الوظائف المؤتمتة (مثل عمليات الاختبار) التي تسهم في تسريع وتيرة التطوير وتستخدم أيضًا ضوابط حماية للحد من المخاطر.

وتحتاج فرق عمل البرمجيات إلى هيكلية تقنية مرنة حتى تتمكن من العمل بشكل مستقل. وتشمل المكونات الأساسية لهذه الهيكلية واجهات برمجة التطبيقات القادرة على الوصول إلى البيانات والخوارزميات والعمليات الأساسية في الأنظمة القديمة؛ ومجموعة من الخدمات المصغّرة (ولا سيما وحدات التعليمات البرمجية المستقلة التي تنفذ وظائف محددة) التي تكون معيارية ومتصلة بواجهات برمجة التطبيقات، ما يُلغي التبعية في الأنظمة القديمة حيث يتطلب تغيير أي جزء من البرمجيات إجراء تغييرات متعددة في أجزاء أخرى؛ بالإضافة إلى منصة بيانات مشتركة تربط المصادر المتباينة للبيانات لتشكل تجمعًا واحدًا يمكن للمطورين الوصول إليه بسهولة.

وتشكل منصة Aladdin من شركة بلاك روك مثالًا على شركات التكنولوجيا التي تجمع مختلف جوانب تدفقات العمل الاستثمارية في نظام مشترك. وتمتاز منصة Aladdin بهيكلية مفتوحة تساعد المطورين الداخليين والخارجيين على إنشاء التطبيقات بسهولة، وبما يفضي إلى دعم عمليات التطوير على نطاق واسع داخل شركة بلاك روك ولدى عملاء المنصة الخارجيين. وقال سودهير ناير، الرئيس العالمي لأعمال منصة Aladdin في شركة بلاك روك: "نشهد تغيرًا ملحوظًا في طريقة تفاعل الناس مع البرمجيات. ويقوم عدد كبير من موظفي بلاك روك وعملاء منصة Aladdin اليوم بالتعريف عن أنفسهم على أنهم خبراء تقنيين، رغم أن الكثيرين منهم لا يعملون في مجالات التكنولوجيا التقليدية. ونحن نسعى لإتاحة وصول هؤلاء ’المطورين من المواطنين‘ إلى الركائز الرئيسية لتقنياتنا الأساسية، بالإضافة إلى الخدمات الأساسية المصغّرة لمنحهم القدرة على الابتكار دون أن يكون ذلك على حساب النطاق والضوابط".

تحقيق النجاح في مجال البرمجيات من خلال الامتثال لمتطلبات منظومة البرمجيات

تضم منظومة البرمجيات مزيجًا من شركات البرمجيات المستقلة وما بين 30-40 مليون من المطورين المستقلين بدوام كامل، والذين يحمل بعضهم صفة "المطورين من المواطنين" (ولا سيما رجال الأعمال الذين يستخدمون أدوات غير معتمدة أو قليلة الاعتماد على لغات البرمجة). ويتعين على شركات البرمجيات الاستفادة من هذه المنظومة الواسعة للوصول إلى مواهب المطورين التي تحتاجها للمنافسة.

ويتطلب النجاح في مجال البرمجيات استقطاب مطوري البرمجيات أو الوصول إليهم، ورعايتهم، ومنحهم تجارب وخبرات عمل متميزة. وتستفيد الشركات الرائدة من منظومة مطوري البرمجيات من خلال اتباع استراتيجيتين هما:

الانضمام إلى منظومة قائمة

يتميز قطاع البرمجيات بمنظومة واسعة النطاق تضم الكثير من المنظومات المزدهرة التي يتم تشغيلها من قبل مزودي الخدمات السحابية البارزين، والذين يوظفون استثمارات ضخمة لبناء قدرات منصاتهم وتقديم خدماتهم. وأشار معظم قادة الأعمال الذين تواصلنا معهم إلى أن الانضمام إلى منظومات العمل القائمة هذه يوفر طريقة مثالية للوصول إلى أفضل المطورين.

وعلى سبيل المثال، انضمت دوهلر، الشركة الرائدة عالميًا في مجال إنتاج وتسويق وتوفير المكونات الغذائية الطبيعية وأنظمة المكونات القائمة على التكنولوجيا والتي تتخذ من القارة الأوروبية مقرًا لها، إلى شبكة SAP Business Network الخاصة بالخدمات اللوجستية بهدف الوصول إلى الخدمات والمواهب التي توفرها (حيث تضم هذه المنظومة أكثر من 22 ألف شريك). واستنادًا إلى هذه الشبكة، أنجزت دوهلر التحول الرقمي لعمليات تخطيط وإنجاز التوصيل اللوجستية بين شركاتها التابعة، والتي تُستخدم اليوم في 50 موقعًا عالميًا تابعًا لها للتواصل مع شركائها التجاريين.

بناء منظومة داخلية

يمكن للشركات المنافسة في هذا السياق من خلال تطوير منظومة عمل برمجية خاصة بها، إما من خلال الشراكات مع عملائها أو مزودي الخدمات السحابية (أو كليهما). فعلى سبيل المثال، قامت إس إل بي، شركة خدمات وتقنيات الطاقة المعروفة سابقًا باسم شلمبرجير، ببناء منصة DELFI البرمجية الخاصة بها كوسيلة لاستقطاب المطورين والعملاء. وتتيح DELFI وصول شركات استخراج النفط والغاز إلى التطبيقات وتدفقات العمل، وتضم أكثر من 1,500 مطور من 50 شركة نفط. وأنشأ هؤلاء المطورون أكثر من 3 آلاف تطبيق وبرنامج إضافي جديد لعمليات التنقيب والإنتاج، ويُتاح لهم الوصول إلى بوابة المطورين في منصة DELFI’s التي توفر مكتبة واجهة برمجة تطبيقات غنية وسهلة الاستخدام، بالإضافة إلى الكثير من الأدوات الأخرى المخصصة للمطورين.

يتعين على الشركات الراغبة باستقطاب المواهب البرمجية إعادة النظر بممارسات التعيين التي تنتهجها، وهو ما دفع شركة كيسايت تكنولوجيز لافتتاح مراكز جديدة لتصميم وتطوير البرمجيات على مقربة من مواقع المواهب المحتملة.

بناء قدرات محددة لطرح البرمجيات في الأسواق

يختلف بيع البرمجيات على نطاق واسع جذريًا عن بيع معظم المنتجات الأخرى. وعلى سبيل المثال، تبيع معظم الشركات غير البرمجية منتجاتها استنادًا إلى مبدأ التسعير على أساس التكلفة، مع التركيز على الهوامش الربحية. ولكن نظرًا لانخفاض تكاليف إنتاج البرمجيات (بعد تطويرها)، يجب أن يتم حساب أسعارها على أساس القيمة التي توفرها إلى العملاء.

وثمة اختلاف آخر بين بيع البرمجيات والمنتجات الأخرى يتمثل في أن بيع البرمجيات يتطلب تفاعلًا أعمق مع العملاء. إذ تتخذ الجهات البائعة جميع التدابير اللازمة للبيع، بدءًا من الإعلان عن الترقيات وتتبع طريقة استخدام العملاء للبرمجيات، ووصولًا إلى توفير خبراء التكنولوجيا الذين يقومون بتعليم العملاء حول كيفية استخدام البرمجيات.

وقد يكون من الصعب مطالبة مندوبي المبيعات الحاليين بزيادة مبيعات منتج مختلف تمامًا عن المنتجات التي اعتادوا بيعها. ورغم أن تطوير المهارات وإعادة التدريب وتقديم الحوافز توفر بمجموعها حلولًا مساعدة، إلا أن عمليات بيع البرمجيات هي عملية معقدة وتتطلب تركيزًا كبيرًا على النتائج والتأثيرات المختلفة. وأشار عدد من الرؤساء التنفيذيين إلى أنهم مضطرون لتعيين خبراء برمجيات من خارج شركاتهم بهدف دعم القدرات المتوافرة لديهم حاليًا.

وقامت شركة هيكساجون، على سبيل المثال، بتعيين خبراء مبيعات خارجيين للبرمجيات ليصبحوا قادة مبيعاتها الإقليمية، بينما عينت شركة روكويل أوتوميشن أحد خبراء البرمجيات لديها في منصب الرئيس التنفيذي لشؤون الإيرادات. ويوفر خبراء البرمجيات معارف واسعة حول كيفية استخدام البيانات وأنظمة القياس عن بُعد لفهم سلوكيات العملاء واحتياجاتهم بشكل أفضل. وعلى سبيل المثال، يستخدم هؤلاء الخبراء البرمجيات كأداة في عمليات المبيعات لإظهار قدرات برمجياتهم، ما يفضي إلى إجراء حوارات غنية أكثر عمقًا مع العملاء.

وإلى جانب استقطاب المواهب البرمجية، تقوم الشركات الرائدة عادةً بإنشاء فرق مبيعات برمجية مستقلة. وتعمل الشركات عالية الأداء على منح فرق عمل البرمجيات إمكانية استقطاب عملاء جدد من بين العملاء الحاليين لتلك الشركات. وبينما يشكل ذلك مصدر قلق لفرق المبيعات القائمة في بعض الحالات، تتوجه فرق مبيعات البرمجيات عادة لاستقطاب عملاء من المشترين المهتمين بالتكنولوجيا والذين يتمتعون بحضور قوي في مؤسساتهم.

وأحدثت شركة كيسايت تكنولوجيز نقلة نوعية في نموذج مبيعاتها من خلال تعيين أكثر من ألف مندوب مبيعات يتمتع الكثير منهم بخبرات واسعة في بيع البرمجيات. كما أعادت الشركة تصميم كامل فرق مبيعاتها، ودمجتها ضمن منهجيتها الخاصة بالدخول إلى السوق والتي ترتكز على ثلاثة نماذج تشمل: قيمة الحلول (التركيز على عرض قيمة الأجهزة والبرمجيات المتكاملة)، والقيمة المستمرة (اعتماد البرمجيات والاحتفاظ بالعملاء من خلال الاشتراكات وتعزيز نجاح العملاء)، وقيمة الصفقات التجارية (التجارة الإلكترونية والمبيعات الرقمية). وسعيًا منها لدعم هذا النموذج وتعزيز نمو الإيرادات الدائمة، قامت الشركة بتغيير مقاييس الأداء لديها لتركز على قيمة العقود السنوية، وأصبحت البرمجيات والخدمات فيها اليوم تمثل أكثر من ثلث إيراداتها.

استقطاب المواهب والحفاظ عليها من خلال التركيز على طبيعة المهام وبيئة العمل

بينما تشتد المنافسة على استقطاب المواهب التقنية المتميزة، يمكن للشركات تحقيق الأفضلية في تعيين أفضل المواهب من خلال اعتماد مهام أو طبيعة عمل جذابة تتيح للمطورين بناء المهارات البرمجية الأساسية. واستفادت شركة روكويل أوتوميشن، على سبيل المثال، من تركيزها على خدمات الأتمتة الصناعية لتصبح من أهم وجهات التوظيف بالنسبة للكثير من مهندسي الإلكترونيات وغيرهم من المواهب التقنية الشغوفين بمجالات إنترنت الأشياء وتقنيات التوأم الرقمي.

يتعين على الشركات الراغبة باستقطاب المواهب البرمجية إعادة النظر بممارسات التعيين التي تنتهجها، وهو ما دفع شركة كيسايت تكنولوجيز لافتتاح مراكز جديدة لتصميم وتطوير البرمجيات على مقربة من مواقع المواهب المحتملة، بما في ذلك معهد جورجيا للتكنولوجيا. ولعب هذا القرار دورًا محوريًا في مساعدة الشركة على زيادة عدد موظفيها بنسبة 50% خلال أعوام قليلة، وتحقيق نمو كبير في كوادرها المتخصصة بالبرمجيات.

ولكن غالبًا ما تُخفق الشركات بالحفاظ على نجاحها في جذب أفضل المواهب، نتيجة انخفاض سوية تجارب العمل التي توفرها لموظفيها، ما يؤدي إلى ظهور مشكلات كبيرة في الحفاظ عليهم. ويتطلع مهندسو البرمجيات المميزون، على سبيل المثال، للحصول على الاستقلالية وفرص النمو والقدرة على تطوير مهاراتهم. ويمثّل تحسين تجارب عمل المطورين أحد أهم الإجراءات التي ينبغي التركيز عليها. ووجدنا بأن يمكن المحافظة على المطورين ومهندسي البرمجيات وضمان تقديم أداء مهني متميز من خلال تزويدهم بتجارب عمل جيدة وتلبية احتياجاتهم. وتكتسب تجارب عمل المطورين أهمية كبيرة بالنسبة للرئيس التنفيذي في إحدى شركات التكنولوجيا، لدرجة أنه يستخدم لوحة تحكم لتتبع مستويات رضا المطورين. وقامت شركة كيسايت تكنولوجيز بتحسين تجارب المطورين لديها من خلال تنظيم دورات تدريبية وابتكار حلول فائقة التطور بالتعاون مع العملاء لتطوير قدرات المطورين.


تسعى أعداد متنامية من الشركات لأن تصبح شركات قائمة على البرمجيات بهدف مواكبة التغييرات الحاصلة واكتساب قدرات تنافسية في هذا العصر الرقمي. وعلى الرغم من صعوبة تحقيق هذا التحول، يمكن لقادة الأعمال حشد جهودهم، واتباع أنماط التفكير اللازمة لإحداث التحول المنشود، والالتزام بإجراء تغييرات كبيرة في مؤسساتهم. وتوفر المبادئ الستة الواردة في هذه المقالة الأساس الذي يحتاجه قادة الأعمال لإنجاز التحول الدائم نحو البرمجيات في شركاتهم.

Explore a career with us