ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر نرحب بتعليقاتكم على البريد الالكتروني التالي: reader_input@mckinsey.com
ما بين الصّرعات والتجارب العالمية المتعددة التي حازت على اهتمام المستهلكين في الآونة الأخيرة، والتي سعت في مجملها إلى الحفاظ على الصحة الشاملة، مثل الانغماس في المياه الباردة، واستعمال الكولّاجين، وتناول عصير الكرفس، إلى آخر هذه الظواهر العابرة، والتي لا تعدو عن كونها جزءًا من السوق العالميّ لصناعة منتجات الصحة الشاملة والعافية الاستهلاكية والتي بلغت قيمتها الإجمالية 1.8 تريليون دولار، وبالرغم من أن بعض هذه الظواهر مبنيةٍ على أبحاثٍ علمية محدودة، إلا أن المستهلكون اليوم باتوا أكثر ميلٍ للاختيارات المبنية على العلم بشكلٍ كامل.
المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية
شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية
قامت ماكنزي بإجراء استطلاع بحثي حول مستقبل صناعة العافية، شارك فيه أكثر من 5000 مستهلك من الصين والمملكة المتّحدة والولايات المتّحدة، وذلك في محاولةٍ منها لاستكشاف الاتجاهات التي تُشكل مشهد هذه الصناعة لدى المستهلك. وفي هذا المقال، نقوم بمقارنة هذه النتائج مع نظرةٍ على سبع مجموعاتٍ فرعية للصّحة والعافية - بما في ذلك صحة المرأة وإدارة الوزن واللياقة البدنية الشخصية، حيث تؤكد أبحاثنا على أن هذه المجموعات تعد مناطق خصبة للابتكار والاستثمار.
مُستقبل الصحة الشاملة والعافية المدعوم بالمعرفة والبيانات
تستحوذ الولايات المتّحدة الأمريكية وحدها على 480 مليار دولار من سوق العافية العالمي، بنسبة نموٍ تتراوح ما بين 5 إلى 10 في المائة سنويًا. حيث يُعطي 82 في المائة من المستهلكين في الولايات المتحدة أولويةً كبرى للعافية خلال ممارستهم لأنشطتهم اليومية، وهو ما يقارب نتائج نفس التقارير عن المستهلكين في كلٍ من المملكة المتّحدة والصين (73 في المائة و87 في المائة على الترتيب).
وهو ما ينطبق بشكلٍ خاص على المستهلكين من جيل ( Z ) والألفية، الذين يقومون الآن بشراء المزيد من منتجات وخدمات العافية مقارنةً بالأجيال الأكبر سنًا، وذلك بالقياس على نفس الأبعاد التي سلّطنا عليها الضوء في بحثنا السابق: "الصحة والنوم والتغذية واللياقة البدنية والمظهر والوعي الذهني"، كما هو موضح في (الشكل 1).1
كشفت استطلاعاتنا التي أجريناها في مجال الصحة الشاملة والعافية حول العالم، عن إجماعٍ من المستهلكين في الحصول على حلولٍ فعّالة تعتمد على بياناتٍ دقيقة مدعومةٍ بالأبحاث العلمية. كما هو موضح في (الشكل 2).
خمسة اتجاهاتٍ تؤثر في عالم الصحة الشاملة والعافية بالنّسبة للمستهلك في عام 2024
أظهر 58 في المائة من العينة العشوائية التي شملها استطلاع الرأي الذي قمنا به في الولايات المتّحدة اهتمامًا ملحوظًا بالعافية وأكدوا أنهم أعطوها الأولوية بالفعل في هذا العام مقارنةً بالعام الماضي. فيما تعكس الاتجاهات الخمسة التالية أولوياتهم الناشئة حديثًا، والتي تتفق أيضًا مع نتائج أبحاثنا السابقة في ذات المجال.





لاتّجاه الأول: الصّحة في المنزل
أنتجت جائحة كوفيد-19 أنماطًا مختلفة من الاحتياجات الضرورية للأفراد والتي كان على رأسها استخدام أطقم أدوات الاختبار الطبّي المنزلية، ومع استمرار انتشار الجائحة، أصبح الاهتمام متزايدًا بإجراء الاختبارات الطبّية المنزلية، حيث يُقبل 26 في المائة من المستهلكين بالولايات المتّحدة على إجراء اختبارات نقص الفيتامينات والمعادن بالمنزل، و 24 في المائة يهتمون بإجراء اختبارات أعراض البرد والأنفلونزا، بينما يهتم 23 في المائة باختبار مستويات الكولسترول.
كما أظهرت الاستطلاعات أيضًا، ميل المستهلكين بشكلٍ كبير لإجراء اختبارات التشخيص الطبّي في المنزل، حيث ترفع عنهم عناء الذهاب إلى عيادة الطبيب وتمنحهم فرصةً لإجراء الاختبار الواحد أكثر من مرة، بالإضافة إلى الحصول على النتائج بشكلٍ أسرع. بينما أفاد 35 في المائة من المستهلكين في الصّين بأنهم استبدلوا بالفعل المواعيد الطبّية الشخصية باختبارات التّشخيص المنزلية - وهي نسبةٌ أعلى من تلك التي رصدناها في الولايات المتّحدة أو المملكة المتّحدة.
وبالرغم من الاهتمام المتزايد بهذا المجال، إلا أن بعض المستهلكين يُظهرون ترددًا أو حذرًا تجاه هذا الأمر. ففي الولايات المتّحدة الأمريكية والمملكة المتّحدة، تُعد رؤية الطبيب بشكلٍ شخصي أحد أهم العقبات الرئيسية في تبنيهم لنهج الاختبارات الطبية المنزلية، بالإضافة إلى مخاوفٍ من ارتفاع التكلُفة، أما في الصين، فإن دقة الاختبار تُشكل قلقًا لنحو 30 في المائة من المستهلكين، يمنعهم من اعتماد هذه التقنية.
تأثير ذلك على الشركات: يجب على الشركات العمل على ثلاثة اعتباراتٍ حاسمة لضمان تحقيق ميزةٍ تنافسية تكفُل لها النجاح. أولاً: يتعيّن على الشركات تحديد القيمة السعرية المناسبة لأدوات التشخيص المنزلي، حيث يُعتبر ارتفاع التكلفة عائقًا رئيسيًا للعديد من المستهلكين. ثانيًا، يجب على الشركات أن تعزز من أساليب التفاعل مع المستهلكين، وذلك عن طريق قياس ردود الفعل حيث يمكن للشركات أن تشجع المستهلكين على اتخاذ إجراءاتٍ بناءً على نتائج اختباراتهم، وذلك كأن توفر لهم معلوماتٍ وإرشاداتٍ إضافية تتعلق بنتائج اختباراتهم السابقة وتقوم بتشجيعهم على إعادة الاختبار لتقييم تأثير تلك الإجراءات التي اتخذوها. وأخيرًا، مساعدة المستهلكين في فهم نتائج اختباراتهم، حيث يمكن للشركات الاستفادة من وسائل التكنولوجيا المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي في تحليل وتقديم نتائج متخصصة، كما يمكن اللجوء لخدمات الصحة عن بُعد وذلك لتقديم الاستشارات الطبية للمستهلكين بناءً على نتائج اختباراتهم.
الاتّجاه الثاني: عصرٌ جديد لمراقبة الصحة عبر ارتداء الأجهزة الذكية
ممّا لا شك فيه أن التطورات التكنولوجية الحديثة ألقت بظلالها على سوق الصحة الشاملة والعافية بشكلٍ ملحوظ، حيث أظهرت استطلاعاتنا الحديثة أن ما يقترب من نصف المستهلكين الذين شملتهم هذه الاستطلاعات قد قاموا في وقتٍ ما بشراء أجهزةٍ تكنولوجية قابلة للارتداء لقياس مستويات اللياقة البدنية، وبينما كانت الأجهزة كالسّاعات الذكية شائعة الاستخدام لسنوات، إلا أن التطورات التقنية الحديثة دفعت بها إلى مرحلةٍ جديدة في مجال مراقبة الأنشطة الحيوية للجسم.
فعلى سبيل المثال، أصبحت الآن الخواتم الذكية القابلة للارتداء مجهزةً بمجموعةٍ من المستشعرات التي توفر للمستهلكين معلوماتٍ حول جودة نومهم من خلال تطبيقاتٍ إلكترونية مرتبطة بهواتفهم الذكية. بالإضافة لأجهزة مراقبة الجلوكوز التي توضع على ظهر ذراع المستخدم، لتقدم قياسٍ مستمر لمستوى سكر الدّم، والتي يمكن من خلالها أن يقدم أخصائيّ التغذية بعض الإرشادات الصحية الشخصية.
كما تكشف استطلاعاتنا أيضا أن ثلث المستخدمين قد أكدوا على زيادة معدلات استخدامهم للأجهزة هذا العام أكثر من العام الماضي، بينما رحّب أكثرُ من 75 في المائة منهم باستخدام الأجهزة الذكية القابلة للارتداء في المستقبل. ومن جانبنا نتوقع استمرار النمو في معدلات ارتداء الأجهزة الذكية خاصةً في ظل توسع الشركات في طرح أجهزةٍ تقيس مؤشراتٍ صحية جديدة.
تأثير ذلك على الشركات: في الوقت الذي تنتشر فيه اليوم مجموعةٌ فعالة من الأجهزة الذكية القابلة للارتداء من أجل قياس ومراقبة مستويات اللياقة البدنية والنوم، يفتقد السوق لمثل هذه النوعية من الأجهزة في مجالاتٍ أخرى مثل التغذية، وإدارة الوزن، والتأمل. وهو ما يُعد فرصةً استثمارية كبرى للشركات لتلبية هذه الاحتياجات وعلاج هذا النقص.
يمكن لصانعي الأجهزة الذكية القابلة للارتداء، ومقدّمي المنتجات والخدمات الصحية في مجالات التغذية واللياقة البدنية والنوم، العمل على بناء شراكاتٍ تسمح بالاستفادة الفورية من البيانات الواردة من هذه الأجهزة، مما قد يعزز من تعديل المسار السلوكي للمستهلكين بشكلٍ أكبر وأسرع. فعلى سبيل المثال، يمكن للمستهلك المهتم بضبط مستويات التوتر لديه، أن يرتدي جهاز تتبعٍ لقياس معدّلات هرمون الكورتيزول. وهنا يمكن للشركات استخدام هذه البيانات في تقديم توصياتٍ مُخصصة لكل مستهلكٍ على حدى باللجوء لمنتجاتٍ معينة متعلقة بالصحة الشاملة والعافية واللياقة البدنية وتمارين الوعي الذهني.
على الشركات أيضًا أن تولي اهتمامًا كبيرًا بخصوصية البيانات وعدم تعقيدها، حيث يُبدي حوالي 30 في المئة من المستهلكين في الصّين والمملكة المتّحدة والولايات المتّحدة استعدادهم لاستخدام أجهزةٍ قابلة للارتداء، شريطة أن تتم مشاركة البيانات معهم شخصيًا وبشكلٍ حصري. كما أن كثرة البيانات المدخلة يدويًا وعدم وضوحها، قد يُقوّض تجربة المستخدم و يهددها بالفشل. لذا فإن ضمان شفافية جمع البيانات بشكلٍ واضح ومفهوم سواءً المتعلقة منها بصحة المستهلكين أو المخاطر الصحية التي قد يتعرضون لها تعد عوامل حاسمة في جذب المستهلكين المحتملين.
الاتّجاه الثالث: دفعةٌ نحو تخصيص الذّكاء الاصطناعي التوليدي
لم تكن منتجات الصحة الشاملة والعافية المصممة خصيصًا تلقى رواجًا في السنوات السابقة، مقارنةً بوقتنا الحالي، حيث أن واحدًا من بين كل خمسة مستهلكين في الولايات المتّحدة وواحدًا من كل ثلاثة مستهلكين من جيل الألفية في الولايات المتّحدة، يُفضلون المنتجات والخدمات المُخصّصة، وعلى الأرجح فإن ذلك يرجع إلى أن المستهلكين قد أصبحوا أكثر انتقائيةً فيما يتعلق بالمنتجات والخدمات المخصصة التي يستخدمونها .
إنّ التقدم التكنولوجي واستخدام البيانات التي يتم جمعها من المستخدمين مباشرةً يمنح تخصيص الخدمات ميزةً جديدة. حيث يبحث حوالي 20 في المائة من المستهلكين في المملكة المتّحدة والولايات المتّحدة، و30 في المائة في الصّين، عن منتجاتٍ وخدماتٍ مخصصة تعتمد على البيانات "البيوميترية" (التعرف الآلي على الأفراد استنادًا إلى سماتهم البيولوجية والسلوكية. هذا يعني أن البيانات البيومترية بمثابة توقيعات بشرية فريدة يمكن قياسها، وقد تشمل بصمات الأصابع ومسح قزحية العين ) التي تتضمن معلوماتٍ عن الجوانب البيولوجية للأفراد مثل معدّل ضربات القلب ومستوى النشاط البدني والنوم وغيرها ، و ذلك بهدف تقديم توصياتٍ أكثر دقة وفقًا لاحتياجات كل فرد، بالإضافة إلى ذلك توجد فرصةٌ لربط أدوات التخصيص الشخصي مع تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي لتحقيق معدلاتٍ أعلى من الدقة. وبالفعل ، لقد تم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي في مجال الأجهزة الذكية القابلة للارتداء وتطبيقات الهواتف، فعلى سبيل المثال فإن بعض الأجهزة الذكية القابلة للارتداء تستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي لتصميم تمارين مخصصة للمستخدمين استنادًا إلى بيانات لياقاتهم البدنية.
تأثير ذلك على الشركات: تتمتع الشركات التي تُقدم خدماتٍ تخصُ الصحة الشاملة والعافية والقائمة على البرمجيات بإمكانية دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي في منتجاتها المخصّصة. يمكن للشركات الأخرى اللجوء لعقد شراكاتٍ مع مؤسساتٍ أخرى تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي لاستخلاص توصياتٍ مخصصة للعافية.
الاتّجاه الرابع: تفوق المنتجات الإكلينيكية على مثيلاتها النظيفة
في العام الماضي، لاحظنا تحولًا واضحًا في اتجاهات المستهلكين، حيث بدأوا في العُدول عن استخدام منتجات العناية بالصحة الشاملة والعافية التي تحتوي على مكوناتٍ نظيفة أو طبيعية، لاستخدام تلك التي تعتمد على مكوناتٍ مثبتة علميًا وخاضعة للأبحاث الإكلينيكية، واليوم بات هذا التحول أكثر وضوحًا. حيث أكد ما يقترب من نصف المستهلكين في المملكة المتّحدة والولايات المتّحدة أن الفعالية الإكلينيكية تُعد أحد أهم العوامل التي تؤثر في قراراتهم عند شراء منتجات الصحة الشاملة والعافية. ومن ناحيةٍ أخرى ذكر نحو20 في المائة فقط من المستهلكين تفضيلهم لشراء المنتجات التي تحتوي على المكونات الطبيعية أو النظيفة، ويَظهر هذا الاتجاه بشكلٍ أكبر في الأدوية التي يتم تداولها بدون وصفةٍ طبية والفيتامينات والمكملات الغذائية، كما هو موضح في (الشكل3).
بينما أعرب المستهلكون في الصّين، عن تفضيلهم المتساوي تقريبًا للمنتجات المثبتة إكلينيكيًا وتلك النظيفة بشكلٍ عام، على الرغم من تسجيل بعض الاختلافات بين فئات المستهلكين، حيث أظهر البعض تفضيلهم للمنتجات ذات الفعالية الإكلينيكية، عند استخدامهم للأدوية الهاضمة وعلاجات الجلد ومنتجات العناية بالعيون، بينما يُفضل آخرون المكوّنات الطبيعية والنظيفة عند شرائهم للمكمّلات الغذائية وأطعمة الطاقة ومنتجات العناية الشخصية.
تأثير ذلك على الشركات: ونظرًا للطلب المتزايد من المستهلكين على المنتجات المثبتة إكلينيكيًا، يصبح على بعض الشركات والعلامات التجارية التي تعمل في هذا المجال أن تعمل على زيادة منتجات مَحافظها، في الوقت الذي قد يضطّر فيه البعض الآخر إلى إعادة النّظر في تركيبة منتجاتها والاستراتيجية الخاصة بها. وبالرغم من أن شركات الصحة الشاملة والعافية التي قامت ببناء علامتها التجارية على المنتجات النظيفة أو الطبيعية – وخاصةً تلك التي لديها بالفعل قاعدة عملاء مخصصة - قد لا ترغب في الابتعاد عن القيمة الحالية لمُنتجاتها، فيمكن لهذه الشركات في هذه الحالة الاستعانة بشهاداتٍ من جهاتٍ مستقلةٍ عنها باعتبارها "طرف ثالث" لتدعم بذلك منتجاتها للوصول إلى المزيد من المستهلكين.
يمكن للشركات أن تعزز من مصداقية منتجاتها عن طريق مجموعةٍ من الإجراءات، منها استخدام مكوناتٍ تم اختبارها إكلينيكيًا، وكذلك الاستعانة بدراساتٍ بحثية عن منتجاتها من هيئاتٍ وجهاتٍ خارجية، بالإضافة للحصول على توصياتٍ من العلماء ومقدّمي الرعاية الصحية، كما يمكنها تأسيس هيئةٍ طبية تشارك في عملية تطوير المنتجات.
الاتّجاه الخامس: توصيات الأطباء
بات دور المؤثرين ملحوظًا في عمليات التسويق، الأمر الذي أدّى إلى ظهور مصادرٍ جديدة للمعلومات بدرجاتٍ تتفاوت في مصداقيتها حول صناعة الصحة الشاملة والعافية، وبينما يسعى المستهلكون لتجنب ما يُعرف اليوم بعملية "غسل الصحة" (وهي تلك العملية التي تعني التسويق المُضلل الذي يُصوّر منتجًا على أنه صحيٌ أكثر مما هو عليه في الواقع)، وهنا تعود توصيات مقدّمي الرعاية الصحية لتتصدر المشهد وبقوة.
في الولايات المتّحدة، تأتي توصيات الأطباء في المرتبة الثالثة من حيث التّأثير في قرارات الشراء التي يتخذها المستهلكون في مجال الصحة الشاملة والعافية، كما هو موضح في (الشكل 4). وأكّد المستهلكون أنهم يتأثرون بالفعل وبشكلٍ كبير بهذه التوصيات عند البحث عن منتجات الرعاية الصحية المتعلقة بالوعي الذهني، والنوم، والصحة الشاملة، والتي تشمل استخدام الفيتامينات والأدوية المُباعة بدون وصفةٍ طبية ومنتجات العناية الشخصية ومنتجات العناية بالمنزل.
تأثير ذلك على الشركات: تحتاج العلامات التجارية والشركات إلى العمل بجدٍ عند صياغة رسائلها الموجّهة للجمهور المستهدف من المستهلكين، كما يجب أن تنتقي بعنايةٍ فائقة من سيعمل على إيصال هذه الرسائل، فعلى سبيل المثال ، لاحظنا أن الشركة التي تقدم منتجاتٍ متعلقة بالوعي الذهني تلجأ لاستخدام توصيات الأطباء والإعلانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشكلٍ رئيسي، بينما تميل الشركات التي تُقدم منتجاتٍ خاصة باللياقة البدنية للاعتماد بشكلٍ أكبر على أسلوب التسويق عبر الأشخاص أنفسهم من خلال توصيات الأصدقاء والعائلة والمدربين الشخصيين.
سبع فرصٍ للنمو في مجال الصحة الشاملة والعافية
كشفت الأبحاث التي أُجريت العام الماضي، عن وجود عدة فرصٍ واعدةٍ للنمو في مجال الصحة الشاملة والعافية، وذلك في ضوء عدة عوامل منها الاهتمام المتزايد من المستهلكين بهذه المنتجات، والتقدم التكنولوجي، والابتكار في المنتجات، والزيادة في الأمراض المزمنة ممّا يُحفز نمو هذه المجالات.
صحّة المرأة
على مرّ التاريخ، عانت صحة المرأة من الاهمال وقلة التمويل. أمّا اليوم، فإن سوق المنتجات التي تتعلق بهذا المجال تشهد بالفعل نموًا ملحوظًا، وذلك نظرًا لتعدد احتياجات الرعاية الصحية الخاصة بالمرأة، كما هو موضح في (الشكل 5). حيث أكدت نسبةٌ عالية من المستجيبين قيامهم بشراء منتجات الرعاية الشهرية ومنتجات الصحة الجنسية، بينما صرّح المستهلكون أنهم قد أنفقوا بشكلٍ أكبر في العام الماضي على المنتجات المتعلّقة بالحمل، وانقطاع الطمث.
أصبحت الأدوات الرّقمية أكثر انتشارًا في مجال صحة المرأة. فعلى سبيل المثال، يُمكن للأجهزة الذكية القابلة للارتداء تحديد القراءات الفسيولوجية للمرأة المستخدِمة لهذه الأدوات، والتي يمكن عن طريقها تحديد ذُروات فترات الخصوبة .
وبالرغم من التطورات الأخيرة ومعدلات النمو التي يشهدها سوق منتجات صحة المرأة، إلا أن هناك طلبًا لم يُلبّى بعد لبعض المنتجات والخدمات. فمثلًا، تظل منتجات انقطاع الطمث تُعاني من النقص والتجاهل بشكلٍ ملحوظ في السوق حيث تهتم 5 في المائة فقط من الشركات العاملة في مجال التكنولوجيا النسائية باحتياجات النساء في هذه المرحلة.2 ومع ذلك، يستمر المستهلكون في شراء منتجاتٍ أخرى لصحة المرأة ، بما في ذلك منتجات الرعاية الشهرية والعناية الحميمة، ودعم الخصوبة، ومنتجات الحمل والأُمومة، كما أبدى المستهلكون اهتمامًا بمراكز الرعاية الصحية المعنية بصحة المرأة. كل ذلك إنما يُعد فرصًا واعدة يمكن للشركات استغلالها لتوسيع نطاق أعمالها وتنويع منتجاتها وخدماتها في هذه المجالات.
شيخوخة صحية
يتزايد الطلب على المنتجات والخدمات التي تدعم الشيخوخة الصحية وطول العمر، ويرجع ذلك إلى تلك الطّفرة الكبيرة التي يشهدها الطب الوقائي، والثورة التكنولوجية في مجال الصحة (مثل الرعاية الصحية عن بُعد والمراقبة الرّقمية للصحة)، والتقدم في البحوث حول منتجات مكافحة الشيخوخة.
إن أكثر من 60 في المائة من المستهلكين الذين تم استطلاع آرائهم أكدوا أن شراء المنتجات أو الخدمات التي تدعم طول العمر والصحة في مرحلة الشيخوخة، يُعد أمرًا بالغ الأهمية بالنسبة لهم، حيث أشار ما يقترب من 70 في المائة من المستهلكين في المملكة المتّحدة والولايات المتّحدة الأمريكية، و85 في المائة من المستهلكين في الصّين إلى قيامهم بشراء المزيد من هذه الفئة من المنتجات خلال العام الماضي وذلك مقارنةً بالسنوات السابقة. وكان من اللافت أن هذه النتائج لم تقتصر على الفئات العمرية المتقدمة ، بل شملت جميع الفئات العمرية، مما يُشير إلى أن الأمل في شيخوخةٍ صحية أصبح محل اهتمام الجميع، سواءً للأجيال الصغيرة التي تبحث عن حلولٍ وقائية أو للأجيال الأكبر سناً التي تسعى إلى إطالة معدلات أعمارها. ومع زيادة معدلات أعمار سكان المجتمعات الاقتصادية المتطورة (والتي من المرجح أن يصل فيها عمر واحدٍ من كل ستة أشخاص إلى سن الــ 60 أو أكبر بحلول عام 2030)3، فإننا نتوقع مزيدًا من الاهتمام العالمي بمجال الشيخوخة الصحية.
ولتحقيق النجاح في هذا السوق، يمكن للشركات اتباع نهجٍ شامل لحلول الشيخوخة الصحية، والذي يشمل عدة اعتباراتٍ تتعلق بالصحة العقلية والعوامل الاجتماعية. هذا النهج يجب أن يهتم بتقديم المنتجات والخدمات التي تلبي احتياجات المستهلكين البالغين المتقدمين في العمر، بدلًا من التركيز فقط على عامل الشيخوخة لبيع هذه المنتجات. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تُركز هذه الشركات على تقديم منتجاتٍ موجهة نحو تحسين الحالة الصحية الشاملة والعافية بشكلٍ عام لدى البالغين المتقدمين في العمر مثل منتجات تحسين اللياقة البدنية أو التغذية، بدلًا من التركيز على عملية الشيخوخة نفسها.
إدارة الوزن
تأتي قضية إدارة الوزن في مقدمة اهتمامات المستهلكين في الولايات المتّحدة، حيث يُعاني واحد من كل ثلاثة بالغين من السّمنة 4؛ ووفقًا لاستطلاعنا فإن 60 في المائة من المستهلكين الأمريكيين أكدوا لنا أنهم يعملون حاليًا على إنقاص وزنهم.
في التوقيت الذي أظهرت فيه استطلاعاتنا أن ممارسة الرياضة تُعد من أكثر العوامل تأثيرًا في إدارة الوزن، يرى أكثر من نصف المستهلكين في الولايات المتّحدة الأمريكية أن الأدوية الموصوفة لأنقاص الوزن، بما فيها الأدوية التي تحتوي على مادة البيبتايد (هي بروتينات تمنح خلايا الجلد بشرة أكثر نضارة وشبابًا) المُشابه للجلوكاجون-1 ( GLP-1 )، وتُعد هذه المادة وسيلةً "فعالةً جدًا". في حين أن أقل من30 في المائة من المستهلكين في المملكة المتّحدة والصّين، يرونها كذلك.
ونظرًا لحداثة نهج الاعتماد على الـ ( GLP-1 ) لفقدان الوزن ، فإنه من المبكر جدًا إدراك تأثير ذلك على السوق الاستهلاكية للصحة والعافية. لهذا يجب على الشركات أن تستمر في رصد ومتابعة البيانات التي تكشف معدلات الاعتماد على هذه الأدوية وكذلك تأثيراتها على مختلف الفئات.
اللّياقة البدنية
لم تعد اللياقة البدنية الآن مجرد اهتمامٍ عابر بالنسبة للعديد من المستهلكين حول العالم، بل أصبحت أولويةً أساسية في حياتهم. حيث يؤكد ما يقترب من 50 في المائة من مرتادي الصالات الرياضية في الولايات المتّحدة الأمريكية أن اللياقة البدنية أضحت جزءًا أساسيًا من هُوياتهم، كما هو موضح في (الشكل 6). وقد ظهر هذا الاتجاه بقوةٍ بين الشباب من الجنسين، حيث يضع 56 في المائة من المستهلكين من جيل Z في الولايات المتّحدة اللياقة البدنية على رأس أولوياتهم، وذلك بالمقارنة مع 40 في المائة من إجمالي المستهلكين بالولايات المتّحدة ككُل.
تعد أندية اللياقة البدنية وفصول التدريب الشخصي، من أهم المجالات التي يُتوقع من المستهلكين الإنفاق فيها بشكلٍ أكبر، حيث يرغب المستهلكون في الحفاظ على عضوية هذه الأندية وتدريبات اللياقة البدنية الشخصية.
ويبقى التحدي الأبرز بالنسبة لمجال أعمال اللياقة البدنية، هو الاحتفاظ بالمستهلكين، خاصةً في ظل المنافسة الكبيرة التي يشهدها هذا المجال. لذا يجب على مقدمي الخدمات في مجال اللياقة البدنية العمل على توفير خدماتٍ عالية الجودة تُلبي احتياجات العملاء، فمن الضروريّ أن يختار مقدّمي الخدمات مواقعًا ملائمةً للعملاء، وأوقاتٍ تناسبهم ، بالإضافة إلى توفير برامج وخدمات تعزز من ولاء المستهلكين وارتباطهم بالمكان، كما يُسهِم بناء مجتمعٍ قوي حول مراكز اللياقة البدنية في جذب المزيد من العملاء، ويمكن أن يتحقق ذلك عبر العديد من التجارب المجتمعية مثل الأنشطة الاجتماعية التي تعزز الروح المعنوية والتواصل بين الأعضاء.علاوة على ذلك، يمكن تقديم مجموعة أخرى من الخدمات المتكاملة مثل الإرشاد الغذائي الصحي وخِطط التمرين الشخصية، ويمكن تقديم هذه الخدمات بشكلٍ مخصصٍ يخاطب كل فردٍ وفقاً لاحتياجاته عبر استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي. وبشكلٍ عام يمكن للشركات العاملة في صناعة اللياقة البدنية تطوير أفكارها وإدارة تكاليف جذب العملاء من خلال تقديم خدماتٍ متميزةٍ و تجارب مثيرةٍ للاهتمام.
صحة الأمعاء
إن أكثر من 80 في المائة من المستهلكين في الصّين والمملكة المتّحدة والولايات المتّحدة يؤمنون بأهمية صحة الجهاز الهضمي والأمعاء، وأكثر من 50 في المائة يتوقعون أن تكون على رأس أولوياتهم خلال العامين أو الثلاثة أعوام القادمة.
في حين تُعتبر المكمّلات الغذائية التي تحتوي على "البروبيوتيكس" – وهي أليافٌ غذائية تعمل كغذاءٍ للبكتيريا النافعة بالأمعاء – من أكثر المكمّلات استخدامًا لصحة الأمعاء في الصّين والولايات المتّحدة، يُفضل المستهلكون في المملكة المتّحدة الأطعمة الغنيّة بالبروبيوتيك مثل الكيمتشي والكومبوتشا والزبادي، بالإضافة إلى الأدوية المُباعة دون وصفةٍ طبية. فيما أعرب حوالي ثُلث المستهلكين الأمريكيين، وثُلث المستهلكين في المملكة المتّحدة، ونصف المستهلكين في الصّين عن أملهم في طرح المزيد من المنتجات التي تدعم صحة الأمعاء. و إلى جانب تلك المجالات هُنالك مجالين آخرين يمكن للشركات أن تستفيد من الإقبال والاهتمام المتزايد من المستهلكين بهما وهما اختبار الأحياء الدّقيقة في المنزل ومجال التغذية الشخصية .
الصحة الجنسيّة
إن الحوار الموسع حول الثقافة الجنسية، ورفع مستوى التعليم الجنسي، وتقديم الدعم اللازم لمواجهة التحديات في مجال صحة المرأة الجنسية (مثل انخفاض الرغبة والجفاف المهبلي، والألم أثناء الجماع)، عواملٌ هامة ساهمت جميعُها في زيادة الطلب على منتجات الصحة الجنسية.
ووفقًا لاستطلاعات الرّأي، أكد 87 في المائة من المستهلكين الأمريكيين انفاقهم للمبالغ ذاتها التي أنفقوها العام الماضي أو ربما أكثر، على منتجات الصحة الجنسية مقارنةً بالسنة السابقة لها ، كما أشاروا إلى أنهم يشترون "المُزلِقات" وهي المنتجات الشخصية التي تُسهّل من عملية الجماع، بالإضافة إلى وسائل منع الحمل والألعاب الجنسية بشكلٍ متكرر.
خلال فترة انتشار جائحة كوفيد-19، اتجهت العديد من الشركات إلى تسويق منتجات الصحة الجنسية عبر الإنترنت. وفي الوقت الحالي، يقوم التُجار، بما في ذلك الصيدليات التقليدية ومتاجر الجمال، بتوسيع تشكيلة منتجاتهم وإضافة المزيد من العلامات التجارية المتعلقة بصحة الجنس إلى رفوف متاجرهم.5 ويعتبر هذا التطور فرصة مهمة لتسويق وتوزيع هذه العلامات التجارية المبتكرة، مما يساهم في وصولها إلى جمهور جديد وتحقيق زيادة في حجم الأعمال.
النّوم
بالرغم من أن النّوم يحتلُ باستمرار المرتبة الثانية كأحد أهم أولويات الصحة الشاملة والعافية بالنسبة للمستهلكين، إلا أنه يظل المجال الأكبر الذي لا يزال يُعاني فيه المستهلكون من عدم تلبية احتياجاتهم. ففي تقريرنا السّابق، أعرب 37 في المائة من المستهلكين في الولايات المتّحدة عن رغبتهم في الحصول على منتجاتٍ وخدماتٍ إضافية لتساعدهم على النوم والتأمل، مثل تلك التي تُعنى بوظائف الإدراك، وإدارة التوتر، والتحكم في القلق، وهو الأمر الذي لم يتغير خلال العام الماضي. وفي الواقع، تتعدد العوامل التي تؤثر في حصولك على نومٍ عميق، منها النّظام الغذائي، والتمارين الرياضية ومعدلات تناول الكافيين، وكذلك معدلات استخدام الشاشات، وحجم الضغوط النفسية وتعدد أنماط الحياة . ونتيجةً لذلك، فإن عددًا قليلًا جدًا، من الشركات التكنولوجية والعلامات التجارية الناشئة العاملة في مجال النوم هي فقط من تمكنت من إنشاء نظامٍ جذاب لتحسين نوم المستهلك بشكلٍ تام. وتبقى هناك فرصةً للشركات لاستغلال المعلومات والبيانات التي تحصل عليها عن عادات واحتياجات المستهلكين في تصميم منتجاتٍ وخدماتٍ أكثر فعاليةً تستهدف تحسين مختلف جوانب النوم، مثل تسهيل الغفوة، وتقليل عدد مرات انقطاع النوم، وتخفيف حالة اليقظة والانتباه، وذلك لتعزيز الاسترخاء وتحسين جودة النوم بشكلٍ عام.
و مع تزايد الوعيّ الصحيّ للأفراد وازدياد رغبتهم في السيطرة على مؤشرات صحتهم، يلجأ البعض إلى البحث عن منتجاتٍ وخدمات مدعومة بالبيانات العلمية، راغبين بذلك في تحسين حالتهم الصحية بسهولة. وبالتالي فإن الشركات القادرة على مساعدة المستهلكين في تحليل هذه البيانات وتقديم حلولٍ مخصصةٍ وملائمة، مبنيّة على المعرفة الدقيقة والموثوقة، ستكون هي الأكثر قدرةً على إدراك النجاح.