أظهر استبيان أجرته ماكنزي مؤخرًا التطورات المتسارعة التي يشهدها دور الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية من حيث النطاق، وما يتطلبه الدور الذي يمارسونه من مهارات وقدرات جديدة، وكذلك من تعاون بشكل أوسع مع بقية المدراء. هذا هو الحوار الأول في سلسلة من ثلاثة حوارات نجريها حول التغيرات التي يواجهها الرؤساء التنفيذيون للشؤون المالية، حيث يناقش اثنان من خبراء ماكنزي، إلى جانب "يورن ينسن" الخبير في مجال الإدارة المالية، الصلاحيات الجديدة للرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية، في حين يحاورهم " شون براون" مدير التواصل والعلاقات العامة.
شون براون: هلا أخبرتنا عن الاستبيان المتعلق بالرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية والنتائج التي أظهرها؟
المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية
شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية
أنكور أجراوال: نُجري هذا الاستبيان كل سنتين منذ أكثر من عقد من الزمن، لنطلع على المشاكل التي يواجهها الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية وأحدث المستجدات في نطاق عملهم، وجاءت نتائجه لتعكس الفرص والتحديات التي تميز هذا المنصب في هذه الفترة بما تحمله من غموض وتقلبات. وأصبح للرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية تأثير متنامٍ، فضلاً عن تزايد مهامهم في مختلف الأقسام المؤسسية (الشكل 1)، وهي زيادة لافتة من حيث حجمها ونطاقها. كما أننا دخلنا من جهة أخرى في عصر التحول الرقمي في المجال المالي، حيث تقوم العديد من الشركات بمراجعة نماذج عملها على أعمق المستويات، ما يدفع الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية للبحث عن طرق تسهم في تسريع وتيرة تحقيق التغييرات المنشودة.
وتحمل النقلة النوعية التي يشهدها دور الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية أهمية خاصة بالنسبة لعدة مجالات على وجه الخصوص. حيث كانت التحولات التنظيمية سابقًا تتمحور في معظم الأحيان حول التكاليف، ولذلك كان من الطبيعي أن تدخل في نطاق عمل الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية، إلا أن الاستبيان يظهر وجود مزيد من عمليات التحول الرقمي في الأفق، والتي يمكن أن يلعب فيها الرؤساء التنفيذيون للشؤون المالية أدوارًا مختلفةً جذريًا عن تلك التي اعتادوا عليها. إضافة إلى ذلك، أصبحت الأهداف البيئية والاجتماعية وأهداف حوكمة الشركات موضوعًا هامًا بالنسبة للمستثمرين، ولذا نشهد حماسًا في أوساط الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية لمعرفة الجديد الذي سيضيفه ذلك إلى أدوارهم، بحيث تتجاوز أدوارهم مجرد إعداد التقارير.
شون براون: إذاً ازداد حجم العمل، وأصبح التركيز ينصب على التغيير. ما هي التداعيات التي تحملها هذه التغيرات على الموارد والكفاءات التي يحتاجها الرؤساء التنفيذيون للشؤون المالية؟
أنكور أجراوال: الجانب الأول هو الحاجة إلى تنوع الكفاءات ضمن فرق المالية، فمع توسع نطاق العمل، بات من الضروري بناء الفريق المناسب، بحيث يتضمن كفاءات في مجال علوم البيانات والهندسة. ثانيًا، أصبح التقاطع بين شقي التمويل والاستراتيجية، والذي يشمل الانتقال بين التخطيط على المدى القصير والطويل أكثر حدة من أي وقت مضى، ولذا أصبح العديد من الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية يركزون بشكل أكبر على الربط بين التمويل والاستراتيجية في دورة الميزانيات. ومن هذا المنطلق، نتوقع أن يحتل تخصيص الموارد ورأس المال حيزًا هامًا من أجندات الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية خلال العامين المقبلين.
كما نشهد أيضًا تغيرات مهمة في التحليل والتخطيط المالي، والذي يُشكل جزءًا جوهريًا من عملية اتخاذ القرار، حيث تحتاج فرق الشؤون المالية إلى استخدام القدرات والأدوات المناسبة لقياس وتعقب الإشارات الخطرة بشكل مبكر، بما يتيح توجيه دفة الأعمال نحو الاتجاه الصحيح. إضافة إلى ذلك يُشكل دور الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية كشركاء لقادة الأعمال، وطريقة أدائهم لهذا الدور، حزمة من القدرات التي تحتاج بدورها إلى تغيير جذري. والفكرة الرئيسية التي ينبغي إيصالها للعاملين في مجال الشؤون المالية هي أن حجم المهارات المطلوبة، والمعارف التي يمكن اكتسابها، ونوع الأدوار التي ينبغي التطلع لأدائها باتت اليوم أوسع من أي وقت مضى.
الفكرة الرئيسية التي ينبغي إيصالها للعاملين في مجال الشؤون المالية هي أن حجم المهارات المطلوبة، والمعارف التي يمكن اكتسابها، ونوع الأدوار التي ينبغي السعي لأدائها، أصبحت اليوم أوسع من أي وقت مضى.
شون براون: هل أصبح حجم دور الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية أكبر من اللازم؟ وهل هناك حاجة لتقسيمه على نحو ما تعتمده بعض المؤسسات في تقسيم مهام مدير التسويق؟
أنكور أجراوال: نعم، فنحن نرى تشعبًا متزايدًا في مهام الإدارة المالية من جانبين. يتمثل الجانب الأول في وجود تخصص الكبير في الجوانب التفصيلية، وذلك من خلال وجود مساعد أو اثنين يتخصصون حصريًا في المهام المحاسبية، في حين يتمحور الجانب الآخر حول اﻷدوار المتعلقة باتخاذ القرار، مثل رئيس قسم التخطيط والتحليل المالي، والذي يؤدي دور المستشار لوحدات اﻷعمال. أما المهام اﻷخرى مثل التوريد، وتكنولوجيا المعلومات، وشؤون العقارات فيكون لها أحيانًا مسؤولون مستقلون، والذين يعملون تحت إشراف الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية.
شون براون: يُشكل التحول الرقمي أحد المجاﻻت التي شهدت توسع دور الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية. فما هي أكثر الجوانب المالية تأثرًا بالتقنيات الجديدة؟
كريستيان جروب: ازدادت معدﻻت اعتماد التكنولوجيا في مختلف اﻻستخدامات المالية مقارنة بعام 2018، خاصة في مجال الأتمتة للعمليات وأدوات التحليل المالي المتقدم. وأود التنويه إلى أن جائحة كوفيد-19 كان لها بالتأكيد دور في تسريع هذا التحول في هذين المجالين، إذ كان على العديد من فرق الشؤون المالية تقديم التحديثات بتواتر أعلى بكثير حول وضع الأعمال والسيولة النقدية. وتأتي القيمة الأكبر لاعتماد التكنولوجيا بالنسبة للرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية من أدوات التحليل الرقمي، ليس فقط في المهام المالية بل في مختلف العمليات التشغيلية للشركة بنطاقها العريض. يورن، هل لمست من خبرتك كرئيس تنفيذي للشؤون المالية هذه الحاجة إلى اعتماد مقاربة واسعة للتحول الرقمي بدلًا من حصره في المهام المالية؟
يورن ينسن: بالنسبة لي، فإن اقتصار التحول الرقمي على الشق المالي بمعناه الضيق لا يكون له إلا أثر محدود، لأن العمليات القديمة، أيًا كان القسم الذي تنطلق منه في المؤسسة، تنتهي دائمًا في القسم المالي، ومن هنا تأتي حاجة الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية إلى اعتماد مقاربة أوسع بكثير.
شون براون: إلى أي مدى تأثرت المهام المالية الرئيسية بالتحول الرقمي؟
كريستيان جروب: لقد تم اعتماد الخيار الرقمي في عدد من العمليات الرئيسية، كإدارة الحسابات الدائنة والمدينة على سبيل المثال، ولكن العمليات التي تشهد أهمية متزايدة للتكنولوجيا هي العمليات الاستشرافية كالتنبؤ بحجم الطلب وتخطيط تدفق السيولة، إلى جانب إدارة السيناريوهات المتوقعة، والتي شكلت إحدى الجوانب المُلحة والمطلوبة بشدة خلال فترة الجائحة.
يورن ينسن: أعتقد أن إدارة المخزون ستكون لها أهمية حيوية خلال الأشهر 8-12 المقبلة، نظرًا للانقطاعات التي نشهدها في سلاسل التوريد على مستوى العالم. إضافة إلى ذلك فإن توقع الحجم ومستويات الطلب، وإدارة السيناريوهات المتوقعة، وإدارة المخزون، وإدارة المخاطر، كلها عمليات سيكون لها أهمية كبرى على المدى القصير.
شون براون: هل يعني هذا أنه يجدر بالرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية ترتيب مراحل التحول الرقمي حسب الأولوية؟
كريستيان جروب : أولًا، الخيار بيد الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية، فهم من يقرر ما إذا كانوا يريدون تشجيع التحول الرقمي في وظائفهم، أو أن يكونوا رواد تحقيق هذا التحول على مستوى المؤسسة بأكملها، أو تطبيق الجانبين معًا. كما يجدر بالرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية أن يدرسوا بدقة تكاليف الاستخدامات الرقمية مقابل الفوائد المتوقعة منها، وبدلًا من اتخاذ القرارات بناء على الأدوات والأنظمة المتاحة، يجب أن يرسموا خارطة طريق للقسم أو للمؤسسة، وأن يقوموا بتحليل الفوائد والتكاليف على نحو يتيح ترتيب الاستثمارات الرقمية المختلفة تبعًا للأولوية. ويضاف إلى ذلك أن التحول الرقمي في مجال الشؤون المالية يحتاج إلى مهارات وكفاءات جديدة، ما يجعل إدارة الكفاءات بالشكل الصحيح أحد أهم النشاطات التي يتولاها الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية خلال الوقت الحالي، بمعنى التوصل إلى الوسائل الأفضل في توظيف وتدريب الكفاءات الرقمية والاحتفاظ بها في سبيل تحقيق رحلة التحول الرقمي.
إضافة إلى ذلك، فإن نجاح عملية التحول الرقمي تحتاج إلى توافر شرطين: مرجعية معيارية للعمليات بهدف الأتمتة، ورؤية واضحة بشأن آلية الاستفادة من مزايا الأتمتة. وفي العديد من الحالات، تتطلب الأتمتة أيضًا إعداد هيكلية مناسبة لإدارة البيانات، بما يضمن الاستمرارية والتجانس على صعيد مختلف مقاييس الأداء الرئيسية والأقسام الوظيفية والمناطق.
يضاف إلى ذلك أن التحول الرقمي في مجال الشؤون المالية يحتاج إلى مهارات وكفاءات جديدة، ما يجعل إدارة الكفاءات بالشكل الصحيح أحد أهم النشاطات التي يتولاها الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية.
يورن ينسن: يجب أن تكون هذه الأساسيات سليمة في قسم الشؤون المالية والمؤسسة بأكملها، إلا أن إصلاحها يحمل أهمية أكبر بالنسبة لقسم الشؤون المالية مقارنة بأهميته بالنسبة للأقسام الأخرى، ولذا يجدر بالرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية أن يكونوا مشاركين بقوة في بداية العملية، وذلك بهدف وضع الهيكلية الصحيحة لها على مستوى الشركة ككل.
شون براون: تمر العديد من الشركات حاليًا بتحولات مؤسسية واسعة النطاق، كيف تغير دور الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية جراء ذلك؟
ميغان هيل: لقد شهدنا زيادة إطلاق الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية لعمليات التحول مقارنة بالنسخة الماضية من الاستبيان، ولكن عندما طرحنا على المشاركين السؤال التالي: "ما الذي يعيق الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية عن إحداث التحولات؟" كانت الإجابتان الأكثر انتشارًا هما وقوع هذه التحولات خارج نطاق عملهم أو افتقارهم إلى الصلاحيات الرسمية التي تخولهم تنفيذ هذه التحولات (الشكل 2). ويحمل الرؤساء التنفيذيون للشؤون المالية القيمة الأكبر خلال تطبيق هذه التحولات، عندما يركزون على النشاطات المالية الرئيسية والضرورية لتعقب وإدارة أداء التحول، في حين يعتقد الرؤساء التنفيذيون للشؤون المالية بضرورة مشاركتهم بشكل أكبر في قيادة نشاطات مالية غير رئيسية مثل: بناء قدرات الموظفين وتطوير أفضل النماذج على مستوى العقلية والسلوك.
شون براون: نلاحظ تباينًا بين الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية وزملائهم في المناصب الإدارية الأخرى بشأن الدور الذي يؤدونه. "يورن"، كيف يمكن للرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية التغلب على هذا الاختلاف؟
يورن ينسن: لا يفاجئني هذا التباين في التعامل مع الموضوع، فهو ينبع من عقلية تفترض بأن كل رئيس تنفيذي ينبغي أن يتولى إدارة قسمه فقط. ولكن الاستبيان يوضح أن الرؤساء التنفيذيين يتطلعون إلى أكثر من ذلك، فهم يريدون الاعتماد بشكل أكبر على الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية في قيادة التحولات وتحفيزها، ولذا فهذا الموضوع لا يقلقني كثيرًا. وبناء على خبرتي أرى أن هذه الفروقات تتراجع مع مرور الزمن، إلى درجة أن الرؤساء التنفيذيين الآخرين يطلبون مساعدة أكبر من الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية في أقسام أخرى.
شون براون: ما هو القسم الذي يجب أن يتولى إدارة أدوات التحليل ولوحة التحكم في المؤسسة؟ هل هو قسم الشؤون المالية أو التسويق؟
يورن ينسن: في تجربتي الشخصية، ظلت أدوات التحليل ولوحات التحكم تابعة لقسم التسويق، إلى أن فهمنا جميعًا أن هذا الوضع ليس مثاليًا، لتنتقل بعدها إلى مسؤولية الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية، وأعتقد أن هذا هو الوضع الصحيح.
ميغان هيل: أتفق مع تعليق "يورن"، فالكثير من البيانات التي يتم استخراجها من خلال نشاطات التحليل يجب تحويلها إلى معلومات واستنتاجات، ويعد الرؤساء التنفيذيون للشؤون المالية مؤهلين لذلك نظرًا لتمتعهم بعقلية تحليلية، وفهم جيد لمحفزات القيمة الرئيسية بالنسبة للأعمال.
شون براون: "أنكور"، ذكرت أن الأهداف البيئية والاجتماعية وأهداف حوكمة الشركات تحظى باهتمام وتركيز كبير من قبل الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية، ما هو الدور الذي يؤدونه في هذا المجال؟
أنكور أجراوال: حتى يومنا هذا، يسود اعتقاد بين مختلف الجهات المعنية بأن دور الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية في مجال المسؤولية البيئية والاجتماعية والحوكمة المؤسسية يقتصر على إعداد التقارير. ولكن الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية يرغبون بتأدية دور أكثر فعالية في صياغة البرامج المتعلقة بهذا المجال، ومواءمتها بشكل أفضل مع الاستراتيجية والشؤون المالية، وتحديد الدور الذي تلعبه مواضيع مثل المناخ أو القضايا الاجتماعية في تحديد التوجه العام للشركة. والأرقام خير دليل، فهي تُظهر أن المشاركة الفعالة للرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية في مجال الأهداف البيئية والاجتماعية وأهداف حوكمة الشركات، تؤدي إلى تحسين مواءمتها للأهداف الاستراتيجية بمعدل 20 - 30 نقطة مئوية.
شون براون: هل وجدتم أن الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية يتمتعون بمستويات الالتزام ذاتها بتحقيق أهداف المسؤولية اﻻجتماعية والبيئية وحوكمة الشركات مقارنة بزملائهم في مختلف أقسام المؤسسة؟
أنكور أجراوال: يتعامل الرؤساء التنفيذيون للشؤون المالية مع الأمور بنظرة متشككة، ولذا قد يرى بعضهم أن برامج أهداف المسؤولية اﻻجتماعية والبيئية وحوكمة الشركات هي مجرد صيحة جديدة. وتوقعنا أن يأتي هذا التشكيك من موظفي البيانات، إلا أننا تفاجأنا بردود أفعال الرؤساء التنفيذيون للشؤون المالية فيما يخص هذا الموضوع بالتحديد، حيث أشادوا بقدرة هذه المبادرات وأثرها الكبير في زيادة العوائد والتميز عن المنافسين على المدى الطويل عند تطبيقها على نحو صحيح. وهناك أيضًا تعقيدات على المدى القصير، تتعلق مثلًا بتخفيض التكاليف أو خطر عدم الامتثال باللوائح ذات الصلة، وغيرها من المخاطر على الأعمال.
ولكن العامل الأساسي الذي ينبغي إدراكه هو أن المبادرات المتعلقة بأهداف المسؤولية اﻻجتماعية والبيئية وحوكمة الشركات ستبقى حاضرة بقوة، وأشار جميع المشاركين في الاستبيان تقريبًا إلى أن الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية يجب أن يكونوا مشاركين بفعالية في الحوار المتعلق بهذه الجوانب. الفكرة الثانية هو ضرورة إدراج هذه الأهداف في جميع العمليات، سواء كانت إدارة المخاطر أو تخصيص الموارد. ثالثًا، ضرورة ترتيب الأولويات، أي اختيار مجال أو اثنين يمكن للشركة أن تحقق فيهما تأثيرًا يفوق التكاليف بأضعاف. وأخيرًا، الحاجة للارتقاء بالعمليات بما يتيح قياس الأثر الكربوني والأثر الاجتماعي للمنتجات والخدمات، وإعادة تصميم لوحات إدارة الأداء لتسمح بمراقبة الأهداف البيئية والاجتماعية وأهداف حوكمة الشركات.
شون براون: لقد أشرت إلى المفاضلة التي تحصل بين الأهداف طويلة الأمد في مجالات المسؤولية الاجتماعية والبيئية وحوكمة الشركات، والتأثير قصير الأمد، كيف يجدر بالرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية مساعدة فريق الإدارة على التعامل مع هذه الجوانب؟
أنكور أجراوال: تتمثل المسؤولية الأولى للرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية في ضمان شفافية هذه المفاضلة، وذلك من خلال تزويد قادة الأعمال بالبيانات والتحليلات اللازمة لاتخاذ قرارات لا يشوبها التحيز. وعلى سبيل المثال لو افترضنا بأنني أعمل مع شركة تسعى لتغيير منهجيتها في ما يتعلق بتخصيص الموارد للاستثمارات الرأسمالية الكبيرة، هنا يجب أن أسأل: "هل نحتاج حقًا لبناء هذا المصنع؟ ما هي الإجراءات التي يجب أن نتخذها للحد من أثره السلبي؟" فهذه الأسئلة تشكل جزءًا هامًا من عمل الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية. وفي بعض الأحيان، تكون المفاضلة بين الإجراءات قصيرة المدى وطويلة المدى وهمية، إذ يمكن اتخاذ إجراءات قصيرة المدى، ولكنها ستكون مكشوفة بالنسبة لأسواق رأس المال.
شون براون: توسع دور الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية ليمتد إلى مناطق تُعد من صلاحيات الرؤساء التنفيذيين لشؤون العمليات أو مدير المعلومات على سبيل المثال، هل لديكم أي نصائح حول كيفية إدارة هذه التداخلات وتجنب النزاعات التي قد تنشب عنها؟
كريستيان جروب: يتطلب اﻻنسجام بين إدارات اﻷقسام المختلفة صياغة آلية واضحة ﻹدارة الأولويات المشتركة، وخاصة في الشق الرقمي، وغالبًا ما يناقش الرؤساء التنفيذيون للشؤون المالية مسألة قيادة هذه اﻷولويات مع الرؤساء التنفيذيين لشؤون المعلومات أو التكنولوجيا. هنا، يجدر بالرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية أن يكونوا واضحين بشأن المبادرات التي يقودونها، وكلما كان دورهم في هذا الحوار أكبر، كانوا أكثر قدرة على التحكم بمجريات الأحداث اللاحقة.
ميغان هيل: أيًا كان القسم الذي يتولى قيادة النشاط على مستوى اﻹدارة، ﻻ بد من التفكير مليًا في تخصيص الموارد وترتيب الأولويات، وهي المنهجية التي تعد من أساسات عمل الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية. لذا، وعلى الرغم من أن تقسيم المهام بين الرؤساء التنفيذيين قد ﻻ يكون واضحًا بشكل كامل، فإن الفرصة تبقى متاحة للتفاعل وتبادل وجهات النظر فيما بينهم.
شون براون: ما هي الرسالة الإجمالية التي يحملها اﻻستبيان للرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية؟ هل يجب أن يكونوا متحمسين أم قلقين بشأن التوسع والتطور في أدوارهم؟
أنكور أجراوال: تمثل هذه المرحلة اﻻنتقالية فرصة للرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية لتأدية دور يفوق ما كان يقتصر عليه دورهم الوظيفي سابقًا، ليكونوا شركاء للرئيس التنفيذي في قيادة دفة الشركة. أنا شخصيًا متحمس لرؤية التطورات المرتقبة على مستوى الأهداف البيئية والاجتماعية وكذلك الأهداف المتعلقة بحوكمة الشركات، إذ من المهم أن يؤدي الرؤساء التنفيذيون للشؤون المالية دورًا فاعلًا في صياغة أجندات شركاتهم المرتبطة بالمواضيع الشائكة، مثل التغير المناخي والمساواة اﻻجتماعية والتنوع.