عشرة طُرق لتسريع الانتفاع بخدمات الصحة الرقمية في المملكة العربية السعودية

| مقالة

تزود التكنولوجيا الرقمية أنظمة الرعاية الصحية بفوائد جمة، منها خدمات رعاية منسقة بدرجة أفضل، رصد لحظي للأمراض المزمنة، تشخيصات أدق، علاجات أشد فعالية، وتجربة مريحة لكل من المريض والطبيب. كما تعود الرعاية الصحية الرقمية بفوائد اقتصادية كبيرة؛ وفورات في التكاليف يمكن إعادة استثمارها في مجالات صحية أخرى لها أولوية. وفي بحث صدر عام 2020، قدّر مركز ماكنزي العالمي للأبحاث أن الأجهزة المتصلة والشبكات المتقدمة في مجال الرعاية الصحية يمكن أن تحقق ما بين 250 مليار دولار إلى 420 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول العام 2030.1

ويمكن أن تلعب خدمات الرعاية الصحية الرقمية دوراً حيوياً في المملكة العربية السعودية، سعياً إلى زيادة كفاءة الرعاية الصحية وتحقيق نتائج أفضل، وما يصل إلى 27 مليار دولار بحلول عام 2030. وقد اتخذت المملكة بالفعل العديد من الخطوات في هذا الاتجاه، بدءاً من تنفيذ برنامج تحول قطاع الرعاية الصحية في إطار رؤية السعودية 2030 منذ العام 2016، بغرض تحسين كفاءة وجودة الرعاية الصحية وتطوير تجربة المريض. وفي البداية، ركزت جهود خدمات الصحة الإلكترونية على رقمنة بيانات مزودي الحلول والابتكارات في سجلات صحية إلكترونية، وتطبيق أنظمة إدارة تدفق العمل السريري. ومنذ تفشي جائحة كوفيد-19، توسعت المملكة في تطبيق حلولها الرقمية، فشملت حلولاً محورها المستهلك، من قبيل الرعاية الافتراضية.

وفي سبيل دراسة الفوائد الاقتصادية التي يمكن للمملكة تحقيقها بزيادة الاعتماد على تكنولوجيا الرعاية الصحية الرقمية، تعاونت ماكنزي مع مركز تعزيز الرعاية الصحية الحكيمة في تنفيذ تحليل كمي ونوعي.2 ويمكن لابتكارات الرعاية الصحية أن توفر مزايا اقتصادية تزيد عن 15 مليار دولار إلى 27 مليار دولار للنظام الصحي ككل في عام 2030؛ وهو ما يشمل وزارة الصحة ومؤسسات مزودي الخدمات ودافعي الرسوم والأطباء والمرضى؛ وهو رقم يفوق ما تتوقعه معدلات التطبيق الحالية (انظر العمود الجانبي "منهجية احتساب المنفعة الاقتصادية"). ويمثل هذا الرقم 10 إلى 15 بالمائة من إجمالي الإنفاق الصحي المتوقع للمملكة في العام 2030 والذي يمكن إعادة استثماره في مجالات أخرى علاوة على تطوير المخرجات التي يتلقاها المرضى.

ونحدد في هذا المقال مصادر الوفورات، ومن ثم نقدم عشر طرق يمكن لمجموعات الأطراف المعنية أن تسرع بها خلال تحقيق هذه الفوائد.

مصادر الوفورات

مصادر الوفورات التي حددناها هي خمس مجموعات من الفوائد الاقتصادية، أوجزناها في الشكل 1؛ تحويل التفاعل إلى افتراضي حيثما أمكن ذلك، تقديم خيارات الخدمة الذاتية، زيادة تطبيقات أنظمة معلومات وبيانات القرار، أتمتة سير العمل، والاستغناء عن المعاملات الورقية.

التفاعل الافتراضي

تبلغ نسبة مكون "التفاعل الافتراضي" (عن بعد) نحو 41 في المائة من الفوائد المحتملة، لتحقق وفراً يتراوح بين 6 مليارات و9 مليارات ريال سعودي بحلول العام 2030. ومصدرها الأساسي ثلاثة أنواع من الابتكارات الخاصة بالتعامل مع المستهلك:

الرعاية الذاتية والخدمة الذاتية

تمثل الرعاية الذاتية للمريض وما يقدم له من خدمات ذاتية 17٪ من الفوائد المحتملة، بإجمالي يتراوح بين 2.6 مليار ريال و6.6 مليار ريال بحلول عام 2030.7 وسوف تمثل جانباً أساسياً لنموذج المملكة الجديد للرعاية التي تركز على الوقاية من الأمراض.8 وهي تشمل تطبيقات الأمراض المزمنة التي تسهل الالتزام بالوصفات الطبية وإدارة تعاطي الأدوية، والحلول التي تضبط النظم الغذائية الصحية والنشاط البدني، والتشخيصات الرقمية لعينات وفحوصات الدم التي يتم جمعها منزلياً. وبما أن معدل اعتماد هذه الحلول ما يزال منخفضاً، لذا فإن معظم إمكانات توسيع نطاقها لم تتحقق بعد.

كما تمنح ابتكارات الخدمة الذاتية المريض تحكماً أكبر في وصوله إلى الرعاية من خلال السماح له بحجز زيارات العيادة وإعادة جدولة المواعيد وجدولة الفحوصات التشخيصية بنفسه. وتتوافر مثل هذه الخدمات اليوم في المملكة، ولكن ما تزال هناك العديد من فرص زيادة معدلات التبني.

أنظمة معلومات وبيانات اتخاذ القرار

تشكل أنظمة معلومات وبيانات اتخاذ القرار 16 في المائة من الفوائد المحتملة، أو من 2.3 مليار إلى 3.8 مليار ريال بحلول عام 2030. وقد نفذ العديد من مزودي الخدمة في المملكة واجهات لقياس الأداء، ولكن هناك فرصاً تتيح تجاوز هذه التقنية إلى ما هو أكثر تطوراً. وعلى سبيل المثال، يمكن أن يؤدي التنميط الجيني، عند إجرائه بخصوصية وضمانات قوية للمريض، إلى إنشاء ملف تعريف جيني دوائي كامل من المسحة التي يقوم بها المريض في المنزل. ويمكن استخدام هذا الملف الشخصي لتحديد أكثر الأدوية ملاءمة والجرعة المناسبة لكل فرد، الأمر الذي يحسن النتائج الصحية ويقلل من حدوث ردود الفعل السلبية.

ننتقل إلى مثال آخر، ألا وهو دعم القرار السريري في المستشفيات. وتستخدم العديد من حلول البرامج هذه خوارزميات تعلم الآلة لتحديد الأنماط في المخططات السريرية للمريض ومن ثم تقديم توصيات لخطط الإدارة. كما يمكن للبرنامج تقليل الأخطاء الطبية عن طريق تحذير الأطباء بشأن التفاعلات الدوائية المحتملة أو موانع استعمالها.

ومثال ثالث هو حلول برمجيات إدارة تدفق المرضى، التي تساعد المسؤولين في إدارة إشغال الغرف في جميع أنحاء المستشفى بكفاءة أكبر، بما يمنع فترات الإقامة الطويلة غير الضرورية لبعض المرضى.

أتمتة سير العمل

تمثل أتمتة سير العمل 13 في المائة من الفوائد المحتملة، لتتراوح ما بين 2.1 مليار إلى 4.7 مليار ريال سعودي من الوفورات بحلول عام 2030. وتظهر دراسات مستقبل العمل إمكانية أتمتة 30 إلى 40 في المائة من العمل في قطاع الصحة في المملكة بحلول عام 2030. ومن شأن هذه الأتمتة أن تساعد العاملين في التركيز على المهام ذات الأولوية وذات الجانب الإنساني العاطفي للرعاية. ويمكن أن تحسن أتمتة سير العمل تجربة المريض وجودة البيانات اللازمة لاتخاذ القرارات السريرية والرعاية الصحية التنظيمية.9 وقد أظهر بحثنا النوعي أن أدوات الإحالة الإلكترونية سارية على نطاق واسع في المملكة على مدار الأعوام الثلاثة الماضية، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى إطلاق نظام "إحالتي" في عام 2019. ويمكن تحصيل قيمة إضافية من الحلول الأخرى، مثل أنظمة تنظيم تدفق المرضى وأتمتة العمليات الروبوتية (في نقل الأدوية وعينات الدم، على سبيل المثال، وخدمات غسيل الملابس وتخزينها) والاتصال المتنقل للخدمات التمريضية وتحديد الترددات الراديوية وتوسيع نطاق وحدات العناية المركزة الإلكترونية.

بيانات بلا ورق

سوف تمثل البيانات بلا ورق (الرقمية) 12٪ من الفائدة المحتملة في عام 2030، بما يتراوح بين 1.9 مليار و2.7 مليار ريال. وتعزز السجلات الطبية الرقمية الموحدة كفاءة أكبر من خلال السماح لمتخصصي الرعاية الصحية بالتركيز على المهام ذات القيمة المضافة بدلاً من المهام الإدارية. ويمكن للمملكة أن توسع السجلات الصحية الإلكترونية إلى ما يتجاوز توثيق سجلات المرضى عبر الإنترنت وصولاً إلى ترميز أكثر دقة لمجموعة الأمراض والحالات، ويمكن أن تطور بوابات إلكترونية تتيح للمرضى الوصول إلى تقاريرهم الطبية. كما يمكن تعزيز التواصل بين المستشفيات وكذلك بين إدارات المستشفى الواحد من خلال البرامج التي تزيد الإنتاجية، لتحل محل اللجان التقليدية متعددة التخصصات ولتسهل التواصل السريع بين الأطباء بشأن رعاية المرضى وكذلك بين الأقسام وبين المستشفيات.

الشكل
Ten ways to accelerate the benefits of digital health in Saudi Arabia

عشر مسرعات إلى تبني خدمات الصحة الرقمية

يمكن للأطراف المعنية المساهمة في تسريع تحقيق قيمة الصحة الرقمية في المملكة العربية السعودية (انظر العمود الجانبي "منهجية تحديد المسرعات"). والفئات الأربع الرئيسية للأطراف المعنية هي شركات التكنولوجيا والمستثمرون والموردون والدافعون وأصحاب الاستراتيجيات. ولتحديد المسرعات ذات الإمكانات الأكبر للمملكة، نظرنا في أمثلة حول كيفية تسريع الأطراف المعنية لتنفيذ الرعاية الصحية الرقمية وزيادة معدلات تبني خدماتها، مما أدى بدوره إلى تحسين نتائج المرضى. ولقد أعطينا الأولوية لهذه المسرعات بناءً على جدواها وقدرتها على إحداث تأثير كبير على المستوى الوطني.

شركات التكنولوجيا ومستثمروها

يجب على شركات التكنولوجيا والمستثمرين التفكير في مواصلة البحث في نتائج استخدام التقنيات الرقمية، بالإضافة إلى زيادة تركيزهم على تجربة المستخدم (المريض).

1. تحقيق التأثير من خلال البحث في المخرجات

تقوم صناعة الرعاية الصحية على الأدلة. ويجب أن تثبت التقنيات الرقمية الجديدة أن بإمكانها أن يكون لها تأثير مفيد في صحة المرضى حتى يتسنى للأطباء تبنيها. وفي الولايات المتحدة، تقدم Better Therapeutics، المعروفة سابقاً باسم FareWell، منتجاً رقمياً لحالات أمراض القلب والأوعية الدموية بناءً على مبادئ الصحة السلوكية. وأظهرت دراسة طولية لمستخدمي المنصة انخفاضاً بمعدل 0.8 نقطة في الهيموغلوبين المسكر HbA1c لدى مستخدميها من مرضى السكري.10 ومن خلال جمع أدلة واقعية توضح كيف تضيف تقنياتها قيمة وتحسن النتائج، تشجع Better Therapeutics تبني هذه الخدمة الرقمية وتجذب الاستثمار فيها.

2. دراسة قابلية الاستخدام وخبرات التطبيق من خلال مبادئ محورها الإنسان

تتزايد أهمية تجربة المستخدم في ابتكارات الرعاية الصحية الرقمية. وأظهر استطلاع أجرته ماكنزي في أغسطس 2021 أن 15 في المائة من المشاركين في الولايات المتحدة ممن لديهم طبيب رعاية أولية قاموا بتغيير مزودي الخدمة في العام الماضي. ومن بين أولئك الذين غيروا الخدمة، ذكر 35 في المائة سبباً أو أكثر يتعلق بأهمية تجربة المريض.11

يمكن للشركات التي تطور الحلول أن تتبنى نهجاً يركز على الإنسان وأساسه جودة التصميم، باستخدام البحث الإثنوغرافي لتحديد "نقاط الألم" لدى المستخدم وترسيم العديد من رحلات المريض للرعاية الأولية أو لحالات مختلفة، مثل مرض السكري والحمل. وفي النهاية، تدعم بيانات المرضى هذه وضع منظومة بيئية رقمية للرعاية الصحية تعزز تجربة المستخدمين وعائلاتهم.

على سبيل المثال، تقوم إحدى الشركات المزودة لبرامج السجلات الصحية الإلكترونية العالمية بإجراء "رحلات استغراقية" حيث يقوم مطورو البرامج بزيارة مزودي الخدمة لمعرفة كيفية استخدامهم لنظام السجلات الصحية الإلكترونية واكتساب فهم أفضل للمشكلات التي تواجه مزودي الخدمات أثناء تقديم الرعاية.12 شركات التكنولوجيا الطبية العاملة في المملكة وتلك التي تسعى لتنفيذ أنظمة مجربة وموثوقة يمكنها استخدام نهج التطوير التكراري الذي يركز على العنصر البشري للتأكد من أن منتجها أو خدمتها الرقمية تلبي احتياجات المستخدم ولتشجيع تبنيها.

مزودو الرعاية الصحية

يجب على المؤسسات التي تقدم الرعاية الصحية النظر في حوافز تشجع المتخصصين على تبني التقنيات الرقمية وتطوير المواهب والقدرات الرقمية وإشراك المهنيين في صنع القرار المتعلق بتبني التكنولوجيا.

3. تقديم حوافز للعاملين في الرعاية الصحية

يتبين من نماذج عدة في جميع أنحاء العالم أن من شأن تقديم الحوافز المصممة بعناية أن تشجع مزودي الرعاية الصحية على تبني خدمات الرعاية الصحية الرقمية. وعلى سبيل المثال، وخلال سعيها للتجاوب مع جائحة كورونا، غيرت المراكز الأمريكية للخدمات الطبية والرعاية الطبية في عام 2021 جدول رسوم الأطباء بحيث تعوضهم عن الأنشطة المرتبطة بمراقبة المرضى عن بُعد، والوقت الذي يخصصونه شخصياً أو من خلال القنوات المتصلة.13 وتتوقع هذه المراكز أن يزيد هذا البرنامج من إتاحة خدمات الرعاية الصحية عن بُعد ومراقبة المرضى عن بُعد. وعلى الرغم من أن المراكز لم تلتزم باستمرار هذا التغيير، إلا أن البرامج المماثلة في دول أخرى يمكن أن تزيد من إتاحة الرعاية الصحية عن بعد ومراقبة المرضى عن بعد إذا استمرت. وستحتاج الجهات الحكومية إلى مراقبة ما إذا كانت التغييرات في سداد تكاليف الخدمات الصحية عن بُعد تؤثر في رعاية المرضى أم لا، وبشكل مباشر أم غير مباشر.

يخضع مزودو الخدمات من القطاع العام حالياً لبرنامج تحول إلى مؤسسات رعاية خاضعة للمساءلة. ويمكن تنفيذ برنامج حوافز مماثل بمجرد إنشاء المنظومة الجديدة.

4. الشمول الرقمي لصقل المواهب وتطوير القدرات

يمكن لمزودي الرعاية الصحية في المملكة تشجيع اعتماد تقنيات الرعاية الصحية الرقمية من خلال توسيع نطاق برامج الشمول في الرعاية الصحية الرقمية لمتخصصي الخدمة. ويمكن لبرامج التعليم الطبي المستمر صقل مهارات الرعاية الصحية الرقمية التأسيسية لأخصائيّ الرعاية الصحية، بما في ذلك الترميز الأساسي والأدوات مثل السجلات الصحية الإلكترونية وتطبيقات المرضى.

في فنلندا، قدمت جامعة أولو الشمول الرقمي في الرعاية الصحية لطلاب الطب ومهن الرعاية الصحية الأخرى. وتتعاون الجامعة مع مشروع MEDigi الوطني الفنلندي، الذي يهدف إلى تعزيز قدرات العاملين في مجال الرعاية الصحية الرقمية من خلال التعليم المستهدف.14 وهدف البرنامج هو بناء جيل جديد من العاملين المؤهلين رقمياً.

سوف يكون بناء القدرات من أجل تحقيق الشمول الرقمي عاملاً أساسياً في تعزيز تبني التطبيقات من قبل مختصي الرعاية الصحية، ويعد البرنامج الفنلندي نموذجاً عملياً. وفي المملكة، يمكن لمزودي الخدمات التعاون مع المؤسسات السعودية.

5. إشراك مهنيي الرعاية الصحية في إدراج الحلول التكنولوجية

بغية طمأنة المتخصصين في الرعاية الصحية واكتساب ثقتهم، يمكن للشركات المزودة للخدمة تقديم توضيح مفصل بشأن دعم الحلول المقترحة لخدمات رعاية المرضى وكيف يمكن للتكنولوجيا الجديدة أن تتكامل بسلاسة مع الأدوات الرقمية الحالية. وقد وجدت مراجعة بحثية حديثة علاقة مباشرة بين تبني الطبيب لحلول الرعاية الصحية الرقمية مثل التطبيب عن بعد ودرجة مشاركتهم وإدراكهم للوضوح في العملية.15 وقد تؤدي المبادرة بإشراك المتخصصين في الرعاية الصحية إلى زيادة فرص النجاح طويل الأجل للرعاية الصحية الرقمية.

في عام 2018، أعلنت كوريا الجنوبية عن خطتها لتطوير وتنفيذ نظام ذكاء اصطناعي محلي يسمى Dr. Answer، يمكنه أن يساعد في تشخيص وإدارة ثمانية أمراض، منها أمراض القلب وسرطان الثدي. وتم إطلاق البرنامج على مراحل على مدى ثلاث سنوات وشمل تعاوناً بين العشرات من ممثلي المستشفيات ومطوري تطبيقات الذكاء الاصطناعي.16 وساعد Dr. Answer في أن تصبح كوريا الجنوبية رائدة عالمياً في تنفيذ الرعاية الصحية الرقمية.17 الجنوبية، يجري اختباره اليوم في أسواق أخرى، من بينها المملكة العربية السعودية.

الجهات المسددة

يجب على الجهات المسددة النظر في تقديم حوافز للمؤسسات لاستخدام الوسائل الرقمية لقبول عمليات السداد. ويمكنها أيضاً تعزيز استخدام الأدوات الرقمية التي تعمل على تحسين إدارة الظروف الصحية وخفض التكاليف.

6. تقديم برامج وحوافز السداد المؤسسية

تشهد المملكة حالياً تحولاً في نظام سداد تكاليف الرعاية الصحية للقطاع العام والذي قد يشهد إنشاء صندوق تأمين وطني جديد لإدارة عمليات السداد. وهنا، يمكن أن يصبح لتقنيات الرعاية الصحية الرقمية دوراً.

ومن النماذج المماثلة في الولايات المتحدة برامج التأمين الحكومية Medicare وMedicaid، والتي قدمت برامج تستخدم الحوافز الاقتصادية لتشجيع المؤسسات على تبني أنظمة سجلات الرعاية الصحية الإلكترونية وتنفيذها وتحديثها. وشجع البرنامج معظم المستشفيات الأمريكية على التحول من السجلات الطبية المكتوبة إلى السجلات الطبية الإلكترونية، مما أدى إلى زيادة نسبة التبني إلى أكثر من 90 في المائة على الصعيد الوطني وتوفير الدعم الجوهري لرعاية المرضى.18 وتطلب تنفيذ البرنامج مواجهة التحديات التي تضمنت عدم وجود قابلية التشغيل البيني بين أنظمة المؤسسات المختلفة وصعوبة تحقيق الحكومة عائداً على استثماراتها.

توفر ولاية ماساتشوستس الأمريكية، برنامج حوافز إضافي يسمى "الاستثمار في ابتكار الرعاية الصحية" HCII، والذي يسمح لمزودي الخدمات بالسعي للحصول على تمويل لبرامج التطبيب عن بعد التجريبية وغيرها من حلول الرعاية الصحية الرقمية. وساعدت HCII، التي صرفت 11.3 مليون دولار حتى الآن، في دفع الابتكار في نماذج تقديم الرعاية من خلال منح الأموال لبرامج التطبيب عن بعد التجريبية وغيرها من حلول الرعاية الصحية الرقمية.19

في المملكة العربية السعودية، يمكن لشركات السداد في القطاع الخاص والقطاع العام، بمجرد تفعيلها، استخدام أساليب مماثلة لتشجيع المؤسسات على تبني أدوات وتقنيات الرعاية الصحية الرقمية.

7. منح الأعضاء وصول مجاني إلى مجموعة متنوعة من منتجات الرعاية الصحية الرقمية، بما في ذلك العلاجات

يقدم مزودو الخدمات من القطاع العام وبعض شركات القطاع الخاص في المملكة العربية السعودية بالفعل خدمة التطبيب عن بعد مجاناً للأعضاء. وفي القطاع العام، يتم تقديم هذا بشكل أساسي من خلال التطبيقات الحكومية. ويمكن للجهات الدافعة تنويع هذا العرض إلى نطاق أوسع من حلول الرعاية الصحية الرقمية المؤثرة إما بشكل مستقل أو من خلال التعاون مع شركات التكنولوجيا الطبية. ويمكنها بعد ذلك لعب دور في تشجيع الأعضاء على تبني الرعاية الصحية الرقمية من خلال منحهم وصولاً مجانياً إلى هذه الخدمات، وبالتالي الاستفادة من تحسين نتائج المرضى، وانخفاض تكاليف الرعاية الصحية، وتحسين تجربة الأعضاء.

دخل عدد من شركات التأمين الصحي في الولايات المتحدة في شراكة مع Livongo، وهي شركة تابعة لشركة Teladoc، لتزويد أعضائها ببرنامج شامل لإدارة مرض السكري رقمياً. ووجدت دراسة لبرنامج Livongo for Diabetes على مدى عام أن رفاه المرضى قد تحسن، وأن التكاليف الطبية المتعلقة بمرض السكري انخفضت بنسبة 22 بالمائة.20 وأتاح البرنامج المجاني للأعضاء إمكانية الوصول إلى مجموعة من خدمات الرعاية الصحية الرقمية، بما في ذلك التدريب المتواصل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، ومراقبة نسبة السكر في الدم التي ترسل البيانات مرة أخرى إلى الطبيب، والتوصيات الغذائية.21

صناع السياسات

يجب على صناع السياسات في المملكة العربية السعودية النظر في تحديد أهداف للتبني الرقمي، ووضع تصميم لنظام الرعاية الصحية ككل، ووضع سياسات تكافئ استخدام التقنيات التي تعمل على تحسين النتائج الصحية مع خفض التكاليف.

8. تنسيق أهداف الرعاية الصحية الرقمية الوطنية

ويمكن أن يؤدي ترسيم خارطة طريق واضحة للتبني الرقمي إلى تشجيع التنفيذ الأسرع وتوفير أساس لتقييم التقدم. وكما رأينا في الدول الأخرى، يمكن أن تتضمن خارطة الطريق موعداً مستهدفاً للمستشفيات العامة والخاصة لتحقيق معايير مجتمع أنظمة إدارة معلومات الرعاية الصحية HIMSS للمراحل 6 و7، وهي أعلى مراحل نضج تكنولوجيا الصحة الرقمية، والتي تتعامل مع السجلات الصحية الإلكترونية وإمكانيات التحليل.

وبالإضافة إلى الأهداف عالية المستوى، يمكن تقديم أهداف الرعاية الصحية الرقمية التكتيكية؛ على سبيل المثال، التطبيب عن بعد للرعاية الأولية واختيار زيارات لعيادات الرعاية المتخصصة، إلى جانب أهداف لمعدلات دقة الاستشارة عن بعد لتشجيع كفاءة وجودة رعاية أعلى. ويمكن أن تشمل الأهداف الأخرى تطبيقات إدارة مرض السكري وأهدافاً لخفض حالات الدخول في حالات الطوارئ لمرضى السكري لأولئك الذين لديهم إمكانية الوصول إلى الأدوات.

9. تصميم هيكلية وطنية رقمية للرعاية الصحية

يعتمد أي تحول رقمي وطني للرعاية الصحية على قابلية التشغيل بين أنظمة متعددة، منها السجلات التقليدية والسجلات الصحية الإلكترونية وأنظمة إدارة العاملين في المستشفيات والمؤسسات. ويمكن أن تكون بنية تكنولوجيا الرعاية الصحية المرتبطة بالخدمات الوطنية في الوزارات خلاف وزارة الصحة بمثابة مخطط لجميع كيانات الدولة والقطاع الخاص. ويمكن للحكومة تحقيق ذلك من خلال وضع معايير لواجهات برمجة التطبيقات APIs لحلول الرعاية الصحية الرقمية الجديدة التي تقدمها كيانات القطاع العام أو الخاص.

اتخذت المملكة بالفعل خطوات في هذا الاتجاه من خلال تطويرها منصة "نفيس"، وهي المنصة الوطنية لخدمة تبادل المعلومات الصحية NPHIES، وهي هيكلية نظام السجل الصحي الإلكتروني المشترك التي يمكنها توسيع نطاقه ليشمل القطاع بأكمله، عبر تقنيات الرعاية الصحية الرقمية، على النحو الذي تحقق في دول أخرى. وعلى سبيل المثال، ومنذ أكثر من عقد، أطلقت الحكومة في فنلندا هيكلية وطنية للصحة الإلكترونية وضعت معايير التشغيل البيني المشتركة. وسمح هذا الإطار لفنلندا بإطلاق Kanta، وهي مجموعة من الخدمات بما في ذلك الوصفات الطبية الإلكترونية ومستودع بيانات المريض وسجلات الرعاية الصحية الوطنية وأنظمة أخرى. واليوم، توسع نطاق هذا البرنامج بالكامل وجرى تنفيذه في جميع أنحاء البلاد.22

يمكن للمملكة دراسة المعايير الوطنية لتسهيل التشغيل البيني بين المجموعات المختلفة وكذلك مع مزودي الخدمات شبه الحكومية وبين مستشفيات القطاع الخاص. ويمكن القيام بذلك عبر جميع أنواع تقنيات الرعاية الصحية الرقمية.

10. تطبيق أوسع نطاقاً لرعاية صحية رقمية

كما يمكن لأصحاب الاستراتيجيات تقديم أدلة حول سداد تكاليف الرعاية الصحية الرقمية. وفي عام 2018، أطلقت المملكة بروتوكولات توجه عمل شركات التأمين الصحي الخاصة لتعويض المرضى عن زيارات التطبيب عن بعد. ويمكن توسيع نطاقها إلى ما هو أبعد من الطب عن بعد إلى تقنيات الرعاية الصحية الرقمية الأخرى. وعلى سبيل المثال، يمكن أن يحصل المصابون بالسكري على تعويض عن الدعم الغذائي من خلال التطبيب عن بعد وبرمجيات توصيات الذكاء الاصطناعي والعلاجات الرقمية.

في ألمانيا، أصدرت السلطات أدلة إرشادية لمؤسسات السداد حول العلاجات الرقمية. وكجزء من قانون الرعاية الصحية الرقمية الذي صدر في عام 2019، قدمت ألمانيا قائمة تطبيقات الصحة الرقمية DiGA، والتي تحتوي على تطبيقات العلاج الرقمي المعتمدة فيدرالياً، ومنها تطبيقات الصحة النفسية ومرض السكري. وحددت DiGA مسار تعويض المرضى عن تكلفة الطلبات التي حددها مزود الخدمة. وقد ارتفع استخدام التطبيقات المعتمدة بعد إطلاق هذا البرنامج.23 للمطورين التقدم بطلب لإضافة تطبيقاتهم إلى القائمة الفيدرالية إذا استوفوا متطلبات محددة حول معايير خصوصية البيانات وقابلية التشغيل البيني.24

الإسراع بوتيرة تطبيق الرعاية الصحية الرقمية في المملكة

في تطبيق حلول الرعاية الصحية الرقمية فوائد كبيرة للمملكة. ويمكن لأصحاب المصلحة في القطاعين العام والخاص استخدام الإطار الوارد في هذا البحث لتقييم الحلول التي تتطلب أكبر قدر من الاستثمار والأولوية القصوى لتحسين جودة الرعاية المقدمة للمرضى.

Explore a career with us