فرص الابتكار في حلول الإسكان المخصص لكبار السن

| مقابلة

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر. نرحب بتعليقاتكم على البريد الإلكتروني التالي reader_input@mckinsey.com

توفر المساكن المخصصة لكبار السن بيئة سكنية مصممة خصيصًا لتلبية احتياجات الأفراد مع تقدمهم في العمر، وغالبًا ما تكون هذه المساكن جزءًا من مجتمعات متكاملة تشمل خدمات الرعاية الصحية، وتقديم الوجبات، والأنشطة الاجتماعية. ومع ذلك، ورغم توافر هذه الخدمات في العديد من الأسواق المتقدمة، لا تتجاوز نسبة كبار السن الذين ينتقلون فعليًا للعيش في هذه المجتمعات 5% فقط، وهو ما يسلّط الضوء على وجود تحديات تحول دون إقبالهم على هذا النوع من السكن. وهنا يكمُن السؤال المطروح: كيف يمكن لقطاع الإسكان المخصص لكبار السن أن يواكب احتياجات المجتمعات المتقدمة في العمر، وفي الوقت ذاته يُنمّي أعماله ويحقق عائدًا مستدامًا؟ ومن هذا المنطلق، يقدّم سام أوغورمان من شركة ماكنزي رؤيته خلال حوار أجرته معه كايتي ماكلوغلين من قسم النشر العالمي في ماكنزي، حيث تناول سُبل التغلب على المخاوف الشائعة لدى كبار السن، مثل الشعور بأن الانتقال إلى هذه المساكن قرار لا رجعة فيه، إضافة إلى فرص التوسع في سوق تجديد الوحدات السكنية القائمة، ودور الابتكار والتكنولوجيا الحديثة في إعادة تشكيل مستقبل هذا القطاع. وفيما يلي مقتطفات من هذا الحوار.

كاتي ماكلوفلين: كيف يمكن تعريف مفهوم "الإسكان المخصص لكبار السن" بشكل دقيق؟

سام أوغورمان

سام أوغورمان: الحقيقة أن مصطلح "الإسكان المخصص لكبار السن" يُساء فهمه كثيرًا. فعلى عكس ما يظنه البعض، لا يتعلق الأمر بنمط سكني معزول أو مختلف تمامًا عن المساكن المعتادة. بل هو ببساطة نوع من العقارات السكنية صُمّم خصيصًا ليتماشى مع احتياجات كبار السن من حيث الراحة، والسهولة، والسلامة. وإذا نظرت إليه من الخارج، قد تظن أنه مجرد شقة عادية، أو منزل تقليدي لا يختلف في شكله عن أي وحدة سكنية أخرى.

وقد يبدو أيضاً المسكن المخصص لكبار السن شبيهًا من الخارج بأي منزل تقليدي، لكنّ النظرة المتأنية تكشف عن اختلاف كبير في التفاصيل، حيث تم تصميم كل جزء فيه بعناية ليُلبّي احتياجات من تقدّم بهم العمر. فالمداخل، مثلًا، تأتي منبسطة تمامًا دون درجات، لتيسير الحركة والدخول بسلاسة. أما الإضاءة، فتُثبت في مواضع منخفضة لتكون مرئية وسهلة الاستخدام، وتُصمَّم الأبواب بعرض أكبر لتسهيل التنقل، خاصة لمن يستخدم الكرسي المتحرك. وتتميز المطابخ بخزائن يمكن تعديل ارتفاعها بلمسة زر، ما يتيح الوصول إليها دون الحاجة إلى الوقوف لفترات طويلة أو بذل جهد غير ضروري. كما تأتي الحمّامات بمساحات أوسع تتيح حرية الحركة بسهولة وأمان. ويُراعى أيضًا في تصميم الأرضيات والجدران استخدام مواد ذات ألوان واضحة وتباينات بصرية تساعد ضعاف البصر على التمييز بين المساحات دون عناء. كذلك تُجهّز المنازل بعناصر إنشائية داعمة غير ظاهرة، تُمكّن من تثبيت تجهيزات مساعدة مستقبلًا، مثل الدعامات الجانبية أو أدوات المساعدة على الحركة، دون الحاجة إلى تعديلات كبيرة لاحقًا.

ومن الضروري التوضيح هنا أن الإسكان المخصص لكبار السن لا يُقصد به على الإطلاق دار رعاية تقليدية، ولا يُعادل من حيث المفهوم مراكز التمريض أو الإقامة الطبية.

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

كاتي ماكلوفلين: إذًا، هل نفهم من ذلك أن الإسكان المخصص لكبار السن لا يشتمل بأي شكل من الأشكال على خدمات رعاية طبية؟

سام أوغورمان: لا، ليس من منظور التعريف الأساسي لهذا النوع من السكن. فالإسكان المخصص لكبار السن لا يُعد جزءًا من قطاع الرعاية الصحية أو التمريضية كما قد يظن البعض. بل هو يُصنَّف، في نظر المستثمرين والفاعلين في السوق العقارية، كفئة مستقلة من الأصول السكنية. إنه نموذج استثماري قائم بذاته، يوفّر بيئة معيشية تراعي احتياجات كبار السن، دون أن يُقدِّم خدمات طبية مباشرة أو يُعامل كمرفق رعاية صحية.

ورغم أن الإسكان المخصص لكبار السن لا يُصنَّف من الناحية الفنية ضمن مرافق الرعاية الصحية، إلا أن الصورة على أرض الواقع تختلف في كثير من دول العالم. فهناك نماذج متطورة من هذا النوع من السكن تجمع بين الإقامة المريحة والخدمات المتكاملة، لتمنح كبار السن بيئة أكثر حيوية ورفاهية. ففي بعض المرافق، نجد خدمات الإعاشة اليومية مثل تقديم الوجبات ضمن مساحات مشتركة صُممت خصيصًا لتشجيع التواصل الاجتماعي وتعزيز الشعور بالانتماء. أما المجمعات السكنية الفاخرة، فقد ترتقي بهذه التجربة إلى مستويات أعلى، حيث توفر مرافق ترفيهية مثل دور السينما المصغرة، وصالونات تصفيف الشعر، والمكتبات الهادئة، وحتى مساحات مخصصة للعناية بالأظافر، لتمنح المقيمين نمط حياة راقٍ ومتوازن.

وفي أمريكا الشمالية على وجه الخصوص، تطوّر مفهوم الإسكان المخصص لكبار السن ليتّخذ شكلًا أكثر شمولًا، حيث يُقام هذا النوع من المساكن ضمن مجتمعات متكاملة تُوفّر درجات متصاعدة من الدعم الطبي. فبدءًا من وجود نقطة تمريض داخل الموقع، مرورًا بخدمات متخصصة لرعاية المصابين بضعف الذاكرة أو الخرف، ووصولًا إلى مرافق تقدم الرعاية التمريضية الكاملة وحتى الرعاية التلطيفية، يجد كبار السن أنفسهم في بيئة تجمع بين الاستقلال والرعاية عند الحاجة، دون أن يفقدوا الإحساس بالحياة الكريمة.

كاتي ماكلوفلين: في أحد مقالاتك السابقة حول الإسكان المخصص لكبار السن، قمت بعرض نماذج تحليلية توقعت النسب المحتملة للفئات السكانية التي ستتجاوز سن الخامسة والستين حول العالم بحلول عام 2050، وكانت الأرقام لافتة للغاية. فمثلًا، تُشير التقديرات إلى أن كوريا الجنوبية ستشهد تحولًا ديموغرافيًا غير مسبوق، حيث سيُشكّل كبار السن ما يقارب 40% من إجمالي السكان، وهي النسبة الأعلى عالميًا. تليها اليابان بنسبة 37%، ثم إيطاليا التي سيُصبح أكثر من ثلث سكانها من كبار السن، ما يضعها في موقع متقدّم على مستوى أوروبا. أما في كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، فإن أكثر من خمس السكان سيبلغون هذا السن، وهي نسبة لا يُستهان بها على الإطلاق. وبالنظر إلى هذه المؤشرات، يبدو واضحًا أن العالم يتجه نحو واقع جديد تزداد فيه الحاجة إلى حلول سكنية مصممة خصيصًا لهذه الفئة العمرية.

سام أوغورمان: من الواضح أن ظاهرة التقدّم في العمر أصبحت سمة رئيسية في العديد من دول العالم، حيث ترتفع أعداد كبار السن بشكل متسارع، مما يفرض تحديات جديدة على المجتمعات والأنظمة السكنية. ومع ذلك، فإن الأرقام الحالية تكشف عن مفارقة لافتة. فحتى في البلدان التي تُعد من بين الأكثر تطورًا في مجال الإسكان المخصص لكبار السن – مثل أستراليا، وكندا، ونيوزيلندا، والولايات المتحدة – لا تتجاوز نسبة كبار السن الذين يعيشون في هذا النوع من المساكن 5% فقط.

كاتي ماكلوفلين: هل يعود ضعف الإقبال على هذا النوع من المساكن إلى كون تكلفته مرتفعة؟

سام أوغورمان: ما تُظهره أبحاث ماكنزي بوضوح هو أن التكاليف لا تمثّل العائق الرئيسي أمام انتقال كبار السن إلى مساكن مخصصة لهم. فعند سؤالهم مباشرة في استطلاعات أُجريت عبر دول متعددة، أفاد معظمهم بأنهم قادرون ماليًا على تحمّل تكاليف هذا النوع من السكن، بل إن الكثير منهم يرى في الانتقال إلى مسكن أصغر فرصة لإعادة ترتيب أوضاعه المالية من خلال بيع ممتلكات أكبر وتوفير جزء من رأس المال. لكن رغم القدرة المالية، لا يزال العامل الحاسم نفسيًا وسلوكيًا. فبفارق واضح، يفضّل معظم كبار السن البقاء في منازلهم الخاصة، تلك التي عاشوا فيها سنوات طويلة وتشكّلت فيها ذكرياتهم وهويتهم.

وفي الواقع، كثيرون يتعاملون مع فكرة التقدّم في العمر بمبدأ الانتظار الصامت، وكأنهم يهمسون لأنفسهم: "سأبقى هنا، في منزلي، ما دمت قادرًا على التحمل، وعندما تشتد الظروف، سيكون الانتقال إلى دار رعاية هو الملاذ الأخير". إنها قناعة شائعة، وربما مريحة نفسيًا، لكنها في كثير من الأحيان تُفضي إلى واقع غير مريح ولا مستدام. فما نراه على أرض الواقع هو أن عددًا كبيرًا من كبار السن يواصلون العيش في مساكن لم تعد مناسبة لهم، من حيث التصميم أو السلامة أو سهولة الحركة. وبدلًا من أن يكون هذا الوضع مؤقتًا، يمتد أحيانًا لعشر سنوات أو أكثر، فيعيش الشخص في بيئة لا تخدم احتياجاته، ولا تمنحه نوعية الحياة التي يستحقها. إنه نوع من التعليق الطويل بين مرحلتين: مرحلة لا يستطيع أن يستمر فيها كما كان، ومرحلة لم يتهيأ لها بعد.

الإسكان المخصص لكبار السن قادر على سد تلك الفجوة، من خلال توفير بيئة تجمع بين الدعم الطبي، والمساندة الجسدية، والرعاية الاجتماعية، وهو ما يُحدث فرقًا حقيقيًا في جودة حياة الإنسان في هذه المرحلة العمرية.

كاتي ماكلوفلين: إذا كانت هذه المساكن قادرة فعلًا على تحسين حياة كبار السن بهذا الشكل، فما الذي يمنع الكثيرين منهم من اتخاذ خطوة الانتقال؟

سام أوغورمان: من أكبر العوائق النفسية التي تمنع كثيرًا من كبار السن من الانتقال إلى مساكن مخصصة، هو شعورهم بأن هذه الخطوة لا رجعة فيها. فالانتقال من المنزل الذي عاش فيه الإنسان معظم حياته يُنظر إليه كقرار نهائي، لا يمكن التراجع عنه لاحقًا، وكأنه الفصل الأخير في نمط الحياة الذي اعتاده. ويزداد هذا الشعور حدة في بلدان مثل أستراليا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة، حيث يتم بناء أكثر من 90% من وحدات الإسكان المخصص لكبار السن بهدف البيع، وليس الإيجار. أما في كندا والولايات المتحدة، فرغم شيوع نمط الإيجار، إلا أن بعض الوحدات تتطلب دفعة مقدمة كبيرة، ما يجعل قرار الانتقال أكثر تعقيدًا.

ولمواجهة هذا التردد، ظهرت حلول عملية أكثر مرونة. من بينها نموذج "جرّب قبل أن تشتري"، والذي يتيح لكبار السن فرصة استئجار الوحدة لفترة مؤقتة – عام أو عامين – قبل الالتزام بشرائها. وقد حقق هذا النموذج نجاحًا ملحوظًا، خاصة بعد أن بدأت بعض الشركات في المملكة المتحدة بتقديم عقود إيجار قصيرة الأجل تمتد لثلاثة أشهر فقط، مما يمنح الشخص فرصة واقعية لخوض التجربة دون التزام طويل الأمد. كما أن بعض المطورين العقاريين أصبحوا يعرضون خدمات مرافقة، مثل استضافة الزائرين في عطلات نهاية الأسبوع، أو حتى تقديم عروض لشراء منزلهم الحالي ضمن صفقة الانتقال، وتوفير الدعم اللوجستي الكامل في هذه المرحلة. ولم يعد الأمر يقتصر على الحلول العقارية، بل ظهر أيضًا متخصصون يُعرفون بمستشاري تقليص المساحة أو "الانتقال الذكي"، يقدمون لكبار السن المشورة والمرافقة العملية لتسهيل اتخاذ القرار، وتحويله من عبء نفسي إلى تجربة انتقال إيجابية ومدروسة.

ومن العوائق التي لا يُلتفت إليها كثيرًا، غياب الوعي الكافي بطبيعة الإسكان المخصص لكبار السن. فكثير من الناس لا يدركون ما الذي يقدّمه هذا النوع من المجتمعات السكنية، ويقعون في فخ الخلط بينه وبين دور الرعاية أو مراكز التمريض، التي ترتبط في أذهانهم بفقدان الاستقلال أو التدهور الصحي. وهذا الخلط في المفاهيم بأذهانهم يُبعد شريحة كبيرة من المستحقين عن خيارات سكنية كان يمكن أن تمنحهم بيئة أكثر راحة وكرامة. وهنا تبرز مسؤولية القطاع نفسه، إذ لا يكفي أن تتوافر هذه المساكن، بل يجب أن يُعاد النظر في طريقة تقديمها للجمهور، من خلال خطاب أكثر وضوحًا، وتسويق أكثر شمولًا وذكاء. ومن المهم ألا تُوجّه الرسائل إلى كبار السن وحدهم، بل إلى شبكة الدعم المحيطة بهم، سواء الأبناء الراشدون، أو الأطباء، أو المستشارون الماليون، أو حتى القادة الدينيون والمجتمعيون. فهؤلاء غالبًا ما يكون لهم دور مؤثر في تشكيل قراراتهم، وتقديم المعلومة الصحيحة لهم قد يكون الخطوة الأولى نحو تغيير نظرتهم، وتسهيل انتقالهم إلى تجربة سكنية أكثر جودة واحتواء.

كاتي ماكلوفلين: دعنا نفترض أن مساكن كبار السن أصبحت ميسورة التكلفة، وتقدّم خدمات متكاملة ووسائل راحة مميزة، بل وتتيح خيارات مرنة تتناسب مع احتياجات الأفراد المختلفة - رغم كل ذلك، لا بد أن هناك من سيظل مترددًا في اتخاذ قرار الانتقال، أليس كذلك؟

سام أوغورمان: بكل تأكيد. لا يمكننا أن نتوقع أن يصبح الإسكان المخصص لكبار السن الخيار المثالي للجميع. فحتى في أكثر الأسواق تطورًا، قد لا تتجاوز نسبة من يختارونه 10% من كبار السن. هذه حقيقة لا بد من الاعتراف بها. لكن التحدي الحقيقي لا يكمن في محاولة إقناع الجميع بالانتقال، بل في طرح سؤال مختلف تمامًا يتمثل في: كيف يمكن لهذا القطاع أن يقدّم خدمات ودعمًا فعّالًا لتلك الفئة التي لن تتحول أبدًا إلى عملاء تقليديين؟ وكيف نصل إليهم ونخدمهم دون أن نطلب منهم مغادرة منازلهم؟

نؤمن بوجود فرصة واعدة لتوسيع دور مشغّلي مساكن كبار السن، بحيث لا يقتصر دورهم على إدارة المجتمعات السكنية، بل يشمل أيضًا تقديم خدمات احترافية لمساعدة الأفراد على تهيئة منازلهم الخاصة بما يتلاءم مع احتياجاتهم المستقبلية. وتقوم هذه الفكرة على تأسيس نموذج استشاري متكامل، يُقدّم من خلاله خبراء هذا القطاع معارفهم المتخصصة في مجالات التصميم، والسلامة، والتكنولوجيا، لتعديل المنازل القائمة بما يضمن ملاءمتها لمرحلة التقدّم في العمر. لكن هذه الخدمة لا تكتفي بالمشورة النظرية، بل تمتد إلى تنفيذ فعلي للتعديلات المطلوبة، عبر شبكة من المقاولين المحليين، بينما يتولى الخبراء مسؤولية الإشراف وتحديد المواصفات الفنية بدقة.

تخيّلي لو أن شركة متخصصة في إسكان كبار السن قدّمت خدمة شاملة تبدأ بالاستشارة ولا تنتهي إلا وقد اكتملت التجربة. بمعنى فريق واحد يتولى كل شيء: يخطط، يوفّر المعدات، يشرف على التركيب، ويضمن جودة التنفيذ والصيانة، في منظومة متكاملة تجعل الانتقال إلى مرحلة جديدة من الحياة أمرًا أكثر سلاسة وأقل عبئًا. ومن خلال امتلاكها لسلاسل توريد قوية وخبرة عميقة في احتياجات كبار السن، يمكن لهذه الشركة تقديم أسعار تنافسية دون أن تُضحّي بالجودة، بل وتُدخل تقنيات ذكية وحلولًا متقدمة قد لا يعرفها حتى المقاولون المحليون.

لكن الأثر الأهم لا يُقاس فقط بما يحدث في الحاضر، بل بما يُبنى للمستقبل. فعندما يحظى العميل بهذه التجربة المتكاملة، ينشأ شعور بالثقة والانتماء. وربما، بعد خمس أو عشر سنوات، عندما يحين وقت اتخاذ قرار بالانتقال إلى مجتمع سكني جديد، لن يبحث عن خيارات، بل سيتجه مباشرة إلى الاسم الذي رافقه منذ البداية.

كاتي ماكلوفلين: إذا كانت فكرة تعديل المنازل من أجل أن تناسب احتياجات كبار السن تبدو حلاً واعدًا، فالسؤال الذي يفرض نفسه هو: ما التكلفة المتوقعة لتنفيذ هذه التعديلات؟

سام أوغورمان: تختلف تكلفة تهيئة المنازل لتناسب احتياجات كبار السن من مكان إلى آخر، إلا أنه في الأسواق المتقدمة مثل أستراليا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، تتراوح التكلفة الإجمالية لهذه التعديلات عادةً بين خمسة آلاف وعشرين ألف دولار. ورغم أنّ المبلغ ليس بسيطًا، إلا أنه يُعد خيارًا اقتصاديًا مقارنةً بتكاليف الانتقال إلى منزل جديد أو شقة جديدة، ما يجعله حلاً عمليًا يُمكّن كبار السن من الاستمرار في العيش في بيئة مألوفة، ولكن بطريقة أكثر أمانًا وراحة.

كاتي ماكلوفلين: ذكرتَ في مقالك أن دمج التكنولوجيا منخفضة التكلفة يمكن أن يُحدث فرقًا في تقديم الرعاية والمتابعة لكبار السن. لكن اسمح لي أن أطرح سؤالًا قد يدور في أذهان الكثيرين: كيف يمكن لهذه التقنيات، رغم بساطتها وسهولة الوصول إليها، أن تُسهم في خلق تجربة إنسانية دافئة تُشعر كبار السن بالطمأنينة والاحتواء، بدلًا من أن تبدو كوسائل مراقبة باردة تُفقدهم خصوصيتهم وحسّهم بالاستقلالية؟

سام أوغورمان: تخيّلوا أن كبير السن يعيش في منزله بكل استقلال، لكن هذا المنزل لم يعد مجرد أربعة جدران، بل أصبح بيئة ذكية تحيطه بالأمان. فبفضل حساسات الضغط المنتشرة في الأرضيات، يتم رصد أي سقوط على الفور، لترسل إشعارًا فوريًا إلى فريق الرعاية المختص في مجتمع السكن لكبار السن، فيتدخلون بسرعة لإنقاذ الموقف. ولنقف عند مشهد آخر، ألا وهو أجهزة استشعار، ربما تتكامل مع أجهزة قابلة للارتداء، تراقب حركة الشخص اليومية. وفجأة، تلاحظ أن الجدة لم تنهض من سريرها كالمعتاد. فيُرسل تنبيه إلى أفراد عائلتها مفادهُ: "ربما جدتكم ليست على ما يرام هذا الصباح". قد يكون الأمر بسيطًا كزكام، ولكن الأهم أن العائلة عرفت قبل أن تطلب الجدة المساعدة.

وهذه مجرد أمثلة على كيف يمكن للتكنولوجيا أن تُحدث فارقًا حقيقيًا في جودة حياة كبار السن دون أن تفرض عليهم كلفة باهظة أو أن تسلبهم استقلالهم. في الواقع، نغوص في مقالنا إلى ما هو أعمق، حيث نستعرض حلولاً متقدمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وتُسهِّل على مقدمي الرعاية أداء مهامهم بكفاءة ودقة أعلى. إن الفكرة الأساسية هنا ليست فقط في استخدام التكنولوجيا، بل في توظيفها بذكاء للقيام بالمهام الروتينية، كي يتفرغ طاقم العمل لما هو أكثر أهمية.

Explore a career with us