تقنية إنترنت الأشياء تسجل تطورًا كبيرًا

| مقالة

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر نرحب بتعليقاتكم على البريد الالكتروني التالي: reader_input@mckinsey.com

يشارك في هذه الحلقة من البث الصوتي من ماكنزي "مايكل تشوي" و"مارك كولنز"، الشريكان لدى ماكنزي، أفكارهما مع "روبيرتا فوسارو" حول نتائج أحدث تقارير ماكنزي حول إنترنت الأشياء، بما في ذلك أفضل السُبل لدمج إنترنت الأشياء، وأفضل حالات تحقيق القيمة الأعلى، وما هي الجوانب التي ما تزال بعض الشركات تخفق في تطبيقها.

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

بعدها، يدور الحديث حول الحطام الفضائي الذي من المتوقع اصطدامه بالقمر في 4 مارس 2022. ويتحدث الشريك المساعد كريس داينك والمنتجة الإدارية للبث الصوتي لوريل موجلين أيضًا حول تبعات جميع الخردة الفضائية المتواجدة في مدار الأرض. تم تعديل هذه النسخة الكتابية لغرض التوضيح.

يستضيف حلقة البث الصوتي كل من "روبيرتا فوسارو" و"لوسيا راهيلي".

تعريف إنترنت الأشياء

روبيرتا فوسارو: كيف يمكننا أن نعرّف إنترنت الأشياء؟

مايكل تشوي: تتمثل تقنيات إنترنت الأشياء، أو ما يطلق عليها IoT اختصارًا، في القيام بإدخال التقنيات الرقمية إلى العالم الواقعي، كما نرى في السيارات والمباني على سبيل المثال. إذ يتم ربط هذه الأغراض المادية مع الحواسيب من خلال اتصالات عبر شبكات رقمية، وهذا هو المبدأ الأساسي لها.

روبيرتا فوسارو: اسمح لي مارك أن أسألك حول أبرز النتائج غير المتوقعة التي توصل إليها بحث ماكنزي حول إنترنت الأشياء مقارنةً مع البحث السابق حول التكنولوجيا؟ وما هي المجالات الأكثر إقبالًا أو التي سجلت انتشارًا أكثر من غيرها؟

مارك كولنز: وجدنا خمسة مجالات مثّلت 52% من القيمة المحققة في عام 2020، من بين البيئات أو المواقع الملموسة التي سجلت تبني أو اعتماد إنترنت الأشياء، والبالغ عددها 99 حالة مستقلة. ما يعني وجود تركيز حقيقي على المجالات التي تسهم في تحقيق القيمة.

وكان الجانب الثاني الذي فاجأني هو النمو الهائل لمفهوم المنزل المتصل، فقبل خمسة أعوام من الآن كان المنزل العادي في الولايات المتحدة لا يحوي سوى جهاز متصل واحد. أما حاليًا، وبعد مرور خمسة أعوام، تم تحقيق قفزات كبيرة، إذ يحتوي كل منزل في هذه الأيام على أكثر من خمسة أجهزة متصلة في المتوسط .وجاء هذا التحول بشكل جزئي بفضل الابتكارات الحقيقية في قطاع التكنولوجيا بما فيها الاعتماد على أجهزة المستقبلات الصوتية الذكية التي تقوم بتفيذ الأوامر عن طريق الصوت، وكذلك نظرًا لبقائنا في منازلنا طوال العامين الماضيين بسبب أزمة كوفيد-19، مما دفعنا إلى الاستثمار في بيئتنا المحيطة لتحسين نمط حياتنا وجعله أسهل.

روبيرتا فوسارو: أشرت إلى مساهمة خمسة مجالات في أكثر من نصف القيمة المُقدمة، ما هي المجالات الأربعة الأخرى التي تساهم في إضافة القيمة؟

مارك كولنز: يُعد قطاع التطبيقات الاستهلاكية بشكل عام أحد المجالات الأسرع نموًا وليس الأضخم، لذا عندما ننظر إلى الصورة الأكبر فإن ما يهمنا هو حالات الاستخدام المتعلقة بصحة الإنسان في المستشفيات وأقسام العناية الفائقة وأماكن الرعاية الداخلية أو المنزلية.

ولكن، كيف يمكننا تحفيز تحقيق المزيد من الكفاءة والفعالية في ضوء النمو الذي نلمسه في التطبيقات في مجال العمليات وتحسينها؟ وتَركّز ذلك في مجالات المصانع والمدن ومواقع العمل. كما شهدنا إقبالًا واسعًا على دعم إنتاجية الموظفين في مجال البيع بالتجزئة لتعزيز التجربة المقدمة للمتسوقين مع السماح للشركات بتحفيز نمو إيراداتهم وأسعار التكلفة لديهم في آنٍ معًا.

مايكل تشوي: شهدنا العديد من الأمور الرائعة، وكان من أبرزها تحقيق الشركات للقيمة من خلال هذه التقنيات. وتتزايد القيمة الحقيقية الناتجة بشكل مطرد من حالات الاستخدام المتنامية سواء في المصانع أو قطاع الرعاية الصحية أو مصانع السيارات.

تصحيح مسار دمج إنترنت الأشياء

روبيرتا فوسارو: هل يمكنكما تقديم أمثلة حول الشركات التي تسلك مسارًا متميزًا في دمج إنترنت الأشياء؟

مايكل تشوي: حدد المنتدى الاقتصادي العالمي مجموعة مصانع في مختلف أنحاء العالم يمكن اتباع منهجيتها كمثال يحتذى به في هذا السياق، بفضل تفكيرهم الاستشرافي من حيث تطبيق إنترنت الأشياء في أعمالهم، حيث قاموا مثلًا بنشر تقنيات الصيانة الاستباقية أو القائمة على الحالة الراهنة؛ بدلًا من انتظار تعطل الآلات في المصنع مما يتسبب بإيقاف خط التجميع بالكامل، وواظبوا على مراقبة أداء الآلات لتفادي حالات التوقف غير المخطط لها.

وأدى ذلك إلى خفض تكلفة الصيانة، فضلاً عن ضمان عدم خسارة مردود خط الإنتاج بالكامل والذي قد يساوي ملايين الدولارات يوميًا. وينطبق هذا الأمر على قطاع المواد الكيماوية أيضًا.

روبيرتا فوسارو: تتبادر إلى ذهني ناحية واحدة في التطبيقات الاستهلاكية؛ إذ يبدو بأن مسألة الخصوصية تمثل أحد أبرز معوقات توسيع نطاق الاعتماد على إنترنت الأشياء، فما مدى تأثيرها على نتائج البحث الذي قامت به ماكنزي؟ وكيف يمكن للشركات المساعدة على إزالة هذا الضغط؟

مايكل تشوي: تُعد الخصوصية بلا شك عاملًا مهمًا في تطبيقات المستهلكين وتتنامى أهميتها في ضوء الحوادث التي شهدناها خلال الأعوام القليلة الماضية. وعمدت بعض الشركات إلى توفير عروض قيمة ترتكز على الخصوصية مع إحرازها التقدم في هذا المجال، إلا أننا نلمس ضغطًا من المستخدمين الذين يطلبون الراحة التي توفرها الأجهزة القائمة على تقنية إنترنت الأشياء. وتسعى هذه الشركات إلى إحداث التوازن في المفاضلة ما بين الخصوصية وسهولة الاستخدام والموثوقية وسهولة التركيب وما إلى ذلك.

عمدت بعض الشركات إلى توفير عروض قيمة ترتكز على "الخصوصية مع إحرازها التقدم في هذا المجال، إلا أننا نلمس ضغطًا من المستخدمين الذين يطلبون الراحة التي توفرها الأجهزة القائمة على تقنية إنترنت الأشياء.

مايكل تشوي

تأثير إنترنت الأشياء على المدن

روبيرتا فوسارو: ما هو برأيكما تأثير إنترنت الأشياء على المدن؟

مايكل تشوي: أنا أعتبر المدن موضوعاً مقرباً بالنسبة لي نظراً لأني شغلت سابقًا منصب الرئيس التنفيذي لشؤون المعلومات في البلدية، وتتجلى إحدى التحديات التي تواجه المدن في جميع أنحاء العالم في حجم الاختناقات المرورية.

وعمدت مدنٌ عدة إلى تطبيق تسعيرة خاصة لأوقات الازدحام، من خلال تتبع فترة وجود السيارات في مركز المدينة وفرض الرسوم على أصحابها وفقًا للأوقات الأكثر ازدحامًا. الأمر الذي لن يُسعد السائقين بالطبع، إلا أنه أحدث تغييرات محورية في أنماط حركة المرور ضمن المدن التي طبقت هذه الطريقة. ويمكننا اعتبار المدينة كائنًا حيًا ديناميكيًا تساعده تقنية إنترنت الأشياء على التأقلم والتكيف.

مارك كولنز: انطلاقًا من مثال الكائن الحي نشهد اليوم توجهًا حقيقيًا نحو مبادئ المسؤولية البيئية والمجتمعية والحوكمة والاستدامة. وأعتقد، على خلفية التلوث الذي عانت منه سان فرانسيسكو نتيجة حرائق ولاية كاليفورنيا قبل بضع سنوات، أننا نشهد تركيزًا فعليًا على مراقبة جودة الهواء والمياه، ونرى المدن تبادر إلى تركيب أجهزة الاستشعار لرصد هذه الجوانب. كما رأينا حرص الأفراد على شراء أجهزة استشعار لتحديد مستويات تلوث الهواء في منطقتهم، والتي تتيح للحكومات التخطيط لاستجابتها لموضوع التلوث، وتقدم معلومات وبيانات يمكن أن تؤثر على عملية اتخاذ القرارات، مثل المصانع المقرر افتتاحها وأماكن إنشائها وساعات عملها.

ما هي الجوانب التي تخطئ فيها الشركات عند استخدامها لإنترنت الأشياء؟

روبيرتا فوسارو: كانت هذه هي المجالات الواعدة والنشطة، ولكن ما هي الجوانب التي ما تزال الشركات تخطئ فيها عند استخدامها لإنترنت الأشياء؟

مارك كولنز: كانت إحدى أهم نتائج البحث برأيي، مقارنةً بالبحث الذي أجريناه قبل خمسة أعوام، بأنه يمكننا أن نرى المستوى المتقدم الذي وصلت إليه هذه التقنية، حيث حققنا تقدمًا كبيرًا في مجالات عدة مثل اتصالات الشبكات وقدرات البطاريات وتحليلات الحاسوب المتقدمة وغيرها. وكثيرًا يتم التعامل مع إنترنت الأشياء على أنها مشروع تقني يشرف عليه غالبًا الرئيس التنفيذي لشؤون المعلومات أو وحدة أعمال صغيرة أو مصنع وبشكل ذاتي.

مما يدل على أن التقنية قد تغيرت دون تغير فعلي في طريقة التعامل معها، إذ قامت المصانع السباقة إلى استخدام هذه التقنية، التي ذكرها مايكل تشوي سابقًا خلال حديثه، بالتعامل مع دمج إنترنت الأشياء على أنه تحول شامل لنموذج التشغيل.

ويعني هذا أنهم عندما يدرسون مثلًا سُبل تغيير الأنظمة والعمليات في المصنع، فإنهم يفكرون في إمكانية حاجتهم إلى تحفيز الأفراد للعمل بطريقة مختلفة ضمن النظام الجديد. ثم يفكرون في تحديد مؤشرات الأداء الرئيسية والتقارير الواجب تقديمها من منظور استشرافي لدعم الاستفادة القصوى من هذه التقنية. ويمكننا لدى جمع هذه الجوانب من نموذج التشغيل مع التقنيات المتميزة التي نمتلكها اليوم، أن ضمن تحقيق نتائج رائعة.

مايكل تشوي: وأعتقد بأن التركيز على التكنولوجيا ما يزال جانبًا مهمًا، بوصفي رئيسيًا تنفيذيًا سابقًا لشؤون المعلومات. ولكن يتعين علينا التأكد من التركيز على قطاع الأعمال أيضًا.

روبيرتا فوسارو: هذه فكرة مهمة حقًا، ما هي التغييرات التي يجب أن نقوم بها في مجالي التكنولوجيا والأعمال لتمكين مبادرات حقيقية في مجال إنترنت الأشياء؟

مايكل تشوي: تلك علاقة قديمة، حيث نحتاج في أي تطبيق تجاري للتكنولوجيا إلى التعاون الوثيق بين قادة الأعمال وقادة التكنولوجيا. ويتطلب ضمان الدمج السلس لإنترنت الأشياء في ضوء التقدم التكنولوجي الهائل وجود هذه القيادة المشتركة.

كما نحتاج في نهاية المطاف إلى أن يكون قائد الأعمال قادرًا على تحديد الأهداف، مثلًا: "نسعى إلى استهداف أوقات التعطل غير المخطط لها، أو تكاليف إدارة المخزون، أو سلامة الموظفين". كل ذلك يمثل النتائج المنشودة مهما تكن، ونأمل أن يتعلم المتخصصون في التكنولوجيا تقديم حلول لهذه الاحتياجات تزامنًا مع تعلم المتخصصين في الأعمال عن التكنولوجيا.

مارك كولنز: انطلاقًا من هنا، فإن أحد الموضوعات التي عرفناها من خدمة العملاء لدينا بأن دمج إنترنت الأشياء يكون أسهل في المشاريع الجديدة عادةً، إذ يسهل تصميم التقنيات ورموز الأعمال منذ البداية أو بالنسبة للشركات الجديدة المتخصصة في إنترنت الأشياء التي يجري تأسيسها من الصفر. ويبرز التحدي عند محاولة دمج هذه التقنية في بيئات قديمة أو البيئات العملية للعلامات التجارية.

ويشمل هذا الأمر حالات المصانع القائمة منذ 50 عامًا والتي قررت فجأةً الاتصال بالإنترنت للمرة الأولى والشركات التي كانت تركز سابقًا على منتجات غير متصلة. كيف يمكن لهؤلاء الانتقال إلى عالم أكثر اعتمادًا على البرمجيات، حيث يمكنهم بيع منتجات متصلة في المستقبل؟ ويمكن للاتصال بين قادة الأعمال وقادة التكنولوجيا تحقيق نتائج مذهلة في هذه الحالات.

دور المواهب في اعتماد إنترنت الأشياء

روبيرتا فروسارو: ما هو دور المواهب في أساليب اعتماد إنترنت الأشياء؟ أم أنهم يتسببون بإعاقة نمو قطاع التكنولوجيا؟

مارك كولنز: تلعب المواهب بلا شك دورًا بالغ الأهمية في المجالات الأكاديمية الأساسية، حيث تبرز حاجة ماسة إلى المواهب مثل مهندسي وعلماء البيانات وعلماء الحاسوب وما إلى ذلك، ممن يدعمون جميع عمليات التحليل وإنترنت الأشياء.

ويبرز دور المواهب أيضًا في أساليب العمل، حيث نرى الشركات تحقق أداءًا جيدًا لدى اعتمادها منهجية التفكير التصميمي والعمل بطريقة عكسية تبدأ من فهم احتياجات العملاء وصولًا إلى كيفية تقديم الحلول التي تلبيها.

وعندما نأتي إلى انعكاسات ذلك على الحكومات أو الجهات التنظيمية يتبادر إلى أذهاننا السؤال حول كيفية تفكير الحكومات والجهات المنظمة في صقل المواهب اللازمة لتحقيق هذه الإمكانيات مستقبلًا. ويستلزم ذلك مجموعة شاملة من التدابير على طول المسار من التعليم الابتدائي والثانوي والعالي وحتى التفكير في تنمية المهارات.

مايكل تشوي: تحتاج الشركات إلى عدد كبير من المتخصصين المُلمين بكيفية تطبيق إنترنت الأشياء وتحقيق القيمة منها، إذ يعدون إحدى أساسيات المنافسة. وتسعى شركات السيارات أيضًا إلى استقطاب هذه المواهب نظراً لأن مجال إنترنت الأشياء لا يقتصر على قطاع التكنولوجيا.

تجنب المنهجية المجزأة في تطبيق إنترنت الأشياء

روبيرتا فوسارو: هل يمكنكما ذكر بضعة أمثلة عن الأشياء التي تخطئ فيها الشركات التي تحاول استخدام إنترنت الأشياء أو تطبيقها في استراتيجياتها؟

مارك كولنز: نلحظ في الشركات العملاقة متعددة الجنسيات التي تمتلك حضورًا في جميع أنحاء العالم عدم وجود جهة مرجعية محددة لإنترنت الأشياء في الشركة، مما يقود إلى اتخاذ قرارات مُشتَّتَة ولا تتسم بالمركزية في هذا المجال.

أذكر حديثًا دار مع أحد زملائي حول شركة تمتلك مصانع عديدة في مختلف أنحاء العالم، حيث يمتلك كل مصنع منها تطبيقًا مخصصًا وتاجرًا محددًا لتوفير حالة استخدام واحدة منفصلة خاصة به.

سجلت هذه المصانع أداءًا جيدًا عند النظر إليها كوحدات مستقلة، ولكن عندما ننظر إلى أداء الشركة عمومًا يبدو مستحيلًا الحصول على نظرة شاملة للشركة بأكملها. مما يعني أن الشركة كانت مقيّدة من الناحية الهيكلية عند محاولة توسيع نطاق هذه الحلول، وتوجّب عليها تقريبًا أن تعود إلى نقطة تقريبًا لتعيد تصميمها بالكامل.

وأرى أن وجود جهة مسؤولة عن أجندة إنترنت الأشياء عامل مهم، ولا سيما في الشركات متعددة الجنسيات، وأن التفكير مليًا على المديين القصير والطويل وعلى المستويين المحلي والعالمي يتيح تحقيق القيمة المنشودة.

ورأينا أمثلة عديدة عن قيام أشخاص بشراء أجهزة تقنية واستخدامها لأسبوع واحد ثم إهمالها. ويمكن إحداث تغيير ملموس في الشركات عن طريق توحيد جانب الأعمال مع الجانب التكنولوجي وتغيير أساليب العمل اليومية.

ودائمًا ما أقول أنا وتشوي أن المتخصصين بتصليح الأعطال أكبر مثال على ذلك، حيث ظلوا حتى وقت قريب أبطال الساعة عند إصلاحهم لأي من الأعطال. إلا أن المستقبل شيسهد أبطال قادرون على ضمان عدم الحاجة إلى الإصلاحات مطلقًا. لذا، يتعين علينا تغيير طريقة تفكيرنا كليًا حول مؤشرات الأداء الرئيسية والحوافز وإدارة أداء الموظفين على مستوى عملي بحت.

مايكل تشوي: وتخطئ الشركات أيضًا في عدم حرصها على أن تكون الآلات التي تشتريها قادرة على الاتصال مع بعضها. وتؤكد كثير من الشركات التي تبيع للمصانع معدات متصلة بأنها ستقوم بأعمال الصيانة الاستباقية، لأن عدم قدرة الآلات على التواصل بين بعضها يؤثر سلباً على أداء المصنع بأكمله.

وأظهر التحليل الذي أجريناه أن أكثر من 50% من القيمة التي يمكن توفيرها من إنترنت الأشياء تتطلب إمكانية التشغيل البيني. ويتعين على مدير المصنع أو مدير المشتريات تحقيق الاتصال والتشغيل البيني لضمان قدرة الأجهزة المزودة بتقنية إنترنت الأشياء على التواصل بين بعضها.

منظومات الأعمال تتمتع بأهميةٍ كبيرة

روبيرتا فوسارو: ما دور منظومات الأعمال في التغييرات التي شهدتموها؟ وهل تم تسجيل مجالات تعاون أكبر؟ وهل أصبحت هذه المنظومات أكبر أو أفضل؟

مارك كولنز: أعتقد أن منظومات الأعمال باتت تتمتع بأهمية كبيرة مع تطور المشهد الحالي، ويمكننا هنا أن نقدم مثالًا ملموسًا على ذلك هو توجه إحدى الشركات التي أعمل معها لنشر أجهزة استشعار في بيئة عمليات الإنتاج وضمان أمن هذه الأجهزة، ويستلزم ذلك تصميم نظام حماية منذ البداية. فكيف يمكن ضمان أمن الشبكة التي تنقل المعلومات بين تلك الشرائح الإلكترونية؟ وكيف نستطيع ضمان أمن هذه البيانات داخل الحواسيب الخادمة التي يتم تخزنيها فيها؟ لا يوجد أي مزود متخصص قادر على ضمان أمن كامل سلسلة القيمة الخاصة بإنترنت الأشياء، بل نحتاج للتعاون بين مجموعة من الجهات لدمج مختلف الطبقات اللازمة وتقديم النتيجة المنشودة.

وشهدنا ظهور منصات ضخمة يمكن للجميع تحقيق الاندماج باستخدامها، إلا أننا لم نشهد بروز مثل هذه المنصات في مجال إنترنت الأشياء حتى الآن، إذ يُعد ظهورها من خلال أحد جوانب منظومات العمل أو جوانب أخرى أمرًا نترقبه بشدة.

استثمار إنترنت الأشياء في حل مشاكل سلسلة التوريد والصحة العامة

روبيرتا فوسارو: في حال كررنا هذا البحث بين عامين أو خمسة أعوام، ما التوجهات التي ستشهد تطورًا برأيكما؟

مايكل تشوي: نحتاج لتعزيز أداء مصانعنا بالنظر إلى مشاكل سلسلة التوريد التي واجهناها مؤخرًا، حيث شهدت حالةً انتهى بها المطاف إلى تباطؤ النمو أكثر من المستويات المتوقعة في عام 2015، إلا أنها تُعتبر أكبر مصدر محتمل للقيمة، في الوقت نفسه.

ولا يمكننا الافتراض أن إنترنت الأشياء ستقدم الحل لجميع تلك المشاكل، ولكنها توفر رؤيةً أفضل لسلسة التوريد وتحديد ما إذا كان ينبغي تقليص حجم التصنيع أو زيادته، مما يتيح الوصول إلى اقتصاد أكثر مرونة وإنتاجية.

ونأمل أن نتمكن من إدارة الجوائح الأخرى في المستقبل من خلال الإلمام بوضع الصحة العامة على الصعيد المجتمعي والفردي، كما نأمل في جعل منازلنا أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة.

مارك كولنز: كتبنا هذا التقرير في خضمّ الأزمة الصحية، حيث شهد العالم تغيرًا كبيرًا خلال الأشهر الـ 18 الماضية.

وأشار أحد الرؤساء التنفيذيين إلى إنجاز عمليات تحول رقمي كانت تحتاج إلى عشرة أعوام خلال أقل من عشرة أشهر. وأرى اليوم الكثير من عملائي يحققون إنجازات كبيرة خلال فترات لم تكن ممكنة في السابق، كما أشهد ازدياد مستويات الطموح لديهم مع تفكيرهم بأهدافهم وكيفية اتصالهم بالعالمين المادي والرقمي والتعاون على إقامة استثمارات مُجدية في مجال التوائم الرقمية والتقنيات الأخرى التي تمكنهم من الاستعداد لمواكبة المستقبل وتحقيق القيمة وتخديم عملائهم بشكل أفضل.

حان الوقت للرهان الكبير

روبيرتا فوسارو: ما أبرز نصيحة توجهها لقادة الشركات لتسريع اعتمادهم لإنترنت الأشياء؟

مايكل تشوي: أنصحهم باعتماد إنترنت الأشياء الذي يتيح لهم نقل جميع ابتكاراتهم في العالم الرقمي إلى العالم المادي، ولكنّ ذلك يتطلب القيام بعدة إجراءات وليس مهمةً سهلة. وهذا ما اكتشفناه، لذا يتحتم عليكم وضع مخطط كامل في حال أردتم إجراء عملية التحول باستخدام إنترنت الأشياء.

مارك كولنز: أرى شخصيًا أن الأمر يتعلق بكيفية البدء بتحديد النتائج وتحقيقها باستخدام التكنولوجيا.

روبيرتا فوسارو: ذكرتما في البحث جملة "يجب عدم التردد في اتخاذ القرار"، فما الذي يعنيه ذلك من وجهة نظر مسؤول تنفيذي قد يكون متردداً في اتخاذ قرار التحول؟

مارك كولنز: يؤدي إنجاز العديد من التحولات إلى إحداث تغيير جذري، حيث شهدنا من خلال أبحاثنا السنوية نجاح الشركات التي تعمد إلى نشر تطبيقات لإنترنت الأشياء بشكل متزامن في تحقيق قيمة أكبر من كل تطبيق مستقل؛ وذلك نتيجة إعادة النظر في النموذج التشغيلي والعمليات والحوافز وعملية إعداد التقارير، مما يفتح للشركة مجالاتٍ أوسع.

عادةً ما تنجح الشركات التي تعمد إلى نشر تطبيقات لإنترنت الأشياء بشكل متزامن في تحقيق قيمة أكبر من كل تطبيق مستقل؛ وذلك نتيجة إعادة النظر في النموذج التشغيلي والعمليات والحوافز وعملية إعداد التقارير، مما يتيح للشركة مجالاتٍ أوسع.

مارك كولنز

روبيرتا فوسارو: كيف تكون عملية نشر حالات استخدام متعددة؟

مارك كولنز: قد تحدث حالات الاستخدام المتعدد ولكنها تكون من مناظير مختلفة ضمن أنظمة ومجالات مغايرة أيضًا، ولذلك أرى من الضروري تحديد جهة مسؤولة عن تطبيق إنترنت الأشياء ضمن المؤسسة. والشخص الذي سيتولى هذه المهمة ويشرف على التقدم لأن تعيين مسؤول لتولي هذه المهمة يتيح مجالًا أكبر للتعاون، مما يسمح بتحقيق تأثير مضاعف في حيث النتائج حسبما كشفت أبحاثنا.

إنترنت الأشياء والميتافيرس

روبيرتا فوسارو: ما دور إنترنت الأشياء في تعزيز انتشار عالم الميتافيرس أو إعاقته؟

مايكل تشوي: أودّ بدايةً أن أؤكد على وجود آراء مختلفة حول طبيعة عالم الميتافيرس، لذا يصعب علينا استخلاص إجابة مطلقة تطابق مفهوم الجميع له. عادةً ما نستثني أدوات واجهة المستخدم من تطبيقات إنترنت الأشياء، ولكنها تتعلق من الناحية العملية بعالم الميتافيرس.

مارك كولنز: يمكننا هنا التفكير بكيفية رسم نسخ طبق الأصل تقريبًا عن شبكات الاتصالات أو الكهرباء أو المصانع، ويمكننا فيها تجريب التقنيات واختبارها والحصول على ملاحظات حولها في الوقت الفعلي.

وتستطيع أجهزة الاستشعار والأجهزة القائمة على إنترنت الأشياء في هذه البيئات توفير معلومات تتيح للتوائم الرقمية العمل في الوقت الحقيقي ومنحنا القدرة على التفكير بكيفية إجراء التحسينات، مما يقدم فوائد من حيث فرص توفير تكاليف وتعزيز قدرة شبكات الاتصالات على مواجهة الظروف الجوية القاسية التي تسقط خلالها أبراج الاتصالات.

مايكل تشوي: يمكننا توظيف توأم رقمي في أحد المصانع لمحاكاة القدرات التي يتمتع بها والعمليات التي ينجزها، مما يدفعنا للانطلاق في التدريب وتحسين جميع تلك الجوانب.

دور إنترنت الأشياء في قطاعي الإنشاءات والرعاية الصحية

روبيرتا فوسارو: قبل أن نكمل الحديث، هل نسينا أي نقطة تودّ التطرق إليها؟

مايكل تشوي: تُعد مواقع العمل من الأماكن التي يمكن لهذه التقنيات إحداث أثر كبير فيها، إذ أن إنتاجية قطاع الإنشاءات تراجعت قليلًا على مدى عدة أعوام.

ونحتاج اليوم إلى توفير مزيدٍ من المساكن، ونعقد آمالنا على دور إنترنت الأشياء وغيره من الممارسات في تحسين إنتاجية القطاعات مثل قطاع الإنشاءات، مما يعود بفوائد كبيرة على الاقتصاد والمجتمع.

مارك كولنز: مايكل، دعنا نتحدث عن الكفاءة بما أنك تركز عليها كثيرًا. تحدثنا سابقًا عن تأثير أزمة كوفيد-19 على انتشار أدوات إنترنت الأشياء، كما رأينا أن قطاع الرعاية الصحية هو أكثر المجالات تغيرًا جرّاء الجائحة.

أسفرت الجائحة عن تغيير تعاطينا مع مزودي الرعاية الصحية، حيث بات من الطبيعي الآن في عالمنا الجديد التواصل مع عيادات الرعاية الصحية الأولية عن طريق الاتصالات الموحدة أو تقنية مكالمات الفيديو في الهاتف المحمول، وليس زيارة العيادة شخصيًا والانتظار فيها.

كما تتيح أدوات إنترنت الأشياء إجراء اختبارات تشخيصية لم تكن ممكنة سابقًا سوى في أماكن العناية الفائقة، ولكنها باتت متاحة الآن بواسطة جهاز قابل للارتداء على المعصم خلال 30 ثانية فقط. ومن هذا المنطلق تتمتع إنترنت الأشياء بالقدرة على إحداث تغيير حقيقي في تحسين الصحة العامة وسلامة المرضى الذين يعانون من أمراض خطيرة ومزمنة، وخصوصاً من حيث جودة الحياة وتعقب الأمراض المحتملة أو كشف تدهور الحالة الصحية في وقت مبكر، مما يساعد على تحسين جودة حياة الناس للتمتع بعمر أطول وصحة أوفر.

القسم الثاني: المخلفات الفضائية: قضية تستوجب الاهتمام

لوريل موجلين: تشير التوقعات إلى اصطدام قطعة من الحطام الفضائي بسطح القمر، في وقت تسجيل هذه الحلقة ويقول كريس دايهنك، الشريك المساعد لماكنزي في قطاع الفضاء والدفاع، إن آلاف القطع تدور حول الأرض.

كريس دايهنك: تعمل القوات الفضائية الأمريكية على تتبع 27 ألف قطعة من الحطام.

لوريل موجلين: وهذه فقط التي يمكن تتبعها. يقول كريس إن هذه القطع...

كريس دايهنك: بحجم كرة القاعدة.

لوريل موجلين: وماذا عن عدد القطع التي لا يمكن تتبعها؟

كريس دايهنك: يوجد مئات آلاف القطع أو على الأقل أضعاف العدد الذي يمكننا تتبعه.

لوريل موجلين: وما هي هذه المخلفات الفضائية بالضبط؟

كريس دايهنك: تتكون المخلفات الفضائية بدايةً من أجزاء الصواريخ أو الأقمار الصناعية القديمة البالية، فضلًا عن جميع مخلفات محطة الفضاء الدولية أو المكوك الفضائي في الماضي أو المركبات الفضائية الأخرى، أو قد تكون في بعض الحالات ناجمة عن تدمير قمر صناعي عمدًا بواسطة سلاح مضاد للأقمار الصناعية مما يتسبب بتوليد كمية كبيرة من المخلفات. كما يوجد أيضًا قطع من الطلاء وقفازات رائد فضاء.

لوريل موجلين: قد يكون وجود بقع الطلاء على الأرض أمرًا عاديًا ولكنه أشبه بمقذوفٍ موجهٍ في الفضاء.

كريس دايهنك: جميعنا يعلم حادثة المكوك الفضائي الذي تعرضت إحدى نوافذه لشظية تركت أثرًا واضحًا عليها بعد عودتها إلى الأرض ولكنها لم تسبب أي أضرار أخرى.

لوريل موجلين: ولكن هل يمكن أن يُسفر ازدياد تلوث الفضاء عن أضرار أكثر خطورة؟

كريس دايهنك: من الممكن على المدى الطويل أن نشهد تفاعلاً متسلسلاً على نطاق واسع مع ازدياد عدد المخلفات الفضائية وتصادمها مع بعضها، وهذه نظرية اقترحها أحد علماء وكالة ناسا وأُطلق عليها اسم متلازمة كيسلر، ولكننا لم نصل إلى تلك المرحلة الخطيرة بعد.

لوريل موجلين: يقترح دايهنك اتخاذ بضعة إجراءات لتجنب هذه المرحلة.

كريس دايهنك: يجب تجنب إنتاج مزيد من هذه المخلفات عمدًا، وتحسين آليات إزالة الأقمار الصناعية عند توقفها عن العمل، ووضع متطلبات تعزز قدرتنا على إزالة الحطام من الفضاء عندما يسبب لنا المشاكل، أي عند توقف هذه الأجهزة عن العمل فعليًا.

لوريل موجلين: نشهد اليوم اهتمام عدد من الهيئات بهذه القضية.

كريس دايهنك: تولت الأمم المتحدة مسؤولية هذه القضية واقترحت ناسا بعض المعايير، ويمكن القول إن هناك اهتمامًا من جانب جميع الدول المرتادة للفضاء. وتُعد هذه من المشاكل الشائعة، إذ أن السؤال الأهم يكمن في تحديد الجهة القادرة على اتخاذ خطوات عملية لحل هذه المشكلة.

لوريل موجلين: تعتمد الإجراءات حاليًا على رغبة الشركات والدول.

كريس دايهنك: نحن نفتقر حاليًا لوجود إجماع حول هذا الموضوع نتيجة دخولنا في حيز الحقوق السيادية ورغبة الدول في تقييد نفسها.

لوريل موجلين: نتوقع في المستقبل ازدياد الأنشطة الفضائية، بدءًا من إطلاق منظومات اتصال جديدة ووصولًا إلى تزايد توجه الإنسان نحو استكشاف الفضاء والإقبال على السياحة الفضائية، مما يعزز فرص حدوث الاصطدامات.

كريس دايهنك: لن يكفي أن نأمل بعدم وقوع كوارث في المستقبل، بل ينبغي علينا أن نتخذ خطوات فعالة للحد من هذه المخلفات.

لوريل موجلين: ماذا عن قطعة الحطام التي ستضرب سطح القمر؟ يقول كريس إن القمر لن يتأذى، ولكنّ الاصطدام سيؤدي إلى نشر كمية كبيرة من هذه المخلفات على سطح القمر مُسفرًا عن حفرة صغيرة نتيجة الاصطدام.

Explore a career with us