ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر. نرحب بتعليقاتكم على البريد الإلكتروني التالي reader_input@mckinsey.com
ففي كل ساحةٍ رياضية، وعلى كل شاشةٍ ومنصةٍ رقمية، يفرض المشجعون اللاتينيون حضورهم كقوةٍ صاعدة ترسم مستقبل الرياضة الأمريكية. إذ يُمثلون فئة الشباب المتّقد بالحماس، الذي يملأه الشغف العميق باللعب، والتمكّن من الأدوات الرقمية الحديثة، إلى جانب استعدادهم الدائم للإنفاق على تجاربهم الرياضية المفضلة. ومع حضورهم اللافت في الدوريات الاحترافية والأندية المجتمعية، أصبحت الجماهير اللاتينية محركًا اقتصاديًا حقيقيًا يدفع بعجلة مبيعات التذاكر ونِسب المشاهدة والاستهلاك الإعلامي إلى مستوياتٍ غير مسبوقة. ولا يزال تأثيرُهم يتصاعد يومًا بعد يوم مع اتّساع حضورهم الديموغرافي، ليصبح المشجّع اللاتيني اليوم أحدَ أهم رموز التنوّع ومحركاتِ النموّ في المجتمع الأمريكي.
ورغم هذه الحيوية المتدفّقة والإمكانات الهائلة، لا يزال الثراء الثقافي والتأثير المتنامي للجماهير اللاتينية بعيدَين عن الأضواء التي يستحقّانها. فكثيرٌ من وسائل الإعلام والمسوّقين والفِرق الرياضية لم يُدركوا بعد حجم الفرصة الكامنة في هذا الجمهور، الذي لا يكتفي بالنموّ السريع عددًا، بل يُظهر شغفًا وتفاعلًا لافتَين بكل ما له علاقةٌ بالرياضة داخل الملاعب وخارجها. فقد بات التواصلُ مع المشجّع اللاتيني اليوم ضرورةً اقتصادية واستراتيجيةً ذكيّة لكلّ من يسعى إلى توسيع قاعدة جماهيره وتعزيز حضوره في سوقٍ رياضيةٍ تتغيّر ملامحُها باستمرار. فهو يجمع بين الانتماء العميق، والقدرة الشرائية المتصاعدة، والتفاعل الرقميّ المستمر، مما يجعله قوةً مؤثّرةً قادرة على تحريك الإيرادات وبناء روابط طويلة الأمد مع العلامات التجارية. ولذا، لم يَعُد السؤال: هل سيُحدِث اللاتينيّون تحوّلًا في مشهد الرياضة الأمريكية؟ بل أصبح: هل باتت المؤسساتُ مستعدّةً لتبنّي هذا التحول واغتنام الفرص المجتمعية والتجارية التي يصنعها هؤلاء المشجّعون؟
سنستعرض في هذا التقرير كيف تسهم الجماهير اللاتينية في إعادة رسم مستقبل الرياضة الأمريكية، من خلال تحليل اتجاهات النمو واستكشاف الفرص الجديدة التي تولّدها هذه الشريحة المتنامية. وقد أُعدّ البحث بالشراكة بين "ماكنزي" وشبكة "تيليموندو" التابعة لشركة "إن بي سي يونيفرسال"، مستندًا إلى تحليلاتٍ موسعة من "ماكنزي" وأبحاثٍ مستقلة من جهاتٍ خارجية، بالإضافة إلى استطلاعين مستقلَّين: الأول يضم نحو 2,500 مشجعٍ رياضي مُقيم في الولايات المتحدة، بينما يشمل الثاني مجموعةً من القياديين وأعضاء مجالس الإدارة من أصولٍ لاتينية. كما أُجريت مقابلاتٌ مكثّفة مع عشرات التنفيذيين من كبرى الدوريات والمنظمات الرياضية (يُرجى الاطّلاع على العمود الجانبيّ بعنوان "حول البحث"). وقد أظهرت النتائج أن الجماهير اللاتينية لم تعُد فئةً هامشية، بل باتت قوةً رئيسيةً قادرة على قيادة المرحلة المقبلة من التطوّر الرياضي في الولايات المتحدة.
وتظهر تحليلاتنا أنه بحلول عام 2035، قد يقترب حجم الاقتصاد الرياضي الأمريكي من 300 مليار دولار، على أن يُسهم المشجعون اللاتينيون في ثلث هذا النمو. وذلك بفضل ما يتمتعون به من شبابٍ متجدد، وتنوّعٍ ثقافيٍ ثري، وحماسٍ عميق تجاه مختلف أنواع الرياضات. وهو ما يمنحهم دورًا مؤثرًا في تشكيل أنماط الاستهلاك، والتفاعل الإعلامي، وبناء المجتمعات الرياضية. ويمثل اللاتينيون اليوم ما يقرب من20 في المائة من سكان الولايات المتحدة، وهي نسبةٌ تتزايد باستمرار، مما يفتح الباب أمام فرصٍ اقتصاديةٍ وثقافيةٍ واعدة قادرة على تعزيز النمو المستقبلي للقطاع الرياضي.
وتتميز هذه الفئة من المشجعين بنضجها الرقمي وقدرتها العالية على التفاعل مع الرياضة عبر مختلف القنوات؛ إذ يتابع اللاتينيون رياضاتهم المفضلة بمرونةٍ لافتة، سواء من خلال الحضور المباشر في الملاعب أو عبر البث التلفزيوني أو الرقمي، ويعبّرون عن شغفهم بأساليب متنوعة تعكس عمق ثقافتهم وثراءها. ومع ذلك، لا يزال حضور اللاتينيين محدودًا في سوق العمل الرياضي، وهو ما يمثل فرصةً حقيقية لتعزيز مشاركتهم وترسيخ حضورهم داخل المنظومة الرياضية، بما يسهم في تعميق الروابط بين الجماهير والفِرق وترسيخ الثقافة الرياضية في المجتمع الأمريكي.
ويُبرز التقرير السُبُل التي يمكن من خلالها للمؤسسات الرياضية والشركات تعزيز تواصلها مع الجماهير اللاتينية. وفي هذا السياق، تشير دورين دومينغيز، الرئيسة التنفيذية لمجموعة "فانير"، والتي تمتلك حصةً في فريق "ساكرامنتو كينغز"، وأول لاتينيةٍ تتولى منصب حاكمةٍ في "الرابطة الوطنية لكرة السلة"، إلى أهمية هذه الفئة من الجماهير، قائلةً: "إن تفاعل الجماهير اللاتينية يُعدّ أولويةً قصوى بالنسبة لنا. فدورينا يتمتع بطابعٍ عالمي وقاعدةٍ جماهيريةٍ متنوعة، وهنا في الولايات المتحدة نحن محظوظون بوجود مجتمعٍ لاتينيٍّ نابضٍ بالحياة يستحق الدعم والرعاية."
وتُؤكد نتائج التقرير أن الفرصة اليوم باتت سانحةً أمام الدوريات والفِرق الرياضية والعلامات التجارية ووسائل الإعلام لفهم طبيعة هذه الجماهير وتفضيلاتها على نحوٍ أعمق، إذ من المتوقع أن تكون القوة الدافعة التي تُعيد تشكيل مستقبل الرياضة في الولايات المتحدة.
كيف تُسهم الجماهير اللاتينية في تسريع نمو الرياضة الأمريكية
يشهد الاقتصاد الرياضي في الولايات المتحدة مرحلةً من الازدهار المتسارع، بفضل اتساع قاعدة المشجعين وتحوّل المنصّات الإعلامية وزيادة حجم الاستثمارات في مختلف القطاعات الرياضية. ومع تطور منظومة الرياضة الأمريكية واتساع أفقها التجاري والإعلامي، يَبرز دور الجماهير اللاتينية بوصفها محركًا أساسيًا في تشكيل مستقبل الرياضة الأمريكية.
صعودٌ متسارع في الاقتصاد الرياضي الأمريكي
المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية
شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية
لم يعُد القطاع الرياضي في الولايات المتحدة مجرد نشاطٍ ترفيهي، بل تحوّل إلى صناعةٍ متكاملةٍ تشهد نموًا استثنائيًا ومتسارعًا. حيث أجرى فريقنا تحليلًا شاملًا للسوق الرياضية، شمل كافة الجهات المالكة للحقوق الرياضية من دورياتٍ واتحاداتٍ وأندية، إلى جانب أربعة مصادر رئيسية للإيرادات هي: الإعلام، والرعاية، وبيع التذاكر، والمنتجات التجارية. وتناول التحليل أيضًا المنظومة الأوسع التي يتفاعل معها المشجعون والمعلنون، وتشمل القنوات الناقلة، والمراهنات الرياضية، والرياضات الشبابية، وألعاب الفيديو، والوكالات، إضافةً إلى الملاعب، ومنصّات حجز التذاكر.
وقد أظهرت النتائج أن قيمة الاقتصاد الرياضي الأمريكي بلغت في عام 2024 نحو 160 مليار دولار، ومن المنتظر أن تتضاعف لتتجاوز ما يقارب 300 مليار دولار بحلول عام 2035، بمعدل نموٍ سنويٍ يبلغ 6 في المائة. ويُعزى هذا التوسع بالدرجة الأولى إلى الجهات المالكة للحقوق الرياضية والتي تُمثّل أكثر من نصف السوق، إلى جانب النمو المتسارع في قطاع الرياضات الشبابية، والمتوقع أن يسجل معدل نموٍ سنويٍ مركب يبلغ 9 في المائة. ويستمد هذا النموّ زخمه من اتّساع قاعدة المشجعين، وارتفاع معدلات مشاركة الشباب في الرياضات المختلفة، وتعاظُم التفاعل الجماهيري عبر الدوريات الخمس الكبرى التي تستحوذ على نحو 70 في المائة من المنظومة الرياضية، وتشمل دوري البيسبول الأمريكي، ودوري كرة القدم، والرابطة الوطنية لكرة السلة، ودوري كرة القدم الأمريكية، ودوري الهوكي.
المشجعون اللاتينيون: قوةٌ متنامية في منظومة الرياضة الأمريكية
أصبح المشجعون اللاتينيون اليوم من أبرز القوى الصاعدة في الاقتصاد الرياضي الأمريكي. فوفقًا لبيانات "مكتب الإحصاء الأمريكي"، يُعدّ اللاتينيون ثاني أكبر شريحةٍ سكانيةٍ في البلاد بعد السكان من ذوي الأصول البيضاء، كما يُصنّفون ضمن الفئات الأسرع نموًا. حيث تُظهر البيانات أنهم يشكّلون حاليًا نحو 20 في المائة من سكان الولايات المتحدة، مع توقّعاتٍ بارتفاع نسبتهم إلى 28 في المائة بحلول عام 2060.
ويشير تحليلنا إلى أن اللاتينيين يستحوذون حاليًا على 19 في المائة من قيمة الاقتصاد الرياضي الأمريكي، البالغة نحو 160 مليار دولار، وهي نسبةٌ تتماشى مع نسبتهم من إجمالي عدد السكان (الشكل 1، الجزء 1).
ومع توسّع المنظومة الرياضية لتتجاوز300 مليار دولار بحلول عام 2035، من المتوقع أن ترتفع نسبة مساهمة اللاتينيين إلى25 في المائة من إجمالي الاقتصاد الرياضي (الشكل 1، الجزء 2).
ورغم هذا النمو، لا تتوزّع مشاركة اللاتينيين بالتساوي بين جميع القطاعات، وهو ما سيتناوله التقرير بمزيدٍ من التفصيل، إلى جانب مجالات الفرص غير المستغلّة. ففي الوقت الذي يُشكّلون فيه 25 في المائة من إيرادات الرياضات الشبابية، لا تتجاوز حصتهم 11 في المائة من عوائد حقوق البثّ والإعلام (الشكل 1، الجزء 3).
وتشير التقديرات إلى أن المشجعين اللاتينيين سيسهمون في نحو ثلث النمو المتوقع للاقتصاد الرياضي الأمريكي بحلول عام 2035، مما يعكس دورهم المحوري في رسم ملامح مستقبل هذا القطاع الحيوي (الشكل 2). وعلى الرغم من أن اللاتينيين سيكونون العامل الرئيسي في زيادة أعداد المشجعين بفضل توسّع حضورهم السكاني – إذ يُتوقّع أن يُشكّلوا 77 في المائة من إجمالي نمو السكان الأمريكيين بحلول عام 2035 – فإن إسهاماتهم في القيمة الاقتصادية الإجمالية ستقتصر على نحو ثلث النمو الكلي فقط. ويُعزى ذلك إلى أن توسّع سوق الرياضة لن يعتمد على العدد وحده، بل على مقدار العائد الذي يمكن تحقيقه من كل مشجعٍ، من خلال اشتراكات البثّ، وشراء المنتجات، والتفاعل الرقمي، وغيرها من مصادر الدخل. لذلك، فإن فهم طبيعة الجمهور اللاتيني والتفاعل معه بأسلوبٍ صادقٍ أصبح ضرورةً اقتصاديةً واستراتيجية لكل الفِرق والدوريات والعلامات التجارية التي تسعى إلى تحقيق نموٍّ مستدام، وبناء علاقةٍ طويلة الأمد مع جمهورٍ يتميّز بالشغف والولاء.
تنامي القدرة الشرائية للمستهلكين اللاتينيين
يُعدّ اللاتينيون اليوم قوةً متصاعدةً في مشهد الإنفاق الاستهلاكي داخل الولايات المتحدة. فبحسب تقرير "ماكنزي" الصادر عام 2021 حول الوضع الاقتصادي للاتينيين في أمريكا، يُنفق اللاتينيون أكثر من غيرهم بنسبة 20 في المائة، كما ينمو استهلاكهم الأسري بوتيرةٍ أسرع بنسبة 35 في المائة مقارنةً بغير اللاتينيين. فيما أظهر تقريرٌ مشتركٌ صدر عام 2025 عن جامعة كاليفورنيا اللوثرية – إحدى الجامعات التابعة للكنيسة اللوثرية – وجامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس، أن اللاتينيين أسهموا بأكثر من 30 في المائة من نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي منذ عام 2019، رغم أنهم يشكّلون أقل من 20 في المائة من إجمالي السكان. في حين بلغ الناتج المحلي الإجمالي للسكان الأمريكيين من الأصول اللاتينية نحو4.1 تريليون دولار في عام 2023، متجاوزًا الناتج المحلي لدولٍ كبرى مثل فرنسا والهند والمملكة المتحدة، ليُعادل خامس أكبر اقتصادٍ على مستوى العالم.1
وتُظهر نتائج استطلاع "ماكنزي" للجماهير الرياضية أن هذه القوة الشرائية اللافتة تنعكس بوضوحٍ في قطاع الرياضة؛ إذ يُنفق المشجعون اللاتينيون أكثر من غيرهم بنسبة 15 في المائة على تذاكر الفعاليات الرياضية، واشتراكات البثّ التلفزيوني والرقمي، والمنتجات المرخّصة. بل إن الفجوة تتسع أكثر عند احتساب الدخل، حيث يُنفِق المشجع اللاتيني ما يقرب من 50 في المائة أكثر من غيره (الشكل 3). كما يُلاحَظ أن هذا المستوى المرتفع من الإنفاق يظل ثابتًا عبر مختلف الأجيال، سواء بين المشجعين العاديين أو عشّاق الرياضة المخلصين، مما يعكس حيوية هذه الشريحة وتأثيرها الاقتصادي المستدام.
المشجعون اللاتينيون... نبض التفاعل الرياضي داخل الملاعب وخارجها
يُجسّد المشجعون اللاتينيون في الولايات المتحدة روح الشغف الرياضي بكل معانيها، وذلك من خلال حضورهم الشخصي للمباريات وتفاعلهم مع أحداثها عبر الوسائل الإعلامية المختلفة. ووفقًا لاستطلاع "ماكنزي"، فإن اللاتينيين أكثر حضورًا بنسبة 27 في المائة من غيرهم في الفعاليات الرياضية المباشرة، وهو ما يؤكد مكانتهم كقوةٍ جماهيريةٍ متفاعلة تُثري المشهد الرياضي الأمريكي. فالرياضة بالنسبة لكثيرٍ من العائلات اللاتينية ليست مجرد ترفيه، بل هي تعبيرٌ عن هويةٍ ثقافيةٍ وفخرٍ مجتمعي، خاصةً في ألعاب كرة القدم والبيسبول وكرة السلة. وكما وصفهم أحد مالكي أندية كرة القدم النسائية للمحترفات قائلًا: "حين يأتي اللاتينيون إلى المباريات، يأتون بعائلاتهم كاملةً، لتتحول المدرجات إلى مساحةٍ نابضةٍ بالحياة... فهي ليست مجرد مباراةٍ بالنسبة لهم، بل هي وسيلةٌ للتواصل."
لا يتوقف هذا الشغف عند حدود الملاعب؛ إذ تُظهر البيانات أن اللاتينيين أكثر تفاعلًا من غيرهم في الوسائط الرقمية والإعلانات الرياضية بنسبة 14 في المائة. فهم ينشطون عبر منصّات التواصل الاجتماعي، ويزورون المواقع الرياضية بانتظام، ويشاركون في بطولات "الفانتازي" الافتراضية – التي يقوم فيها المشاركون بتكوين فرقٍ خياليةٍ من لاعبين حقيقيين يتنافسون في مبارياتٍ واقعية –. كما يحرص اللاتينيون أيضًا على متابعة أبرز اللقطات والأحداث الرياضية عبر الإنترنت بشكلٍ متواصل. وتُظهر النتائج كذلك أن اللاتينيين أكثر اشتراكًا بنسبة 18 في المائة في خدمة "ESPN+"، وهي منصة بثٍّ رقمية مدفوعةٌ تابعةٌ لشبكة "إي إس بي إن" الرياضية الأمريكية، بينما يشتركون بنسبة 11 في المائة في خدمة "Prime Video" التابعة لشركة "أمازون".
ويمتد هذا الشغف إلى عالم التواصل الاجتماعي أيضًا؛ إذ تُظهر دراسات شركة "نيلسن" – واحدةٌ من كبريات الشركات المتخصصة في أبحاث السوق وقياس نسب المشاهدة وتحليل بيانات الجماهير على مستوى العالم – أن المشجعين اللاتينيين أكثر ميلًا بنسبة 54 في المائة لمتابعة المحتوى الرياضي عبر تطبيق "واتساب"، و37 في المائة على "تيك توك"، و33 في المائة على "إنستغرام"، مقارنةً ببقية السكان. وهو ما يعكس تفضيلهم الواضح للمنصّات التفاعلية سريعة الإيقاع على حساب المشاهدة التلفزيونية التقليدية. كما يُبرز هذا التوجّه الرقمي، إلى جانب استجابتهم القوية للإعلانات والرعايات خلال الفعاليات الرياضية، أسلوبًا فريدًا في استهلاك المحتوى الرياضي يجمع بين الشغف الرقمي والتفاعل المباشر مع العلامات التجارية.
الشباب اللاتيني... ركيزة المستقبل الرياضي
يمثّل الشباب اللاتيني اليوم حجر الزاوية في بناء مستقبل الرياضة الأمريكية. فإلى جانب كونهم يشكّلون نحو 15 في المائة من المنظومة الرياضية الحالية، فإن مشاركتهم تسهم في تحقيق فوائد اجتماعية تمتدّ إلى ما هو أبعد من الملاعب، من بينها ارتفاع معدلات الالتحاق بالتعليم الجامعي، وتحسّن مستويات الصحة العامة، وانخفاض معدلات السمنة والسلوكيات المنحرفة. وتنعكس هذه الآثار الإيجابية بدورها على المجتمع اللاتيني بأكمله، حيث تُسهم في بناء قاعدةٍ جماهيريةٍ أكثر تماسكًا ومجتمعاتٍ أكثر تفاعلًا.
كما تُعدّ مشاركة الشباب في الرياضة مؤشرًا على عمق الانتماء الجماهيري ومحركًا أساسيًا للتنمية الاجتماعية. لذا، فإن تقليص فجوة المشاركة من خلال تجاوز عقبات التكلفة والوقت وإتاحة فرص الاندماج، لا يعزز فقط الجيل القادم من المشجعين، بل يُسهم أيضًا في إعداد قادةٍ مؤثرين قادرين على صناعة المستقبل (يُرجى الاطّلاع على العمود الجانبيّ بعنوان "كيف تُسهم الرياضة في بناء قادة المستقبل من الشباب اللاتينيين"). فالاستثمار في الشباب اللاتيني هو استثمارٌ في مستقبل الرياضة الأمريكية وحيويتها، وفي ازدهار المجتمع بأسره.
ونظرًا للتركيبة الديموغرافية للمجتمع اللاتيني، والتي يغلب عليها الطابع الشبابي، يُعدّ هذا المجتمع أكثر انخراطًا في العالم الرقمي مقارنةً بعامة السكان في الولايات المتحدة. إذ يُشكّل اللاتينيون 26 في المائة من إجمالي السكان الذين تقل أعمارهم عن 25 عامًا، في حين أن نحو 56 في المائة منهم لم يتجاوزوا 34 عامًا. ويعني ذلك أن الطريقة التي يتفاعل بها هذا الجيل مع الرياضة اليوم ستحدد إلى حدٍّ كبير ملامح المشهد الرياضي الأمريكي في المستقبل.
وبحسب بيانات "الجمعية الأمريكية للرياضة واللياقة البدنية"، شهدت مشاركة الشباب اللاتيني في الأنشطة الرياضية خلال الفترة من 2019 إلى 2024 نموًا سنويًا مركبًا بلغ 3.9 في المائة، أي ما يقرب من ضعف معدل النمو لغير اللاتينيين. وبحلول 2024، بلغت نسبة الشباب اللاتينيين المشاركين في الرياضة 53 في المائة، لتقترب من مستوى مشاركة غير اللاتينيين بفارقٍ لا يتجاوز 2.8 نقطة مئوية، بعد أن كان الفارق 6.3 نقاط في عام 2019، في مؤشرٍ واضحٍ على التقدم الملموس في معدلات المشاركة الرياضية لديهم.
وقد جاء هذا النمو مدفوعًا بعدة عوامل رئيسية، في مقدّمتها مبادرات التنوع التي أطلقتها الدوريات الرياضية المحلية، إلى جانب ارتفاع مستويات الدخل لدى الأسر اللاتينية، مما أسهم في توسيع فرص المشاركة في الأنشطة الرياضية المجتمعية المنظَّمة. ويظهر هذا التحول بوضوحٍ بين الفتيات، حيث ارتفعت نسبة مشاركة اللاتينيات في الرياضة من 39.5 في المائة عام 2019 إلى 48.4 في المائة عام 2024، متجاوزةً معدل النمو لدى نظيراتهن من غير اللاتينيات، مما يعكس التوجّه الوطني نحو تعزيز الرياضة النسائية وتوسيع حضورها في الألعاب الجماعية، مدعومًا بنجاح المبادرات الموجّهة لدعم هذه الفئات الأقل تمثيلًا. وقد ساهم في ترسيخ هذا التوجّه منظماتٌ عدة، من أبرزها مؤسسة "Ella Sports Foundation"، و"Girls on the Run"، و"Sports 4 Life"، إلى جانب مؤسسة "Women’s Sports Foundation"، وذلك عبر إطلاق برامج مخصّصة لدعم الفتيات في المجتمعات الأقل حظًا، وتشجيعهن على ممارسة الرياضة كوسيلةٍ للحفاظ على الصحة البدنية والنفسية وتعزيز الثقة بالنفس.
ورغم هذا النمو، لا تزال مشاركة الشباب اللاتينيين في الرياضات الشبابية دون مستوى مشاركة أقرانهم من غير اللاتينيين، وهو ما يرجع للعديد من العوائق التي تحدّ من انخراطهم الكامل في الأنشطة الرياضية. ومن أهم هذه التحديات ارتفاع التكاليف؛ حيث يبلغ متوسط الإنفاق السنوي على الطفل الواحد نحو 1,000 دولار، ويرتفع إلى3,000 دولارٍ للمراهقين، وفقًا لبيانات "الجمعية الأمريكية للرياضة واللياقة البدنية"، وهو ما يُعدّ عبئًا ماليًا كبيرًا على الأُسر اللاتينية. كما يُمثّل عامل الوقت أحد القيود الهامة، فقد أشار25 في المائة من أولياء الأمور اللاتينيين إلى أن تضارب الجداول الزمنية يُعد عائقًا أمام مشاركة أبنائهم، وهي نسبةٌ أعلى مقارنةً بالأُسر غير اللاتينية (الشكل 4). فيما يُشكّل عامل الشمول عنصرًا حيويًا آخر؛ فبحسب بحثٍ أجرته "ماكنزي" بالتعاون مع "الاتحاد الأمريكي لكرة القدم"، فإن الأطفال اللاتينيين والأفارقة الأمريكيين أكثر عرضةً بثلاث مراتٍ من الأطفال البيض للتوقف عن ممارسة كرة القدم لشعورهم بعدم الترحيب أو الانتماء في البيئة الرياضية.
ولا تقتصر التحديات أمام الشباب اللاتيني على تقليص مشاركتهم في الأنشطة الرياضية، بل تمتد لتؤثر في ارتباطهم بها على المدى البعيد. إذ أوضح الاستطلاع أن من مارسوا رياضةً تنافسيةً خلال شبابهم أكثر استعدادًا بثلاث مرات لأن يصبحوا مشجعين مخلصين في حياتهم المستقبلية، مقارنةً بغيرهم ممن لم يشاركوا في أي نشاطٍ رياضيٍ منظم.
فَهم أعمق لشغف الجماهير اللاتينية
في ظلّ سعي المؤسسات الرياضية إلى توسيع قاعدة جماهيرها وتعميق علاقتها بالمشجعين، بات تجاهل الجماهير اللاتينية خطأً استراتيجيًا جسيمًا يُفقد القطاع إحدى أكثر فئاته نموًا وتأثيرًا. فالمجتمع اللاتيني في الولايات المتحدة يتميز بتنوعه وحيويته، إذ يَعتبر الرياضة جزءًا أصيلًا من ثقافته اليومية، ويتفاعل معها بطرقٍ متعددة تتجاوز المشاهدة إلى المشاركة والانتماء. وتُظهر الدراسات أنّ فهم هذا الجمهور يتطلّب التركيز على ثلاثة محاور رئيسية: الأول يتمثّل في التعرّف على الفروق الدقيقة في أنماط التفاعل بين الفئات المختلفة للمجتمع اللاتيني والرياضات المتنوعة، والثاني في استثمار الفرص المتاحة لتعزيز المشاركة الإعلامية لهذه الفئات وتفاعلها مع المحتوى الرياضي، أما المحور الثالث فيركّز على معالجة ضعف تمثيل الكفاءات اللاتينية في القوى العاملة داخل القطاع الرياضي. ومن خلال إدراك هذه الجوانب وتطوير استراتيجياتٍ موجَّهةٍ تراعي تنوع الجمهور وشغفه، تستطيع المؤسسات الرياضية بناء علاقةٍ أكثر صدقًا وفاعليةً مع واحدةٍ من أسرع الفئات نموًا وتأثيرًا في مشهد الرياضة الأمريكية.
الجماهير اللاتينية... تنوعٌ ثقافيٌ يُعيد تشكيل ملامح الرياضة الأمريكية
يرسم المشجعون اللاتينيّون لوحةً نابضةً بالحياة تعكس ثراء التنوع الثقافي والاجتماعي داخل مشهد الرياضة الأمريكية، ما يجعل التعامل معهم ككتلةٍ واحدة خطأً استراتيجيًا يَحرم المؤسسات الرياضية من فَهم أحد أهم مصادر النموّ المستقبلية. ففي الولايات المتحدة اليوم يعيش نحو 68مليون شخص من أصولٍ لاتينية ينحدرون من أكثر من 20 دولة، لكلٍ منهم ثقافته الخاصة وتقاليده المتفرّدة. ويُشكّل ذوو الأصول المكسيكية الغالبية بنسبةٍ تبلغ 60في المائة من إجمالي السكان اللاتينيين، يليهم البورتوريكيون بنسبة 9في المائة، ثم الكوبيّون بنسبة 3.5 في المائة. ووفقًا لمركز "بِيو للأبحاث"، فإن قرابة 70 في المائة من اللاتينيين ينتمون إلى الجيلين الثاني والثالث؛ أي من أبناء المهاجرين الذين يجمعون بين هويتين ثقافيتين ويتحركون بسلاسةٍ بينهما، الأمر الذي يجعلهم في موقعٍ مثالي لتشكيل ملامح الإعلام والرياضة في المستقبل، خاصةً مع سعيهم المتزايد للحفاظ على هويتهم الثقافية الأصيلة، والتعبير عن لغتهم الأم، والمطالبة بتمثيلٍ أكثر شمولًا داخل المشهد الرياضي والإعلامي الأمريكي.
وبحسب بيانات شركة "غلوبال ويب إندكس" المتخصّصة في أبحاث السوق، فإن واحدًا من كل خمسة مشجعين رياضيين في الولايات المتحدة ينحدر من أصولٍ لاتينية، ومع ذلك تختلف اهتماماتهم الرياضية بشكلٍ ملحوظ؛ إذ تحظى كرة القدم بشعبيةٍ طاغية، حيث يشكّل اللاتينيون 28 في المائة من جماهيرها، تليها كرة السلة بنسبة 20 في المائة، ثم البيسبول بنسبة 17 في المائة، وكرة القدم الأمريكية بنسبة 16 في المائة، بينما تأتي لعبة الهوكي في مرتبةٍ متأخرة بنسبة 14 في المائة (الشكل 5).
ورغم هذا الحضور الواسع، فإن الاهتمامات الرياضية داخل المجتمع اللاتيني ليست موحّدةً، بل تتنوّع باختلاف الجذور الثقافية والانتماءات الوطنية، لتنعكس على تفضيلاتهم لرياضةٍ عن أخرى. فبينما تُمثّل كرة القدم الشغف الأبرز لدى شريحةٍ واسعةٍ من اللاتينيين، تحتل رياضاتٌ أخرى مكانةً كبيرة في ثقافاتٍ محددة. فالمشجعون المنحدرون من بورتوريكو وكوبا وجمهورية الدومينيكان يميلون أكثر إلى متابعة رياضة البيسبول، بينما تحافظ مجتمعات أمريكا الجنوبية على شغفهم بكرة القدم. حتى داخل الرياضة الواحدة، تختلف أنماط التشجيع وطرق التفاعل من بلدٍ إلى آخر، وهو ما يدركه جيدًا مسؤولو الفِرق والدوريات الأمريكية. فقد أوضح أحد مالكي أندية الدوري الأمريكي لكرة القدم قائلًا: "لا يمكن التعامل مع الجماهير اللاتينية ككتلةٍ واحدة؛ فالكولومبيون والأرجنتينيون والمكسيكيون يمتلكون تقاليد مختلفة في كرة القدم، وهو ما يظهر بوضوحٍ في طريقة تشجيعهم." ويُضيف أحد مديري التسويق في دوري البيسبول الأمريكي موضحًا هذا التنوع الثقافي بقوله: "للمشجعين المكسيكيين ارتباطًا تاريخيًا متجذرًا بفريقنا، لكن الجمهور الدومينيكاني أو الغواتيمالي يحمل رؤى وتوقعاتٍ مختلفة تمامًا، وهو ما يعكس تفرّد كل ثقافةٍ رياضيةٍ داخل المجتمع اللاتيني."
ولعلّ هذا التنوع الثقافي الواسع يُعدّ فرصةً ثمينةً أمام الأندية والدوريات الأمريكية لتوسيع قاعدتها الجماهيرية من خلال فَهم الاختلافات الدقيقة في تفضيلات المشجعين باختلاف أصولهم وثقافاتهم. كما يفتح الباب أمام تحويل هذا الحماس الجارف لدى الجماهير اللاتينية تجاه الدوريات الدولية لكرة القدم إلى متابعةٍ أكبر للدوري الأمريكي لكرة القدم. فبحسب بيانات شركة "إم آر آي – سيمونز" المتخصّصة في أبحاث السوق، يميل اللاتينيون بنسبة 10 في المائة أكثر إلى متابعة الدوريات العالمية لكرة القدم مقارنةً بمتابعتهم للدوري الأمريكي لكرة القدم، الذي يقتصر على فِرقٍ من أمريكا الشمالية. في حين تُظهر دراسات "نيلسن" أنه في عام 2022 شاهد اللاتينيون مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز بمعدلٍ أعلى بـ1.6 مرة، ومباريات دوري كرة القدم المكسيكي بمعدلٍ أعلى بـ9.4 مرات مقارنةً بالدوري الأمريكي لكرة القدم (يرجى الاطّلاع على العمود الجانبيّ بعنوان "غوووول! كيف يُشعِل تفاعل اللاتينيين حُمّى كرة القدم في الولايات المتحدة").
وكما أظهرت البيانات سابقًا، فإن اللاتينيين ينفقون على الرياضة أكثر من غيرهم بنسبة 15 في المائة، وترتفع النسبة إلى 50 في المائة عند الأخذ في الاعتبار مستويات الدخل، غير أن أنماط الإنفاق تختلف بين الجاليات اللاتينية نفسها (الشكل 6). فعلى سبيل المثال، يُفضّل ذوو الأصول الكوبية والبورتوريكية إنفاق أموالهم على حضور المباريات المباشرة، بينما يوجّه الدومينيكانيون إنفاقهم نحو المراهنات أو بطولات "الفانتازي" الافتراضية، في حين يُنفق أبناء أمريكا الجنوبية أكثر على شراء المنتجات الرياضية التي تحمل علاماتٍ تجارية.
ويرى التقرير أن تعزيز التفاعل مع الجماهير اللاتينية يتطلّب فَهم ثقافاتها المتنوعة وإبرازها بصدقٍ واحترام. إذ تُظهر نتائج استطلاع "ماكنزي" أن اللاتينيين أقلّ رضا بنسبة أربع نقاطٍ مئوية مقارنةً بغيرهم، بشأن حجم المحتوى الرياضي الذي يعكس ثقافتهم ووجهات نظرهم. فيما أعرب 63 في المائة منهم عن رغبتهم في متابعة محتوى رياضيٍ يُعبّر عن ثقافتهم ومجتمعاتهم، مقابل 55 في المائة فقط من غير اللاتينيين. بينما أبدى 57 في المائة من المشاركين استعدادهم لزيادة تفاعلهم إذا ما أطلقت الأندية مبادراتٍ تُبرز الهوية الثقافية، مثل "ليالي التراث" أو غيرها من الاحتفالات المجتمعية.
كما يُبرز التقرير كذلك ولاء الجمهور اللاتيني للعلامات التجارية التي تعبر عن هويته الثقافية. فقد كشفت دراسة "نيلسن" أن اللاتينيين أكثر وفاءً بنسبة 37 في المائة للعلامات التجارية التي ترعى الرياضات التي يتابعونها،2 وهو ما يُعدّ فرصةً ثمينةً أمام المؤسسات الرياضية لتبنّي نهجٍٍ إعلامي أكثر شمولًا يعكس التنوع الثقافي اللاتيني بشكلٍ أعمق.
فرص تعزيز التفاعل الإعلامي مع الجماهير اللاتينية
تفتح التحولات المتسارعة في المشهد الإعلامي الرياضي الأمريكي آفاقًا واعدةً لتعزيز التفاعل مع الجماهير اللاتينية، خاصةً عبر الاستثمار في محتوى ثنائي اللغة يعكس عمق الثقافة اللاتينية ويقدّم تمثيلًا أكثر شمولًا في البرامج والتحليلات الرياضية.
فعلى الرغم من الحضور القوي للاتينيين في المنصات الرقمية والاشتراكات المدفوعة، إلا أن تفاعلهم مع البثّ التلفزيوني التقليدي يظل مرهونًا بنوعية المحتوى المعروض، ومدى قربه من واقعهم الثقافي وتنوّعهم الاجتماعي.
فبحسب دراسة "نيلسن"، فإن نسبة الساعات التي يقضيها اللاتينيون في متابعة الدوريات الأمريكية الكبرى – مثل دوري البيسبول ودوري كرة السلة للمحترفين ودوري كرة القدم الأمريكية ودوري الهوكي – لا تتجاوز 11 في المائة، أي أقل بكثيرٍ من تمثيلهم السكاني البالغ 20 في المائة من إجمالي السكان والمشجعين (الشكل 7)3 في المقابل، تُظهر الجماهير اللاتينية انحيازًا واضحًا نحو الدوريات التي تعكس جذورهم الثقافية، إذ يستحوذ اللاتينيون على 26 في المائة من مشاهدات الدوري الإنجليزي الممتاز، و98 في المائة من متابعة مباريات الدوري المكسيكي للمحترفين.
مع ازدياد الإقبال على المنصات الرقمية وتراجع المشاهدة التلفزيونية التقليدية، يتراجع تفاعل الجماهير اللاتينية مع القنوات الرياضية المفتوحة في الولايات المتحدة مقارنةً بغيرها من الفئات. فوفقًا لبيانات "غلوبال ويب إندكس"، تقل احتمالية مشاهدة اللاتينيين للمباريات على القنوات التقليدية بنسبة 20 في المائة عن غير اللاتينيين داخل الولايات المتحدة، وبنسبة 8 في المائة مقارنةً بالمشاهدين في المكسيك. يكشف هذا التراجع عن تحدٍّ متصاعد أمام وسائل الإعلام الرياضية التي تسعى لمواكبة أنماط المشاهدة الجديدة لدى الجيل اللاتيني الشاب، والذي يتجه بوتيرةٍ متزايدةٍ نحو المنصات الرقمية. وهو ما أكدته دراسة "نيلسن"، حيث أظهرت أن اللاتينيين يشاهدون التلفاز بمعدلاتٍ تقل بما يتراوح بين 14 إلى 26 في المائة عن غيرهم من الفئات العمرية في المجتمع الأمريكي.
وتَبرز اللغة كعاملٍ مؤثرٍ في هذا المشهد؛ فبالرغم من أن 68 في المائة من المشاركين اللاتينيين يتحدثون الإسبانية في منازلهم، إلا أن المحتوى الرياضي المتاح بالإسبانية لا يشكّل سوى 5 في المائة فقط من إجمالي المشاهدات، بحسب دراسة "نيلسن". ويبدو هذا النقص أكثر وضوحًا بين المولودين خارج الولايات المتحدة، إذ يفضّل 30 في المائة منهم متابعة المباريات بالإسبانية. وهو ما يُثبِت أن تراجع المتابعة لا يعود إلى قلّة الاهتمام، بل إلى محدودية المحتوى الذي يعبّر عن ثقافتهم ويواكب تفضيلاتهم اللغوية.
ورغم هذا التراجع في متابعة البثّ التلفزيوني، لا يزال اللاتينيون يشكّلون قوةً مؤثرةً في عالم البثّ الرقمي. حيث تشير دراسة "نيلسن" إلى أنهم يشاهدون 56 في المائة من محتواهم التلفزيوني عبر المنصات الرقمية، مقابل 46 في المائة فقط لغير اللاتينيين.4 ويُدلّل هذا التوجّه على حضورٍ قويّ وتفاعلٍ متزايد للجمهور اللاتيني، إلا أنّه في الوقت نفسه يُمثّل التحدي الأبرز والفرصة الأهم أمام الأندية ووسائل الإعلام الرياضية؛ فهو يتطلّب الوصول إليهم عبر القنوات التي يفضّلونها، وتقديم محتوى يعكس لغتهم وثقافتهم ويجسّد تنوّع هويّتهم.
ما وراء حدود الملعب... غياب اللاتينيين عن مواقع القيادة في الرياضة والإعلام
يُعدّ حضور اللاتينيين داخل منظومة الرياضة ركيزةً أساسيةً لبناء جسور التواصل مع الجمهور وترسيخ المصداقية لديه، سواء كان هذا الحضور في صفوف الفِرق الرياضية أو في المكاتب الإدارية. فتمثيل الكفاءات اللاتينية في المناصب القيادية لا يُعزّز فقط شعور الانتماء داخل هذه المجتمعات، بل يُرسّخ أيضًا ثقافة الشمول، ويمنح الحملات الإعلامية والتسويقية طابعًا أكثر واقعيةً وصدقًا. كما يُسهم تمكين الرياضيين من الوصول إلى المناصب الإدارية في تعزيز انتمائهم للمجتمع الرياضي. وقد عبّر أحد مالكي أندية الدوري الأمريكي لكرة القدم عن ذلك بِقوله: "إنّ وجود اللاعبين اللاتينيين ضمن صفوف الفريق وفي المكاتب الإدارية لا يتعلق بموهبتهم فحسب، بل هو جسرٌ للتواصل الحقيقي مع المجتمع. فتمثيلهم في الملعب ينعكس على تمثيلهم في المدرجات."
فيما تُظهر الإحصاءات تفاوتًا واضحًا في تمثيل اللاتينيين بين الملعب والإدارة في قطاع الرياضة الأمريكي. فوفقًا لـ"معهد التنوع والأخلاقيات في الرياضة"، تتراوح نسبة اللاتينيين بين 1 إلى 30 في المائة من إجمالي اللاعبين في الدوريات الكبرى، بحسب نوع الرياضة. ومع ذلك، لا يتجاوز تمثيلهم في المناصب الإدارية نسبة 5 في المائة، بينما تصل نسبتهم في الأطقم الفنية المساندة إلى نحو 12 في المائة فقط. ويَظهر هذا الخلل بوضوحٍ في رياضتيّ البيسبول وكرة القدم، حيث يشكّل اللاعبون اللاتينيون أكثر من 30 في المائة من إجمالي اللاعبين، في حين تبقى نسبتهم محدودةً للغاية في المستويات الإدارية والفنية (الشكل 8).
في حين يمتد هذا التراجع إلى قطاع الإعلام الرياضي؛ فبحسب دراسة "نيلسن"، يشعر اللاتينيون في الولايات المتحدة بأنهم أقل حضورًا على الشاشات بنسبةٍ تقارب 19 في المائة مقارنةً بغيرهم. وفي السياق ذاته، أكدت دراسةٌ استطلاعيةٌ تمّ إجراؤها على "رابطة محرري الرياضة" في وكالة "أسوشيتد برس" عام 2021، شملت أكثر من 100 صحيفةٍ وموقعٍ إلكترونيٍ متخصص في الرياضة، أن نسبة الصحفيين اللاتينيين في الصحف والمواقع الرياضية لم تتجاوز 5.3 في المائة فقط، وهي نسبةٌ لا تعكس حجم حضورهم الحقيقي داخل المجتمع الأمريكي.5
Tapping into the full potential of Latino fandom
تتجه أنظار المؤسسات الرياضية اليوم نحو الجماهير اللاتينية باعتبارها قاطرة النمو للسوق الأمريكية. فهذه الفئة لا تكتفي بمتابعة الرياضة فحسب، بل تعيشها بكل تفاصيلها؛ من حضور المباريات، إلى التفاعل الرقمي عبر المنصات المختلفة، وحتى الإنفاق المتزايد على المنتجات والخدمات الرياضية مقارنةً بغيرها من فئات المجتمع. ومع ذلك، فإن الحفاظ على هذا الزخم يستدعي وضع استراتيجياتٍ مدروسة تُرسّخ التواصل وتبني ولاءً يمتد عبر الأجيال.
وتُشير دراسات "ماكنزي" السابقة حول الفرص المتاحة لسدّ فجوة العائدات في الرياضات النسائية، إلى أن تحقيق النمو المستدام في القطاع الرياضي يتطلب تكاملًا بين أدوار أربعة أطرافٍ رئيسية: المستثمرين، والمسوقين والرعاة، ووسائل الإعلام، والجهات المالكة للحقوق مثل الدوريات والأندية. ومن هذا المنطلق، تَبرز أربع ركائز أساسية ينبغي التركيز عليها لتعزيز التفاعل مع الجمهور اللاتيني، وتشمل: نشر الوعي وبناء المجتمع، التحوّل الرقمي، تمكين الشباب، وتعزيز دور العلامات التجارية. وهي مجالاتٌ تشكّل فرصًا واعدة لبناء علاقةٍ أقوى وأكثر أصالةً مع واحدةٍ من أكثر الجماهير تنوعًا وحيويةً في العالم.
بناء الوعي المجتمعي... السبيل لترسيخ الارتباط الثقافي
يبدأ نجاح أي تفاعلٍ جماهيريٍ حقيقي من داخل المجتمعات ذاتها، عن طريق المبادرات المجتمعية التي تعبّر بصدقٍ عن الثقافة المحلية. فعلى سبيل المثال، حوّل فريق "لوس أنجلوس دودجرز" مبادرته "فيفا لوس دودجرز" إلى احتفالٍ سنوي يجمع بين الموسيقى الحية والمأكولات اللاتينية والشراكات المجتمعية للاحتفاء بالتراث اللاتيني. أمّا في كرة السلة، فقد أطلق فريق "بروكلين نِتس" حملة "نِتس يونايت" التي تمزج بين الأنشطة الثقافية والرياضية لتقوية العلاقة مع الجمهور، فيما أثار إعلان دوري كرة القدم الأمريكية عن مشاركة النجم البورتوريكي "باد بَني" في عرض "السوبر بول" المُقبل حماسًا واسعًا بين الجماهير اللاتينية من عشاق الرياضة والموسيقى على حدٍّ سواء. ولا يجب أن تقتصر هذه الجهود على الفعاليات والاحتفالات، وإنما ينبغي أن تمتد إلى زيادة التمثيل الحقيقي للكوادر اللاتينية في الملاعب والإدارات الرياضية، مما يعزز روح الانتماء لدى الجماهير ويساعد المؤسسات الرياضية على التفكير بطريقةٍ أقرب لجمهورها.
كما تسهم إزالة العوائق الاقتصادية من خلال تخفيض أسعار التذاكر أو المنتجات الرياضية – مثلما فعل فريق "يوتا جاز" في دوري كرة السلة الأمريكي عندما خفّض أسعار المأكولات والمشروبات استجابةً لملاحظات الجماهير – في تسهيل مشاركة فئاتٍ أوسع من الجماهير، وتقوية الروابط بين الأندية والمشجعين على المدى الطويل. وهو ما ينطبق أيضًا على الوصول الإعلامي؛ فقد أظهرت تجربة التعاون مع القنوات الناطقة بالإسبانية زيادةً ملموسة في نسب مشاهدة اللاتينيين، بحسب ما ذكره أحد المديرين التنفيذيين في دوري البيسبول الأمريكي، مما يعكس تعطّش الجمهور للمحتوى الذي يخاطب ثقافته بشكلٍ مباشر.
غير أن النجاح لا يتحقق بالفعاليات الموسمية أو الحملات الرمزية، التي لا يبقى منها سوى مجموعةٌ من الصور التذكارية، بل من خلال التزامٍ حقيقيٍ ومستدام، يضع المجتمع اللاتيني في قلب التجربة الرياضية، ويُشرِكه في صناعة قّصته الخاصة داخل الملاعب وخارجها.
التحوّل الرقمي: الوصول إلى الجماهير حيثما وُجدوا
يتسم المشجعون اللاتينيون بكونهم أكثر شبابًا وتفاعلًا مع العالم الرقمي، وهو ما يجعل حضورهم على المنصات المختلفة أساسًا لأي استراتيجية تواصلٍ ناجحة. ولهذا، تتجه الدوريات والأندية والعلامات التجارية إلى تبنّي نهجٍ رقميٍ متكامل يضمّ جميع القنوات والمنصات. ومع تزايد اعتماد اللاتينيين على خدمات البثّ الرقمي أكثر من غيرهم، أصبح المحتوى الرقمي باللغتين الإسبانية والإنجليزية أحد أهم مسارات النمو المستقبلي. لذا، تُواصل الفِرق الرياضية تطوير أساليبها للتفاعل مع هذا الجمهور، من خلال وسائل عدة، أبرزها إنتاج مقاطع تفاعلية قصيرة، بالإضافة إلى التعاون مع المؤثرين عبر التطبيقات الرقمية المختلفة، مثل "تيك توك" و"إنستغرام" و"يوتيوب" و"واتساب". فعلى سبيل المثال، أطلق كلٌ من دوري البيسبول الأمريكي، ودوري كرة السلة للمحترفين حساباتٍ خاصةٍ عبر "تيك توك" تنشر محتوى رياضيًا بالإسبانية لجماهيرها في أمريكا اللاتينية، بينما تتفاعل فِرق كرة السلة مثل "لوس أنجلوس ليكرز" و"ميامي هيت" مع جماهيرها اللاتينية عبر جلساتٍ مباشرة ومقاطعٍ قصيرة على "إنستغرام".
ومع ذلك، ما زال المحتوى الرياضي المُقدّم بالإسبانية أقلّ من حجم الطلب الفعلي عليه، مما يفتح الباب أمام وسائل الإعلام ومنصات البثّ الرقمي للتوسّع. فقد بدأت بعض القنوات بالفعل في زيادة تغطيتها باللغة الإسبانية في العديد من البطولات الكبرى مثل دوري كرة القدم الأمريكية ودوري كرة السلة للمحترفين ودورة الألعاب الأولمبية، في حين تستثمر منصات البثّ الرقمي بشكلٍ متزايدٍ في حقوق بثّ الأحداث الرياضية المباشرة لاستقطاب المزيد من الجماهير اللاتينية. ومع استمرار اللاتينيين في قيادة مشهد الاعتماد على المنصات الرقمية، فإن توفير محتوى رياضي بالإسبانية عبر هذه القنوات يُعدّ وسيلةً فعّالة لتعميق التفاعل الجماهيري.
فيما تمتلك العلامات التجارية اليوم فرصةً للاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي، كأداةٍ واعدة لصياغة رسائل إعلانية أكثر تخصيصًا وتعبيرًا عن الثقافة اللاتينية. فالحملات الإعلانية ثنائية اللغة، المصمّمة خصيصًا وفقًا للثقافة اللاتينية، والمدعومة بتحليلاتٍ قائمةٍ على البيانات، تساعد الجهات المالكة للحقوق والعلامات التجارية على الوصول إلى جيل الألفية وجيل زد عبر مختلف المنصات الرقمية، كما تسهم في صياغة رسائل أكثر تأثيرًا وتفاعلًا عبر الفضاء الرقمي.
الاستثمار في جيل المستقبل من المشجعين
لكي تنجح المؤسسات الرياضية في جذب الجماهير اللاتينية عليها تقديم الدعم اللازم للجيل الجديد من الشباب. فالتعاون مع المدارس والمنظمات المعنية بالمجتمعات اللاتينية يعزّز الثقة ويُسهّل الالتحاق بالأنشطة الرياضية. وهو ما قام به فريق "دينفر برونكوز"، حيث قدّم نموذجًا يُحتذى به من خلال توفير مِنحٍ مجتمعيةٍ لإتاحة المُعدّات الرياضية للشباب، مما خفّف من الأعباء المالية عن العائلات ذات الدخل المحدود. كما تُساعد الدوريات المحلية والمراكز الرياضية المدرسية في تقليل الحاجة إلى التنقّل لمسافاتٍ بعيدة، الأمر الذي يُسهّل مشاركة الأطفال في الأنشطة الرياضية ويخفّف الأعباء على أولياء الأمور.
وقد أظهرت الدراسات أن الاستثمار في الرياضة المجتمعية له العديد من الفوائد؛ فوفقًا لتقرير "اقتصاد الرياضات الشبابية" المتخصّص في أبحاث اقتصاد الأنشطة الرياضية الموجّهة للفئة العمرية من 5 إلى 18 عامًا، يرى 80 في المائة من أولياء الأمور أن العلامات التجارية تترك انطباعًا إيجابيًا عندما تدعم برامج الرياضة المحلية المُخصصة للشباب.6 وهو ما يؤكد أن أثر هذه الاستثمارات لا يقف عند تعزيز النشاط الرياضي، بل يقوّي الروابط المجتمعية ويضمن مستقبلًا أكثر توازنًا وحيوية.
العلامات التجارية والهوية الثقافية الأصيلة
بالرغم من كون الرياضة جزءٌ أصيلٌ من الحياة اليومية للأسر اللاتينية، إلا أن نجاح العلامات التجارية في التواصل مع هذه الشريحة يعتمد على مدى صدقها في التعبير عن هويتهم الثقافية. فالحملات التي تُبرز قيم الأسرة، ولحظات التجمع العائلي، والاحتفاء بالرياضة كمناسبةٍ اجتماعية، تترك أثرًا أكبر بكثيرٍ من الرسائل العامة. ومن هذا المنطلق، بدأت بعض العلامات التجارية الرائدة في تبنّي نهجٍ أكثر عمقًا في التعامل مع الجماهير اللاتينية، قائمٍ على الفهم الثقافي والتفاعل المجتمعي.
وقد قدّمت العديد من الشركات العالمية تجارب متميّزة في هذا المجال، جسّدت من خلالها فهمًا عميقًا لثقافة الجماهير اللاتينية وشغفها بالرياضة. فقد عزّزت شركة "كورونا" حضورها عبر محتوى ثنائيّ اللغة وتجارب حيّة داخل ملاعب دوري البيسبول الأمريكي، لترسّخ مكانتها بين المشجعين اللاتينيين. في المقابل، استثمرت "ماكدونالدز" بطولة كأس العالم لكرة القدم لتقريب الجماهير من علامتها التجارية، من خلال إبراز تقاليد العائلات اللاتينية في متابعة المباريات، وتنظيم فعالياتٍ جماهيريةٍ حيّة متزامنةٍ مع حملاتها الإعلانية. أمّا "بيبسي"، فقد نجحت في المزج بين الموسيقى والرياضة عبر التعاون مع نجوم موسيقى الريغيتون – وهي نوعٌ من الموسيقى اللاتينية الحديثة التي تمزج بين الإيقاعات الكاريبية وبين أنماط موسيقى الهيب هوب والراب – لتقدّم تجربةً تفاعليةً تعبّر عن روح الشباب اللاتيني. في حين اتّجهت "نايكي" إلى دعم المواهب الشابة في الأحياء اللاتينية، من خلال برامج مجانية لكرة القدم وعياداتٍ تدريبيةٍ وشراكاتٍ مجتمعيةٍ تهدف إلى تمكين الجيل الجديد وإطلاق طاقاته.
وتؤكّد دراسة "نيلسن" فاعلية هذا النهج الثقافي، إذ يُظهر المشجّعون اللاتينيّون استعدادًا أعلى بنسبة 39 في المائة للتوصية بالشركات التي ترعى فِرقهم المفضّلة، وولاءً أكبر بنسبة 37 في المائة لتلك العلامات. وتشير هذه النتائج إلى أنّ الاستثمار في الفهم الثقافي العميق للجماهير اللاتينية يمثّل أحد أهم مفاتيح النجاح المستقبلي في صناعة الرياضة الأمريكية.7
لم يعُد المشجّعون اللاتينيّون فئةً هامشيةً في المشهد الرياضي الأمريكي، بل أصبحوا النموذج الجديد لجماهير الرياضة في المستقبل. فهؤلاء الشباب يتميّزون بوعيٍ رقميٍّ عالٍ، وبصلةٍ وثيقةٍ بمجتمعاتهم، تجعلهم الأقدر على رسم ملامح المرحلة المقبلة في عالم الرياضة. وتشير التقديرات إلى أنّ اللاتينيّين سيسهمون بحلول عام 2035 في نحو ثلث النمو الإجمالي للسوق الرياضية الأمريكية، مما يفتح أمام الدوريات والأندية ووسائل الإعلام والرعاة فرصةً تاريخيةً لبناء جسور الثقة وتعزيز التواصل مع هذه الشريحة الحيوية. لذا، فإن المؤسسات التي تبادر اليوم إلى إنتاج محتوى حقيقي وتجارب جماهيرية تعبّر بصدقٍ عن الثقافة اللاتينية وتُعزّز التمثيل المتوازن، ستكون الأقدر على قيادة هذا التحوّل وصياغة مشهدٍ رياضيٍّ أكثر شمولًا وتنوّعًا. فلم يعُد السؤال المطروح هو ما إذا كان المشجّعون اللاتينيّون سيشكّلون مستقبل الرياضة، بل من سيستعدّ ليكون جزءًا من هذا المستقبل؟
