الذكاء الاصطناعي التوليدي يرسم ملامح مستقبل قطاع الأزياء

| مقالة

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر نرحب بتعليقاتكم على البريد الالكتروني التالي: reader_input@mckinsey.com

مع اختتام أسابيع الموضة للموسم الحالي في لندن وميلانو ونيويورك وباريس، تسعى العلامات التجارية لإنتاج وبيع التصاميم التي قدمتها على منصات العرض، إلى جانب البدء بتصميم وإعداد تشكيلات الموسم القادم. ويمكن لهذه التصاميم مستقبلًا أن تدمج براعة المدير الإبداعي مع قوة الذكاء الاصطناعي التوليدي لطرح الأزياء والإكسسوارات في الأسواق بسرعة أكبر، وبيعها بكفاءة أعلى، إلى جانب الارتقاء بتجارب العملاء.

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

وتحظى منصة "شات جي بي تي" من شركة "أوبن إيه آي" اليوم بشهرة متنامية، وهي عبارة عن روبوت دردشة أحدث ضجة واسعة بين عشية وضحاها، وأثار سباقًا رقميًا لبناء وإطلاق الشركات المنافسة. وتشكل منصة "شات جي بي تي"وتحظى منصة "شات جي بي تي" من شركة "أوبن إيه آي" اليوم بشهرة متنامية، وهي عبارة عن روبوت دردشة أحدث ضجة واسعة بين عشية وضحاها، وأثار سباقًا رقميًا لبناء وإطلاق الشركات المنافسة. وتشكل منصة "شات جي بي تي" إحدى الأمثلة الكثيرة على سهولة استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهو تقنية تتكون من خوارزميات يمكن الاستفادة منها في إنشاء أشكال جديدة من المحتوى، بما في ذلك مقاطع الصوت والرموز والصور والنصوص وعمليات المحاكاة ومقاطع الفيديو. وبدلًا من أن تقتصر مهمته على تحديد وتصنيف المعلومات فقط، يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي إنشاء معلومات جديدة بالاستفادة من نماذج أساسية قائمة على تقنية التعلم العميق، والتي يمكنها تنفيذ عدة مهام معقدة في نفس الوقت. وتشمل الأمثل على ذلك منصة "جي بي تي" الإصدار 3.5 وتطبيق "دال-إي". (لمزيد من المعلومات عن الذكاء الاصطناعي التوليدي وتقنيات تعلم الآلة، يمكن الاطلاع على مقالتين بعنوان "ما هي تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدية؟"1 و"ظهور تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي: دور أدوات مثل شات جي بي تي بإحداث تغيير إيجابي في قطاع الأعمال".2)

ويختبر قطاع الأزياء تقنيات الذكاء الاصطناعي الأساسية وغيرها من التقنيات المتقدمة، مثل الميتافيرس، والأصول الرقمية، وأنظمة التحقق من الهوية الرقمية، والواقع المعزز أو الافتراضي، ومع ذلك فقد بقيت تجارب استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي محدودة فيه. وصحيح أن هذه التقنية الناشئة لم تصبح متاحة على نطاق واسع إلا منذ فترة وجيزة فقط، وأنها لا تزال تتضمن الكثير من الأخطاء والعيوب المثيرة للقلق؛ إلا أن جميع المؤشرات تؤكد إمكانية تطورها بسرعة فائقة بما يتيح لها إجراء تغييرات جذرية في الكثير من جوانب القطاع. وتشير تحليلات ماكنزي إلى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكن أن يضيف أرباحًا تشغيلية في قطاع الموضة والأزياء والمنتجات الفاخرة تتراوح قيمتها بين 150 مليار دولار أمريكي على أقل تقدير، وحتى 275 مليار دولار أمريكي خلال الفترة بين الأعوام الثلاثة إلى الخمسة القادمة. كما توفر هذه التقنية مجالات جديدة للإبداع، بدءًا من التصميم المشترك ووصولًا إلى تسريع وتيرة عمليات تطوير المحتوى؛ فضلًا عن إمكانية إدخال جميع أشكال البيانات "غير المنظمة" - مثل النصوص والصور ومقاطع الفيديو غير الجاهزة - لإنتاج أنواع جديدة من الوسائط، والتي تتراوح بين النصوص الكاملة والتصاميم ثلاثية الأبعاد والنماذج الافتراضية ذات الطابع الواقعي للحملات الترويجية القائمة على مقاطع الفيديو.

وعلى الرغم من حداثة عهد الذكاء الاصطناعي التوليدي، فقد شهدنا ظهور حالات استخدام واضحة لهذه التقنيات في قطاع الأزياء. (وتنطبق الكثير من حالات الاستخدام هذه على قطاعي مستحضرات التجميل والمنتجات الفاخرة). ويمكن لهذه التقنية تحقيق نتائج مهمة في مجالات تشمل ابتكارات المنتجات والتسويق والمبيعات وتجارب العملاء، وقد تعود بمنافع أكبر على المدى القصير بالمقارنة مع المجالات الأخرى ضمن سلسلة القيمة الخاصة بقطاع الأزياء. ونقدّم في هذه المقالة مجموعة من حالات الاستخدام الواعدة لهذه التقنية، ونستعرض الخطوات التي يمكن للرؤساء التنفيذيين اتخاذها للبدء باعتمادها، بالإضافة إلى المخاطر التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار.

يرتبط مفهوم الذكاء الاصطناعي التوليدي من وجهة نظرنا بالوفرة والتسريع وليس مجرد تقنية للأتمتة، أي أنه يمنح الخبراء والمبدعين في قطاع الأزياء الأدوات التقنية اللازمة لتنفيذ مهام محددة بسرعة كبيرة، وبالتالي تخصيص وقت أكبر لإنجاز المهام التي يمكن للبشر وحدهم تنفيذها. كما يعني ذلك إمكانية تطوير أنظمة قادرة على توفير خدمات أفضل للعملاء. وفيما يلي طريقة البدء باستخدام هذه التقنيات.

بناء فهم واضح حول حالات الاستخدام

يمكن للذكاء الاصطناعي إحداث تأثيرات إيجابية واسعة في قطاع الأزياء، حيث يتيح لشركات الأزياء إمكانية استخدام التكنولوجيا لابتكار تصاميم تحظى بمبيعات أفضل، وخفض تكاليف التسويق، وإضفاء الطابع الشخصي على أنشطة التواصل مع العملاء، وتسريع العمليات التشغيلية. كما تسهم هذه التقنيات في إعادة تشكيل سلسلة التوريد والخدمات اللوجستية، وتحسين العمليات في المتاجر، وتنظيم الوظائف ودعمها (يُرجى مراجعة الشريط الجانبي "حالات استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في قطاع الأزياء").

تطوير المنتجات والابتكار

بدلًا من الاعتماد بشكل حصري على تقارير التوجهات وتحليلات السوق للحصول على المعلومات الضرورية لابتكار تصاميم الموسم القادم، يمكن لكل من تجار التجزئة في مجال الأزياء والمدراء الإبداعيين لدى العلامات الفاخرة استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لتحليل أنواع مختلفة من البيانات غير المنظمة في الوقت الفعلي. إذ تتيح هذه التقنية، على سبيل المثال، إمكانية تجميع وإجراء التحليلات الخاصة بتقييمات العملاء من مقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، أو إعداد نماذج خاصة بالتوجهات من مصادر متعددة لبيانات العملاء.

ويمكن للمدراء الإبداعيين وفرق عملهم إدخال الرسومات والتفاصيل التي يرغبون بها - مثل الأقمشة والتدرجات اللونية والأنماط - إلى المنصات الرقمية المدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي، والتي تقوم بدورها تلقائيًا بإعداد مجموعة من التصاميم، ما يتيح للمصممين إمكانية اختبار مجموعة واسعة من الأنماط والإطلالات. ويمكن لفريق العمل بعدها تصميم عناصر جديدة بناءً على هذه النتائج، ومنح علامة الأزياء إمكانية إضافة بصمتها الخاصة على كل واحدة من تلك الإطلالات. ويسهم ذلك في إفساح المجال أمام إبداع منتجات مبتكرة ومحدودة الإصدار قد تشكل أيضًا ثمرة تعاون بين علامتي أزياء. ويمكن تصميم منتجات مثل النظارات بشكل مخصص للأفراد عن طريق استخدام تقنية التعرف على الوجوه المدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي لمسح قسمات الوجه، وتعديل النظارات بناءً على الحجم والتصميم المفضلين لدى العميل.

وأصبح هذا السيناريو واقعًا حقيقيًا في ديسمبر عام 2022، عندما قامت مجموعة من مصممي الأزياء في هونغ كونغ، والعاملين في "مختبر الذكاء الاصطناعي في التصميم" (AiDLab)، بتنظيم عرض للأزياء يتضمن تصاميم مدعومة بتقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي.3 ويستخدم مصممو الأزياء الأدوات التي توفرها شركات التكنولوجيا، مثل "كالا" و"ديزاينوفل" و"فاشابل"، للاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي في ابتكار أفكار جديدة، وتجربة الكثير من أشكال التصميم دون الحاجة إلى إنتاج عينات عالية التكلفة، فضلًا عن تسريع عملياتهم بشكل كبير. (أما بالنسبة لشركات التجميل، يوفر الذكاء الاصطناعي التوليدي أيضًا إمكانية تحديد تركيبات جديدة للمنتجات، مع المساعدة في خفض تكاليف التجارب في المختبرات).

التسويق

يمكن لمدراء ووكالات التسويق استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لجمع الأفكار حول استراتيجيات حملات التسويق، ومحتوى الحملات الخاصة بالمنتجات، وتصميم الصور الرمزية الافتراضية لكل قناة تسويق بسرعة كبيرة.

وترتكز حملات التسويق الناجحة على الأرقام في أحيان كثيرة. وتشكل منصة تيك توك مثالًا على ذلك، إذ من غير الممكن تحديد توليفة ناجحة واحدة لتحقيق الانتشار على المنصة؛ وإنما يرتبط النجاح بعدد الفيديوهات على المنصة، والتي يمكن من خلال زيادتها أن تتحول إلى توجه سائد وتسهم في تعزيز حضور العلامة التجارية وزيادة مبيعاتها. ويمكن إنشاء منصة فيديو قائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي لإعداد مقاطع فيديو قصيرة المدة خصيصًا لمنصة تيك توك أو غيرها من منصات التواصل الاجتماعي، ما يسهم في توفير الوقت والتكاليف المرتبطة بنشر المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي. ويمتاز الذكاء الاصطناعي التوليدي بقدرته على معرفة أنماط وتوجهات المحتوى واسع الانتشار، وإنشاء محتوى جديد يحاكي هذه المواصفات لأغراض التسويق.

وتساعد هذه الابتكارات فرق التسويق الداخلية على إدارة أعباء العمل الخاصة بها، وخفض حالات تعهيد الأعمال إلى الوكالات الإبداعية الخارجية. وقد تتوخى فرق التسويق الحذر في اتباع هذه المنهجية، إذ يمكن أن تؤدي محاولة الوصول إلى المستهلكين من خلال تقليد إجراءات العلامات الأخرى إلى تغييب الهوية المؤسسية الفريدة والقيمة المميزة التي تسعى العلامة لبنائها على مدى أعوام طويلة.

ويمكن استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي أيضًا في أنشطة التواصل المخصصة مع العملاء. وتشير أبحاث ماكنزي إلى ارتفاع عائدات الشركات الناجحة بمجال أنشطة التواصل المخصصة بنسبة 40% بالمقارنة مع الشركات التي لا تستفيد من هذه الأنشطة.4

وتساعد الكثير من الشركات الناشئة، مثل "كوبي إيه آي" و"جاسبر إيه آي" و"رايتسونيك" وغيرها، على توفير أنشطة تسويق رائدة وواسعة النطاق بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي التوليدي. ويمكن لخبراء التسويق استخدام هذه الأدوات لأداء مهامهم الوظيفية اليومية على النحو التالي: اختيار نوع المحتوى الذي يرغبون بإنشائه، سواء كان عبارة عن رسالة بريد إلكتروني أو منشور طويل أو غيرها؛ وإضافة مدخلات توضح موضوع التسويق؛ وتحديد الجمهور المستهدف وغيرها من المعايير الأخرى، مثل أسلوب الحوار، والتي تساعد على إنشاء أنشطة تواصل تسويقية تنسجم مع توجهات العلامة. وتوفر أدوات الذكاء الاصطناعي بعدها عددًا من نماذج التسويق التي يمكن للخبراء الاختيار منها.

وتكتسب هذه الأدوات أهمية كبيرة عند استخدامها مع قنوات التسويق الفرعية (التي غالبًا ما يتم استخدامها لحفز المبيعات من خلال التحول نحو استقطاب العملاء المحتملين) وليس مع أنشطة التواصل الأساسية الخاصة ببناء الهوية المؤسسية للعلامة التجارية. ويتعين على خبراء التسويق توجيه أنشطة التسويق وتحريرها عند استخدام هذه الأدوات.

المبيعات وتجارب المستهلكين:

تستخدم تطبيقات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي اليوم قدرات معالجة أكبر للغة الطبيعية، بهدف فهم البشر والتواصل معهم بشكل أفضل، وتشكّل إصدارًا أكثر تطورًا بالمقارنة مع تطبيقات الدردشة الحالية المدعومة بالذكاء الاصطناعي. وعلى الرغم من ذلك، فلا تتوفر (حتى الآن) روبوتات دردشة قائمة على الذكاء الاصطناعي يمكن استخدامها بشكل موثوق في مجال الأعمال، إذ لا تزال روبوتات الدردشة وأدوات توليد النصوص الحالية ترتكب الكثير من الأخطاء التي قد تتسبب بمشاكل خطيرة في مجال خدمة العملاء. ولكن يمكن لهذه التقنيات أن تساعد موظفي دعم العملاء على الاستعانة بمصادر خارجية للإجابة على الاستفسارات المعقدة، مثل استخدام روبوتات الدردشة لتوفير إجابات مخصصة بعدد كبير من اللغات.

ونشهد اليوم توافر خدمات تشمل تعيين "ممثل" عن العلامة التجارية، وهو عبارة عن روبوت مدعوم بالذكاء الاصطناعي التوليدي، للتعامل مع استفسارات خدمة العملاء عبر البريد الإلكتروني، وتطبيقات الدردشة، والنصوص، والمنصات التابعة إلى العلامة التجارية. وتساعد هذه الخدمات على خفض فترات الانتظار في قسم خدمة العملاء، وتحسين أوقات الاستجابة.

يمكن لمحركات الذكاء الاصطناعي التوليدي أيضًا تقديم الخدمات إلى العلامات التجارية الفاخرة، ولا سيما فيما يتعلق بترسيخ "العلاقات مع العملاء"، وهي إحدى استراتيجيات تجارة التجزئة التي تتضمن قيام شركاء المبيعات بتطوير علاقات طويلة الأمد مع العملاء الذين ينفقون الكثير من الأموال على منتجات العلامة بغرض تشجيعهم على الشراء وتعزيز ولائهم للعلامة. (على سبيل المثال، يمكن للعلامات التجارية المرموقة الارتقاء بمعدل تحويل المبيعات بنسبة تتراوح بين 60 إلى 70% في المتاجر الفاخرة من خلال خدمة التسوق بموجب موعد مسبق.5) وتحافظ هذه العمليات على طابعها اليدوي والشخصي إلى حد ما، حيث تعتمد على قيام شركاء مبيعات العلامة التجارية بالتواصل مع العملاء من خلال مجموعة متنوعة من منصات التراسل أو الرسائل النصية، ويقتصر تنفيذ هذه الأنشطة على أوقات عمل هؤلاء الشركاء. ويمكن للأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي الحفاظ على استمرارية التواصل مع العملاء، وتقديم توصيات حول تصاميم الأزياء بعد مغادرة المتسوق للمتجر، وتدريب شركاء المبيعات حول كيفية التفاعل مع العملاء، وتخصيص أنشطة التواصل الخاصة بعملاء محددين، وتحليل ملفات تعريف المستهلكين، والتواصل في الوقت الفعلي عبر الإنترنت.

وفي يوليو 2022، أشارت شركة "ستيتش فيكس"، المتخصصة بتجارة الملابس، إلى قيامها باختبار قدرات منصتي "جي بي تي -3" و"دال-إي 2"، وهما من أدوات تحويل النصوص المدعومة بتقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي، بهدف تعزيز المبيعات وزيادة رضا العملاء من خلال تزويدهم بخدمات تسوق أفضل لمنتجات الأزياء. ويجري اختبار النماذج التي تولدها هذه الأدوات لمساعدة المصممين على تفسير حزم ملاحظات العملاء بسرعة ودقة عالية لتصميم منتجات مخصصة يزداد احتمال شرائها من قبل العملاء. وعلى سبيل المثال، يمكن لأداة الذكاء الاصطناعي تحليل جميع ملاحظات العملاء، والتي قد تتضمن مئات التعليقات النصية، والاستفسارات عبر البريد الإلكتروني، وتصنيفات المنتجات، والمنشورات على شبكة الإنترنت. وإذا كانت تعليقات أحد العملاء تركز على "المقاس مثالي" و"الألوان الزاهية" لأحد تصاميم السراويل، يمكن لمنصة "دال-إي" توليد صور مشابهة للسراويل التي قد يرغب العميل بشرائها. ويمكن للمصمم بعدها العثور على عناصر مماثلة في مخزون "ستيتش فيكس"، وعرضها على ذلك العميل.

وتشكل تجربة الارتداء الافتراضية للملابس مثالًا آخر عن دور الذكاء الاصطناعي التوليدي في تحسين المبيعات وتجارب المستهلكين. وتوفر شركة "فيسوال"، التي تتخذ من باريس مقرًا لها، تجارب ارتداء افتراضية متكاملة لملابس شركات التجارة الإلكترونية المتخصصة بالأزياء، ما يتيح للعملاء إمكانية اختيار أنماط التصاميم والملابس لتجربتها.

الانطلاقة الصحيحة

على الرغم من التطور الكبير والمثير للاهتمام الذي شهدته تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، لا يزال يتعين على الشركات توخي الحذر قبل إسناد مهامها الأساسية بشكل كامل إلى هذه التقنيات. وبالمقابل، قد يؤدي تجاهل الإمكانيات التي توفرها هذه التقنيات إلى ظهور مخاطر مماثلة بالنظر إلى سرعة تطورها، والنمو الهائل الذي شهدته قاعدة مستخدميها. وينبغي للمسؤولين التنفيذيين الآن التفكير بالسبل التي تتيح لشركاتهم فرصة الاستفادة من الذكاء الاصطناعي التوليدي، وفيما يلي بضع خطوات للبدء في ذلك.

التركيز على القيمة بالدرجة الأولى

يتعين على قادة قطاع الأزياء تحديد المجالات التي يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي تحقيق القيمة الأكبر لشركاتهم من خلالها. وينبغي البدء بمعرفة المجالات القادرة على تحقيق الاستفادة المثلى من هذه التقنية (مثل التصميم الإبداعي، أو الأنشطة التجارية، أو مسارات حملات التسويق، أو العلاقات مع العملاء). ويمكن للقادة بعدها تحديد الأولويات الخاصة بحالات استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي التي يتعين عليهم الاستعانة بها بناءً على مستوى تأثيرها على شركاتهم. وتشمل الخطوات عالية التأثير تحسين مستويات رضا العملاء وخفض فترات الانتظار في قسم خدمة العملاء.

وبمجرد تحديد القيمة، ينبغي ترتيب الأولويات الخاصة بحالات الاستخدام بحسب جدوى تطبيقها، ومعرفة مدى سهولة استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي استنادًا إلى عوامل مثل المهارات التقنية لفريق العمل. وبعدها، يتعين على فريق العمل تطوير خارطة طريق قصيرة المدى لاختبار حالات الاستخدام هذه والتحقق منها، كما يمكنهم في نفس الوقت تحديد الأهداف بعيدة المدى، مثل سبل بناء منصة للتصميم القائم على الذكاء الاصطناعي التوليدي، والتي يمكن ترقيتها واستخدامها من قبل مصممي الأزياء في كل موسم.

وقد يكون من الجيّد استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لتقديم أفكار وتصاميم خارجة عن المألوف، ولكن الاستفادة من قدراته تتطلب بذل جهود إضافية. بالتالي يتعين على المسؤولين التنفيذيين في قطاع الأزياء التركيز على بناء الأدوات التي يمكنها توفير قيمة حقيقية، بدلًا من تجربة الأدوات القائمة بشكل عشوائي.

معرفة المخاطر والتخطيط للحد منها

طرحنا في إحدى مقالاتنا السابقة قائمة تضم مجموعة من مخاطر استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي. وتتمثل إحدى هذه المخاطر في أن المعايير القانونية المتعلقة باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لا تزال قيد الإعداد. كما نشهد أحيانًا توجيه انتقادات إلى المصممين لقيامهم بتقديم أعمال مشتقة وتصاميم مقلّدة. ويتم تحديد أصحاب الملكية الفكرية والحقوق الإبداعية في الأعمال المدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي على أساس كل حالة على حدة حتى يتم توفير سابقة قضائية يمكن الاعتماد عليها، وذلك بالاعتماد على مصادر متعددة للبيانات مثل التشكيلات السابقة لمصممين آخرين. (يمكن أن تتورط علامات الأزياء في مشاكل قانونية عند ظهور تقنيات جديدة، ومن الأمثلة على ذلك نجد النزاع القضائي بين علامة "هيرميس" والفنان "ماسون روتشيلد" حول الرموز غير القابلة للاستبدال التي تحمل اسم "ميتابيركين"، والتي صدر حولها حكم قضائي بأنها تنتهك العلامة التجارية لشركة "هيرميس").

وثمة مخاطر أخرى تتمحور حول التحيّز والعدالة في أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي، ولا سيما فيما يتعلق بمجموعات البيانات المتحيّزة، والتي يمكن أن تؤدي إلى ظهور تحديات تتعلق بالسمعة للعلامات التجارية التي تعتمد على هذه التكنولوجيا. وعلى سبيل المثال، إذا قامت إحدى أدوات توليد الصور بإعداد حملة إعلانية تتضمن صورًا مسيئةً أو غير لائقة ومشاركتها حول العالم، فقد يؤدي ذلك إلى تضرر سمعة العلامة التجارية. وقد تخفق الشركة في التخفيف من الأضرار وتهدئة غضب المستهلكين من خلال إلقاء اللوم على نظامها الخاص بالذكاء الاصطناعي.

وثمة مخاطر أخرى تتمثل في عدم إدراك الموظفين لأوجه القصور في استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، وعدم قدرتهم على التحقق من الأخطاء التي تسببها هذه التقنية. ويجب على الشركات في هذا الحالة توفير برامج تدريبية منتظمة لموظفيها، وتزودهم بالموارد التي يحتاجونها لفهم طرق استخدام هذه التقنيات.

وعلى الرغم من الطابع الحتمي لهذه المخاطر، يمكن للمسؤولين التنفيذيين التخفيف من تأثيراتها المحتملة من خلال اتخاذ إجراءات لضمان الجودة ومعالجة المخاطر والقضايا المرتبطة بأخلاقيات العمل.

صقل مهارات القوة العاملة

يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي أن تضيف قيمة كبيرة في مجالات العمل المختلفة، لذا ينبغي تعليم الموظفين وتدريبهم على استخدام هذه التقنية، بما في ذلك المصممين وخبراء التسويق وشركاء المبيعات وموظفي قسم خدمات العملاء.

وقامت بعض الشركات فعليًا بتقديم برامج تدريبية تركز على الذكاء الاصطناعي. وعلى سبيل المثال، أطلقت شركة "ليفي شتراوس" عام 2021 برنامجًا تدريبيًا على تقنيات تعلّم الآلة، يهدف إلى تدريب الموظفين غير الملمّين بالتكنولوجيا على طرق استخدام تقنيات تعلّم الآلة في عمليات التصميم في الشركة، ما أتاح للموظفين الذين استكملوا البرنامج القدرة على ابتكار أدوات ذكاء اصطناعي ذات صلة بعملهم.6 ويتمثل أحد أهداف الشركة من إطلاق البرنامج في زيادة تنوع الموظفين الذين يتمتعون بالمعارف التقنية، ما يتيح للشركة إمكانية الكشف عن المشكلات التي قد يغفل عنها الموظفون ذوي الخبرات التقنية التقليدية. كما يساعد البرنامج فرق العمل ذات التخصصات المختلفة، مثل فرق التصميم والفرق الهندسية، على التواصل بشكل أفضل والعثور على أرضية مشتركة. وتوصلت الشركة إلى أن البرنامج ساهم في تحسين معدلات الاحتفاظ بالموظفين.7

تكتسب أنشطة التعاون أبعادًا جديدةً عند توافر قوة عمل تتمتع بالخبرة في مجال الذكاء الاصطناعي. ويتعين على قادة الأعمال البحث عن السبل المتاحة لتحديد المسؤوليات وتحقيق التعاون الجماعي بين الأدوار الوظيفية التقنية وغير التقنية. ويمكن لفريقي التصميم وهندسة البرمجيات عقد اجتماعات أسبوعية لقياداتها، بهدف إعداد خرائط الطريق الفصلية، وحضور جلسات عمل مشتركة لكلا الفريقين. ويمكن لخبراء التصميم تقديم قائمة باحتياجاتهم المتعلقة بالرؤى والأدوات المحددة (مثل الأدوات التي تقوم بتوليد أنماط تصميم مختلفة من رسم أولي واحد)، لتقوم الفرق الهندسية بتطوير هذه الأدوات.

الشراكة مع مزودي الدعم التقني المناسبين

يتعين على شركات الأزياء الاستثمار في موظفيها للاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي، ولكن ليس بالضرورة أن تقوم بتطوير التطبيقات أو النماذج الأساسية بنفسها. وبدلًا من ذلك، يمكن لقادة الأزياء عقد شراكات مع الشركات والخبراء المتخصصين بالذكاء الاصطناعي التوليدي لتسريع وتيرة اعتماد هذه التقنيات. كما يمكن للمسؤولين التنفيذيين في قطاع الأزياء الشراكة مع إحدى الشركات التي توفر تقنيات جديدة (مثل "مايكروسوفت" أو "أوبن إيه آي") أو العثور على شركاء يمكنهم توفير قدرات داعمة (مثل الحوسبة السحابية أو واجهات برمجة التطبيقات).


مع تسارع نمو حالات الاستخدام المحتملة لتقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، فإن مستقبل هذه التقنية في قطاع الأزياء والمنتجات الفاخرة لا يزال قيد التطوير. ومع ذلك، فإن تجربة أدوات جديدة اليوم يعني فتح المجال واسعًا أمام إطلاق إمكانيات هائلة في المستقبل.

Explore a career with us