كيفية تنفيذ التحولات لتحقيق أثر طويل الأمد

| مسح

تشرع مؤسسات عديدة في تنفيذ تحولات واسعة النطاق، لكن سرعان ما ينتهي بها المطاف وقد أصيب قادتها بالإحباط، وحصلت على نتائج أسوأ من المتوقع على المدى الطويل. في بادئ الأمر، تكون هذه الجهود مستندة عادةً إلى طموحات عالية وحماسة كبيرة ثم تفقد في المتوسط 42 في المئة من قيمتها المتوقعة في المراحل اللاحقة من برنامج التحول، حيث يتحول التركيز إلى تنفيذ التغيير والمحافظة على ديمومته1.

وفي حين أن العديد من هذه البرامج تنتهي بخيبة الأمل، فإن أحدث استبيان عالمي أجريناه في ماكنزي حول هذا الموضوع2 يوضح أن النجاح قابل للتحقيق، وأن المؤسسات التي تبرع في تنفيذ المطلوب أكثر من غيرها تميل إلى التفوق في الأداء المالي على قريناتها. كما يشير البحث أيضاً إلى وجود سمات عديدة مشتركة بين المؤسسات الأفضل أداءً في مجال التحولات، أي تلك التي حققت أهداف التحول وحافظت في الوقت ذاته على استمرارية المكاسب في الأداء لمدة ثلاث سنوات على الأقل. وعلى وجه التحديد، من المرجح أن تكون هذه المؤسسات قد لجأت أكثر من غيرها إلى وضع قائمة شاملة وصارمة بالممارسات المطلوبة لتنفيذ الأهداف المنشودة والعمل بها على مدى عمر البرنامج. كما أنها تنجح في تحقيق معظم أهداف عملية التحول الخاصة بالموظفين، وتخصص ما يكفي من الموارد لدعم هذا الجهد.

لمحة عامة

  • في برامج التحولات، يكون التأثير بعيد المدى أكثر ندرة مما قد يعتقده المرء. فبينما قال 56% من المشاركين في الاستبيان إن مؤسساتهم قد حققت معظم أهداف التحول التي نشدتها أو كلها، ذكر 12% فقط3 منهم إنهم قد تمكنوا من المحافظة على ديمومة هذه الأهداف لأكثر من ثلاث سنوات.
  • ثمة فقدان لقدر كبير من القيمة خلال المراحل المخصصة للتنفيذ والمحافظة على ديمومة التغيير. يقول المشاركون في الاستبيان إنهم يخسرون في المتوسط 42% من الفوائد المالية المحتملة من تحولات مؤسساتهم خلال المراحل الأخيرة من المراحل الأربع لجهود التغيير واسعة النطاق.
  • الناجحون في عملية التنفيذ يحصدون عوائد كبيرة. أفاد المشاركون في الاستبيان الذين قالوا إن شركاتهم قد أنجزت أهداف أداء التنفيذ الخاصة بها، وحافظت أيضاً على المكاسب التي جنتها من التحول لأكثر من ثلاث سنوات، قد حققت معدل نمو مالي يفوق ما حققته أقرانها بمقدار الضعف.
  • يُعدّ الالتزام بتنفيذ التغييرات والمحافظة على ديمومتها مع مرور الوقت أمراً فائق الأهمية لبلوغ التأثير المنشود. ومن المرجح أن تلتزم المؤسسات الأفضل أداءً في مجال التحولات أكثر من غيرها بثلاث ممارسات خاصة بتنفيذ التغييرات. وهذه الممارسات الثلاث هي: الحفاظ على دقة التنفيذ في المراحل اللاحقة من البرنامج؛ والتركيز على الأهداف "المتعلقة بالموظفين"، بما في ذلك تجربة الموظفين وإدارة أصحاب المواهب؛ وتخصيص الموارد المناسبة لكل مرحلة من مراحل هذه العملية. في الواقع، يصبح احتمال تحقيق المؤسسات الملتزمة بالمجالات الثلاثة جميعها لمكاسب في الأداء والحفاظ على ديمومتها لأكثر من ثلاث سنوات أعلى بمقدار 3.4 مرة مقارنة بغيرها.
ستيف آرمبروستر

(تعليقات ماكنزي) ستيف آرمبروستر، الشريك في مكتب ماكنزي في أوستن، تكساس

"في وقت تتسارع فيه وتيرة التغيير في الشركات والعالم الأوسع نطاقاً، لم يسبق للتنفيذ وبناء القدرات في برامج التحول الرئيسية أن كانا يحظيان بذات الأهمية التي يحظيان بها الآن. وقد اكتشفنا أن إنجاز هذه المهمة أصعب مما كنا نظن، حيث قال واحد فقط من كل ثمانية مشاركين في الاستبيان إن شركاتهم تدير فعلياً تحولات ناجحة وتستمر في حصد نتائجها الإيجابية".

القيمة الناتجة عن تنفيذ التحول بالشكل الصائب

من بين المشاركين في الاستبيان ممن قادوا عملية التحول أو شاركوا فيها خلال السنوات الخمس الماضية، قال أكثر من النصف بقليل (56%) فقط إن برامج التحول في شركاتهم كانت قادرة على تحقيق معظم أهداف الأداء التي رغبوها أو كلها – على الأقل في البداية. وتبدو الصورة أكثر قتامة عندما سئلوا إلى متى استطاعوا الحفاظ على مكاسب الأداء هذه، حيث قال 12% فقط منهم إن مؤسساتهم كانت قادرة على الحفاظ عليها لأكثر من ثلاث سنوات (الشكل 1).

1

قال أكثر بقليل من نصف المشاركين في الاستبيان إن برامج التحول في مؤسساتهم كانت قادرة على تحقيق معظم أهدافهم الخاصة بالأداء أو جميع هذه الأهداف. وقال 12% فقط منهم إن مؤسساتهم تمكنت من المحافظة على ديمومة هذه الأهداف لأكثر من ثلاث سنوات.

وبالنسبة لأولئك الذين ينجحون في تحقيق أهدافهم، يبدو أن ثمة مكاسب كبيرة يحصلون عليها. فوفقاً لاستبياننا، المشاركون الذين حققوا أهداف الأداء في عملية التنفيذ الخاصة بمؤسساتهم وتمكنوا من الحفاظ على مكاسب التحول تلك لمدة ثلاث سنوات على الأقل (أي أولئك الذين نطلق عليهم صفة "الأفضل أداء في مجال التحولات") هم أكثر عرضة للإفادة عن تحقيق نمو مالي فوق المتوسط، حيث تمكنوا من تحقيق نمو سنوي مركب في الأرباح قبل خصم الفوائد والضرائب على مدى السنوات الخمس الماضية بلغ في المتوسط 11٪، مقارنة بمتوسط بلغ 5.3٪ بين صفوف المشاركين الآخرين (الشكل 2).

2
تاكانوري ساكاموتو

(تعليقات ماكنزي) تاكانوري ساكاموتو، الشريك في مكتب طوكيو، اليابان

"في حين أن المراحل المبكرة من البرنامج مهمة بالتأكيد، إلا أن المراحل اللاحقة من البرنامج – بما في ذلك التنفيذ – تنطوي على أكبر قدر من المخاطر التي قد تؤثر على نتيجة التحول. فالصرامة والمهارة والشغف هي عناصر ضرورية أثناء التنفيذ وخلال كامل رحلة التحول التي يمكن أن تكون طويلة وأن تتضمن الكثير من التقلبات والمطبات. ولهذا السبب يجب أن يظل الرئيس التنفيذي والإدارة العليا ملتزمين منذ البداية وحتى النهاية وأن يضمنا تمتّع الموظفين بذات القدر من التركيز والالتزام".

تعلم المؤسسات الأفضل أداء في مجال التحولات أن طريقاً طويلاً ينتظرها

إذن، ما الذي يميز أصحاب الأداء الأفضل في مجال التحولات هؤلاء عن البقية؟ يظل هذا السؤال مطروحاً في أوساط عدد لا يحصى من المديرين التنفيذيين وهم يدفعون باتجاه المحافظة على نجاح مبادرات التحول وضمان ديمومة تأثيرها على المؤسسة مع مرور الوقت.

عندما ننظر إلى المشاركين في الاستبيان من بين المؤسسات الأفضل أداء في مجال التحولات، نجد أن ثمة نمطاً واضحاً. فوفقاً للاستبيان، فإن هذه البرامج أكثر احتمالًا من غيرها بأن تكون قد طبّقت ثلاث ممارسات في التنفيذ تترك أثراً إيجابياً بعيد المدى، ويبدو أنها تحسّن من احتمالات نجاحها بشكل كبير (الشكل 3).

3

علاوة على ذلك، فإن المؤسسات التي تتّبع هذه الممارسات الثلاث أكثر عرضة بمقدار 3.4 مرات من أقرانها للقول إن تأثير تحولاتها استمر لأكثر من ثلاث سنوات:

  1. تحافظ على دقة التنفيذ على مدار مراحل البرنامج اللاحقة. يقول المشاركون من المؤسسات الأفضل أداء في مجال التحولات إن كبار قادتهم يضربون على الأرجح مثالاً يُحتذى منذ البداية وحتى النهاية في التأكيد على أهمية البرنامج من خلال مشاركتهم الأنشطة وحضورهم المستمر. ومن المرجح أيضاً أن تسهم برامج التحول الأفضل أداء في تعزيز روح التحسين المستمر من أجل التكيف مع ظروف السوق المتغيرة. كما تحافظ هذه المؤسسات على إيقاع ثابت للتقدم من خلال دمج إدارة المشروع أو القسم المسؤول عن التحول في عمق الهيكلية المؤسسية، وهي تستمر في تنشيط المؤسسة من خلال المواءمة بين حوافز الأداء وأهداف البرنامج.
  2. تستخدم البرنامج لترقية أصحاب المواهب لديها. هذه المؤسسات أكثر ميلاً من غيرها للبحث عن أفضل أصحاب المواهب لديها لتوكل إليهم واجب أداء الأدوار المهمة والحرجة، وبالتالي فإنها تغتنم فرصة التحول لتحدد أصحاب المواهب الجديدة في عموم المؤسسة وتعزّز قدراتهم. فهي تميل إلى الاستثمار في بناء القدرات في أرجاء المؤسسة، حيث تستفيد من المراحل الأخيرة لضمان الحصول على مهارات قيادية وتقنية ووظيفية جديدة. ووفقًا للاستبيان، فإن المؤسسات التي حققت معظم الأهداف "المتعلقة بالموظفين" في التحول كانت أميل بمرتين من المؤسسات الأخرى المشاركة في الاستبيان إلى الحفاظ على هذه الأهداف لأكثر من ثلاث سنوات.
  3. تستثمر الموارد المناسبة في كل مرحلة. من المرجح أن تعطي المؤسسات الأفضل أداء في مجال التحولات الأولوية لهذا التحول على حساب الاستثمارات الأخرى الممكنة. فهي توكل إلى أفضل موظفيها مهمة أداء الأدوار الحاسمة في البرنامج، وتوفر المستوى المناسب من الدعم المالي لتعزيز التأثير المستدام. كما أنها تُبقي المؤسسة في حالة تركيز على تقليل فقدان القيمة إلى أدنى حد ممكن خلال رحلة التحول الطويلة، وتستخدم مواردها الاستراتيجية للحفاظ على السرعة والزخم.
نانسي بوسيلاتو

(تعليقات ماكنزي) نانسي بوسيلاتو، الشريكة المشاركة في مكتب روما، إيطاليا

"إذا أرادت الشركات النجاح في عملية التحول، يجب عليها إيجاد طريقة لبناء القدرات المطلوبة للمحافظة على مكاسب هذه العملية على المدى الطويل، وتعزيز هذه القدرات. ويتعين على الشركات التي تريد إنجاز هذه المهمة الموازنة بين الفعالية والكفاءة، مع الاستمرار في التركيز على موظفيها وعلى الأداء، حيث سيؤدي ذلك إلى تمكين الموظفين من قيادة التغيير والمحافظة على ديمومته بغضّ النظر عن ظروف التحول".

Explore a career with us