تستضيف هذه الحلقة من بودكاست "داخل غرفة الإستراتيجية" حوارًا مع كلٍ من "كارولين ديوار" و"كيرت ستروفينك"، المختصين بمؤسسة ماكنزي، ومؤلفي المقال الأخير الذي يناقشان فيه أهمية العام الأول للرؤساء التنفيذيين الجدد وكيف يمكن لهؤلاء القادة استغلاله بأقصى قدر. يُشار إلى أن "كارولين" قد شاركت في تأليف كتاب "الرئيس التنفيذي المتميز: العقليات الست التي تميز أفضل القادة" الذي حقق أفضل مبيعات، أما "كيرت"، فهو مسئول عن ممارسات تقديم خدمات الرؤساء التنفيذيين الدولية بذات المؤسسة. وللاستماع إلى المزيد من الحوارات الشيقة حول موضوعات إستراتيجية مهمة، يُرجى متابعة البودكاست على المنصة التي تفضلها.
المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية
شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية
سين براون: كيف شكلت النتائج التي خرج بها بحثكم عن كتاب " الرئيس التنفيذي المتميز" وجهات نظركم حول المرحلة الانتقالية التي يمر بها الرؤساء التنفيذيين عند تولي المنصب حديثًا؟
كارولين ديوار: عند تأليف الكتاب، أجرينا مقابلات مع نحو 70 من الرؤساء التنفيذيين المتميزين عالميًا. أكد معظمهم أن دور الرئيس التنفيذي كان مختلفًا عما كانوا يتوقعون على الرغم من خبرتهم القيادية السابقة، حيث يتسم هذا الدور بأهميته ومسؤولياته الجديدة، بينما أعرب 90% منهم عن تطلعهم لإدارة هذه العملية بطريقة مختلفة. أردنا فهم تلك الخطوات التي يودون القيام بها إن كانوا قد علموا بها مسبقًا، وذلك لأن الخطوات والقرارات التي يتم اتخاذها في البداية تلعب دورًا حاسمًا في توجيه وتحديد الاتجاه الذي ستسلكه الفترة الإدارية بأكملها.
سين براون: ما هي الرسالة التي تركز عليها هذه الأبحاث؟
كيرت ستروفينك: هناك حكمة قديمة تقول "عندما تُبنى الأمور على أسس ثابتة من البداية، تصبح الخطوات اللاحقة أكثر سهولة". لدى الرؤساء التنفيذيين الجدد فرصة ذهبية ليس فقط لتطوير أنفسهم، ولكن أيضًا لإعادة تشكيل المؤسسة. لذلك ينبغي عليهم التعامل مع واقع أن صوتهم أصبح أقوى، وأنهم بحاجة إلى تثمين دور هذا الصوت. بالإضافة إلى ذلك، يتعين عليهم بناء علاقات مع زملائهم ومع الأشخاص الذين كانوا مرشحين لنفس المنصب. وفي الواقع تحدد الفترة الأولى من توليهم المنصب الجديد الطابع والقيم التي سترشدهم. ومن منظور علم النفس الاجتماعي، يمكن لهذه اللحظات إعادة تشكيل الثقافة وتحديد النهج الذي سيتم اتباعه في المستقبل
سين براون: ما هي أبرز المخاطر التي يجب على الرؤساء التنفيذيين الجدد الحذر منها؟
كيرت ستروفينك: من التحديات المهمة التي يواجهها الرؤساء التنفيذيين الجدد هو فهم ومعرفة كيفية التعامل مع الصلاحيات الممنوحة لهم من مجلس الإدارة. إن بناء علاقة فعالة مع مجلس الإدارة بحيث يمكنهم الاستفادة من المدخلات وليس مجرد الالتزام بالتعليمات هو من الأمور المحورية. ومن ثم، يجب عليهم تحقيق التوازن بين الاستماع للتعليمات وتوجيه المؤسسة لضمان تحقيق التقدم.
كارولين ديوار: استنادًا إلى دراسة بحثية قام بها "كيرت"، أود التأكيد على الإضافة الفريدة والقيمة التي يقدمها الرؤساء التنفيذيين الذين يأتون من خارج المؤسسة. فهم يأتون بتجارب ومنظورات جديدة قد تكون مغايرة للتقاليد المعهودة داخل المؤسسة، وقد يساهم ذلك في إحداث تغييرات إيجابية وتقديم حلول مبتكرة. عادةً ما يكون لديهم القدرة على التحدي والتغيير بشجاعة وسرعة. لذا، سواء كنت قادمًا من الداخل أو الخارج، يجب أن تحمل معك هذا النهج المبتكر في مختلف جوانب الإدارة، من فريق العمل إلى الاستراتيجية والتنفيذ.
سين براون: ما هي العناصر الأساسية التي تضمن انتقال القيادة بين الرؤساء التنفيذيين بطريقة ناجحة؟
كيرت ستروفينك: بالرغم من أن كل تجربة لها ظروفها الخاصة، إلا أن هناك أربعة عناصر مشتركة تبرز في هذه العملية. العنصر الأول هو فهم أهمية التمييز بين الشخص نفسه والمنصب الذي يتقلده. كثيراً ما يكون هناك تركيز زائد على الشخص نفسه خلال فترة تغيير القيادات، مما قد يعطي انطباعات خاطئة. وكما قال براد سميث، الرئيس التنفيذي السابق لشركة Intuit: "عند تولينا هذا المنصب، عادةً ما يميل الناس لرؤيتنا بطريقة مختلفة، للقدر الذي قد يرونا فيه أكثر طولًا، وحتى نكاتنا تبدو أكثر طرافة". من الأساسي أن نحافظ على نظرة موضوعية وأن نتقبل الآراء المختلفة، خاصة من الأشخاص الذين قد يختلفون معنا. بالإضافة إلى ذلك، علينا أن نركز على ما تحتاجه المؤسسة وليس فقط على ما نود تحقيقه بشكل شخصي. والسؤال الأساسي يجب أن يكون: كيف يمكنني خدمة المؤسسة بأفضل طريقة؟ وماذا يتوقع الفريق مني؟
سون براون: عند النظر في الأمور من منظور المؤسسة وليس من منظور الشخص، ما هي الجوانب التي يجب على الرؤساء التنفيذيين الجدد التركيز عليها؟
كارولين ديوار: كما أشار "كيرت"، الاستماع هو عنصر أساسي قبل اتخاذ أي خطوة تنفيذية، خصوصًا في الفترة الأولى من توليك المنصب. الاستماع الحقيقي للمؤسسة يساعد في فهم توجهاتها، فإذا كنت تسأل فقط دون الاكتراث بالردود، سيكون هناك فجوة في التواصل، ويعود السبب في ذلك لأن الأشهر الأولى حيوية، حيث ستجد أن الأشخاص يتحدثون بصدق أكبر لأنك جديد ولم يصدر ضدك أي من الأحكام المسبقة. إن جولتك للاستماع لا تقتصر على فريقك فقط، بل تمتد لتشمل العملاء، والمنظمين، وحتى مجلس الإدارة. فكر دائمًا: ما هي الأشياء التي لا يخبروني بها ولكن ينبغي علي معرفتها؟
وفي الوقت نفسه، عليك أن تقوم بمهمة جمع المعلومات. فالكثير من الرؤساء التنفيذيين الجدد يدركون فائدة تحديد وضع المؤسسة من خلال بيانات ملموسة. قد تكون هناك تفاصيل متناقضة حول الأداء أو الثقافة أو التعاون، لذا تحتاج إلى الاطلاع في الموضوع من وجهات نظر متعددة وتحليل الفرص والتحديات بعمق بشكل يمكنه توجيهك. وكرئيس تنفيذي جديد من الخارج، سيكون لك حرية طرح الأسئلة الجوهرية، حيث ينتظر منك الجميع أن تمتلك معرفة وافية وكافية. وحتى القادمين من داخل المؤسسة يجب عليهم اتباع هذا النهج.
قد تجد أن أصحاب المصلحة خلال مرحلة تغيير القيادات يشاركونك معلومات وآراء قد لا يتجرؤون على مشاركتها بعد مضي عام أو حتى عامين، وقد يكون لهم معلومات لم يشعروا بالراحة لمشاركتها مع من سبقك في المنصب
تعتبر "ماري بارا" نموذجًا فريدًا. فعلى الرغم من أنه تم ترقيتها من داخل الشركة، إلا أنها أظهرت شجاعة استراتيجية منذ بداية عملها. قامت "ماري" في أول اجتماع مالي لها بتقييم وضع فريق العمل بدولة كانت جنرال موتورز تعمل فيها لأكثر من ربع قرن دون تحقيق أرباح. طرحت سؤالًا جوهريًا: وهو "هل يُعقل أن نستمر في الاستثمار هنا دون وجود استراتيجية واضحة لتحقيق الربح؟". وكانت نتيجة هذه النقاشات هي اتخاذ قرار جريء بالانسحاب من تلك الدولة. لم تكن تلك الخطوة الوحيدة؛ بل ألغت "ماري" العديد من المشروعات الأخرى من أجل توفير موارد للاستثمار في مبادرات استراتيجية جديدة، مثل التركيز على السيارات الكهربائية. وبهذه الوسيلة، أثبتت "ماري بارا" قيادتها الاستراتيجية منذ البداية.
ومن هذا المنطلق، يجب أن نعلم في بعض الأحيان لا تقتصر القرارات الجريئة على الاستراتيجيات المالية والتكنولوجية فقط، ولكنها تشمل أيضًا الجانب البشري والثقافي. وهذا فعليًا ما قام به رئيس مايكروسوفت "ساتيا ناديلا"، حينما لم يقتصر تركيزه على التحول نحو الحوسبة السحابية والأساليب الأخرى، بل طرح نهج ثقافي جديد يهدف إلى تعزيز عقلية النمو والتطور.
سين براون: إذا كان أحد المدراء التنفيذيين يشعر بأنه الشخص المثالي لتولي المنصب، فهل من الجيد أن يبدأ بتحديد استراتيجياته قبل أن يصبح الرئيس التنفيذي؟
كارولين ديوار: إن فترة التحضير قبل تولي المنصب هي الوقت المثالي لبدء بعض الخطوات المبكرة، خصوصاً خلال الاطلاع على معايير العمل. وعدم الاستعجال في اتخاذ قرارات أو إجراءات قبل الوقت المناسب. يمكن استغلال هذه الفترة بشكل أمثل في تعزيز المعرفة الشخصية وفهم أوجه العمل التي قد تحتاج لتعمق أكبر فيها. ومع ذلك، يجب توخي الحذر قبل اتخاذ خطوات رئيسية حتى يتم تأكيد تولي المنصب بشكل رسمي.
كيرت ستروفينك: أنصحك بأن تركز على مهامك ومسؤولياتك الحالية. يجب الحذر من السعي وراء الأهداف أو الإجراءات التي قد تكون موجهة أساسًا للترويج للذات أو لزيادة وضوح الشخصية؛ لأن هذا السلوك قد يضر بثقة الفريق. فكر فيما يمكنك أن تقدمه للمؤسسة، وكيف يمكنك أن تكون نموذجًا يُحتذى به في تعزيز التعاون بين أعضاء الفريق. وغالبًا ما تلاحظ مجالس الإدارة الأشخاص الذين يتمتعون بنفوذ واحترام، حتى لو لم يكونوا في المراتب العليا. لذلك، اعتبر تعزيز العلاقات والتفاعلات داخل المؤسسة بشكل أفقي، وليس فقط من خلال الهيكل التنظيمي التقليدي.
سين براون: ذكرت في مقالتك مفهوم "تحقيق أول إنجازاتك". فما الذي تقصده بهذا المفهوم تحديدًا؟
كيرت ستروفينك: عندما أتحدث عن "تحقيق أول إنجازاتك"، فأنا أركز بشكل أساسي على أهمية بناء العلاقات العاطفية مع الفريق. يحب الأشخاص أن يشعروا بأنك قريب منهم وأنك تهتم بهم، سواء كانوا جددًا في الفريق أو من الذين عرفتهم من قبل. ففي مقال قمت بتأليفه مع "كارولين" حول القيادة خلال الجائحة، وجدنا أن الرؤساء التنفيذيين الناجحين يسعون لتكوين علاقات عميقة مع فرقهم وليس مجرد إدارة الأعمال. يجب فهم دوافع الأشخاص، ما يحفزهم وما يشحن طاقتهم. هذا الفهم يساعد في تقييم حالة المؤسسة وفي جذب أفراد الفريق إليك.
ثانيًا، أنت بحاجة إلى وضع رؤية واضحة ومحددة. إن الرؤساء التنفيذيين، خصوصًا في فترات تغير القيادات، لديهم فرصة لوضع بصمة جديدة. سواء كانت ذلك فيما يتعلق بالابتكار، أو بناء على الإنجازات السابقة، أو حتى توجيه عند المؤسسة نحو أهداف جديدة. يميل القادة الناجحين إلى التركيز على موضوعين أو ثلاثة في بدايتهم.
ثالثًا، لا تقل الصراحة والأصالة أهمية عن العناصر الأخرى. يجب أن تكون قادرًا على مشاركة قصتك الشخصية، والدروس التي تعلمتها. هذا يساعد في تعزيز الثقة وفهم أفضل لك كقائد. وفي النهاية، استثمر في اللحظات المحورية، سواء كانت مع المستثمرين أو في اجتماعات داخلية، كما يُظهر التحضير الجيد لهذه اللحظات مدى احترافيتك.
سين براون: ذكرت أن هناك مفهومًا تسميه "التركيز على الأولويات" ضمن عوامل الانتقال الناجح. فما الذي تعنيه بذلك؟
كارولين ديوار: أقصد بذلك التركيز على الأمور الأكبر التي يمكن أن يتعامل معها الرئيس التنفيذي فقط. ففي بداية تولي أي رئيس تنفيذي جديد لمنصبه، يجد نفسه غالبًا غارقًا في مجموعة كبيرة من المهام والمسؤوليات. هو يحاول الاستماع وبناء العلاقات واتخاذ القرارات الهامة. ولكن، مع مرور الوقت، يصبح من الواضح أن ليس بإمكانه التعامل مع كل هذه المهام باستمرار. على سبيل المثال، واجه الرئيس التنفيذي السابق لشركة Mastercard، "أجاي بانجا"، تحديًا حين استيقظ في سنغافورة ذات مرة ليجد أكثر من 2000 رسالة بريد إلكتروني غير مقروءة. وكان قد وعد فريقه بالرد الشخصي على جميع الرسائل، لكنه سرعان ما أدرك أنه هناك عقبة رئيسية، حيث كانت جميع القرارات تحتاج إلى موافقته.
إن عملية الاكتشاف التي تمر بها تشبه إلى حد ما فتح كتاب غامض عن شركة تود الانضمام إليها. يتعلق الأمر بتصفح صفحاتها لفهم ظروفها، سياقها، والثقافة الخاصة التي تميزها. عندما يظهر الرؤساء التنفيذيون الجدد قدرة ملحوظة على فهم هذا الكتاب وتفسير أسراره بشكل إيجابي، يتم منحهم بسرعة ثقة غير عادية في بداياتهم.
هناك ثلاث مكونات رئيسية تميز الرؤساء التنفيذيين الناجحين، وفي مقدمتها الموهبة. كثيرًا ما نلاحظ الأسف الذي يعبر عنه الرؤساء التنفيذيين لعدم اتخاذ الخطوات بشكل سريع، وهذا شائع بين الرؤساء الجدد. لا يعكس هذا الأسف فقط أهمية الموهبة، ولكن لأن الرئاسة التنفيذية هي مهمة تعتمد على العمل الجماعي وليس مجرد جهد فردي. وقد تشبه وظيفة الرئيس التنفيذي إدارة فريق رياضي، حيث يتعين عليه تشكيل فريق قيادي يتحرك بتنسيق ويمتلك القدرة على التنفيذ بفعالية. خلال ستة أشهر يجب أن يكون الفريق في كامل جاهزيته. وبعد عام، ينبغي لهذا الفريق أن يتسم بالاستقرار والقدرة على قيادة المؤسسة بشكل يومي. وليس الأمر مقتصرًا على الفريق القيادي الأول، بل يجب النظر أيضًا في الأدوار الهامة ضمن المنظمة حيث تكون المواهب الاستثنائية ضرورية.
ويتمثل المكون الثاني للنجاح في إدارة الوقت. لقد شعرت بالدهشة بالفعل بمدى الاهتمام الذي يوليه الرؤساء التنفيذيون لتنظيم وقتهم. بعضهم يستخدم أساليب مثل تلوين التقويم بألوان مختلفة، أو يضعون اتفاقيات محددة مع مسؤوليهم أو المساعدين التنفيذيين بشأن الأولويات. ويعودون بانتظام لتقييم كيف قضوا وقتهم مقارنة بما حددوه كأولويات. إن لم تكن واضحًا بشأن إدارة وقتك، فسيكون من الصعب على فريقك تقديم الدعم لك. ولكن، إذا تمكنت من تحديد خمس أو ستة أولويات وشرح معاييرك في تحديد أين يجب أن تكون اهتماماتك، فسيكون لفريقك القدرة على دعمك ومساعدتك في تحقيق تلك الأهداف.
التحكم في إيقاع العمل يمثل العنصر الأساسي للتقدم، ليس فقط لك شخصيًا، ولكن أيضًا لفريقك وللمؤسسة برمتها. قد يشعر الرؤساء التنفيذيون الذين تم ترقيتهم من داخل المؤسسة أحيانًا بالحاجة لمتابعة النهج الذي اتبعه أسلافهم، ولكن يتيح لك منصبك فرصة تعديل معايير التقدم استنادًا إلى أولوياتك وتوجهاتك الخاصة بالثقافة وإدارة الأعمال. عليك تحديد عدد مرات عقد الاجتماعات، وكيفية اتخاذ القرارات ومن سيكون جزءًا من هذه العملية. يجب أن تكون لديك الرؤية الكافية لتحديد المواقف التي تحتاج فيها إلى التدخل. قد يتطلب ذلك وقتًا، ولكن في الواقع لم يتقن هذا الأمر منذ البداية إلا القليل من الرؤساء التنفيذيين.
سين براون: كم من الوقت يمكن للشخص أن يعتبر نفسه مازال رئيسًا تنفيذيًا "جديدًا؟
كيرت ستروفينك: بينما يكون تركيز الكثيرين على المائة يوم الأولى، أنصح بأن ننظر إلى الأمر على ثلاث مراحل: الأسبوع الأول، الشهر الأول، والسنة الأولى. ففي الأسبوع الأول، تبدأ في ترسيخ انطباعاتك من خلال التصرفات والأسئلة التي تطرحها. وبحلول نهاية الشهر الأول، يكون لديك فهم أفضل للمؤسسة وقد شهد الناس تصرفاتك في سياقات متعددة. وبعد مضي سنة، يجب أن يكون دورك قد استقر وأصبح بارزًا وقمت بتوجيه المؤسسة نحو الاتجاه الذي تريده.
كارولين ديوار: أكد أحد الرؤساء التنفيذيين على أهمية معرفة "إيقاع العمل" خلال السنة الأولى. على الرغم من أنه كان يتوقع تحولات كبيرة في الصناعة، إلا أنه كان مترددًا في اتخاذ قرارات جذرية ولم يكن متأكدًا من خطواته. ولكن، بحلول السنة الثالثة، بدا للمؤسسة أنه لم يكن على نفس قدر التحديات المقبلة لأنه كان حذرًا منذ البداية. يؤكد العديد من الرؤساء التنفيذيين، خصوصًا في المؤسسات المستقرة، على ضرورة التلميح المبكر لأي تغييرات محتملة، حتى لا تندهش المؤسسة عندما يأتي الوقت المناسب لتنفيذها.
سين براون: هل تختلف عملية تكيف الرئيس التنفيذي القادم من خارج المؤسسة عن الذي تم ترقيته من الداخل؟
كيرت ستروفينك: نعم، هناك فارق. يجب عليك كرئيس تنفيذي قادم من الخارج أن تستوعب ثقافة المؤسسة التي تدخل إليها. رغم أن لديك رؤية لمستقبل المؤسسة، إلا أن هناك جزءًا من مسيرتك يتمثل في التعلم والتأقلم مع التقاليد والسياق المحيط بك. يحقق الرؤساء التنفيذيين الذين يأتون من الخارج ويتفاعلون بشكل جيد مع هذه الثقافة ثقة سريعة مع الفريق. ومن ناحية أخرى، الرئيس التنفيذي الذي تم ترقيته من داخل المؤسسة يواجه تحديًا مختلفًا وهو ضرورة الابتعاد عن العادات السابقة وعدم الانحياز للمشروعات الحالية، خاصة إذا كان قد ساهم في بعضها. بالإضافة إلى ذلك، يحتاج إلى إعادة تعريف علاقاته مع الأشخاص الذين كانوا سابقاً زملاء له وأصبحوا الآن يقدمون التقارير إليه.
يميل العديد من الرؤساء التنفيذيين الجدد خلال الأشهر الأولى إلى التعامل مع التحديات بسرعة وكأنهم يحاولون إطفاء حرائق. ومع مرور الوقت، يصبح من الواضح لكل رئيس تنفيذي أن الأسلوب الذي تم تبنيه في البداية لا يمكن أن يعتمد عليه طويلًا.
سين براون: كيف يمكن للرؤساء التنفيذيين الجدد، الذين تمت ترقيتهم داخل المؤسسة، التفاعل مع أقرانهم الذين كانوا قد تنافسوا على نفس المنصب؟
كيرت ستروفينك: التعامل مع شخص خابت آماله لعدم حصوله على منصب الرئيس التنفيذي قد يكون تحديًا. هذا الشخص قد يواجه صعوبة في دعم رؤية الرئيس التنفيذي الجديد. في مثل هذه الحالات، يمكن أن يصل الأمر في النهاية إلى انفصال صعب. من الضروري أن يكون هناك حوار صريح وسريع حول التوقعات وما يقدمه الرئيس التنفيذي، والتفقد ما إذا كان ذلك يناسب التوجه الجديد. الأمانة والاحترام مهمان، ولكن في نفس الوقت، يجب أن يكون هناك قوة في تحديد الاتجاه الذي ستسلكه المؤسسة.
سين براون: كيف يمكنك الاستفادة بشكل أفضل من خبرة الرئيس التنفيذي الذي غادر منصبه، خصوصاً إذا تولى منصب رئيس مجلس الإدارة؟
كيرت ستروفينك: ابدأ بتقييم مشاعر ووجهات نظر الرئيس التنفيذي السابق وأعطه الفرصة للتعبير عنها. اتصل به قائلاً: "أعتبر ملاحظاتك ثمينة، وكذلك آراء باقي أعضاء مجلس الإدارة. على الرغم من الاختلافات التي قد نواجهها، أضمن لك أنني سأتخذ القرارات التي أراها في مصلحة الشركة، وآمل منك الوقوف بجانبي كما تتوقع أن يكون موقف الرئيس التنفيذي". وفي السياق نفسه، اجعل تعزيز الروابط مع باقي أعضاء مجلس الإدارة أولوية، فقد شهدت أنا شخصيًا بعض المواقف التي واجه فيها الرئيس التنفيذي السابق صعوبة في التفاعل مع أعضاء المجلس بعد توليه منصب رئيس مجلس الإدارة.
سين براون: ما هي الطريقة المثلى للرئيس التنفيذي الجديد عندما يواجه معارضة من أعضاء مجلس الإدارة للتغيير الذي يسعى لتحقيقه؟
كارولين ديوار: لقد تم اختيارك لسبب معين؛ لهذا، من الضروري أن تضع التوجيهات والصلاحيات الممنوحة لك في نقاشات مسبقة. بالإضافة إلى ذلك، إقامة علاقة ممتازة مع رئيس مجلس الإدارة أمر مهم. لقد لاحظت أن العديد من الرؤساء التنفيذيين الناجحين كانوا يقومون بتواصل دوري مع رؤسائهم بمجلس الإدارة. قد يكون هذا الشخص داعمًا قويًا في التواصل مع باقي أعضاء المجلس. وليس هذا فقط، لكن مشاركة الرؤى والنتائج التي حصلت عليها خلال النقاشات يمكن أن تضمن تحقيق تفاهم بين أعضاء المجلس حول الوضع الحالي للمؤسسة. من الجدير بالذكر أن عملك مع المجلس هو جزء من رحلة تشاركية. فليس من الحكمة الإعلان فجأة في اجتماع مجلس الإدارة عن رغبتك في قيادة الشركة نحو توجه جديد. فأعضاء المجلس هم شركاء استراتيجيين يتطلبون فهمًا عميقًا ومعرفة تامة قبل اتخاذ قرارات هامة.