مفتاح النجاح: تانغي كاتلين يسلط الضوء على مستقبل قطاع التأمين

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر. نرحب بتعليقاتكم على البريد الإلكتروني التالي reader_input@mckinsey.com

في أكتوبر 2024، شهد مؤتمر "ITC Vegas" السنوي حضور أكثر من 9,000 مشارك من مختلف قطاعات صناعة التأمين. وكان الموضوع الأبرز في المؤتمر، كما كان متوقعًا، هو استخدام الذكاء الاصطناعي وما يحمله من إمكانيات وتأثيرات على مستقبل الصناعة. في هذه الحلقة من بودكاست "ماكنزي حول صناعة التأمين" ، التقى "مات كوك"، المدير العالمي للتسويق والاتصالات في قسم الخدمات المالية في ماكنزي ، مع "تانجي كاتلين"، الشريك الأول في ماكنزي ، على هامش المؤتمر لمناقشة شاملة حول التوجهات المستقبلية للصناعة، والتكيف مع التغيرات السريعة في السوق، وكيفية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي التوليدي لخلق قيمة حقيقية.

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

مات كوك: كان مؤتمر التأمين الأكبر في العالم بمثابة فرصة مثالية لمناقشة أبرز القضايا والاتجاهات التي تؤثر على الصناعة، والتعرف على ما يمكننا توقعه في الأشهر والسنوات المقبلة. دعنا نبدأ من هنا في مؤتمر "ITC 2024". ما الذي لفت انتباهك هذا العام؟ ما الجديد الذي حمله المؤتمر؟ وما الذي تتوقع أن نشهده في المستقبل القريب؟

تانجي كاتلين: العديد من الشركات المتخصصة في تكنولوجيا التأمين تركز على حالات استخدام محددة جدًا وضيقة النطاق، وهذا يشكل تحديًا حقيقيًا لشركات التأمين التقليدية التي تحتاج إلى دمج هذه الحالات المتعددة لتحويل تجربة العميل بالكامل أو تحسين بعض المجالات الخاصة. وفي الحقيقة، ما زال هناك الكثير من العمل المطلوب من شركات التأمين للاستفادة بشكل كامل من القيمة التي تقدمها هذه الشركات التكنولوجية. ولكن، في المقابل، بدأنا نرى ببطء ظهور منصات تكنولوجية تسهل بشكل كبير دمج هذه الحلول من الناحية التقنية، مما يسهم في تسريع التحول الرقمي داخل صناعة التأمين.

الموضوع الأبرز هذا العام هو الذكاء الاصطناعي التوليدي. فالعديد من الشركات المتخصصة في تكنولوجيا التأمين تقدم حلولًا تعتمد على هذا الذكاء الاصطناعي لشركات التأمين بهدف تحسين جوانب مختلفة من خدمة العملاء، مثل المبيعات، ومعالجة المطالبات، وتقييم المخاطر. كما أن هناك اتجاهًا متزايدًا نحو إنشاء أنظمة بيئية تضم عدة أطراف تتعاون معًا لحل مشاكل معقدة، مثل تطوير حلول مبتكرة لقطاع النقل في المستقبل، أو تحسين تجربة معالجة المطالبات بشكل شامل.

لسوء الحظ، يبدأ العديد من شركات التأمين بتعريف غير دقيق للذكاء الاصطناعي التوليدي، مما يحد من قدرتهم على تحديد الطريقة المثلى لاستخدامه واستغلال قيمته بشكل كامل.

تانجي كاتلين

مات كوك: عندما نتحدث عن التأمين الشخصي، أو عن التأمين على الشركات، أو عن تأمين الحياة، ماذا يعني الذكاء الاصطناعي التوليدي وما هو دوره في هذه المجالات؟ ما هي أكبر الفرص التي يمكن أن يقدمها؟ وكيف نتوقع أن يتطور هذا في العام القادم؟

تانجي كاتلين: لسوء الحظ، يبدأ العديد من شركات التأمين بتعريف غير دقيق للذكاء الاصطناعي التوليدي، مما يحد من قدرتهم على تحديد الطريقة المثلى لاستخدامه واستغلال قيمته بشكل كامل. فالذكاء الاصطناعي التوليدي يختلف تمامًا عن الذكاء الاصطناعي التقليدي، فهو يمتلك القدرة الفريدة على حل أنواع معينة من المشكلات، لكنه لا يصلح لحل كل مشكلة. فهناك العديد من التحديات التي تواجهها شركات التأمين والتي تتطلب حلولًا رياضية دقيقة، وفي هذه الحالات، يكون الذكاء الاصطناعي التقليدي هو الحل الأمثل. لكن ما يفعله الذكاء الاصطناعي التوليدي هو أنه يعالج السياق بشكل يجعلنا قادرين على اكتشاف حالات استخدام جديدة، مما يفتح أبوابًا لإمكانات وفرص لم تكن متاحة سابقًا.

حتى عندما تستخدم نماذج اللغة الكبيرة مع الذكاء الاصطناعي التقليدي، تحتاج إلى بناء نموذج مخصص لحل مشكلة معينة. وهذا يعني أن قابلية التوسع تكون محدودة، حيث أن كل نموذج يتطلب عادةً بيانات منظمة. فيجب عليك تحديد المشكلة أولاً، ثم بناء النموذج، وأخيرًا استخدام البيانات المنظمة للحصول على النتيجة. أما مع الذكاء الاصطناعي التوليدي، فالأمر مختلف تمامًا، حيث يتم دمج البيانات المنظمة وغير المنظمة لإنشاء نموذج ضخم يمكن استخدامه في مئات أو حتى آلاف التطبيقات المختلفة. إذ يمكنك البدء من بناء النموذج أولاً ثم تسأل: "ما المشكلة التي أريد حلها؟" بدلاً من البدء بالمشكلة نفسها، ثم تسأل: "ما النموذج الذي أحتاجه؟" هذا يغير تمامًا مفهوم قابلية التوسع. وهذا هو التحول الكبير الذي سيغير الكثير في الطريقة التي نعمل بها. ولكن هذا يتطلب أيضًا تبني نهج مختلف تمامًا في تصميم بنية النظام لتمكيننا من الاستفادة الكاملة من قابلية التوسع هذه.

لا يزال العديد من الأشخاص يتحدثون عن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لأتمتة المهام التي يقومون بها، مثل أتمتة التقارير المالية، لكن هذا ليس النهج الصحيح، لأن الذكاء الاصطناعي التوليدي يغير الطريقة التي نتفاعل بها مع البيانات. فبدلاً من أن تطلب تقريرًا، يجب أن تفكر في الحوار الذي يمكنك إجراؤه مع البيانات. على سبيل المثال، إذا كنت مدير مركز اتصالات، يمكنك أن تسأل: "ماذا حدث في مركز الاتصال اليوم؟" فيقدم لك الذكاء الاصطناعي التوليدي ملخصًا. ثم يمكنك أن تسأل بشكل أعمق: "ما السبب في ارتفاع نسبة الغياب؟" وعندما تحصل على الإجابة، يمكنك أن تسأل: "استنادًا إلى البيانات المتوفرة لدينا، ما هي الإجراءات التي يجب أن أتخذها؟" الفكرة هي أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يتيح لك التفاعل مع البيانات بشكل ديناميكي ومرن. في حين أن الكثيرين يتحدثون عن الذكاء الاصطناعي التوليدي، أعتقد أنه يجب أن يكون لدينا فهم أعمق لهذه التكنولوجيا لكي نتمكن من استخدامها بشكل صحيح والاستفادة منها إلى أقصى حد.

هناك أربعة تطبيقات رئيسية للذكاء الاصطناعي التوليدي عبر مختلف الصناعات. وبفضل قدرته العالية على معالجة اللغة، كانت أولى التطبيقات في مجال التكنولوجيا، إذ يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنشاء الأكواد البرمجية أو لتحويل الأكواد المكتوبة بلغة معينة، مثل "COBOL"، إلى لغة أخرى مثل "Java". ومعظم شركات التأمين بالفعل بدأت في استخدام هذه التقنية لتحسين كفاءتها وتسهيل عملياتها البرمجية.

التطبيق الثاني للذكاء الاصطناعي التوليدي هو الإبداع، حيث يستطيع الذكاء الاصطناعي التوليدي إنشاء محتوى مخصص بناءً على سياق المعلومات التي يتم تزويده بها، مما يتيح له إنتاج محتوى عالي الجودة يمكن تخصيصه بشكل دقيق وفقًا لاحتياجات المستخدم. في صناعة التأمين، تبرز أهمية مجالات إدارة المعرفة وتنظيم المعلومات، ففي عمليات مثل معالجة المطالبات وتقييم الوثائق، نحتاج للوصول إلى بيانات موجودة في أنظمة وتطبيقات مختلفة بسبب طبيعة الصناعة المنظمة. وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يتميز بقدرته على العثور على المعلومات الصحيحة، وفهمها، وتنظيمها بشكل مختصر وسهل الفهم. هذا يُسهم في تسريع تدريب الموظفين الجدد في مراكز الاتصال، وتسريع عمليات تقييم الوثائق، ويعمل على تحسين جودة الخدمات المقدمة للعملاء في مجال المطالبات.

التطبيق الأخير يتعلق بخدمة العملاء، حيث أصبحت القدرة على تدريب الموظفين أو حتى استبدالهم في بعض الحالات أمرًا مهمًا لتحسين تجربة التفاعل مع العملاء. يتمتع الذكاء الاصطناعي التوليدي بميزة فريدة تجعله متعدد الوسائط والنماذج، مما يعني أنه قادر على محاكاة مشاعر التعاطف والتفاعل بطرق تشبه التفاعل البشري. ومع تقدم هذه التكنولوجيا، ستتحول خدمة العملاء بشكل جذري، مما يعزز من مستوى الرضا لدى العملاء ويوفر لهم تجارب أكثر دقة وملاءمة لاحتياجاتهم.

ستعتمد العديد من شركات التأمين على الذكاء الاصطناعي التوليدي من المنصات التي تستخدمها لتنفيذ الوظائف التقليدية مثل الموارد البشرية والمالية، ولكن التميز الحقيقي لهذه الشركات سيظهر في مجالي التقييم والمطالبات، حيث ستحتاج إلى تطوير هذه التطبيقات بشكل داخلي لتلبية احتياجاتها الخاصة، وقد شهدنا بالفعل ابتكارات مذهلة لتحسين سير العمل في عمليات التقييم، وفيما يتعلق بالمطالبات، يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي أن يلعب دورًا محوريًا في العديد من العمليات، بدءًا من تحديد التغطية التأمينية بدقة، وصولًا إلى ضمان توافق علاج الإصابات الجسدية مع اللوائح والتشريعات، هذه الابتكارات تؤكد أن التوجه نحو تطوير الحلول داخليًا أصبح ضروريًا لشركات التأمين، لتتمكن من تحقيق المرونة والتميز في بيئة عملها المتغيرة.

هناك حاجة ماسة لإجراء نقاش حقيقي وعميق حول دور صناعتنا في المستقبل، وكيفية قدرتها على التكيف بسرعة مع التغيرات المتسارعة.

تانجي كاتلين

مات كوك: فيما يتعلق بمستوى النضج في استخدام هذه التقنيات، أين تقف الصناعة اليوم؟ من الواضح أن التطور مستمر، ولكن إلى أي مدى تعتقد أن الصناعة ستتمكن من إحراز تقدم كبير؟ أين هي الآن وكيف يمكن أن تتقدم في العام المقبل؟

تانجي كاتلين: يشهد الذكاء الاصطناعي التوليدي تطورًا سريعًا بوتيرة لم نعهدها من قبل، حيث تمثل إحدى أبرز التحولات ظهور "وكلاء الذكاء الاصطناعي"، وهي أدوات تحليلية تتمتع بقدرة مشابهة للبشر على اتخاذ القرارات وتنظيم المهام المعقدة من خلال استخدام نماذج متقدمة لحل مشكلات العملاء، مما يجعلها بمثابة ثورة تقنية حقيقية، ورغم هذا التقدم السريع، فإن عملية التحول ليست بالسرعة ذاتها. إذ تعتمد بشكل كبير على مدى قدرة الشركات والقطاعات على تبني هذه التكنولوجيا ودمجها في أعمالها، فبينما تتطور التكنولوجيا بوتيرة مذهلة تمكّننا من حل مشكلات بدت مستحيلة قبل سنوات قليلة، يظل التحدي الأكبر هو تغيير سلوك البشر وتحفيزهم على تبني هذه التقنيات. ومن واقع التجربة، يتطلب تبني الذكاء الاصطناعي التوليدي واستيعاب الأفراد له استثمارًا ضخمًا من الوقت والموارد، يتجاوز ثلاثة إلى أربعة أضعاف ما يتم إنفاقه على الجانب التقني، بما يشمل رأس المال والجهود المبذولة لتحقيق التحول الفعلي، مما يؤكد أن الابتكار لا يعتمد فقط على التكنولوجيا بل أيضًا على الإنسان الذي يسعى لاستثمارها في تحقيق النجاح.

مات كوك: دعونا ننتقل الآن إلى موضوع التأمين على الأفراد. في الآونة الأخيرة، واجهت شركات التأمين وإعادة التأمين في الولايات المتحدة تحديًا كبيرًا، حيث ضربت فلوريدا إعصارين كبيرين في فترة لا تتجاوز أسبوعين. والصناعة لا تزال تبذل جهودًا ضخمة للتعامل مع تداعيات هذه الكوارث. والسؤال المطروح هنا: هل سنشهد في المستقبل أسواقًا تصبح غير قابلة للتأمين؟ وكيف يؤثر التغير المناخي على ارتفاع الأقساط التأمينية ومدى التغطية المقدمة؟

تانجي كاتلين: أود أولاً أن أعبر عن خالص تعاطفي وامتناني لكل من تأثر بهذه الكوارث، فالشغف الذي أحمله تجاه هذه الصناعة ينبع من إيماني العميق بأنها ترتكز على هدف نبيل، يتمثل في تقديم الدعم والمساعدة للناس لتمكينهم من النهوض مجددًا بعد الصدمات، وأنا على ثقة بأننا، بتكاتف جهودنا معًا، سنتمكن من تحقيق هذا الهدف السامي.

مع ذلك، أود أن أبدأ بنقطة مهمة للغاية. في الولايات المتحدة، هناك تراجع كبير في نسبة الخسائر الناجمة عن الأحداث الكارثية التي تغطيها شركات التأمين مقارنة بتلك التي لا يتم تغطيتها، وهذا التراجع مستمر منذ 80 عامًا. وإذا وسعنا النظر ليشمل المخاطر التي لا تقتصر على الكوارث الطبيعية، نجد أن هناك العديد من المخاطر الجديدة التي برزت مؤخراً، مثل الأمن السيبراني، والمخاطر السياسية، وحقوق الملكية الفكرية، على سبيل المثال، والتي لا تستطيع صناعتنا حتى الآن تقديم حلول تتماشى مع احتياجات المجتمع المتزايدة. هذه قضية هامة تتطلب نقاشًا جادًا حول مدى قدرة صناعتنا على الاستمرار في تقديم الحلول الملائمة في المستقبل، وكيف يمكننا التكيف مع التغيرات السريعة. التغير المناخي هو أحد هذه القضايا التي يجب أن نتعامل معها بشكل عاجل. فيما يخص الحلول التي يجب أن نعمل على تطويرها، يجب أن نفكر في كيفية تحسين حماية الأفراد والمجتمعات، والعمل على تأهيلهم لمواجهة هذه المخاطر بشكل أفضل وأكثر استعدادًا مما كان عليه الحال في الماضي. وهذا يستدعي التعاون الفعال مع الجهات التنظيمية، حيث إن التسعير، والتغطية التأمينية، والأقساط الحالية ليست دائمًا كافية للتعامل مع هذه التحديات الجديدة. وفي الحقيقة، تلعب الجهات التنظيمية دورًا محوريًا في هذا الصدد. وفي الوقت نفسه، ستحتاج شركات التأمين إلى الاستمرار في تحسين استراتيجيات إدارة مخاطر التركيز، وتعزيز التغطية التأمينية، بالإضافة إلى تطوير العديد من العناصر الأخرى التي من شأنها أن تساهم في تعزيز قدرة القطاع على التكيف مع التغيرات المستقبلية.

تواجه الصناعة تحديًا كبيرًا في توعية السائقين حول كيفية تأثير تصرفاتهم بشكل كبير على زيادة المخاطر التي يواجهونها.

تانجي كاتلين

مات كوك: لننتقل الآن للحديث عن التنقل، حيث يشهد قطاع السيارات تطورًا متسارعًا نحو تحقيق القيادة الذاتية، مما يفتح آفاقًا جديدة أمام هذا المجال، ولكن يبقى السؤال: ما هي أبرز التطورات الحديثة في هذا السياق؟ وكيف يمكن أن يُحدث هذا التحول تأثيرًا جذريًا على صناعة التأمين ومستقبلها؟

تانجي كاتلين: بفضل التطور في الحساسات والبرمجيات، أصبحت السيارات قادرة على التحكم بنفسها إلى حد كبير، مما يثير تساؤلات مهمة حول كيفية توفير التأمين لهذه المركبات، فهل سيظل المستهلكون يتجهون إلى شركات التأمين التقليدية، أم سيعتمدون على التأمين المدمج الذي تقدمه الشركات المصنعة للسيارات عند نقطة البيع؟ تتميز الشركات المصنعة بعلامات تجارية قوية، غالبًا أكثر تأثيرًا من شركات التأمين، إضافة إلى قدرتها على الوصول إلى بيانات دقيقة يمكن دمجها مع بيانات المطالبات، مما يمنحها ميزة كبيرة في تحديد أسعار التأمين بشكل أكثر تنافسية. كما أن هذه الشركات تمتلك سيطرة أكبر على سلسلة إصلاح السيارات بعد الحوادث، مما قد يسهم في تقليل التكاليف. مع ذلك، لا تزال شركات تصنيع السيارات مترددة في تخصيص جزء كبير من رأس مالها لتوفير خدمات التأمين، بينما تواجه شركات التأمين التقليدية تحديات جديدة، أبرزها الحاجة إلى الوصول إلى بيانات السيارات وسلوك السائقين وبيانات المطالبات، لتتمكن من تقييم المخاطر بدقة وتقديم أسعار تتناسب مع طبيعة هذا التطور التقني.

النقطة الثانية تتعلق بحقيقة أن حوالي 94 إلى 96% من حوادث السيارات تعود إلى الأخطاء البشرية، وهي مشكلة يجب أن تكون التكنولوجيا قادرة على تجاوزها لتقليل هذه الأخطاء، ورغم انخفاض تكرار الحوادث، إلا أن شدتها ازدادت بشكل ملحوظ نتيجة عوامل عديدة، أبرزها الارتفاع الكبير في أسعار السيارات، حيث لم تعد الإصلاحات بسيطة أو رخيصة. فعلى سبيل المثال، أصبح إصلاح صدام السيارة أو الزجاج الأمامي مكلفًا للغاية بسبب الحساسات المدمجة في هذه الأجزاء، ومع ذلك، ورغم التطورات التكنولوجية، لا تزال صناعة التأمين تواجه تحديًا في كبح منحنى التكلفة المتزايد للتأمين، الذي يتأثر بشكل مباشر بهذه التغيرات.

على الرغم من التقدم الكبير في التكنولوجيا المدمجة داخل السيارات الحديثة، إلا أن معدلات تكرار الحوادث لم تنخفض بالشكل المتوقع، حيث يظل التأثير المتزايد لعوامل الإلهاء أحد الأسباب الرئيسية التي تؤثر على سلوكيات السائقين وتزيد من احتمالية وقوع الحوادث، مما يخلق تحديًا كبيرًا لكل من صناعة التأمين وصناعة السيارات. ويبرز هنا أحد أكبر التحديات وهو توعية السائقين بالممارسات غير الواعية التي يقومون بها أثناء القيادة والتي تسهم في زيادة المخاطر. ولتحقيق ذلك، يتطلب الأمر تعزيز التعاون بين مختلف الأطراف المعنية، بدءًا من شركات التأمين والشركات المصنعة للسيارات وصولًا إلى الهيئات التنظيمية، ومع ذلك، يبقى العنصر الأهم هو جمع وتحليل البيانات بفعالية، بحيث تُستخدم لتزويد السائقين بمعلومات دقيقة ومباشرة توضح تأثير أفعالهم على سلامتهم الشخصية، بطريقة مبسطة وسهلة الفهم، لضمان تحسين السلوكيات وتقليل المخاطر.

ما يحدث الآن هو أن شركات التأمين تسعى جاهدة لإيجاد طرق لزيادة كفاءة استخدام رأس المال الذي تستثمره.

تانجي كاتلين

مات كوك: دعونا نتحدث الآن عن تأمين الحياة، خصوصًا في ظل تزايد أعداد كبار السن في العديد من الدول، بما في ذلك الدول ذات الكثافة السكانية الكبيرة، ما الذي يمكن لشركات تأمين الحياة تقديمه بشكل عملي وفعّال للفئة العمرية بالخمسينيات والستينيات والسبعينيات؟

تانجي كاتلين: لفهم الوضع الحالي لتأمين الحياة، من الضروري الرجوع إلى جذوره الأساسية، حيث كان الهدف الرئيسي منه هو توفير الحماية المالية للأسر بعد وفاة المعيل، وذلك في وقت كان المجتمع فيه يختلف بشكل جذري عن ما هو عليه اليوم. فبعد الحرب العالمية الثانية في الولايات المتحدة، كان التقاعد أقل إثارة للقلق، وكان تأمين الحياة مصممًا لتلبية احتياجات أسر تعتمد بشكل أساسي على دخل فرد واحد، أما اليوم، فقد تغيرت ملامح الحياة بشكل كبير، حيث انخفضت معدلات الزواج وأصبح الزواج يحدث في مراحل متأخرة من العمر. ومع ذلك، غالبًا ما يعمل كلا الشريكين، وعدد الأطفال أقل بكثير مقارنة بالماضي، مما أدى إلى تراجع الحاجة إلى تغطية الوفاة التي كانت في السابق محور التأمين. وفي المقابل، برزت تحديات جديدة تستدعي إعادة تعريف دور صناعة التأمين، فقد أصبحت أعمار الأفراد أطول بشكل ملحوظ، بينما ارتفعت تكاليف الرعاية الصحية بشكل كبير، مما جعل الحاجة إلى حلول متجددة في مجالات التقاعد والرعاية الصحية وإدارة الثروات أمرًا لا غنى عنه، وبناءً على هذه التغيرات الجوهرية، تحتاج صناعة التأمين إلى تطوير استراتيجيات مبتكرة تضمن تلبية الاحتياجات المتغيرة للأفراد وتعزيز صلتها بمتطلبات العصر.

مات كوك: في الآونة الأخيرة، نلاحظ أن شركات التأمين الرائدة في الولايات المتحدة وأوروبا تتبنى نهجًا مبتكرًا يُعرف باسم "العجلة الدوارة". يقوم هذا النهج على ثلاثة محاور أساسية: أولًا، التوسع الكبير في شبكات التوزيع لضمان الوصول إلى أكبر شريحة من العملاء. ثانيًا، الاستثمار بكفاءة عالية. وأخيرًا، اعتماد مرونة جديدة في طرق الحصول على رأس المال، كيف ترى مستقبل هذا النهج؟ وما هي التغيرات التي تعتقد أنها ستطرأ عليه في السنوات القادمة؟

تانجي كاتلين: تشهد شركات التأمين اليوم تحولًا ملحوظًا في طريقة استخدامها لرأس المال، حيث تسعى جاهدة لتبني أساليب أكثر كفاءة لتحقيق قيمة مضافة، ويتمثل الاتجاه السائد حاليًا في دمج إدارة الالتزامات والأصول معًا لتحقيق أقصى استفادة، وهو نهج يبدو أنه سيكتسب زخمًا أكبر في المستقبل. فعلى مدار سنوات، ركزت شركات تأمين الحياة بشكل أساسي على خلق القيمة من خلال إدارة الالتزامات فقط، لكن مع إدراك الصناعة للتآزر الكبير الذي يمكن تحقيقه عند الجمع بين إدارة الأصول والالتزامات، أصبح من الواضح أن هذا النهج يمثل مستقبل صناعة التأمين، وأعتقد أن هذا الاتجاه لن يكون مجرد خيار استراتيجي، بل سيصبح العنصر الأساسي الذي يميز الشركات الرائدة في السوق عن تلك التي قد تجد نفسها متراجعة.

Explore a career with us