ما هي التوجهات التكنولوجية الرئيسية التي تشكل قطاع التنقل؟

| مقالة

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر. نرحب بتعليقاتكم على البريد الإلكتروني التالي reader_input@mckinsey.com

تأتي التقنيات الحديثة عادةً مع زخم قوي، لكنها قد تفقد نفوذها بسرعة أو لا تحقق التوقعات الأولية. وبالتطرق إلى قطاع التنقل، الذي يشهد تحولات جذرية بفضل تقدم السيارات الكهربائية والأنظمة الذاتية للقيادة وغيرها من الابتكارات، يصعب بشكل خاص تحديد الابتكارات التي ستحقق تأثيرًا دائمًا، أو حتى في التنبؤ بسرعة تطور هذه التقنيات.

وفي ظل المشهد العام الذي يجوبه عدم الاستقرار، يبقى من الممكن دراسة الإمكانيات التكنولوجية عن كثب من خلال تحليل البيانات المتعلقة ببراءات الاختراع، والأبحاث العلمية، والاستثمار، ونسب الاعتماد ومؤشرات أخرى ذات أهمية بالغة. ومن هذا المنطلق، يتبع مجلس ماكنزي للتكنولوجيا هذه الاستراتيجية في تقريره السنوي، الذي صدر مؤخراً في يوليو 2023، 1حيث يحلل التطورات التكنولوجية البارزة عبر مجموعة متنوعة من القطاعات.

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

لقد أضاف بحث المجلس بُعدًا جديدًا من خلال تحليل البيانات الخاصة بـعدد 3500 شركة صناعية تعمل في مجالات القيادة الذاتية، والاتصال، والكهرباء، والتنقل المشترك 2. ويركز تحليلنا على عشرة اتجاهات رئيسية حددها المجلس، بدءًا من تطوير برمجيات الجيل الجديد إلى الحوسبة الكمومية وصولاً إلى "الويب 3". (اطلع على العمود الجانبي بعنوان "عشر تقنيات تحويلية في التنقل"). يهدف التحليل إلى تقييم الابتكار في كل قطاع من خلال تحديد عدد الشركات التي تعمل على منتجات مرتبطة بهذه الاتجاهات. على سبيل المثال، الأتمتة التي تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي التطبيقي3. (الذكاء الاصطناعي التطبيقي يشير إلى استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في حل المشكلات العملية وتطبيقات الحياة الواقعية. يتمثل هدفه الرئيسي في تطوير أنظمة وبرمجيات قادرة على تحليل البيانات واتخاذ القرارات الذكية بناءً على هذه التحليلات، وذلك بهدف تحسين الأداء وزيادة الكفاءة في مجموعة متنوعة من المجالات مثل الطب، والتصنيع، والتجارة، والخدمات المالية، والنقل، والخدمات اللوجستية، وغيرها). وقد وجد التحليل أن حوالي 20% من الشركات تندرج ضمن هذه الفئة، مع تركيز معظمها على الابتكارات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي التطبيقي.

وعلى الرغم من زخم التوجهات التكنولوجية العشرة، نتوقع المزيد من الاضطرابات في المستقبل القريب مع تركيز المزيد من الشركات على هذه المجالات. خاصة مع تزايد عدد الشركات، ستنمو أيضًا كمية المنتجات والخدمات المبتكرة التي تعمل على تحويل المركبات، وتوفر للمستهلكين خيارات تنقل جديدة، وتحسن الإيرادات. أما على الصعيد الداخلي لشركات التنقل، يمكن لهذه الابتكارات تعزيز كل خطوة من سلسلة القيمة، بدءًا من الهندسة إلى خدمات منظومتها المتكاملة، والخدمات اللوجستية، والتصنيع، والإنتاج، والتسويق، والمبيعات، والبحث، والتطوير، والمشتريات وتطوير المنتجات. علاوة على ذلك، قد تجد الشركات التي تخدم سوق السيارات، مثل تلك التي تعمل في مجال الحوسبة السحابية والهندسة وأشباه الموصلات، فرصًا جديدة مع تسارع التوجهات العشرة.

التوجهات التكنولوجية التي تحدث تغييرًا داخل قطاع التنقل

تتسارع وتيرة ثورة التنقل بشكل ملحوظ. إذ باتت وسائل النقل مثل السكوتر والدراجات الإلكترونية الآن تُستخدم على نطاق واسع في العديد من المدن حول العالم. كشف استطلاع رأي حديث أن 46% من المشاركين مستعدون للتفكير جدياً في التحول من استخدام السيارات الخاصة إلى وسائل نقل بديلة خلال العقد القادم4. في الوقت ذاته، تشهد السيارات تطورات تكنولوجية مذهلة؛ فالمركبات الكهربائية وتقنيات القيادة الذاتية المتقدمة، من أجهزة استشعار لمناطق الرؤية الخفية حول السيارة إلى السيارات ذاتية القيادة بالكامل، تجذب استثمارات ضخمة.

يلعب التقدم التكنولوجي دوراً حاسماً في دفع عجلة هذه التحولات، مُمهداً الطريق نحو وسائل نقل أكثر استدامة وشمولًا. فعلى سبيل المثال، التنامي الكبير في استخدام السيارات الكهربائية نتيجة للتحسينات الهامة الأخيرة التي شهدتها على صعيد قدرة البطارية وموثوقيتها. ومن هذا المنطلق، تساهم العديد من الابتكارات في إعادة تشكيل مستقبل التنقل. وبهذا الصدد، سلط تقرير مجلس ماكنزي للتكنولوجيا الضوء على عشرة تطورات من بين التطورات البارزة التي تقود هذا التحول5:

  • الاتصال المتطور
  • الذكاء الاصطناعي التطبيقي
  • الحوسبة السحابية وحوسبة الحافة
  • الذكاء الاصطناعي التوليدي
  • تقنية الواقع المُعزز والواقع الافتراضي
  • تعلم الآلة الصناعي
  • تطوير برمجيات الجيل الجديد
  • التكنولوجيا الكمومية
  • أنظمة الثقة وأدوات الهوية الرقمية
  • الويب 3

كان ضمن الدراسة، هناك 20% من الشركات التي تم تحليلها تعمل بنشاط على تطوير منتجات أو خدمات مرتبطة بالتوجهات التكنولوجية المحددة، حيث نجحت العديد من هذه الشركات في جذب استثمارات لتوسيع حلولها. وتتميز هذه الشركات بقوة مالية كبيرة، مع تمويل يتجاوز الـ 200 مليار دولار. من بينها، 64% منها تركز على تطوير تطبيقات معززة بالذكاء الاصطناعي التطبيقي أو التكنولوجيا المدعومة به، مما يضع الذكاء الاصطناعي في صدارة أبرز التوجهات التكنولوجية السائدة إلى الآن، كما موضح في (الشكل 1).

1
What technology trends are shaping the mobility sector?

ضمن التوجهات التكنولوجية الأخرى التي تبرز ضمن المراكز الخمسة الأولى، يكون هناك الاتصال المتطور والحوسبة السحابية وحوسبة الحافة و"الويب3" ، وتقنية الواقع الافتراضي الغامر. إلا أن توزيع الاستثمارات بين هذه التقنيات ليس متساوياً بين الشركات ضمن عينة الدراسة، حيث تجد بعض التقنيات لها تطبيقات أوسع في مجالات معينة مقارنة بأخرى، خصوصاً بمجالات القيادة الذاتية والاتصال والكهرباء والتنقل المشترك، كما هو موضح في (الشكل 2). فعلى سبيل المثال، تُستخدم تقنية "الويب " بكثرة في تطوير حلول للتنقل المشترك، مثل تلك المتعلقة بإنشاء منصات لامركزية، بينما تجدها لا تُستخدم كثيرًا في مجالات مثل القيادة الذاتية.

2
What technology trends are shaping the mobility sector?

رغم أن نسبة الشركات التي تُعنى بالعمل على منتجات أو خدمات مرتبطة بالتوجهات التكنولوجية العشرة في تحليلنا تبلغ حوالي 20% فقط، إلا أن هذه النسبة مرجحة للزيادة بشكل ملحوظ استجابةً للطلب المتنامي من المستهلكين نحو المنتجات الابتكارية. ويشمل هذا، على سبيل المثال، تطوير أنظمة المعلومات والترفيه المتقدمة والتجارب الغامرة داخل المركبات ووسائل النقل، بالإضافة إلى منصات تُمكن المسافرين من استخدام وسائل النقل المتنوعة بكل سلاسة خلال رحلة واحدة. كما أن شركات النقل تواجه ضغوطاً متزايدة لتعزيز عملياتها الداخلية وقد تلجأ إلى استكشاف واعتماد واحدة أو أكثر من هذه التقنيات الجديدة لتحقيق مزيد من الكفاءة وخفض التكاليف.

الابتكار حسب المنطقة

أجرينا كذلك تحليلًا يستكشف التوزيع الجغرافي لشعبية كل تقنية لتحديد المناطق الأكثر نشاطًا في هذا المجال. تبين من خلال عينتنا أن الشركات الأمريكية تظهر اهتمامًا بالغًا بالعمل على أبرز واحد أو أكثر من أبرز خمسة توجهات تكنولوجية. اطلع على (الشكل 3). على سبيل المثال، تتمركز نسبة 33% من الشركات المهتمة بالذكاء الاصطناعي التطبيقي في الولايات المتحدة. ومع ذلك، يجب الإشارة إلى أن عدم شمول قاعدة البيانات لكل الشركات الصينية قد يؤدي إلى تقدير منخفض لمساهمة الصين في بعض الفئات. كما يبدو أن المناطق التي تضم تجمعات كبيرة من الشركات المتخصصة في توجهات تتعلق بمجالات القيادة الذاتية والاتصال والكهرباء والتنقل المشترك وغيرها من الحلول الرقمية ستكون مؤثرة بشكل كبير في توجيه مسار تطور قطاع التنقل مستقبلاً.

3
What technology trends are shaping the mobility sector?

الذكاء الاصطناعي التطبيقي وتأثيره التحويلي

بعد تحليل نتائجنا بعناية، ركزنا بشكل أعمق على الذكاء الاصطناعي التطبيقي، نظرًا لكونه الأكثر انتشارًا من بين التوجهات العشرة التي درسناها، حيث تقف هذه التكنولوجيا على أعتاب إحداث تغييرات جذرية في مختلف جوانب منظومة قطاع التنقل. وإن الأهمية المتزايدة للذكاء الاصطناعي التطبيقي في قطاع التنقل ليست بأمر مدهش؛ فهو يعمل على تحسين الكثير من العمليات، ويمكّن التشغيل الآلي، ويتعامل مع نقاط الضعف التي كانت موجودة منذ زمن طويل. وحالياً، دعونا نستعرض بعض الأمثلة القليلة التي تبرز فوائده الراهنة والمستقبلية في قطاع التنقل:

  • الهندسة والبحث والتطوير. تقوم العديد من الشركات بتسخير الذكاء الاصطناعي التطبيقي لخلق عوالم افتراضية متقدمة تُستخدم كميادين تدريب للتقنيات المسؤولة عن تمكين القيادة الذاتية. وتعتبر إحدى المزايا البارزة لهذا النهج هي قدرة الذكاء الاصطناعي على رصد الثغرات في النماذج القائمة، وتوليد الآلاف أو حتى الملايين من السيناريوهات الاختبارية التي كانت ستبقى خارج نطاق الإمكانيات بدون هذه التكنولوجيا. وهذا لا يسمح فقط بتحديث البرمجيات بكفاءة في حال عدم نجاح سيارة ذاتية القيادة في اجتياز اختبار افتراضي، بل يمكّن المطورين أيضًا من صياغة سيناريوهات جديدة لفهم المشكلات بعمق أكبر، مما يسهم في توفير الوقت والموارد. كذلك، تقوم التقنيات بفحص قدرة المركبات المستقلة على التعامل مع المواقف الروتينية، مثل التوقف عند رؤية مشاة عند معابر الطرق، وكذلك السيناريوهات الاستثنائية والنادرة، كالتفاعل مع مشاة يقفون بطريقة غير متوقعة أمام السيارة.
  • المشتريات. في سياق التغيرات المناخية المتسارعة، تتجه الشركات المصنعة للمعدات الأصلية نحو استخدام الذكاء الاصطناعي التطبيقي لتقييم المخاطر البيئية، والاجتماعية، ومخاطر الحوكمة ضمن سلاسل التوريد الخاصة بها. على سبيل المثال، يمكن للتقنيات تحليل الأخبار المرتبطة بالموردين للوقوف على المخاطر المحتملة كالتلوث أو الفضائح المتعلقة بالفساد بسرعة ودقة عالية، وهو ما يتجاوز بكثير قدرات التحليل البشري. هذا النوع من التحسين في الاستدامة قد يكون جذابًا لمشتري السيارات، حيث كشف استطلاع رأي حديث أن 70% من المشاركين يعتبرون التصنيع المستدام عاملاً مهمًا في قرارات شراء المركبات6. وبالنظر إلى المستقبل، من المتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي أيضًا في تمكين الشركات من التنبؤ بالمخاطر بدقة أعلى واقتراح تحسينات بشكل استباقي، مثل الانتقال نحو استخدام موارد أكثر استدامة.
  • التصنيع. من خلال الجمع بين تقنيات الرؤية بالكاميرا، والليدار، والرادار المُعزز بالذكاء الاصطناعي التطبيقي، أحدثت الشركات المصنعة للمعدات الأصلية تحسينات جوهرية في مراقبة جودة الإنتاج. وعلى سبيل المثال، استفادت شركة رائدة في صناعة السيارات من روبوتات تعمل بالذكاء الاصطناعي لإجراء معالجات دقيقة وفردية لكل مركبة مع ضمان الالتزام بمعايير جودة عالية. أما في عمليات فحص السطح، تم استخدام نظام متطور يعرض أنماطًا بالأبيض والأسود على جسم السيارة، مكن هذا النظام الكاميرات من كشف الفروق الدقيقة في الطلاء بفعالية عالية. وقد نجحت هذه الطريقة في تقليص أوقات الإنتاج دون التأثير على مستوى الجودة، مما ساهم في تعزيز كفاءة الإنتاج ورفع معايير الجودة للمنتجات النهائية.
  • التسويق والمبيعات. قد تستخدم الشركات الذكاء الاصطناعي التطبيقي كأداة قيّمة لتحديد العملاء الذين قد يتجهون نحو التحول إلى منافسين، ومن ثم تقديم حوافز مدروسة، لتقليل معدلات الانتقال إلى المنافسين وخفض التكاليف المرتبطة بجذب عملاء جدد. فالأمر أبعد من مجرد الاحتفاظ بالعملاء، حيث تطمح الشركات إلى استغلال قوة الذكاء الاصطناعي لتعزيز تجربة العملاء بشكل شامل، ما يؤدي إلى تعميق الولاء لعلاماتها التجارية ومنتجاتها.
  • خدمات ما بعد البيع. يقوم مصنعو المعدات الأصلية بدمج الذكاء الاصطناعي التطبيقي في أنظمة السيارات لتحليل تفضيلات المستخدمين فيما يتعلق بالمعلومات والترفيه، مما يمكّنهم من تقديم توصيات شخصية تعزز تجربة القيادة. علاوة على ذلك، تشير نتائج استطلاعات رأي المستهلكين إلى أن حوالي 40% من المشاركين يظهرون اهتمامًا كبيرًا بتلقي توصيات مخصصة في الوقت الفعلي من أنظمة الملاحة التي تتكيف مع أنماط قيادتهم الفردية.7

نتوقع زيادة كبيرة في الاستثمارات الموجهة نحو الذكاء الاصطناعي التطبيقي، خاصةً مع تزايد اهتمام مصنعي المعدات الأصلية بتحقيق المزيد من الأتمتة، وهي عملية تستند إلى استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتمكين العمليات الآلية. بحسب استطلاع أجرته شركة ماكنزي، يتوقع المشاركون أن يشكل الإنفاق على الأتمتة أكثر من 30% من النفقات الرأسمالية لشركاتهم خلال السنوات الخمس المقبلة، مقارنةً بـ 22% خلال الخمسة أعوام الماضية8. وقد ذكر حوالي 8% من المشاركين في قطاع السيارات أن الاستثمار في الأتمتة خلال الخمس سنوات القادمة سيتجاوز 500 مليون دولار. ولا تقتصر الأتمتة المعززة بالذكاء الاصطناعي على تحسين الإنتاجية وكفاءة العمليات فحسب، بل يمكنها أيضًا تحسين بيئة العمل من خلال تقليص الفجوة في سوق العمل وتولي المهام غير المرغوب بها، ( على سبيل المثال، تؤدي الروبوتات أدوار تكميلية للعمل البشري).

إلى جانب الأتمتة، تتبنى الشركات الذكاء الاصطناعي التطبيقي بشكل متزايد لتطوير وتحسين مختلف جوانب العمليات. على سبيل المثال، تستفيد بعض شركات تصنيع المعدات الأصلية من تقنيات التوائم الرقمية، وهي نماذج افتراضية دقيقة للمنتجات، لتعزيز وتحسين عمليات التصنيع.

تمكين تطور الذكاء الاصطناعي التطبيقي

بينما يظل مصنعو المعدات الأصلية وأصحاب المصلحة الآخرون في قطاع التنقل ملتزمين بدفع عجلة الابتكار، فإن تطبيق الذكاء الاصطناعي التطبيقي يمثل تحدياً كبيراً عبر مختلف الصناعات. تُظهر أبحاث شركة ماكنزي أنه رغم أن 90% من الشركات قد بدأت في عمليات التحول الرقمي، إلا أن العوائد المالية من هذه الجهود جاءت لتمثل فقط حوالي ثلث التوقعات.9

في قطاع التنقل، يمكن للشركات تحقيق فوائد مالية كبيرة من الذكاء الاصطناعي التطبيقي بشرط التغلب على تحديات التنفيذ واستغلال التوجهات التكنولوجية الرئيسية بفعالية. ولتحقيق ذلك، يتطلب الأمر من مصنعي المعدات الأصلية والجهات الفاعلة الأخرى في مجال التنقل وضع تصورات جديدة حول طرق عملهم جذريًا، مع اعتماد مجموعة شاملة ومتكاملة من التعديلات. تتناول هذه التعديلات عدة جوانب مهمة تشمل الاستراتيجية، والتنظيم، وإدارة المخاطر، وتطوير المواهب، والتكنولوجيا، والبيانات، وتحسين العمليات بهدف اعتماد التكنولوجيا الجديدة وتوسيع نطاقها بكفاءة على النحو التالي:

  • الاستراتيجية. لنجاح التحولات الرقمية ومبادرات الذكاء الاصطناعي، من الضروري اعتماد نهج استراتيجي يتم اتباعه من الصفر حتى التنفيذ. ويجب على القيادة التنفيذية أن تجتمع حول رؤية واضحة والتزامات مشتركة تكون متماشية مع أهداف التحول. ومن المهم أيضاً التركيز على مجالات الأعمال التي تقدم قيمة مضافة كبيرة، مثل تحسين تجربة العميل بأكملها، بدلاً من الانشغال بحالات استخدام معزولة. إذ يجب على صناع القرار تحديد حالات الاستخدام والحلول الأكثر أهمية للمتابعة في كل مجال من مجالات العمل. ولضمان تحقيق النتائج المرجوة، ينبغي للشركات تحديد القيمة باستخدام مؤشرات أداء رئيسية تشغيلية وتعيين أولويات واضحة للتنفيذ.
  • التنظيم. يتطلب الابتكار يتطلب بالفعل إدارة مشروعات فعالة ومتقنة. ومع ذلك، بحسب استطلاع أجرته ماكنزي، يظهر أن 75% من قادة الأعمال لم يعتمدوا بعد أفضل الممارسات10 ، (على الرغم من أن شركات التكنولوجيا تشكل استثناءً لهذه القاعدة، حيث غالبًا ما تدمج قدرات إدارة المشروعات بشكل فعال ضمن نماذج التشغيل الخاصة بها). بالإضافة إلى ذلك، تجد العديد من الشركات صعوبة في تعزيز التعاون بين أقسامها العملية والتقنية، ما يعيق سرعة تطوير وإطلاق المنتجات والخدمات الجديدة. ولمواجهة هذه التحديات وتحسين الكفاءة التنظيمية، يُنصح الشركات بالنظر في تشكيل فرق عمل موزعة ومختصة تحت قيادة مالك المنتج. كما يجب أن تُمنح هذه الفرق وصولاً كاملاً إلى الموارد الضرورية بما في ذلك البيانات الأساسية وأدوات تطوير البرمجيات، مما يسمح لها بإنشاء حلول مبتكرة ومتعددة الوظائف تلبي الاحتياجات التجارية بشكل فعال. وبهذا النهج، تزيد الشركات من فرصها في تطوير حلول تجارية موفقة تعتمد بشكل حقيقي على تحليل شامل ومتكامل للمتطلبات والتحديات التجارية.
  • إدارة المخاطر. لتحقيق أقصى استفادة من الذكاء الاصطناعي، الشركات مطالبة بإعادة تصور وتوسيع نطاق إدارة المخاطر منذ اللحظات الأولى للمشروع، وليس الانتظار حتى مرحلة التدشين. وفي الواقع، تكون الفرق التي تعتمد منهجيات مرنة وتحرص على تحديد المخاطر مبكرًا في وضع يمكّنها من التصدي للمشكلات وإيجاد حلول سريعة قبل تفاقمها وتشكيل تهديد حقيقي للمشروع. في حين يكتسب النهج الاستباقي في إدارة المخاطر أهمية مضاعفة خصوصًا في مجال التكنولوجيا الناشئة، حيث يمكن للتحديات أن تظهر بشكل غير متوقع وتؤثر على مسار التنمية. ولا يسهم الالتزام القوي بإدارة المخاطر فقط في تقليص التكاليف المحتملة، بل يساعد أيضًا في الوقاية من الأخطاء التي قد تلحق الضرر بالسمعة التجارية للشركة.
  • المواهب. يجب على المؤسسات أن تمنح الأولوية للمواهب التقنية من خلال بناء القدرات الداخلية وتنفيذ خطط توظيف مستهدفة ومحددة بالتكنولوجيا. فعندما تفكر الشركات في أولويات المواهب، يجب عليها التركيز على المهارات الأساسية، بدلاً من الأدوار، ومن ثم تحديد الفجوات في القدرات. قد تسد بعض الشركات هذه الفجوات من خلال تدريب الموظفين الحاليين، بينما قد تبحث شركات أخرى خارجيًا عن المواهب المناسبة. ولتعزيز الاحتفاظ بالموظفين، يجب على الشركات تطوير تجربة مقنعة للموظفين تغطي كل شيء بدءًا من الحوافز المتاحة وحتى المسارات الوظيفية.
  • التكنولوجيا. قد تلعب التغييرات التنظيمية دورًا محوريًا. فالانتقال من نموذج وظيفي مركزي إلى فرق متعددة الخبرات وموزعة جغرافيًا يمكن أن يسهم بشكل كبير في تسريع وتيرة التقدم ورفع مستوى جودة الحلول المطروحة، إذ يتطلب هذا النهج تكثيف الاعتماد على الأتمتة عبر جميع المراحل، بدءًا من فحوصات الجودة إلى عمليات الاختبار، لضمان الكفاءة والفعالية. بالإضافة إلى ذلك، يستلزم هذا التحول تطوير بيئات خدمة ذاتية، (مثل بوابات تمكن المطورين من الوصول السهل والسريع إلى التطبيقات المعتمدة من قبل الشركة، أدوات التعاون، والبيانات الضرورية لعملهم).
  • البيانات. في معظم الشركات، تقضي الفرق الرقمية الكثير من الوقت في تجميع البيانات ومواءمتها. ولتعزيز تجربة العملاء وتقليل تكاليف الوحدة، يجب أن تتمتع جميع الفرق الرقمية والرقمية بإمكانية الوصول إلى البيانات في الوقت الفعلي تقريبًا. ولجعل ذلك ممكنًا، يتوجب على الشركات إنشاء منتجات بيانات، وهي عبارة عن مجموعات بيانات جاهزة للاستخدام يَسْهِل على الموظفين الوصول إليها. كما ينبغي أن تقوم البنية التقنية الخاصة بهم بتوصيل هذه البيانات بسهولة من مكان تخزينها إلى جميع الفرق ذات الصلة. أما بالنسبة لمراقبة البيانات، ستستفيد الشركات من نموذج الحوكمة الموحد الذي يقوم فيه مكتب إدارة البيانات بإنشاء السياسات وتوفير الدعم العام بينما تدير وحدات الأعمال والوظائف بعض المهام الروتينية، مثل إنشاء منتجات البيانات. وأخيراً، يعد التعاون الوثيق بين كبير مسؤولي المعلومات وكبير مسؤولي البيانات أمرًا ضروريًا أيضًا في المبادرات المتعلقة بالبيانات.
  • الاعتماد والتوسع. من الضروري أن تتخطى الشركات مجرد التركيز على تطوير هذه الحلول لتشمل كيفية تشجيع الاستخدام المستمر والفعال لها. وقد يلعب إنشاء نماذج مشاركة، وتصميم حوافز، وتطوير مقاييس أداء جديدة يمكن أن يلعب دورًا حاسمًا في تعزيز الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي التطبيقي. وتعتبر إحدى التحديات الرئيسية التي تواجهها الشركات هي توسيع نطاق الابتكار بطريقة تلبي توقعات المستخدمين النهائيين المتنوعة، سواء كانوا داخل أسواق مختلفة أو داخل مواقع مصنعية متعددة. ومع ذلك قد يساعد إجراء القليل من التغييرات على تجنب مضاعفة المجهود والعمل مرة أخرى. وقد تستفيد الشركات التي تركز استراتيجيات "تحقيق الأصول"، أي تطوير حلول قابلة لإعادة الاستخدام عبر مختلف الأقسام والتطبيقات دون الحاجة إلى تعديلات كبيرة عند التوسع. وعلى سبيل المثال، يمكن لشركات كتلك كتابة كود في وحدات يسهل إعادة استخدامها وإنشاء مجموعات بيانات موحدة تصلح للاستخدام في جميع السياقات.

مع تزايد تركيز شركات التنقل على الابتكارات المرتبطة بالتوجهات التكنولوجية العشرة التي تمت مناقشتها سابقًا، تصبح التغييرات المزعزعة للصناعة حتمية وتزداد المخاطر المرتبطة بها. فمن الضروري لكل فاعل في هذا القطاع، بما في ذلك مصنعو المعدات الأصلية التقليديون، أن يقوموا بتحليل دقيق للابتكارات التي تكتسب زخمًا وتحديد التقنيات الأكثر ملاءمة لمركباتهم ومنتجاتهم. كما ينبغي للشركات الفاعلة في قطاعات أخرى، مثل صناعة أشباه الموصلات، أن تظل متيقظة لتوجهات التكنولوجيا في مجال التنقل نظرًا لتأثيرها المحتمل على إيرادات قطاع السيارات، الذي يشمل غالبًا بعض من أهم عملائها. وقد تحظى الشركات التي تنجح في إدراك وفهم هذه الاتجاهات منذ البداية بميزة تنافسية كبيرة مع تطور السوق.

Explore a career with us