الربع سنوية لماكنزي

الإجراءات التي يتخذها أفضل الرؤساء التنفيذيين في عام 2023

| مقالة

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر نرحب بتعليقاتكم على البريد الالكتروني التالي: reader_input@mckinsey.com

"يمكن لأي أحد قيادة السفينة عندما يكون البحر هادئًا".

بوبيلوس سيروس

أشار "ساتيا نادالا"، الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، في الكتاب الذي أصدره عام 2017 بعنوان "اضغط زر التحديث" إلى أن القائد المتمرس يمكنه "تحديد المؤشرات الحقيقية وسط الصخب والاضطرابات" والتصرف وفقًا لذلك. وبالانتقال إلى عام 2023، فإن فيض التوجهات والأفكار والمعلومات التي يواجهها قادة الأعمال اليوم تجعل معرفة الجوانب ذات الأهمية الحقيقية أكثر صعوبةً من أي وقت مضى.

واستنادًا إلى هذه المنهجية، أجرت ماكنزي نسختها الأحدث من استبيان تميّز الرئيس التنفيذي بهدف معرفة أولويات الرؤساء التنفيذيين، والتدابير التي يتخذونها لمعالجتها. وبدأنا بسؤال مجموعة من الرؤساء التنفيذيين ذوي الأداء الأفضل على مستوى العالم (يرجى مراجعة الشريط الجانبي "منهجية الاستبيان") حول التوجهات التي سيكون لها التأثير الأكبر على طريقة قيادتهم لشركاتهم في عام 2023 بالمقارنة مع العام الماضي. وتُبين إجاباتهم وجود ثلاثة "مؤشرات حقيقية" تحظى بأهمية أكبر وتشمل: الابتكارات الرقمية، والاقتصاد، والجوانب الجيوسياسية (الشكل).

Actions the best CEOs are taking in 2023

وبعدها، توجهنا بالسؤال إليهم حول الإجراءات المحددة والمفيدة التي يتخذونها تجاه هذه المؤشرات. وتوصلنا إلى وجود مجموعة منسجمة من الإجراءات الدفاعية (تجنّب المخاطر) والهجومية (اغتنام الفرص الجديدة)، والتي توفر دليلًا إرشاديًا للقادة في عام 2023، وتشكّل تفاصيلها محور نقاشنا في هذه المقالة.

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

1. التعامل مع الابتكارات الرقمية

يوجز أحد الرؤساء التنفيذيين بشكل جيد منهجية التفكير التي يتبعها الرؤساء التنفيذيون تجاه الابتكارات الرقمية من خلال تعليقه على الاستبيان، والذي جاء فيه: "يجب أن يكون الرئيس التنفيذي أيضًا بمثابة كبير خبراء هندسة التكنولوجيا. وينبغي أن يشارك الفريق التنفيذي بفاعلية في إعداد استراتيجية التكنولوجيا في الشركة، وألا يقتصر ذلك على الرئيس التنفيذي للشؤون الرقمية، نظرًا لأهمية هذه الناحية وخطورتها".

ويتم تطبيق هذه المنهجية التي تركز على الابتكارات الرقمية من خلال ثلاث طرق تشمل:

  • تطوير تحليلات متقدمة (62% من الرؤساء التنفيذيين 1): ساهم قيام شركة "أوبن إيه آي" بإطلاق "شات جي بي تي" في نهاية عام 2022 بإلهام الشركات الراغبة بالاستفادة من التحليلات المتقدمة للحصول على مزايا تنافسية. وتدرك شركات، مثل شركة "دياجو" المتخصصة بتصنيع المشروبات، فعليًا أهمية تطبيق تقنيات مثل التحليلات المتقدمة. لذا تستخدم الشركة بيانات الموقع الجغرافي لتوفير محتوى مخصص وموجه إلى المستهلكين، ما أفضى إلى تحقيق زيادة بنسبة 17% في العوائد الاستثمارية للإنفاق الإعلامي. بينما أتاح استخدام التحليلات التنبؤية لشركة "صن لايف" العملاقة، والمتخصصة بالخدمات المالية، إمكانية معالجة 60% من وثائق التأمين على الحياة دون الحاجة لإجراء تجارب مخبرية، فضلًا عن الارتقاء بسوية تجارب عملائها.
  • تعزيز الأمن السيبراني (48%): يعد "بنك جيه بي مورجان تشيس" أحد الأمثلة البارزة على أهمية تخصيص استثمارات ضخمة لمعالجة التغيرات المتعلقة بالأمن السيبراني، انطلاقًا من تحديث البنية التحتية وأدوات المطورين، ومرورًا بدمج ضوابط الأمن الرقمي ضمن الأعمال، ووصولًا إلى تدريب الموظفين على توخي الحذر تجاه هذه المخاطر. ويؤكد "جيمي ديمون"، الرئيس التنفيذي للبنك، على هذه التوجهات في رسالته الموجهة إلى المساهمين، والتي جاء فيها: "يترتب على التهديدات السيبرانية مخاطر كبيرة على شركتنا ودولتنا. ويتجلى ذلك في الزيادة الكبيرة للتكاليف المرتبطة ببرمجيات الفدية الخبيثة. وأصبح من الواضح للجميع، ولاسيما خلال الحرب الأوكرانية، أنه من الممكن إلحاق أضرار جسيمة إذا تم استخدام الشبكات الرقمية كأداة في الحرب".
  • أتمتة العمل (45%): في حديثه إلى مجموعة من المحللين، أوضح "جيمس جورمان"، الرئيس التنفيذي لبنك "مورجان ستانلي"، أهمية أتمتة العمل بالقول: "يشهد الإنفاق على التكنولوجيا ارتفاعًا ملحوظًا، وهو أمر جيد لأنها توفر حلولًا بديلة عن مهام العمل اليدوية، والتي ينبغي عدم تنفيذها بشكل يدوي". وعلى سبيل المثال، نجحت شركة "هيومانا"، المتخصصة بتقديم خدمات الرعاية الصحية، بخفض معدلات تسرب موظفي التمريض من خلال الاستفادة من التكنولوجيا لتقليص مهامهم الإدارية. بينما استخدمت شركة "وول مارت" تقنيات الأتمتة لخفض عدد الخطوات اللازمة لشحن المنتجات بنسبة 50% في بعض من مراكزها المتخصصة بتوزيع سلع التجارة الإلكترونية.

2. معالجة مخاطر التضخم والانكماش الاقتصادي

أشار أحد الرؤساء التنفيذين إلى مخاوفه حول انعدام اليقين الاقتصادي خلال إجابته على أسئلة الاستبيان بالقول: "ينبغي اتخاذ الإجراءات بشكل مبكر لخفض التكاليف وحماية الميزانية العمومية، بهدف تعزيز قدرات الشركة وزيادة مرونتها عندما يبدأ الاقتصاد بالانتعاش". وتدعم أبحاث ماكنزي هذه الرؤية، حيث تشير إلى أن الشركات التي تفوقت على نظيراتها خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008 نجحت بخفض تكاليفها التشغيلية بنسبة 1%، بينما شهدت هذه التكاليف ارتفاعًا لدى الشركات الأخرى بذات النسبة المئوية. كما خفّضت الشركات ذات الأداء العالي حجم ديونها بمقدار دولار أمريكي واحد عن كل دولار أمريكي من رأس المال المكتتب قبل الانكماش الاقتصادي.

  • خفض التكاليف التشغيلية (76%): ألغى قطاع التكنولوجيا فعليًا أكثر من 100 ألف وظيفة في عام 2023. ولكن "ماري بارا"، الرئيسة التنفيذية لشركة "جنرال موتورز"، اتبعت منهجية أكثر اعتدالًا تجاه تقليص القوة العاملة، حيث انصب تركيزها على إلغاء 500 وظيفة تنفيذية برواتب ثابتة، والتركيز بدلًا من ذلك على مجالات الإنفاق الأخرى غير المرتبطة بالموظفين. وتوجد مجموعة واسعة من أدوات خفض التكاليف التي يتبعها أفضل الرؤساء التنفيذيون، بما فيها عمليات التفاوض على تكاليف سلسلة التوريد، وتحسين إدارة الضرائب، وتأجيل الإنفاق الرأسمالي، وتشديد سياسات النفقات، وزيادة إنتاجية الموظفين. وخلال حديثه إلى المستثمرين، أشار "روبرت برادواي"، الرئيس التنفيذي لشركة "أمجين" إلى اعتقاده أن الاستعانة بمزيج من هذه الإجراءات سيفضي إلى بقاء النفقات التشغيلية لشركته خلال العام 2023 عند مستويات ثابتة، على الرغم من زيادة حجم المبيعات والضغوط التضخمية على التكاليف.
  • إعادة تصميم المنتجات والخدمات (61%): تسهم الاستعانة بمنظومة خفض التكاليف المشار إليها أعلاه في توفير الأموال، والتي يمكن للمسؤولين التنفيذيين استخدامها لتحسين المنتجات والخدمات لاستقطاب العملاء بشكل أفضل والاحتفاظ بهم. وعلى سبيل المثال، قام "ماساهيكو أوتاني"، الرئيس التنفيذي لشركة "شيسيدو" المتخصصة بمستحضرات التجميل، بإجراء "تحول من الوضع الدفاعي إلى الهجومي" عن طريق تنفيذ استثمارات استباقية للارتقاء بمستويات النمو. واتخذ "شانتانو ناراين"، الرئيس التنفيذي لشركة "أدوبي" المتخصصة بالبرمجيات، إجراءات مماثلة عبر السعي لمنح العملاء قيمة أكبر من خلال المنتجات الحالية للشركة.
  • إعادة تقييم الفرضيات الاستراتيجية والاقتصادية (54%): يحرص الرؤساء التنفيذيون على مراجعة استراتيجياتهم بشكل مستمر. وقال أحد المشاركين في الاستبيان: "يجب التحلي بالمرونة، إذ تكتسب سرعة الاستجابة والقدرة على التكيف أهمية كبيرة". ويبدي الكثير من الرؤساء التنفيذيين، بمن فيهم المهندس "سكوت سانتي"، الرئيس التنفيذي لشركة "إلينوي تول ووركس"، استجابة سريعة تجاه استراتيجياتهم الخاصة بالتسعير، والتي تمثلت بتعديل الأسعار حول العالم لتعويض الزيادات في التكاليف خلال أكبر دورة تضخمية نشهدها منذ 40 عامًا.

"ينبغي اتخاذ الإجراءات بشكل مبكر لخفض التكاليف وحماية الميزانية العمومية لتعزيز قدرات الشركة وزيادة مرونتها عندما يبدأ الاقتصاد بالانتعاش".

أحد المشاركين في استبيان تميّز الرئيس التنفيذي

3. التعامل مع تصاعد المخاطر الجيوسياسية

يلخص تعليق أحد الرؤساء التنفيذيين المشاركين في الاستبيان هذا التوجه بالقول: "تشهد العولمة تغيرات ملحوظة، ولكنها لا تتجه نحو التلاشي. وندخل اليوم مرحلة تتضمن تحولات جديدة تتمحور حول الصين وروسيا، وتلعب القارة الأفريقية فيها دورًا أكبر أيضًا. ولذلك نحتاج إلى خطة تشمل سيناريوهات متعددة ومنهجية عمل للتعامل مع جميع الحالات الطارئة".

  • بناء قدرات امتثال عالية الكفاءة (65%): تقوم الكثير من الشركات ببناء منظومات الامتثال التجاري الخاصة بها، وتحسين عملياتها الخاصة بتقييم فئات العملاء والشركات المختلفة. وبينما تحمل هذه القدرات طابعًا دفاعيًا بالنسبة للكثيرين، فإنها تشكل فرصة مهمة بالنسبة للآخرين. ويؤكد "روب فوبر"، الرئيس التنفيذي لشركة "موديز" المتخصصة بالتقييمات المتكاملة للمخاطر، هذا التوجه بالقول: "نشهد اليوم طلبًا كبيرًا على الأدوات التي لا تساعد على الامتثال للعقوبات فحسب، وإنما تسهم أيضًا في بناء فهم أفضل حول المخاطر المتعلقة بالجهات التي نتواصل ونعمل معها، ولذا فإننا نسعى لاكتساب المزيد من المعرفة حول تلك الأدوات".
  • تعزيز مرونة شبكات التوريد (62%): نجح الرؤساء التنفيذيون المتميزون بمعالجة نقاط الضعف في سلاسل التوريد الخاصة بهم، وهم يعملون حاليًا على مواصلة تحسين المرونة في هذا المجال. وتعليقًا على ذلك، قال "تيم كوك"، الرئيس التنفيذي لشركة "أبل": "نقوم بتصنيع منتجاتنا في مواقع كثيرة. ونورد المكونات من دول مختلفة حول العالم، ويتم تجميع مكوناتها النهائية من ثلاثة دول لهواتف آيفون فقط. ولا شك أننا سنواصل تحسين سلسلة التوريد هذه وتغييرها بمرور الوقت".
  • الاستثمار في قدرات المراقبة والاستجابة (56%): يدرك قادة الأعمال الناجحون أن امتلاك مؤشراتٍ للتحذير المبكّر والقدرة على التصرف بسرعة خلال الأزمات يمكن أن يحوّل التهديدات إلى فرص مهمة. وقد يترك الاستعداد الجيد تأثيرات إيجابية على المجتمع أيضًا. فقد قامت "إكوينور"، أكبر شركة للطاقة في النرويج، بزيادة حالة التأهب استنادًا إلى تقييماتها الخاصة بالتهديدات، وإلى أهمية إنتاج الطاقة من الجرف القاري النروجي بالنسبة لأمن الطاقة في أوروبا.

ما وراء التوجهات الثلاثة الأكثر أهمية

تم تصنيف التوجهات الثلاثة التي وردت أعلاه ضمن قائمة أهم "المؤشرات وسط الصخب والاضطرابات" من قبل أفضل الرؤساء التنفيذيين. ولكن ثمة مجموعة ثانية تضم ثلاثة توجهات، وتحظى بأهمية كبيرة لدى عدد من المسؤولين التنفيذيين وتتكون من: المواهب، وأساليب العمل، والتغير المناخي. وفيما يلي طريقة تعامل العديد من الرؤساء التنفيذيين الناجحين مع هذه المجالات:

  • المواهب: لا تزال سوق العمل تعاني من ندرة المواهب، ويعتقد المشاركون في الاستبيان بأن الوقت قد حان لإعادة التركيز على أداء الموظفين، بعد أن كان هذا التركيز منصبًّا لعدة أعوام على دعمهم، سواء خلال الجائحة العالمية أو غيرها من التحديات الأخرى. وعلى سبيل المثال، توجه "مارك زوكربيرغ"، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، إلى موظفيه بالقول أنه يتعين عليهم الاستعداد "لعمليات تصنيف الأداء المكثفة". ورغم أنها خطوة غير مريحة بالنسبة إلى بعض الموظفين، يعتقد الرؤساء التنفيذيون المتميزون بأنها ستحظى بترحيب كبير من جانب الموظفين الموهوبين.
  • أساليب العمل: تماشيًا مع موضوع المواهب، يتوقع الرؤساء التنفيذيون المتميزون من موظفيهم قضاء وقت أكبر في المكاتب أو مع العملاء في عام 2023. ويتمثل الأساس المنطقي لهذا التوجه في فائدته الكبيرة بالنسبة إلى الموظفين والعملاء على حد سواء، حيث يسهم في زيادة أنشطة التوجيه والإرشاد، وبناء المجتمع، وتحفيز الابتكار، وتوفير إحساس أكبر بالجدوى في مواقع العمل. وأعلنت الكثير من الشركات، بما في ذلك "جيه بي مورجان" و"ستاربكس" و"أبل"، صراحةً عن نيتها اعتماد هذا التوجه.
  • التغير المناخي: يحافظ الرؤساء التنفيذيون على التزامهم بالانتقال نحو تحقيق الحياد الكربوني. وعلى الرغم من ذلك، فإنهم لا يبدون اهتمامًا كبيرًا بالإجراءات الشكلية المتعلقة بتصنيفات المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة. ويظهر ذلك بوضوح في رسالة "لاري فينك"، الرئيس التنفيذي لشركة "بلاك روك"، إلى المساهمين في الشركة، والتي قال فيها: "نحن لا نركز على الاستدامة لأننا من دعاة حماية البيئة، وإنما لأننا ننتمي إلى المنظومة الرأسمالية ومؤتمنون على عملائنا". ويولي قادة الأعمال أهمية خاصة تجاه المجالات التي يمكن تحقيق الإيرادات منها عن طريق التركيز على الاستدامة. كما ساهم الغزو الروسي لأوكرانيا في ترسيخ فكرة مفادها أن التزام الشركات بالمسؤولية الاجتماعية يعني قدرتها على توفير منتجات تقليدية موثوقة ومعقولة التكلفة خلال الفترات الانتقالية.

قال الرئيس الأمريكي الأسبق "فرانكلين روزفلت": "البحر الهادئ لا يصنع ملاحًا ماهرًا". وشمل استبياننا الرؤساء التنفيذيين المتمرسين الذين يتمتعون بخبرات واسعة في توجيه مؤسساتهم خلال الظروف الصعبة. ونأمل من خلال مشاركة تصوراتهم حول تحديد المؤشرات الحقيقية في حالات الفوضى، والإجراءات التي يتخذوها استجابةً لها، أن نتمكن من مساعدة جميع القادة في اجتياز فترة التقلبات في عام 2023 وما بعده.

Explore a career with us