التسويق الحديث يتطلب تطوير ست إمكانات للفرق متعددة التخصصات

| مقالة

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر نرحب بتعليقاتكم على البريد الالكتروني التالي: reader_input@mckinsey.com

بات مطلوبًا اليوم من شركات التسويق تقديم مزايا أكبر بتكاليف أقل. ويبرز في المشهد الراهن حرص الشركات على دراسة ميزانياتها وتقليل عدد أفراد الفرق، بينما يضع الرؤساء التنفيذيون مسؤولية قيادة المرحلة الجديدة من النمو على عاتق الرؤساء التنفيذيين لشؤون التسويق. ورغم اضطراب العلاقة بين جانبي النمو والكفاءة، يجب عدم التطرق إليهما على أنهما مفهومان منفصلان عن بعضهما، حيث يتعين على الشركات تكوين علاقات مخصصة وفعالة بصورة أكبر مع العملاء لتعزيز جدوى التكاليف التي تنفقها. وفي حال نجحت هذه الخطوة، فعندها يستطيع قادة الشركات تحقيق زيادة في كفاءة الإنفاق على التسويق بنسبة تتراوح بين 10-30%، وبالتالي المساهمة في رفع إيرادات الشركة بنسبة 2-3%.

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

ويتمثل الهدف الرئيسي في بناء عمليات تسويق متطورة وفعالة، غير أن العديد من الشركات ما زالت تواجه صعوبات في إيجاد المنهجية الصحيحة. ويتطلب الاستمرار بتقديم خدمات التسويق القائمة على البيانات وتوفير القيمة إرساء معيار يركز على العملاء واستخدام الأدوات والإمكانات المناسبة لتفعيل هذا المعيار على نطاق واسع. وغالبًا ما تخفق الشركات نتيجة افتقار خبراء التسويق لديها للتدريب الذي يؤهلهم لاستخدام الأدوات المتوفرة بين أيديهم، أو للتعاون فيما بينهم وفق طرق فعالة (الشكل 1).

وفي معظم الأحيان، من الضروري اهتمام الرئيس التنفيذي لشؤون التسويق بإجراء إعادة تقييم شامل لمهارات الموظفين بهدف تفعيل إمكانات التسويق الحديثة.

وتسلط هذه المقالة الضوء على ضرورة وجود خبرة وافية لدى خبراء التسويق في مجالهم والمجالات الأخرى أيضًا، إلى جانب الوقوف على مراحل الانتقال من الصفر إلى القمة. كما نتناول ست مهارات في اختصاصات متعددة تساعد خبراء التسويق على النهوض بمستقبل القطاع.

احتمالية حدوث الأخطاء

قررت إحدى الشركات الاستهلاكية العالمية مؤخرًا تطوير إمكاناتها لتقييم تأثير حملاتها ومزاياها التي تركز على العملاء، وقامت بتوظيف عالم بيانات مرموق من إحدى العلامات التجارية الرائدة. وشملت مسؤوليات عالم البيانات تعزيز إمكانات توزيع جهود التسويق والتقسيم الدقيق، إضافةً إلى تحسين مزايا التخصيص ورفع كفاءة مخصصات الإنفاق على التسويق. ولكنّ فرق علماء البيانات في الشركة لم يدركوا المشكلات التي كان خبراء التسويق يحاولون معالجتها، حيث قاموا بإنشاء نماذج تتسم بالمبالغة من ناحية التفاصيل، أو عمدوا إلى تحديد متغيرات عجز خبراء التسويق عن معالجتها. وفي الوقت نفسه، لم يستطع خبراء التسويق لدى العلامة التجارية تحويل الأعمال أو توجهات السوق إلى علم بيانات حقيقي، وعجزوا عن توجيه شركائهم في علم البيانات حول طرق استخدام النماذج لتحفيز السلوك المتغير لدى العملاء. واكتسبت جهود عالم البيانات المرموق بعض الزخم، إلا أنه غادر الشركة بعد تسعة أشهر.

وتبدو مثل هذه الأمثلة شائعة ومعروفة، ولكنها تختلف من حالة إلى أخرى:

  • يدرك خبراء التسويق التقليديون أهمية علم البيانات، ولكنهم ليسوا على القدر الكافي من الدراية والثقة بدور علم البيانات في تعزيز قدرتهم على اتخاذ قرارات أكثر فعالية. ويقتصر اعتماد هؤلاء على الاستبيانات ومجموعات التركيز وغيرها من الأبحاث النوعية حول المستهلكين، وبالتالي يفتقرون للتحليلات السلوكية الهامة.
  • يفتقر خبراء التسويق القائم على الأداء للصورة الإجمالية بسبب انشغالهم ببعض الجوانب دونًا عن غيرها. ويركز هؤلاء على علم البيانات ونماذج القياس اعتقادًا منهم بأن التحسينات المصغرة قادرة على معالجة جميع المشكلات، مع تجاهل قيمة بناء العلامة التجارية.
  • تواجه الفرق متعددة التخصصات صعوبات عديدة في اتخاذ القرارات بسبب ضعف معرفة الأفراد بمعطيات القنوات الأخرى أو مراحل تجربة العميل، حيث يعملون على أنظمة ومجموعات بيانات منفصلة ولا يجيدون اللغة اللازمة للتواصل.
  • لا يتم استخدام الاستثمارات في الأدوات والتكنولوجيا الحديثة بالشكل الكافي بسبب اقتصار المهارات اللازمة لتفعيلها على فئة واحدة من أفراد الفريق، بينما لا يدرك الأفراد الآخرون إمكانات هذه الأدوات أو طرق الوصول إليها.

نموذج فعال لمهارات الفرق متعددة التخصصات

يتوقف بناء علاقات أفضل مع العملاء من خلال التسويق على تحقيق مستويات جديدة من التعاون والتنسيق مع مجموعة واسعة من الشركاء الفاعلين في عالم التسويق. وعلى سبيل المثال، لا يمكن تطبيق التخصيص العملي والقياس الدقيق في قناة واحدة فقط، إنما يجب أن تتوفر بصورة دائمة في جميع نقاط التفاعل مع العملاء، بدءًا من القنوات المدفوعة ووصولًا إلى متاجر العلامة. ويعتمد التعاون الصحيح متعدد التخصصات، والاستخدام الفعال للبيانات والأدوات المتاحة، على وجود خبراء تسويق ملمّين بكامل خصائص التسويق.

ويمثل التسويق الحديث تحديًا بالنسبة للمهارات والمواهب، حيث يتطلب من الأفراد اكتساب مهارات في مجالات متعددة، وهو هدف يصعب تحقيقه في بعض شركات التسويق. وتتمحور قوة التسويق الحديث على الكفاءة متعددة التخصصات ضمن ستة مجالات رئيسية، وهي التركيز على العملاء، والتسويق المتكامل، والنموذج التشغيلي المرن، والتميز في قنوات متعددة، والقياس، وبيانات العملاء وتكنولوجيا التسويق (الشكل 2).

ويساعد استخدام هذه الإمكانات خبراء التسويق على تطوير معارف ومهارات متعددة التخصصات مع خبرة قوية في مجال معين. وليس الهدف تحويل علماء البيانات إلى خبراء تسويق للعلامات التجارية أو العكس، إنما بناء جسور للتفاهم وتعزيز التواصل والإبداع وتسريع معالجة المشكلات وإحداث تأثير تعاوني. ويساهم المعيار الجديد في الارتقاء بقدرة خبراء التسويق على استخدام أدوات الأتمتة لتفعيل الحملات وقياسها، بينما تكتسب فرق تكنولوجيا المعلومات والتحليل الخبرة حول احتياجات العملاء وطرق الوصول إليهم وأبرز الأسئلة التي يتعين عليهم تقديم إجابات عنها.

وعلى سبيل المثال، بذلت إحدى العلامات التجارية العالمية جهودًا حثيثة لتحسين مستويات التركيز على العملاء، إلا أنها كانت تفتقر للفهم الشامل حول العميل، رغم امتلاكها بيانات للعملاء من قنوات المبيعات التابعة لها. كما لم يتم ربط المعلومات الواردة من قنوات مختلفة ببعضها البعض، مع غياب البيانات السلوكية الهامة من تفسير الشركة لسلوكيات العملاء. وحظيت الشركة بفرصة كبيرة وغير مسبوقة لتحديد أفضل سبل التركيز على العملاء والوصول إليهم.

وصممت الشركة حزمة تكنولوجية جديدة، تتمثل في قاعدة بيانات قوية تدمج جميع القنوات، مع محرك تحليلات لدعم التركيز على العملاء واستهدافهم، وأدوات لتنسيق تجربة العملاء وتخصيصها. وتحول تركيز التقسيمات من المنتجات إلى العملاء، وتم تصميم نموذج تشغيلي جديد يجمع مختلف ميادين التسويق في مجالات تعود بالمكاسب والأرباح على الشركة. وتعاون خبراء التسويق ومواهب التجارة الإلكترونية وخبراء التحليلات والمبدعون لاستخدام أدوات قياس جديدة ومنهجية تقوم على عمليات الاختبار والتعلم، ما أثمر عن إضافة الملايين إلى إيرادات الشركة.

ورغم النتائج المذهلة التي تم تحقيقها، إلا أن الشركة أدركت أنها ليست كافية، حيث يجب بناء إمكانات مبتكرة ونشرها على نطاق الشركة، بهدف الاستفادة من أدوات التحليل والقياس الجديدة والثقافة القائمة على الاختبار والتعلم والنموذج التشغيلي المرن. وأنشأت الشركة برنامجًا شاملًا لبناء المهارات الرقمية، تضمن التعلم الرقمي عند الطلب وورش عمل تفاعلية والعمل الميداني العملي وتطوير الأساليب وخطط العمل. ولم تكن هذه الجوانب محصورة بخبراء التسويق الذين اكتسبوا المرونة أو استخدموا الأدوات الجديدة، ولكن شملت الفرق الأوسع التي كان لها دور حاسم في تحقيق القيمة الكامنة في تلك التطورات على نطاق واسع.

خطوات النجاح

تمنح الشركات، التي تنجح في تطوير ودعم إمكانات التسويق الحديث، الأولوية لتطوير مهارات جديدة وتسعى إلى توضيح الخيارات الممكنة أمام خبراء التسويق. ورغم أن تعيين قائد أو الاستحواذ على شركة أصغر قد تبدو من الحلول الجذابة لبناء الإمكانات، إلا أنها دائمًا ما تكون غير كافية وغالبًا ما تكون غير مستدامة. تستفيد المنهجيات الأكثر فعالية من التوظيف والاستحواذ وتحسين المهارات في آنٍ معًا، إلى جانب التركيز بشكل خاص على الارتقاء بالمهارات والتدريب. وتقوم هذه الإنجازات على مجموعة من المبادئ الرئيسية:

  • اعتبار إمكانات التسويق أولوية استراتيجية قصوى. يجب عدم التعامل مع تطوير الإمكانات أو تعزيزها على أنها فكرة ثانوية أو فائدة رديفة للموظفين، بل يتعين على المسؤولين التنفيذيين في الشركة ومدراء التسويق تحديد القيمة الممكنة، وإعلانها كضرورة تخص الإيرادات وليست مجرد تكاليف.

    وعمدت إحدى شركات السلع الاستهلاكية متعددة الجنسيات إلى تعزيز إمكاناتها من خلال تثقيف جميع الموظفين حول التسويق الرقمي الفعال. وكانت هذه الخطوة إلزامية لجميع الموظفين بمن فيهم كبار المسؤولين التنفيذيين مثل الرئيس التنفيذي للشؤون المالية. وانطلقت الجهود في أمريكا الشمالية وانتشرت بعدها على الصعيد العالمي، وهو ما أكد الأهمية الاستراتيجية لهذه المبادرة.

  • توحيد الرؤية والعمل بين الفرق. لا يقتصر صقل المهارات على أفراد الفريق الرقمي وخبراء التسويق التقليديين، إنما تشمل برامج التعلم في الشركات الرائدة غيرهم من الجهات المعنية والشركاء متعددي التخصصات على المستويين الداخلي والخارجي.

    وأرسلت إحدى علامات المطاعم العالمية دعوة لوكلائها من أجل المشاركة في جلسات تدريب على الإنترنت وورش عمل بنمط الحضور الشخصي، حيث شارك فيها خبراء التسويق العاملين في الشركة أيضًا. وتم تطبيق هذا البرنامج على نطاق عالمي في البداية ثم انتقل إلى أسواق محددة، وأسهم في مساعدة شركاء العلامة على فهم الإمكانات الجديدة للتسويق الحديث وأساليب العمل المثالية.

  • إنشاء برنامج يعزز أفضل الممارسات لتعليم الكبار. يجب ألا تقتصر البرامج التعليمية على اكتساب مهارات جديدة فحسب، بل يجب أن تساعد أيضًا خبراء التسويق على تطبيق هذه المهارات والخبرات في وظائفهم، ومنح الدعم للأقران أو تذكيرهم للحفاظ على هذه الممارسات والعادات الجديدة على المدى الطويل. وغالبًا ما تكون الأنماط الهجينة هي الأكثر فعالية، حيث تشمل تجارب التعلم مزيجًا من التعلم الرقمي الذاتي، وورش العمل الحية لممارسة وتطبيق مفاهيم وأدوات جديدة، والعمل الميداني المرتبط بالتحديات اليومية، والتدريب العملي.

    وفي إطار تجربتها الشاملة لتعلم التسويق الرقمي، قدمت شركة السلع الاستهلاكية متعددة الجنسيات وحدات تعليمية أساسية سهلة الوصول عبر الإنترنت لجميع الموظفين والجهات المعنية، والتي شملت آليات عمل سلاسل التوريد الرقمية وخوارزميات البحث، والمعلومات التي يمكن لأجهزة التلفزيون الذكية جمعها. كما رفعت الشركة مستوى تجربة التعليم لمساعدة خبراء التسويق على تطبيق المعرفة الجديدة على أدوارهم الوظيفية. وأقامت الشركة أيضًا فعالية عملية على الغداء، مع ندوات أتاحت لخبراء التسويق المشاركة في مناقشات مع الخبراء من تقنيي التسويق في الشركة إلى قادة منصات البث.

  • الاختبار والتعلم في برنامج فعال جديد. رغم أن بعض احتياجات خبراء التسوق الحديث تتسم بطابعها العالمي، إلا أن هناك تفاصيل دقيقة تختلف بين المناطق والقطاعات والشركات. وفي حال عدم الاعتماد على حل موحد وشامل، يتعين اختبار تجربة التعلم مع جمهور أولي لتحسين البرنامج قبل نشره على نطاق أوسع.

    وصممت إحدى شركات الأغذية العالمية تجربة تعلم بناءً على الطموحات الجديدة التي رسمتها لشركة التسويق التابعة لها. وتمكنت الشركة، من خلال اختبار التجربة في سوق واحد، من تحديد احتياجات المحتوى الإضافية وتوفير الفرص المناسبة قبل توسيع نطاق البرنامج. وقامت الشركة بتعديل التجربة لتطبيقها في سوق ثانٍ، مع الاستمرار في تحسين البرنامج وتطويره. وساهم هذا البرنامج العالمي في زيادة كبيرة بمستويات رضا المشاركين مقارنةً بالتجربة الأولية.

  • اعتبار بناء القدرات عملية مستمرة وليست عابرة. يشكّل تعلم مهارات جديدة في مجال التسويق عملية متواصلة لمواكبة تطور تجارب العملاء وتطلعاتهم. ويتعين على الشركات منح الأولوية لبناء الخبرات الموجودة وتطوير البرامج والموارد الجديدة ووحدات التعلم والتدريب المهني بوصفها من المتطلبات الأساسية وليس الكماليات.

    ويواصل برنامج بناء القدرات في شركة السلع الاستهلاكية متعددة الجنسيات متابعة المستهلك من خلال إضافة مواضيع مثل وسائل الإعلام التجارية إلى وحدات التعلم الخاصة بها بناءً على التوجهات الجديدة. وطورت الشركة أيضًا برنامجها ليشمل التعلم التجريبي، مثل قيام الموظفين بعمليات شراء على منصات وسائل الإعلام التجارية الجديدة.

  • الاحتفاء بالإنجازات لقيادة التغير الثقافي. حتى لو كان خبراء التسويق على دراية تامة بكامل الإمكانات التسويقية، فإن التعاون واستخدام الأدوات والعمليات الجديدة ليست مسائل تلقائية، بل يجب أن تقترن بفوائد وإيجابيات ملموسة على أرض الواقع. وتزداد احتمالية توجه خبراء التسويق نحو تغيير أساليب عملهم حينما يدركون قيمة إحداث نقلة نوعية في آليات العمل.

    وقامت إحدى العلامات التجارية الاستهلاكية ببناء فريق مرن متعدد التخصصات لابتكار نوع جديد من عروض المنتجات. ومع نمو مبيعات هذا المنتج، أكد قادة التسويق أن جزءًا كبيرًا من نجاح الفريق يُعزى لدقة عمليتي الاختبار والقياس لإصدارات مختلفة من المحتوى المبتكر في السوق. وساهمت هذه الخطوة في ردم الفجوة بعض الشيء بين المختصين بالإحصائيات والأرقام والأشخاص الإبداعيين، كما سلطت الضوء على اقتران المجازفة الإبداعية بالتأثير الملموس.

لا يمكن إيجاد حل عالمي شامل لمسألة بناء الإمكانات التسويقية. ويساعد وضع منهجية صحيحة الشركات على إجراء تحسينات كبيرة في وقت تنفيذ الحملة، وتفاعل العملاء، وتوفير التكاليف، والتي تُعد جميعها ضرورية لتعزيز أداء التسويق. كما تُعتبر البرامج الفعالة بمثابة استثمار في نجاح فريق التسويق وقوة الشركة بشكل عام.

Explore a career with us