كيف يكتشف الرؤساء التنفيذيون أساليب جديدة للنجاح في منتصف مسيرتهم المهنية

| تدوينة صوتية

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر نرحب بتعليقاتكم على البريد الالكتروني التالي: reader_input@mckinsey.com

في حلقة جديدة من بودكاست "من داخل غرفة الإستراتيجية"، يتبادل كيرت ستروفينك، الرئيس المساعد لخدمات الرؤساء التنفيذيين العالمية بمؤسسة ماكنزي، وكارولين ديوار، القائدة المشاركة لمبادرات تميز الرؤساء التنفيذيين والمؤلفة المشاركة لكتاب "تميز الرؤساء التنفيذيين" الأكثر مبيعًا ، خبراتهما حول استراتيجيات النجاح التي يعتمدها قادة الصناعة؛ حيث يسلطون الضوء على كيفية تخطي الرؤساء التنفيذيين لحالة الركود والاكتفاء بالإنجازات الحالية في منتصف مدة قيادتهم، استنادًا إلى أحدث مقالاتهم. ولمتابعة المزيد من النقاشات حول القضايا الاستراتيجية المهمة، تابع السلسلة على منصتك المفضلة للبودكاست.

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

للمزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

شون براون: كارولين، هل يمكنكِ سرد المزيد حول دراستكِ التي أجريتها عن فترة منتصف المدة في مسيرة الرئيس التنفيذي؟

كارولين ديوار: بالطبع، يندرج هذا الجزء ضمن سلسلة أبحاثنا حول دورة حياة الرئيس التنفيذي. حيث استندت دراستنا بشكل كبير على أبحاثنا المتعلقة بتميز الرؤساء التنفيذيين، وقد أجرينا مقابلات وجهًا لوجه مع حوالي 70 من أكثر الرؤساء التنفيذيين نجاحًا على مستوى العالم. وكان هدفنا هو فهم جوهر دورهم، وكيف يتعاملون مع مسؤولياتهم، والدروس التي استفادوا منها. كما تطرقنا مرارًا وتكرارًا، خلال أبحاثنا، إلى ست مسؤوليات أساسية ألا وهي: تحديد التوجه ومسار العمل من خلال الاستراتيجية والرؤية؛ ومواءمة المؤسسة وتكيفها فيما يخص الثقافة، والمواهب، والتصميم التنظيمي؛ وتحفيز القيادات بحيث يصبح الرئيس التنفيذي بمثابة قائد الأوركسترا؛ فضلًا عن إدارة العلاقات مع مجلس الإدارة؛ والتواصل مع الأطراف الخارجية ذات الصلة؛ وتطوير الكفاءات الشخصية.

شون براون: برأيك ما هي التغييرات التي تطرأ على هذه المسؤوليات خلال منتصف فترة ولاية الرئيس التنفيذي؟

كيرت ستروفينك: غالبًا ما يحقق الرئيس التنفيذي نتائج ممتازة في بداية ولايته، لكن تكون هناك لحظة حاسمة في منتصف هذه الفترة يحتاج فيها إلى إعادة تقييم وتحديث خطته الاستراتيجية. تظهر الإحصاءات أن فرصة تحسين أداء الشركة من المستوى المتوسط إلى الربع الأعلى تكاد تكون نادرة، بنسبة تقارب واحد إلى 12. لذا، يتطلب من الرؤساء التنفيذيين الارتقاء بطموحاتهم باستمرار والتفكير في الخطوات التالية للتقدم. ولتحقيق هذا، يتوجب من الأساس تطوير وإيجاد طرق جديدة للتعلم وتجنب الوقوع في فخ الرضا بالوضع الحالي.

شون براون: في ظل تقلص المدة الزمنية لبقاء الرئيس التنفيذي في منصبه، متى يمكننا عادةً تحديد بداية فترة منتصف الولاية؟

كيرت ستروفينك: قد تبدأ فترة منتصف الولاية للرئيس التنفيذي عادةً بعد مرور حوالي ثلاث سنوات من تولي المنصب، رغم أنها قد تحدث بعد عامين في بعض الحالات. وهي لحظة تحول رئيسية عندما تبدأ في الشعور بأن المجموعة الأولى من المبادرات التي بدأتها قد أُنجزت، وأنك الآن تفكر في كيفية توسيع أو تحديث أو تعديل هذه الإنجازات. لذا، فإن الرؤساء التنفيذيون الذين يستعدون مبكرًا للانتقال من مرحلة الانطلاق الأولى إلى مرحلة التطوير المستمر هم الأكثر نجاحًا. كما أن إدراك الوقت المثالي لبدء منحنى التطوير الثاني، أو ما يُعرف بـ "منحنى S"، يتطلب نقاشًا دقيقًا مع الفريق الإداري الأعلى وربما مع مجلس الإدارة وأصحاب المصلحة الآخرين.

شون براون: إذن، ما هي الأولويات والجوانب الأساسية التي ينبغي على الرؤساء التنفيذيين إعطاءها أولوية عند الوصول إلى منتصف فترة توليهم المنصب؟

كيرت ستروفينك: أرى أن التركيز على أربعة محاور رئيسية أمراً جوهرياً في منتصف مدة الرئيس التنفيذي. أولها هو رسم خريطة طريق للتعلم المستدام. في بداية المشوار، تكون جولات الاستماع وتوسيع الآفاق هي محور التركيز، فهي فترة ثرية للتعلم الشخصي وتجديد بنية الشركة. ولكن مع حلول العام الثاني أو الثالث، يُصبح تعزيز هذا التعلم أمراً ضرورياً لتجنب الركود. عندما تستقر في إيقاعات دورك كرئيس تنفيذي، تُفتح أمامك أبواب لتوسيع نطاق تفاعلاتك الخارجية وزيادة فهمك لاحتياجات عملائك. على سبيل المثال، اكتشف الرئيس التنفيذي لشركة ليغو خلال هذه الفترة أن البالغين يمثلون سوقاً هائلاً، ما دفعه إلى تطوير خط إنتاج خاص بهم، الذي أصبح يشكل الآن 30% من إيرادات الشركة.

وكذلك، قد يكون تعميق التفاعل مع المستثمرين وقضاء المزيد من الوقت في الحوار معهم مصدر إلهام وإثراء. بينما قد يكون هناك ضغط من بعض المستثمرين لاتخاذ إجراءات تحقق عوائد قصيرة الأمد كإعادة شراء الأسهم، لكن التواصل مع المستثمرين ذوي التوجه طويل الأجل يمكن أن يعزز فهمك لأدوات خلق القيمة. في هذه المرحلة من تولي المنصب، يميل الرؤساء التنفيذيون إلى التعاون بشكل أوثق مع مجموعة مختارة من المستثمرين لصياغة رؤية للفصل التالي من رحلة الشركة. بيد أن هذا التعاون لا يعني التفويض الكامل للقرارات إلى المساهمين، ولكنه يضمن إدراكًا وفهمًا واضحًا لوجهات نظرهم وتطلعاتهم.

أما المصدر الثالث للتعلم والتجديد، فهو يتمثل في بناء شبكة من الزملاء من الرؤساء التنفيذيين. أثناء جائحة كوفيد-19، دونّا ولاحظنا ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الرؤساء التنفيذيين الذين يقضون وقتًا أكبر مع نظرائهم من خارج صناعتهم، وذلك بسبب التحديات المشتركة التي خلقتها الأزمة. ومنذ ذلك الحين، توسعت هذه الشبكات وتعمقت وأصبحت مصدرًا قيمًا للاستكشاف والإلهام لتحديد مسارات جديدة ورسم (منحنى S) للتوسع والتطوير المقبل. مثالًا على ذلك، أشار "إد برين" من شركة "دوبونت" إلى أن شبكته من الرؤساء التنفيذيين عبر مختلف الصناعات وفرت له أفكارًا جريئة ومبتكرة للمرحلة التالية من رحلته، وهي أفكار لم يكن ليصل إليها في بيئة عمله الداخلية أو ضمن صناعته فقط.

شون براون: متابعةً لموضوعنا، أتساءل كيف يصوغ الرؤساء التنفيذيون خططهم في التعلم؟ ومن الأشخاص الذين يعتمدون عليهم في تنظيم هذه الخطط؟

كارولين ديوار: اتخذ كلُ من ساتيا ناديلا وبيل جيتس في شركة مايكروسوفت مبادرة فريدة حول أجندة التعلم. فقد خصصوا يومًا واحدًا كل شهر ليكون 'يوم تعليم الرئيس التنفيذي'، حيث يركزون على توسيع معرفتهم، ويحددون المواضيع التي يسعون لاستكشافها بشكل أعمق، سواء كان ذلك في صناعات مختلفة، أو فيما يتعلق بالتكنولوجيا الحديثة، أو الاتجاهات الناشئة بالتعاون مع رؤساء طواقمهم.

كيرت ستروفينك: بالفعل، يلعب رئيس قسم الموارد البشرية دورًا حاسمًا في ترسيخ ثقافة التعلم داخل المؤسسة. لأنه من الضروري التأكد من أن كل قائد، خاصة في المناصب العليا بالشركة، يتبنى أجندة تعليمية فعالة. ومع ذلك، من المهم التوضيح أن الهدف ليس أن يسعى الرئيس التنفيذي باستمرار لجلب أفكار جديدة كل أسبوع من الخارج، مما قد يتسبب في تشتيت تركيز المؤسسة عن الأهداف الأساسية. ولكن بدلاً من ذلك، نؤكد على نوع التعلم الذي يسهم في تحقيق تغييرات جوهرية وشاملة، ويتطلب تفكيرًا عميقًا ومتأنيًا.

من الضروري لأي مؤسسة أن تكون متقبلة للأفكار الجديدة من الشركات والصناعات الأخرى. والمهم هو الحرص على استمرارية التعلم وتجنب الإنغلاق، خصوصًا خلال المراحل الأولى. فالاستمرار في التعلم أمر حيوي.

كيرت ستروفينك

أود أن أدعو عملائنا للمشاركة في ما يمكن أن نسميه 'رحلة الاكتشاف' ليكن سؤالنا الرئيسي هنا هو: ما الذي يجمعنا بشركات أو فرق قيادية أخرى يمكن أن يثري مسارنا؟ في هذه الرحلة، نحن نشجعكم على 'التجول والاستكشاف'، ليس فقط في عالم أعمالكم، ولكن أيضًا في القطاعات الأخرى. قابلوا الشركات التي تواجه تحديات مشابهة، اكتشفوا كيف يتعاملون معها، واستلهموا من تجاربهم. هذه الرحلة ليست مجرد تبادل للأفكار، بل هي مغامرة في عالم التعلم والابتكار. وليكن رئيسكم التنفيذي البوصلة التي تقودكم، بطرح أسئلة محفزة مثل: 'ما الجديد الذي أضفناه إلى خزانة معرفتنا في الأشهر الستة الماضية؟' تذكروا، المفتاح هو ألا تقفوا عند حد، بل تواصلوا السير في مسار التعلم والاكتشاف، مع كل خطوة تخطونها منذ بداية هذه المغامرة.

شون براون: بعيداً عن رحلة التعلم المستمرة، ما هي الخطوات الأخرى التي ينبغي على الرؤساء التنفيذيين اتخاذها في منتصف فترة قيادتهم؟

كارولين ديوار: يتمثل العنصر الثاني في النظر للأعمال من وجهة نظر خارجية. وبهذا الشأن أجرى دانييل كانيمان، الخبير النفسي والاقتصادي الشهير الحائز على جائزة نوبل، دراسة حول تأثير طرق عرض الأسعار. وخلال إجراء التجربة، تم تقسيم المتاجر إلى نصفين: النصف الأول عرض علب الحساء بسعرها العادي، بينما النصف الثاني استخدم لافتة تقول: "79 سنتاً لكل علبة، بحد أقصى 12 علبة لكل عميل". وقد كانت النتيجة ملفتة: المتاجر التي وضعت الحد الأقصى للشراء شهدت مبيعات تزيد عن ضعف مبيعات المتاجر الأخرى. الفارق الرئيسي كان في تصور العملاء: في المجموعة الأولى، لم يكن هناك تحفيز خاص للشراء، بينما في المجموعة الثانية، شعر العملاء بأن هناك فرصة محدودة، مما دفعهم لشراء المزيد.

هذا المثال هو تجسيد للتحيز المتأصل في طريقة تفكيرنا، حيث تتجه أذهاننا تلقائيًا إلى استنتاجات سريعة بالاعتماد على بيانات ناقصة. يُلاحظ هذا النمط من التفكير بشكل دائم في العمل، خاصةً عندما ننظر إلى تغيرات الميزانية السنوية التي لا تتجاوز بضع نقاط مئوية. غالباً ما نغفل عن إمكانية اعتماد زاوية نظر جديدة، مثل التساؤل: "لو كنت في موقف مختلف، كيف سأقرر الميزانية؟" لذلك يميل الرؤساء التنفيذيون البارزون لاستخدام هذا المنظور الخارجي، يتمعنون في مختلف مؤشرات الأعمال ويطرحون تساؤلات مثل: "إذا نظرت للأمور من منظور جديد، ما هي التحديات والفرص التي يمكن اكتشافها؟"

أحياناً، يأخذ المستثمرون المبادرون زمام المبادرة في تقييم الاستثمارات نيابة عنا. فمثلاً، تقوم شركات الأسهم الخاصة بمراجعة دورية لأصولها كل سنتين إلى ثلاث سنوات، متسائلة: "إذا كان علينا اليوم إجراء التقييم الدقيق والمفصل لهذا الأمر، هل كنا سنشتري هذا الأصل؟ ما هي خطتنا لخلق القيمة؟" يأخذ الرؤساء التنفيذيون الفاعلون في الاعتبار وجهة نظر أسواق رأس المال: "ماذا يتوقع المستثمرون والأسواق منا؟ ما هو النمو الذي يعولون عليه؟ وما الذي قد يسبب لهم الإحباط؟" هم ينظرون استراتيجيًا إلى أعمالهم، متسائلين: "هل نحن في القطاعات والمناطق الجغرافية المناسبة؟ هل يجب علينا النظر في عمليات الاندماج والاستحواذ؟ هل إيراداتنا وتكاليفنا في المستوى المطلوب؟" كما يولون اهتمامًا لصحة منظومة المؤسسة من حيث دوران الموظفين، ومواهب الفريق، والثقافة الداخلية. وأخيراً، يفكرون في كيفية تأثير سمعتهم لدى وسائل الإعلام، والجمهور، وأصحاب المصلحة على أعمالهم.

كيرت ستروفينك: دعنا نتذكر أن مهمة الرئيس التنفيذي لا تقتصر فقط على الإدارة اليومية، بل تشمل أيضاً تقييم مدى التغيير المطلوب في أوقات معينة. عليه أن يسأل نفسه: "هل نحن نتقدم بالسرعة والعمق الكافيين في تنفيذ خططنا الإستراتيجية، خاصةً عند مقارنتنا بالمنافسين؟" نحن نسمي هذا الفارق (بالمسافة الاستراتيجية). بالنسبة للسرعة، فهي تعني كم الإنجاز المُحقق في وقت محدد، والعمق يعني مدى تأثير هذه الإجراءات. لذلك يُعد تقييم أداء المؤسسة بشكل شامل هو مسؤولية لا يمكن للرئيس التنفيذي التنازل عنها بسهولة، ولا ينبغي له ذلك.

شون براون: هل هناك عقبات تحول دون تبني القادة للمنظور الخارجي؟

كارولين ديوار: تكمُن الحواجز الرئيسية في طريقة تفكير القادة وثقافة المؤسسة. فمن الضروري أن تتواضع القيادة لتقبل هذا النوع من التحليل العميق. كما يمكن أن يكون إشراك آراء من خارج المؤسسة مفيدًا لتعزيز التفكير. ويجب على القادة أن يكونوا على استعداد للقول بأنهم قد يحتاجون إلى تغيير مسارهم لمواكبة المستقبل. وهذا الأمر يتطلب النظر إلى الحقائق والبيانات، وليس فقط الاعتماد على الخبرات السابقة، والاستعداد لمواجهة هذه التحديات بجدية.

كيرت ستروفينك: في بعض الأحيان، يجد الأشخاص صعوبة في ترك المرحلة الأولى من عملهم، التي استثمروا فيها قلوبهم وعقولهم. ربما طوروا خلالها استراتيجيات وأساليب خاصة بهم. الرؤساء التنفيذيون الناجحون يتميزون بقدرتهم على الحفاظ على الرسائل الأساسية، مع تعديل استراتيجياتهم بناءً على التعلم والتجارب. إذ يكونون دائماً في حالة بحث عن ما ينجح وما لا ينجح. وتكون أفضل الاستراتيجيات هي تلك التي تتكيف مثل السفينة الشراعية، لا تسير دائمًا في خط مستقيم ولكنها تتجه نحو الهدف. يمتلك الرؤساء التنفيذيون المتميزون في منتصف فترة عملهم هذه العقلية. أحيانًا، يحتاج فريق القيادة إلى التطور لمواجهة التحديات المتغيرة. لاحظنا أنه في المرحلة الأولى، يتولى الرؤساء التنفيذيون القيادة بشكل مباشر. ولكن في المرحلة اللاحقة، تصبح الأولوية هي بناء فريق يمكنه قيادة وتوجيه العمل، حيث يخلق الرئيس التنفيذي الظروف المناسبة لهم للتقدم، مع الحفاظ على القيادة الفعالة.

شون براون: تحدثت سابقاً عن أهمية تطوير (منحنى S) جديد خلال منتصف الفترة الزمنية للعمل. هل يمكنك شرح هذا الأمر بمزيد من التفصيل؟

كيرت ستروفينك: يشير (منحنى S ) إلى مفهوم يستخدم في مراحل مبكرة من تطوير الاستراتيجيات. يبدأ بإطلاق العديد من المبادرات التي بمرور الوقت تؤدي إلى تسارع في الأداء وتأثير متنامي. هذا التسارع يصل إلى ذروته ثم يبدأ في الاستقرار. نسميه (منحنى S) نظرًا لشكله. ومن الضروري أن نعي متى نصل إلى نهاية هذا المنحنى، وهذا يمكن أن يكون بعد عامين فقط. في هذه النقطة، يجب إعادة النظر في الاستراتيجيات. بينما يدمج الرؤساء التنفيذيون المتميزون بين منظورهم الخارجي وتعلمهم الخاص لتحديد المرحلة التالية من (منحنى S).

على سبيل المثال، كان الفصل الأول لدى "هيوبرت جولي" في (بست باي) يركز على التحول الكبير الذي قاده بنفسه. هذا التغيير كان بمثابة انعطافة جذرية وأدى إلى تحسين الأداء. ومع ذلك، بعد مدة شعر أنه حان الوقت لإعلان نهاية هذا التحول والانتقال إلى مرحلة جديدة تركز على النمو، والتي تستفيد من التحول السابق، وتضم تطوير قدرات جديدة مثل المنازل الذكية وغيرها من الاتجاهات. لقد فهم أن الفصل الأول قد اكتمل وأن الوقت قد حان لبدء فصل جديد، أو (منحنى S) جديد، يستند إلى النجاحات التي تحققت.

يمكن استخلاص رسالتين رئيسيتين من هذا النقاش. أولاً، من الأفضل للرئيس التنفيذي ألا يتوقع أن يكون (منحنى S) واحد كافيًا لتغطية كامل فترة ولايته، ما لم تكن هذه الفترة قصيرة بشكل استثنائي. ثانيًا، من الضروري تحديث طريقة التشغيل لتمكين تطوير وصعود المزيد من القادة القادرين على قيادة (منحنى S) التالي.

شون براون: برأيك، ما هي العلامات التي يجب على الرؤساء التنفيذيين البحث عنها ليدركوا أنهم وصلوا إلى ذروة (منحنى S) الأول في استراتيجيتهم؟

كيرت ستروفينك: أحد الدلائل التي تشير إلى أن الرئيس التنفيذي قد وصل إلى قمة (منحنى S) الأول هو ملاحظة وجود انخفاض في الأداء نتيجة للمبادرات التي تم إطلاقها في بداية الفترة. خصوصاً في برامج تحسين الكفاءة، فمن الصعب الحفاظ على نفس مستوى الزخم بعد مرور حوالي 24 شهرًا، حيث يبدأ الإجهاد والتعب بالظهور ويؤثر على الأداء. هناك علامة أخرى وهي رؤية فريقك يبتكر بطرق تختلف عن إستراتيجيتك الأصلية، وهذا يدل على حاجتك لدعم هذه الابتكارات. وأحيانًا، يكون هناك تغير جذري في البيئة الخارجية أو المنافسة، وفي هذه الحالة، يجب التكيف سريعًا مع التغيرات للحفاظ على الميزة الاستراتيجية.

كارولين ديوار: نعم، الكثير من الرؤساء التنفيذيين الناجحين لا ينتظرون حتى تظهر هذه العلامات. بدلاً من ذلك، يفكرون دائمًا ويخططون لما سيحدث لاحقًا.

في أعقاب كل مناقشة حول الخطوات الاستراتيجية المستقبلية، يأتي السؤال المهم: 'هل فريقنا الحالي قادر على جعل هذه الخطط واقعًا؟' في بعض الأحيان، من الضروري إجراء تقييم شفاف لفريق القيادة الرئيسي والتفكير في مدى ملاءمتهم للقيادة في الفترة المقبلة.

كارولين ديوار

شون براون: ذكرت العلاقة بين تكوين فريق القيادة والانتقال إلى (منحنى S) الجديد. تُرى ما هي الاستراتيجيات التي يجب على الرؤساء التنفيذيين اتباعها لتطوير فرقهم بفعالية؟

كارولين ديوار: بعد كل تخطيط استراتيجي حول المسار المستقبلي، يأتي السؤال الحيوي: "هل يملك فريقنا القدرة على تنفيذ هذه الخطة؟" قد يكون الحل بسيطًا كإضافة منصب جديد. على سبيل المثال، إذا كانت التكنولوجيا الرقمية تلعب دورًا مهمًا في المستقبل، فمن المفيد أن يعكس الفريق القيادي هذا التوجه. أحيانًا، يتطلب الأمر النظر بشكل نقدي إلى الفريق الحالي والتساؤل حول ما إذا كانوا الأشخاص المناسبين للمهمة. في الشركات النامية سريعًا، خصوصًا تلك التي تستعد للاكتتاب العام، يكون من المهم استقطاب مواهب جديدة. على سبيل المثال، هل المدير المالي الحالي مناسب للتعامل مع الاكتتاب العام؟ لذا يُعد هذا النوع من التقييم مهم في كل مستويات المؤسسة.

غالباً ما نناقش أهمية توازن بين إدارة المواهب والقيمة التي يجلبونها. هل تعرف الأدوار الرئيسية، التي قد تصل إلى 40 أو 50 دورًا، الضرورية لنجاح استراتيجيتك؟ هل تم تعيين أشخاص متميزين في هذه المناصب؟ وهل تعطيهم الاهتمام اللازم الذي يستحقونه؟ هذه الأسئلة الاستراتيجية يجب على الرؤساء التنفيذيين التعامل معها بأنفسهم، وليس فقط تركها لأقسام الموارد البشرية أو معالجتها في جلسات مراجعة المواهب.

شون براون: ترى أن تأمين مستقبل المؤسسة إحدى الأولويات التي ذكرتها لمرحلة منتصف الفترة. هل يمكنك شرح ما يعنيه ذلك بالتفصيل؟

كارولين ديوار: يواجه الكثير من الرؤساء التنفيذيين أزمات في فترة ما من ولايتهم، سواء كانت هذه الأزمات ناشئة داخليًا أو نتيجة لصدمات خارجية. كيفية التعامل مع هذه الأزمات يمكن أن تحدد إما النجاح المذهل أو فشل مسيرة رئيس تنفيذي، وبالطبع، مصير الشركة نفسها. شاركنا كين فرايزر، الرئيس التنفيذي السابق لشركة ميرك، تمرينًا يقوم به فريقه سنويًا لتقييم المخاطر الرئيسية. يطلق عليه البعض اسم "محاكاة ما قبل الكارثة": حيث تتخيل الفريق يواجه أزمة. تسأل نفسك، ما الذي يمكن أن يسبب هذه الأزمة؟ وما الإجراءات التي يجب علينا اتخاذها الآن لضمان عدم حدوثها، أو لكي نكون مستعدين في حال حدوثها؟

يتبع "ريد هاستينغز" من نتفلكس نهجاً مماثلاً. يتساءل فيه: "ماذا لو اختفت نتفلكس في غضون عشر سنوات؟ ما الذي قد يسبب ذلك؟" هذا النوع من التخطيط الاستراتيجي يساعد الفرق القيادية على التحضير للمستقبل. فمن الضروري أيضًا أن يكون هناك توافق بين الرؤساء التنفيذيين ومجلس الإدارة حول رؤية الشركة، لتسهيل اتخاذ القرارات العاجلة. كما يجب تطوير علاقات قوية مع الأطراف الخارجية لضمان تقديم الدعم في أوقات الأزمات. فعلى سبيل المثال، خلال الأزمة المصرفية، كان الرؤساء التنفيذيون الذين كانت لهم علاقات قوية مع الهيئات التنظيمية والأسواق هم محور الثقة.

من ناحية أخرى، من المهم امتلاك نموذج تشغيلي فعّال لإدارة الأزمات. لذا ينبغي على الرؤساء التنفيذيين تجنب الانغماس في التفاصيل الصغيرة، وترك إدارة الأزمة لفريق يمكنه التعامل معها بكفاءة، مما يسمح لهم بالتركيز على القرارات الإستراتيجية.

وأخيرًا، تشبه مهمة الرئيس التنفيذي الماراثون أكثر من كونها سباق قصير. قد تكون قد اجتزت الجزء الأول من ولايتك بناءً على عزيمتك القوية. لكن، من المعتاد أن يشعر القادة بالتعب في هذه المرحلة، وكذلك فرقهم. هذا هو الوقت المثالي للتفكير في آخر مرة تلقيت فيها تدريباً أو استشارة. هل بحثت عن وجهات نظر أخرى لتقييم قيادتك؟ هل قمت بتقييم كفاءة استخدام الطاقة في الفريق وطرق التعامل مع التفاعلات السلبية داخله؟ ما هو مستوى الصعوبات أو المشاكل التي تواجهونها في العمليات اليومية، وهل هناك إمكانية لجعلها أكثر سلاسة؟

Explore a career with us