الاستثمار في تكنولوجيا المستقبل لتحقيق النمو المستدام: دروس مستفادة من الشركات الناجحة

| استبيان

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر. نرحب بتعليقاتكم على البريد الإلكتروني التالي reader_input@mckinsey.com

وفي ظل ما نشهده اليوم من توسعٍ هائل في الأدوات التكنولوجية المتاحة، تتزايد أهمية التكنولوجيا كعنصرٍ حيوي يرسم ملامح مستقبل عالم الأعمال. فلم تعد التحولات التقنية مجرد تغييراتٍ عابرة، بل أصبحت جزءاً لا يتجزأ من المشهد المؤسسي.1 ووفقاً لأحدث استطلاعات ماكنزي لآراء قادة التكنولوجيا والأعمال،2 فإن معظم الشركات تسير بخطى ثابتة نحو استثماراتٍ تكنولوجية تستهدف تحقيق نموٍ مستقبلي مستدام، وبالفعل بدأت تلك الشركات في جني ثمار جهودها في هذا المسار.

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

في الوقت ذاته، أظهرت النتائج وجود فجوةٍ كبيرة بين الشركات التي نجحت في تحقيق التحولات التكنولوجية وتلك التي لم تتمكن من ذلك. فبعد أن قُمنا بتحليلٍ دقيق لآراء المشاركين ممن حققت شركاتهم بالفعل نجاحًا ماليًا ملحوظًا، والتي نُطلق عليها "شركات الأداء المتفوق"3 ، تبيَّن السبب وراء هذه الفجوة. وهو تميز هذه الشركات بقدرتها على تحسين تنظيماتها التكنولوجية، وذلك عبر اتباع استراتيجياتٍ متعددة، تُسهم جميعها في تعزيز فرص نجاح التحوُّل التكنولوجي:

  • تحديث البنية التحتيّة والمِنصّات.
  • بناء قاعدةٍ من المواهب التكنولوجية القادرة على مواكبة المستقبل.
  • إزالة الحواجز بين فِرق العمل
  • إظهار القيمة الاقتصادية للاستثمار التكنولوجي في الأعمال.

تحديث البنية التحتيّة والمِنصّات

تُعاني العديد من الشركات من مشكلة التأخر والتباطؤ في تقديم الحلول التقنية، وغالبًا ما يرجع السبب الرئيسي في ذلك إلى استخدام أنظمة قديمة ومنصات لم تعد تلبي احتياجات العصر الحالي.4 ذلك في الوقت الذي تتبع فيه الشركات الناجحة ذات الأداء المتفوق نهجًا مختلفًا، يعتمد على الاستثمار بشكل أكبر في التقنيات المتطورة، مثل الحوسبة السحابية، التي تأتي على رأس هذه التقنيات كأحد الحلول الرئيسية لتلك المشكلة.

رغم ما تؤكده الأبحاث الأخرى من أن الحوسبة السحابية تُمثل فرصةً واعدةً للشركات لتعزيز أرباحها، إلا أنها لا تزال غير مستغلةٍ بالشكل الأمثل. وفي ضوء أحدث استطلاعاتنا، نجد أن أغلب الشركات متفوقة الأداء تُدرك هذه الميزة بوضوحٍ؛ حيث أكّد ثلاثة أرباع عينة الشركات المتفوقة اعتمادها على الحوسبة السحابية في تنفيذ مشاريعها على نطاقٍ واسع (ذلك من خلال القيام بعمليات تحولٍ شاملة تشمل نقل المهام المؤهّلة إلى السحابة أو إعادة هيكلتها). بينما في المقابل، لم تتجاوز هذه النسبة ثلث الشركات متوسطة الأداء. وتتماشى هذه النتائج مع نتائج استطلاعنا السابق، والذي أظهر أن 61 في المائة من الشركات متفوقة الأداء، تُوجه استثماراتها نحو تطوير البنية التحتيّة، بما في ذلك الحوسبة السحابية، في مقابل 50 في المائة فقط من بقية الشركات الأخرى.

وبالرغم من النتائج التي تشير إلى أن الحوسبة السحابية هي أكثر التقنيات المتقدمة استخدامًا بين الشركات، إلا أن أغلبية الشركات المتفوقة تلجأ لاستخدام العديد من التقنيات الحديثة الأخرى، مقارنةً بغيرها من الشركات، حيث تقوم الشركات باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي التوليدي، وإنترنت الأشياء، وحوسبة الحافة وهي تقنية حديثة تتيح للشركات تحسين كفاءة التطبيقات، خاصة تلك التي تحتاج إلى استجابة فورية، وذلك عن طريق معالجة البيانات وتخزينها في البيئة المحلية، إما على الجهاز نفسه أو على خادم قريب، بدلاً من إرسالها إلى مركز بيانات مركزي أو السحابة لمعالجتها. بما يوفر خدمات أسرع وأكثر أمانًا للمستخدمين مع تقليل التكاليف المتعلقة بنقل البيانات، وذلك خلال تنفيذها للمشروعات أو الاستراتيجيات المتعلقة بالتكنولوجيا (الشكل 1).

فيما تميل أغلبية الشركات، بغض النظر عن أدائها المالي أو حجمها، لتبنّي نهج السَّحابات المتعددة، والذي تقوم فيه الشركات بتوزيع احتياجاتها على عددٍ من مزودي الخدمات السَّحابية بدلًا من الاعتماد على مزودٍ واحد، وهو ما ينعكس إيجابيا على الأداء العام لهذه الشركات. وهو ما أكّده المشاركون في الاستطلاع، بينما أفادت نسبةٌ قليلةٌ فقط من المشاركين، بلغت 8 في المائة، بأن شركاتهم لم تجنِ أي فائدةٍ عملية من هذه الخطوة (الشكل 2). ويأتي على رأس قائمة المكاسب السرعة والمرونة في تنفيذ المشروعات، تليها زيادة فرص النمو والتوسع المتاحة، بالإضافة إلى اكتساب وتطوير قدراتٍ جديدة تدعم الابتكار. أظهرت هذه المكاسب تفوقًا ملحوظًا في أداء تلك الشركات بما يُقارب ضعف ما تحققه الشركات الأخرى.

إلى جانب اعتمادها على التقنيات الحديثة، يرتبط نجاح الشركات متفوقة الأداء بشكل وثيق بامتلاكها قدرات متقدمة في إدارة العمليات المالية المتعلقة بالحوسبة السَّحابية، أو ما يُعرف بـ (FinOps) ، والتي تُعنى بإدارة الموارد المالية واتخاذ القرارات المتعلقة باستخدام السَّحابة وإدارة اقتصادياتها بشكلٍ عام. فقد أفاد 52 في المائة من الشركات المتفوقة بامتلاكها قدراتٍ متطورة في هذا المجال، والتي من بينها تعيين موظفين مُتخصصين لإدارة العمليات المالية بدوامٍ كامل، واستخدام تقنيات وضع علاماتٍ تعريفية على الموارد- وهو نظامٌ لتصنيف موارد السحابة عن طريق إضافة علاماتٍ أو تسميات مميزة، تتيح تتبع هذه الموارد بسهولة وتسمح بتحليل استخداماتها بدقة-، وتتبُّع نفقات استخدام الخدمات السَّحابية ليتم توزيعها عبر الموارد المختلفة، بالإضافة إلى القدرة على التنبؤ بالتكاليف المستقبلية. على الجانب الآخر، تقل هذه النسبة في الشركات الأخرى، إذ لا تتجاوز نسبة المشاركين الذين يتمتعون بمثل هذه القدرات 27 في المائة. وبالرغم من هذه الفجوة، إلا أن هناك فرصةٌ للتحسين حتى بين الشركات المتفوقة ذاتها؛ فقد أقرّ 18 في المائة فقط من هذه الشركات بامتلاكها قدراتٍ متقدمة في إدارة العمليات المالية، بما في ذلك الرؤية الشاملة لنفقات السَّحابة والقدرة على التنبؤ بالتكاليف المالية بشكلٍ دقيق.

بناء قاعدة من المواهب التكنولوجية القادرة على مواكبة المستقبل

لا تزال عملية تطوير الكوادر البشرية ودعمها بالمهارات اللازمة لمواكبة احتياجات المستقبل تُمثّل تحديًا كبيرًا أمام العديد من الشركات. إذ تتطلب الاستراتيجيات التقنية المتقدمة توافر فِرق عملٍ قادرة على تنفيذ هذه الرؤى بفعالية. ومن هذا المنطلق، تخصص الشركات ذات الأداء المتفوِّق استثماراتٍ ضخمة لتطوير مهارات موظفيها، بما يضمن دمج الابتكار التكنولوجي في ثقافتها التنظيمية كمكون رئيسي.

بحسب الاستطلاع، تعتمد الشركات ذات الأداء المرتفع استراتيجياتٍ أكثر تنوعًا لجذب المواهب وتطويرها مقارنةً بغيرها، مع تركيز خاص على إعادة تأهيل الموظفين وتدريبهم على نطاق واسع (الشكل 3). بينما أظهرت نتائج استطلاع سابق لنا أن 28 في المائة فقط من الشركات المتفوقة، مقارنة بـ 17 في المائة من باقي الشركات، أكدت اهتمامها بتطوير مهارات موظفيها، مما يعكس وعيها بأهمية تحسين هذا العنصر الحيوي. إلى جانب ذلك، قامت الشركات متفوقة الأداء بإجراء تغييرات ملموسة وسريعة في أساليب استقطاب المواهب، وبناء الشراكات، وتعزيز القدرات الداخلية، حيث أقرّ أكثر من نصف هذه الشركات بتخليها عن الأساليب التقليدية وتبنيها لأخرى جديدة أكثر فعالية خلال العامين الماضيين لتطوير هذه المجالات. كما تشير الإحصاءات إلى أن 50 في المائة من هذه الشركات تُخطط للاستمرار في تحسين إدارة المواهب لديها في المستقبل، مقارنةً بـ 37% فقط من الشركات الأخرى.

في الوقت الذي يُظهر الاستطلاع تصدُّر الأمن السيبراني قائمة الوظائف الأكثر طلبًا من قِبل الشركات كافة، يليه الطلب على المتخصصين في إدارة المشروعات والبرامج، إلا أن الشركات متفوقة الأداء باتت تولي اهتمامًا أكبر بتوظيف الخبرات في مجال الحوسبة السَّحابية، حيث أفاد 28 في المائة من المشاركين في الاستطلاع من هذه الشركات برغبة شركاتهم في توظيف متخصصين في هذا المجال، مقارنةً بـ 19 في المائة فقط من الشركات الأخرى، وهو ما يُعد تحولًا ملحوظًا في استراتيجيات التوظيف لدى الشركات المتفوقة على وجه الخصوص، والذي لاحظناه في استطلاعنا السابق أيضًا.

إزالة الحواجز بين فِرق العمل

مقارنةً بالاستطلاع السابق، فإن الشركات ذات الأداء المتميز تتفوق بشكل أكبر على نظيراتها في التزامها بتطبيق التكنولوجيا وكافة الأساليب التي تضمن تحسين كفاءتها التشغيلية وتعزيز التعاون بين فرق العمل لديها - فبحسب استطلاعنا، أكّد المشاركون من الشركات متفوقة الأداء في الاستطلاع أن فِرق الهندسة المسؤولة عن تصميم وتنفيذ وتطوير المنتجات في شركاتهم تعمل ضمن نماذج تشغيلية تُركّز على المنتجات أو المنصات بشكلٍ تخصُصيّ، بمعدلٍ يزيد عن ضعف معدل الشركات الأخرى، وهو ما يجعلها أكثر قدرةً على التعمُّق في تفاصيل هذه المنتجات (الشكل 4). تمنح هذه النماذج التشغيلية العديد من الفوائد إلى جانب إزالة الحواجز بين فرق التكنولوجيا والأعمال، ومن أهمها تقليص الوقت اللازم لتطوير وإطلاق المنتجات، وخفض تكاليف الحلول التقنية، فضلًا عن تعزيز مستوى المسؤولية المشتركة بين فرق الأعمال والتكنولوجيا لضمان تحقيق الأهداف والنتائج المرجُوّة بفعاليةٍ أكبر.

إظهار القيمة الاقتصادية للاستثمار التكنولوجي في الأعمال

كشفت نتائج الاستطلاع عن قدرة الشركات متفوقة الأداء أكثر من غيرها على تنفيذ مبادرات التحوّل بشكلٍ فعّال، والتي تُعرف بـ"الخطوات العملية". كما أثبتت هذه الشركات جدارتها في تحقيق العوائد الاقتصادية المُستهدفة من استثماراتها التكنولوجية، مما يعكس اهتمامها الواضح بربط التكنولوجيا بأهداف العمل بشكلٍ مباشر.

كما أظهرت النتائج أيضًا تفوق هذه الشركات في تنفيذها للمبادرات التقنية، حيث صُنّفت مجالات التكنولوجيا لديها على أنها الأكثر فعاليةً، باستثناء مجال تحديث البنية التحتية، فقد كشفت دراسات العام الماضي قيام تلك الشركات بتحديث بنيتها التحتيّة بالفعل خلال العامين الماضيين في إطار تعزيز استدامتها المستقبلية. وبالرغم من ذلك، تُخطط هذه الشركات للاستثمار بشكلٍ أكبر في مجموعةٍ من المجالات التكنولوجية الحيوية (الشكل 5)، بما في ذلك الأمن السيبراني وتنمية المواهب، إلى جانب مواصلة تطوير استراتيجيات الأعمال المدعومة بالتكنولوجيا.

وبحسب نتائج استطلاعنا السابق، فإن أبرز المكاسب التي تُحققها الشركات ذات الأداء الأفضل من التحولات التكنولوجية هي: استكشاف مصادر جديدة للإيرادات، وزيادة تدفقات الإيرادات من المصادر الحالية (الشكل 6). وفي الوقت نفسه، أحرزت بقية الشركات تقدمًا ملموسًا على صعيد خفض تكاليف التشغيل وتحسين تجربة الموظفين بفضل استثماراتها المتزايدة في المجال التكنولوجي.5


باتت التحوّلات التكنولوجية عنصرًا أساسيًا في المشهد الحالي لبيئة الأعمال، مما يجعل فهم المؤسسات لكيفية توجيه استثماراتها التكنولوجية واستغلالها لتحقيق أولوياتها الاستراتيجية أمرًا بالغ الأهمية. ولإدراك التفوّق وتحقيق النجاح، يتعين على الشركات الاستفادة من تجارب رواد الأداء عبر العمل على إزالة العوائق بين النماذج التشغيلية المختلفة، وتحديث البنية التكنولوجية، ودمج الاستراتيجيات التكنولوجية مع قيم الثقافة المؤسسية، فضلًا عن إبراز وتحقيق القيمة الاقتصادية من هذه التحولات، فجميعها عواملٌ جوهرية تضمن تحقيق النجاح لكافة جهود التحوُّل الرقميّ.

على ما يبدو أن الأفق التكنولوجي يتسع أكثر من أي وقتٍ مضى، وهو ما أثبتته التجارب الناجحة للشركات المتفوقة، بتبنيها الاستراتيجيات التكنولوجية المبتكرة وجعلها طريقًا للتغلب على التحديات، وتحقيق أعلى قيمةٍ ممكنة من هذه التحولات التكنولوجية. وفي ظل تسارع الابتكار وتزايد الفرص، يتعين على الشركات توجيه استثماراتها نحو المجالات الواعدة مثل الحوسبة السحابية وإدارة المواهب، إذا ما أرادت تحقيق استدامةٍ تنافسية تضمن لها التفوُّق والنمو على المدى الطويل.

Explore a career with us