فهم الصور النمطية للأجيال في أماكن العمل 

استكشاف الاختلافات بين "جيل الطفرة السكانية" و"الجيل زد"

ألق نظرة حولك. قد تُدهشك الفئات العمرية المختلفة في بيئة عملك، وربما تجد أربعة أو خمسة أجيال بها. يعتبر فهم التنوع الذي يرتكز على أساس السن أمراً ملحاً ولافتًا للاهتمام. ينقلنا "برايان هانكوك" و"بيل شانينجر"، المتخصصان في إدارة المواهب وتنميتها، في هذه الحلقة الجديدة من بودكاست McKinsey Talks Talent إلى حوار شيق مع "لوسيا رهيلي"، مديرة التحرير العالمية، حول ثمار دراسة حديثة تستكشف تفضيلات الأجيال المتعددة بساحة العمل، حيث تسعى الدراسة إلى توضيح الأفكار المسيطرة والمغلوطة وتفنيدها، والبحث في أساس المسألة، لإزالة الستار عن أساليب الإدارة الأمثل لمجموعات تضم أفراد من أجيال متنوعة.

تم تحرير هذا النص لأغراض التوضيح والإيجاز.

We strive to provide individuals with disabilities equal access to our website. If you would like information about this content we will be happy to work with you. Please email us at: McKinsey_Website_Accessibility@mckinsey.com

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

كُلنا بشر

لوسيا رايلي: كثيراً ما نجد أنفسنا نتأمل في تصرفات أجيال المختلفة، ونتساءل عن أصل هذا الاختلاف بيننا. لكن، هل هذا التفاوت عميق؟ أم هي مجرد اختلافات سطحية؟

بيل شانينجر: إن الأمر الذي نسعى للتركيز عليه هو التشابه بيننا، والذي فاق التوقعات. نحن لم نكتف في بحثنا بمتابعة الاختلافات التي يمكن أن تبرز بين الأجيال، بل أخذنا خطوة أبعد. حيث حاولنا استكشاف أوجه الحياة المتنوعة والمتعلقة بواجبات الأبوة أو برعاية الوالدين، ومسائل أخرى. وقد اكتشفنا الكثير من التفاصيل الدقيقة والمثيرة، والتي أثبتت أن الفروق الرئيسية بين الأجيال في سياق العمل لم تكن بالضخامة التي يتوقعها البعض.

بريان هانكوك: كُلُّنا بشرُ في الأساس. نتشابه في الرغبة في العمل الذي يملؤنا بالهدف ويدفعنا للأمام. الجميع يسعى إلى بناء علاقات قوية وموثوقة سواء مع زملائهم أو مديرهم، والاحساس بأن مهماتهم تساهم في تحقيق بصمة كبيرة ويتوقعون كذلك التعويض المنصف على مجهوداتهم. هذه الأسس مشتركة ومحورية بالنسبة للجميع.

كُلُّنا بشرُ في الأساس. نتشابه في الرغبة في العمل الذي يملؤنا بالهدف ويدفعنا للأمام. الجميع يسعى إلى بناء علاقات قوية وموثوقة سواء مع زملائهم أو مديرهم، والاحساس بأن مهماتهم تساهم في تحقيق بصمة كبيرة ويتوقعون كذلك التعويض المنصف على مجهوداتهم.

بريان هانكوك

وفقًا لما أشار إليه "بيل"، ربما يكون هناك اختلافات غير واضحة في التوجهات. فإذا كنت بداية في مشوارك المهني، قد تُظهِر ميلاً أكبر نحو قبول وظيفة تعزز من فرصك للتعلم، حتى لو كان ذلك يتطلب التنازل قليلاً عن التعويض المادي المباشر. ولكن مع تقدم العمر، قد تصبح رغبتك متجهة أكثر نحو وظيفة تمنحك مجالًا أوسع للتفاعل الإنساني، وهو محل اهتمام للكثيرين، خصوصًا في المراحل الأخيرة من حياتهم الوظيفية. ويمكن أن يكون العمل في هذا السياق بمثابة وسيلة مثلى لتحقيق هذا الغرض.

"الجيل زد" وأسطورة المال

لوسيا رهيلي: نرى تقريبًا بشكل يومي ما يصل إلى أربعة أو خمسة أجيال يعملون معًا في بيئة عمل واحدة. ولتغيير المعتقدات السائدة الموروثة حول الأجيال المختلفة، دعونا نغوص في بعض المعتقدات المرتبطة بكل جيل، والتركيز أولاً على "الجيل زد". نسمع الكثير عن التحديات المالية التي يعيشها هذا الجيل في ظل التراجع الاقتصادي. هل يمكننا فعلاً القول أن المال هو العامل الأساسي الذي يحرك "الجيل زد"؟

بيل شانينجر: لا يمكن الجزم بأن المال هو الدافع الرئيسي "للجيل زد"، إن الفارق البارز يتمثل في أن "الجيل زد" ينظر إلى مسألة المال بمنتهى الصراحة والشفافية، مما يعطي انطباعًا أنهم ينظرون إلى المال على أنه أهم أولوياتهم. وعلى النقيض، يعتبر "الجيل اكس" المال محور اهتمام، وخاصةً مع اقترابهم من سن التقاعد، غير أنهم تربوا في زمن كان فيه الحديث عن المال محظورًا. ولهذا أجد في ابني الذي يبلغ الثالثة والعشرين من عمره في بداية مسيرته المهنية نموذجًا حيًا يُظهر تغير هذه الصورة، حيث يشارك أقرانه تفاصيل كل عرض عمل يصلهم. وهذا يعكس مدى الشفافية التي تميزهم في سوق العمل الحديثة.

إذا كنت تتحدث باستمرار عن اهتمامك بالعمل، قد يصبح الانطباع السائد أن العمل هو ما تنشغل به. لكن تجربتنا مع "الجيل زد" أثبتت عكس هذه النظرة. إن اهتمامات هذا الجيل تتجاوز نطاق العمل وتشمل التطور الشخصي والنمو المهني. فهم يتطلعون إلى بيئة عمل تعزز من قدراتهم وتمنحهم فرصة للتألق. والحديث عن الأعمال بالنسبة لهم ليس من الأمور المحظورة أو غير المقبولة، بل هو جزء طبيعي من حياتهم اليومية.

يتميز "الجيل زد" بالوضوح في التعبير عن طموحاتهم وتطلعاتهم ولا يتطلبون تحليلًا معقدًا لمعرفة ما يفكرون به، على عكس "الجيل اكس" الأكبر سنا والذي يتصف منتسبيه بالتحفظ في التعبير عن مشاعرهم وأفكارهم، ويفضلون الحفاظ على خصوصيتهم وعدم إظهار أفعالهم بشكل علني، وقد يبدؤون في البحث عن فرص عمل جديدة أو يفكرون في تغيير وظيفي دون أن يظهروا ذلك بوضوح أمام الآخرين.

المرونة أمرًا هامًا وليست حكرًا على جيل الألفية

لوسيا رهيلي: نسمع دائمًا أن "جيل الألفية" يركز أكثر على التوازن بين العمل والحياة الشخصية. هل هذا صحيح لا؟

بريان هانكوك: خلال البحث الذي قمنا بنشره العام الماضي، أجرينا تحليلًا لبعض المجموعات غير التقليدية. وكان من بينهم مجموعة أشخاص يتولون مهمة رعاية الآخرين، سواء كانوا أطفالًا أو كبارًا في السن. وخلصنا إلى أن هؤلاء الأشخاص يسعون بشدة للحصول على أكبر قدر من المرونة في العمل باعتبارها أحد أولوياتهم.

بيل شانينجر: لنلقِ نظرة مفصلة على معنى المرونة. تتعلق المرونة بطبيعة عملك وكيفية أدائك له ومكان عملك وتوقيته. وهل هناك معايير صارمة يجب عليك الالتزام بها؟ هل عملك مقتصر على المكتب فقط؟ هل تقوم بمهامك بمساعدة الآخرين أو بمفردك؟

إن مسألة تحديد الوقت أمر مهم للغاية. حيث أن العمل غير التقليدي والذي يتسم بالمرونة، هو الخيار الأمثل للموظفين الذين يسعون إلى تحقيق التوازن بين حياتهم الشخصية والمهنية. فيمكنهم أن يستيقظوا مبكرًا ويستمتعوا بأوقاتهم في الصباح، ثم يحضروا وجبة إفطار أطفالهم ويوصّلوهم للمدرسة قبل أن يبدؤوا بأعمالهم الأساسية. وعند عودة الأطفال إلى المنزل، يمكن للوالدين أن يقضوا وقتًا ممتعًا معهم، ليستأنفوا بعدها العمل في المساء. هذه هي المرونة بمعناها الحقيقي.

لوسيا رهيلي: يبدو أن جيل الألفية يُظهِرُ اهتمامًا كبيرًا بتقديم الرعاية للأفراد أو المجتمع المحيط بهم. هل ترى فروقًا بين الأجيال في تحديد أولويات المرونة؟

بيل شانينجر: إن المرونة أمرًا بالغ الأهمية بالنسبة لـ "جيل اكس" الذي يواجه في كثير من الأحيان تحديات كبيرة في توفير الرعاية الصحية لآبائهم، وفي نفس الوقت إيجاد فرصة للاعتناء بأبنائهم. هذا الواقع شائع جداً بين "الجيل اكس".

بريان هانكوك: مهم أن نتأمل كيف يتعامل الزوجان اللذان يعملان ويكسبان دخلين مختلفين، يوضح بحثنا بعنوان "النساء في مكان العمل"، أن النساء لا يزلن يتحملن النصيب الأكبر من الأعباء العملية التي يتم القيام بها خارج العمل، مثل العمل بالمنزل، فضلًا عن التكفل بمسئوليات الرعاية، وهذا الأمر يحدث بغض النظر عن نوع الجيل.

نشهد في الوقت الحالي تغيرًا في نظرة الرجال من كافة الأجيال إلى المرونة في العمل، وذلك في ظل تفكيرهم بشكل أكبر وأعمق بتحقيق الموازنة بين مهام العمل، وبين دورهم كآباء. وعلى الرغم من أن النساء يتحملن النصيب الأكبر من الأعباء، إلا أننا بدأنا نلاحظ بعض التغيرات. لم يعد حديثنا مقتصرًا على "حاجة الأمهات لإجازات إضافية" فقط، بل نركز أيضًا على ضرورة توفير المزيد من المرونة لتلبية احتياجات جميع أفراد الأسرة. وهذا لا يعني أبدًا أننا نسعى لتقليل إنتاجيتنا أو عملنا، بل يعني تحقيق التوازن بين الحياة العملية والشخصية.

"الجيل اكس" ما بين الحذر والمخاطرة

لوسيا رهيلي: يُقال عادة أن الأمان الوظيفي هو العامل الرئيسي الذي يدفع موظفي "الجيل اكس" إلى الاستمرار في وظائفهم. يُعزى هذا الاعتقاد بشكل عام إلى بدء هؤلاء الموظفين رحلاتهم المهنية أثناء فترة الركود التي ضربت التسعينيات. والسؤال الذي نطرحه هنا هو هل تتطابق نتائج بحثنا مع هذه المفاهيم الشائعة؟

بريان هانكوك: يوضح بحثنا أن الموظفين من "الجيل اكس" لم يعودوا يشعرون بقلق بشأن الأمن الوظيفي مقارنة بالأجيال الأخرى.

بيل شانينجر: أدركت الآن وبعد أن أصبحت في الثالثة والخمسين من العمر، أنني من بين الأجيال الأولى التي رأت أبويها يعدلان عن الفكرة التقليدية للاستقرار الوظيفي، الفكرة التي تقول بأن العمل يبدأ من المهد إلى اللحد. وخلال فترة منتصف الثمانينات، كان منظورنا يتجه نحو المؤسسات الأمريكية الرائدة، حيث كانت تجري عمليات تسريح كبيرة وخفض شامل في أعداد القوى العاملة. ونتيجة لهذه التجربة، أصبح الكثير من "الجيل اكس" مضطرين لتحمل الأعباء المالية لآبائهم غير المستعدين للتقاعد، ولجأ العديد من هؤلاء الشباب من "الجيل اكس" في هذا الوقت لتأجيل فكرة الزواج، والاتجاه نحو العودة إلى المنزل والعيش في كنف الأسرة مرة أخرى.

ولهذا، يكتسب "الجيل اكس" أهمية خاصة، فهم من الناحية الاقتصادية بحاجة إلى الاستمرار في العمل. لكننا اكتشفنا أيضا أنه في بيئة توفر لهم خيارات عديدة بشأن الوظائف، ينبغي أن يشعروا بأن عملهم ذو مغزى مفيد بالنسبة لهم إذا كانوا سيبقون في وظائفهم الحالية.

لوسيا رهيلي: أود أن أفهم أكثر عن السبب الذي يدفع الأشخاص من "الجيل اكس" للتخلي عن وظائفهم إذا لم يجدوا فيها معنى أو غاية، خصوصاً مع وجود عبء الرعاية المزدوجة بين آبائهم وأبنائهم. هل يمكنك التوسع في هذه النقطة؟

بيل شانينجر: تعتبر الازدواجية ظاهرة مهمة نظرًا لتعقيداتها والمخاطر المرتبطة بها، نقصد بالازدواجية هنا التباين في الفرص الوظيفية المتاحة، ومستوى الأجور والمزايا، وطبيعة الوظائف، وبيئة العمل بشكل عام. يلعب سوق العمل في هذا السياق دورًا بارزًا في تعزيز هذه الظاهرة، خاصةً مع "الجيل اكس" الذي يتمتع أفراده بمرونة أكبر في العثور على فرص عمل جديدة في الوقت الراهن.

بريان هانكوك: يدرك "الجيل اكس" بشكل عام ما هي أهدافهم وميولهم. وقد اكتسبوا خبرة واسعة في مجال العمل. لذا نرى كثيرًا من هؤلاء الأفراد يعتبرون أن التحدي والمغامرة في الحياة المهنية ليست أمرًا سلبيًا، بل إنهم يشعرون بالثقة في قدرتهم على اكتشاف فرص جديدة تتوافق مع طموحاتهم وما يرغبون فيه.

تطلعات "جيل الطفرة السكانية" أبعد من مجرد حزمة مزايا

لوسيا رهيلي: بعض الأفكار تشير إلى أن "جيل الطفرة السكانية" يهتم كثيرًا بمسألة الأجور والمزايا، حيث يعتبرونها أحد الجوانب الأساسية لهم في مجال العمل. لكن، ما هي الرؤى الجديدة التي توفرها الدراسات الحديثة حول هذا الموضوع؟

بيل شانينجر: بالرغم من تحقيق أفراد "جيل الطفرة السكانية" الاستقلال المالي حاليًا وعدم حاجتهم الماسة للتعويضات الضخمة من الشركات، إلا أنهم لا يزالون ينظرون إلى هذه التعويضات على أنها دليلًا على القيمة التي يقدمونها. وتُعتبر التعويضات بالنسبة لهم مقياسًا للإنجاز والنجاح. ولكن، بالنسبة لكثيرين منهم، لا يمثل العمل مصدرًا للدخل لهم فقط، بل يعتبر أيضاً منصة للانتماء والاحترام والتواصل الاجتماعي.

تطوير بيئة عمل متجانسة تلبي احتياجات كل الأفراد

لوسيا رهيلي: إن أحد العوامل التي تناولها البحث هي سلامة بيئة العمل، فما سبب التباين في أهمية السلامة لدى الأجيال المختلفة؟

بيل شانينجر: أعتقد أن هناك اختلافات واضحة بين الأجيال. فبالنسبة لبعض الأجيال، السلامة هي قدرتهم على العودة إلى منازلهم بأمان بعد العمل، وهذا بالطبع أمرًا مهمًا جدًا. بينما يركز البعض الآخر على السلامة الاقتصادية ويرون فيها ضمان استمرار وظائفهم وقدرتهم على دعم أحبائهم، وتتجلى هذه الفروق أكثر فيما يتعلق بالاحتياجات والأولويات المختلفة لكل جيل في بيئة العمل.

ولكن يوجد نوع معقد من السلامة في مكان العمل، وهو مرتبط بالشعور بالأمان والاطمئنان أثناء وجود الفرد في بيئة العمل. يتمثل هذا النوع من السلامة في الاهتمام بالبيئة الشاملة والمقبولة. ومن هذه النقطة، نستنتج وجود اختلافات بين الأجيال، حيث يُولي "الجيل زد" أهمية كبيرة للتعبير عن هويتهم بصراحة وبفخر. وتترتب على ذلك حاجة مختلفة للسلامة، وقد تكون هذه الحاجة مرتبطة بالسلامة العاطفية والنفسية، إذ يرغب هؤلاء الأشخاص في أن يشعروا بأنهم في مكان آمن يحترم هويتهم، ويكونوا بعيدين عن التنمر والتهديدات والانتقادات.

يوجد نوع معقد من السلامة في مكان العمل، وهو مرتبط بالشعور بالأمان والاطمئنان أثناء وجود الفرد في بيئة العمل. يتمثل هذا النوع من السلامة في الاهتمام بالبيئة الشاملة والمقبولة. ومن هذه النقطة، نستنتج وجود اختلافات بين الأجيال

بيل شانينجر

لوسيا رهيلي: ما هي الطرق التي قد يستخدمها المدراء لإنشاء وسائل تواصل بين الأجيال المختلفة في بيئة عمل الفريق ولمساعدة الزملاء في التغلب على الافتراضات المسبقة التي قد تكون لديهم نحو الأجيال المختلفة؟ من بين الأمثلة البارزة التي يتم تناولها بشكل كبير هي الخيارات المفضلة للاتصال لدى كل جيل. فعلى سبيل المثال، يميل "الجيل اكس" إلى التواصل عبر الهاتف، بينما يفضل "جيل الألفية" استخدام البريد الإلكتروني، فيما يُفضِّل "الجيل زد" التواصل من خلال رسائل الدردشة الفورية.

بيل شانينجر: يُعتبر السؤال "ما هي اللغة التي تستخدمها في عملك؟" سؤال بالغ الأهمية، فمن الضروري أن يكون لديك معرفة كاملة وكافية عن الأفراد الذين يعملون معك لتسهيل التواصل الفعَّال معهم. كما أن التحدث مباشرةً مع الفريق من الأمور الأساسية في التفاهم الجيد. حيث اعتاد "بريان" أن يتحدث دائمًا عن معرفة أفراد الفريق من أجل فهم كيفية التواصل الأمثل معهم.

بريان هانكوك: هناك تنوع متزايد بين الأجيال وبين أفراد القوة العاملة في الولايات المتحدة، إن مستقبلنا في الأساس يتميز بتعدد الثقافات والأعراق، وهو أمر يستدعي منا أن ننظر بجدية في كيفية تعزيز الانتماء والاندماج لتلك الفئات المتنوعة، والعمل على بناء جسور التواصل والتفاهم المتبادل بينهم.

يجب على القادة أن يولوا اهتماماً كبيراً بتبني أساليب اتصال فعّالة وشاملة تُناسب الجميع. عليهم أن يضعوا في اعتبارهم استراتيجيات الاندماج الخاصة بالفرق التي يقودونها. ومن المهم أن يكون زملاء العمل الكبار قدوة حسنة في تقديم الدعم والتعاون، فكونهم حلفاء وداعمين لزملائهم يعزّز من التفاعل الإيجابي. قد لا يكون هذا الأمر ذا أولوية فورية، ولكن يجب عليهم أن يكونوا كما ننظر إليهم في إدارة الأجيال المختلفة والتعامل معهم.

لوسيا رهيلي: هل يمكنك تقديم اقتراحات حول الأساليب التي يمكن للإدارة أن تستخدمها في تنظيم نشاطات أو فعاليات تسهم في تعزيز التفاعل وتبادل التجارب بين أعضاء المجموعات الذين ينتمون إلى أجيال متعددة؟

بريان هانكوك: ادعهم لزيارتك في منزلك. كنت ضيفًا في منزل "بيل" أكثر من مرة، وكانت التجربة دائمًا رائعة. اعتقد أنك إن كنت تسعى لبناء علاقات قوية مع مجموعة من الأشخاص، سيكون منزلك هو المكان الذي يوفر بيئة شخصية ومريحة والمكان الذي يتم فيه التنازل عن القواعد والالتزام كليًا حيث تتلاشى المخاوف المتعلقة بـ من نحن؟ ماذا يجب أن نقول؟ كيف نظهر؟ وتصبح المقابلة مجرد لقاء مريح وودي بين "بريان" و"بيل".

بيل شانينجر: إن تحويل عمليات التواصل والتفاعل لشكل أكثر انسانية هي طريقة فعالة لتخفيف الشعور بالقوة والسيطرة، وكسر الحواجز والسماح لشريك حياتنا أو أطفالنا بالدخول ورؤيتنا في دور غير رسمي، وكأننا نقول: "أنا مجرد جزء من فريق هذا المنزل."

لوسيا رهيلي: هناك نقطة هامة في البحث الذي تطرق للتواصل ما بين القيادة والموظفين وتوفير الدعم لكل موظف بشكل مخصص. ألقت الدراسة الضوء على كيفية استخدام تقنيات التوجيه الحواري للتعامل مع التحديات الفردية التي يمكن أن يواجهها الأفراد من أجيال متعددة، بهدف تعظيم أدائهم ضمن هذه القيود. إذن ما هي الخطوات العملية لتحقيق ذلك وتحويلها إلى واقع؟

بريان هانكوك: فلنجعل الأمور أكثر وضوحًا، فإن الطريقة الأمثل لإجراء هذا النوع من المحادثات ليس فقط القول "أخبرني عن القيود التي تواجهك. دعني أحل المشكلة لك. بل الأفضل أن أسألك على سبيل المثال، "كيف تتخيل حياتك بعد خمس سنوات من الآن؟ ما هو العمل الذي ترغب في القيام به؟ ماذا عن أنشطتك خارج العمل؟ ما هو الإيقاع اليومي لحياتك؟ ما الأشياء التي تثير حماستك وتشعرك بالنشاط؟

تخيل لحظة أنك في حوار مع أب لطفلين في مرحلة الطفولة المتأخرة، يبلغ أعمارهم عشرة واثني عشر عامًا، وأصبحوا قادرين على رفع حقائب رحلة طويلة. بإمكانك القول حينها "هذه تجربة مذهلة! ما هي النقاط التي ترى أنها أساسية لك لتقوم بذلك؟ وما الأدوار التي تود تأديتها في مجال العمل؟". قد يقول بكل صراحة، "أريد أن أقوم بأنشطة أحبها، لا يهمني إن كان هذا أو ذاك.

هذا الأسلوب فعال بغض النظر عما إذا كان التعامل مع شخص من جيل الطفرة السكانية أو "الجيل زد"، حيث إن تشجيع الأشخاص على التأمل والنظر للأمام فيما بعد ستة أشهر مقبلة، يساعدنا على التفكر فيما إذا كانت هذه هي النقطة التي نهدف إلى الوصول إليها، لنجد سوياً أفضل الطرق التي يمكننا المساهمة بها لتحقيق هذا الهدف. قد لا نستطيع تحديد الصورة الكاملة لحياتك خلال الخمس سنوات المقبلة، ولكننا بالتأكيد يمكن أن ندرس سوياً كيف يمكننا رسم الجزء المتعلق بالعمل منها". أعتبر هذا النهج مفيدًا جداً.

بيل شانينجر: في بداية عملي مع ماكنزي، كان من الصعب علي العمل حتى وقت متأخر ليلة الجمعة. أذكر أنني كنت أحلم بأن أكون حراً بحلول الساعة 3:00 مساءً، وقت عودة طفلي من المدرسة. كنت أتمنى يوم واحد في الأسبوع لتناول العشاء مع طفلي، بدأت أعمل بجدية على استعادة السيطرة على هذا الجزء من حياتي.

اتساءل في هذا السياق عن كيف يمكن للقادة أن يحققوا للأفراد الذين يعملون معهم الشعور بالنجاح الذاتي في حياتهم الشخصية. نتيجة لهذا، تحول يوم الجمعة إلى طقوس خاصة نتشاركها أنا وابني.

قد تتباين التفاصيل استنادًا إلى العمر والظروف الحياتية، ولكن على نطاق عام، يستمتع الأشخاص بأن يُسألوا عن الأوقات التي لا يمكن التعدي عليها، والأوقات تمثل قيمة كبيرة لهم.

بيل شانينجر

بريان هانكوك: هذا يدعوني للتأمل في فكرة قيمة على مدار الأجيال، وهو الوقت الثمين مقابل الوقت الأقل قيمة. بالنسبة لـ "بيل"، الساعات القليلة من الثالثة إلى الرابعة بعد الظهر في يوم الجمعة تتميز بقيمة غالية، لأنها الفترة التي يخصصها للتواصل مع ابنه. بينما اللحظات التي يقضيها "بيل" في انتظار انتهاء نشاط ابنه، تعتبر فترة ذات قيمة نسبية أقل. هذه الفترة هي الفسحة التي يمكنه استثمارها لتعويض الوقت الذي أنفقه في يوم الجمعة.

بيل شانينجر: قد تختلف هذه الفترات الزمنية بناء على مستوياتهم العمرية وظروف حياتهم، ولكن كقاعدة عامة، يشعر الناس بالاحترام والاهتمام عندما يتم سؤالهم عن تلك الفترات الزمنية الحساسة بالنسبة لهم، ومعرفة ما يدور في داخلهم وما يهمهم

لوسيا رهيلي: جزيل الشكر، كان حوار رائع

Explore a career with us