كيف نقيس النجاح في العصر الرقمي؟ خمسة مؤشرات للمدراء التنفيذيين

| مقالة

في زمن يبدو معرضاً بشكل متواصل للهزات الرقمية المُزعزعة، والتي لم يؤدِّ وباء كوفيد-19 إلّا إلى تسارع وتيرتها، أصبح لدى الشركات الكثير من المبررات المفهومة لاعتناق التحول الرقمي والبيانات والتحليلات، غير أن الرابط المباشر مع قيمة الأعمال ما زال غير واضح أو مبرر. فعندما سألنا مجموعة من الرؤساء التنفيذيين حول سير عملية الانتقال إلى النموذج الرقمي، كانوا يستجيبون في أغلب الأحيان بسرد قائمة من المبادرات الجارية على مستوى الشركة، مثل بناء منصة رقمية جديدة، وإطلاق منتجات جديدة، والاستثمار في البنى التحتية، وغير ذلك. ولكن عندما نطلب منهم التعبير عن أثر هذا الانتقال بشكل كمي من حيث الأرباح النهائية الإجمالية، عادة ما يتبع السؤال صمتٌ طويل.

على الرغم من أن قادة الأعمال والتكنولوجيا يمكن أن يبلغوا رؤساءهم التنفيذيين بإحراز تقدم جيد في هذه المبادرات، فإن مجرد انتقال المشاريع من الخطط المكتوبة إلى التنفيذ العملي لن يؤدي بشكل مضمون إلى زيادة المؤسسة لدخلها، وقدرتها على تحقيق الأرباح، وحصتها السوقية، وفعاليتها، وأفضليتها التنافسية. إن المؤسسات التي تسعى إلى الرقمنة تحتاج إلى رئيس تنفيذي يندمج في العمل بشكل كامل لاستلام دفة القيادة والحصول على أرباح فعلية من أداء الاستثمار الرقمي. وهذا يعني إعطاء الأولوية للمبادرات التي يمكن توسيع نطاقها والقادرة على تحسين أداء المؤسسة إلى درجة كبيرة، والإصرار على المخرجات السريعة والصغيرة والواقعية والتي يمكن تحسينها بمرور الوقت، والأهم من ذلك، قياس أثر وقيمة إنشاء كافة المبادرات الرقمية وتتبعهما.

ستتحدث المقالة عن هذا النشاط بالتفصيل، إضافة إلى الأساليب التي تضمن للرؤساء التنفيذيين بأن مؤشراتهم تتغير بالاتجاه الصحيح.

قد يعتقد الرؤساء التنفيذيون للوهلة الأولى أن عبء مراقبة وتحريك هذه المؤشرات يقع على عاتق القادة الوظيفيين. بطبيعة الحال، توجد بعض المؤشرات الرقمية التي يستطيع قادة الأعمال التقاطها على المستوى الوظيفي، حيث إن تتبع نسب المبيعات الرقمية، على سبيل المثال، يقع غالباً على عاتق مدير المبيعات. تعتبر هذه المؤشرات مدخلات مهمة للرؤساء التنفيذيين الذين يراقبون التقدم الرقمي. غير أن الانتقال إلى النموذج الرقمي هو انتقال أفقي، أي أنه يمتد على كافة أقسام المؤسسة. ولهذا، يتمتع الرؤساء التنفيذيون بموقع فريد يسمح لهم بمراقبة الوضع –والتأثير عليه- في جميع وظائف وأقسام العمل، وذلك لضمان قيام المؤسسة ككل باستثمار التحول الرقمي بشكل مربح وذي مغزى. إن المؤشرات التي تشمل المؤسسة، والتي سنتحدث عنها هنا، توفر للرؤساء التنفيذيين نظرة شاملة إلى الخطوات التي تم اتخاذها نحو تحول رقمي شامل للمؤسسة.

ضع تصوراً شاملاً للوضع قبل القياس

يمثل ترتيب أولويات المبادرات الرقمية خطوة أولى أساسية تحدثنا عنها مراراً وتكراراً، ولكنها تستحق أن نتحدث عنها مرة أخرى، وهي تقع مباشرة على عاتق الرئيس التنفيذي. واليوم، يجب أن يطرح الرئيس التنفيذي على نفسه هذا السؤال: ”هل تمتلك مؤسستي خارطة طريق واضحة للأولويات الرقمية، بدلاً من مجرد سلة مشاريع رقمية؟“ لا تقتصر وظيفة خارطة الطريق على توضيح كيفية الانتقال من نقطة إلى نقطة، بل ستلعب دور قوة تجبر المؤسسة على منح الأولوية لثلاث إلى خمس مبادرات جريئة -أي حركات رقمية يمكن أن تحدث تأثيراً جوهرياً على أداء المؤسسة ككل- وتركيز الموارد وفقاً لذلك. وقد يكون ميل القادة إلى الموافقة على جميع المشاريع أحد المطبات الأكثر شيوعاً في الاستراتيجيات الرقمية الفاشلة، حيث إن هذا يعرض جميع هذه المشاريع إلى خطر العجز عن تحقيق الحجم المطلوب لتغيير سلوكيات المؤسسة ودفعها إلى الأمام بشكل عام أو إحداث أثر جوهري.

خمسة مؤشرات للرئيس التنفيذي الرقمي

عندما يبدأ تطبيق خارطة الطريق ذات الأولويات المحددة، يحين وقت قياس الأداء. ونظراً لحجم وتعقيد التحول الرقمي، فإن القياس أمر ضروري لضمان الاستثمار الكامل للمصاريف والجهود وتحويلها إلى أداء أفضل. ويجب على الرؤساء التنفيذيين مراقبة خمسة مؤشرات عامة لتقييم التحول الرقمي للمؤسسة بشكل دقيق (الشكل 1).

الشكل 1

1. عائدات الاستثمارات الرقمية

يعتبر قياس عائدات الاستثمارات الرقمية أمراً معيارياً وأساسياً. ويجب ألا ينظر الرؤساء التنفيذيون فقط إلى القيمة التي تقدمها المبادرات الرقمية ذات الأولوية، بل أيضاً إلى دعمها الجمعي للأهداف الاستراتيجية للمؤسسة. وعلينا ألا ننسى أن السكون غير وارد، حيث إن التخلي عن الاستثمار بالكامل أو الاستثمار بشكل قليل مقارنة بالمنافسة يعني المزيد من التراجع، ولهذا، فإن الاستثمار الرقمي يتمحور أيضاً حول تجنب الخسارة.

لتحقيق أقصى قيمة ممكنة للعائدات، ننصح بإجراء التحول ضمن نطاق واحد في الأعمال في كل مرة، والتوسع انطلاقاً من هذه المرحلة نحو اكتساب المزيد من الزخم والترابط. وتشير كلمة "نطاق" هنا إلى عملية حساسة، أو دورة حياة الموظف أو العميل ضمن الشركة، أو وظيفة. وعلى سبيل المثال، فإن نطاق التسويق ضمن شركة للمنتجات الاستهلاكية قد يتضمن اجتذاب العملاء والتسعير والبيع العابر والاحتفاظ بالعملاء.

يسمح تحول النطاقات واحداً تلو الآخر للمؤسسات بالاستفادة من التشابهات في مجموعات البيانات، والحلول التكنولوجية، وأفراد الفرق، وذلك في عدة حالات استخدام، بشكل يوفر الوقت والتكاليف في نهاية المطاف. وعلى سبيل المثال، يمكن لبائع بالتجزئة أن يحدث تحويلاً في نطاق تجربة العملاء ضمن المتجر باستخدام نفس بيانات المتجر والبيانات الجغرافية المكانية لتحسين المجال الجغرافي لعملاء المتجر، وتحديد أولويات المصاريف، وتخصيص مجموعة المنتجات المعروضة للبيع محلياً، ما يسمح للشركة بالاستفادة من الاستثمارات في تحضير البيانات (التنظيف والربط وما إلى ذلك). إضافة إلى هذا، وعند ربط حالات الاستخدام، يمكن لفريق متعدد الوظائف أن يعمل بشكل متسق لتقديم القيمة عبر النطاق بأكمله، بصورة تتخطى بكثير القيمة الناتجة عن حالات استخدام إفرادية متفرقة عبر عدة مناطق من العمل.

من الطرق الأخرى لرفع العوائد إلى أقصى حد ممكن: توجيه ما يكفي من الموارد نحو الترويج لتبني أدوات رقمية جديدة، حيث إن فائدة المعلومة التنبؤية المثيرة للاهتمام تتعلق مباشرة بالاستجابة التي تولدها. وعلى سبيل المثال، فإن البيانات التي تحدد العملاء الذين يتصفون بأكبر قدر من المخاطرة بالشراء من مكان آخر لن تفيد في الحفاظ على هؤلاء العملاء إلا إذا اعتمد عليها قسم التسويق أو المبيعات لاتخاذ إجراءات فعالة لتلبية احتياجاتهم. وفي هذا المثال، فإن الفريق الذي يبني الحلول الرقمية أو التحليلية يجب ألا يكتفي ببناء أداة تقدم المعلومة إلى المسوّقين، بل يجب أن يتضمن الحل أيضاً إعادة تصميم لسير العمل لدى المسوّقين لتمكين الإجراءات اللازمة. إضافة إلى ذلك، يجب أن تقوم المؤسسة بتفعيل مبادرات إدارة التغيير التي تشجع تبني الحلول. وفي إحدى دراساتنا، وجدنا أن المؤسسات التي حققت نجاحاً في توسيع نطاق عمليات التحليل كانت أكثر ترجيحاً بأربعة أضعاف من الشركات الأخرى لإنفاق نصف ميزانية التحليلات على تبني الحلول وإدارة التغير.

وعلى الرغم من أن أكبر العوائد بالنسبة للكثير من الشركات تنتج من توجيه الاستثمار الرقمي نحو مبادرات النمو، فإن اتخاذ مقاربة جريئة نحو أرباح الفعالية يمكن أن يؤدي أيضاً إلى نتائج مذهلة (انظر العمود الجانبي ”لا تستخف بأساليب زيادة الفعالية“).

2. نسبة الإنفاق على المبادرات الرقمية الجريئة من الميزانية السنوية للتكنولوجيا

إن المؤسسات التي تنفق فقط نسبة صغيرة من ميزانياتها التكنولوجية على تمكين أكثر المبادرات استراتيجية وجرأة يرجح ألا تحقق أقصى العائدات الممكنة من الاستثمار الرقمي. ويمثل توزيع المصاريف التكنولوجية مؤشراً أساسياً يمكن للرؤساء التنفيذيين مراقبته لضمان قدرة المؤسسة على تقديم قيمة مدعومة رقمياً.

بدأت تكنولوجيا الأعمال بالانتقال من هيكلية شركات تكنولوجيا المعلومات الضخمة إلى الخدمات الميكروية، والأدوات المتفوقة الموجهة نحو حالات استخدام محددة، وتطوير التطبيقات المخصصة. تسمح هذه الأدوات والتطبيقات للفرق بسرعة بناء المنتجات والخدمات التي تقدم أقصى قيمة ممكنة. وقد استخدمتها الشركات التي تأسست في العصر الرقمي لاختراق جميع القطاعات تقريباً، غير أن الكثير من الشركات العريقة ما زالت عالقة في أساليب عمل تتطلب مجموعات برمجية تكنولوجية هائلة تستهلك موارد ضخمة.

لنتأمل صناعة الخدمات المصرفية. يشير بحثنا إلى أن الكثير من المصارف تنفق حوالي 92% من ميزانياتها الرقمية على البنى التحتية والصيانة، تاركة فقط 8% لمبادرات تحسين الأعمال التي يمكن أن تحفز النمو. ليس هذا بنموذج مستدام لأي شركة، خصوصاً مع الوتيرة الحالية للابتكار والتغيرات العميقة. أما شركات الاكتساح الرقمي واستثمارات المصارف المدعومة من قبل استثمارات رأس المال ذات الأساس الرقمي توجه معظم مواردها نحو المبادرات التي تحسن من الأداء، مثل دخول أسواق جديدة، وتحسين تجربة المستهلك، أو تعزيز الفعالية. كما أنها عادة ما تركز هذه الجهود على أكثر المنتجات والأقسام ربحاً في المصنف الاستثماري للبنك. ونعتقد أن المصارف يجب أن تخصص على الأقل 25% من ميزانياتها لرقمية لمبادرات النمو.

بطبيعة الحال، فإن ما يدفع الشركات العريقة والراسخة على إنفاق أغلب ميزانياتها الرقمية على البنى التحتية والصيانة هو أنها تمتلك أنظمة قديمة تستخدمها منذ فترات طويلة وقد أصبحت متزايدة التعقيد ومتهالكة، مع طبقات قد تعود إلى 15 أو حتى 20 سنة، مليئة بالتعليمات البرمجية المكتوبة بلغات برمجية بائدة. إن الاكتفاء باستبدال هذه الأنظمة غير منطقي، نظراً للتكاليف الباهظة والهزة العنيفة التي ستصيب العمليات التشغيلية. وبدلاً من ذلك، يجب على الشركات أن تتجه نحو التبسيط والتجديد عبر الأنظمة التي تقدم أعلى قيمة للأعمال. وقد قام أحد مصارف أميركا الشمالية بذلك، حيث قام بشكل اساسي بتقسيم منصته التكنولوجية إلى مجموعة من الخدمات الميكروية، مع إعطاء الأولوية للأقسام التي تسمح له بتطوير التطبيقات بشكل أسرع. تمكن المصرف من تخفيض تكلفة التغييرات المطلوبة في الأنظمة الأساسية بنسبة 30%، وتخفيض الزمن اللازم لوصول المنتجات الرقمية الجديدة إلى السوق من أكثر من 12 شهر إلى ثلاثة او أربعة أشهر وحسب. في هذه الأثناء، تصاعدت علامات رضى العملاء من قيم متوسطة إلى صدارة السوق، كما تزايدت الدخول من العروض الرقمية من أقل من 10% إلى أكثر من 40%.

قد لا تتمكن الشركات التقليدية التي تتخذ هذا المنحى على الإطلاق من مضاهاة شركات الاكتساح الرقمي من حيث مرونة أنظمة تكنولوجيا المعلومات فيها، ولكن على الرغم من هذا، يمكن أن تحافظ على قدراتها التنافسية في العصر الرقمي بالتحسين المتواصل والبناء على نقاط قوتها الأخرى.

3. الزمن المطلوب لبناء تطبيق رقمي

تمثل السرعة –خصوصاً سرعة تحويل الأفكار إلى أدوات يمكن استخدامها بشكل مباشر- عاملاً حاسماً في المؤسسة الرقمية. وفي عالم سريع التقلب، يعني التأخير مزيداً من الفوائد للمنافسين، والأسوأ من هذا، إنتاج أداة تصبح باطلة وعديمة النفع قبل أن تُستخدم حتى. وعلى الرغم من هذا، فإن الكثير من المؤسسات لا تمتلك أدنى فكرة عن طريقة تحسين أدائها من هذه الناحية.

نستطيع وفقاً لخبرتنا اقتراح عدة فترات مناسبة لإيصال التطبيقات إلى السوق والإصدارات الجديدة. فبالنسبة لنموذج التحليل (مثل النموذج المستخدم للتنبؤ بتخلي العملاء عن الشركة أو تحديد الأقسام المصغرة التي تسمح بدرجة أكبر من التخصيص)، فإن إدخاله إلى ميدان العمل يجب أن يستغرق أقل من أربعة أشهر. أما لإطلاق أداة تطبيق برمجية (مثل لوحة قياسات خاصة لتمكين المبيعات المباشرة مع العملاء)، فيجب ألا يتجاوز طول الجدول الزمني ستة أشهر (الشكل 2). وما زلنا نرى أن الكثير من المؤسسات تستغرق وقتاً يصل إلى سنتين أو أكثر لاستكمال هذه المشاريع، ويعود هذا بشكل أساسي إلى افتقارها إلى عمليات التشغيل الرشيقة ذات الإنتاج المتواصل، إضافة إلى معاناتها مع أعباء التوثيق المبالغ به والمتطلبات عديمة النفع، مثل الحماية والمصادقة بتسجيل دخول أحادي.

الشكل 2

بطبيعة الحال، فإن السرعة لا تعني الضعف الوظيفي. وعلى الرغم من أن المنتجات تبقى قابلة للتحسين، فإنها يجب أن توفر تجربة مستهلك جيدة منذ بدايتها، وهو ما يتطلب دفع المؤسسة إلى إدماج عمليات التطوير وضمان الجودة كأجزاء في العملية الكلية. وما أن يصبح المنتج في الميدان، يجب أن يتم تطبيق التحسينات في الوقت المناسب، وألا يستغرق تطبيقها أكثر من أسبوعين

تقع مسؤولية قياس ومراقبة هذا المؤشر على عاتق وحدة الأعمال المسؤولة عن تطوير الأداة الرقمية والقائد التكنولوجي للمؤسسة. أما دور الرئيس التنفيذي فهو مراقبة عمليات تسليم المنتجات الهامة ومواعيد التسليم النهائية، والإشراف - جنباً إلى جنب مع القيادة التكنولوجية - على جميع المبادرات الرقمية في جميع أنحاء المؤسسة لتحديد المناطق التي تمتد فيها الجداول الزمنية على فترات طويلة بشكل متكرر. ويمكن أن تمثل الجداول الزمنية الطويلة للغاية مؤشراً على عجز المؤسسة عن إدماج أفضل الممارسات في بنيتها المؤسساتية، وهي خطوة ضرورية نحو استكمال جاهزية المؤسسة لتحقيق النجاح الرقمي على المدى الطويل.

من الهام أن نلاحظ أننا ننصح بقياس الفترة الزمنية اللازمة للوصول إلى السوق، لا الفترة الزمنية اللازمة لبناء نموذج قادر على العمل، حيث يجب على الرؤساء التنفيذيين معرفة الزمن المطلوب لبناء تطبيقات تصل إلى مرحلة الاستخدام الفعلي. كما أنه من المفيد أيضاً قياس نسبة التطبيقات المُنتجة التي تصل إلى السوق فعلياً. ففي الكثير من الحالات، تقوم الشركات بتأسيس مراكز امتياز تنتج العديد من النماذج التحليلية، ولكن معظمها لا يمكن توسيع نطاقه أو حتى استخدامه على نطاق واسع على الإطلاق. وقد سمعنا بشركة للخدمات المالية أمضت ثلاث سنوات في تطوير تطبيق يخص إجراءات سير العمل وفق تصميم حسب الطلب اعتماداً على منهجية البناء المتتالي (نموذج الشلال). كان من المفترض أن يُستكمل التطبيق خلال سنتين، ولكن عندما أصبح جاهزاً، كان قد أصبح قديماً وعديم الفائدة، واضطرت الشركة إلى شطب المشروع بأكمله.

يعتبر الكثيرون أن سرعة التطبيق هي أهم مؤشر رئيسي للأداء (KPI) في الأعمال الرقمية والتحليلية. حيث تعكس درجة ترابط عناصر عمل المؤسسة التكنولوجية، وتحدد سرعة وصول النتائج التي حصلنا عليها من البيانات والنماذج إلى الميدان لاختبارها والتعلم منها وتحسينها.

التعافي الرقمي من كوفيد-19: خمسة أسئلة للمدراء التنفيذيين

4. نسبة حوافز القادة المرتبطة بالمنتجات الرقمية التي تقدم القيمة

يحتاج الرئيس التنفيذي إلى أن يضمن أن جميع قادة المؤسسة مسؤولون عن التحول الرقمي وتقديم قيمة ملموسة. ولهذا، فإن وجود الحوافز الموافقة أمر هام لتحقيق هذه الأهداف. وعلى وجه الخصوص، يجب أن يتضمن هذا ربط الحوافز الرقمية بين هؤلاء القادة، بما في ذلك المسؤول الأول عن التكنولوجيا في المؤسسة. وغالباً ما تتضمن المؤسسات التي تعمل على بناء قدراتها الرقمية والتحليلية عدة قادة للتكنولوجيا، مثل الرئيس التنفيذي الرقمي وكبير موظفي المعلومات. غير أن القدرة على تحريك مؤسسة تكنولوجية لدعم أهداف الأعمال تقع في المحصلة على عاتق كبير موظفي التكنولوجيا (CTO)، والذي يتحكم بشكل عام بتوزيع الموارد وتوجيهات الإنتاج وأمن المعلومات وبروتوكولات تطوير التكنولوجيا.

بالنسبة لبعض المؤسسات، قد يتطلب هذا إعادة نظر جوهرية بدور كبير موظفي التكنولوجيا. وعلى سبيل المثال، فإن كبيري موظفي التكنولوجيا من الجيل الجديد، الموجودين في الشركات التي تم تأسيسها في العصر الرقمي، يشرفون على كافة نواحي الإنتاج، بدءاً من التصميم وصولاً إلى التسليم، ويركزون بشكل كبير على التسليم الرشيق والسريع. وفي الكثير من الحالات، فإن تعويضات حوافزهم مرتبطة بإصدارات التطبيقات الجديدة، وطول دورة حياة المشروع، والقيمة المولدة للأعمال، ما يجعل أولوياتهم واضحة دون لبس.

على النقيض من ذلك، فإن كبيري موظفي التكنولوجيا في الشركات القديمة أقرب إلى لعب دور "مدير تكنولوجيا المعلومات" بحيث يركزون أكثر على مسائل البنية التحتية والأمن والعمليات، إضافة إلى بعض وظائف كبير موظفي المعلومات، مثل الإشراف على تطوير التطبيقات ضمن الشركة. وتكمن مشكلة هذا النظام في أنه يعزز عقلية تفادي المخاطر، مما يخفف المسؤولية عن رفع قيمة الأعمال ويؤدي إلى زيادة طول الجداول الزمنية في أغلب الأحيان. وفي عصر الهزات التكنولوجية المُزعزعة المتتابعة، يجب على الرئيس التنفيذي أن يعزز ويحفز عقلية البناء ولعب دور دافع التغيير لدى المسؤول التكنولوجي الأساسي، بحيث لا يكتفي فقط بممارسة دور كبير موظفي التكنولوجيا. إن إعادة ترتيب الحوافز وتغيير العقلية نحو تعزيز خلق القيمة يمكن أن يحدثا أثراً هائلاً على الثقافة والوتيرة والعمل.

5. الكفاءات التقنية الممتازة التي تم اجتذابها وترقيتها والاحتفاظ بها

تمثل القدرة على اجتذاب الكفاءات التكنولوجية الاستثنائية والاحتفاظ بها أحد أهم العوامل التي تدفع نحو النجاح طول الأمد في عالم يكتسب طابعاً رقمياً أكثر وضوحاً. وتتضمن الكفاءات التكنولوجية الأفراد ذوي الخبرات في هندسة وتحليل البيانات، والتصميم وتجربة المستخدم، والتكنولوجيات الأساسية.

قد تتغير الطريقة الصحيحة لتقييم الكفاءات مع مرور الوقت، اعتماداً على المرحلة التي تمر بها مؤسستك في رحلتها الرقمية. ففي المراحل المبكرة، يجب أن تركز المؤسسات بشكل أكبر على توظيف ما يكفي من المهندسين الكبار وبناة ريادة الأعمال. ومع تضخم العمل الرقمي، يجب أن تنتقل المؤسسة إلى الاعتماد على كوادرها من الأخصائيين التكنولوجيين ومحترفي ضمان الجودة. وبما ان الرئيس التنفيذي هو الشخص الوحيد الذي يتمتع بنظرة شاملة على المؤسسة بأسرها، فيجب أن يفهم الحاجات الأكثر إلحاحاً ويجد طريقة لقياس التقدم لضمان إدماج الكفاءات التي تتمتع بعقلية البناء والتحويل، بدلاً من مجرد الحفاظ على ما هو موجود مسبقاً (الشكل 3)

الشكل 3

يكمن الهدف في الحفاظ على التوازن ما بين الكفاءات التكنولوجية والكفاءات العامة المدمجة في جميع أقسام المؤسسة. وقد وجدنا أن أحد أهم المؤشرات هو نسبة الكفاءات التكنولوجية التي تؤدي العمل مقارنة مع تلك التي تلعب أدواراً إدارية. وعادة ما يتغير هذا الرقم من أقل من 20% في بداية التحول الرقمي إلى حوالي 70% عند استكماله. ومن المؤشرات الهامة الأخرى هي نسبة الكفاءات –بما فيها تكنولوجيا المعلومات ومدراء المشاريع ومدراء الإنتاج- التي تعمل بشكل فعلي ضمن الوحدات الرشيقة حيث يحدث التغير الحقيقي. هناك أيضاً مؤشرات أقرب إلى الطابع التقليدي، مثل نسبة حملة شهادات الدكتوراه ضمن طاقم العمل ونسبة الحاصلين على درجات علمية من مؤسسات تتميز ببرامج هندسة عالية المستوى أو من تم اجتذابهم من مؤسسات تكنولوجية راقية.

لضمان الاحتفاظ بهذه الكفاءات، يجب على الرؤساء التنفيذيين الانتباه إلى المؤشرات المعبرة عن درجة الرضا، مثل وتيرة مشاركة الكفاءات الرقمية في التجمعات أو النقابات التقنية، أو وتيرة تقدمها في مسارات الحياة المهنية ضمن الشركة، مقارنة مع باقي الموظفين.

قد يكون تكامل الكفاءات ضمن المؤسسة المعامل الأكثر أهمية. فإذا كانت الكفاءات التكنولوجية معزولة ضمن وحدات منفصلة، بدلاً من أن تكون جنباً إلى جنب مع وحدات الأعمال، فمن الصعب للغاية تحقيق التضخيم في العمل الرقمي. ولمراقبة هذه المسألة، تجري بعض المؤسسات تحليلات للشبكة، مثل دراسة أعداد الأشخاص الذين يرسل إليهم الموظفون رسائل بالبريد الإلكتروني خلال فترة محددة. فإذا كان الموظف يرسل باستمرار رسائل إلى حوالي ثلاثة أو أربعة زملاء مقربين وحسب، فقد تكون هناك مشكلة.

أخيراً، وبما أن الشركات لا تستطيع توظيف جميع الكفاءات التكنولوجية التي تحتاجها، فمن المهم أيضاً قياس مدى رفع المؤسسة لمهارات الكفاءات الموجودة. ويمكن فعل هذا عن طريق دراسة جودة برامج التدريب والتطوير وإمكانية الوصول إليها، وقياس مستويات التسجيل فيها.


عندما يعرف الرؤساء التنفيذيون ما هي أهم المؤشرات التي يجب مراقبتها، يمكنهم تحليل فعالية الاستثمارات الرقمية. بطبيعة الحال، يجب على قادة الوظائف تتبع هذه المؤشرات ضمن أقسامهم، ولكن الرئيس التنفيذي هو الوحيد الذي يتمتع بنظرة شاملة للشركة مدعومة بالتكليف الذي يقتضي بناء خلق قيمة شاملة للمؤسسة عبر العمل الرقمي.

يستطيع الرؤساء التنفيذيون وكبار مدرائهم التنفيذيين، عبر الشراكة مع قادة الوظائف، ضبط توظيف الكفاءات، وتغيير توزيع الموارد، وتعديل ثقافة الشركة، لضمان تحقيق الأرباح عبر الانتقال إلى العصر الرقمي.

Explore a career with us