الربع سنوية لماكنزي

خمس مهام يمكن للرؤساء التنفيذيين فقط إنجازها لتطوير الشركات الجديدة

| مقالة

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر. نرحب بتعليقاتكم على البريد الإلكتروني التالي reader_input@mckinsey.com

يواجه الرؤساء التنفيذيون في الفترة الحالية تحديات هي الأصعب منذ فترة طويلة. فقد أدت حالة انعدام اليقين العالمية، والاضطرابات الناجمة عن التطورات التقنية المتلاحقة، ومجموعة المخاطر المتنامية في القطاعات المختلفة، إلى تفاقم الضغوط على عمليات إدارة الشركات والمشاريع.

للمزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

وتعكس هذه الضغوط أهمية وجود نماذج جديدة من المشاريع. إذ ينظر أكثر من نصف الرؤساء التنفيذيين وقادة الشركات إلى بناء المشاريع الجديدة كواحدة من أهم ثلاث أولويات بالنسبة إليهم، ويعتقد 21% منهم بأنها تأتي في المرتبة الأولى على قائمة أولوياتهم. وتشير توقعات القادة إلى أن 50% من إجمالي الإيرادات ستنتج عن المنتجات والخدمات والمشاريع الجديدة خلال الأعوام الخمسة القادمة. وفي الوقت الذي يركز فيه القادة على التحديات المتنامية التي تحملها الآفاق الاقتصادية، يشكل بناء المشاريع والشركات الجديدة ركيزة أساسية لتعزيز مرونة الشركات. وتمكنت المؤسسات التي تعتمد استراتيجية نموها على تطوير المشاريع والشركات الجديدة من تحقيق مرونة أكبر خلال أزمة كوفيد-19، حيث سجلت انخفاضًا أقل أو زيادةً أكبر في معدلات نموها بالمقارنة مع نظرائها.

من الضروري أن يتبع الرؤساء التنفيذيون منهجية نشطة وفاعلة لتطوير المشاريع الجديدة، حيث يُشكل التزامهم بهذه المنهجية شرطًا أساسيًا لا غنى عنه.

ونظرًا لتنوّع أولويات الشركات، يتوجب على الرؤساء التنفيذيين إدراك جميع الجوانب التي تميز دورهم الوظيفي وتتيح لهم إحداث تأثير إيجابي أكبر على عملية تطوير المشاريع الجديدة (انظر العمود الجانبي "مميزات وسلوكيات الرئيس التنفيذي التي تدعم تطوير مشاريع جديدة"). وتتمثل إحدى أهم وظائف الرئيس التنفيذي في إسناد المهام إلى فرق العمل المختلفة وتمكين القادة في مختلف أقسام الشركة. وتشير أبحاثنا وخبراتنا الواسعة في تطوير أكثر من 300 شركة جديدة، إلى أن جهود الرؤساء التنفيذين تسهم في تحقيق تأثيرات إيجابية واسعة، بدءًا من تعزيز الطموحات بشكل مستمر، ومرورًا ببناء وتوفير دعم منهجي للأعمال والمشاريع الجديدة، ووصولًا إلى معالجة الضغوطات والمعوقات التنظيمية الاعتيادية.

وبعد إجراء أبحاثٍ معمقة حول هذه الأنشطة، توصلنا إلى وجود خمس مهام تقتصر إمكانية تنفيذها على الرؤساء التنفيذيين بالاعتماد على تركيزهم الاستراتيجي الشامل وصلاحياتهم الخاصة باتخاذ القرار. ويمكن للرؤساء التنفيذيين اعتماد هذه الإجراءات ضمن أطر استراتيجية واضحة لضمان نجاحهم في تطوير أعمال ومشاريع جديدة.

1. الارتقاء بالطموحات: السعي لإطلاق شركات كبرى

يتعين على الشركات الارتقاء بمستويات طموحاتها حتى تكون أعمالها ومنتجاتها وخدماتها الجديدة قادرة على توفير نسبة 50% من العائدات الجديدة.

ولكن غالبًا ما تخفق الشركات الجديدة في توفير القيمة المضافة التي يمكنها تحقيق النقلة النوعية المنشودة، حيث أشار بحثنا إلى أن أربعة من كل خمسة شركات جديدة تحقق عائدات تقل عن 50 مليون دولار أمريكي. ويلعب الرئيس التنفيذي هنا دورًا مهمًا وصعبًا لضمان أن الشركات الجديدة تستحق الوقت والموارد المخصصة لها. ويُعد تركيز الرئيس التنفيذي على القيمة أمرًا بالغ الأهمية لتجنّب تشتيت تركيز الشركة الأم على الأفكار الجديدة التي قد تبدو جيدة للوهلة الأولى، ولكنها لا توفر الإمكانيات اللازمة لتحقيق النجاح في السوق وإحداث النقلة النوعية المطلوبة.

يشكّل تحديد توقعات واضحة وأهداف طموحة وأهداف محددة، الخطوة الأولى لتوجيه اهتمام الشركة بالكامل نحو تحقيق هذا المستوى المرتفع من القيمة. وعلى سبيل المثال، أبدى الرئيس التنفيذي في إحدى شركات التأمين رغبته بزيادة حجم الشركة المخصصة لخدمات الأفراد بمقدار أربع مرات خلال خمسة أعوام فقط، وذلك من خلال تطوير عروض رقمية جديدة تركز على العملاء بالدرجة الأولى. وتضمنت هذه الخطة منذ بدايتها أهدافًا واضحة وإنجازات ملموسة وطموحة، مثل طرح منتج قابل للتطبيق بالحد الأدنى خلال خمسة أشهر، وإطلاق العروض في دولتين إضافيتين خلال عام واحد، إضافة إلى تحديد مؤشرات الأداء الرئيسية للعمليات التشغيلية، مثل زيادة عدد زيارات الموقع الإلكتروني إلى مليون زيارة خلال الأشهر التسعة الأولى.

ويقدم باتريك هيلتون، مثالًا آخر على هذه المنهجية. فقد أشرف هيلتون على إطلاق شركة "لينك" التابعة للبنك والمختصة بالدفعات الإلكترونية، وحدد لها أهدافًا واضحة تتمثل في الاستحواذ على حصة تتراوح بين 35-40% ضمن شريحة الأفراد الذين لا يمتلكون حسابات مصرفية. وأوضح "هيلتون" هذه الفكرة بالقول: "أملك طموحات كبيرة أود إنجازها في شركة (لينك)، إذ أسعى للوصول بها لمنافسة الشركة الأم، بل والتفوق عليها". وتنسجم هذه العقلية مع طريقة تفكير الرؤساء التنفيذيين الناجحين الذين يمتازون بمستويات استثنائية من الجرأة في تحقيق طموحاتهم.

وتحمل الطموحات الجريئة أهمية خاصة عند وجود توجهات واضحة حول تطوير الشركات الجديدة وتحقيق القيمة المنشودة منها، وقد ينقصها موافقة أو إجماع بعض أقسام الشركة على تعزيز القوى العاملة أو بناء الأصول التقنية اللازمة لاغتنام الفرصة المتاحة. ويمكن للشركات أن تفقد زخمها أو أفضليتها إذا لم يتدخل الرئيس التنفيذي في هذه المرحلة لتسهيل التواصل بين الأقسام المختلفة، من خلال اتخاذ القرارات اللازمة، أو بناء الدعم، أو توجيه الجهود لتحقيق الأهداف وفق مواعيد محددة. وأثبتت تجارب التحول المؤسسي، وغيرها من الأنشطة ذات الصلة، أن إحدى أهم جوانب الدور الوظيفي للرئيس التنفيذي تتمثل في مساعدة المؤسسات على تجنب هذه المشاكل المتعلقة بالعمل الجماعي.

لا شك أن النجاح لن يكون حليف جميع الشركات الجديدة. لذا يجب على الرؤساء التنفيذيين عدم المبالغة في التركيز على مشروع واحد، وإنما توجيه جهودهم نحو الجوانب التي توفر القيمة الحقيقية؛ أي تطوير الإمكانات لبناء سلسلة من الشركات الجديدة. ويتمتع الرؤساء التنفيذيون الذين يمتلكون هذه الإمكانات بالقدرة على تحقيق عائدات أكبر عن كل مشروع جديد بنسبة 40% بالمقارنة مع نظرائهم الذين يقومون بتطوير الشركات الجديدة للمرة الأولى. لذا يتعين على الرؤساء التنفيذيين تركيز جهودهم على إدارة محفظة من الشركات الجديدة (مثل إعادة تحديد الاستراتيجيات وإعادة تخصيص الموارد)، وتعزيز القدرات المؤسسية ذات الصلة بتطوير الشركات الجديدة.

2. حماية الشركات الجديدة من أنماط العمل الاعتيادية

تبين تحليلاتنا أن حماية التمويلات المخصصة للشركات الجديدة يعد من أهم الخطوات التي يمكن للرئيس التنفيذي اتخاذها. ويجب على الرئيس التنفيذي توفير تمويلات كافية للشركات الجديدة، ثم حماية تلك التمويلات من محاولات أقسام الشركة الأم الهادفة إلى استعادتها عند ظهور مشكلات جديدة.

ويبين التطبيق العملي لهذه الفكرة بأن الحصول على وعود استثمارية غالبًا ما يكون أسهل من الحصول على الاستثمارات بحد ذاتها وتوزيعها، لأن عمليات التمويل تتبع عادةً آليات تقليدية لا تتسم بالمرونة تقوم على حساب الربح والخسارة، وترتكز على دورات الميزانيات السنوية. وينجم عن ذلك عدم توافر التمويلات عند الحاجة إليها، أو اقتطاع التمويلات من مبادرات أخرى، مما يؤدي إلى ظهور الكثير من المشكلات في الشركة القائمة. ولكي يتمكن الرئيس التنفيذي من تحقيق الاستقلال المالي للشركات الجديدة، يتعين عليه إنشاء مصادر مخصصة للتمويلات وحمايتها، بالإضافة إلى اتباع منهجية مرنة في إدارة الميزانية ترتكز على أسلوب عمل متعدد المراحل، مشابه لآليات رأس المال الاستثماري، حيث يتم توزيع التمويلات على شرائح وإصدارها عند وصول الشركات الجديدة إلى مراحل محددة.

يتوجب على الرئيس التنفيذي أيضًا تمديد فترة هذه الإجراءات الوقائية للحفاظ على الاستقلال المالي للشركات الجديدة. وقد يشكل استخدام الأدوات والعمليات الجاهزة في مجالات تكنولوجيا المعلومات والموارد البشرية والتسويق خيارًا جذّابًا للوهلة الأولى، إلا أن التجارب أوضحت أن القيود البيروقراطية المرتبطة بهذه المنهجية تؤدي إلى تجاوز التكاليف المحددة وحدوث تأخيرات كبيرة في التنفيذ.

ويمكن أن يؤدي الاعتماد على إجراءات وبروتوكولات العمل المعتادة إلى نشوء مخاطر كبيرة عند اعتمادها في الشركات الجديدة، ويتطلب اتخاذ إجراءات فاعلة من الرئيس التنفيذي. لذا فإن الشركات الجديدة تحتاج إلى آليات تمويل جديدة، فضلًا عن تحديد توقعات لا ترتبط بالدورة ربع السنوية للأرباح والخسائر في الشركة الأم. ونتيجةً لتباين عوامل النجاح، ينبغي زيادة وضوح مؤشرات الأداء الرئيسية الهامة بالنسبة للشركات الجديدة، مثل نمو الإيرادات، وتحقيق الأهداف المحددة، والارتقاء بسوية تجارب العملاء، كما ينبغي مواءمة التوجهات القيادية مع هذه المؤشرات. وتكون هيكلية الأجور وعمليات التوظيف القائمة أقل ملائمة عادةً لاستقطاب المواهب نحو الشركات الجديدة، وغالبًا ما يصعب تغيير آليات العمل هذه لأنها تتطلب تعاونًا وثيقًا بين الرئيس التنفيذي ورئيس قسم الموارد البشرية.

ويوفر أحد البنوك الإقليمية الكبرى مثالًا على ذلك، حيث اعتمد البنك آلية تستغرق وقتًا طويلًا لانضمام الجهات البائعة الجديدة نتيجة الإجراءات المتعلقة بتقييم المخاطر. لذا تواصل مع رئيس قسم المشتريات للتأكد من وجود موظف جاهز لدعم نموذج العمل الجديد، مع الحرص في الوقت ذاته على إنجاز عمليات التحقق المطلوبة. وقاد ذلك إلى تخفيض مدة انضمام الباعة الجدد من ثلاثة أشهر ونصف إلى ثلاثة أسابيع ونصف.

يتعين على الرئيس التنفيذي تطبيق إجراءات واضحة للحوكمة للتأكد من قابلية تطبيق هذا النموذج التشغيلي وفعاليته. ويمكن تحقيق النتائج الأفضل من خلال الفصل بين الشركة الجديدة والشركة الأم (باستثناء الجوانب المتعلقة بالتوجهات الاستراتيجية). وانطلاقًا من ذلك، يجب أن يعمل الرئيس التنفيذي على تطوير نموذج حوكمة يتضمن الإشراف عن كثب على دعم الشركة الجديدة، وتوفير صلاحيات واضحة تتيح لقادتها إمكانية اتخاذ القرارات (والتي غالبًا ما تكون من خلال مجالس مختصة)، وإنشاء آلية تضمن تقديم التمويل على أساس تحقيق مؤشرات الأداء الرئيسية المحددة.

3. تحديد المرشحين القادمين لمنصب الرئيس التنفيذي والاعتماد على المجموعة المطلوبة من المواهب

يعتمد نجاح الشركات الجديدة على تحقيق التوازن الصحيح بين استقلالية الشركة الناشئة ومزايا الشركة الأم، حيث يمكن للرئيس التنفيذي لعب دور محوري في تحقيق هذا التوازن بدءًا من تعيين قيادة هذه الشركة الجديدة. ولا تقتصر مزايا المرشح لقيادة الشركة الجديدة على ريادة الأعمال والقدرات التشغيلية المتميزة، وإنما ينبغي أن يتمتع أيضًا بالقدرة على التأثير ومهارات التعاون التي تتيح له العمل بكفاءة مع القيادات الوظيفية المختلفة في الشركة الأم بهدف الوصول إلى المواهب والأصول اللازمة، أو ملاءمة الاستراتيجيات مع تطلعات مجلس الإدارة.

وعلى سبيل المثال، طلب "أويفيد إريكسن"، المدير والرئيس التنفيذي لشركة أكير أيه إس أيه المتخصصة بمجال الطاقة، والتي تتخذ من النرويج مقرًا لها، من الرئيس التنفيذي للشركة الجديدة التابعة بأن يقضي وقت طويل في تعلّم المزيد حول أكير وإمكانياتها بمجرد تعيينه، انطلاقًا من إدراك "أويفيد" بمدى أهمية العمل مع الشركة الأم.

من الضروري أيضًا البحث عن شخصية قيادية ذات حضور مؤثر. وأشار أحد قادة الأعمال إلى أن الشخص ال مناسب لقيادة الشركة الجديدة يجب أن يكون قادرًا على قيادة الشركة الأم ككل في المستقبل. وقام الرئيس التنفيذي لإحدى مؤسسات خدمات المستهلكين بتعيين اثنين من أفضل الموظفين لديه لقيادة شركة جديدة تابعة للمؤسسة، وذلك بالاعتماد على منهجية تقوم على المساواة بين القادة في الشركات الجديدة والشركة الأم. وأكدت هذه الخطوة أهمية الشركة الجديدة بالنسبة للموظفين، وضمنت أن قادة الشركة الجديدة لديهم القدرات اللازمة للتعاون مع المسؤولين التنفيذين في الشركة الأم.

وتسهم العلاقات القوية بين الشركة الجديدة والشركة الأم في تزويد الشركة الجديدة بمزيج من الموظفين الجدد والخبراء أصحاب الأداء المتميز القادمين من الشركة الأم. يمكن الوصول إلى المزيج المثالي من المواهب الداخلية والخارجية بطرق متعددة، ويتطلب مشاركة فاعلة من الرئيس التنفيذي لفهم المعوقات وتجاوزها عند اللزوم، مثل إقناع قادة الأقسام بتعيين أفضل موظفيهم للعمل في الشركة الجديدة، أو التعاون مع الرئيس التنفيذي لشؤون الموارد البشرية لوضع سياسات مبسطة لعمليات المناوبة والتنقلات الوظيفية.

ويجب على الرؤساء التنفيذيين ضمان اعتماد منهجية توظيف مدروسة وتركّز على التوسع. وبيّن بحثنا أن الشركات الجديدة التي أجرت عمليتي استحواذ في بدايات مرحلة التوسع كانت أكثر نجاحًا بتجاوز التوقعات بنسبة 25% بالمقارنة مع الشركات التي لم تقم بأية عملية استحواذ، أو تلك التي قامت بثلاث عمليات استحواذ أو أكثر.

4. منح القيادات في الشركة الأم حصة من نجاح الشركة الجديدة

تمثّل الاختلافات بين الشركات الجديدة والشركة الأم أمرًا لا مفر منه. وعلى سبيل المثال، يمكن لاحتياجات الشركة الجديدة أن تبدو صغيرة بالنسبة لقدرات قسم تكنولوجيا المعلومات والذي يتولى تنفيذ مشاريع ضخمة في الشركة الأم، ولذلك فقد لا يقدم الرئيس التنفيذي لشؤون المعلومات التعاون اللازم لمواكبة احتياجات الشركة الجديدة. كما يمكن للشركة الجديدة أن تنجح بتحقيق نموٍ قوي وأن تعمل على مستويات مختلفة، وهو ما قد يدفع الموظفين في الشركة الأم إلى اعتبار الشركة الجديدة بمثابة تهديد لهم، ما يؤدي إلى تحقيق نتائج عكسية وخسارة في القيمة.

ويجب على الرئيس التنفيذي في هذه الحالات أن يكون مستعدًا للتعاون بشكل شخصي مع قادة الأقسام أو الشركات لمعالجة هذه القضايا. وفي هذا الإطار، أشار أحد الرؤساء التنفيذيين إلى استعداده للاجتماع مع رؤساء وحدات الأعمال غير الداعمين للشركة الجديدة، بهدف تزويدهم بتوضيحات مفصلة حول الدور الذي لعبته تلك الشركة في تحسين النتائج المتعلقة بأرباح وخسائر وحدته. ومن الضروري إرساء توقعات واتفاقيات واضحة، مع تعيين مواعيد نهائية ومعايير محددة، بغرض توفير نقاط مرجعية موضوعية يمكن للرئيس التنفيذي الاستعانة بها للتأثير بشكل مناسب على أصحاب المناصب القيادية في الشركة الأم، ودفعهم إلى مواصلة تنفيذ التزاماتهم المتعلقة بالشركة الجديدة.

ويجب على الرئيس التنفيذي إرساء نموذج حوكمة يتضمن بشكل مباشر تقديم حوافز إلى أصحاب المناصب القيادية في الشركة الأم، كجزء من جهود حل تلك المشكلات التنظيمية. ويمكن تحقيق الهدف من خلال تحديد كبار الموظفين المختصين بالأصول أو الآليات اللازمة، مثل أقسام البيانات وأقسام الملكية الفكرية، ومنحهم أدوارًا قيادية في الشركة الجديدة، بما يشمل منح عضوية في مجلس إدارة يساعد في توجيه الشركة الجديدة، أو في عضوية فرق العمل للمساعدة في مواكبة احتياجات محددة للشركة الجديدة. ويتحمل هؤلاء المسؤولين التنفيذيين، استنادًا إلى هذه الأدوار الوظيفية، مسؤولية نجاح الشركة الجديدة. كما تم تحقيق نتائج فعالة في كثير من الحالات من خلال عملية ربط التعويضات والمزايا مع مؤشرات الأداء الرئيسية المحددة للشركة الجديدة.

ويتعين على الرؤساء التنفيذين عند تقديم هذه الحوافز ضمان تحقيق التوازن الدقيق بين مشاركة أصحاب المناصب القيادية في الشركة الأم، وبين حماية استقلالية الشركة الجديدة، الأمر الذي يستوجب الحد من قدرة القيادات في الشركة الأم على المماطلة في تنفيذ العمليات، من خلال تقليص صلاحياتهم المتعلقة بمنح الموافقات، وإبقاء هيكليات إعداد التقارير الحالية بعيدة عن سيطرتهم.

5. التواصل وبذل جهود إضافية

يدرك المسؤولون التنفيذيون أهمية التواصل، وهي مهارة يعتمد عليها نجاحهم بشكل كبير. ولكن غالبًا ما يقلل الرؤساء التنفيذيون من أهمية التواصل المنهجي والمستمر في دعم الشركات الجديدة، ومدى تأثيره على النتائج المنشودة منها. ويمكن للرئيس التنفيذي، على سبيل المثال، المساعدة في دعم الشركات الجديدة من خلال اعتماد أنشطة تواصل توضّح بأن هذه الشركة تمثل جزءًا من مسيرة تحوّل المؤسسة الأم إلى هيئة مدعومة بالتقنيات الرقمية أو البرمجيات أو التكنولوجيا.

ويعتمد نجاح أنشطة التواصل على اتباع أساليب ممنهجة في تخصيص الرسائل الموجهة إلى الجمهور. وعلى سبيل المثال، يسهم التركيز على دور الشركة الجديدة في تعزيز النمو وبناء المهارات لدى الشركة الأم في إقناع الموظفين غير الداعمين للشركة الجديدة بمدى أهميتها. وعندما يتحدث الرئيس التنفيذي مع أعضاء مجلس الإدارة المشككين بنجاح الشركة الجديدة، يتعين عليه تسليط الضوء على فرص النمو والمعوقات المحتملة بناءً على آليات عمل السوق.

ويعتمد باتريك هيلتون منهجية "مصادر المعنى" ضمن أنشطة التواصل بهدف حشد الدعم لشركة لينك، حيث تقوم على تحديد الجهات المعنية، والسبل الكفيلة بمواءمة أنشطة الشركة الجديدة مع اهتماماتهم. وتعليقًا على هذا الموضوع، قال هيلتون: "أوضحتُ للجهات التنظيمية، على سبيل المثال، أن شركتنا الجديدة المتخصصة بالمدفوعات الرقمية ستكون أكثر شمولية من خلال وصولها إلى عدد أكبر من الأفراد الذين ينحدرون من خلفيات اجتماعية مختلفة، ما يسهم في تقليص مخاطر تعرضهم للأمراض المُعدية، ويسهم في تحسين إنتاجية العمل. وحرصتُ على الإشارة من خلال تحليلاتنا إلى رغبة العملاء القوية بالاستفادة من الخدمات المالية الرقمية".

ويشكل حشد الدعم مجرد البداية، حيث تتطلب أنشطة التواصل بذل جهود مستمرة. فعلى سبيل المثال، أعلن كل من الرئيس التنفيذي والمدير المالي لوكالة موديز لصحيفة وول ستريت جورنال أن الشركة ستستثمر في إنشاء عدة شركات جديدة، بهدف دعم العملاء بخدمات متكاملة لتقييم المخاطر ومواكبة احتياجاتهم المتعلقة بعمليات اتخاذ القرار، مثل إدارة المخاطر المتعلقة بالأطراف الثالثة. وأوضح المسؤولان أن هذه الخطوة تأتي في إطار الاستراتيجية الشاملة للشركة، وأشارا إلى الأسباب التي تجعل هذه الاستثمارات مفيدة بالنسبة للشركة الأم. وجاء في هذه الرسائل على سبيل المثال: "يتمثل الهدف هنا في توفير عروض أكثر شمولية تتيح إمكانية الوصول إلى توسيع شرائح العملاء واستقطابها بما يتيح لنا تحقيق نمو أسرع". وفي كل مرة يتم فيها إصدار النتائج المالية ربع السنوية، تحدث الرئيس التنفيذي للوكالة عن المشاريع الجديدة، مع التركيز على عملياتها ومدى ارتباطها بالاستراتيجية الشاملة للوكالة.

ويسهم تكرار أنشطة التواصل هذه في تعزيز قيمة هذه الشركات وأهدافها. وانطلاقًا من تجربتنا الخاصة، تشمل أنشطة التواصل الفاعلة إعادة التأكيد على الرؤية وأساسها المنطقي، وتسليط الضوء على التقييمات الخارجية الهادفة، ووضع طموحات واقعية، والتحلي بالصدق (حتى عند مواجهة الإخفاقات)، والاحتفاء بالإنجازات، وفهم الحقائق (مثل مستوى التقدم المُحرز في مؤشرات الأداء الرئيسية)، والحفاظ على اتساق الرسائل الموجهة. وتستحق هذه النقطة الأخيرة مزيدًا من التركيز. ويمكن النظر إلى أنشطة التواصل على أنها الرسائل التي يرغب الرئيس التنفيذي بإيصالها، حيث يستحوذ تطوير الأعمال على حضور بارز ومستمر في الاستراتيجية الشاملة للشركة.

ويتعين على الرؤساء التنفيذيين الحرص على عدم استخدام رسائل جامدة ومكررة ضمن استراتيجية التواصل. لذا يتوجب عليهم تطوير رسائلهم بما يتماشى مع التغيرات الحاصلة في الشركات الجديدة، والنظر إلى أنشطة التواصل على أنها تشكل سردًا قصصيًا وليست مجرد نقاط حديث ثابتة. ويشكّل بناء الاهتمام والترقب أمرًا مهمًا في البداية، مع ضرورة تغيير الرسائل والتركيز على تطوّر العمليات التشغيلية بالتزامن مع وصول الشركة الجديدة إلى مرحلة النضج.

في حال كانت الشركات تتطلع لتنمية عائداتها، وتوسيع نطاق حضورها في السوق، ومواكبة التطورات الحاصلة في القطاعات التي تعمل فيها، فيجب عليها عدم النظر إلى تطوير الشركات الجديدة على أنها مجرد إنجاز مشروع ثانوي أو تجربة عشوائية غير موجهة. ويجب تحويل هذه العملية إلى قدرات مؤسسية وإدارية أساسية لدعم النمو وتعزيز المرونة. ولا يمكن تحقيق هذه الأهداف دون تركيز الرؤساء التنفيذيين على المهام التي يملكون صلاحيات استثنائية فيها، وتكريس وقتهم وجهدهم لتنفيذها بجرأة وشجاعة.

Explore a career with us