رؤية شاملة تقودك نحو التميز  كرئيس للموظفين 

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر. نرحب بتعليقاتكم على البريد الإلكتروني التالي reader_input@mckinsey.com

منذ ظهور منصب "رئيس الموظفين" لأول مرة داخل أروقة البيت الأبيض، أخذت أهميته في التنامي عبر عالم الأعمال إلى أن أصبح منصبًا لا غنى عنه داخل أي منظومة أو مؤسسة، حيث يُعنى صاحب هذا المنصب بالتواصل المستمر مع القيادة العُليا داخل المؤسسة التي يعمل بها أيًا كان نوعها، بما يسمح له بالاطلاع على الأجندات الهامة والأهداف الرئيسية لهذه المؤسسة، وذلك حتى يتمكن من القيام بمهامه الوظيفية على أكمل وجه. لذلك يجب أن يمتلك "رئيس الموظفين" مجموعةً من المهارات الفريدة المدعمة بقدراتٍ عاليةٍ من التركيز لتساعده على إنجاز مهامه بشكلٍ متميز. ووفقًا لما ذكره أحد رؤساء الموظفين السابقين، فإن هذا المنصب يعد واحد من أصعب الوظائف التي يمكن أن يمتهنها الأشخاص.

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

ولا توجد منهجية مُوحده يمكن اتباعها من قبل جميع رؤساء الموظفين لتحقيق النجاح خلال رحلتهم الوظيفية، وإنما الأصل أن تتعدد المناهج والطرق بتعدد واختلاف المسؤوليات الملقاة على عاتق كل واحد منهم، فمن هذه المسؤوليات ما هو إداري ومنها ما هو استراتيجي. ويأتي هذا التنوع نتاج عوامل عدة، منها اختلاف احتياجات كل مؤسسة أو منظمة عن غيرها، فضلاً عن مدى قوة العلاقة بين رئيس الموظفين ومديره المباشر في تلك المؤسسة، ومع كل ذلك يظل الهدف الأساسي لرئيس الموظفين هو تمكين مديره - والذي عادة ما يكون الرئيس التنفيذي بشخصه أو أعضاء الفريق التنفيذي ككل - من تنفيذ مهام عمله على الشكل الأمثل.

وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، قمنا بعقد منتديات شهرية، جمعت أكثر من مائتي شخص من رؤساء الموظفين من مختلف المؤسسات بالقطاعين الخاص والعام، ومن خلال محادثاتٍ مباشرة معهم، وأبحاث لاحقة لتلك اللقاءات، توصلنا إلى ثمان نصائح عملية هامة، يمكنها أن تساعد في تعزيز وترسيخ دور رئيس الموظفين، وتعظيم أثر هذا الدور في حياته المهنية الخاصة، كما تعود بعظيم الأثر على علاقته برئيسه.

1 – الاتفاق على المسمى الوظيفي

يعد الاتفاق على المسمى الوظيفي فيما بين رئيس الموظفين والمدير المسؤول، نقطة الانطلاق الأولى، والسبب الرئيسي في تحقيق الأهداف والنجاحات المنشودة، لذا يجب أن يتم تعريف نطاق وحدود دور رئيس الموظفين بمنتهى الوضوح، كما يجب أيضًا تحديد صلاحياته ومدى أحقيته في اتخاذ القرارات. وهنا يتعين على رئيس الموظفين والمدير المسؤول الإجابة على مجموعةٍ من الأسئلة ذات الأهمية القصوى مثل: هل سيتمتع رئيس الموظفين بالسيطرة الكاملة على كافة الشؤون الإدارية؟، وهل سينوب رئيس الموظفين عن الرئيس التنفيذي في اجتماعات مجلس الإدارة؟ هل ستٌوكل إلى رئيس الموظفين مسؤولية الإشراف أو تنفيذ مشاريع خاصة؟ أو استحداث وظيفة جديدة إلى جانب مسؤولياته؟ وفي حوار أجريناه مع إحدى رؤساء الموظفين، أكدت فيه أن العمل على تشغيل مشروع بجانب مسؤولياتها الطبيعية قد ساهم في زيادة خبراتها الوظيفية، وفتح لها أفاقًا جديدةً للتعرف على المزيد من الزملاء، كما مكنها ذلك أيضًا من رؤيةٍ أشمل ومتابعةٍ لأدق تفاصيل العمل داخل المؤسسة التي تعمل بها.

إن عملية تحديد المسمى الوظيفي، لا يجب أن تتم لمرةٍ واحدة، بل يجب أن يتم الاتفاق عليه بشكلٍ متكررٍ ودوري، أو كلما اقتضت الحاجة إلى ذلك، حيث يمكن أن يتسع نطاق دور رئيس الموظفين وصلاحياته، وذلك بناءًا على عدة عوامل، منها على سبيل المثال اكتسابه لمهاراتٍ جديدة، أو نمو لقدراته وخبراته المهنية، بالإضافة إلى الاحتياجات المتغيرة لمتطلبات السوق، وهذا ما أكده لنا أحد رؤساء الموظفين عندما تحدثنا معه قائلًا: "يجب عليك أن تكون مباشرًا مع مديرك عندما تتحدث معه عن تحديد مهام دورك، علمًا بأن الحدود المتاحة لك ستنمو بالتأكيد".

إن حجم فريق العمل الذي يديره رئيس الموظفين يعد أحد العوامل المؤثرة في تحديد مسؤولياته، ففي كثيرٍ من الأحيان يتعين على رئيس الموظفين إلى جانب قيادته لفريق عمل قد يصل عدد أفراده إلى عشرين شخصًا، أن يشرف كذلك على مكتب الرئيس التنفيذي، وهذا الأمر يعد تحديًا كبيرًا بالفعل، حيث قد تحدث تداخلات فيما بين أدوار رؤساء الموظفين التابعين لعدد من المدراء التنفيذيين خلال تنفيذهم للأعمال المطلوبة منهم، وهو ما حذر منه أحد رؤساء الموظفين في حديثه معنا، والذي كان قد واجه مثل هذا السيناريو من قبل أثناء فترة عمله، لذا فمن الضروري التركيز الشديد على الأولويات الاستراتيجية لمدير المؤسسة أو المنظومة لأنها ستكون مفتاحًا للنجاح.

يجب التأكيد على أن منصب رئيس الموظفين لا يخدم قائد المؤسسة فحسب، وإنما عليه أيضًا أن يقدم كل سُبل الدعم للفريق الإداري المعاون له، لذا بات من الضروري أن يقوم الرئيس التنفيذي بتوضيح مهام ودور رئيس الموظفين، لكبار المدراء التنفيذين والمؤسسة ككل، الأمر الذي سينعكس بالإيجاب على أداء رئيس الموظفين لدوره وتحمل مسؤولياته المنوط بتنفيذها، وتحديد نطاق سلطاته مما يدعم منظومة العمل ككل.

2 – بناء الثقة

إن اكتساب ثقة مدير المؤسسة يعد أمر في غاية الأهمية، ويجب أن يكون على رأس أولويات رئيس الموظفين، فرئيس الموظفين عادةً ما يكون على درايةٍ كاملةٍ بكل ما يثير قلق المدير سواءًا تعلق الأمر بشؤونٍ شخصيةٍ أو مهنية، وبالتالي يتعين عليك كرئيس للموظفين أن تكتسب ثقة رؤسائك الجُدد بشكلٍ أكبر مما كان عليه الوضع مع رؤسائك السابقين. ووفقًا لما أطلعنا عليه العديد من رؤساء الموظفين، فإن اكتساب ثقة المدير أمرٌ يستلزم طرح العديد من الأسئلة التي ستساعدك على استكشاف واستيضاح الأمور، كما يتعين عليك أيضًا أن تواصل طرح هذه الأسئلة مرارًا وتكرارًا، حتى تتيقن من أنك ومديرك تقفان على أرضيةٍ واحدةٍ من الفهم، أو تسعيان وراء الهدف ذاته، غير أن هذا النهج من طرح الأسئلة قد يعتبره بعض القادة أمرًا محرجًا.

يعد بناء جسور الثقة بين رئيس الموظفين ومدير المؤسسة، أمرًا بالغ الأهمية، حيث يصبح رئيس الموظفين مستشارًا لمدير المؤسسة، بمعنًى أدق يكون هو المعنيّ بتقديم وجهة نظرٍ محايدةٍ مبنيةٍ على معرفةٍ وتفاعل مع كافة عناصر منظومة العمل. وفي بعض الأحيان قد تمثل وجهة النظر هذه تحديًا لأفكار الرئيس التنفيذي نفسه، لذلك فإن إظهار الشجاعة عند طرح هذه الرؤى والنقاش بشأنها، خاصةً مع بداية توليك مهام منصبك سيسهم بشكلٍ كبير في بناء جسورٍ قويةٍ من الثقة المتبادلة.

كما تعد الشفافية أيضًا عنصرًا أساسيًا في اكتساب ثقة المدير، لذا يتعين عليك - حتى قبل أن تتولى مهام منصبك - أن تناقش أولوياتك كرئيس للموظفين، وكذلك طرق العمل مع مدير المؤسسة، ورئيس الموظفين السابق إن أمكن، وذلك للتأكد من فهمك للتوقعات والأمور المطلوب منك أداؤها. ويعتبر الاعتدال والتواضع صفتان لا غنى عنهما إن أردت أن يكون دورك أكثر فاعليةٍ كرئيسٍ للموظفين، ففي أحد اللقاءات التي أجريناها، تحدثنا مع رئيسٍ للموظفين، وقال لنا: "في السابق كنت أقوم دائمًا بدور القائد، أما الآن فلم يعد الأمر كذلك"، بينما قال آخر: "إن دورك كرئيسٍ للموظفين لا يقتصر فقط على أن تؤدي عملك بشكل جيد، وإنما عليك أن تعمل أيضا على تحسين وتعزيز صورة مديرك."

ومن الجدير بالذكر أن نجاحك كرئيسٍ للموظفين يعتمد على قدرتك على كسب ثقة كافة الأطراف المعنية والقيادات داخل المؤسسة، مما يعد تحدي هام كما أوضح أحد رؤساء الموظفين قائلًا:"من الصعب تحقيق التوازن بين أن تكون مستشارًا موثوقًا به لدى مدير المؤسسة وفريق العمل على حدٍ سواء، وبين أن تُقدم كافة الحقائق المجردة فيما يخص العمل للمدير عند الحاجة."

وفي النهاية يجب أن تتذكر دائمًا أن مديرك ما هو إلا إنسان قد يشعر بعدم اليقين أحيانًا وقد تنتابه بعض الشكوك كتلك التي تنتاب معظمنا بين الحين والآخر. وكما ذكر أحد الوزراء السابقين بإحدى الحكومات أنه في بعض الأحيان قد يحتاج الرؤساء إلى المساندة والدعم، خاصة في الأوقات العصيبة، حتى أنهم قد يلجؤون إلى الحس الفكاهي في بعض الأوقات من رؤساء الموظفين الذين يعاونوهم.

3 - رَسِّخ نجاحاتك الأولى

من الأهمية عند توليك لأي منصبٍ جديد أن يتم الانتقال لهذا المنصب بشكلٍ سلسل، وأن تكون أيضًا على درايةٍ كاملة وإتقان تام لكل مهام هذا المنصب الجديد، لاسيما ونحن نتحدث عن منصب رئيس الموظفين، الذي اختاره مدير المؤسسة للاعتماد عليه، فقد أكد لنا أحد رؤساء الموظفين ضرورة الالتزام التام بالوضوح والحذر الشديدين قبل أن تخطو أولى خطواتك في هذا المنصب، وإلا ستكون مصدرًا للإزعاج، وهو ذات الأمر الذي أكده أيضا العديد ممن تولوا منصب رئيس الموظفين بالعديد من المؤسسات المختلفة، أثناء حديثهم لنا عن تجربة أيامهم الأولى في هذا المنصب، والتي تشمل حضورهم لأول اجتماع لرؤساء مجلس الإدارة، أو الفعاليات الهامة للمؤسسة، معتبرين أنها أيامًا استثنائية بكل المقاييس، حيث أجمعوا على أهمية تحديد الأهداف الرئيسية منذ البداية ومشاركتها مع مدير المؤسسة، الأمر الذي من شأنه أن يعزز فرص تحقيق النجاح.

إلى جانب تأكيد نجاح أولى خطواتك في منصبك الجديد، هناك عامل آخر لا يقل أهمية عنه، ألا وهو مساعدة الرئيس التنفيذي الجديد على تحقيق أهدافه الخاصة. ففي إحدى مقالاتنا التي صدرت مؤخرًا، قمنا بتسليط الضوء على بعض السبل التي يمكن من خلالها أن يحقق الرؤساء التنفيذيين الاستفادة القصوى من بداية توليهم للمنصب الجديد1، حيث يتحتم على رئيس الموظفين إدراك تلك الأولويات إدراكًا كاملًا، لذا يجب عليه أن يبادر بسؤال المدير عن تطلعاته وطموحاته التي يرغب في تحقيقها للمؤسسة التي يعملون بها، وذلك حتى يتمكن من تحديد أولوياته وأهدافه التي تتوافق مع رؤية مديره، لذا فعليك كرئيس للموظفين أن تتأكد دومًا من تطابق أولوياتك مع أهداف وأولويات مدير المؤسسة.

4 - عدم عزل مكتب الرئيس التنفيذي عن منظومة العمل

مما لا شك فيه أن إدارة مكتب الرئيس التنفيذي تعد جزءًا لا يتجزأ من مهام رئيس الموظفين، حيث يتمتع بالسلطة في تحديد الطلبات ذات الأولوية في العرض على الرئيس التنفيذي، غير أن ذلك لا يعني أبدًا عزل الرئيس التنفيذي عن بقية المنظومة، بل وعلى العكس من ذلك، فإن أحد أهم أدوار رئيس الموظفين يكمن في تحقيق التواصل الفعال بين القائد وجميع أطراف المنظومة، مما يعزز الصورة الذهنية الإيجابية للرئيس التنفيذي لدى كافة أفراد العمل، بما يدعم في النهاية مفهوم التواصل المستمر بين الجميع. وفي هذا الإطار أكدت لنا إحدى رؤساء الموظفين أهمية التواجد الفعلي والمستمر في العمل خلال الأيام الأولى، وهو ما حرصت على تنفيذه بشكل كامل في أيام عملها الأولى، من خلال دعم نهج التواصل المستمر والمباشر بين جميع أعضاء الفريق، وكان نتاجًا لذلك أنها أصبحت بمثابة الملجأ الرئيسي لهم وموضع ثقتهم.

هذه الاستراتيجية من التعامل المباشر بين القائد وأعضاء فريقه تخلق قنوات من التواصل بين جميع عناصر المؤسسة، وهو أمر لابد من الحفاظ على استمراريته، ومن أمثلة التواصل الفعال بين عناصر العمل أن يتم إرسال رسائل تهنئة للموظفين المتميزين وأصحاب النجاحات، أو رسائل مواساة تعبر عن تضامن المؤسسة مع الموظفين اللذين يمرون بأوقاتٍ عصيبة، علمًا بأن هذه الاتصالات لا يجب أن تظل من طرفٍ واحدٍ فقط، بل لابد أن يتواصل المدير بدوره مع الموظفين بشكلٍ دائم، ليتعرف منهم على احتياجاتهم ومخاوفهم. قد يتم ذلك من خلال جلسات نقاشٍ ودية مع الموظفين، أو لقاءاتٍ صباحية، أو حتى عن طريق جولاتٍ مباشرةٍ له في الأقسام.

5 - إحداث التأثير دون التدخل في السياسات

إن منصب رئيس الموظفين يمنحك شهرةً وسلطاتٍ وامتيازاتٍ واسعة، ويجعلك دائمًا محط أنظار الموظفين ويضعك على رأس أولوياتهم، ومن هنا يأتي التحدي الرئيسي وهو نجاحك في إحداث تأثيرك الخاص، ولكن دون ممارسة السلطة بشكلٍ خاطئ، وفي هذا الاطار قد حذر عدد من رؤساء الموظفين من هذا الأمر قائلين: "بما أنك تمتلك رابطًا مباشرًا مع المدير، فسيصبح لديك سلطة مميزة بفضل وجود رابطٍ مباشرٍ مع المسؤول الأعلى، وهو ما يعنى تمتعك بالقدرة على الوصول للمعلومات واتخاذ القرارات والتأثير في سير العمل بشكلٍ مباشرٍ وبمزيدٍ من الحرية. وهنا يجب عليك كرئيس للموظفين أن تكون واضحًا في التمييز بين ما تقوله نيابة عن نفسك، وبين ما تعبر به عن أراء ومواقف مديرك أو المؤسسة التي تعمل بها، كما يجب عليك عدم التورط في السياسات الداخلية، لذلك يتعين عليك أن تُحدث هذا التوازن الدقيق وتحافظ عليه دومًا. غير أنه - وخلال تنفيذ هذا التوازن - قد يشعر رئيس الموظفين بعدم اليقين تجاه من يثق بهم، لذا فقد يلجأ بعض رؤساء الموظفين إلى الاعتماد على مُدربين تنفيذيين يعاونوهم في تكوين صورةٍ متكاملةٍ ورؤيةٍ محايدة.

كما ينبغي أيضًا على رئيس الموظفين الجديد أن يجري مجموعةً من اللقاءات مع كافة زملائه في العمل، تمامًا مثلما يفعل الرئيس التنفيذي الجديد عندما يقوم بجولات استماع للموظفين عند تسلمه مهام أعماله لأول مرة، وذلك حتى يستطيع رئيس الموظفين بناء قاعدةٍ واسعة من العلاقات مع مختلف المستويات الوظيفية داخل منظومة العمل، حيث تمنحك هذه العلاقات في النهاية فرصةً أفضل لقراءة المشهد الوظيفي للمؤسسة التي تعمل بها، مما يساعدك على بناء وتطوير وجهة نظرٍ شاملة تمكنك من مساعدة مديرك على فهم نبض المؤسسة بشكلٍ صحيح.

6 - توسيع رؤيتك الشاملة

يعد رئيس الموظفين بمثابة العين والأذن للرئيس التنفيذي، فهو الشخص الذي يساعده على التنبؤ بالتحديات قبل حدوثها، ويعاونه على تفاديها وتجنب ظهور أية مفاجآت. وفي هذا الشأن لاحظ أحد رؤساء الموظفين أن بعض القادة الكبار يفضلون نقل الأخبار الجيدة فقط لرؤسائهم التنفيذيين، بينما يجب على رئيس الموظفين والذي من المفترض أن يقوم بالتواصل الجيد مع كافة أطراف منظومة العمل، إدراك الأهمية الكبرى لاطلاع رئيسه على كل ما يدور داخل المؤسسة سواءًا كان ذلك الأمر جيدًا أم سيئًا. وكما قال لنا أحد رؤساء الموظفين الذين التقينا بهم: "من الضروري أن يكون لديك رؤيةً واضحة لما تعتقد أنه الشيء الصحيح، فيما يتعلق بالأمور والقضايا الهامة التي يجب ابلاغ الرئيس التنفيذي بها، ولكي تستطيع القيام بهذا الدور على النحو المطلوب فيجب عليك أن تتحلى بقدرٍ كبيرٍ من الذكاء الاجتماعي، والتفكير بمنظورٍ شامل، والإلمام بكافة التفاصيل."

وتعد مساعدة مديرك في إعداد جداول لأعماله على الصعيدين الشخصي والمهني، كأن تقوم مثلاً بتنظيم أنشطته الخاصة مثل الرحلات والعطلات، وتنسيقها مع اجتماعات مجلس الإدارة واللجنة التنفيذية، أمرًا هامًا يجنبك إلى حد كبير التعرض لأية أحداثٍ طارئة. ومن المفيد أيضًا أن تخصص وقتًا يوميًا أو أسبوعيًا، لتتأمل أوضاع العمل في محاولةٍ منك لاستشراف ما هو قادم، والاستعداد لما قد يطرأ من أحداثٍ مهمة، فإن عشر دقائق من التفكير المتأمل في هذه الموضوعات، والتي من المحتمل طرحها للنقاش على طاولة مجلس الإدارة، يمكن أن تساعدك على تجنب حدوث الكثير من الأزمات ومشاكل العمل، وذلك بالتأكيد سيعزز من تطوير أدائك مع الوقت، حيث يصبح هذا النهج جزءًا من طبيعتك العملية تفعله دون عناء.

7 – فليكن دورك مميزًا وفق أسلوبك الخاص

مما لا شك فيه أن هناك عوامل عدة ترسم حدود الدور الوظيفي لرئيس الموظفين، مثل البيئة الخارجية، ودرجة نضج منظومة العمل وأولويات المدير التي تعتبر العامل الأهم، إلا أن بعض رؤساء الموظفين ممن تحدثنا معهم قد أكدوا على أهمية أن يواكب دورك كرئيس للموظفين، التطور الذي يطرأ على مهاراتك، فمن خلال هذا المنصب تكون لديك فرصةً ذهبيةً لتنمية وتعزيز مهاراتك، بالشكل الذي يفتح لك أفاقًا مستقبليةً أكثر رحابة، بينما يظل التحدي الرئيسي هنا، هو أن تتعامل مع الأمور التقنية بقدرٍ من التعمق، ولكن دون الإغراق في كافة تفاصيل المبادرات المطروحة.

عليك أن تحدث توازنًا بين الانغماس والتفاني في المشاريع والأنشطة المفضلة لديك، مع الحفاظ على نظرةٍ شاملةٍ تبقيك مطّلعًا على الأمور الأخرى التي لا تتعلق بشكلٍ مباشرٍ بمشاريعك الحالية، ولكنها قد تكون ذات أهمية لمديرك، وهو ما يتطلب منك العمل على تبني نظرة عامة واستراتيجيةٍ واسعة تفهم من خلالها أولويات واحتياجات مديرك، كما يجب عليك أيضًا ترتيب أولوياتك وتركيز جهودك على مشاريع تشعل شغفك معتمدًا في ذلك على تفضيلاتك الخاصة ونقاط القوة التي تميزك. وقد نصح أحد رؤساء الموظفين الحاليين قائلًا: "بإمكان رئيس الموظفين أن يصبح محفزًا على التغيير، لكن عليه في الوقت ذاته أن يكون مستعدًا لتقديم الدعم لجميع أطراف المنظمة". إن رؤساء الموظفين النابغين هم فقط من يستطيعون تحقيق هذا التوازن، ويعرفون متى عليهم القيام بدورهم وفقًا لمنهجهم الخاص، ومتى عليهم الالتزام بسياسات المنظمة.

8 – إدارة الانتقالات الوظيفية (بما في ذلك انتقالك الشخصي)

يعتبر دور رئيس الموظفين دورًا حيويًا يعتمد بشكلٍ كبيرٍ على العلاقات، حيث يعمل كرابطٍ أساسي بين الرئيس التنفيذي وباقي أعضاء الإدارة والفرق الرئيسية في المنظمة. وعادةً ما يكون دور رئيس الموظفين مؤقت بطبيعة الحال، كلما تولى رئيس تنفيذي جديد زمام الأمور، وهذا يعني أن الشخص الذي يقوم بهذا الدور لديه في معظم الأحيان فترةً زمنيةً محددة لأداء المهام الموكلة إليه، وعادةً ما تتراوح هذه الفترة بين ثمانية عشر إلى أربعةٍ وعشرين شهرًا. يتم تحديد هذه الفترة بناءًا على احتياجات واهتمامات المنظمة، بالإضافة إلى متطلبات منصبه الشاقة والمتعددة ونتيجةً لهذه التحديات يفضل الكثيرون من رؤساء الموظفين مغادرة المنظمة في هذا التوقيت باحثين عن مكانٍ أفضل للانتقال إليه.

قد يشعر البعض أثناء عملية الانتقال تلك كأنه يقفز إلى الهاوية، وذلك على حد تعبير أحد رؤساء الموظفين السابقين، لذا عليك أن تتذكر أن موقعك كرئيسٍ للموظفين قد منحك رؤيةً لا مثيل لها للمنظمة التي تعمل بها، أكسبك خبراتٍ ليست بالقليلة، بالإضافة إلى مجموعةٍ واسعةٍ من العلاقات خلال مشوار عملك وهي بالتأكيد قيمةً مضافةً لملف سيرتك الذاتية، وجميع هذه العوامل ستضمن لك تأمين وظيفتك القادمة. أما عن السؤال حول متى يجب أن تبدأ مرحلة البحث والتخطيط للانتقال لدورك القادم؟ هناك قاعدة عامة تنص على أن تخصص عشرين بالمئة من وقتك خلال الفترة ما بين الثلاثة إلى الستة أشهر الأخيرة من فترة عملك للبحث عن وجهتك القادمة.

أمرٌ جوهريٌ آخر يجب العمل عليه بعنايةٍ شديدة، حتى تتم عملية الانتقال بشكل صحيح، ألا وهو استغلال حماس الرئيس التنفيذي الجديد والاستفادة من خبرات الرئيس التنفيذي المنتهية ولايته، فأنت بالقطع سيتعين عليك إدارة عملية تسليم وتسلم جميع ملفات العمل والأنشطة الحيوية بما في ذلك الملفات ذات الأهمية القصوى والحساسة، والمرتبطة بالأشخاص، كتلك القضايا التي لا ترغب في تدوينها وإنما يجب أن يكون الرئيس الجديد على علمٍ بها.

وبالنسبة لرئيس الموظفين المستمر في مهام عمله، تحت سلطة رئيسٍ تنفيذيٍ جديد، فعليه أن يتأكد من استمرارية سير الأعمال بشكلٍ سلس خلال فترة الانتقال، وأن يكون على درايةٍ كاملة بكافة الأعمال الجاري تنفيذها والمسؤوليات المفروضة عليه، وضمان تنفيذها بكفاءة وفعالية. وفي الوقت نفسه، يجب أن يكون ملمًا بشكلٍ كبير بأسلوب الرئيس التنفيذي الجديد في العمل، بهدف التكامل مع أولوياته بفعالية. أما بالنسبة للرئيس التنفيذي المنتهية ولايته، فمن الأهمية أن يضع رئيس الموظفين خطةً متكاملةً لاستلام كافة الوثائق والقرارات المتعلقة بالعمل والتي كانت بحوزته، حيث يسهم التنسيق الجيد بين رئيس الموظفين الحالي والرئيس التنفيذي الجديد والسابق في نجاح عملية الانتقال القيادي واستمرارية العمل بفاعلية في المنظمة.

وقبل تسليم مهام منصبك وترك موقعك، سيكون من الجيد أن تشارك المنظمة كل ما تعلمته خلال مشوار عملك، حتى تستطيعا معًا أن تجدا إجابةً لكافة الأسئلة التي قد تطرأ على الساحة، مثل: هل يمكن إضافة عناصر جديدة لدور رئيس الموظفين من أجل تعزيز أدائه وتلبية احتياجات المدير الجديد؟ هل يجب على المنظمة النظر في مرشحين لمنصب رئيس الموظفين من داخلها أم أنه من الأفضل استقدامه من الخارج؟ كل هذه النقاشات قد تُحدث في النهاية تحولًا ثقافيًا واستراتيجيًا يؤثر بشكلٍ مباشرٍ في تحديد المؤهلات المطلوب توافرها في رئيس الموظفين الجديد، ومما لا شك فيه أن إسهاماتك في هذا الأمر كرئيسٍ سابقٍ للموظفين ستكون محل تقديرٍ من المنظمة.

العلاقة بين كلٍ من رئيس الموظفين والمدير، يجب أن تحتل المرتبة الأولى من حيث الاهتمام والعناية في سائر المنظومة، وبالرغم من أن التغيرات الحادة والمكثفة التي تحدثنا عن بعضها قد تمثل تحدياتٍ كبيرة، إلا أنها قد تحمل فرصًا واعدة للنمو وتزيد الأمر إثارة. فإن كل من اجتاز مشوار عمله بمراحله المختلفة سيجد نفسه أمام آفاق جديدة في مسار حياته المهنية.

Explore a career with us