استغلال تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي في تحسين العمليات وتحقيق أقصى قدر من القيمة

| تدوينة صوتية

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر نرحب بتعليقاتكم على البريد الالكتروني التالي: reader_input@mckinsey.com

في هذه الحلقة من بودكاست "McKinsey Talks Operations"، يستضيف "كريستيان جونسون" ضيفيه الشريكين بمؤسسة ماكنزي، "نيكولاي مولر" و"ماري الحويك" حيث يناقش الضيفان - المختصان بممارسات عمليات ماكنزي – موضوع حول كيفية قدرة الذكاء الاصطناعي التوليدي أن يعيد صياغة قواعد الأعمال. ويتطرق الحوار إلى كيفية أتمتة العمليات المعقدة واستغلال الفرص الجديدة التي يوفرها عبر مختلف الصناعات، مع تقديم رؤى عميقة حول تحسين الإنتاجية، والاعتبارات الهامة للنظام، والقدرات الأساسية التي تحتاجها الشركات لإدماج هذه التقنيات بنجاح.

كريستيان جونسون: تتطلب الحاجة إلى عمليات سريعة، ومرنة، وفعّالة تركيزًا خاصًا في مستقبل شركتك. أنا كريستيان جونسون، مضيف برنامج "McKinsey Talks Operations"، البودكاست الذي يقدم فيه قادة العالم التنفيذيون وخبراء ماكنزي رؤاهم القيمة والمثمرة، نخترق معًا الآفاق ونكتشف كيف يمكن إنشاء واقع عملي جديد. في هذه الحلقة التي نسجلها في أواخر عام 2023، نلاحظ أن الذكاء الاصطناعي التوليدي، أو الذكاء الاصطناعي العام، بات محورًا رئيسيًا في النقاشات حول الرقمنة والتحليلات والعمليات. هذه التكنولوجيا الجديدة للتعلم العميق تحدث بالفعل تأثيرًا ملحوظًا في تطبيقات مختلفة عبر سلسلة القيمة.

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

كريستيان جونسون: في حلقة اليوم، يشرفني أن أرحب بضيفين مميزين. ضيفتنا الأولى هي "ماري الحويك"، الشريكة المقيمة في مكتب لندن، والضيف الثاني هو "نيكولاي مولر"، الشريك الرئيسي في مكتب كولونيا. سنغوص معًا في عالم الذكاء الاصطناعي التوليدي ودوره في العمليات. سنناقش كيف يختلف هذا النوع من الذكاء الاصطناعي عن التوائم الرقمية وتقنيات الذكاء الاصطناعي الأخرى، بالإضافة إلى استكشاف إمكانياته والمخاطر المرتبطة به. كما سنتحدث عن الخطوات اللازمة لبدء استخدام هذه التقنيات. "نيكولاي"، أنا سعيد بوجودك هنا اليوم. مرحبًا بك.

نيكولاي مولر: شكرًا لك، "كريستيان". يسعدني جدًا أن أكون معك اليوم.

كريستيان جونسون: "ماري"، سعيد جدًا لانضمامك إلينا اليوم ومشاركة خبرتك. نشكرك على تواجدك معنا.

ماري الحويك: أنا سعيدة جدًا بوجودي معكم يا "كريستيان".

كريستيان جونسون: جميل. "نيكولاي"، هل يمكنك أن توضح لنا سبب أهمية الذكاء الاصطناعي التوليدي بالنسبة لقادة العمليات، ولماذا يجب عليهم الاهتمام به بشكل خاص في الوقت الحالي؟

نيكولاي مولر: في الماضي، كان الهدف الرئيسي في العمليات هو تحقيق السرعة والكفاءة، ودفع الإنتاجية إلى الأمام. استخدمنا أساليب مثل التصنيع المرن وتوظيف المصادر الخارجية، وأعدنا النظر في سياسات الشراء، بالإضافة إلى الاعتماد على التكنولوجيا. الآن، نجد أن هذه الجهود لتعزيز الإنتاجية تواجه تحديات أكبر وتتطلب تعقيدات جديدة.

أما في الوقت الحالي، نشهد ظهور تقنية جديدة مثيرة ألا وهي: الذكاء الاصطناعي التوليدي، هذه التكنولوجيا تعد بتغيير قواعد اللعبة في مجال أتمتة العمليات، خاصةً تلك التي كانت صعبة الأتمتة سابقًا، مثل الأعمال التي تتطلب تعاونًا إداريًا معقدًا والتي يديرها البشر حتى الآن. كما أنها توفر طرقًا جديدة لإدارة البيانات المعقدة. نطرح اليوم سؤال مهم: ما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه الذكاء الاصطناعي التوليدي في تعزيز الإنتاجية؟ هذا ما نحتاج إلى معرفته.

أظهرت دراسة أجراها معهد ماكنزي العالمي أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكنه الآن أتمتة نحو 50% من المهام الروتينية في مجالات مثل التعاون والإدارة. وعندما يتعلق الأمر بمعالجة البيانات المعقدة، هناك فرصة لتحقيق قفزة كبيرة في الأتمتة. وهذا يمكن أن يؤدي إلى خلق قيمة هائلة في العديد من الصناعات والوظائف، مثل الصناعات الدوائية، وصناعة السيارات، والهندسة، والمشتريات، وسلاسل التوريد، وعمليات العملاء. وتتراوح القيمة المتوقعة هنا بين 3.5 إلى 4 تريليون دولار، مما يعادل تقريبًا الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة.

كريستيان جونسون: حدثني "نيكولاي" عن بعض الفرص الخاصة التي يهتم بها عملاؤك في الوقت الحالي؟ ما هي المجالات المحددة التي تركزون عليها الآن؟

نيكولاي مولر: نلاحظ أن عملائنا يركزون بشكل كبير على تطوير المنتجات بسرعة. عندما ندرس تطوير المنتجات، خصوصًا في مجال تطوير البرمجيات، نجد أن هناك زيادة تصل إلى 50% في الإنتاجية. هذا يحدث من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لكتابة الكود البرمجي استجابةً لتعليمات بسيطة مثل "أريد برنامجًا يفعل XY". باستخدام أدوات مثل "ChatGPT" وغيرها، يتم إنشاء الحلول تلقائيًا. هذه واحدة من الطرق التي يصبح فيها الذكاء الاصطناعي التوليدي مساعدًا للبشر، حيث يساعدهم في مجموعة متنوعة من المهام من إدارة البرامج إلى المشتريات، وتعزيز كفاءة مديري سلسلة التوريد في أداء مهامهم.

كريستيان جونسون: شكرًا، "نيكولاي"، على هذه المعلومات القيمة. لقد ساعدتنا في فهم السبب وراء أهمية الذكاء الاصطناعي التوليدي وبعض الفرص المتاحة في هذا المجال. الآن، نريد أن نعرف المزيد والمزيد حول الذكاء الاصطناعي التوليدي نفسه. "ماري"، هل يمكنك أن تقدمي لنا مزيد من التفاصيل حول طبيعة هذا النوع من الذكاء الاصطناعي؟

ماري الحويك: الذكاء الاصطناعي التوليدي هو تقنية متطورة تجمع بين الذكاء الاصطناعي ومعالجة اللغة الطبيعية. هذه التقنية تتيح في الأساس للآلات تحليل وفهم المحتوى، سواء كانت نصوصًا أو صورًا. فكرة الذكاء الاصطناعي التوليدي تتمحور حول تعليم الآلات إنشاء محتوى مشابه لما يمكن أن ينتجه الإنسان.

ولنفهم أكثر عن الذكاء الاصطناعي التوليدي، من الجيد أن نعرف الأجيال المختلفة من نماذج اللغة الكبيرة (LLMs). إذ تُشكل هذه النماذج أساس ما يُعرف اليوم بالذكاء الاصطناعي التوليدي. أحد أبرز هذه النماذج هو " GPT-3"، وهذه الأحرف اختصار لـما يعني "نماذج التوليد الابداعي المدربة مُسبقًا من الجيل الثالث 3". عند إطلاقه، كان يحتوي على 175 مليار بارامتر، وهو حجم المعلومات التي تم تدريب النموذج عليها، والتي تتيح له إنشاء نصوص تتراوح بين كتابة الرسائل والإجابة على الأسئلة. بعد ذلك، تم اطلاق "GPT-4"، الذي شهد زيادة هائلة في المعلومات لتصل إلى 170 تريليون بارامتر. هذا الارتفاع الكبير في المعلومات جعل النموذج أكثر دقة وطلاقة، وأصبح قادرًا على التعامل مع الصور والفيديو أيضًا.

إن القدرة على التحويل التي يوفرها الذكاء الاصطناعي التوليدي هائلة. يمكننا الآن إنشاء محتوى جديد في مختلف الأشكال والسياقات. لكن، من المهم الإشارة إلى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي لا يخلو من المخاطر والتحديات. فهو ليس كالعقل البشري، يعتمد على المنطق والاحتمالات بل يستند إلى المعلومات التي تم تدريبه عليها. بناءً على هذا، قد يقدم الذكاء الاصطناعي التوليدي إجابات خاطئة ولكنها مقنعة، وهو ما نعرفه بـ 'الهلوسة'.

كريستيان جونسون: أجد هذا المصطلح مثيرًا للاهتمام. لكن كيف يمكن التعامل مع هذه التحديات؟ ما هي الاستراتيجيات التي يجب وضعها للتخفيف من هذه المخاطر؟

ماري الحويك: أنت عندما تلقي إجابات من شخص بناءً على معلومات خاطئة، عادةً ما تطلب توضيحات أو توجهه إلى مصدر معين. يمكن تطبيق نفس النهج مع الذكاء الاصطناعي التوليدي. يمكنك تحسين دقة الإجابات من خلال توجيه النظام لاستخدام بيانات محددة أو طلب توضيح أساس الإجابة. على سبيل المثال، يمكنك أن تطلب من الذكاء الاصطناعي أن يستند في إجابته على مجموعة بيانات محددة أو أن يوضح المصادر التي يعتمد عليها في تخميناته.

هناك أيضًا خطر التحيز في النماذج. فكّر في نموذج كان مصدره الإنترنت، والذي قد لا يكون دائمًا المصدر الأكثر موثوقية أو إيجابية. عند استخدام نموذج ذكاء اصطناعي، من المهم مواجهة هذه التحيزات وتوجيه النموذج لتجنب الاعتماد على مصادر غير مناسبة أو معيبة. فهناك تحدٍ آخر يتعلق بالملكية الفكرية. على سبيل المثال، عند استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنشاء كود برمجي، يطرح سؤال: من يملك هذا الكود؟ هل يعود الحق للذكاء الاصطناعي التوليدي الذي أنشأه أم للشخص الذي طلبه؟ هذه المسألة تحتاج إلى حل وتسوية قانونية في القريب العاجل.

كريستيان جونسون: ما أجده مهمًا في هذا النقاش هو التركيز على ضرورة فهم وتحديد الحدود القصوى لمصادر البيانات. هذه النقطة مهمة جدًا في عالم الذكاء الاصطناعي، أليس كذلك؟

ماري الحويك: الفهم الدقيق لمصادر البيانات وإدارتها أمر في منتهي الأهمية. يتطلب توجيه البيانات اهتمامًا خاصًا بجودة وأمان البيانات نفسها. هذا يمثل خطرًا إضافيًا. ومع ذلك، يمكن التغلب على هذه المخاطر بالوعي بها، والتخطيط لها، والتعامل معها بطرق تقلل من تأثيرها وتسيطر عليها. من المثير للاهتمام أن نلاحظ أن اللوائح والمقترحات التشريعية بدأت تتطور لمواجهة هذه التحديات، وأتوقع أننا سنرى المزيد من التطورات في هذا الصدد في المستقبل القريب.

كريستيان جونسون: بالطبع، التقدم الذي شهدناه، من النماذج التي تحتوي على 100 مليار بارامتر إلى تلك التي تضم 170 تريليون بارامتر، هو بالفعل مدهش. أود الآن التركيز على كيفية تطبيق هذه التكنولوجيا ومشاهدة استخداماتها العملية في الشركات اليوم. هل يمكنكم مشاركة بعض الأمثلة الواقعية لكيفية استفادة الشركات من هذه التقنية؟

نيكولاي مولر: أرى أنه من الضروري للعملاء طرح هذا السؤال على أنفسهم: "ما هو التأثير الذي أرغب في تحقيقه باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي؟" الهدف النهائي هو مواجهة تحدي كبير وهو تحسين الإنتاجية. هذا يشمل تحقيق مستويات أعلى من الكفاءة والفعالية في العمليات الخاصة بالشركة.

عند النظر في حالات الاستخدام المختلفة للذكاء الاصطناعي التوليدي، نحاول التركيز على عدة جوانب. أولاً، هناك جانب الأتمتة، حيث يمكن للأشياء التي تستغرق ساعات الآن أن تُنجز في ثوانٍ. ثانيًا، هناك جانب التوسع، فبينما قد يكون الإنسان قادرًا على العمل مع مجموعة محدودة من البيانات، فإن الذكاء الاصطناعي التوليدي يتيح إمكانية الوصول إلى كميات هائلة من البيانات في جميع أنحاء العالم. خاصة وأن الإنترنت منحنا إمكانية الوصول إلى هذه البيانات، والآن، بفضل الذكاء الاصطناعي، يمكننا استخدام وتوليف هذه البيانات بفعالية. نحن نتحدث عن تحقيق نمو كبير في الإمكانيات. وبالطبع بعد كل هذه العناصر التمكينية يأتي عنصر الابتكار.

فلا يتوقف الابتكار في الذكاء الاصطناعي التوليدي عند جعل العمليات الحالية أكثر فعالية أو تسريع تطوير المنتجات، بل يشمل أيضًا خلق أفكار جديدة لميزات وخدمات لم تكن موجودة من قبل. وأحد الأمثلة البارزة هو التحول في مجال تطوير البرمجيات، حيث يتم الآن أتمتة العديد من العمليات التي كانت تتطلب تدخلاً بشريًا. حتى الرئيس التنفيذي لشركة "Nvidia" تحدث عن تغيير جوهري، مشيرًا إلى أن ما كان يتطلب تعلم البرمجة يمكن الآن أتمتته بواسطة الآلات. هذا يمثل تحولًا كبيرًا ليس فقط في مجال البرمجيات.

أما عن تطوير قطع الغيار والأجهزة. يمكن لهذه التكنولوجيا تجميع وفهم متطلبات كبيرة ومعقدة من العملاء، ثم الطلب من الذكاء الاصطناعي التوليدي تحليل كيفية اختلاف هذه المتطلبات عن المنتج النهائي. كما يمكنه أيضًا مقارنة المتطلبات بين المنتجات المختلفة لتحديد الاختلافات والتشابهات. وهذا يساعد في تحقيق توليفة أفضل للمتطلبات وفهم أعمق لها، مما يؤدي إلى تطوير منتجات بشكل أسرع وأكثر فعالية.

أما حينما نتحدث عن توسع قطاع الأدوية والأبحاث، أرى أننا سنشهد تقدم كبير للغاية من حيث الفعالية والإنتاج والبحث. هناك حلول في عالم الأدوية حيث يمكنك أن تتخيل كل جزيء صغير، وتأثيره، وكيفية تفاعله مع الجزيئات الأخرى. إنه أمرًا كبير الاستفادة. لذلك نرى اللقاحات أو المنتجات الدوائية الأخرى يتم تطويرها بشكل أسرع مما كان متوقعًا تقليديًا باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي. وقد يؤدي هذا التوسع إلى حلول أفضل.

أما بالنسبة للابتكار، قد يكون قد مر عليك إحدى شركات تصنيع المعدات الأصلية الألمانية الشهيرة في الولايات المتحدة والتي قامت بدمج "ChatGPT" في منتجاتها حتى يساعدها في التفاعل والتحدث مع سيارتك. هذا هو الابتكار. لكن يا "ماري"، أنت عملتِ معي في هذا المجال. ماذا تعتقدين؟

ماري الحويك: نظرًا لخبرتي الكبيرة في الصناعة والعمليات، فإنني مفتونة خاصةً بتطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي في مجال العمليات. وأكثر ما يثير إعجابي هو القدرة على التفاعل مع مساعد ذكاء اصطناعي يعرف كافة التفاصيل عن عقودك ويمكنه الإجابة على أسئلتك بدقة وبلغة بسيطة. بدلاً من الحاجة إلى تحليل العقود السابقة وتاريخ الأسعار والاتجاهات السوقية، حيث يمكنك ببساطة طرح الأسئلة على الذكاء الاصطناعي. هذا التطبيق، بالنسبة لي، مثير للإعجاب بشكل خاص. بالطبع، هناك العديد من التطبيقات الأخرى المدهشة في مجال إنشاء المحتوى وغيره، لكن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في المشتريات يعد مثالًا بارزًا على قوته وفائدته.

نيكولاي مولر: ما لفت انتباهي أنا و"ماري" هو العدد الهائل من الفرص وحالات الاستخدام الممكنة للذكاء الاصطناعي التوليدي. بمعنى أنه في ورش العمل مع عملائنا، وبعد بضع ساعات فقط، لم نجد فقط خمسة أو ستة استخدامات ممكنة، بل وجدنا أكثر من 150 حالة استخدام عبر وظائف مختلفة تمامًا. وهذه فرصة ضخمة، ولكن التحدي الذي نواجهه هو تحديد نقطة البداية. ما أقول عنه "الذكاء الاصطناعي التوليدي السعيد"، حيث يمكن لمساعدك الشخصي مساعدتك في مهامك اليومية، قد يصبح شائعًا ومتاحًا للجميع. السؤال هو، أين يكمُن الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي يمثل تحولًا حقيقيًا؟ هل يمكن أن يكون عامل تميز لأعمالك؟ هل يضيف قيمة حقيقية ويخلق قيمة لعملائك؟

هذا هو التحدي الحقيقي. كما نقول في ألمانيا، "أحيانًا لا تستطيع رؤية الغابة من كثرة الأشجار". السؤال هو من أين تبدأ وأين تنتهي؟

كريستيان جونسون: المثل القائل "لا يمكن رؤية الغابة بسبب الأشجار" ينطبق تمامًا هنا. تذكرني الحماسة التي تأتي مع ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي، بمنحنى التقبل التكنولوجي الذي يشهد صعودًا حادًا في البداية، حيث يكون الجميع متحمسين للغاية. والسؤال الهام هو تحديد اللحظة التي تصبح فيها التكنولوجيا شائعة وروتينية. هذا يقودنا إلى تساؤل يدور حول كيف تفكر الشركات في القيمة طويلة المدى بدلاً من التركيز فقط على حالات الاستخدام المثيرة التي قد لا تحقق تقدمًا كبيرًا في النهاية؟

نيكولاي مولر: إنه سؤال مُعقد. عند النظر إلى بيانات بحث "جوجل"، التي تعكس بعض الأفكار حول مكاننا على المنحنى التكنولوجي، نجد أن البحث عن الذكاء الاصطناعي التوليدي يزداد بشكل كبير، ليتجاوز الاستفسارات التقليدية. وفي الواقع، نرى زيادة في الاهتمام بمصطلحات مثل التصنيع الرقمي، الحوسبة السحابية، وإنترنت الأشياء، وهذه موضوعات تمت مناقشتها على مدار السنين ومازال النقاش مستمرًا.

أعتقد أن الذكاء الاصطناعي التوليدي في مجال العمليات بدأ فقط في إظهار تحسنه في الربع الأول من هذا العام. ولقد تجاوزت شعبيته في عمليات البحث كل التوقعات. وهذا بالطبع يشير إلى وجود ضجيج كبير حول الموضوع. لكن السؤال هنا هو، هل تحققت كل هذه الضجة والتوقعات؟ في الحقيقة، بدأ الناس يدركون أن بعض الفوائد سهلة المنال، لكن الأمور الأكثر جوهرية ما تزال تشكل تحديًا في التنفيذ وفي تكييف الشركات مع التغييرات. لذلك، السؤال الرئيسي الذي يجب الإجابة عليه بخصوص الذكاء الاصطناعي التوليدي هو: هل يعتبر مجرد أداة أخرى في أدوات العمليات، مثل الذكاء الاصطناعي البسيط أو الصيانة التنبؤية، التي توفر لنا مستويات أخرى للعمل بها؟ أم أنه يمثل تحولًا جوهريًا بحد ذاته، يغير طريقة عملنا؟ هناك سيناريوهان محتملان، وأعتقد أننا لا نزال في المرحلة التي نتعلم فيها كيفية تحقيق أقصى استفادة من هذه التكنولوجيا.

أميل إلى الاعتقاد أننا سنجد إجابات لهذين السؤالين في السنتين أو الثلاث سنوات القادمة، وقد تختلف النتائج تبعًا للجهات الفاعلة المختلفة أو الصناعات. دعونا نفكر في الاضطراب الذي قد يحدثه. تخيل للحظة أن البرمجة أصبحت الآن أمرًا سهلًا. في كثير من الأحيان، لدينا شركات تصنيع المعدات الأصلية في قطاع السيارات تحدد المتطلبات، ومن ثم يقوم المورد ببرمجة الكود. الآن، إذا أصبح من الممكن برمجة هذا الكود بواسطة الآلات، فهل يظل هناك حاجة للمورد؟ هذا يطرح تساؤلًا مزعجًا ويمكن أن يهدد وجود الموردين، حيث يمكن أن يصبح سبب وجودهم غير ضروري. وهذه الفكرة بحد ذاتها تمثل أعلى درجات الاضطراب.

على سبيل المثال، بالنسبة لشركة تركز بشكل كبير على الأبحاث، قد يؤدي الاستفادة من مصادر بيانات جديدة تمامًا إلى اكتشاف مجموعة جديدة تمامًا من المنتجات. وقد يسرع العثور على نموذج اللغة المناسب واستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي بطرق متنوعة من العملية ويحسن جودة المنتجات. أعتقد أن هذا هو السؤال الأساسي الذي يحتاج العملاء إلى طرحه والإجابة عليه.

كريستيان جونسون: أعتقد أن أحد التحديات الرئيسية التي نواجهها، والتي تواجهها المؤسسات بشكل عام عند التعامل مع التكنولوجيا الجديدة أو المنهجيات الجديدة، هو كيفية توسيع نطاقها. لقد ناقشنا منذ سنوات مفهوم الفكرة القائمة على تجربة مجموعة من الأفكار، لكن دون أن تتماسك بشكل يخلق قيمة مستدامة. السؤال هو كيف يمكن للمؤسسات التفكير في هذه العملية بطريقة تمكنهم من تقليل أو حتى تجنب هذا النوع من الركود في الابتكار؟

ماري الحويك: هذا سؤال مهم، "كريستيان". الذكاء الاصطناعي التوليدي قد يكون جديدًا نسبيًا، لكننا استفدنا من سنوات الخبرة في توسيع نطاق التحولات الرقمية. في رأيي، أحد أكبر التحديات التي نواجهها هو تطوير المشروعات التجريبية أو النماذج الأولية. إن إنشاء برنامج تجريبي أو استخدام التكنولوجيا للابتكار يعد خطوة ممتازة، ولكن تغيير المؤسسة بأكملها يشكل تحديًا مختلفًا تمامًا.

تحدث "نيكولاي" عن الأهمية الكبيرة لتبني عقلية تجارية تعمل على تحديد أولويات التطبيقات الأكثر فائدة، مع التركيز على عائد الاستثمار الحقيقي للشركة. إضافة إلى ذلك، أكد على أن تحقيق تأثير ملموس من أي تحول رقمي، وبخاصة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، يعتمد دائمًا على العوامل الإنسانية وأنظمة العمل. ويلخص "نيكولاي" الأمر بأنه بدون تفاعل ومشاركة البشر، لن تحقق حتى أفضل التقنيات أي تأثير فعال. يجب أن نأخذ موظفينا في رحلة تغيير حقيقية، تشمل بناء القدرات اللازمة لاستخدام وتطوير هذه التكنولوجيا، وكذلك فهم كيفية الاستفادة القصوى منها. وفيما يتعلق بتطوير هذه التكنولوجيا، يتطلب الأمر مهارات جديدة ومتخصصة.

كريستيان جونسون: إذًا، ما هي القدرات التي تحتاجها المؤسسات حقًا الآن؟

ماري الحويك: أفكر في القدرة على الهندسة السريعة، خصوصاً فيما يتعلق بكيفية طرح الأسئلة بشكل فعّال ودقيق. النقطة الثانية تتعلق بأهمية الأنظمة. هناك مجموعة من الأسئلة الأساسية التي ينبغي على الشركات أن تأخذها في الاعتبار منذ البداية لضمان أن أي قرارات تتخذها تقود إلى استخدام فعال ومتسق وآمن للتكنولوجيا. ومن المهم تجنب الوقوع في فخ اتخاذ قرارات تكنولوجية متعددة ومتباينة بسبب تحرك البرامج التجريبية في اتجاهات مختلفة.

لذلك، ستجد نفسك تتساءل: هل نقوم ببناء نماذج لغوية خاصة بنا؟ هل نتعاون مع شركاء؟ هل نعتمد على حلول جاهزة من الخارج؟ كيف وأين نخزن بياناتنا؟ وكيف نتعامل معها؟ من الأفضل طرح هذه الأسئلة والتفكير فيها مبكرًا، ومن الضروري اتخاذ قرارات واعية بشأنها، لضمان أنه عندما تبدأ في استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي بشكل متزايد، يكون حلك آمنًا، قابلًا للتطوير، ومتسقًا. إذًا، بالنسبة لي، العنصران الأساسيان هما البشر والأنظمة، وهما ما سيسمحان لنا بالوصول إلى النجاح الحقيقي وتحقيق الأهداف المنشودة.

كريستيان جونسون: ممتاز، أشكركم على هذه المناقشة الثرية. نحن الآن على وشك ختام حديثنا، لكن قبل أن ننهي لقاءنا، ما الذي تنصح به جمهورنا القيام به الآن لدمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في مؤسساتهم بشكل فعال؟ نحن نعلم أن هناك الكثير من المعلومات والأفكار المتداولة، وقد رأينا ذلك من خلال عمليات البحث على "جوجل". إذًا، كيف يمكنهم البدء بقوة؟

نيكولاي مولر: أنصح بشيئين، الأول هو البدء ببرنامج تجريبي وأنا حتى استخدم مصطلح "التجربة العملية" مع الذكاء الاصطناعي التوليدي، لأن تكلفة عدم القيام بأي شيء في هذا المجال مرتفعة للغاية، خاصةً أن هذا الموضوع أصبح على رأس أجندة الجميع. وأعتقد أن كل مجلس إدارة وكل رئيس تنفيذي في مختلف المناطق والصناعات قد بحثوا في هذا الموضوع. لذلك من المهم البدء فيه واستكشاف ما يمكن أن يقدمه الذكاء الاصطناعي التوليدي لشركتك.

من الضروري التفكير بعمق في استراتيجيتك بالتوازي مع البرنامج التجريبي. عندما أتحدث عن الإستراتيجية، أقصد النظر في عدة عوامل. يجب طرح أسئلة مثل: كيف سيؤثر هذا على عملي؟ أي المجالات ستشهد تحسينات وأيها لن يتأثر؟ هل يجب أن نتقدم بسرعة أم بتأني؟ هل لدينا الحلول المناسبة بالفعل أم نحتاج إلى البحث عن شركاء؟ هل يجب أن نعتمد على النماذج اللغوية المتاحة بالفعل أو نقوم بتطوير برامج خاصة بنا؟ أعتقد أن هذه هي الأسئلة الأساسية التي تتطلب فهمًا حقيقيًا لمعنى وتأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي على أعمالنا في غضون الثلاث إلى الخمس سنوات القادمة.

ثمة جزء آخر في استراتيجيتنا يركز على كيفية استغلال تكنولوجيا البيانات بكفاءة. هذا يتضمن تطوير فهم واضح لكيفية تأسيس نظام فعّال للحوكمة والإدارة، وهو ما يضع الأساس لبناء حلول متقنة. وهنا، يُطرح سؤال هام: من أين تأتي الخبرات اللازمة داخل شركتنا؟ هل بإمكاننا تطويرها داخلياً أو هل نحتاج إلى جلبها من الخارج؟ يتوجب علينا التفكير بعناية في تحديد الكفاءات المطلوبة.

جانب آخر لا يقل أهمية هو القدرة على تحقيق التغيير الفعلي. نحن غالبًا ما نسمع أن هذا هو العنصر الأكثر أهمية. فمن الضروري تشجيع الأفراد على العمل مع الذكاء الاصطناعي التوليدي بفعالية. ومن المهم تحقيق النجاحات المبكرة، ولكن أيضًا مواجهة التحديات الأكبر التي قد تظهر.

كريستيان جونسون: شكرًا "نيكولاي" على هذه المداخلة القيمة. "ماري"، هل لديكِ أي إضافات أو نقاط تود تسليط الضوء عليها؟

ماري الحويك: بالفعل "كريستيان" و "نيكولاي"، في آخر مرة تحدثنا، ذكرتَ شيئًا عن الابتكار المنعش في شركاتنا، وأود أن أكرر ذلك. يمكننا ملاحظة ذلك حتى في مناقشتنا الحالية. إنه يفتح لنا المجال للحلم مرة أخرى، لابتكار أشياء جديدة، ولتوقع تحقيق تأثير أكبر. وأعتقد أنه من الضروري، إلى حد ما، أن نتعلم ونبدأ في تطبيق ذلك، وأن نبدأ في استكشاف إمكاناته والاستفادة منها.

كريستيان جونسون: ختام مثالي لحديثنا. أشكركما، "نيكولاي" و "ماري"، على مشاركة خبراتكما وآراءكما القيمة حول الذكاء الاصطناعي التوليدي اليوم. يبدو أن هذا الموضوع سنظل نناقشه لفترة طويلة. إذن نصيحتكما بالتعمق في هذا المجال مع كامل الوعي والفهم، والحرص الشديد على تقليل المخاطر وخلق قيمة، هي بالفعل أفضل ختام نختتم به حوارنا.

Explore a career with us