الذكاء الاصطناعي التوليدي وما بعده: ما هي المجالات الأخرى التي تستحق التركيز عليها الآن؟

| تدوينة صوتية

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر. نرحب بتعليقاتكم على البريد الإلكتروني التالي reader_input@mckinsey.com

في الوقت الذي يجذب فيه الذكاء الاصطناعي التوليدي اهتمام القادة، هل يغفلون عن أولويات رقمية أخرى؟ في هذه الحلقة من بودكاست ماكنزي، يناقش كبار الشركاء "رودني زميل" و"كيت سماجي"، مع المديرة التحريرية العالمية لوسيا راهيلي، الأفكار التي قد يتجاهلها القادة بسبب التركيز على الذكاء الاصطناعي التوليدي، وكيفية تنسيق جميع المبادرات الرقمية لتحقيق قيمة فعلية.

من أين نبدأ؟

لوسيا راهيلي: لقد أصبح الذكاء الاصطناعي التوليدي هو الموضوع الجديد اللامع في عالم الأعمال، لكن كما تشير مقالتكم الجديدة، هناك خطر أن يُعمي هذا الانجذاب القادة عن أدوات رقمية أخرى مهمة لنجاح مؤسساتهم. وكيف يمكن للقادة تحقيق التوازن بين الاندفاع نحو تبني التقنيات الجديدة البراقة وبين التركيز على العمليات والاستراتيجيات التجارية الأساسية الأخرى التي لا تقل أهمية؟

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

رودني زميل: الذكاء الاصطناعي التوليدي هو تقنية لافتة وجذابة، لكنه يحقق بالفعل قيمة حقيقية. ولكن السؤال ليس 'ما هي استراتيجيتي للذكاء الاصطناعي التوليدي؟' بل يجب أن نسأل 'من أين تأتي القيمة في عملي؟' يجب أن نبدأ بفهم مصدر القيمة وكيف يمكن للتكنولوجيا أن تعزز هذا المصدر. سواء كنا نتحدث عن الذكاء الاصطناعي التوليدي، أو الذكاء الاصطناعي التقليدي، أو رقمنة العمليات، فإن كل هذه الأدوات يجب أن تخدم الهدف الرئيسي وهو تحقيق القيمة.

شركة تفكر وتتكيف بذكاء كعقلك

لوسيا راهيلي: يتضمن تقريركم عشر أفكار غير مشهورة حول التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، وسنركز اليوم على ثلاث منها. لنبدأ بفكرة أن كل شركة ستصبح مثل شبكة عصبية. ما المقصود بهذه الفكرة؟ وكيف يمكن للشركات أن تتبنى هذا النهج في عملها؟

رودني زميل: شهد العام الماضي بعض الاكتشافات العلمية المذهلة التي تعمق فهمنا للدماغ. في مختبري القديم في "كامبريدج"، نجحنا لأول مرة في رؤية الخريطة التوصيلية للدماغ، التي توضح كيفية ترابط جميع الخلايا العصبية. بدأنا بدراسة دماغ ذبابة الفاكهة، ثم انتقلنا إلى شريحة من الدماغ البشري بمساعدة فريق من جوجل. ما اكتشفناه كان بنية معقدة ورائعة، حيث يرتبط كل جزء بكل الأجزاء الأخرى. نرى أن هذا يمكن أن يكون استعارة جديدة للأعمال التجارية، حيث يجب أن تكون جميع الأجزاء والعمليات في الشركة مترابطة بشكل فعال لتحقيق النجاح.

تشبه الاستعارة القديمة لتنظيم الأعمال الشجرة، بمعنى هيكل هرمي تتفرع منه الأقسام كالأغصان. لكن المشكلة في هذه الاستعارة هي صعوبة تحقيق التواصل بين الأغصان المختلفة للشجرة. في هذا النموذج التقليدي، يصبح من الصعب تبادل المعلومات والتعاون بين الأقسام، مما يعيق الفعالية والتناغم في العمل.

للقيام بأمور مبتكرة في مجال الأعمال، يجب أن تكون الاتصالات داخل المؤسسة فعّالة أكثر بكثير مما هي عليه في العديد من الهياكل الهرمية الصارمة. وعلى الرغم من أن عملية تحسين الاتصال ليس فكرة جديدة، فإن التركيز هنا هو على مدى أهمية حجم ونطاق الاتصالات اللازمة لتحقيق الابتكار. وهذا يعني أن التواصل الجيد بين جميع أقسام ومستويات الشركة هو المفتاح لتحقيق الابتكار والتقدم.

ومن الضروري أيضًا التأكد من أن الأنماط العامة المشتركة ونظام الحوكمة والهيكل التنظيمي للشركة مترابطة ومعقدة بشكل جميل، مما يمكن الفرق في جميع أنحاء المؤسسة من العمل معًا بفعالية. كما يجب أن يتيح هذا الهيكل للفرق أن تتشكل وتعيد تشكيل نفسها بسهولة، دون أن يؤدي ذلك إلى الفوضى.

كيت سماجي: الهدف هنا هو تمكين المؤسسة من العمل بسرعة أكبر. فهل يمكننا كمؤسسة أن نزيد من سرعة عملياتنا ونحسن كفاءتنا مقارنة بما نحن عليه اليوم؟ ثانيًا، يتعلق الأمر بالتوسع والنمو. لذلك الأنماط العامة المشتركة تلعب دورًا كبيرًا هنا، فكلما كانت هذه الأنماط قابلة لإعادة الاستخدام والتعرف عليها بسهولة، كلما تمكنا من تنفيذ الأعمال على نطاق واسع دون الحاجة إلى إعادة ابتكار العمليات في كل مرة، مما يوفر الوقت والجهد ويساعدنا على التوسع بفعالية.

لوسيا راهيلي: يجب أن تكون الفرق قادرة على العمل بشكل مستقل أثناء تشكيلها وإعادة تشكيلها. فهل يمكنك شرح معنى الاستقلالية في هذا السياق وكيف يمكن أن تعزز من فعالية الفرق في تحقيق أهدافها؟

رودني زميل: يمكننا تحقيق تقدم ملموس من خلال تطبيق نموذج 'شركة المنتجات والمنصات'. وفي هذا النموذج، نمتلك مجموعة مركزية من الخدمات المشتركة، تُعرف بالمنصة، والتي توفر الأدوات والموارد الأساسية. وفي المقابل، يوجد لدينا شبكة من الفرق المستقلة التي تتمتع بالسلطة الكاملة للعمل بحرية، وتوجيه جهودها نحو أهداف تجارية محددة. هذه الفرق تستفيد من الخدمات المركزية لتحقيق أهدافها بكفاءة وفعالية.

تتمتع الفرق بالاستقلالية لأنها مكتفية ذاتيًا وتسعى لتحقيق أهداف تجارية محددة تملكها وتتحمل مسؤوليتها. ومع ذلك، فإن هذه الفرق ليست مستقلة تمامًا، حيث تعمل ضمن إطار الشركة الأكبر وتلتزم بأهدافها الشاملة. وتعتمد الفرق على فريق مركزي، يعرف بفريق المنصة، للحصول على الخدمات المشتركة التي يحتاجونها بدلاً من ابتكار حلول جديدة من الصفر.

ما لاحظناه في تطبيق نموذج 'المنتجات والمنصات' هو أن العديد من الشركات لا تزال في المراحل الأولى من اعتماده. ومع ذلك، عند مقارنة مجموعة من الشركات التي تبنته، نجد أن الشركات التي وصلت إلى مستوى عالٍ من النضج في تطبيق هذا النموذج حققت عوائد إجمالية للمساهمين أكبر بنسبة 60% مقارنة بالشركات الأقل نضجًا. وهذا يعني أن الشركات الأكثر نضجًا في استخدام نموذج 'المنتجات والمنصات' تمكنت من تحقيق قيمة أكبر لمساهميها.

لوسيا راهيلي: هل يمكن أن تقدم لنا مثالاً لشركة نجحت في تطبيق نهج 'الشبكة العصبية المرنة'؟ نود معرفة كيف استطاعت هذه الشركة الاستفادة من هذا النهج لتحقيق نتائج إيجابية.

رودني زميل: تحدثنا في كتابنا 'Rewired' عن بنك (دي بي إس)، الذي يُعرف بأنه أحد البنوك الرائدة في الخدمات المصرفية الرقمية. هذا البنك أعاد تنظيم هيكله ليعمل على شكل فرق صغيرة مستقلة ومرنة تتواصل بفعالية لتحقيق أهداف مشتركة. قد يعتقد البعض أن هذا النهج مناسب فقط للصناعات الخدمية مثل البنوك. لكننا وجدنا مثالاً آخر في كتابنا لشركة "Freeport-McMoRan"، التي تطبق نفس النهج في عمليات تعدين النحاس.

كيت سماجي: يمكن لأي شركة تقييم قدرتها على الابتكار والمرونة بطرح سؤال بسيط: إلى أي مدى نستطيع بسرعة تصور وبناء وإطلاق منتج أو خدمة جديدة اليوم؟

رودني زميل: لقد طرح سؤال جيد يمكن أن يكون اختبارًا فعالًا لفهم مدى قدرة الشركة على العمل بنهج مرن. العديد من القادة اليوم يصرحون بأن شركاتهم تعمل بأسلوب مرن، ولكن غالبًا ما يعني ذلك أن فريق التكنولوجيا فقط هو الذي يتبع هذا الأسلوب. ومع ذلك، هذا لا يعني بالضرورة أن جميع أقسام الشركة، بما في ذلك التكنولوجيا والأعمال، تعمل معًا بشكل متناغم. والأكثر من ذلك، نادرًا ما يتم تضمين وظائف الرقابة والتحكم ضمن فرق العمل المرنة بالطريقة الصحيحة.

لوسيا راهيلي: عند الحديث عن وظائف الرقابة، ما هو نوع النموذج التشغيلي الذي يجب أن يكون موجودًا لكي تعمل الشركة بنجاح كنظام عصبي مرن؟ وما نوع الرقابة الضرورية لضمان عمل الفرق المستقلة بكفاءة، بما في ذلك الحد من الأخطاء والحفاظ على الإنتاجية العالية في هذا النموذج؟

رودني زميل: صحيح، ولكن كيف يمكن تحقيق ذلك على نطاق واسع؟ يمكن للعديد من الشركات تنفيذ هذا النموذج على مستوى فرق قليلة، لكن التحدي يكمن في كيفية تطبيقه عبر عشرات أو حتى مئات الفرق. وفي الواقع، هذا هو الجزء الصعب.

أولاً، يعتمد النجاح في هذا النموذج بشكل كبير على تطوير المهارات. ويجب على الشركات الاستثمار في تحسين مهارات موظفيها وتدريبهم ليتمكنوا من العمل بكفاءة في هذا الإطار. ثانيًا، من المهم تشكيل الفرق بعناية وضمان أن يكون القادة مرتاحين مع هذا النموذج، بحيث يضعون القواعد والأهداف ويشاركون في المراجعات الرئيسية دون الحاجة إلى التدخل في كل قرار. ولتحقيق ذلك، يتطلب الأمر وجود إطار حوكمة متطور يدعم استقلالية الفرق ويضمن تحقيق الأهداف بكفاءة.

لنأخذ البيانات كمثال. من الضروري وضع جميع قواعد حوكمة البيانات داخل مؤسستك بشكل واضح، لأن ذلك يساعد في تحقيق عائد استثماري واضح في حالات استخدام الذكاء الاصطناعي المستقبلية. إذا لم تقم بوضع نماذج وقواعد حوكمة البيانات في البداية، فسيكون من المستحيل العمل في هذا النموذج الموزع والقابل للتوسع.

كيت سماجي: أسأل نفسي، 'هل لدي مجموعة واضحة من الأهداف التي تعمل الفرق المستقلة على تحقيقها؟' هنا تأتي أهمية متابعة الإدارة ومعرفة كيفية تقدم العمل. عندما تكون الأهداف واضحة ومتفق عليها، يمكننا بسهولة التحقق من مدى تحقيقها. وإذا لم نحقق الأهداف، يجب علينا تحديد العوائق التي تعترض طريقنا والعمل على حلها لتحسين الأداء في المرات القادمة. بالإضافة إلى ذلك، من المهم التأكد من أن الحلول التي نطورها قابلة لإعادة الاستخدام، مما يساعدنا على توفير الوقت والجهد.

كيف يتمكن الأداء الأفضل من التميز

لوسيا راهيلي: لننتقل إلى فكرة أخرى تتعلق بقادة التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي الذين يتعرضون للتحول والتغير باستمرار. ما هي التقنيات أو الاتجاهات الجديدة التي يجب على هؤلاء القادة مراقبتها والاستفادة منها في الوقت الحالي؟

كيت سماجي: في بعض الأحيان، نجد أن الجميع لديهم تقنيات معينة يحبون التعمق فيها، ونحن لسنا استثناء. ولكن بالنسبة لي، السحر الحقيقي لا يكمن في تقنية واحدة أو اتجاه واحد، بل في القوة المشتركة لجمع عدة تقنيات معًا. عندما يحدث ذلك فعلاً - وبالمناسبة، كان هذا صحيحًا بالنسبة للذكاء الاصطناعي التوليدي أيضًا - تخلق فرصة لإحداث اختراق كبير وابتكار نموذج أعمال جديد، مما يسبب تغييرًا جذريًا لم يكن موجودًا من قبل.

بالنسبة لي، السحر الحقيقي لا يكمن في تقنية واحدة أو اتجاه واحد، بل في القوة المشتركة لجمع عدة تقنيات معًا.

كيت سماجي

رودني زميل: لدينا تحليل يُسمى معامل الرقمنة أو معامل الذكاء الاصطناعي، حيث نقيم مدى تبني الشركات للتقنيات الرقمية أو الذكاء الاصطناعي. وعلى مدار العامين أو الثلاث أعوام الماضيين، لاحظنا أن الصناعة لم تعد العامل الحاسم في نجاح الشركة في التحول الرقمي. لقد أصبحت الفروقات بين الشركات داخل نفس الصناعة أكبر من الفروقات بين الصناعات المختلفة. فبعض الشركات الصناعية الأكثر تقدمًا أصبحت أكثر رقمنة من المتوسط في قطاع التكنولوجيا العالية، بينما الشركات الأقل تقدمًا أصبحت أقل رقمنة حتى من المتوسط في القطاع العام.

الفكرة الأساسية هنا هي مفهوم 'المحول الدائم'. فالشركات التي بدأت رحلتها في التحول الرقمي قادرة على التقدم باستمرار من خلال مواصلة الاستثمار في التقنيات الرقمية. هذا الاستثمار المستمر يساعد هذه الشركات على التفوق بشكل أكبر على منافسيها بمرور الوقت. نلاحظ أن قادة التحول الرقمي يحصلون على عوائد متزايدة مع مرور الوقت، لأنهم قادرون على التقدم بشكل أسرع والبقاء في مقدمة المنافسة في صناعتهم.

لوسيا راهيلي: لدي اهتمام شديد بموضوع الكوانتم. مررت بمرحلة كنت أقرأ فيها أعمال كارلو روفيلي.

رودني زميل: إنه متميز حقًا.

لوسيا راهيلي: نعم، إنه رائع. كنت أفكر في التشابك الكمي كفكرة رومانسية مجردة. ولكن أبحاثنا تظهر أن بعض الصناعات يمكنها الاستفادة بشكل كبير من تطبيق الحوسبة الكمية في حالات استخدام محددة. بينما كنت أراها بشكل أكثر تجريدًا، فما هو شكل تطبيق الحوسبة الكمية في الواقع العملي؟

رودني زميل:أنا متحمس للحوسبة الكمية بقدر حماسك. في الواقع، كل المحادثات التي نجريها اليوم حول الذكاء الاصطناعي قد تكون حول الحوسبة الكمية خلال الخمس إلى عشر سنوات القادمة.

ومن المهم أن نؤكد أنها لا تزال في مرحلة التجارب العلمية. على الرغم من وتيرة التغيير المذهلة، فإن عدد الكيوبتات الوظيفية (الوحدات الأساسية التي تستخدم في إجراء العمليات الحوسبية في أجهزة الحوسبة الكمية)، وهي الوحدات اللازمة لإجراء العمليات الكمية، المتاحة في أجهزة الحوسبة الكمية اليوم لا يزال صغيرًا جدًا. لذا، لا تزال الحوسبة الكمية في مرحلة البحث أو التطوير المبكر.

إذا نجحت الحوسبة الكمية، فقد يكون تأثيرها مذهلاً، حيث تشمل الصناعات التي يتم الحديث عنها الخدمات المالية، والصناعات الدوائية، والكيماويات والزراعة، والسيارات، وغيرها. ويمكن حل العديد من المشكلات الرياضية المعقدة التي قد تستغرق سنوات أو قرون لحلها باستخدام الخوارزميات التقليدية بسرعة كبيرة باستخدام خوارزميات كمية، مما يتيح حلها بسرعة فائقة بدلاً من الوقت الطويل المعتاد.

لذلك، يمكن أن تؤثر الحوسبة الكمية بشكل كبير على مجموعة واسعة من المجالات، بدءًا من بناء المحافظ المالية وتحليل الأداء في قطاع الخدمات المالية، وصولاً إلى تحسين العمليات الزراعية من خلال تصميم محفزات فعالة. على سبيل المثال، إذا تمكنا من اكتشاف طريقة أكثر كفاءة لإنتاج الأسمدة القائمة على الأمونيا، فإن هذا سيؤدي إلى تأثير اقتصادي ضخم على مستوى العالم.

أعتقد أن التطبيقات الأولى للحوسبة الكمية ستكون على الأرجح في المشكلات التي تتعلق بشكل مباشر بالفيزياء الكمية. لكن مع مرور الوقت، ستصبح الحوسبة الكمية قادرة على حل أي مشكلة رياضية معقدة بشكل كبير. فعلى سبيل المثال، يمكن استخدامها في إعادة تصميم مسارات التسليم لشركات اللوجستيات لجعلها أكثر كفاءة، أو في كيفية بناء طبقات من ألياف الكربون لتطوير مواد قوية تستخدم في صناعة الطيران. وفي حلول ونجاح الحوسبة الكمية، ستكون هذه الأنواع من المشكلات قابلة للحل بشكل كبير وفعال.

تحويل الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى قوة خارقة لشركتك

لوسيا راهيلي: مع التحسن المستمر في قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي واعتماد الموظفين عليه بشكل متزايد في بعض جوانب عملهم، كيف يمكن للمؤسسات تحديد الأدوار أو المهام التي ستستفيد بشكل أكبر من الذكاء الاصطناعي التوليدي لتعزيز إنتاجية القوى العاملة؟

كيت سماجي: تُظهر أبحاثنا بوضوح أن هناك فرصًا كبيرة لتحقيق زيادات كبيرة في الإنتاجية، ولكن من الصعب تحقيق هذه الفرص في الوقت الحالي. وفي الحقيقة، يعود جزء من هذه الصعوبة إلى الحاجة إلى تحقيق تحسينات كبيرة في القدرات البشرية لمواكبة التطورات التكنولوجية.

فكيف يمكنني تعديل سير العمل لتوفير وقت كبير للموظفين؟ وما هي الخطوات التي يجب اتخاذها في مجالات التعلم، وتطوير المهارات، وإعادة التدريب، وتوفير مسارات وظيفية جديدة، لضمان أن يتمكن الموظفون من العمل بفعالية جنبًا إلى جنب مع الذكاء الاصطناعي التوليدي؟

رودني زميل: القوة الفعلية للذكاء الاصطناعي التوليدي ليست في كيفية توفير 20 دقيقة من وقتك اليومي، بل في جعله الخيار الأول بشكل تلقائي. لقد رأينا ذلك حتى الآن في تطوير البرمجيات. فإذا قمنا بتقديم الأدوات الجديدة لمطوري البرمجيات وقلت لهم، 'إليكم أحدث التقنيات'، سيبحث كل منهم عن أكثر الأجزاء مملًا في عملهم ويستخدم الذكاء الاصطناعي لتسريعها. وبهذا تحصل على زيادة في الإنتاجية تتراوح بين 5 إلى 10 بالمائة.

وبدلاً من التركيز على كيفية أداء مطور معين لعمله في يوم عادي، يجب أن ننظر إلى الفريق ككل وعلى دورة حياة تطوير البرمجيات على مدار أسبوع أو شهر. يجب التفكير في كيفية تغيير العمل للفريق بأكمله، وتدريب الأشخاص على استخدام التقنيات الجديدة، وقياس الأداء بدقة لتحديد مدى فعالية الذكاء الاصطناعي مقارنة بالأداء البشري. وبهذه الطريقة، يمكنك بناء قدرات فائقة للفريق باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي.

لوسيا راهيلي: كيف ترى القادة يتعاملون مع تحديات التعلم والتدريب المتعلقة باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي؟

كيت سماجي: ما ألاحظه كثيرًا هو التركيز على تدريب مؤسستنا على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. نحن نقوم بتعليم الموظفين حول ماهية هذه التقنيات، ونشرحها بالتفصيل، ونفند الخرافات المرتبطة بها، وغير ذلك. هذه الخطوات مهمة جدًا، لا شك في ذلك. ولكن يجب أن ندرك أنها، مع ذلك، تظل خطوات ضرورية لكنها وحدها ليست كافية لتحقيق الاستفادة الكاملة من إمكانيات الذكاء الاصطناعي.

على سبيل المثال، هناك عنصر أساسي غالبًا ما يُغفل عنه، وهو تعلم كيفية استخدام التكنولوجيا المساعدة بكفاءة. لا بد من معرفة الطريقة المثلى لاستغلالها لضمان تحقيق الاستفادة القصوى منها. لهذا السبب، نركز على الاستثمار في تدريب الموظفين على كيفية صياغة التعليمات بشكل فعال. بدلاً من مجرد تعريفك بالتكنولوجيا، نعتبر أن تعلم كيفية استخدامها بشكل صحيح هو الأمر الأهم.

وثانيًا، من الضروري، كما يشير "رودني"، أن ندمج مهارات التفكير النقدي المتميزة في سير العمل اليومي لمواجهة التحديات المعقدة مثل تقييم المخاطر والاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي. وهذا بالطبع يشمل التفكير العميق حول كيفية معالجة أخطاء النمذجة، مثل الهلوسة، وتحديد الإجراءات اللازمة للمعالجة قبل وبعد النمذجة لضمان الاستفادة القصوى من هذه التقنيات.

وقد يكون من الضروري امتلاك ذكاء عاطفي ومهارات تواصل ممتازة، لأن الأدوار التي سيؤديها البشر، والتي لن تستطيع التكنولوجيا القيام بها، ستتطلب هذه الجوانب بشكل أكبر. بالإضافة إلى ذلك، قد يحتاج الأشخاص إلى قدرات عقلية عالية وفضول كبير للتعلم والتطور المستمر. وبالنسبة لي، لا يزال هناك نقص في التركيز على المهارات غير التقنية التي ستكون ضرورية حقًا في بيئة الذكاء الهجين.

لوسيا راهيلي: هل تعتقد أن محترفي ومتخصصي التكنولوجيا بحاجة إلى تطوير مهاراتهم بالقدر الذي يحتاجه الموظفون في القطاعات غير التقنية؟

كيت سماجي: الأمر يشمل الجميع. لا أحد منا معفي من الحاجة إلى الاستمرار في التعلم، خاصة لأن وتيرة التغيير اليوم لن تكون أبدًا بطيئة كما هي الآن. يجب أن يكون لديك القدرة، حتى كمختص في التكنولوجيا، على فهم والتكيف مع التقنيات الجديدة التي ستظهر.

كيف أضمن أنني مستعد لتعلم واستيعاب التقنيات الجديدة؟ كيف أستمر في تحسين مهاراتي في استخدام هذه التكنولوجيا في عملي؟ وكمتخصص في التكنولوجيا، كيف أساهم في تحقيق قيمة عملية من النماذج التي نبنيها، وليس فقط في بناء نماذج ممتازة؟

رودني زميل: بالنسبة للشركات العادية، فإن فرق الإدارة العُليا يمكنها أن تتعلم بشكل أفضل من الشركات غير التقنية الرائدة بدلاً من الشركات التقنية. ما رأيناه ينجح بشكل كبير هو عندما تقوم فرق الإدارة بزيارات ميدانية للشركات الأخرى، وغالبًا ما تكون في صناعات مختلفة تمامًا، حيث تطبق هذه الشركات التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي بنجاح. هذه الزيارات تساعد فرق الإدارة على تعلم كيفية تحويل أعمالهم باستخدام هذه التقنيات.

بالنسبة للشركات العادية، فإن فرق الإدارة العُليا يمكنها أن تتعلم بشكل أفضل من الشركات غير التقنية الرائدة بدلاً من الشركات التقنية.

رودني زميل

عندما ترى شركة 'عادية' تستخدم التكنولوجيا بنجاح، يكون من الأسهل على الشركات الأخرى فهم كيف يمكنهم استخدام هذه التكنولوجيا في عملهم اليومي. مقارنةً بمشاهدة الشركات التقنية الرائدة، التي قد تكون مثيرة للإعجاب ولكنها تبدو غير مرتبطة بالواقع اليومي للشركات العادية. فبالنسبة للشركات العادية، رؤية تطبيق التكنولوجيا في شركات مشابهة لها يجعل الفوائد والمزايا أكثر وضوحًا وقابلة للتنفيذ في حياتهم اليومية.

ما الذي ينتظرنا في المستقبل؟

لوسيا راهيلي:هل ترون خطرًا في اعتماد الموظفين بشكل مفرط على الذكاء الاصطناعي؟ وهل تحتاج المؤسسات إلى اتخاذ خطوات لضمان احتفاظ الموظفين بقدرتهم على اتخاذ القرارات البشرية؟

كيت سماجي: يمكننا أن نرى 'الاعتماد على الذكاء الاصطناعي' كمصطلح سلبي أو إيجابي. فإذا كان الموظفون يستخدمون الذكاء الاصطناعي لتحسين عملهم ليصبح أسرع وأرخص وأقل خطرًا، فإن هذا يعتبر أمرًا إيجابيًا. ومع ذلك، يظل الحكم البشري أكثر أهمية من أي وقت مضى لضمان بناء نماذج الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول وللتأكد من أننا نستفيد منها بشكل كامل.

ولضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول، هناك نقطتان رئيسيتان يجب النظر إليهما. الأولى هي التشكيك المستمر في التكنولوجيا، بمعنى عدم قبولها دون تحليل ونقد. الثانية هي البحث عن الفرص التي يحقق فيها التعاون بين البشر والتكنولوجيا نتائج تفوق ما يمكن تحقيقه بشكل منفصل، أي عندما يكون الجمع بينهما يؤدي إلى نتائج أكبر من المتوقع. طالما أننا نقوم بهذين الأمرين، سيظل الحكم البشري هامًا وذو قيمة في استخدام الذكاء الاصطناعي بفعالية ومسؤولية.

رودني زميل: ولهذا أقول، أنه من الواضح أن التكنولوجيا قد تتفوق على البشر في العديد من الحالات. وسأعطيكم مثالاً قد يبدو بسيطًا. في التنس، يتم استخدام التحكيم الإلكتروني على الخطوط. وفي "ويمبلدون" و"بطولة الولايات المتحدة المفتوحة"، تم اعتماد تقنيات مختلفة. فعلى سبيل المثال في "ويمبلدون"، يستخدمون التحكيم الإلكتروني ولكن يحتفظون بالحكام البشريين على الخطوط. بينما في "بطولة الولايات المتحدة المفتوحة"، يعتمدون بالكامل على التحكيم الإلكتروني. بينما يرى معظم الأشخاص أن نظام "بطولة الولايات المتحدة المفتوحة" يعمل بشكل جيد أو أفضل، حيث يقلل من انقطاع اللعب، ويقلل من الجدل حول القرارات، ويمنع القرارات الخاطئة بشكل واضح.

ومن المثير للاهتمام أن "بطولة الولايات المتحدة المفتوحة" توظف نفس عدد الأشخاص مثل بطولة "ويمبلدون"، ولكن في وظائف مختلفة. في "بطولة الولايات المتحدة المفتوحة"، يعمل الموظفون في غرفة التحكم التقنية ويقومون بنشر وتثبيت ومراقبة التكنولوجيا، بدلاً من القيام بمهام التحكيم التقليدية.

لوسيا راهيلي: نشرنا مؤخرًا مقابلة مع "ريد هوفمان" على بودكاست بعنوان (At the Edge)، حيث اقترح "هوفمان" أن الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على تطوير الذكاء العاطفي والمهارات الشخصية. ما هي رؤيتكم حول كيفية تأثير ذلك على العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والبشر في مكان العمل؟

كيت سماجي: نحن نرى هذا يحدث بالفعل. "رودني" وأنا نمزح أحيانًا بشأن دراسة صغيرة أجريت في المملكة المتحدة مع الأطباء الممارسين، حيث تم اختبار رد فعل المرضى على الأطباء البشريين مقابل الروبوتات. ولكِ أن تتخيلي، في معظم الحالات، لم يستطع المرضى تمييز الفرق.

وعندما سُئلوا عن تفضيلهم، فضل معظمهم الروبوت. قالوا: نشعر أن الروبوت يفهم احتياجاتينا بشكل أفضل، وكان أكثر تعاطفًا، وحل مشكلاتنا بشكل أسرع. لذلك لا ينبغي لنا أن نقلل من شأن التكنولوجيا، فهي بالفعل جيدة جدًا في الصفات التي نربطها عادةً بالبشر.

لوسيا راهيلي: هل هناك أي نقاط أخرى يجب على القادة الانتباه إليها ولكن قد لا تكون في مقدمة اهتماماتهم؟

رودني زميل: هناك تساؤل حول مستقبل القوى العاملة. في مقابلة مثيرة مع "غاري كاسباروف"، الذي خسر أمام كمبيوتر الشطرنج الخاص بشركة (IBM) في التسعينيات، قال: 'كنت أول عامل معرفي أو متخصص في المعرفة يفقد وظيفته لصالح الكمبيوتر. والآن، يأتي الدور على الجميع.'

ربما تكون هذه النظرة مبالغ فيها، لكنها تعكس واقعًا موجودًا. بعض الشركات تعتقد أنها لم تعد بحاجة إلى الموظفين المبتدئين أو المحللين أو الأشخاص الذين يقومون بالمهام الروتينية، ويمكنها التحول إلى قوة عاملة ذات هيكل هرمي مختلف تمامًا.

لكن هناك رأي آخر يقول: 'يمكننا استخدام التكنولوجيا لتعزيز قدرات الموظفين المبتدئين، وجعلهم قادرين على الأداء بنفس كفاءة الموظفين ذوي الخبرة الحالية، حيث ستتولى التكنولوجيا الكثير من الأعمال الروتينية، مما يمنحهم القدرة على تحقيق قيمة أكبر.' بالإضافة إلى ذلك، هناك اعتقاد بأن قيمة علماء البيانات قد تنخفض بينما تزداد قيمة مهندسي البيانات في المستقبل.

ومن منظور تخطيط القوى العاملة، فإن هذا الأمر له تأثير عميق. بصراحة، الإجابة على هذه التحديات لم تتضح بعد. سيحتاج الأشخاص إلى بعض الوقت والتفكير الجدي والمرونة لتطوير فهمهم لما تعنيه هذه التغييرات لتخطيط القوى العاملة.

كيت سماجي: لا يمكنني إلا أن أتفق معك تمامًا. هناك جانب آخر للمرونة في هذا السياق، وهو أن ما نتحدث عنه هنا يتعلق بالتعلم المستمر والتجربة الدائمة. قد تكون هذه الأمور سهلة التمويل ويمكن تخصيص الموارد لها عندما تكون الأوضاع الاقتصادية جيدة.

لكن الأمر يصبح أكثر صعوبة عندما تواجه الاقتصادات أو الأسواق تراجعًا وتحتاج الشركات إلى تقليص النفقات. والتحدي الحقيقي للقادة هو معرفة كيفية الحفاظ على نهج مستمر للاستثمار في التعلم والتطوير للمستقبل، حتى عندما تكون التوقعات غير مؤكدة وعائد الاستثمار صعب التنبؤ به. فهل يمكنني وضع خطة مرنة بما يكفي لتكون فعالة في الأوقات الجيدة والسيئة على حد سواء؟

Explore a career with us