دور وكلاء الذكاء الاصطناعي في خلق قيمة جديدة في قطاع تمويل السيارات

ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر. نرحب بتعليقاتكم على البريد الإلكتروني التالي reader_input@mckinsey.com

وبالنظر إلى واقع القطاع اليوم، يتّضح أن صناعة تمويل السيارات أصبحت فعلاً مهيّأة لتحوّل واسع. فقد ظلّت هذه الصناعة تعتمد، عبر سنوات طويلة، على إجراءات معقّدة تتطلب تدخّل العامل البشري في كل خطوة تقريباً، إلى جانب اعتمادها على أنظمة بيانات متفرّقة لا تعمل بانسجام. ومع مرور الوقت، أدّى هذا الوضع إلى ظهور قدر كبير من الهدر والتأخير في معظم مراحل العمل. وتتّضح هذه التحديات في صور متعددة، أبرزها اختلاف نماذج البيانات بين الجهات المختلفة، ونقص كثير من السجلات، وضعف القدرة على الوصول الفوري إلى المعلومات. وهذه العوامل مجتمعة تخلق بيئة عرضة للأخطاء وتعطّل سير المعاملات بشكل متكرر، ما يؤدي إلى بطء في الإنجاز وزيادة احتمال وقوع الأخطاء التشغيلية. كما يعاني القطاع من تباين واسع بين الأسواق، إذ تخضع كل منطقة لقوانين وإجراءات خاصة بها، ما يجعل عملية إدارة العمل على مستوى عالمي أكثر تعقيداً ويُبقي كفاءة التشغيل متفاوتة من مكان إلى آخر.

وانطلاقاً من هذا الواقع الذي يفرض على القطاع إعادة بناء أسس عمله، تُعدّ تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي وسائر تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة أداة حاسمة لفتح مسارات جديدة للقيمة عبر مختلف مراحل سلسلة العمل. فهذه التقنيات لم تعد مقتصرة على تحسين تجربة العميل أو أتمتة التفاعلات الخارجية، بل باتت تمتد إلى عمق العمليات الداخلية من خلال دعم اتخاذ القرار، وتوليد رؤى تحليلية دقيقة، ورفع مستوى كفاءة الإجراءات التشغيلية على نطاق واسع. وإذا ما جرى توظيف هذه القدرات بطريقة منهجية ومدروسة، فإنها قادرة على معالجة جوانب القصور التي رافقت القطاع لسنوات طويلة، وإعادة تشكيل أسسه الاقتصادية بالكامل. وتشير تحليلات ماكنزي إلى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي قادر على خفض نسبة التكلفة إلى الدخل، عبر تقليص المصاريف التشغيلية - التي تمثّل عادة نحو 60 في المئة من إجمالي الدخل - بمقدار يتراوح بين خمس إلى ثماني نقاط مئوية، وهو ما يعكس تأثيراً مباشراً على ربحية الشركات واستدامة أعمالها.

المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية

شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية

تصفح المجموعة

وفي ضوء هذا الدور المتنامي لتقنيات الذكاء الاصطناعي، تبرز أمام شركات التأجير والتمويل فرصة لتبنّي ما يُعرف بالأنظمة "الوكلاء" وهي أنظمة ذاتية العمل تستند إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلّم الآلي لتنفيذ مهام محدّدة بدقة واستقلالية. وتمتاز هذه الأنظمة بأنها تتجاوز حدود الأتمتة التقليدية، إذ تستوعب السياق المحيط بالمهام وتُصدر قرارات ديناميكية تتناسب مع كل حالة على حدة. ووفقاً لطبيعة الاستخدام والنتائج المنشودة، يمكن لهذه الأنظمة أن تعمل بصورة مستقلة بالكامل، أو أن تؤدي دوراً مسانداً يعزّز قدرة فريق العمل على اتخاذ قرارات أكثر جودة ويُسهم في تخصيص الخدمات المقدّمة للعملاء. ومن خلال دمج هذه التقنيات التي تعمل كوكيل ونائب في بيئة العمل، يصبح القطاع أمام فرصة حقيقية لإعادة تصميم إجراءاته التشغيلية، وتحسين ربحيته، وتقديم تجربة أكثر سلاسة وانسجاماً للمتعاملين.

الوكلاء المدعومون بالذكاء الاصطناعي: مسار جديد لمعالجة تحديات القطاع

وفي إطار هذا التوجّه نحو اعتماد حلول قائمة على الوكلاء الذكيين، يبرز مفهوم "وكلاء الذكاء الاصطناعي" بوصفه نقلة نوعية في طريقة بناء الأنظمة المؤسسية. فهذه الوكلاء تُصمَّم خصيصاً لدمج تقنيات تعلّم الآلة المتقدّمة، القادرة على اتخاذ القرار، مع قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي المخصّصة للتواصل والتفاعل. وبهذا الدمج، يصبح الوكيل قادراً على دعم العمليات الداخلية والخارجية على حدّ سواء، مستفيداً من تدفّق البيانات الحالية والناشئة لتحقيق مستويات أعلى من الكفاءة. ومع ذلك، فإن الاعتماد على الوكلاء الذكيين لا يُمثّل الحلّ الأمثل لكل سيناريو؛ إذ تظلّ هناك حالات يكون فيها استخدام نماذج تعلّم الآلة التقليدية أو حلول ذكاء اصطناعي أبسط ملاءمة أكثر وذات فعالية أكبر، تبعاً لطبيعة الحالة ومتطلبات التنفيذ. ومن هنا، تتجلّى أهمية تقييم الاحتياجات المؤسسية بدقّة قبل تحديد نوع التقنية الأنسب لضمان تحقيق أقصى أثر ممكن.

وانطلاقاً من هذا الفهم لطبيعة الوكلاء الذكيين ودورهم المحتمل داخل المؤسسة، يمكن للشركات التي تسعى إلى بناء نموذج تشغيلي يعتمد على الذكاء الاصطناعي أن تبدأ بتطوير أربع فئات رئيسية من هؤلاء الوكلاء ودمجها تدريجياً في عملياتها. وتشمل هذه الفئات: مجموعة مخصّصة لإعادة بيع الأصول المستعملة (المركبات)، وأخرى لإدارة الخدمات والعمليات، وثالثة لدعم المبيعات والتسعير، ورابعة تُعنى بالمشتريات وإدارة العمليات بأكملها، كما يوضّحه "الشكل 1". ويُعد هذا التقسيم خطوة عملية تساعد الجهات على تطبيق الذكاء الاصطناعي بشكل منظّم، وبما يضمن تحسين الأداء ورفع كفاءة العمليات بصورة ملموسة.

Agentic AI: A new path to value in the auto finance industry

فئة الوكلاء المخصّصين في عمليات إعادة البيع

ويتمثّل الهدف من مجموعة الوكلاء المعنيين بإدارة بيع المركبات عند نهاية العقد في أتمتة الكمّ الكبير من الإجراءات الورقية والتنسيقات التي تتطلّبها هذه العملية عادةً. فبفضل قدراتهم التفاعلية، يمكن لهؤلاء الوكلاء التواصل مباشرة مع عملاء التأجير لتحديد مواعيد فحص المركبات، والتنسيق مع شركات النقل لترتيب عمليات الاستلام، إلى جانب متابعة مراكز الصيانة والتجديد لضمان تجهيز المركبات قبل طرحها للبيع. ولا يقتصر دور هذه المجموعة على الجوانب التشغيلية، بل يمتد ليشمل إجراء تقييمات شاملة للسوق، وإعداد تقارير حول أكثر قنوات البيع ربحية، وتحليل اتجاهات سوق السيارات المستعملة من حيث الحجم والأسعار. ومن خلال هذه الوظائف المتكاملة، تُسهم هذه الفئة من الوكلاء في تعزيز الكفاءة التشغيلية وصنع قرارات أكثر دقة حول كيفية تحقيق أعلى قيمة ممكنة عند إعادة البيع.

ولكي تتمكّن مجموعة الوكلاء المخصّصة لإدارة بيع المركبات عند نهاية العقد من أداء دورها بكفاءة، لا بدّ من توافر مجموعة من القدرات التقنية الأساسية. ففي مقدمة هذه القدرات يأتي وجود أداة تنبؤ تعتمد على النماذج الإحصائية وخوارزميات تعلّم الآلة للتعرّف المبكر إلى المركبات المتوقّع إعادتها، بما يتيح تخطيطاً أدقّ وتوزيعاً أفضل للمهام والموارد. كما يتطلّب العمل توفر منظومة متقدّمة لتحسين التسعير وتحديد قنوات البيع، تستند إلى منحنيات مرونة دقيقة، لضمان توجيه المركبات إلى القنوات الأكثر ملاءمة وربحية، كما يوضحه "الشكل 2". ويُعد الوصول الفوري إلى بيانات السوق، وسجلات المبيعات السابقة، ومؤشرات الربحية عاملاً محورياً لتمكين هذه الأدوات من إصدار توصيات مبنية على معلومات موثوقة. ومن خلال دمج خوارزميات تعلّم الآلة في هذا الإطار التشغيلي، تصبح مجموعة الوكلاء قادرة على تقديم توصيات دقيقة تستند إلى البيانات، بما يعظّم هامش الربح ويُسهم في تبسيط العمليات عبر مختلف مراحل إعادة البيع.

Agentic AI: A new path to value in the auto finance industry

فئة الوكلاء المخصّصين لإدارة الخدمات والعمليات

تسهم مجموعة وكلاء الخدمات والعمليات في رفع مستوى الأتمتة المرتبط بالمهام التشغيلية وخدمات ما بعد البيع، عبر توزيع الأدوار على وكلاء متخصصين يدير كلٌّ منهم جانباً محدداً من دورة الخدمة. فبإمكان أحد هؤلاء الوكلاء التواصل مع العملاء لترتيب مواعيد الصيانة الدورية أو الإصلاحات المطلوبة، وتوجيههم إلى شبكات الخدمة المعتمدة. في حين يتولى وكيل آخر تنسيق خدمات المساعدة على الطريق عند وقوع الحوادث، بما يضمن سرعة الاستجابة ودقة المتابعة. أما الوكيل الثالث، فيختص بإدارة عمليات إدخال المركبات إلى مجموعة المركبات لدى الشركة أو إخراجها منه، من خلال تنظيم جداول الاستلام والتسليم وتتبّع حركة المركبات عبر مختلف مراحل العملية. وبهذا التنظيم المتكامل، تُسهم هذه المجموعة من الوكلاء في جعل العمليات أكثر انسيابية وكفاءة، وتقليل الوقت والجهد المبذول في إدارة المهام اليومية.

وإلى جانب الأدوار التشغيلية التي تضطلع بها هذه المجموعة، يمكن لهذه المجموعة من الوكلاء الذكيين أن تُعدّ تقارير تفصيلية تساعد الشركة على متابعة كل ما يتعلّق بتكاليف إدارة المركبات، مثل الصيانة والإصلاحات وتبديل الإطارات والتأمين. ويمكّن هذا النوع من التقارير الإدارة من رؤية واضحة حول حجم الإنفاق، ومعرفة أماكن الخلل أو الزيادة غير المبرّرة في التكاليف. كما يستطيع الوكلاء رصد أي مطالبة تأمينية تبدو غير طبيعية، والتنبيه إلى حالات قد تشير إلى مبالغة في تقدير الأضرار. ويمكنهم كذلك اكتشاف أنماط إنفاق غير معتادة لدى بعض مراكز الصيانة، أو ملاحظة استخدام غير منطقي للإطارات من قِبل العملاء، الأمر الذي يساعد الشركة على حماية مواردها والحفاظ على انضباط عملياتها. وفي الواقع، تستطيع روبوتات الدردشة والمساعدون الافتراضيون دعم هذه المجموعة من خلال التولي المباشر للاستفسارات اليومية المتكررة، وتنظيم مواعيد الصيانة، ومتابعة حالة المطالبات التأمينية، وغيرها من المهام الروتينية. ويساعد هذا التكامل على تحسين سرعة الاستجابة للعملاء، وتخفيف الضغط على مراكز الاتصال، وتقديم تجربة خدمة أكثر كفاءة وسلاسة.

ولكي تتمكّن مجموعة وكلاء الخدمات والعمليات من أداء دورها بكفاءة، لا بدّ من وجود نظام متين يساعدها على تحديد الحدود المالية التي تُعدّ إنفاقاً غير طبيعي ضمن مختلف فئات الصيانة والخدمة. ويمكن للذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة دعم هذه المهمة من خلال وضع هذه الحدود وتعديلها بشكل مستمر اعتماداً على البيانات السابقة والمعطيات التي تتدفق بشكل لحظي. وتتطلّب هذه المهمة توفير مصادر بيانات دقيقة ومتنوعة، تشمل التفاصيل المالية، وسجلات الصيانة التاريخية، ومؤشرات الأداء التشغيلية التي تُحدَّث بشكل مستمر. ومن خلال هذا المزيج من المعلومات، يستطيع النظام إصدار تقييمات أكثر دقة، وتمييز الحالات التي تستدعي تدخّل الإدارة، وضبط مستويات الإنفاق بما يحافظ على كفاءة التشغيل وجودة الخدمة.

فئة الوكلاء المخصّصين لإدارة المبيعات والتسعير

تركّز مجموعة وكلاء المبيعات والتسعير على الوصول إلى الشرائح المستهدفة من العملاء، سواء في قطاع الأفراد "B2C"، أي الأعمال المباشرة مع المستهلكين أو في قطاع الشركات "B2B"، وذلك من خلال تقديم عروض تجارية تتعلق بالتأجير والتمويل وخدمات ما بعد البيع. ويمكن أن يتولى أحد الوكلاء داخل هذه المجموعة إدارة استراتيجيات التسعير التجاري، واقتراح أسعار شهرية جديدة اعتماداً على تقنيات ديناميكية تراعي حالة السوق وتحليل أسعار المنافسين. كما يستطيع هذا الوكيل تقديم رؤى وتوصيات لمراكز البيع حول كيفية التعامل مع العملاء عبر مختلف مراحل رحلتهم. وفي المرحلة الأولى من دمج الوكلاء الذكيين مع فرق المبيعات، يمكن لوكيل واحد فقط أن يعمل بوصفه داعماً للفِرق البشرية أثناء التفاوض التجاري، من خلال اقتراح عروض مُفصّلة تلائم احتياجات كل عميل وتساعد على رفع نسبة الإغلاق وتحسين رضا العملاء. وفي مراحل لاحقة، أو من خلال تجارب مبدئية موجهة لعملاء التجزئة، يمكن لوكيل آخر أن يتواصل مباشرة مع العملاء بشكل استباقي لتقديم عروض أو تحديثات تتناسب مع احتياجاتهم. كما تتعامل هذه المجموعة مع الجوانب المرتبطة بالتسعير عبر الحدود وإدارة الأنشطة التجارية في الأسواق الدولية، إذ يقوم الوكلاء بتعديل العروض والاستراتيجيات وفقاً لاختلافات كل سوق، سواء في المتطلبات التنظيمية أو أنظمة الضرائب أو طبيعة المنافسة. ويُعد هذا الدور بالغ الأهمية بالنسبة للشركات التي تدير مجموعات كبيرة من المركبات على مستوى دولي أو التي تخدم مؤسسات متعددة الجنسيات.

ولضمان دقّة عمل مجموعة وكلاء المبيعات والتسعير، لا بدّ من الاعتماد على نماذج تقنية متقدمة للتسعير، تشمل على وجه الخصوص تقدير القيم المتبقية للمركبات بعد انتهاء فترة الاستخدام. ويُعدّ هذا الجانب أحد الركائز الأساسية لعمل المجموعة، إذ تستند تقنيات تعلّم الآلة إلى قراءة البيانات التاريخية وتحليل اتجاهات السوق للتنبؤ بقيمة المركبة في المستقبل، ومن ثم صياغة استراتيجيات تسعير أكثر فاعلية. وتتطلب هذه العملية أيضاً استخدام تقنيات مخصصة للتسعير الديناميكي، تتيح تحديث الأسعار بشكل لحظي وفقاً لمعلومات السوق وحركة المنافسين، وهو ما ينطبق بصورة خاصة على قطاع التجزئة. أما عند التعامل مع التسعير عبر الحدود، فإن الوكلاء يحتاجون إلى بيانات تفصيلية خاصة بكل سوق، تشمل الأنظمة الضريبية، والمتطلبات التنظيمية، واتجاهات العملات. ومن خلال دمج بيانات السوق، ومؤشرات المنافسين، والسجلات التاريخية في منظومة تحليل موحّدة، وتفعيل قدرات الذكاء الاصطناعي، تصبح مجموعة وكلاء المبيعات والتسعير قادرة على تقديم استراتيجيات تسعير دقيقة تستند إلى البيانات، وتضمن في الوقت نفسه رفع الربحية وتعزيز القدرة التنافسية عبر مختلف الأسواق.

وسيسهم انتشار الوكلاء الذكيين في تمكين العملاء أنفسهم خلال رحلة شراء السيارة. فمع تطوّر أدوات الذكاء الاصطناعي المخصّصة للمستخدمين، سيصبح بإمكان المشتري الاستعانة بتقنياته الخاصة لبحث أوسع، ومقارنة العروض بدقة أعلى، والحصول على خيارات أفضل في التفاوض. ومع توسّع هذا السلوك بين العملاء، ستتغيّر طبيعة العلاقة التجارية تدريجياً، إذ سيتقلّص الفارق بين قدرات البائع والمشتري، الأمر الذي قد يحدّ من قدرة الوكلاء ومزوّدي التمويل على تحقيق قيمة كبيرة من المعاملات على المدى البعيد.

فئة الوكلاء المعنيين بالمشتريات وإدارة العمليات بأكملها

تتولى مجموعة وكلاء المشتريات وإدارة العمليات مهمة إجراء مسح شامل للتكاليف، بدءاً من لحظة شراء المركبة وحتى نهاية دورة استخدامها. ويشمل ذلك دراسة جميع المصاريف المرتبطة بالمركبة خلال فترة التأجير، ثم تقييم قيمتها عند إعادة البيع، بهدف معرفة مقدار الربح الذي تحققه كل مركبة فعلياً على المدى الطويل. ومن خلال هذا التحليل، يحصل فريق العمل على صورة واضحة حول المركبات والإطارات التي تمنح الشركة أفضل عائد مالي. ويساعد ذلك الشركات على التفاوض بشكل أقوى مع المصنّعين واختيار الطرازات التي تحقق أعلى قيمة من حيث التكلفة والعائد. كما يستطيع الوكلاء الذكيون في هذه المجموعة إعداد تقارير مشتركة تجمع بين تحليلهم الآلي وملاحظات الموظفين البشريين، بحيث يشترك الطرفان في مراجعتها قبل اتخاذ القرار. ويضمن هذا الأسلوب شفافية أكبر، ويُحسّن دقّة القرارات المتعلقة بالمشتريات، ويعزّز قدرة الشركة على التحكم بتكاليفها عبر مراحل العمل كافة.

ولكي تتمكّن هذه الفئة من الوكلاء من أداء دورها بدقّة، فهي تحتاج إلى أدوات مالية متقدمة تساعدها على تقييم القيمة الكاملة للمركبة طوال فترة استخدامها. ويعتمد هذا التقييم على توافر بيانات مالية شاملة، وسجلات تاريخية دقيقة للتكاليف، سواء المرتبطة بالصيانة أو الإصلاحات أو الإطارات أو البطاريات، إلى جانب مؤشرات تشغيلية يتم تحديثها بشكل لحظي. ويسمح هذا المزيج من البيانات للوكلاء الذكيين بتكوين صورة واضحة عن التكلفة الحقيقية لكل مركبة على المدى الطويل، مما يجعل قرارات الشراء أكثر دقة، ويساعد الشركات على اختيار المركبات التي تقدّم أفضل قيمة وأعلى مردود استثماري.

خارطة تطويرية مبنية على الجاهزية وتحسين القيمة

يتطلّب تطبيق تقنيات وكلاء الذكاء الاصطناعي وكذلك الذكاء الاصطناعي التوليدي في قطاع تمويل السيارات وجود بنية تقنية قوية تستطيع استيعاب هذا التحوّل. وتشمل المتطلبات الأساسية بنية بيانات متقدمة، وتقنيات فعّالة لتعلّم الآلة، وقدرة على ربط البيانات وتحديثها بشكل لحظي عبر الأنظمة التشغيلية.1 وعند وضع خارطة طريق لدمج الوكلاء الذكيين ضمن العمل اليومي، من الضروري أن تعرف المؤسسة مستوى قدراتها التقنية، ومدى جاهزيتها للاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي. وتُعد المؤسسات التي وصلت إلى مرحلة الاعتماد الكامل على الوكلاء الذكيين عبر مختلف وظائفها جهات تمتلك منظومة ناضجة ومتكاملة في عدد من العناصر الجوهرية، من بينها إدارة البيانات، والبنية التحتية التقنية، وقدرات التحليل، وإمكانية توحيد البيانات وتوظيفها في الوقت المناسب. وتمثّل هذه الجاهزية الأساس الذي يتيح للذكاء الاصطناعي العمل بكفاءة وتحقيق قيمة فعلية على مستوى التشغيل والربحية.

  1. قاعدة تقنية متكاملة، تشمل بيئة مهيّأة لعمل الوكلاء الذكيين.
  2. موظفون تشغيليون مدرَّبون يملكون فهماً دقيقاً لمسارات العمل وقادرون على التفاعل مع الوكلاء الذكيين.
  3. فرق تقنية مدرَّبة تتولى تصميم الوكلاء الذكيين وصيانتهم وتطويرهم المستمر.
Agentic AI: A new path to value in the auto finance industry

وحتى تتمكّن المؤسسات من تحقيق نتائج مبكرة وملموسة، يمكنها البدء بدمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال إدارة بيع المركبات عند نهاية العقد، إذ يُعد تحسين الأسعار عبر قنوات البيع المختلفة مجالاً سريع الأثر وسهل التطبيق نسبياً، كما يوضحه "الشكل 3". ويعود ذلك إلى أن هذا الجزء من العمل يتمتع عادةً بقدر أعلى من الرقمنة، وتوفر أفضل للبيانات، إضافة إلى محدودية التعقيدات والارتباطات التشغيلية التي قد تؤخر التنفيذ، مما يجعله نقطة انطلاق مثالية لنشر الوكلاء الذكيين. وتشير تقديراتنا إلى أن القيمة المحتملة التي يمكن تحقيقها في هذا المجال تُقدّر بحوالي 200 يورو لكل مركبة، وهو ما يعكس حجم الأثر الاقتصادي الذي يمكن أن ينتج عن تحسين هذا الجانب من العمليات.

وبعد تحقيق النتائج الأولية في مجال إدارة بيع المركبات عند نهاية العقد، يمكن للمؤسسات التوسّع تدريجياً في استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي ضمن استراتيجيات تسعير أوسع وأكثر شمولاً. ويتطلب هذا التوسّع بنية تقنية أكثر قوة، إلى جانب فرق تقنية مدرّبة وقادرة على تشغيل هذه الأدوات وتعزيزها. ويساعد هذا النهج المؤسسات على البناء فوق الزخم الذي تحقّق عند إنشاء مجموعة الوكلاء الذكيين المخصّصة لإعادة البيع، ومواصلة تحقيق مكاسب تجارية ذات أثر كبير. وتشير التقديرات إلى أن القيمة المحتملة في هذه المرحلة تتراوح بين300 و500 يورو لكل مركبة، مما يعكس أهمية هذا المجال في تعزيز العائد التجاري ورفع مستوى التنافسية.

أما حالات الاستخدام التشغيلية، مثل تنسيق خدمات الصيانة أو إدارة عمليات إخراج المركبات من المحفظة، فهي عادةً أكثر تعقيداً بسبب طبيعة العمليات المجزّأة وضعف مستوى الرقمنة في كثير من المؤسسات. ولهذا السبب، يُفضَّل التعامل مع هذه المجالات في مراحل لاحقة، بعد أن تكون الشركات قد انتهت من بناء البنية التكنولوجية الأساسية، وطوّرت مهارات فرقها التشغيلية والتقنية بالشكل الذي يمكّنها من إدارة هذه السيناريوهات بكفاءة أعلى.

تحقيق التوازن بين الفرص المتاحة وكلفة التنفيذ والمخاطر المحتملة

يتطلّب تطبيق الوكلاء الذكيين استثمارات مالية واضحة، لأن هذه التقنية تحتاج إلى خطوات إضافية مثل إعادة تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي كل فترة لتظل دقيقة، وتجهيز البيانات من خلال وضع تسميات واضحة لها حتى تتمكّن النماذج من فهمها، بالإضافة إلى تكاليف تشغيل البنية السحابية التي تستضيف هذه الأنظمة. ومن المهم أن تدرك المؤسسات هذه التكاليف منذ البداية، وأن تقيّمها بدقة قبل التوسع في التنفيذ. ويُفضّل أن تركّز الشركات على المشكلات التي ستحقق أعلى قيمة عند حلّها، حتى تضمن أن العائد الذي تحصل عليه من استخدام الوكلاء الذكيين يفوق ما تدفعه لتشغيلهم، وبالتالي تحقق استثماراً مربحاً وليس عبئاً مالياً.

وفي المرحلة الأخيرة من عملية التطبيق، تحتاج المؤسسات إلى التعامل مع المخاطر التي قد تنشأ من استخدام الذكاء الاصطناعي، خاصة عندما تكون القرارات مرتبطة بالائتمان أو تقييم قدرة العميل على السداد. فهذه القرارات حسّاسة، وقد تؤثر بشكل مباشر على الأفراد، وهو ما يجعل الالتزام بالقوانين والأنظمة أمراً ضرورياً، مثل قانون تكافؤ الفرص الائتمانية في الولايات المتحدة، وقانون الذكاء الاصطناعي الأوروبي الذي يضع قواعد واضحة لاستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول. ولضمان الامتثال وتجنّب أي أخطاء أو انحيازات، تحتاج الجهات إلى بناء نظام قوي لإدارة المخاطر، وتنظيم طريقة جمع البيانات واستخدامها، والتأكد من أن كل خطوة في عمل الذكاء الاصطناعي يمكن تفسيرها بوضوح. كما يجب ألا تُترك هذه القرارات للأنظمة وحدها، بل ينبغي وجود إشراف بشري مستمر للتأكد من أن النتائج عادلة ودقيقة ولا تضر بأي طرف.


وعندما تعتمد الشركات على مجموعات الوكلاء الذكيين عبر مختلف مراحل تمويل السيارات، فإنها تستطيع إنجاز العمل بكفاءة أعلى، وتقليل التكاليف التشغيلية التي تُنفق عادة في المهام المتكررة. وتوفر هذه الأنظمة أيضاً معلومات دقيقة وسريعة تساعد الموظفين على اتخاذ قرارات أفضل، مما يمكّنهم من الاستفادة من الفرص الجديدة فور ظهورها بدلاً من التأخر في معالجتها. ومع ذلك، فإن إدخال هذه الأدوات في المؤسسات الحالية يحتاج إلى تخطيط مدروس حتى تنسجم مع الأنظمة القائمة وتعمل معها بسلاسة. وإذا نجحت الشركة في تنفيذ هذا الدمج بشكل صحيح، فإن الفوائد ستكون كبيرة، سواء في تحسين جودة العمل، أو رفع مستوى الخدمة، أو تعزيز العائد المالي على المدى الطويل.

Explore a career with us