ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر. نرحب بتعليقاتكم على البريد الإلكتروني التالي reader_input@mckinsey.com
ورغم أن صناعة التجميل العالمية، التي تُقدّر قيمتها بنحو 450 مليار دولار، لطالما كانت نجمًا ساطعًا في سماء سوق السلع الاستهلاكية، إلا أن المؤشرات الراهنة تثير تساؤلات جدّية: هل بدأ وهج هذا القطاع يخفت؟
المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية
شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية
في الواقع، شكّل حب المستهلكين للتجديد في عالم الجمال وقودًا لا ينضب لنمو هذا القطاع. فقد كانت الرغبة المستمرة في التجربة والاكتشاف كفيلة بدفع عجلة المبيعات إلى الأمام، بل ومهّدت الطريق لارتفاع الأسعار دون أن يُضعف ذلك الإقبال. هكذا حقق القطاع نموًا سنويًا ملحوظًا بلغ 7% بين عامي 2022 و2024. لكن المشهد لم يبقَ على حاله. فمع تصاعد التوترات الجيوسياسية، وتزايد الضغوط الاقتصادية، وبلوغ بعض الأسواق حالة من التشبع، باتت وتيرة النمو مهددة. كما أن تغيّر أذواق المستهلكين أضاف طبقة جديدة من التحدي أمام العلامات التجارية. ولذلك، لم يعد بالإمكان مواصلة التقدم بنفس الأساليب السابقة، بل أصبح من الضروري إعادة التفكير في استراتيجيات النمو، وبناء مسارات جديدة تواكب الواقع وتستبق التغيرات.
في الوقت الذي تسجل فيه بعض جوانب قطاع التجميل تباطؤًا نسبيًا، تتشكل ملامح نمو جديدة قد تعيد رسم خريطة السوق. إذ يشهد السوق توسعًا ملحوظًا ليس فقط على مستوى الجغرافيا والأسواق الجديدة، بل أيضًا من حيث الفئات العمرية المستهدفة وتعريف الجمال نفسه. فالمستهلكون اليوم باتوا ينظرون إلى الجمال بمنظور أوسع، يتجاوز مستحضرات التجميل التقليدية ليشمل مفاهيم العناية الذاتية، والرعاية الشاملة بالجسم، والعلاجات التجميلية المتقدمة. وفي ظل هذا التحول، تتوفر أمام العلامات التجارية فرص غير مسبوقة لجذب انتباه المستهلكين عبر قنوات متنوعة. إلا أن هذا الانفتاح يقابله ارتفاع في وعي المستهلك، الذي أصبح أكثر حرصًا على القيمة مقابل المال، وأقل انبهارًا بالضجة التسويقية، وأكثر تركيزًا على النتائج الحقيقية للمنتجات.
تُظهر البيانات أن قطاع الجمال عالمياً، رغم ما يواجهه من تحديات، لا يزال قادرًا على المحافظة على معدل نمو سنوي مستقر يقدر بنحو 5% حتى عام 2030، وهو ما يشير إلى قدرة القطاع على التكيف مع التغيرات. وأظهر استطلاع آراء قادة الشركات العاملة في المجال أن 75% منهم يعكفون على تكثيف استثماراتهم بهدف تحقيق نمو حقيقي في حجم المبيعات، بعيدًا عن الاعتماد على رفع الأسعار كأداة رئيسية كما كان في الأعوام الماضية. غير أن هذا التوجه يصطدم بواقع يتمثل في تزايد وعي المستهلكين، وارتفاع تطلعاتهم فيما يخص القيمة مقابل ما يُدفع، ما يُلزم الشركات بمراجعة استراتيجياتها بما يتماشى مع هذه المستجدات. وفي هذا السياق، اعتبر 54% من التنفيذيين أن التحدي الأكبر يتمثل في تراجع رغبة المستهلكين في الإنفاق أو تأثر قدرتهم الشرائية بسبب عدم الاستقرار الاقتصادي.
ومع تغيّر معادلة النمو في سوق التجميل العالمي، لم يعد بوسع العلامات التجارية مواصلة المسار نفسه؛ بل أصبح من الضروري إعادة ضبط توجهاتها. ويتطلب ذلك من جميع اللاعبين في هذا القطاع التوجه نحو الأسواق التي تسجل أعلى معدلات النمو، وإعادة تقييم القيمة الفعلية التي تضيفها منتجاتهم إلى حياة المستهلك، بالإضافة إلى تجديد أدواتهم التجارية، بدءًا من أساليب التسويق، مرورًا بالتوزيع، وصولًا إلى تجربة العملاء. ومن هذا المنطلق، يسلط التقرير السنوي "حالة قطاع التجميل لعام 2025" الضوء على أبرز التوقعات والتحولات القادمة التي من شأنها أن تعيد رسم ملامح السوق في السنوات المقبلة.
نموّ القطاع وتحدياته: ملامح مستقبل صناعة التجميل
لم يعد طريق النمو في قطاع التجميل ممهّدًا كما في السابق، إذ فرضت تحولات السوق واقعًا أكثر تركيبًا وتعقيدًا أمام العلامات التجارية. فتنوع تفضيلات المستهلكين وتعدد أنماطهم لم يعد مجرد ظاهرة عابرة، بل أصبح عنصرًا أساسيًا يؤثر على فعالية الخطط التسويقية وقدرة المنتجات على الوصول إلى الفئات المستهدفة بدقة. هذا التشتّت، إلى جانب تصاعد المنافسة داخل فئات متعددة من المنتجات، أوجد بيئة تنافسية محتدمة تتطلب من الشركات مزيدًا من التمايز والابتكار. وفي المشهد الجغرافي، أصبحت التوترات الإقليمية تشكّل تحديًا حقيقيًا أمام محاولات التوسع، وتضيف طبقة من عدم الاستقرار الاستراتيجي قد تؤثر على استدامة النمو في عدد من الأسواق حول العالم.
رغم التحديات العالمية، لا يزال سوق الجمال أو التجميل في الولايات المتحدة يُعد من أكثر الأسواق جذبًا، بفضل حجمه الضخم والأسس الاقتصادية المتينة التي يقوم عليها. لكن هذه الجاذبية لا تعني بالضرورة وضوحًا في آفاق المستقبل، خصوصًا مع استمرار التقلّبات السياسية التي تعيد رسم خارطة التوقعات. ولتقديم رؤية متكاملة، يطرح التقرير سيناريوهين محتملين: الأول قائم على فرضية استقرار الأوضاع الاقتصادية، مما يدعم مسار نمو إيجابي؛ والآخر يفترض استمرار الضغوط السياسية والاقتصادية، بما قد يفرض قيودًا على قدرة السوق على التوسع. في ظل هذا التباين، يصبح التخطيط الاستراتيجي أداة حيوية لضمان الجاهزية لأي احتمال.
وفي الوقت الذي تشهد فيه بعض الأسواق التقليدية تباطؤًا في النمو، تبرز أسواق جديدة مثل أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط كمراكز واعدة للفرص، مدفوعة بازدياد مستويات الدخل وتنامي القوة الشرائية. إلا أن هذا الزخم لا يخلو من التحديات، إذ تواجه العلامات التجارية العالمية منافسة متصاعدة من نظيراتها المحلية التي باتت تمتلك حضورًا قويًا وفهمًا أعمق للمستهلك المحلي. أما في الصين، فهناك مؤشرات على تعافٍ مرتقب في المدى المتوسط، غير أن عودة السوق إلى معدلات النمو السابقة للجائحة تبدو غير مرجحة. وفي أوروبا، يتوقع أن يكون الأداء متماشيًا مع الاتجاهات العالمية، لكن الصعوبات الاقتصادية قد تُلقي بظلالها على حجم المبيعات.
ويُظهر استطلاع للرأي شمل كبار التنفيذيين في صناعة التجميل عالميًا أن أنظارهم تتجه بقوة نحو الهند والشرق الأوسط باعتبارهما من أبرز الأسواق التي تحمل آفاقًا واعدة للنمو. في المقابل، تقل حماستهم نسبيًا تجاه السوق الصينية. ولكن، لتحقيق النجاح في هذه الأسواق الصاعدة، لا بد من فهم دقيق للذوق المحلي والتكيّف مع خصوصياته. فعلى سبيل المثال، أشار 58% من المستهلكين في الهند إلى أن الجمال بالنسبة لهم يتمثل في الشعور بالثقة بالنفس، (بينما رأى أقل من نصفهم أن الجمال يرتبط بمواكبة صيحات الموضة. وهذا يعكس تحوّلًا في المفاهيم يستدعي من العلامات التجارية إعادة صياغة رسائلها التسويقية بما يتماشى مع قيم المستهلكين المحليين وتطلعاتهم).
وفي الواقع، يتجه عدد كبير من قادة شركات التجميل حول العالم إلى توسيع نطاق انتشارهم الجغرافي، مدفوعين برغبة في اقتناص فرص النمو في الأسواق الواعدة. وفي هذا السياق، يُشير حوالي نصف التنفيذيين إلى نيتهم تعزيز قنوات التوزيع داخل أمريكا الشمالية. وفي المقابل، يرى41 % منهم أن الهند تمثل وجهة استراتيجية للنمو المستقبلي.
تزايد ضغط المستهلكين يغيّر قواعد اللعبة
لم يعد عالم الجمال كما كان، فمع تسارع التغيرات السكانية وتنوع الأذواق، تلاشت الحدود التقليدية التي كانت تفصل بين شرائح المستهلكين. فلم يعد من الممكن الاعتماد على التصنيفات القديمة مثل العمر أو الجنس أو الفئة الاجتماعية لتحديد ما يريده المستهلك. وبدلًا من ذلك، باتت العلامات التجارية مطالبة بفهم أعمق وأكثر دقة لتوجهات الأفراد، من خلال الاستفادة من التحليلات المتقدمة والبيانات السلوكية. وفي ظل هذا الواقع الجديد، لم تعد "التجربة الموحدة" كافية، بل أصبح التخصيص الدقيق - أو ما يُعرف بالتجربة الشخصية الفائقة - أمرًا أساسيًا لا غنى عنه للنجاح في السوق.
وفي خضم التغيرات الاقتصادية المتسارعة، بات مفهوم "القيمة مقابل المال" يمثل أحد العوامل الجوهرية في قرارات الشراء. هذا التغير جاء نتيجة لتأثيرات التضخم وارتفاع الإنفاق، إلى جانب وعي متزايد يغذّيه توفر المعلومات. لم يعد الشكل الجمالي للمنتج أو الحملات الترويجية كافيًا للتأثير في قرار المستهلك، بل أصبح المعيار الأساسي هو مدى التزام المنتج بوعوده. وفي هذا السياق، تتراجع فاعلية ما يُعرف بـ"تأثير أحمر الشفاه"، الذي كان يضمن للعلامات التجارية استمرار المبيعات حتى في فترات الركود. فالمستهلك اليوم أكثر انتقائية، يُقيّم احتياجاته بدقة، ويُميز بين ما هو ضروري وما يمكن الاستغناء عنه.
رغم تنوع منتجات التجميل وتعدد استخداماتها، لا ينظر المستهلكون إليها جميعًا بالقيمة نفسها. فهم يميزون بين ما يستحق الإنفاق عليه بسخاء، وما يمكن الاكتفاء فيه بخيارات أقل تكلفة. فعلى سبيل المثال، تُعد مستحضرات العناية المركزة بالبشرة، مثل السيروم العلاجي، أكثر جاذبية للشراء، لأنها غالبًا ما تُقدم حلولًا فعالة لمشكلات حقيقية يواجهها المستهلكون. وعلى النقيض، فإن المنتجات الأساسية كغسول الوجه أو مرطبات الشفاه لا تحظى بنفس مستوى "الترف المبرر"، لأنها تُستخدم بصفة يومية ولا تقدم فارقًا محسوسًا في الأداء من منتج لآخر(الشكل 2). لذلك، كلما كان للمنتج تأثير ملموس أو ميزة واضحة تميّزه عن غيره، زادت احتمالية أن يُقبل عليه المستهلك رغم ارتفاع سعره.
وفي الحقيقة، تتزايد الضغوط على جميع فئات التسعير في سوق التجميل، إذ بات المستهلكون أكثر حرصًا على ما يحصلون عليه مقابل ما يدفعونه. فعلى سبيل المثال، يرى 83% من المشاركين في الاستطلاع أن منتجات العناية بالشعر تُعد ميسورة التكلفة، لكن هذه النسبة تتراجع إلى 67% فقط عندما يتعلق الأمر بالعطور. وفي ظل هذا الواقع، لم يعد أمام العلامات التجارية خيار سوى تعزيز استثماراتها في فهم شرائح العملاء بدقة، وتسليط الضوء على عناصر التميز الفعلية في حملاتها التسويقية، فضلًا عن ابتكار أساليب دخول ذكية تُرضي المستهلك الطموح والمتطلب على حد سواء.
قد اعتمدت العديد من العلامات التجارية الناشئة في قطاع التجميل خلال السنوات الأخيرة على إبراز مؤسسيها كأداة تسويقية لبناء الثقة وجذب الاهتمام. إلا أن هذا النهج لم يعد يحظى اليوم بنفس الزخم، مع تحوّل اهتمامات المستهلك نحو تقييم المنتجات بناءً على جودتها ومردودها الفعلي. ويُلاحظ أن قرار الشراء بات يرتكز بدرجة أساسية على جودة المنتج، ما يسبق أية عوامل تسويقية أخرى. ومع ذلك، تختلف أولويات المستهلكين بين فئات المنتجات، إذ تُظهر المؤشرات تباينًا في دوافع الشراء بين مستحضرات العناية بالبشرة، والعطور، ومنتجات العناية بالشعر، ما يؤكد وجود أنماط استهلاك متعددة ومتباينة (الشكل 3).
تحوّلت العلاقة بين المستهلك والعلامة التجارية إلى ما هو أعمق من مجرد إعجاب بمن يقف خلف المنتج. فبينما كان ظهور المؤسسين في واجهة المشهد الإعلامي عنصرًا فاعلًا في تشكيل هوية العلامات التجارية، خصوصًا تلك الناشئة في قطاع التجميل، أصبح هذا الأسلوب أقل تأثيرًا في سياق اليوم. العلامات التي بنت جزءًا كبيرًا من حضورها على شخصية مؤسسها، أو على مخاطبة جمهور ديموغرافي محدد، أو على رفع شعار الاستدامة كمحور أساسي، تجد نفسها الآن مطالَبة بإعادة النظر في جدوى هذه الاستراتيجيات على المدى الطويل. فالمستهلك المعاصر لم يعد يتفاعل بالدرجة الأولى مع السرديات المؤسسية أو القيم المُعلنة، بل يقيّم المنتج من منظور النتائج الفعلية والتأثير الملموس، بالإضافة إلى مدى انسجامه مع تطلعاته الجمالية الخاصة. من هنا، بات نجاح العلامة مرهونًا بقدرتها على تقديم منتج فعّال، مدعوم بتجربة حقيقية تُكسب ثقة المستهلك بعيدًا عن الصورة الإعلامية أو السمات السطحية.
حان الوقت لإعادة هيكلة المنظومة التجارية من الجذور
في خضم التحوّلات التي يشهدها قطاع التجميل، تواجه الشركات تحديات متزايدة في اثنين من أهم ركائزها التجارية: التسويق والمبيعات، والتوزيع. فمع تزايد الاعتماد على القنوات الإعلانية الرقمية المدفوعة خلال السنوات الماضية، بدأت هذه القنوات تفقد فاعليتها تدريجيًا، وأصبحت تكلفتها أعلى من أي وقت مضى، دون أن تحقق التأثير المرجو. ومن هنا، لم يعد من المجدي الاعتماد فقط على ضخ الأموال في الإعلانات الرقمية. ولهذا السبب، بدأت الحاجة تبرز إلى إعادة التوازن من خلال التركيز على بناء الهوية التجارية، أي أن يكون للعلامة التجارية قصة فريدة، ورسالة واضحة تلامس مشاعر الجمهور وتثير فضوله. لكن التحدي الحقيقي يكمن في أن هذا لن ينجح إلا إذا كانت العلامة التجارية أصيلة، مبتكرة، ومختلفة حقًا، لا مجرد نسخة مكررة من منافسين آخرين.
ومع تغيّر سلوك المستهلكين وتسارع التحول الرقمي، تشهد قنوات توزيع منتجات التجميل تحوّلاً لافتًا. فمن المتوقع بحلول عام 2030 أن ترتفع حصة القنوات الإلكترونية لتشكل ما يقارب ثلث المبيعات العالمية في قطاع التجميل، (مقارنة بنسبة 26% فقط في عام 2024)، مما يجعل التسوق عبر الإنترنت القناة الأقوى والأكثر تأثيرًا في هذا القطاع، (الشكل 4). وفي مقابل هذا النمو الرقمي، يُتوقّع أن تواصل المتاجر المتخصصة ومتاجر العلامة التجارية الواحدة الحفاظ على مكانتها السوقية دون تراجع كبير. وعلى الجانب الآخر، تبدو الصورة أقل تفاؤلًا للمتاجر الكبرى والصيدليات، إذ تشير التقديرات إلى احتمال تراجع حصتها السوقية، نتيجة لتراجع الإقبال على النمط التقليدي في الشراء.
ورغم التوسّع المستمر في التجارة الإلكترونية، لا يزال كثير من المستهلكين يفضّلون التوجّه إلى المتاجر الفعلية لاكتشاف منتجات التجميل وتجربتها بأنفسهم قبل الشراء، فالتجربة الحسية تظل عاملًا حاسمًا في هذا القطاع. في المقابل، أصبحت الأسواق الرقمية والمنصات الإلكترونية، وبشكل خاص مواقع التجارة الكبرى، الوجهة الأساسية للمستهلكين عندما يتعلق الأمر بإعادة شراء المنتجات المفضّلة أو الحصول على بدائل بسرعة وسهولة. وقد ساهمت الخصومات المتكررة وسرعة الشحن الفائقة في ترسيخ مكانة هذه القنوات، إلا أن هذا النموذج، رغم جاذبيته، قد يحمل آثارًا سلبية على المدى الطويل. فالإفراط في العروض الترويجية والتنافس على سرعة الخدمة قد يُضعف صورة العلامة التجارية، ويضغط على هوامش الربح، ويحوّل المنافسة إلى سباق نحو القاع. ولهذا، يُفضّل أن تركز العلامات التجارية على بناء تجربة تسوق متكاملة ومتجانسة عبر جميع القنوات، تجمع بين المتعة والسهولة، سواء في المتجر أو على الإنترنت. ومن المهم أيضًا استكشاف أدوات مبتكرة، مثل "التجارة المعتمدة على الوكلاء الرقميين"، التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتقديم تجربة تسوّق ذكية.
يشهد الذكاء الاصطناعي تقدمًا لافتًا في عدد من القطاعات، إلا أن اعتماده في صناعة التجميل لا يزال في مراحله الأولية. ووفق استطلاع للرأي، فإن 10% فقط من التنفيذيين يستخدمون هذه التقنية بشكل منتظم، فيما لا يزال نحو 60% في مرحلة التقييم والاستكشاف. وتُظهر البيانات أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يقدم حلولًا فعالة في مجالات مثل تطوير المنتجات، وضمان الجودة، وتحليل تفاعل المستخدمين عبر المنصات الرقمية، بالإضافة إلى تخصيص المحتوى التسويقي. إلا أن الاستخدام المباشر لهذه التقنيات في التواصل مع العملاء يستدعي مراجعة دقيقة، لضمان عدم المساس بثقة المستهلك، التي تشكل أساس العلاقة بين العلامة والجمهور.
وفي ظل هذه التحديات والتحولات، لا يزال قطاع التجميل يحتفظ بجاذبيته، سواء من منظور المستثمرين أو المستهلكين. ومع ذلك، فقد ولّى زمن الاستهلاك غير المدروس، ليحل محله واقع جديد يفرض على العلامات التجارية أن تثبت قيمتها الحقيقية، وأن تبرز تفرّدها، وتلبي تطلعات المستهلك الباحث عن منتج يعكس شخصيته ويواكب احتياجاته. ومن خلال التركيز على هذه الأبعاد الثلاثة - القيمة والتميّز والهوية - يمكن لشركات التجميل أن تفك شيفرة النمو وتعيد صياغة مستقبلها بثقة وابتكار.