المستهلكون الرقميون في الشرق الأوسط: تنامي مستويات اعتماد الخدمات الرقمية وتزايد حجم الفرص فيها

تستثمر الشركات كل عام مليارات الدولارات على قنواتها الرقمية بهدف تحسين تجربة المتعاملين (وبالتالي إسعاد المستهلكين في نهاية المطاف). فإذا ما أرادت هذه المؤسسات ضمان أن يثمر هذا الإنفاق عن النتائج المرجوة، فهي بحاجة إلى فهم ما يريده المستهلكون فعلياً لأن هذه الخيارات المفضّلة يمكن أن تتغير وتتطور بسرعة. فمنذ بداية جائحة كوفيد –19، وفّرت القنوات الرقمية حبل نجاة للمستهلكين والشركات على حد سواء. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل سيعود المستهلكون إلى سلوكهم الذي ساد قبل الجائحة، أم أنهم سيتمسكون بهذه الطرق الرقمية، أم أنهم سيتبنون سلوكاً مختلفاً تماماً؟

يسلّط استبيان ماكنزي العالمي للمعنويات تجاه الخدمات الرقمية والذي شمل ثلاث أسواق في الشرق الأوسط هي مصر والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة الضوء على الاتجاهات والأنماط التي يجب على الشركات أخذها بالحسبان من أجل صياغة استراتيجية رابحة (راجعوا الفقرة المنشورة أدناه بعنوان "نبذة عن البحث"). وبطبيعة الحال، يمكن للخيارات المفضّلة لدى المستهلكين أن تتباين تبايناً هائلاً بين المناطق المختلفة، وبين الدول الواقعة ضمن منطقة واحدة، كما أنها قد تختلف من قطاع إلى آخر. يستعرض هذا الاستبيان النتائج المستخلصة التي يمكن أن تساعد في صياغة الاستراتيجية: هل تمتلك الدول كتلة حرجة من المستخدمين الرقميين ضمن القطاعات المختلفة؟ ما هي الطرق التي يفضّلونها للدخول إلى القنوات الرقمية؟ وعندما يدخلون إلى تلك القنوات، ما هو أكثر شيء يقدّرونه في تجربتهم الرقمية؟

يشير بحثنا إلى أن ثمة تزايداً في تبنّي القنوات الرقمية، وإلى أن الإنفاق سيتنامى في السنوات المقبلة. ويتزامن ذلك مع تزايد استعمال الذكاء الاصطناعي في عموم القطاعات المختلفة. فوفقاً لاستبيان عالمي جديد لماكنزي حول الذكاء الاصطناعي، تزايد حجم تبنّي الذكاء الاصطناعي بأكثر من الضعف منذ عام 2017 الأمر الذي يساعد المؤسسات على إعادة ابتكار نفسها بحّلة جديدة من خلال تسخير البيانات والتكنولوجيا التي تتسم بالدقة والقدرة على التنبؤ بالمستقبل لمصلحتها. وسيكون تصميم العروض المقدّمة من المنتجات والخدمات بحسب البلد والقطاع عنصراً حاسماً لتلبية احتياجات المستهلكين الرقميين، وتحقيق الاستفادة القصوى من جميع الخدمات المقدّمة رقمياً. كما أن لدى الشركات العاملة في سائر القطاعات فرصة لإعادة تخصيص نسبة أعلى من إنفاقها الإعلاني للقنوات الرقمية من أجل التفاعل مع مستهلكيها بطريقة أكثر نجاعة. ترسم الأشكال البيانية التسعة التالية صورة حيوية ونشطة حول الخيارات المفضلة للمستهلكين، وتعرض لأدلة تسمح للشركات بتحديد أين يجب أن تضع رهاناتها.

منذ بداية جائحة كوفيد – 19، وفّرت القنوات الرقمية حبل نجاة للمستهلكين والشركات على حد سواء.

1. الوصول إلى الخدمات الرقمية يتفاوت من دولة إلى أخرى

2. المستهلكون يتبنّون الخدمات الرقمية في مختلف القطاعات

3. تطبيقات الهواتف الذكية هي القناة الرقمية المفضلة للمستهلكين

4. تبنّي الخدمات الرقمية يترسّخ في مختلف القطاعات

5. تجربة المستخدم عنصر أساسي لزيادة نسب تبنّي الخدمات الرقمية

6. الثقة بالقنوات الرقمية لا تضمن الرضا

7. استعمال المستهلكين للقنوات الرقمية في تصاعد

8. الإنفاق على القنوات الرقمية من المتوقع أن يتنامى أيضاً

9. المستهلكون يتهيؤون لاستقبال التكنولوجيات الناشئة

يجب على الشركات التركيز على تبنّي الاستراتيجيات التي تعطي الأولوية للهاتف المحمول وتصميم المنتجات بطريقة تسمح لها بالاستفادة من تسارع تبنّي الخدمات الرقمية.

خلال الأشهر الستة الماضية، كانت درجة انتشار الخدمات الرقمية بين صفوف المستهلكين في الشرق الأوسط كافية لوضع المنطقة في مصاف أبرز الدول الأوروبية والأميركية الشمالية. ففي السعودية والإمارات، يستخدم المستهلكون القنوات الرقمية للتفاعل مع 4.5 قطاعات وسطياً تقريباً. وتبلغ النسبة الإجمالية لتبنّي الخدمات الرقمية – أي متوسط عدد المستخدمين في كل قطاع ممن تفاعلوا معه بواسطة قنوات رقمية أو عن بعد – 78%. ورغم أن مصر تحل وراء نظيرتيها الأخريين في المنطقة، إلا أنها تظل عند مستوى يضاهي ما نراه في الأسواق المتقدمة في أوروبا وأميركا الشمالية، فالمستهلكون المصريون يتفاعلون عبر القنوات الرقمية مع ما يقرب من 3.8 قطاعات وسطياً، بينما تبلغ نسبة تبنّي الخدمات الرقمية في أوساطهم بحدود 74%. وبما أن الشرق الأوسط يتمتع بواحدة من أعلى درجات التفاعل الرقمي للمستهلكين في العالم، فإن الشركات في المنطقة تتمتع بفرصة لخلق ميزة تنافسية لنفسها عبر تطوير أحدث المزايا والوظائف المصممة وفقاً لمتطلبات المستهلكين في الشرق الأوسط والتي يمكن تصديرها إلى أسواق أخرى في أرجاء العالم.

في الوقت ذاته، يجب على الشركات التي تعمل في قطاعات تقوم على قدر أكبر من التفاعل المباشر مع المستهلكين – مثل البقالة، والرعاية الصحية، وتجارة التجزئة – أن تواصل الاستثمار في تحسين تجربة المستخدم والمزايا من أجل زيادة مستوى التبنّي، وتحديداً في دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تعتبر متأخرة حالياً بالمقارنة مع المقاييس في المنطقة والعالم. كما يجب على الشركات أن تصبح أبرع في الإنفاق على التسويق الرقمي من أجل تعظيم العوائد على الاستثمارات. ويجب عليها أيضاً تجريب طرق مختلفة للتفاعل مع المستهلكين من أجل تحديد ما يرضيهم؛ وفهم أهمية إدارة القيمة بالنسبة للمتعاملين من أجل تحسين تسعيرها وطريقة تعبئتها للمنتج؛ والاستثمار في إضفاء طابع شديد الشخصية على المنتجات والخدمات وعلى نطاق واسع من أجل منح المستهلكين تجارب ممتعة.

ستكون الشركات القادرة على التعامل مع هذه الأولويات في الوقت ذاته في أفضل وضع يسمح لها بالحصول على حصة سوقية في هذه المنطقة الحيوية.

Explore a career with us