الشريكان المؤسسان لشركة "كريم" يتحدثان عن أهمية تحقيق غاية سامية عند بناء شركة مليارية

منذ اللحظة الأولى التي قرر فيها مدثّر شيخة وماغنوس أولسون افتتاح شركتهما الناشئة في الشرق الأوسط، كانا يعرفان أنهما يريدان بناء شيء "كبير وذي معنى" معاً. وبعد مرور عقد تقريباً على رحلتهما مع "كريم"، ها هما يحققان نجاحات عريضة تتجاوز كل التوقعات، وفي كلا الأمرين. فالشركة التي انطلقت أعمالها في دبي كتطبيق للنقل التشاركي في عام 2012 تطوّرت لتصبح منصة مكتملة الأركان، ولتتحول إلى "تطبيق فائق" يعمل في عموم المنطقة، ويوفّر فرصاً جديدة للتوظيف، ويساعد ملايين الناس على الحصول على خدماتها.

تقدّم "كريم" التي استحوذت "أوبر" عليها لقاء 3 مليارات دولار في 2020 لزبائنها في دبي الآن 11 خدمة، بما في ذلك النقل حسب الطلب، والتنقل بوسائل النقل الصغيرة، وتوصيل الطعام ومواد البقالة والدفع، إضافة إلى خدمات الشركاء مثل تنظيف المنازل واختبارات "بي سي آر" (الخاصة بفيروس كورونا المستجد). لم يطرأ أي تغيير على رسالة "كريم" المتمثلة في تحسين حياة الناس وتبسيطها وبناء مؤسسة كبيرة متميزة تُلهم الأشخاص. ويسعى مدثّر وماغنوس، من خلال "التطبيق الفائق" هذا، إلى بناء منصة تحقق قفزات نوعية وتحرق المراحل في المنطقة للمساعدة في الوصول إلى مستقبل رقمي، والمضي قُدُماً في تدعيم منظومة الشركات الناشئة وتقويتها، وتوفير طريقة أسهل بكثير تساعد الناس في الحصول على الخدمات التي تقود إلى حياة أفضل.

قبل بداية الجائحة بفترة وجيزة، وتحديداً في مطلع عام 2020، اجتمع مدثّر وماغنوس في دبي مع طارق المصري الشريك الرئيسي في ماكنزي. وفيما يلي نسخة محررة من هذا الحوار.

نشأة "كريم" وأصول غايتها

ماكنزي: كيف وُلِدت فكرة "كريم" لديكما؟

مدثّر شيخة: في الحقيقة، لم تكن هذه فكرتنا الأولى. فقد كانت الفكرة الأولى هي أننا يجب أن نذهب ونفعل شيئاً مختلفاً في حياتنا. لكن ماغنوس جاء إليّ وقال: "أريد بناء شيء كبير وذي معنى". فقلت له: "يبدو هذا الكلام رائعاً يا رجل! دعنا نحدد ما هو الشيء الذي بوسعنا فعله ويمكن أن يصبح كبيراً وذا معنى".

لذلك، بدأنا فعلياً نبحث عن أفكار. كان الاسم الحركي هو "المشروع بامبو" (Project Bamboo)، حيث وضعنا قائمة بجميع المشاكل التي واجهتنا في ذلك الوقت في الشرق الأوسط. كل مشكلة هي فرصة. وكلما كانت المشكلة أكبر، فهذا يعني أن الفرصة أكبر. وحسبما أذكر، في لحظة من اللحظات جئت إليك واجتمعت بك وقلت لك: "أريد أن اختلي بنفسي بعض الوقت للتفكير بالخطوة التالية التي يجب الإقدام عليها". وأنت طرحت عليّ السؤال التالي: "ما هو ذاك الشيء الذي تفكّر فيه الآن؟" وطرحت عليك بضع أفكار، ولا أتذكر ماذا كانت تلك الأفكار. كنتَ في غاية التهذيب والدبلوماسية عندما رددت على تلك الأفكار. ولكن عندما قلت لك: "وماذا عن النقل البري؟ هذه مشكلة كبيرة يجب حلّها". في تلك اللحظة تحديداً وُلِدت الفكرة برمّتها.

ماكنزي: من أين جاء اسم الشركة؟

ماغنوس أولسون: من الواضح أن الاسم يتضمن لعباً على الكلمات وبعدة لغات. اسم الشركة هو (Careem) ويتألف في شق منه من كلمة (Car) ويعني سيارة باللغة الإنجليزية، فنحن نعمل في قطاع السيارات. كما أن موقع (Careem.com) كان مجانياً وبالتالي فإن الاسم يضم جزءاً من كلمة (free) الإنجليزية التي تعني "مجاني"، وليس هناك الكثير من شركات الإنترنت المجانية التي يتألف اسمها من ستة أحرف أو ستة أرقام هذه الأيام. لكن الأهم من ذلك كله هو أن اسم الشركة يدل على "الكرم" باللغة العربية. فنحن أردنا أن نكون كريمين مع زبائننا وكباتننا (وهو الاسم الذي نطلقه على سائقينا) ومع زملائنا. ونحن نحافظ على هذه الخصلة منذ اليوم الأول.

ماكنزي: ما الذي كنتما تعرفانه عن النقل البري أو النقل التشاركي في البداية؟

ماغنوس أولسون: لم نكن نعرف شيئاً عن قطاع النقل. ولم نكن نعرف آليات العرض والطلب فيه، وما الذي يحصل في الصباح، وما الذي يحصل في المساء، وما هي الأشياء التي تهم الزبائن.

لم نكن نعرف شيئاً على الإطلاق. كان لدينا تصوّر معيّن من منظور الزبائن، بما أننا كنا نعمل كاستشاريين، وكان ذلك شيئاً مفيداً. لذلك كنا كلما بدأنا بالتعمّق في موضوع معيّن، ندرك أنه ينطوي على قدرة كامنة هائلة على ترك أثر في حياة الكباتن.

ماكنزي: هل كانت تلك هي اللحظة التي شعرت فيها أن "كريم" قد بدأت تعثر على معناها الخاص بها؟

ماغنوس أولسون: منذ اليوم الأول، كان هناك مفهوم سائد مفاده أن "كريم" قادرة على فعل شيء ذي مغزى. كانت هذه الفكرة حاضرة منذ اليوم الأول، حيث كان أول شيء فعلناه هو تدوين قيمنا، حتى قبل أن نكتب الخطة التجارية. وضعنا قيمنا وكتبنا غايتنا.

لكن الشيء الذي أحدث فرقاً حقيقياً في تلك الأيام الأولى هو أننا كنا مهتمين اهتماماً حقيقياً بكباتننا، وكنا نكنّ لهم احتراماً شديداً. لم يكن ذلك مجرد حيلة لكي نحقق هدفنا. بل كنا مهتمّين بهم منذ اللحظة التي أجرينا فيها مقابلات مع الدفعة الأولى من الكباتن في موقف للسيارات في منطقة "المدينة الدولية" (إنترناشيونال سيتي) في دبي. جاء إلى المقابلة 20 شخصاً وقابلناهم واحداً تلو الآخر. استغرقت كل مقابلة 45 دقيقة للحديث عن كيفية التوسع. كان هناك اختبار للغة الإنكليزية، واختبار للغة العربية، أجريتهما أنا.

كان هناك اختبار قيادة يقوم على السؤال عن 15 موقعاً مختلفاً تنطوي على تحديات لنرى ما إذا كان بوسعهم وصف طريقة الوصول إليها. لكننا أبدينا لهم كل الاحترام وهم بنو "كريم" معنا.

ماكنزي: كيف تطور هذا الأمر ونما ليعطي للشركة معنىً؟

ماغنوس أولسون: في السنوات الأخيرةً، أعتقد أننا بتنا ندرك أننا قادرون على تقريب "كريم" من الزملاء من خلال إيجاد بيئة تسمح لهذا الفريق الرائع من أصحاب المواهب والذي يعمل معنا في المنطقة بالتعلم والنمو، لأنك بحاجة إلى منصة للتعلم. وبالنسبة لنا، تحويل "كريم" إلى هذه المؤسسة المنصة هو أيضاً شيء يسهم في إضفاء معنى كبير عليها.

ثم حققنا النمو وأصبحنا هذه المؤسسة المنصة التي كنا نبتغيها برأيي. وقد توسّعت، وأدركنا أن بوسعنا أن يكون لدينا كل هؤلاء الكباتن المهمين وبوسعنا أن نترك هذا الأثر الكبير على الزبائن. وبوسعنا أن نترك هذا الأثر كله على المجتمعات التي نعمل فيها، بما في ذلك تقديم يد العون في أوقات الشدة المختلفة في المدن التي نعمل فيها.

مدثّر شيخة: لكنني أعتقد أن الشيء الأكبر والأكثر إرضاء لنا هو هذه القدرة على تأمين فرص عمل مفيدة للناس، ومنح الناس القدرة على تحقيق دخل عن طريق المنصة. وحتى الآن، أعتقد أن هناك ما بين 1.3 و1.4 مليون كابتن (سائق) مسجلين للعمل معنا. وهذا الرقم ينمو بمعدل 50 ألف كابتن شهرياً. وبحلول نهاية هذه المقابلة مثلاً، سنكون قد وفّرنا ما يقرب من 500 فرصة عمل إضافية.

تمكين المرأة ونمو "كريم"

ماكنزي: من الواضح أن دور السائقات (والزبونات) كان عنصراً أساسياً في نمو شركتكم، ولغايتها الأشمل. هل كانت لديكم فكرة في وقت مبكر بخصوص الأهمية التي سيحظى بها هذا الموضوع لاحقاً؟

مدثّر شيخة: نعم، لقد كان تمكين المرأة أحد الجوانب الأساسية بالنسبة لنا. ففي ذلك الوقت، سمعنا أن السعودية تضم أكثر من مليونين ونصف المليون امرأة يرغبن في العمل لكنهن كن خارج سوق العمل بسبب غياب وسائل النقل الموثوقة. وهذا الشيء لا يقتصر على السعودية فقط. فعلى الرغم من أن النساء قادرات على قيادة السيارة في مصر أو باكستان أو الأردن، إلا أنهن لم يكنّ يشعرن بالأمن والأمان أو بالقدرة على قيادة السيارة بحرّية. وبالتالي هناك الكثير من القدرات الكامنة غير المستغلة التي تستطيع حالياً تقديم إسهامات كبيرة ومفيدة للتنمية الاقتصادية في المجتمع.

ماكنزي: ما الذي تغيّر في الأشهر التي تلت السماح للنساء بقيادة السيارة؟

مدثّر شيخة: في غضون ساعة من الإعلان عن هذا الأمر، تعهّدنا للمجتمع أننا سنوجد عدة آلاف من الوظائف للكابتنات (السائقات) على منصتنا ضمن مهلة زمنية معيّنة. وأعلنّا عن هذا الأمر وقلنا حسناً سوف تكون لدينا شواغر متاحة للكباتن السعوديين على المنصة. كان وقتاً رائعاً. وقد احتفت الشركة بأسرها بهذه اللحظة.

بطبيعة الحال ساورَنا بعض القلق من احتمال حصول ردود أفعال اجتماعية سلبية. لكننا قلنا إننا سنُقدِم على الخطوة، وبدأنا على ما أظن في إحدى المدن الصغيرة التي لم تكن ذات مكانة مركزية كما هو حال الرياض. وبدأ يصبح لدينا "كابتنات" سعوديات. لم تكن أعدادهن ضخمة، لكن سرعان ما أصبح الأمر مقبولاً.

ماكنزي: هل فوجئتم بأي حال من الأحوال بسرعة انطلاق "كريم" في البلد؟

ماغنوس أولسون: إذا عدت إلى الفترة التي دخلنا فيها إلى السعودية للمرة الأولى، تجد أننا أدركنا بوضوح أن السعوديات سيكنّ من بين الزبائن المستهدفين، إضافة إلى انضمامهن للعمل معنا كزميلات أو بوصفهن يعملن لدى شركات تتعامل معنا. لكننا لم نكن واثقين تماماً مما إذا كانت المرأة السعودية سترتاح إلى الجلوس في سيارة مع رجل غريب.

حول الشركات الناشئة وريادة الأعمال في الشرق الأوسط

ماكنزي: بحسب خبرتكما، ما هي بعض التحديات المؤسسية الأساسية التي تشكّل عائقاً أمام تأسيس شركات ناشئة في المنطقة؟

مدثّر شيخة: تطوّرت الأمور كثيراً منذ أن انطلقنا في العمل. ففي ذلك الوقت، كانت حتى تكلفة إنشاء شركة باهظة للغاية. كان لدينا مئة ألف دولار في البداية، وبعد أن انتهينا من دفع قسط إيجار مكتبنا ووديعة قبول البطاقة الائتمانية وثمن الرخصة، أعتقد أن المبلغ كان قد تراجع إلى 60 أو 70 ألف دولار. لذلك لم يكن بين أيدينا مبلغ كبير لنعمل به.

أحد الأمور التي تخطر في بالي هو أن العثور على أصحاب المواهب هو عملية محفوفة بالتحديات. فنحن ليس لدينا العدد الكافي من أصحاب المواهب، على الأقل في مجال التكنولوجيا، ومجال ريادة الأعمال، وليس لدينا العدد الكافي من الجامعات التقنية القوية التي تخرّج طلاباً أقوياء قادرين على الانضمام إلى هذا النوع من الشركات. اضطررنا إلى البحث عن أصحاب مواهب من المنطقة ممن كانوا يعملون في أماكن مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وهذه العملية تستغرق وقتاً. أعتقد أن الناس عندما يستقرون يكونون في انتظار جوازات السفر أو بطاقات الإقامة الدائمة (الجرين كارد). وهم لديهم عائلات. ليس من السهل إنجاز هذه المهمة على نطاق واسع. لذلك فإن توفّر أصحاب المواهب المناسبين ما يزال يشكّل تحدياً، وتحديداً أصحاب المواهب المؤهلون في المجالات التقنية.

ماكنزي: هل ثمة مشاكل إقليمية أو تشريعية أو رقابية تواجهكم عندما تحاولون إنشاء شركة جديدة في هذا الجزء من العالم، وكيف بوسع المسؤولين المساعدة في التخفيف من وطأة هذه المشاكل؟

مدثّر شيخة: بعد مشكلة أصحاب المواهب، ثاني أكبر مشكلة هي أن هذه المنطقة تعاني من تشتت هائل. فإذا ما كنت تبني شركة تكنولوجية، فإنك بحاجة إلى الاستثمار في منصة تقنية قادرة على التوسع بحيث تصبح قادرة على إنجاز ملايين العمليات يومياً. هذه المهمة تكلفتها باهظة، ولا تُعتبرُ أي سوق من أسواق المنطقة كبيرة بما يكفي بحد ذاتها لتبرير هذا الحجم من الاستثمارات. لذلك تحتاج المنصة في حقيقة الأمر إلى أن تكون منصة إقليمية لتبرّر اتساع نطاقها، وتبرّر ذلك الاستثمار الضخم. وبالتالي فإن العمل على المستوى الإقليمي والتحول إلى منصة إقليمية ما يزال أمراً يواجه صعوبات هائلة، من أشياء أساسية مثل تسجيل كيان قانوني، وأحياناً العثور على شركاء محليين، إلى إنشاء المكاتب، والتمويل، والعثور على بوابات الدخول، وشركاء الدفع، والتعامل مع تشريعات مختلفة في الأسواق المختلفة. في نهاية المطاف يستهلك التوسع الكثير من الموارد والوقت. وهذا شيء أساسي.

لذلك، أتمنى أن أرى المزيد من التعاون والتقارب في المنطقة من أجل تسهيل عمل الشركات في المنطقة التي تضم سوقاً كبيرة فيها 600 مليون نسمة يعيشون فيها، وزيادة سلاسة مزاولة هذه الأنشطة. على الأقل كيف نعرّف السوق الواقعة بين المغرب وباكستان. فهي تضم 10% من سكان العالم. وليس هناك نقص في الفرص أو القدرة على التوسع. لكن ثمة مشاكل كثيرة بحاجة إلى حل، وثمة عوائق وحدود عديدة لا بد من التغلب عليها، واعتبارات جغرافية كثيرة يجب أخذها بالحسبان.

ماكنزي: ما هي النصيحة التي ترغب بتقديمها إلى روّاد الأعمال في المنطقة، أو حتى إلى روّاد الأعمال الأحدث سناً الذين يشبهونك عندما كنت في شبابك؟

ماغنوس أولسون: نصيحتي الأولى لهم هي أن يحددوا الهدف من عملهم، أي أن تكون لديهم ببساطة غاية واضحة. مهما كانت هذه الغاية، يجب أن تكون لديهم غاية لأنهم سيكونون قادرين وقتها على اجتذاب الناس للالتفاف حولهم في سبيل تحقيق تلك الغاية. عندما ينضم الموظفون إلى "كريم" ونهيئهم لعملهم الجديد، أقول لهم: "يمكن أن تكونوا موجودين هنا لثلاثة أسباب: المستوى الأول هو أنكم بحاجة إلى وظيفة". نحن جميعاً نحتاج إلى وظيفة. وليس عيباً أن يكون المرء بحاجة إلى عمل. ولكن إذا كان السبب الوحيد لوجودكم هنا هو حاجتكم إلى الوظيفة، فرجائي لكم هو أن تغادروا الشركة. أما إذا كنتم تريدون أن تتعلموا وتنموا، فإننا نستطيع أن نتحاور ساعتها لأن هذه الشركة هي صاروخ منطلق إلى الأعلى. سوف تتعلمون وتنمون. وبالمناسبة، نحن نريدكم أن تتعلموا وتنموا لكي يكون بوسع "كريم" أن تتعلم وتنمو. هذه علاقة مفيدة للطرفين وقائمة على التكافل. لكن ثمة مستوى ثالثاً، آمل أن نصل إليه، ألا وهو أنكم إذا كنتم تعرفون ما هي الأشياء التي تهمكم كأفراد، فإنكم تستطيعون تجسيدها من خلال وجودكم في "كريم"، ونحن لدينا مجموعة واسعة نسبياً من الأشخاص المتنوعين ونريد لغاياتنا معاً أن تسهم في تبسيط حياة الناس في المنطقة وتحسينها، وفي بناء مؤسسة متميزة مُلهمة للأشخاص.

إذا كان بوسعكم الاقتناع بهذا الكلام، فإن أموراً سحرية ستحصل بعدها.

ماكنزي: حسناً، ما هي النصيحة التالية؟

ماغنوس أولسون: الأمر الثاني له علاقة بالسرعة. فمنذ اليوم الأول الذي جلسنا فيه وقلنا: "حسناً، سوف نؤسس "كريم""، كان العنصر الأهم لتحقيق ذلك هو السرعة. ففي الأيام الأولى، كان لدينا موقع على الإنترنت يتيح حجز رحلة. كان شكل الموقع لطيفاً نسبياً للزبائن، وبعد الانتهاء من حجز الرحلة، كنا نتلقى رسالة إلكترونية. كانت تلك الرسالة الإلكترونية تذهب إلى هاتف يرن بصوت مرتفع جداً. كان الناس يحجزون الرحلات في منتصف الليل، لذلك كنا نتبادل الأدوار في الاحتفاظ بالجهاز ونحن نيام. ثم كان لدينا قائمة تضم اسم 20 كابتناً، وهم الأشخاص الذين قابلناهم في منطقة "المدينة الدولية" أو خارج مطار دبي، وكنا نتصل بهم واحداً تلو الآخر. "حفيظ، هل لديك وقت؟" حسناً، بعدها. "أعطني حجزاً من المكان الذي أنت فيه الآن. فيلا آلبيرتو في الشارع الخامس في جميرا". وكنّا دائماً نذهب إلى البيت الخاطئ.

في بعض الأحيان، يأتي إليّ بعض رواد الأعمال ويقولون: "أنظر إلى خطتي التجارية. أنا أعمل عليها منذ عام". ولسان حالي يقول: "كرمى لله ابدأ العمل فحسب! فأنت ليست لديك فكرة عما لا تعرفه. ابدأ وحسب وتعلّم بعدها". لذلك فإن السرعة هي عنصر حاسم.

النصيحة الأخيرة هي التعامل بمنتهى الشغف مع الزبون وإعطاؤه الأولوية القصوى.

ماكنزي: مدثّر، هل لديك نصيحة إضافية تجود بها؟

مدثّر شيخة: النصيحة الأولى هي ضرورة التركيز على المشاكل الكبيرة. ثمة أشياء عديدة تنتظر الحل في هذه المنطقة. وإذا كنت تعيش في دبي، فأنت وإلى حد ما تعيش في واحة أيضاً. الحياة الحقيقية هي ما يحصل في القاهرة، وكراتشي، والدار البيضاء. الحياة صعبة.

أنصح بالتأكيد بالاستلهام مما يحصل في بقية أنحاء العالم واستحضار الحلول المحتملة منه لهذه المشاكل. لكن لا يجب أن يكون المرء مهووساً بما يحصل في بقية أنحاء العالم وأن يقول: "أريد تطبيق هذا الشيء في الشرق الأوسط، وأريد إحضار هذا الشيء إلى هذا الجزء من العالم". بل يجب أن تفهم المشكلة وأن توفّر لها حلولاً مختلفة.

الآفاق التالية بالنسبة لـ "كريم" والمنطقة

ماكنزي: كيف تتخيّلون "كريم" بحلّتها الجديدة أو لنسمّها "كريم 2" مثلاً؟

مدثّر شيخة: نحن نسمّيها الفصل الثاني. فإذا ما نظرت إلى الغرض الحقيقي لشركة "كريم"، ولماذا نحن موجودون، ولماذا نفعل ما نفعله، تجد أنه مؤلف من شقين. الشق الأول هو تبسيط حياة الناس وتحسينها. أما الشق الثاني فيتعلق ببناء مؤسسة كبيرة متميزة تُلهم الأشخاص. وعندما نتعمّق في تأمل هذين الهدفين، ندرك أن ثمة أشياء كثيرة يجب إنجازها. ونحن بالكاد نبدأ الآن.

لنبدأ أولاً بموضوع تبسيط حياة الناس. هناك 600 مليون إنسان يعيشون في هذه المنطقة من المغرب إلى باكستان. ونحن نؤمن أن 150 مليون نسمة منهم على الأقل يمكن تخديمهم بطريقة من الطرق. لكنك إذا نظرت إلى الأرقام من الناحية الرياضية، تجد أننا حرفياً لا نخدّم إلا 1% من الناس يومياً. أما النسبة المتبقية منهم والبالغة 99% فهي لديها مشاكل نستطيع مساعدتها على حلّها، لكننا غير قادرين على الوصول إليها. مازلنا غير قادرين على توفير النقاط السعرية المناسبة لهم. مازلنا بعيدين المنال بالنسبة لهم نوعاً ما. وحتى بالنسبة للأشخاص الذين نساهم في تبسيط حياتهم، فإننا لا نبسّط حياتهم إلا بطريقة واحدة، وتحديداً النقل. لذلك فإن وجهة نظرنا هي أنه عندما يتعلق الأمر بالشق الأول لغايتنا، أي تبسيط حياة الناس، فإننا مازلنا في مرحلة مبكرة للغاية سواء من حيث عدد الناس الذين نمد يد العون لهم أو من حيث الطريقة التي نساعدهم بها. في الفصل الثاني، وكذلك في الفصل الثالث والرابع والخامس الذين سيأتون لاحقاً، يجب على "كريم" أن تتحول إلى منصة تساعد المنطقة على تحقيق قفزة كبيرة إلى الأمام نحو المستقبل الرقمي، وتعطي الناس في هذه المنطقة طريقة أبسط وأسهل وأكثر كفاءة وموثوقية للحصول على الخدمات التي يحتاجونها لعيش حياتهم على نحو أفضل.

ثم لدينا الشق الثاني المتمثل في بناء مؤسسة متميزة تُلهِم الأشخاص. أود القول هنا إن التوسع والنمو ليسا بالمهمة السهلة. وكما تعلم، فإن الطريقة التي ننظر بها إلى هذا الأمر الآن هي أننا ربما قد بنينا خدمة، أو ربما نكون قد بنينا شركة. لكننا الآن بحاجة إلى بناء مؤسسة. نريد أن نبني هيكلاً قادراً فعلياً على البقاء لعقود وقرون قادمة. وثمة عمل كثير لا بد من إنجازه في هذا الصدد.

ماغنوس أولسون: التوسع الذي شهدناه هو نعمة بنظرنا. وثمة الكثير من الفرص والمسؤوليات المترتبة عليه أيضاً.

عندما أطلقنا مبادرة تركّز على اللاجئين، دخلنا في شراكة مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. لدينا شعور أن هذه هي واحدة من كبريات مشاكل المنطقة ولن يتمكن أحد من معالجة هذه المشكلة إلا المنطقة نفسها. وكما تعلمون فإننا موجودون في المنطقة، لذلك يجب أن نبحث عن السبل التي تسمح لنا بالمساعدة. أحد الأشياء التي فعلناها مؤخراً هو إضافة خيار بسيط لبرنامج الولاء الذي أطلقناه، حيث بات بإمكانك التبرع من حسابك باستعمال نقاطك.

ماكنزي: ما هي أكثر الأفكار أو الاتجاهات التي تثير اهتمامك في المنطقة في مجال نشاط رواد الأعمال؟

ماغنوس أولسون: ثمة مجال كبير لتقديم الكثير من الخدمات في المنطقة وهناك كتلة سكانية هائلة مؤلفة من 600 مليون إنسان. فالناس بعمر الشباب، وهذا يعني أنهم يستطيعون التكيف مع الأشياء الجديدة بسرعة، والناس متّصلون بقوة عبر الإنترنت. لذلك، إذا كانت لديك خدمة عظيمة وقدّمتها هناك، فإن الناس سوف يتلقفونها بسرعة. وبالتالي، أعتقد أنك إذا حللت مشكلة حقيقية وكنت شغوفاً بالتعامل معها، فإنك قادر على تحويل هذا الجهد إلى عمل تجاري أو شركة. ثمة طلب على الخدمات العظيمة. وساعتها يصبح السؤال المطروح هو: "حسناً، ما هو المدى الذي يمكن أن يصل إليه هذا الطلب؟"

مدثّر شيخة: تأكدوا من تحصيل أكبر قدر ممكن من العلم وقيادة هذه المنطقة إلى الأمام. وإذا ركزتم على التعلم والأثر فحسب، فإن الأشياء الأخرى ستأتي لاحقاً بكل تأكيد.

Explore a career with us