تحديد وجهتك الصحيحة: خطة شاملة لتحقيق النجاح في  عملية التحول

| مقالة

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر. نرحب بتعليقاتكم على البريد الإلكتروني التالي reader_input@mckinsey.com

تواجه الشركات اليوم تحديات واضطرابات غير مسبوقة بسبب الأوضاع الاقتصادية والسياسية غير المستقرة، والاعتماد الكبير على التكنولوجيا، والتشابك العالمي في الأعمال، إذ لم تعد الطرق التقليدية للنجاح كافية لضمان حفظ مكانتك في المستقبل. لذلك، من الضروري للشركات أن تتكيف وتتطور وتتحول. ولكن لتحقيق تغيير مستدام وفعّال، يجب على قادة الأعمال تغيير طرق تفكيرهم وأساليبهم لتلبية متطلبات السوق التنافسية الشديدة في الوقت الحالي.

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

أصبح مصطلح "التحول" متداولًا بكثرة في عالم الأعمال، ولكنه اكتسب معاني متعددة تختلف من شخص لآخر، مما أدى إلى تشويش معناه الأصلي وتسبب في شعور بالإرهاق من عمليات التحول المتكررة. وباتت العديد من الشركات تنظر إلى التحول على أنه جهود قصيرة المدى تهدف إلى تقليل التكاليف بسرعة لتحقيق نتائج فورية. لكن هذا النهج يفتقر إلى الربط الواضح مع الأهداف الاستراتيجية طويلة الأمد للشركة. نتيجة لذلك، قد تتخذ الشركات قرارات قصيرة المدى تركز على المكاسب السريعة دون مراعاة تأثيرها على المدى البعيد، مما قد يضعف موقف الشركة التنافسي ويهدد استمراريتها في السوق. ولتحقيق تحول حقيقي ومستدام، يجب على الشركات أن تدمج عمليات التحول مع استراتيجياتها طويلة الأمد لضمان النجاح الدائم وكذلك لتحقيق التنافسية.

لا يقتصر التغيير الجذري الحقيقي على محاولات مؤقتة لتحسين الكفاءة أو على إعادة هيكلة المؤسسة. بدلاً من ذلك، يهدف التغيير إلى إعادة تشكيل الأسُس والعمليات الرئيسية التي تقوم عليها المؤسسة وتطبيق نموذج تشغيلي جديد، حيث يتوجب أن يكون النموذج الجديد مدعوماً باستراتيجية جريئة تهدف إلى تحقيق أقصى إمكانات الشركة. فعندما يتم تنفيذ التحول بشكل صحيح، يصبح مصدراً للتجديد المستمر، وبالتالي يتطور العمل ويتحول تدريجياً على مراحل متعددة.

في عام 2016، قدمت مؤسسة ماكنزي تقريرًا بعنوان "التحول الكبير"، شرحت فيه عناصر التحول وعرّفته بأنه برنامج مكثف يهدف إلى تحسين الأداء بشكل كبير، (مثل زيادة الأرباح بنسبة 25% أو أكثر)، بالإضافة إلى تعزيز وتحسين كفاءة المؤسسة وفعاليتها الشاملة1التحول الكبير"، بقلم مايكل بوسي وستيفن هول و دوج ياكولا، تم نشره بمجلة ماكنزي الفصلية بتاريخ 7 نوفمبر 2016. . منذ ذلك الوقت، تطورت رؤية ماكنزي حول مفهوم التحول. في السابق، كانت الشركات تركز بشكل أساسي على تقليل التكاليف وتحقيق الكفاءة التشغيلية كأهداف رئيسية لتحولاتها. ومع ذلك، أدركت الشركات الرائدة أن هذه الخطوات وحدها لا تكفي لتحقيق نجاح طويل الأمد. لذا، بدأت في توسيع نطاق تحولاتهم لتشمل إعادة تقييم وضبط استراتيجياتهم. الآن، تركز هذه الشركات على الابتكار والنمو بهدف رفع مستوى الأداء على مستوى المؤسسة بأكملها إلى مستويات جديدة.

تقوم الشركات الرائدة والأفضل في فئتها بتوسيع نطاق عمليات التحول التي تجريها. وفي الواقع، لم تعد هذه الشركات تكتفي بتحسينات صغيرة أو مؤقتة، بل بدأت تدمج في عمليات التحول إعادة تقييم لاستراتيجياتها الحالية وضبطها بما يتناسب مع الأهداف الجديدة.

ولتحقيق تأثير أكبر، يجب أن يكون التحول مدفوعًا بطموحات الشركة وما تسعى لتصبح عليه ضمن نطاق في استراتيجيتها. يُعرف هذا التوجه الاستراتيجي بـ “البوصلة الاستراتيجية أو الوجهة الصحيحة"، ويجب أن يحدد تسلسل المبادرات بالإضافة إلى معايير الأداء المستخدمة لمتابعتها عبر أربعة مجالات رئيسية وهي تحسين التكلفة، والنمو، والكفاءة المؤسسية، والتمكين الرقمي. وأخيرًا، يجب على قادة الأعمال دمج نهج التحول بشكل كامل في العمليات اليومية للشركة، مما يعني جعل التحول جزءًا من العمل اليومي المعتاد بدلاً من اعتباره مشروعًا محدود النطاق. بهذا النهج، يصبح التحول جزءًا لا يتجزأ من ثقافة الشركة وطريقة عملها، مما يضمن تحقيق الأهداف الاستراتيجية بشكل فعّال ومستدام.

التعامل مع الاستراتيجية كبوصلة استراتيجية

في بداية تجربة ماكنزي في مشاريع التحول عام 2010، كان التركيز الرئيسي على تحسين الأداء بسرعة للشركات التي تواجه تحديات تشغيلية ومالية كبيرة. كانت هذه الشركات غالبًا ما تكون في وضع حرج يستدعي التدخل الفوري لتجنب الإفلاس أو الفشل. لذلك، كانت الجهود تهدف إلى ضمان البقاء على قيد الحياة من خلال تحرير الأموال والموارد لحل مشكلات السيولة وتحسين الميزانية. وكان الهدف الأساسي هو تحقيق الكفاءة في التكاليف وتجنب التعرض للأزمات المالية، مما جعل الاستراتيجية ليست هي المحور الرئيسي في النقاشات. في الواقع، في مقالة نشرت عام 2016، ذُكرت كلمة "استراتيجية" مرتين فقط2التحول الكبير"، بقلم مايكل بوسي وستيفن هول ودوج ياكولا، تم نشره بمجلة ماكنزي الفصلية بتاريخ 7 نوفمبر 2016.، مما يعكس التركيز المحدود على التخطيط الاستراتيجي. واليوم، تغير هذا النهج بشكل كبير. وبدأ الرؤساء التنفيذيون يسعون إلى توسيع مفهوم التحول ليشمل ليس فقط الشركات التي تواجه مشاكل، ولكن أيضًا الشركات التي ترغب في التحول من أداء متوسط إلى ريادة الصناعة. هذه التحولات الطموحة تتطلب استراتيجيات شاملة ومدروسة، حيث تلعب الاستراتيجية دورًا رئيسيًا ومحوريًا في توجيه كافة المبادرات.

تتطلب هذه التحولات الطموحة استراتيجيات شاملة ومدروسة حيث تلعب الاستراتيجية دورًا رئيسيًا.

لضمان نجاح برامج التغيير في المؤسسات، يجب تنفيذها عبر عدة مراحل تمتد لسنوات، وتُعرف هذه المراحل بالأفق. يتطلب كل مسار أهدافًا محددة واستثمارات في بناء القدرات. مع العلم، يتم تنفيذ الأجندة الاستراتيجية على مراحل لضمان عدم إثقال كاهل المؤسسة في البداية، مما قد يعيق تحقيق تأثير سريع، حيث أن هذا التأثير السريع ضروري لتحفيز ودعم الموظفين والمساهمين داخل المؤسسة وكسب الثقة والدعم الخارجيين.

وبالرغم من أن سياق كل عملية تحول يختلف، إلا أن الرحلة عادةً تبدأ بالتركيز على استقرار وتحسين الأساسيات التجارية للشركة. بعد ذلك، يتم تسريع وتيرة النمو، وإعادة تصميم الهيكل التنظيمي، وتطبيق التقنيات الرقمية المتقدمة. هذه المراحل تمهد الطريق لإعادة توجيه استراتيجيات وعمليات الشركة بشكل استراتيجي وعملي لتحقيق أهدافها طويلة الأمد:

  • المرحلة الأولى: تركز على الأساسيات (من ثلاثة إلى اثني عشر شهرًا). في هذه الفترة، تكون الأولويات عادةً موجهة نحو تحسينات تكتيكية تشمل تحسين التكاليف، وزيادة التدفق النقدي، وسد الفجوات في القدرات. وتُعد السرعة في هذه المرحلة ضرورية للغاية، حيث تظهر الأبحاث أن المبادرات التي تُنفذ خلال الأشهر الستة الأولى تسهم بنسبة 57% من القيمة الإجمالية لبرنامج التحول3الأرقام والتحولات الناجحة" بقلم كيفين لاكزويسكي و تاو تان وماسياس وينتر، نُشر في مجلة ماكنزي الفصلية في 17 أكتوبر 2019.. وهنا، يجب على الشركات أن تثبت لمجالس الإدارة والمستثمرين أن خططها الاستراتيجية متينة وقادرة على تحقيق تأثير ملموس في الأرباح. كذلك، الاحتفال بالتحسينات المبكرة يلعب دورًا مهمًا في بناء الزخم وتحفيز جميع أفراد المؤسسة للمشاركة بنشاط في عملية التحول.
  • المرحلة الثانية: النمو والقابلية للتوسع (من 12 إلى 24 شهرًا). بعد تحقيق الزخم الأولي، يركز قادة الأعمال على تعزيز أنظمة التشغيل في شركاتهم وتهيئة الظروف اللازمة لتحقيق الرؤية الاستراتيجية طويلة الأمد. وتشمل هذه المبادرات خرائط طريق أطول وفترات تنفيذ ممتدة تتطلب استثمارات كبيرة. ومن المهم أيضًا مراقبة التنفيذ بعناية والتحقق من تأثيره في الوقت المناسب. في هذه المرحلة، قد يتراجع الأداء بسبب تعقيد المبادرات وتشعبها. لذا، يجب التصرف بسرعة لتصحيح المسار عند الحاجة وإدخال أفكار جديدة لتنشيط خطة التحول وضمان تحقيق الالتزامات والأهداف.
  • المرحلة الثالثة: إعادة التموقع وإعادة الابتكار (من 24 شهرًا وما بعده). تهدف هذه المرحلة إلى تحقيق الشركة لأقصى إمكانياتها عبر تنفيذ مجموعة من الإجراءات التي تمت في المرحلتين الأولى والثانية، بالإضافة إلى اتخاذ قرارات استراتيجية كبيرة قد تشمل واحدًا أو اثنين من التحركات الرئيسية الموجهة استراتيجيًا. وتهدف هذه التحركات إلى إعادة تشكيل أو حتى إعادة ابتكار العمل على المدى الطويل. كما تشمل هذه المبادرات التوسع الجغرافي، وابتكار المنتجات، أو الأنشطة الاستراتيجية في مجال الاندماج والاستحواذ (M&A). تتطلب هذه المرحلة مستوى أعلى من الجهد والموارد مقارنة بالمرحلتين السابقتين، لأنها تهدف إلى تحقيق تغييرات جوهرية في الشركة.

تحديد وتنظيم أربعة مجالات أو مسارات رئيسية للأداء داخل المؤسسة

لقد تعلمنا على مدار العقد الماضي أن الشركات تكون لديها فرصة أفضل لتحقيق إمكانياتها الكاملة عندما ترتبط عمليات التحول بشكل مباشر بالاستراتيجية العامة. وينبغي أيضًا على الشركات تحديد أهدافها بناءً على قدراتها وأدائها عبر مجموعة من المقاييس التي تقيس مدى التأثير وإعادة ابتكار الأعمال. إضافة إلى ذلك، يجب أن تركز عملية التحول الأساسية على أربعة جوانب رئيسية من الأداء:

  • تحسين التكاليف: تعتبر الشركات الرائدة أن إجراءات الكفاءة هي مجرد نقطة انطلاق لعملية التحول. ويتمثل الهدف في تحرير رأس المال لإعادة استثماره في الشركة. من خلال القضاء على الهدر وضبط هيكل التكاليف لدعم الرؤية المستقبلية للمؤسسة، يمكن للشركة تحسين هوامش التشغيل الخاصة بها. هذا لا يؤدي فقط إلى تحسين الأداء المالي، بل يوفر أيضًا الأموال اللازمة للاستثمار في مشاريع ذات عائد استثماري أعلى في مسارات العمل الثلاث الأخرى.
  • النمو: تشير أحدث تحليلاتنا الداخلية إلى أن أكثر من 50% من قيمة التحول تأتي من مبادرات النمو، مقارنةً بأقل من 40% قبل عامين. لذا يجب على الشركات التي تقوم بعمليات التحول تحديد أولويات واضحة لكيفية تحقيق نمو مربح في الإيرادات. ويمكن تحقيق ذلك من خلال مسارات مثل إطلاق منتجات جديدة أو دخول قطاعات جديدة، أو من خلال عمليات الدمج والاستحواذ، أو بناء الأعمال الجديدة. ومن أجل دعم هذه الجهود، ينبغي على القادة مراقبة العائد على استثمارات النمو باستمرار، وإعادة ترتيب الأولويات وتخصيص الموارد بناءً على النتائج المثبتة. ولا يعيدالالتزام بجدول أعمال جريء للنمو فقط تشكيل مسار أداء الأعمال، بل يحفز أيضًا المؤسسة على المثابرة لتحقيق الهدف الأوسع للتحول.
  • فعالية المؤسسة: يتعلق التحول في جوهره بالأشخاص. فعلى مدى أكثر من 15 عامًا من استطلاعات ماكنزي للتحول، أشار المشاركون باستمرار إلى أن التعامل الصحيح مع العنصر البشري يعد من أهم عوامل النجاح. كما يظهر التحليل الداخلي أن احتمالات نجاح التحول تزداد بمقدار 3.2 مرات عندما تركز المؤسسة بأكملها على الأولويات الصحيحة. لذا ينبغي أن يتجاوز هذا التركيز مجرد إعادة هيكلة التنظيم، ليتضمن تحدي الوضع الراهن بذكاء وخلق ثقافة مرنة تتبنى التعاون في جميع أجزاء المؤسسة وتنفذ الأمور بسرعة. بهذه الطريقة، يمكن للمؤسسات تعزيز فرص نجاح التحول وتحقيق نتائج مستدامة.
  • التمكين الرقمي: تلعب التكنولوجيا دورًا أساسيًا في كل عملية تحول ناجحة. في ظل إيمان 85% من الشركات بضرورة بناء أعمال رقمية أو تمكين أعمالها الحالية تقنيًا لضمان البقاء، تصبح القدرات الرقمية القوية أمرًا حيويًا للبقاء في المنافسة4الحافة الرقمية الجديدة: إعادة التفكير في استراتيجية عصر ما بعد الجائحة" الذي نشرته ماكنزي في 26 مايو 2021.. ومع ذلك، فإن معظم الشركات لم تستثمر بشكل كافٍ في التكنولوجيا، خاصة في مجالات الحوسبة السحابية، ونماذج التشغيل المرنة، والمواهب التكنولوجية، والذكاء الاصطناعي التوليدي. يتطلب هذا التوجه إنشاء نظام متطور لتخطيط موارد المؤسسات يمكنه دعم تنفيذ جميع مسارات العمل الأخرى المتعلقة بالأداء. بينما تركز الشركات الرائدة على تحسين دقة وسرعة المعلومات، وتطوير رؤى جديدة حول العملاء والمنتجات من خلال بياناتهم. وتظهر أبحاثنا أن الشركات التي تستخدم التحولات الرقمية لإعادة هيكلة منظومتها بالكامل تحقق عوائد أعلى للمساهمين، ونسب أفضل للسعر إلى الأرباح، وعوائد أكبر على حقوق المساهمين الملموسة مقارنة بمنافسيها.5إعادة هيكلة الشركات لتصبح أكثر قدرة على المنافسة "بقلم إريك لامار، كيت سماج، رودني زيميل، الذي نشرته مجلة ماكنزي الفصلية في 20 يونيو 2023.

يجب أن يركز التحول الأساسي على أربعة جوانب رئيسية للأداء تتمثل في تحسين التكاليف، والنمو، والكفاءة المؤسسية، والتمكين الرقمي.

تأمل حالة إحدى شركات المنتجات الاستهلاكية التي اتبعت نهجًا شاملاً للتحول استنادًا إلى أربعة مسارات رئيسية للأداء. تاريخيًا، كانت الشركة تركز على تحسينات تدريجية صغيرة ضمن دورة التخطيط السنوية. ولكن مع استحواذ المنافسين الأكثر مرونة والذين يمتلكون ميزانيات أقوى بسرعة لحصة كبيرة من السوق، أدرك قادة الشركة أنهم بحاجة إلى إعادة التفكير جذريًا في كيفية عملهم. لذلك، قامت الشركة بتوسيع عملياتها التصنيعية من خلال الاستحواذ على شركات أخرى، وأعادت هيكلة عمليات الإنتاج واللوجستيات لجعلها أكثر كفاءة. كما استفادت من البيانات للتنبؤ بتغيرات الطلب في السوق، ومنحت المسؤولين التنفيذيين ومديري الخطوط صلاحيات أكبر للعمل بعقلية المالك، مما زاد من تأثيرهم الإيجابي على الأعمال. هذا التحول الجذري أسفر عن مضاعفة أرباح الشركة قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك وأعاد ترسيخ مكانتها كقائدة مؤثرة في صناعتها.

اعتبار التحول أمرًا اعتياديًا في العمل

من الشائع أن تحقق عمليات التحول أهدافها ومراحلها الأساسية المحددة، ولكن في بعض الأحيان قد يعاني العمل الأساسي من أداء ضعيف يؤدي إلى تآكل القيمة المحققة. غالبًا ما ينظر المدراء إلى التحول على أنه عملية منفصلة عن العمليات اليومية، مما يؤدي إلى عدم الحفاظ على نفس المستوى العالي من الدقة والمساءلة في جميع أنحاء المؤسسة. ولقد رأينا شركات تتعامل مع هذه المشكلة بشكل مباشر عن طريق استخدام التحول كعامل محفز لتحسين الأداء. فمن خلال ذلك، يتم إنشاء نموذج تشغيلي جديد يطبق على كل جانب من جوانب العمل، مما يجعل التحول جزءًا لا يتجزأ من العمليات اليومية. ويساعد هذا النهج في تحقيق أداء مستدام وشامل، ويضمن أن التحول يعزز كل جوانب الشركة بشكل فعّال.

يعزز دمج التحول مع العمليات اليومية من تبني عقلية "هدف واحد ومهمة واحدة" داخل المؤسسة، حيث يشجع هذا النهج على تحديد الأولويات بناءً على تأثير المبادرات والموارد، ويضمن التوافق في جميع أجزاء المؤسسة من خلال رسائل واضحة ومتسقة. ولتحقيق هذا التوافق، يجب أن يكون النموذج التشغيلي ونظام إدارة الأداء هما الرابط الأساسي الذي يوصل أهداف التحول باستراتيجية الشركة. فعلى سبيل المثال، بدون وجود مؤشرات أداء رئيسية واضحة، لن يتمكن المدراء التنفيذيون من قياس مدى فعالية استثمارات التحول في تحقيق القيمة المضافة. وبهذه الطريقة، يصبح التحول جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية الشركة ويضمن تحقيق نتائج مستدامة.

يجب أن يكون نموذج التشغيل ونظام إدارة الأداء بمثابة الرابط القوي الذي يوصل أهداف التحول باستراتيجية الشركة.

يتطلب هذا النهج تغييرًا في كيفية تنفيذ التحول تحت قيادة رئيس قسم التحول. ففي البداية، كان دور رئيس قسم التحول يُعتبر امتدادًا للرئيس التنفيذي وربما خليفته المحتمل، مع تمتعه بسلطة كاملة للعمل عبر جميع أقسام الشركة وتوجيه جدول أعمالها التجاري. ولكن بمرور الوقت، تقلص نطاق هذا الدور وأصبح يشغل منصبًا بمستويين أو ثلاثة أقل من السلطة التنفيذية، فعمل كمدير للعمليات بدلاً من أن يكون مسئولًا حقيقيًا للتغيير. في هذا الهيكل، تصبح العمليات اليومية خارج نطاق سلطة رئيس قسم التحول، لذا كان هناك فصل بين جدول أعمال التحول والأنشطة اليومية للأعمال. بالإضافة إلى ذلك، يتعين على رئيس قسم التحول تمرير معظم القرارات عبر لجنة من القادة الأكبر، مما يؤدي إلى تباطؤ وتيرة التحول وتقليل تأثيره.

نعتقد أن دور رئيس قسم التحول يجب أن يتوسع ليصبح رئيس الأداء بحيث لا يقتصر دوره فقط على وضع جدول أعمال التحول، بل يمتد إلى دمج هذا الجدول في العمليات اليومية للأعمال. فعلى سبيل المثال، يجب أن يضمن رئيس قسم التحول أي عملية حوكمة مدعومة من الرئيس التنفيذي ومطبقة في جميع أقسام المؤسسة لتشمل كافة الأنشطة التجارية، سواء كانت مرتبطة بالتحول أم لا. كما ينبغي أن تكون هناك مجموعة واحدة من المقاييس التي تغطي جميع جوانب الأداء المالي والتشغيلي، لضمان تكامل تام بين التحول والأنشطة اليومية للشركة.

يجب أن يتوسع دور رئيس قسم التحول ليصبح رئيس الأداء بحيث لا يقتصر دوره فقط على وضع جدول أعمال التحول، بل يمتد إلى دمج هذا الجدول في العمليات اليومية للأعمال.

توضح تجربة إحدى الشركات الصناعية العاملة في أكثر من 150 دولة قيمة هذا النهج. وقد أصبحت الشركة بعد عملية دمج غير منظمة ومئات الاستحواذات السابقة مجزأة وتفتقر إلى استراتيجية واضحة. فعندما انخفض سعر السهم بنسبة 30% خلال 18 شهرًا، قررت الشركة إطلاق عملية تحول شاملة. حينها قام رئيس قسم التحول بتعيين جميع أفراد الشركة، من القادة الكبار إلى أكثر من 7,000 موظف في الخطوط الأمامية، وبدأ في تنفيذ عمليات فحص أداء أسبوعية صارمة لضمان التقدم والتحسين المستمر.

أكملت المرحلة الأولى من البرنامج تحقيق أكثر من 2 مليار دولار أمريكي من التأثير النهائي، والشركة الآن تتجه نحو المرحلة الثانية. ويعمل القادة الذين شاركوا بالعمل في المرحلة الأولى الآن في توظيف وتدريب القادة للمرحلة التالية، للمساهمة في نقل الدروس المستفادة، وتحسن تحويل التدفق النقدي الحر للشركة إلى 90%، مقارنة بـ 60% في السابق، وتحولت المؤسسة من الركود والتخلف لتصبح رائدة، حيث تفوقت أسهمها على أداء نظرائها بنحو 20%.


وفي ظل بيئة مليئة بالشكوك والتغيرات العميقة، تحتاج الشركات إلى رصد مستمر لمكانتها التنافسية والتكيف مع التحولات المتسارعة. فمن خلال ضمان أن أهداف التحول تعكس استراتيجيات الأعمال الرئيسية، والتركيز على أربعة مجالات رئيسية للأداء، والحرص الدائم على تضمين التغييرات في العمل اليومي، يمكن للقادة الشركات أن يحققوا استفادة طويلة الأمد من الاستثمارات في مشاريع التحول.

Explore a career with us