ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر. نرحب بتعليقاتكم على البريد الالكتروني التالي: reader_input@mckinsey.com
يواجه قادة القطاع ضغوطًا متزايدة توازيًا مع تركيز نقاشات التغير المناخي العالمية على ضرورة الحد من الاحتباس الحراري العالمي إلى 1.5 درجة مئوية. 1 يمكن للدول الغنية بالموارد الهيدروكربونية تحويل هذا التحدي إلى فرصة مثمرة، من خلال الاستفادة من هذه الموارد، ومن مواقعها الجغرافية ووصولها إلى مصادر الطاقة المتجددة (في بعض الحالات) وبنيتها التحتية المتطورة لتطوير واستيراد الهيدروجين النظيف، وهو الهيدروجين الذي يتم إنتاجه مع معدلات منخفضة أو معدومة من انبعاثات الكربون، إلى جانب مشتقاته مثل الوقود النظيف.
المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية
شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية
ومن المتوقع أن يلعب الهيدروجين النظيف دورًا محوريًا في إزالة الكربون من القطاعات التي يصعب انتقالها نحو الحياد المناخي، بما في ذلك الصناعات الثقيلة والنقل لمسافات طويلة. ويتعين بطبيعة الحال تجاوز مجموعة التحديات المهمة، إذ تتسم سلسلة القيمة الخاصة بالهيدروجين بالتعقيد والحاجة الكبيرة لرأس المال، كما تسود معدلات تطور متفاوتة بين القطاعات، فضلًا عن صعوبة مواكبة التقنيات والقوانين دائمة التطور.
كما تعكس المنشورات الكثيرة الصادرة مؤخرًا مدى الاهتمام المتزايد بهذا الموضوع. ويستند تحليلنا إلى التوجهات الحالية في سلسلة القيمة بهدف توضيح السبل التي تتيح للجهات الرئيسية في الدول الغنية بالموارد الهيدروكربونية الاستفادة من مواقعها المتميزة وخبرتها المتعمقة في القطاع لتحقيق الريادة في قطاع الهيدروجين النظيف. ويتطلب تحقيق هذه الأهداف تحديد مصادر القيمة الرئيسية واختيار الأدوار المناسبة في سلسلة القيمة.
وأظهرت إحدى الدراسات البحثية من ماكنزي إمكانية أن يتراوح الطلب الإجمالي على الهيدروجين بين 600 و660 مليون طن بحلول عام 2050، ما يقلل من الانبعاثات الكربونية العالمية بنسبة 20%.2 وتتطلب الاستفادة من هذه الفرصة من جميع الجهات المعنية التعاون فيما بينها لتطوير سلاسل قيمة خاصة بالهيدروجين النظيف، وعلى امتداد مناطق جغرافية مختلفة. وتحظى الجهات التي تبادر باتخاذ تدابير حاسمة في هذه المجالات بفرصة فريدة لإنشاء مصادر قيمة جديدة ولعب دور ريادي في أسواق الطاقة العالمية المستقبلية.
الاستفادة الفعلية من الهيدروجين
إن القسم الأكبر من الهيدروجين المتوفر اليوم هو من الهيدروجين الرمادي، أي القادم من مصادر هيدروكربونية، وبالأخص الغاز الطبيعي، والتي يتطلب إنتاجه عملية تدعى الإصلاح البخاري، والتي ينتج عنها انبعاثات كربونية. كما يعتمد الكربون الأزرق على المواد الهيدروكربونية، إلا أنه يقترن مع مشاريع التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه، ما يخفف من التأثيرات البيئية غير أنه يتطلب استثمارات متزايدة. أما الهيدروجين الأخضر فيُنتَج باستخدام الطاقة المتجددة، وغالبًا من خلال التحليل الكهربائي للماء دون التسبب بانبعاثات كربونية.
وتتطلب الاستفادة من الهيدروجين في الدول الغنية بالموارد الهيدروكربونية وتوسيع نطاقه في السوق معالجة أربعة مجالات هي: توسيع نطاق العرض التنافسي، وتحفيز الطلب المحلي، وتطوير تقنيات النقل، وتسهيل التعاون بين سلاسل القيمة والعملاء والدول.
- توسيع نطاق العرض التنافسي. يتطلب ذلك من الدول الغنية بالموارد الهيدروكربونية زيادة إنتاج الهيدروجين الأزرق والأخضر. ويلعب الهيدروجين الأزرق دورًا مهمًا على المديين القصير والمتوسط، والأخضر على المديين المتوسط والطويل مع تزايد جدواه الاقتصادية. ويمكن تحقيق الانخفاض المطلوب في تكلفة الهيدروجين الأزرق بحلول عام 2030 بالاعتماد على الموارد الوفيرة ومنخفضة التكلفة من الغاز الطبيعي وباقي الموارد الهيدروكربونية، إلى جانب التطور التقني في مشاريع التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه. ويمكن الاستفادة من دعم إضافي من مصادر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، فضلًا عن الانخفاض المتواصل في التكاليف الرأسمالية للتحليل المائي. ورجّح تقرير نشره مجلس الهيدروجين في عام 2021 انخفاض تكلفة الهيدروجين على المستخدمين النهائيين بنسبة 60% بين عامي 2020 و2030. 3 ويستند هذا التوقع إلى سيناريوهات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة بين عامي 2030 و2050. 4
- تحفيز الطلب المحلي. يتطلب إرساء أسس منظومة الهيدروجين وجود أسواق محلية للهيدروجين توازيًا مع تطوير مسارات للتصدير. ويتجلى دور الحكومات في تطبيق الأطر التنظيمية المناسبة المرتبطة بإزالة الكربون والحد من التلوث، بما يضمن تحفيز بدء الطلب في هذه القطاعات المحلية. وأظهر تحليل ماكنزي أن تحفيز الطلب المحلي يساهم في زيادة تنافسية إنتاج الفولاذ والأمونيا باستخدام الهيدروجين النظيف بالمقارنة مع مسارات الإنتاج التقليدية بحلول عام 2030، وبأسعار كربون تتراوح بين 50 دولار و100 دولار أمريكي للطن الواحد، وفقًا للظروف المحلية.
- تطوير تقنيات النقل. يتطلب نقل الهيدروجين أن يكون بحالة سائلة أو تحويله إلى أمونيا. ويمثل تسييل الهيدروجين تحديًا صعبًا من الناحية التقنية وناحية التكلفة، حيث يتطلب تبريده إلى -252 درجة مئوية، وهي درجة الغليان الأدنى بين جميع العناصر. وأشار تحليلنا إلى أن عملية تحويل الهيدروجين إلى أمونيا بغرض نقله من الشرق الأوسط إلى أوروبا، ثم تحويله مجددًا إلى هيدروجين، تفرض تكاليف إضافية تتراوح بين 2.50 دولار و3 دولار أمريكي لكل كيلوجرام من الهيدروجين بحلول عام 2030، ما يمثل زيادة كبيرة نظرًا لأن تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر يمكن أن تقل عن دولارين اثنين لكل كيلوجرام بحلول عام 2030 في المنطقة.
- تسهيل التعاون بين سلاسل القيمة والعملاء والدول. ما تزال سلسلة قيمة الهيدروجين حديثة العهد، وتتطلب من الجهات الفاعلة في مختلف المراحل التعاون معًا لتطويرها بشكل متسق. ويمكن مثلًا أن تساهم اتفاقيات الشراء طويلة الأمد بين العملاء، مثل منتجي الفولاذ أو السماد الأخضر ومنتجي الهيدروجين، في الحد من مخاطر الاستثمار في مشاريع الهيدروجين النظيف. وتمكّن الشراكات مطوري المعدات والبنى التحتية من إطلاق استثمارات مع الحد الأدنى من ضمان الاستخدام. كما تساعد الشراكات بين الحكومات على تسهيل نقل الهيدروجين بين الدول، ما يدعم ارتفاع الطلب في الأسواق المستهدفة ويحفز عقد اتفاقيات التوريد.
دور الدول الغنية بالموارد الهيدروكربونية في توسيع قطاع الهيدروجين النظيف
تضم قائمة الدول بالموارد المواد الهيدروكربونية دولًا عديدة، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة وكندا. وتتمتع غالبية هذه الدول الغنية بسجل مميز في بناء إمدادات الطاقة وتوسيع نطاقها بالاستفادة من وصولها إلى موارد طبيعية تنافسية. ويمكن لهذه الدول في حالة الهيدروجين الاستفادة من معارفها ومخزوناتها الاحتياطية التنافسية لتوسيع نطاق قطاع الهيدروجين النظيف.
ومن المتوقع أن تسهم عوامل عديدة في تحفيز الإمدادات التنافسية من الهيدروجين من هذه الدول، بما في ذلك الوصول إلى الموارد الهيدروكربونية، والطاقة المتجددة الرخيصة، والطلب المحلي القوي، والموقع الجغرافي المتميز، والسجل الحافل في أسواق الطاقة العالمية. ويمكن لهذه الدول تحقيق التطور لتصبح رائدة في توريد الهيدروجين النظيف بالاستفادة من هذه العوامل، إلا أن قدراتها التنافسية تختلف وفقًا لقدرتها على تطبيق هذه العوامل.
ويُرجح أن تقوم هذه الدول بتوريد الهيدروجين الأزرق لأنه يمثل منفذًا للاستفادة من مخزوناتها الاحتياطية من الهيدروكربونات، ويمنحها الفرصة لاستخدام وإعادة استخدام هذه المخزونات والبنية التحتية للنقل والتخزين، فضلًا عن إمكانية المحافظة على مواقعها الرائدة في سوق الطاقة العالمي. ويتطلب ذلك الاستثمار في تقنيات مثل التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه للحفاظ على تنافسية الهيدروجين الأزرق بعد عام 2030. وتشير التوقعات إلى تصاعد القدرات التنافسية للهيدروجين الأخضر بعد عام 2030، وبالتالي يمكن للدول التي تحظى بموارد طاقة منخفضة التكلفة والانبعاثات الاستفادة من زخم قطاع الهيدروجين الأخضر ومن مصادر الطاقة المتجددة المواتية للتحوط ضد مخاطر تنافسية سعر الهيدروجين الأزرق مقابل الهيدروجين الأخضر في العقود المقبلة (الشكل 1).
يتيح بناء مخزون قوي من الهيدروجين للدول الغنية بالموارد الهيدروكربونية الاستفادة من الهيدروجين النظيف لإزالة الكربون من قطاع التكرير والتسويق، مثل قطاعات النفط والغاز والقطاعات التي تتطلب كميات كبيرة من الكيماويات والطاقة، إضافة إلى النقل الجوي والبحري بعيد المدى. كما يمكن للدول الغنية بهذه الموارد إعادة توظيف أنابيب الغاز القائمة لأجل نقل الهيدروجين النظيف مع تنامي الطلب على البنية التحتية، ما يقود إلى تحفيز الاستثمار في البنية التحتية للموانئ وشركات الطيران الوطنية أو سفن الشحن.
تحقيق الريادة: تحديد مصادر القيمة واختيار الأدوار المناسبة في سلسلة القيمة
تحظى الدول الغنية بالموارد الهيدروكربونية بفرصة كبيرة لتحقيق الريادة في سوق الهيدروجين مستقبًلا، من خلال تحديد مصادر القيمة واعتماد مجموعة من نماذج العمل المميزة (الشكل 2). وعلى سبيل المثال، قدمت شركات "نيوم" و "أكوا باور" و "إير برودكتس" استثمارًا بقيمة 5 مليارات دولار أمريكي لإنشاء مجمع متكامل عامل بالهيدروجين لإنتاج الأمونيا، ويشمل أيضًا مرافقًا للتصدير، بحلول عام 2025. 5 وخلال فترة نشر هذه المقالة، تم الإعلان عن أكثر من 680 مشروع واسع النطاق على مستوى العالم، والتي تمثل ما يتجاوز 240 مليار دولار أمريكي من الاستثمارات المنجزة.
تحديد المصادر الرئيسية للقيمة
تركز العديد من الجهات الفاعلة في القطاع على كامل سلسلة القيمة، من خلال تطوير مشاريع متكاملة لتخفيف المخاطر المحتملة التي قد تنتج عن محدودية أو بطء تطوير شرائح معينة في سلسلة القيمة. وعلى الجانب الآخر، يركز قسم آخر من الجهات الفاعلة، ولا سيما مصنعو المعدات الأصلية، على قطاعات محددة في سلسلة القيمة.
تطوير المسارات الصحيحة في سلسلة قيمة الهيدروجين
تنطوي عملية تعزيز المزايا التنافسية للدول الغنية بالموارد الهيدروكربونية على ستة مسارات رئيسية تشمل: 1) تصنيع معدات الهيدروجين، 2) إنتاج الهيدروجين، 3) التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه، 4) نقل الهيدروجين، 5) عمليات التكرير والتسويق للهيدروجين النظيف "مثل الفولاذ الأخضر أو الأزرق أو الوقود الصناعي"، 6) تطوير المشاريع المتكاملة (الشكل 3).
- تصنيع معدات الهيدروجين: يمكن للدول الغنية بالموارد الهيدروكربونية، والطامحة لتحقيق الريادة في قطاع الهيدروجين والتصنيع، تطوير جهة رائدة لتصنيع معدات الهيدروجين تتيح لها دعم خريطة الطريق الوطنية والتحول إلى مزوّد عالمي للمعدات. وبالتالي يستفيد مصنعو المعدات الأصلية من أفضل المسارات المرتبطة بتصنيع المعدات، والتي تتركز في المراحل النهائية من سلسلة التوريد، مثل تجميع الأجزاء المستخدمة في التحليل الكهربائي أو معدات التقاط ثاني أكسيد الكربون. ويمكن أن يضمن توطين التصنيع الوصول إلى تجهيزات التحليل الكهربائي أو التقاط الكربون لمواجهة قيود سلسلة التوريد المحتملة والمرتبطة بالنمو المتوقع في اقتصاد الهيدروجين. كما يمكن أن يساعد تطوير مجمع لالتقاط الكربون أو التحليل الكهربائي في توفير فرص العمل ودعم الناتج المحل الإجمالي.
- إنتاج الهيدروجين: يمكن لشركات النفط الوطنية ولمطوري تقنيات الطاقة المتجددة تحفيز الطلب على المواد الهيدروكربونية أو مصادر الطاقة المتجددة. وأشار سيناريو الالتزامات المحققة في منظور الطاقة على مستوى العالم 2022 من ماكنزي إلى أن الهيدروجين سيستهلك 650 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويًا، و17,400 تيرا واط ساعي من الكهرباء سنويًا في عام 2050، ما يمثل حتى 25% من إنتاج الطاقة المتجددة المتوقع في هذا الوقت. وتمتلك شركات المنتجات الكيماوية، ولا سيما التي تتعامل بقوة مع الغازات الصناعية مثل الهيدروجين الرمادي، غالبية الأصول والإمكانات اللازمة لإنتاج الهيدروجين النظيف اليوم. وتتمتع هذه الجهات الفاعلة الثلاث بالخبرة اللازمة لتطوير وتنفيذ وتشغيل المشاريع الصناعية المعقدة وذات رؤوس الأموال الكبيرة، والتي نحتاجها لتطوير مشاريع الهيدروجين النظيف.
- التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه: تنتج أحجام كبيرة من انبعاثات الغازات الدفيئة الوطنية عن الهيئات الفاعلة في مجال الموارد الهيدروكربونية، مثل شركات النفط الوطنية والمرافق وشركات المنتجات الكيماوية والقطاعات عالية استهلاك الطاقة. وبالتالي يمكن لهذه الجهات لعب دور هام في تطوير مشاريع التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه. وينطوي هذا القطاع على أهمية كبيرة بالنسبة لإنتاج الهيدروجين الأزرق، ويوفر الفرصة لإزالة الكربون من العمليات على امتداد محافظ الشركات. علاوة على ذلك، يمكن استخدام الكربون الملتقَط في العمليات القائمة مثل الاستخراج المحسن للنفط، أو في المنتجات المستقبلية مثل الوقود الصناعي.
- نقل الهيدروجين: توجد فرصة مجزية للغاية أمام الدول الغنية بالموارد الهيدروكربونية بفضل بنيتها التحتية القوية للتصدير وقطاعات الشحن وشبكاتها من خطوط النقل. ويمكن لشركات النفط الوطنية إعادة توظيف أنابيب نقل الغاز القائمة أو تطوير شبكات هيدروجين جديدة لتسهيل النقل، فضلًا عن التعاون مع مصنعي السفن لتطوير ناقلات الهيدروجين. وتوجد حاجة إلى عدد من ناقلات الهيدروجين السائل لتسهيل إنشاء سوق الهيدروجين العالمية بحلول عام 2030. اضافة إلى ذلك، يمكن لشركات المرافق ومطوري مصادر الطاقة المتجددة الاستفادة من شبكات نقل الغاز الحالية أو تطوير شبكات جديدة لنقل الهيدروجين محليًا. كما تستطيع شركات النفط الوطنية والمرافق الاستثمار في الشبكة الكهربائية لتسهيل نقل وتوزيع الطاقة الكهربائية الخضراء. ومن المتوقع تركيب نحو 39,700 كيلومتر من أنابيب الهيدروجين في أوروبا بحلول عام 2040 لربط مواقع الإنتاج منخفض التكلفة مع مراكز الطلب. كما يمكن لشركات الشحن الاستفادة من فرص نقل الأمونيا، ما يساهم في تطوير ناقلات الهيدروجين السائل. ويساهم نقل الأمونيا الخضراء والزرقاء في زيادة أحجام الأمونيا المنقولة بحلول عام 2030، مقارنةً مع سيناريو عدم اعتماد الهيدروجين النظيف.
- تكرير وتسويق الهيدروجين النظيف: تتمتع الدول الغنية بالموارد الهيدروكربونية، والتي تملك قطاعًا متطورًا للتنقيب والإنتاج وصولًا إلى موارد الهيدروجين الرخيصة، بالقدرة على توفير منتجات نهائية نظيفة مثل الأمونيا الخضراء. وتستطيع شركات النفط الوطنية إزالة الكربون من المنتجات باستخدام الهيدروجين كمادة أولية. كما تتوفر فرص جديدة لشركات المنتجات الكيماوية لإنتاج الأمونيا الخضراء والزرقاء، والتي يتم استخدام الهيدروجين فيها حاليًا كمادة أولية وينطبق الأمر نفسه على الصناعات عالية استهلاك الطاقة مثل الفولاذ. وأظهر تقرير مجلس الهيدروجين لعام 2021 أن تكلفة الفولاذ الأخضر يمكن ألا تتعدى 515 دولار أمريكي للطن الواحد من الفولاذ الخام، ما يثمر عن سعر 45 دولار أمريكي لكل طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030. وتعتمد الدول الغنية بالموارد الهيدروكربونية على أصول وقطاعات التكرير والتسويق للاستفادة من الطلب المتزايد على المنتجات الخالية من الكربون، مدعومةً بتحول تفضيلات المستهلكين والقوانين. وعلى سبيل المثال، أظهرت تحليلاتنا أن الطلب العالمي على الفولاذ المسطح منخفض البصمة الكربونية يمكن أن ينمو إلى أكثر من 100 طن متري بحلول عام 2030. ويمكن معالجة هذه الناحية عن طريق إنتاج الحديد الإسفنجي باستخدام الهيدروجين، باستثناء كمية تتراوح بين بين 10 إلى 20 طن متري تأتي من الخردة وأفران القوس الكهربائي.
- تطوير المشاريع المتكاملة: يمكن لشركات النفط الوطنية الاستفادة من مواقعها القوية على امتداد سلسلة القيمة للحد من مخاطر المشاريع وقطاعات التكرير والتسويق، فضلًا عن تسخير علاقاتها الحكومية للمساعدة على تأمين الطلب. ويصب هذا المسار في مصلحة شركات النفط التي تتمتع بالوصول إلى مصادر الطاقة، مثل المواد الهيدروكربونية والطاقة الخضراء، والتي تتميز بموقع جغرافي متميز وشبكة علاقات واسعة مع الجهات المستوردة للطاقة، يُضاف إليها الطلب المحلي الكبير من قبل القطاعات المحلية على المدى الطويل.
الخطوات القادمة للدول الغنية بالموارد الهيدروكربونية لريادة قطاع الهيدروجين
تلعب جميع الجهات الفاعلة في الدول الغنية بالموارد الهيدروكربونية دورًا محوريًا في وضع دولها على مسار الصحيح نحو اعتماد الهيدروجين، ومن بينها الجهات الحكومية، مثل صناع السياسات، والجهات التنظيمية، وشركات النفط الوطنية، والصناديق الاستثمارية، وشركات المرافق، وقطاعات التكرير والتسويق.
وتلعب الحكومات دورًا رائدًا في التطوير الأولي لاقتصاد الهيدروجين محليًا وعالميًا. ويتطلب ذلك تطوير خرائط طريق للهيدروجين، بما يشمل تحديد أهداف الإنتاج الوطني من الهيدروجين، وتطبيق القوانين لإزالة الكربون من مختلف القطاعات، وتحفيز الطلب المحلي على الهيدروجين، فضلًا عن عقد شراكات بين الحكومات لضمان الطلب على صادرات الهيدروجين المحلية، وتطوير رؤية واضحة حول توطين إنتاج الهيدروجين على امتداد سلسلة القيمة، وتحفيز تطور قطاع الهيدروجين من خلال الدعم التنظيمي.
بينما يتعين على الجهات الفاعلة في سلسلة قيمة الهيدروجين في تلك الدول تطوير استراتيجيات الهيدروجين لديها لتحديد الفرص المناسبة لها على امتداد سلسلة قيمة الهيدروجين، وتقييم المناطق المتاحة للمنافسة فيها. وتشمل هذه الخطوات قيام شركات المرافق بإنتاج الهيدروجين الأخضر؛ ودعم شركات النفط الوطنية لابتكار التقنيات اللازمة لتطوير الهيدروجين، وتحديدًا التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه، ونقل الهيدروجين السائل، والتقاط الهواء المباشر، وخلايا وقود الهيدروجين للشاحنات؛ واستثمار شركات النفط الوطنية في البنية التحتية للتخزين والتوزيع؛ وتوجه قطاع التكرير والتسويق نحو المنتجات الخضراء، مثل الفولاذ الأخضر والأمونيا الخضراء والاستفادة من مجمعات القيمة. وأخيرًا، يتعين على الجهات الفاعلة في الدول الغنية بالموارد الهيدروكربونية السعي لتعزيز عدد من عوامل التمكين، بما في ذلك صقل المواهب وعقد الشراكات لضمان تطوير التقنيات اللازمة، وتوسيع نطاق سوق الإمدادات، والشراكات طويلة الأمد لتحفيز الطلب أو اتفاقيات الشراء.
ولطالما لعبت هذه الدول دورًا مهمًا في إمداد العالم باحتياجاته من الطاقة. كما يمكنها الاستفادة من الوصول إلى الموارد اللازمة لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأزرق وبتكاليف تنافسية، وتوفر عاملًا مهمًا لتوسيع إمدادات الهيدروجين الأخضر والأزرق وتسريع وتيرة تخفيض التكلفة. ويمكن للشراكات مع الجهات الفاعلة في قطاع الهيدروجين في الدول الغنية بالمواد الهيدروكربونية أن تمنح الشركات والدول فرصًا للمشاركة في اقتصاد الهيدروجين، والأهم من ذلك، مسارًا لإزالة الكربون من عملياتها وقطاعاتها.
يمثل الهيدروجين عنصرًا رئيسيًا للحد من انبعاثات غازات الدفيئة في العالم، وضمان استقرار مخزون الطاقة من ناحيتي الكفاءة والأسعار. وتتمتع الدول الغنية بالموارد الهيدروكربونية بمكانة فريدة للمساعدة على تطوير وتوسيع نطاق التقنيات اللازمة. ويمكن للجهات التي تتخذ القرار الصحيح اليوم الحفاظ على مكانتها الرائدة والوصول إلى مجمعات قيمة جديدة ومتنامية، عدا عن المساهمة في إرساء مستقبل أكثر استدامة.